المجموع : 24
مدحتُكمُ علماً بأنّ مدائحي
مدحتُكمُ علماً بأنّ مدائحي / تضيع وتُذْرى في الرّياحِ العواصفِ
فلم أكُ إلّا موقداً في ظهيرةٍ / بلا صَرَدٍ أو هاتفاً في تنائفِ
وإنّ لكمْ عندي حقوقاً كثيرةً / أبى لِي حِفاظِي مَحْوَها من صحائِفي
جزيتُكمُ عنها ولم تشعروا بها / مراراً بأسبابٍ خِفاءٍ لطائفِ
وَشاطرتُكمْ منّي المودّةَ كلَّها / شطارِيَ ما بين الشّريك المناصفِ
فإنْ لم توفّوا حقَّ ما قيل فيكُمُ / فلم تُبتلوا إلّا بنقصِ العوارفِ
وليتكُمُ لمّا تركتمْ حقوقَها / رَجعتمْ إلى عرفانِ بعض المعارفِ
فما ضرَّ لو أعظمتُمُ ما أتاكُمُ / فلم يَكُ مُولٍ للجميلِ بآسِفِ
وَإلّا تَجمّلتمْ على غير خبرةٍ / فكم ذا غَطَى التّحسينُ سوأَةَ زائفِ
فإن عِفتُمُ ما لم تكونوا عرفتُمُ / فكمُ بُلِيَ العَذْبُ الرِّواءُ بعائفِ
فيا ضيعةً للطّالعاتِ إليكُمُ / طلوعَ المطايا من خلالِ النّفانِفِ
أبيتُ أَروضُ الصَّعْبَ منها وإنّها / تحيصُ شِمَاسَ المائِلِ المتجانِفِ
وأُكرِهها سَوْقاً إليكمْ ولم تزلْ / تحايَدُ عنكمْ بالطُّلى والسّوالِفِ
كأنِّيَ أهديهِنَّ نحو بيوتكمْ / أقود إلى العهّارِ بعضَ العَفائِفِ
أبَيْنَ ولم يأبَيْنَ شيئاً سواكُمُ / وَما كُنّ إلّا ليّناتِ المعاطِفِ
وكنتُ وقد وصّفتُ ما تاه عندكمْ / أوَدُّ وداداً أنّني غيرُ واصفِ
وَما غرّنِي إلّا مشيرٌ بمدحكمْ / وكم عارفٍ يقتادُهُ غيرُ عارفِ
فخالفتُ حزمي سالكاً غيرَ مذهبي / وما كنتُ يوماً للحِجى بمخالفِ
وَكيف اِمتِداحُ المرءِ مَن ليس عنده / مفارقةٌ ما بين مُثنٍ وقاذفِ
له العِرْضُ لا سِلْمٌ به لمديحةٍ / ولا كان يوماً للثّناء بآلفِ
وكم لِيَ فيكمْ من صديقٍ كأنّه / سرابٌ على قِيعانِ بُعدٍ صفاصِفِ
متى يُدعَ يوماً للوغى فهشيمةٌ / تصفّقها أيدي الرّياحِ الرّفارِفِ
أودُّ إذا ما سُمتُهُ النَّصْرَ أنّنِي / أُبدَّلُ منه بالعدوِّ المكاشفِ
وقد كنتُ أرجو طوعَه بنصيحتي / فلا خيرَ في نصحٍ يُساق بعانفِ
فيا لك من ودٍّ تعلّق منكُمُ / سَفاهاً بأسبابٍ ركاكٍ ضعائفِ
سُرِرْتُ به حيناً فلمّا بلوتُهُ / بكيتُ عليه بالدّموعِ الذّوارفِ
وكنتُ إذا ما رابنِي وُدُّ صاحبٍ / وناءَ بأخلاقٍ لئامٍ سخائفِ
قذفتُ جميلاً كان بيني وبينه / وإنْ كنتُ ذا ضنٍّ به في القواذفِ
تريدون مِنّا أن نُسِرّ ولاءكمْ / وفي أنّنا نُبديه كلُّ التّكالُفِ
فلا تسألونا ما تجنّ قلوبُنا / فإِنّ بناتِ الصّدرِ غيرُ خفائفِ
وداويتُمُ منّا خدوشَ جلودِنا / وأعْرَضتُمُ عن أسْوِكُمْ للجوائفِ
فماذا وأنتمْ في الحضيض غباوةً / إذا ضُرِبتْ خيْماتُكمْ في المشارفِ
ولمّا وقفنا ظلّةً بطلولكمْ / رجعنا ولم نظفرْ بمُنْيةِ واقفِ
كأنِّيَ منكمْ فوق غبراءَ قفرةٍ / على ظالعاتٍ من مطيٍّ عجائفِ
يَعُدْنَ عشيّاتٍ ذواتَ تسادُكٍ / وَقد كنّ أصباحاً ذواتَ عجارفِ
فلا تطمعوا في مثلهنّ فإنّما / يصلْنَ لطُلّاعِ الثّنايا الغطارفِ
أُناسٌ يخوضون الرّدى وأكفُّهمْ / تهزّ أنابيبَ القِنيِّ الرّواعفِ
كرامٌ فلا ساحاتُهمْ مستضامةٌ / ولا جارهمْ في النّائباتِ بخائفِ
وَلم يَسكنوا إلّا ظِلالَ عظيمةٍ / وَلَم يأمنوا إلّا خلالَ المخاوفِ
دعِ الذّلَّ في دار الثَّواءِ ولا تُقِمْ / على أَمَلٍ بين البِطاءِ الخوالفِ
وكنْ آنِفاً مِن أنْ تُقيمَ على أذىً / بجنبِ غِنىً فالميتُ ليس بآنِفِ
فخيرٌ من القصر المشيد بجنّةٍ / سُرىً في ظهور اليَعْمَلاتِ الخوانِفِ
إذا ما هَبَطْن الرّملَ رمْلَ مُغَمَّسٍ / زحفن ولا زَحْفَ الصّلالِ الزّواحفِ
حَمَلْن الرَّجا والخوفَ فينا على الوَجا / ونقّلنَ مِنّا كلَّ شاتٍ وصائفِ
لهنّ على وادي مِنيً كلَّ حجّةٍ / بروكٌ وقد قضّين كلَّ المواقفِ
فكمْ قد نجونا من ردىً ذُقْنَ دونه / ليُنجيننا منه ذُعافَ المتالِفِ
لعلّ اللّيالي أنْ يَعُدْنَ فربّما / يعود حبيبُ النّفس بعد التّقاذُفِ
قلْ لِخلٍّ له وإنْ كان لا يْد
قلْ لِخلٍّ له وإنْ كان لا يْد / ري جميعي وتالدي وطريفي
لِمَ لمّا أردتَ بيعي ولم أُحْ / وِجْ إلى البيع بعتنِي بالطّفيفِ
إنْ تكن جاهلاً بحُبِّي فخذ عِلْ / ماً بُحبّي من دمعِيَ المذروفِ
ليتنِي كنتُ في أماكِنِ أطوا / قِكَ أوْلا ففي مكان الشّنوفِ
لِيَ خوفَ الوشاة ظاهرُ قالٍ / غيرَ أنّي بباطنٍ مشغوفِ
كلُّ شيءٍ ولا كعنفِ قويٍّ / في الهوى عامداً لصبِّ ضعيفِ
مَن ذَلّ لِي عيناً على غُمضها
مَن ذَلّ لِي عيناً على غُمضها / ليلةَ ضاعَ الغمضُ من كفّي
أسهرنِي في حُبِّهِ راقداً / وَاِستَلب الرّقدةَ من طَرْفي
مَن يعشقُ الظّلمَ فما عنده / لعاشقٍ شيءٌ من النَّصْفِ
ويمقُتُ الوَعْدَ فإنْ أمَّهُ / نَغَّصَه بالمَطْلِ والخُلْفِ
عرفتُ ويا ليتني ما عرفتُ
عرفتُ ويا ليتني ما عرفتُ / فمُرُّ الحياةِ لمن قد عَرَفْ
فها أنَا ذَا طولَ هذا الزّما / نِ بين الجَوى تارةً والأسَفْ
فمنْ راحلٍ لا إِيابٌ له / وماضٍ وليس له من خَلَفْ
فلا الدّهرُ يُمتِعُنِي بالمقيمِ / ولا هو يُرجِعُ لي من سَلَفْ
أرونِيَ إنْ كنتُمُ تقدرو / نَ من ليس يكرع كأسَ التّلَفْ
ومَن ليس رَهْناً لداعي الحِمامِ / إِذا ما دعى باِسمه أو هَتَفْ
وَما الدّهرُ إلّا الغَرورُ الخَدوعُ / فماذا الغرامُ به والكَلَفْ
وَما هو إلّا كلمحِ البُروقِ / وإلّا هبوب خريفٍ عَصَفْ
ولم أرَ يوماً وإن ساءني / كيومِ حِمامِ كمالِ الشَّرَفْ
كأنِّيَ بعد فراقٍ له / وقَطْعٍ لأسبابِ تلك الأُلَفْ
أخو سَفَرٍ شاسِعٍ ما له / منَ الزّادِ إلّا بقايا لَطَفْ
وعوَّضَني بالرّقادِ السُّهادَ / وأبدلنِي بالضّياءِ السَّدَفْ
فراقٌ وما بعده مُلتقىً / وصدٌّ وليس له مُنعَطَفْ
وبعتُك كرهاً بسومِ الزّما / نِ بيعَ الغبينِ فأين الخَلَفْ
وعاتبتُ فيك صُروفَ الزّمانِ / ومَن عاتبَ الدّهرَ لم ينتصفْ
وقد خطف الموتُ كلَّ الرّجالِ / ومثلك من بيننا ما خَطَفْ
وَما كنتَ إلّا أبِيَّ الجَنانِ / عن الضَّيْمِ محتمياً بالأَنَفْ
خَلِيّاً من العار صِفْرَ الإزارِ / مدى الدّهرِ من دَنَسٍ أو نَطَفْ
وأذرى الدّموعَ ويا قلّما / يَرُدُّ الفوائتَ دمعٌ ذَرَفْ
ومن أين ترنو إليك العيونُ / وأنت ببَوْغائها في سُجُفْ
فبِنْ ما مُلِلْتَ وكم بائنٍ / مضى موسعاً مِن قِلىً أو شَنَفْ
وسقّى ضريحَك بين القبورِ / من البِرِّ ما شئته واللُّطُفْ
ولا زال من جانبيه النَّسِيمُ / يعاوده والرّياضُ الأُنُفْ
وصيّرك اللّهُ من قاطِنِي ال / جنانِ وسكّانِ تلك الغُرَفْ
تُجاور آباءك الطّاهرين / ويتّبعُ السّالفين الخَلَفْ