المجموع : 58
لم أر شيئاً صادقاً نفعه
لم أر شيئاً صادقاً نفعه / للمرء كالدرهم والسيفِ
يقضي له الدرهم حاجاته / والسيف يحميه من الحيف
الشيب أحلم والشبيبة أظرفُ
الشيب أحلم والشبيبة أظرفُ / والرشد أسلم والغواية أترفُ
ذهب الشباب فبان ما لا يرتجى / وأتى المشيب فجاء ما لا يصرف
وكلاهما لا بد منه لمن نجا / من أن يعاجله ردى مستسلف
والمرء أما من مخاوف دهره / فحرىً وأما بالمنى فمسوِّف
ولربما عدلت عليك صروفه / فأصابك المأمول والمتخوف
أصبحت أنظر في الأمور فأجتوي / منها عيوب عواقب تتكشف
والشيب أغراني بذاك ولم يزل / يغري الغوي برشده ويعنِّف
عجباً لذمي ما يزيد هدايتي / غضباً لآخر كان بي يتعسف
سقت الشباب سجال غيث وكف / يروينه وسجال دمع ذُرَّف
وأظل أزماناً خلت ومعاهداً / ورقٌ تظلُّ غصونه تتعطّف
أيام ينسيني الخطوب وذكرها / شرخُ الشبيبة والصبا والقرقف
يا ليت شعري والحوادث جمة
يا ليت شعري والحوادث جمة / أرضيت من بعد الندى بحليفِ
لا يُلفَ وعدك والبنفسج كاسمه / في حلية التنكير والتصحيفِ
وقف الهوى بك بعد طول وجيفِهِ
وقف الهوى بك بعد طول وجيفِهِ / وأفاق من يلحاك من تعنيفِهِ
ولقد يروقك بارتجاج نبيله / قمر النساء وباهتزاز قضيفِهِ
قَبحَ الهوى ملكُ السماء فلم يزل / دَيناً يدين قويه لضعيفه
ولحا الصِّبا بعد المشيب فإنه / شأوٌ يريك الحرَّ خلفَ وصيفه
يا جارتي أودى بياضُ مُسرَّحي / وبريقه بسواده ورفيفه
والشيب ضيف لايزال موكّلا / بمعقَّةٍ ومساءةٍ لمُضيفه
وأرى قوامي لج في تقويسه / ولقد يلج اللين في تعطيفه
إن يحمني بيض المشيب وشيبه / مرعاي من بيض الشباب وهيفه
أو يقرني دهري مذيقَ حليبه / فلقد قراني من وَريَّ سديفه
ومُنعَّمٍ كالماء يشفي ذا الصدى / كشفائه ويشفُّ مثل شفيفه
ممن له حسن الرحيق وطيبه / ومراحُ شاربِه ومشيُ تريفه
تلقى جنى التفاح في وجناته / وترى جنى العنّاب في تطريفه
متَّعتُ منه مسامعي ومراشفي / بنثير لؤلؤِهِ وماء رصيفه
رويت سامعتي من ترجيعه / بيتَيْ زيادٍ في سقوط نصيفه
وطفقت أرشف ريقه عن ثغره / حتى شفيت جوى الهوى برشيفه
فالآن بدل صحوه من لهوه / لاه وطول عزوفه بعزيفه
أنَّى لذي شيب نسيمُ نسيمه / أنى له التتريف من تنزيفه
نسخ الزمان سخافة بحصافة / فأتى حصيف الرأي دون سخيفه
وطوى المشيب تغزلي بتجملي / فطوى لذيد تمتعي بعفيفه
ما زال مرتاد الزمان مطوِّفاً / حتى أصاب الرشد في تطويفه
عفَّى بإسماعيل في شيبانه / ما كان من حَجَّاجه وثقيفه
لبس الزمانُ من الوزير وعهده / برداً تحار العين من تفويفه
ناهيك من حسن الرواء جميله / عفِّ المغيب لدى الخلاء نظيفه
أو ليس تطريف الزمان بمثله / ما شئت أو ما شاء من تطريفه
خُصَّ الوزير ببيت مجد زاده / بيديه تشريفاً على تشريفه
لو لم يُسقَّف بالسماء بناؤه / عجزت ظلال المزن عن تسقيفه
يا حاسباً حسب الوزير وحقُّهُ / أن يعجز الحساب عن تنصيفه
أنى تروم يداك إحصاء الحصى / ويداه دائبتان في تضعيفه
لم يخل دهر فيه إسماعيله / من أمن خائفه وخوف مخيفه
منجاةُ هاربه محل طريده / منهاة طالبه غياث لهيفه
قدر يبور المترفون بسيفه / بحر يلوذ المعتفون بِسِيفه
وهب الزمان له فضائل نفسه / ورجاله فحكاه في تصريفه
لا حزم قشعَمِهِ تراه يفوته / في النائبات ولا شذى غطريفه
وكأنما إشراقه وسماحه / إغداق مشتاه وصحو مصيفه
وترى له نعماً كجوِّ ربيعه / وكروضه وكطيِّبات خريفه
بسطت يداه العدل في سلطانه / حتى استوى بدنيِّه وشريفه
جُزِي الوزير عن الرعية صالحاً / بنواله والرفق في تثقيفه
يعد العقوبة فهي في تأخيرِهِ / ويرى المثوبة فهي من تسليفه
يا سائلي عن جوده بجزيله / ورضاه من شكر امرئ بطفيفه
أضحى حليفاً للسماح ولم يكن / ليراه ربك غادراً بحليفه
نغدو بمدح فيه أيسرُ حقِّه / فنحوز كل تليده وطريفه
واسوأتي والله من تطفيفه / إذ لا تخاف هناك من تطفيفه
نمتاحه والجور في توظيفنا / ويسوسنا والعدل في توظيفه
متطول نشتط في تكليفنا / أبداً ولا يشتط في تكليفه
أمواله وقف على تثقيلنا / وثناؤنا وقف على تخفيفه
وبه نحوك الشعر فيه لأننا / تبع لمفتقر الفعال مَقِيفه
يبني العلا ونقول فيه فإنما / تأليفنا يُحذى على تأليفه
عجباً له أنى يثيب معاشراً / يتعلمون الشعر من توقيفه
كم جاد فيه من مديح لم يجد / عن نحت شاعره ولا تحذيفه
غيث نعيش بصوبه ونرى العدى / ضعفين تحت لهيبه ورجيفه
متبادرين قصيفه بوميضه / متناذرين حريقه بقصيفه
ليث تراعى الوحش حول حريمه / وترى الأسود مجانبات غريفه
متبادراتِ دليفِه بزئيره / متناذرات وثوبه بدليفه
كم قد نجا منه الرفيق وما نجا / منه العنيف بلفِّه ولفيفه
كالريح والزرعُ استكان لمرِّها / وعتت فلم تقدر على تقصيفه
وتماتن الجزع الأبيُّ مهزُّه / فأتت عليه ولم تُرَع بحفيفه
ملك تضمن لي بلوغ محبتي / عند اعتلال الدهر أو تخويفه
فإذا رهبت أقلني في ربعه / وإذا رغبت أحلني في ريفه
ما قلت فيه كأنَّ إلا أعوزت / أشباهه فعجزت عن تكييفه
لكنني استفرغت في تشبيهه / جهد المطيق وحدت عن تحريفه
فأريت معناه العقول كما يُرى / معنى كلام المرء في تصحيفه
ولواصف في جملة من وصفه / شغلٌ لعمر أبيك عن تصنيفه
يا من إذا ناديته بصفاته / دون اسمه بالغت في تعريفه
كم ظلِّ يأسٍ مطبق كشَّفته / عند اعتقاد اليأس من تكشيفه
بك طِيف تدبيرٌ يكيِّف لطفه / سداً صلاح الناس في تكييفه
يبني الكثيف من اللطيف وإنما / تكثيف ذي التحصين من تلطيفه
متخصّراً قلماً نحيفاً جسمه / في وزن ضخم الشأن غير نحيفه
لله أي مصدَّرٍ ومردَّفٍ / يهتز بين ثقيله وخفيفه
ناهيك من صدر ومن تسنينه / ناهيك من ردف ومن تسنيفه
كُسِي المهابة كلها بغنائه / في كل نازل مضلعٍ ومُطيفه
فترى السنان يلوح في تصديره / وترى الحسام يلوح في ترديفه
وظليمِ أسفارٍ إذا افترش الفلا / بارى الظليم فزفَّ مثل زفيفه
كلَّفتُه حملي إليك فخفَّ بي / وابتاع خطوته بقرب أليفه
يممت وجهك أهتدي بنجومه / عند احتشاد الليل في تسجيفه
وصدرت عما قال فيك مجرِّبٌ / لا عن مقالة عائفٍ ومعيفه
ومؤمَّل أغنيته ومؤمِّلٍ / رجَّى غناك لججت في تسويفه
لم تأل في تقديم مالك غائظاً / لمسابق لم تأل في تخليفه
فاسلم وكن أبداً أمام عنانه / سبقاً وكن عُمراً وراء رديفه
وأما وأشراف الرجال أليَّةً / من مخلص يغنيك عن تحليفه
ليُشنِّفنَّهُمُ بمدحك صائغٌ / لا تكبر الآذان عن تشنيفه
رأيت الدهر يرفع كل وغدٍ
رأيت الدهر يرفع كل وغدٍ / ويخفض كل في شيم شريفَهْ
كمثل البحر يغرق فيه حيٌّ / ولا ينفك تطفو فيه جيفَهْ
أو الميزان يخفض كل وافٍ / ويرفع كل ذي زنة خفيفه
كذلك دأبه فينا وإنا / على ما كان في حصُنٍ مُنيفه
بناها أولونا فاعتصمنا / بها وبأنفس فينا عفيفه
إذا ما جهله أربى علينا / حملناه بألباب حصيفه
وندرأ بؤسه بالصبر حتى / نفرجه بأذهان لطيفه
إلى أن يرحم الله المرجَّى / لكل شديدة منه عنيفه
دنيا علا شأن الوضيع بها
دنيا علا شأن الوضيع بها / وهوى الشريف يحطه شرفُهْ
كالبحر يرسب فيه لؤلؤه / سفلاً وتطفو فوقه جيفُهْ
فاصبر على هول الخطوب لها / قلبٌ نماه إلى العلا سلَفُهْ
لا مظهراً في عقب نائبة / أسفاً وليس يقوده شغفه
طوع الصديق يقود ربقته / لا بطؤه يُخشى ولا عنفه
نكل العدو يرى به أسفاً / جهماً عبوساً موحشاً كنفه
فلقل ما أنحت على أحد / بالجور إلا سوف تنتصفه
المرثديون سادات تعدُّ لهم
المرثديون سادات تعدُّ لهم / من وائل مأثرات المجدِ والشرفُ
تصرم المجد بالأقوام عن هَرِمٍ / ومجدهم حدَثٌ في العين أو نصفُ
وما علي بن عبد الله إن وُرِدت / جَمّاتُه بثماد الضحل تُنتزفُ
متى وصفناه ألفينا محاسنه / من الوفور على أضعاف ما نصف
تفديك أنفس ملتاحين أعينُهم / معلقات بريٍّ منك يؤتنف
سقيا الزُّجاج وإن جلت مصرَّدةٌ / فسقِّناها عليها القار والخزف
أنتِف لنا لهو أيام نعيش بها / فالدهر أجمع إن راعيته نُتَف
يا أيها النفر الذين تعجبوا
يا أيها النفر الذين تعجبوا / من قصة امرأة العزيز ويوسفِ
هاتيكم فتنت بأحسن من مشى / ممن عرفناه ومن لم نعرف
وبحقها وبحقه فتنت به / أنثى وأغيد كالقضيب الأهيف
فدعوا التعجّب منهما وتعجبوا / من قشعمين كلاهما كالأسقف
فتن المهرَّم بالمشيَّخ منهما / قل لي فأية طرفة لم أُطرف
بايتُّه في بيته فأملَّني / يشكو إليَّ هوى عميد مُدنَف
شيخ يراود مثله وكلاهما / قد زحزح السبعين عنه بنيِّف
ما زال ينشرني ويلثم فيشتي / حتى ركبت قرا حمار أعجف
كشَّفتُ منه ثيابه عن سوءة / شوهاء شقت عن عجان أعرف
وكأن شيب عجانه حول استه / بدد الخليط على جوانب معلف
قاسيت منه ليلة مذكورة / لولا دفاع الله لم تتكشَّف
فكأن ليلته علي لطولها / باتت تمخَّضُ عن صباح الموقف
إذا ضحكتم ضحكنا في مفارحكم
إذا ضحكتم ضحكنا في مفارحكم / وإن بكيتم فمنا الأدمع الذُّرُفُ
وإن رضيتم رضينا عن مسالمكم / وإن غضبتم فنحن الشيعة الأنف
حتى إذا ما رتعتم في ربيعكم / فنحن إذ ذاك فيه وحدنا العُجف
يا رب عهد ووعد من ذوي كرم / يستهلكان ويبقى الغدر والخُلُف
حتى متى تتقضى دولة أُنُفٌ / يا أهل ودي وتأتي دولة أنف
وليس منكم لمن يرجو منافعكم / في العسر واليسر إلا الرد والحلف
كأنكم قد نسيتم والذكاء لكم / أن الكرام إذا ما استعطفوا عطفوا
أتشبعون ونطوي في جواركم / من عسرةٍ تَلَدُ الإخوان لا الطُرف
أبا الفضل لا تحتجب إنني
أبا الفضل لا تحتجب إنني / صفوح عن المخلف الوعد عافي
وإني إذا لم يجُد صاحبي / بجدواه قابلته بالعفافِ
أمنت أمنت فلا تحفلن / ن لي باختلاف ولا بانصراف
ثكلت إخاءك فهو العزي / ز إن لم أصن رغبتي في غلاف
وإن لم أصم بعدها مدتي / من الكشك ما دام في الناس جافي
سألتك لا حاجة فاحتجز / ت مني وطالبتني بالكفاف
كأني سألتك قوت العبا / د في سنة البقرات العجاف
قليت الرجال أشد القلى / وعفت جداهم أشد العياف
مدحتك مدح امرئ واثق / ومولى وصول وخل مصافي
فكافأتني بازورار يفو / ق كل ازورار وكل انحراف
وأصبحت ملتحفاً عندها / على ما ملكت أشد التحاف
كأني كتفتُك لما حلل / ت فيك لساني أشد الكتاف
وقد كنت خلتك مثل الفرا / ت لا تمنع الري من ذي اغتراف
وما كنت أحسب أني لدي / ك من طرز أهل الرثاث الخفاف
سألت قفيزين من حنطة / فجدت بكد من المنع وافي
وأتبعت منعك لي بالحجا / ب مهلاً هديت ففي المنع كافي
سألتك حَبّاً لكشك القدو / ر أنساً بتلك السجايا الظراف
فماطلتني ثم راوغتني / فكدرت من ودنا كل صافي
كأني سألتك حَبَّ القلو / ب ذاك الذي من وراء الشغاف
أخِفتَ المجاعة ياهاشمي / ي متَّهِماً لأمان الألاف
وقد هتف الله في وحيه / به لقريش أشدَّ الهتاف
أم اكتنفت أذنك العاذلا / ت باللوم في ذاك كل اكتناف
عليك السلام ولولا الإخاء / لجاءتك بعد قواف قوافي
لقد ساءني أن تكون انهَزَمْ / ت قبل الوقاف وقبل الثقاف
ولو كان غيرك ثم استحال / للاقى ملامي كصخر القذاف
وهل ينكر الحق أني امرؤٌ / من اعوجَّ قوَّمتُه بالثقاف
كأني أراك وقد قلتَ جا / ء يأخذ حنطتنا بالخراف
موالِيَنا أنصفوا أنصفوا / فظلمكمُ ظاهرٌ غير خافي
سمحتم بضيعتكم للخسا / ر يأكلها ناعل بعد حافي
حمت من مواليكمُ خيرها / ولكنّها للأقاصي صوافي
وإني لأظلم في لومكم / وإن كان فيكم ومنكم تجافي
لأني أرى الناس قد خُبِّلوا / وأصبح زِيُّهُمُ من خلاف
فأقدامهم في قَلَنْسِيِّهِم / جنوناً وهامهمُ في الخفاف
بني هاشم أين عن ضيفكم / هشيمُ ثريدكمُ في الصحاف
أماء سواقيكمُ في الخسو / ف أم بذر حنطتكم في خُساف
ألم يبن هاشمُكم مجدَكم / وعبد منافكمُ في النياف
عليك برأيك في حاجتي / ففيه لعمري من الداء شافي
ولا تأس من رجعتي إن محو / ت سوء اقتراف بحسن اعتراف
ولا تعتذر غير ما مُعذَرٍ / فليس لما بيننا من تلافي
إلى أن يرد قناع المشي / ب لي حالكاً كجناح الغُداف
يا ابن أبي الجهم احتقب هذا اللطفْ
يا ابن أبي الجهم احتقب هذا اللطفْ / فإن فيه طرفا من الطُرَفْ
يا جُثَّة التل ويا وجه الهدفْ / يا روثة الفيل ويا لحم الصدَفْ
يا أجرة البيت قضاء وسلف / يا ليلة الخان ذا الخان وكف
يا غمَّ آب عند سكان الغرف / يا برد كانون لعار بالنَجَف
يا ثلج ماء مالح فيه جِيَف / يا خزف التنور يا شر الخزف
يا سوء كيل وغلاء وحشف / يا نوبة الفقر ويا سنَّ الخرف
يا طِيرة الشؤم ويا فأل التلف / يا سُدَّةً في المنخرين من نَغَف
من كان يشكو فرط حب وشغف / فإن بي منك لبغضاً وشنف
أدناهما مثل السقام والدنف / بيتك بيت نَطِفٌ كلَّ النطف
لا يلتقي فيه العفاف والشرف / بل تلتقي فيه بظور وقلف
كم طائر أغفلته حتى جدف / أحسنُ ما هرَّ به سوءُ العلف
لا زلت من دهرك في شر كنف / يليك منه جنف بعد جنف
مالك في بغضك إن مت خلف / إلا بنيك الخلف من شر سلف
طاف الخيال وعن ذكراك ما طافا
طاف الخيال وعن ذكراك ما طافا / فكان أكرم طيف طارق ضافا
طيف عراني فحياني وأتحفني / بالنرجس الغض والتفاح إتحافا
عينان جاورتا خدين ما خلقا / إلا شقاء يراه الغرُّ إترافا
وكم ألمَّ فأهدت لي محاسنه / من الفواكه والريحان أصنافا
رمَّانَ عدنٍ وأعناباً مهدَّلةً / وأقحواناً يسقِّي الراح رفّافا
ويانعاً من جنى العناب تتبعه / قلب المودع تذكاراً وتأسافا
أسرى بأنواع ريحان وفاكهة / يأبين قطفاً وإن خيَّلن إقطافا
لله ضيفك من ضيف قرى نُزُلاً / من الغرور عميد القلب مكلافا
قِرىً هو البرح إعقاباً وإن وجدت / منه النفوس مذاق العيش إسلافا
أقر عينيَّ في ليلي وصبَّحني / وجداً أفاضهما بالماء شفّافا
لا خير في قرة للعين معقبة / دمعاً يخدد في الخدين ذرّافا
أعجب بوجد مزور قاد زائرَه / بل لم تزل ذِكَرٌ يجلبن أطيافا
هبَّ الضمير ونام الطرف فاجتلبت / ذكراك والنوم زوراً طالما جافى
صافيته فحباك النومُ زورته / وكان ذلك حق النُّبهِ لو صافى
وافاك والليل قد ألقى مراسيَه / خيال من ليس بالوافي ولو وافى
في شيعة كالنجوم الزهر معتمة / أحدقن بالبدر أشباها وألافا
بيض كُسينَ حُليّاً لا كفاء لها / حسناً فأكسفنها بالحسن إكسافا
شُبِّهن بالدر إذ ألبسن فاخره / بل كن دراً وكان الدر أصدافا
يا حسن ليل وإصباح جمعنهما / والليل مُلقٍ على الآفاق أكنافا
غُرٌّ تجلَّلنَ أسدافاً مرجَّلة / على وجوه وضاء جُبن أسدافا
ومِسنَ في حُللٍ الأفواف عاطرة / فخلتهن لبسن الروض أفوافا
من كل مجدولة إن أقبلت عطفت / أعطافها من قلوب الناس أعطافا
وإن تولت فريَّا الخلق تتبعها / أردافُها من قلوب الناس أردافا
لو أن لي عند من أحببته مقةً / لصدَّقَ الحلمَ إلثاما وإرشافا
لكنّ هيفاء تلقى الله صادية / إلى الدماء التي حُرِّمنَ مهيافا
تبّاً لحكم الغواني والمقرِّ به / فما رأى فيه راءٍ قطُّ إنصافا
أُسعفن بالملك عفواً فائتلين معاً / أن لا يرى طالب منهنَّ إسعافا
يا سائلي بالغواني من صبابته / سائل بهن فقد صادفت وصّافا
هن اللواتي إذا لاقيتهن ضحى / لاقيت صداً وإشراقا وإخطافا
مثل السيوف إذا لاقيت مصلتَها / لاقيت حداً وإمهاء وإرهافا
أرضيننا حسن قدٍّ زانه بشر / صاف وأسخطننا مطلاً وإخلافا
بخلن عنا بما يسألن من وتح / نزر وأجحفن بالألباب إجحافا
وإنني للذي غادرنه عُطُلاً / بغير لب وإن أحسنت أوصافا
أسقمن قلبي بألوان مصححة / وأعين أدنفت بالغنج إدنافا
يا مكذِباً ليَ في دعواي شكَّكه / أن فتَّر الدمعُ وبلاً منه وكّافا
بواطن الحبِّ أدهى من ظواهره / كما علمت وشر الداء ما اجتافا
ما للأحبة قد ضَمَّنَ صبوتَنا / بعد الإنابة سكِّيتاً وهتّافا
طوراً حماماً وطوراً منزلاً خَرِساً / ما لم تُرجِّع به الأرواح زفزافا
أو طارقاً في حريم النوم يطرقُنا / أو بارقاً لعزاء القلب خطّافا
أو حنة من حنين النيب ما برحت / تهيج للصبِّ أبراحاً وأشعافا
كلٌّ يُجدُّ لنا شجواً يذكرنا / إلفاً فيمنحنا الأحزان ألّافا
لا تعجبنَّ لمرزوق أخي هوجٍ / حظاً تخطّى أصيلَ الرأي طرافا
فخالقُ الناس أعراءً بلا وبر / كاسي البهائم أوباراً وأصوافا
ما زلت أعرف أهل العجز في دعة / لا يكلفون وأهل الكيس كُلَّافا
أما ترى هذه الأنعام قد كفيت / فما تساوم بالأخفاف خفَّافا
يكفي أخا العجز ما يقضي القدير به / من لا ترى منه عند الحكم إجنافا
وكلبِ خصبٍ زهاه الحظ قلت له / لا تستوي والأسود السود غُضّافا
أطغاك جهلٌ بما أعطتك مرحمةٌ / قدماً أطالت على الحُرَّاص رفرافا
دع من قوافيك ما يكفيك إن لها / في مدح أحمد إعناقاً وإيجافا
فامدح به الشعر مدحاً تستفيد به / وفراً وتكبت حساداً وشُنّافا
أضحى أبو جعفر الطائي منتجَعاً / ومستجاراً لمن رجَّى ومن خافا
قرمٌ إياسٌ وأوسٌ من عشيرته / وحاتمٌ كَرُمَ السلّاف سلّافا
تقدموا وعلوا قدماً وشُمَّ بهم / روح الحياة فكان القوم أُنَّافا
كانوا مراعي للأرباع ممرعة / في كل حين وللمرتاع أكهافا
سُلّاف صدق فلا زال المليك لهم / بمثل أحمد في الخُلّاف خَلّافا
أغر أبلج ما ينفك معتقلاً / للحمد مبتذلاً للمال متلافا
مُسهِّلاً سبل الجدوى لطالبها / لعرضه ولدين الله ظلّافا
أزمانه بنداه الغمر أشتيةٌ / وإن غدت بجناه الحلو أصيافا
كأنه والعفاة الطائفين به / بَنيَّةُ الله والحجاج طوافا
أفردته برجائي وانفردت به / وظل قوم على الأوثان عكافا
يدعون من لا يجيب الهاتفين به / وإن أمَلُّوه تدعاء وتهتافا
ألفيت من خالص الياقوت جوهره / لما وجدت صنوف الناس أخزافا
يُضحي إذا خَزِيَ المدّاح مادحه / كذائف المسك لا يخزيه ما ذافا
كم حالبين ضروعَ العيش درتَه / يمرون منهن ضَرَّاتٍ وأخلافا
لولا أبو جعفر الطائي ما مُنِحوا / إلا قروناً من الدنيا وأظلافا
سهل الخليقة لم يَشرِك سياسته / عنف وإن كان بالملحاح معنافا
إذا المصاعيب لم تُركَب تجلَّلها / قسراً فأعطت مع الإركاب إردافا
ما نعرف الوعد والإيعاد من رجل / سواه إلا أمانيّاً وإرجافا
منابذ لأعاديه وثروتِه / فليس يألوهما ما اسطاع إتلافا
ممن يرى المنع إسرافاً وحق له / أليس ما يتلف الأعراض إسرافا
إذا لوى القومُ يوماً دَينَ مادحِهم / أعطى عطاياه قبل المدح إسلافا
إلى ذراه أنيخت بعد متعبة / أنضاء ركب أملّوا الأرض تطوافا
ثم استثيرت فثارت وهي مثقلةٌ / وقد أتته تباري الريح إحفافا
أمسى أبا منزلٍ والجود خادمه / والأرض داراً له والناس أضيافا
أولى المضيفين بالدفء الملوذ به / مشتىً وأجدرهم بالظل مصطافا
يُرعِي العفاةَ رياضَ العُرف مؤتنفاً / بهم ويرعى رياض الحمد مئنافا
أضحت سياسته رصفاً ونائله / نثراً فأنطق نثّاراً ورصّافا
سما فحلق منه أجدل لَحِمٌ / لما أسفَّت بغاث الطير إسفافا
من العِتاق يجلِّي قشعماً دَرِباً / حتى إذا ما استبان انقضَّ غطرافا
ما زال فاروق ما التفت شواكله / وللجيوش بشرواهن لفّافا
لم تستمع قط ذكراه ولم تره / إلا تواضعت واستوضعت إشرافا
ألقى إليه أمين الله حربته / فصادفت منه لقف الكف لقّافا
مظفّراً هز عطفيها مظفَّرةً / إذا تلقت صدوراً صرن أكتافا
منصورة في يدٍ منصورة أبداً / من مُحرِبٍ لم يزل في الروع دلّافا
يُغشي القناة قناة الظهر معتمداً / على القناتين قصّاماً وقصّافا
مصمماً غير وقاف وآونة / تلقاه عند حدود الله وقّافا
ما انفك يقتل مُرّاقاً ويأسرهم / أمضى من الحَين أرماحاً وأسيافا
حتى غدا الطرف الأقصى به وسطاً / من بعد ما كانت الأوساط أطرافا
أجلى السباع وأخلى كل مسبعةٍ / فغادر الأرض أحراما وأخيافا
ثم استهل على الدنيا بنائله / حتى غدت فلوات الأرض أريافا
لا يُوهنِ الله بطشاً منه تعرفه / مزلزلاً بأعادي الله خَسَّافا
ولا يَغِضْ ماء كفٍّ منه ممطرةٍ / تساجل المزن تهطالاً وتوكافا
إذا رمى أحمد الطائي طائفةً / أضحت مقاتلها للنبل أهدافا
وإن سقى أرض أخرى صوب راحته / هزت جناناً من النعماء ألفافا
ظهير صدق إذا آخِيَّةٌ ضعفت / وزادها ظهراء السوء إضعافا
عم التدابير إلطافاً يردُّ به / على الأواخيِّ إثخاناً وإكثافا
راخى خناق بني اللأواء كلِّهمِ / وشدَّ آساس ملك كُنَّ أجرافا
أخو عطايا إذا ما شاء بدلها / ضرباً يُخَذرِفُ بالأوصال خذرافا
وراء بيض أياديه إذا غُمِطَت / بيضٌ يطيح بها بيضاً وأقحافا
إن سالم استنزل الأرزاق واسعة / أو حارب اتخذ المقدار سيّافا
سائل صديقاً عن الطائي هل ذهبت / دماء قتلاه أو جرحاه أطلافا
ألم تر القتل أقوى طائعين له / عقوبة لم يقارف فيه أحيافا
يداً خؤوناً ورجلاً منه أقسمتا / تَستعملان طَوال الدهر إسكافا
وإن يكن كان أردى مفلحاً عرضاً / فقد تصيب سهام الدهر خِطرافا
وقد يميل على من كان مال له / ويعقب البؤس من غذّاه سرهافا
أردى كُليباً لجسّاسٍ وكان له / ربّاً وأعدى على بسطام شرخافا
واسأل به فارساً إذ سار تطلبه / سيراً حثيثاً يغول الأرض خَشّافا
في فيلق بات في الظلماء كوكبها / يهدي وأصبح للأبصار طرافا
ففوَّزَ اللص حتى قاد من معه / وكلُّ مالٍ إذا ضيعته سافا
من بعد ما كلبوا جوعاً فكلهم / أضحى ظليماً لشريِ الدوِّ نقّافا
جاروا عن القصد فاستنهاهمُ حكمٌ / عدل وما جار في حكم ولا حافا
وانحاز عن بدد منهم وما ادكرت / خيل الأمير أواريَّاً وأعلافا
لكن تطارد كي يغترَّ مارقةً / أخرى إذا ما دهاها كرَّ عطافا
وللهنات لقاح ليس يعرفه / عَيرٌ وإن كان للأبوال كرّافا
تحت الأمور أمور لو تبيَّنها / عَير الفلاة لأضحى العير خضّافا
ما كان دهر قصيرٍ جدعَ معطسه / لما أطَفَّ له موساه إطفافا
لكن أراد به أمراً فأدركه / ولم يردِّد على ما فات إلهافا
فلينتظر فارسٌ أوراد عائدة / لا يستطيع لها الزوَّادُ كفكافا
وأين يهرب من خيل تخال بها / عقبان مُبردَةٍ يطلبن إلجافا
دوَّخن شيبان أمّا في رؤوسهمُ / تُدوِي الطبيب إذا أغشاه مجرافا
وقلن ذوقوا جناكم إن جانيكم / ما زال للحنظل الخطبان نقافا
كم جاهل كان بالطائيِّ جرَّبه / صلّاً إذا طلب الأعداء زحافا
يُحرِّمُ الغسلَ إيلاءً ويطلقه / برّاً فيوخفه بالثأر إيخافا
ووقعة منه في الأعراب قد جعلت / أوطانهم إِسوةَ الأحقاف أحقافا
تحالفوا مذ تحداهم فخلتُهمُ / على الهزائم لا الإقدام أحلافا
ظلوا قتيلاً ومصفوداً وذا هربٍ / تقضي بإدراكه الطير التي اعتافا
أسير قتل وإن أضحى طليق يد / قد أزهفت نفسه الآجال إزهافا
ومن سرت نقم الطائي تطلبه / ألفى الذي وعدته الفوتَ مخلافا
يا هارباً منه إن الليل غاشية / لا بد منها وإن أوشكت إحصافا
كيف النجاء لناج من أخي طلب / مثل الظلام إذا ما عمَّ إغدافا
كأنما كل نفس حين يطلبها / قد أعلقت سبباً منه وخُطَّافا
فاطلب رضاه وأيقن أن سخطته / لا حرز منها إذا طوفانها طافا
تلق ابن حرَّين لا تلقاه مجترماً / فظاً على مستميح العفو حلّافا
بل سيداً قرنت بالحلم حفظته / فلم تفز قط إلا كان ميقافا
يهم بالطول همّامٌ به عجلاً / وإن أراد عقاباً كف كفّافا
يسوس نفساً على الأغياظ صابرة / ما زال يؤلفها المكروه إيلافا
مغفل حين يُستعفَى وتحسبه / عند انتقاد وجوه الناس صرّافا
تلقاه للعيب ستاراً وإن دمست / ظلماء لاقيته للغيب كشافا
إذا ارتأى تبعت آثارُه سدداً / لا كالذي يتبع الآثار مقتافا
ما إن يزال له رأي يصيب به / لو أنه حيوان كان عرّافا
تخاله باتقاء الذنب متقياً / في يوم هيجاء مِرداةٍ وقذافا
يخشى الملام ويغشى الحرب مرتدياً / فيها رداء من الكتّان هفهافا
لم يُلفِه الغمز خواراً وتعطفه / بالرفق منك فتلقى منه عطافا
يلين للريح إن هزته ليِّنَةً / ولا يلين إذا هزته معصافا
لا يترك الحق مغبوناً لسائمه / خسفاً ولا يتعدى الحق حيّافا
كم قد أعد لقوم حسن مقدرة / وكم يُعدّون أكفافاً وأجدافا
قَراهم الصفح إذ حلوا بعَقوته / وأتبع الصفح إكراماً وإلطافا
لم يعد أن أرعف الأقلام يرفدهم / ولو عتوا رعف الخرصان إرعافا
جاءوا يخافون ناراً لا خمود لها / فأُزلفت لهم الجنات إزلافا
لكن تَطاردَ كي يغترَّ مارقةً / أخرى إذا ما دهاها كرَّ عطافا
ورائدٍ قال ألفينا خلائقه / كالشهد طعماً ومثل المسك مستافا
خلائق علمتنا كيف نمدحه / ورقَّقتنا وكنا قبل أجلافا
كم قد بدأنا وعاودنا فأوسعنا / بذلاً ولم نستطع للبحر إنزافا
بحر من العرف لا تلقى الظماء به / محلِّئين ولا الوُرَّاد عُيّافا
تمَّت معانيه منه في امرئٍ نصفٍ / زولٍ أطال على الأحوال توقافا
قد سنَّ من شفرتيه البأسُ بغيته / وشاف من صحفتيه الجود ما شافا
كذا الأهلة تستوفي محاسنها / إذا نضت من شهور الحول أنصافا
ممن يرى كل ما يفنى بمنزلةٍ / سيان ما التذّ منها والذي عافا
لا بالمروع إذا أهوالها عَظُمَت / ولا المروق اذا زيّافها زافا
تبلو به محنةُ الدنيا وفتنتُها / طوداً كهمِّك إرساءً وإشرافا
لا يُستخفُّ لدى ريح تهبُّ له / ولا عليه ولا تلقاه رجّافا
يُجنُّ قلباً وقوراً في جوانحه / مستنفراً عند ذكر الله وجّافا
لا عيب فيه سوى عتق يردُّ به / عتق الجواد إذا جاراه إقرافا
كم رام ذو الجد والأجداد غايتَهُ / فقام ذو الجد والأجداد زحافا
يا ذا العلاء الذي أرسى قواعده / على الحضيض وجاز النجم أعرافا
أما وقدرك إن الله عظمه / لقد غدا فوق ما خُوِّلتَ أضعافا
وما رمتك يد بالحظ خاطئةٌ / كلا لعمري وما أعطتك إسرافا
وما رأى الناس أمراً أنت صاحبه / ظهراً تبدل بالإسراج إيكافا
فاسلم على الدهر في نعماء سابغة / حتى يُمَسِّيَك العصران إدلافا
من كان أصبح ظلّاماً لسوقته / من الملوك فقد أصبحت منصافا
لا تترك الدهر مغروراً بغرته / ولا تُرى للصحيح الجلد قرّافا
ما كابد الأسر عان في يدَي زمن / إلا رجا بك فاءً واصلت كافا
ولا وأى عنك حسن الظن موعده / إلا غدت وهي حاء واصلت قافا
وعائب لك بالإسراف قلت له / لا زلت عن حسن الأفعال صدافا
أصبحت في رفضك الإسراف محتقباً / أجر امرئٍ آف منه النجل ما آفا
عُوِّضت من وزر مجد أجر منقصةٍ / بلوى من الله فاترك ذكر من عافى
ماذا تعيب لحاك الله من ملك / لم يرض قط من المعروف سفسافا
أنال حتى أعفَّ الملحفين معاً / بنائل سد أفواها وأجوافا
إن كان أثبت بالإسراف سيئةً / فقد محاها بأن لم يبق إلحافا
أهلاً بمعصية باءت بمعصية / وعمَّت الناس إغناء وإعفافا
وهائبٍ لك لم يسألك قلت له / دع عنك عجزك لا يعقبك تلهافا
سل الأمير ولا تحرمك هيبته / فقد غدا لجبال المال نسّافا
سله وان عز واستعلت مراتبه / وكان حداً على الأعداء جلافا
لا يؤيسنَّك غَدقٌ من جُرامته / وإن سما واستحد الشوك والتافا
فليس تمنع مما فيه منعتُهُ / إلا إذا خرَّق الخرّاف خرافا
إليك رادفت عزمي فوق ناجية / كالريح تعصف بالركبان إعصافا
أرسى عليها قتود الرحل أن خُلِقت / أخفَّ ما دب فوق الأرض إخفافا
تقلِّب الليل عيناً غير نائمة / ومنسماً بحصى المعزاء خذّافا
سفينةٌ من سفين البر محكمةٌ / تجري إذا ما اتخذت السوط مجدافا
جاءت بعسّاف أهوال على ثقة / أن سوف تلقاك للأموال عسافا
أهدى إليك هديّاً من كرائمه / يحفُّها حشَدُ الآمال زفافا
حسناء معجبة للناس مطربة / لا تستعين على الإطراب عزّافا
من سيدات القوافي ما يزال لها / راو تظل به السادات حُفّافا
مَليٌ من الحمد والتحميد حاملة / ألطاف حُرٍّ يرجّي منك ألطافا
أهدى غرائب يرجو أن تحوز له / غرباً يروّيه من جدواك غرافا
أذال فيها لك النفس التي لقيت / من العفاف وطول الظلف إقشافا
فحاكها والذي يبغي كفايته / وإن شتا غيره في الريف أوصافا
حوك امرئٍ لم يكن من قبل مكتسباً / بالشعر سأَّالةً للناس ملحافا
كخصف آدم من أوراق جنته / ولم يكن قبل ذاك الخصف خصّافا
كساك من زينة الدنيا لتكسوه / من سترها فاكسُهُ يا خير من كافى
وافعل به غير مأمور بعارفة / فعلاً يزفُّ نَعام الشكر إزفافا
أطرفه بالجود في دهر غدا عُطُلاً / من كل عرف فلم يُعدمك إطرافا
من كان أغضبه قولي وآسفه / فزاده الله إغضاباً وإيسافا
وليحذر الشاعر العرِّيض بادرتي / فربما صادف العريض حذّافا
لا يجهلن حليم إنني رجل / من كان أخطل جهل كنت جحّافا
رحم الله صالح بن وصيفِ
رحم الله صالح بن وصيفِ / فلقد كان جدَّ شهمٍ ظريفِ
كان لا يصطفي المخنَّث خدناً / بل يراه مثل الكنيف المجيف
معشر قربهم من الناس عرٌّ / لصحيح وقذرة لنظيف
فادحروا عنكم المخانيث دحراً / وليوكَّل بذاك كل شريف
أبى لأخي الدنيا التبتُّل أنها
أبى لأخي الدنيا التبتُّل أنها / لها زيفة في كل حين تزيفُها
إذا ما جلاها في الرياض ربيعها / يروق عيون الناظرين رفيفها
وأخرى إذا ما أينعت ثمراتها / ورقت حواشيها وطاب خريفها
تراءى لنا في زخرفين كليهما / إذا استوجَفَ الأهواءَ خفَّ وجيفها
الدين والعلم والنعماء والشرفُ
الدين والعلم والنعماء والشرفُ / تأبى لجارك أن يُمنى له التلفُ
مؤيدات من الأركان أربعة / يأوي إليهن محروم ومضطعَف
أبا علي وأنت المرء ليس لنا / جار سواه إذا خفنا ولا كنف
أشكو إليك ظُلاماتٍ يتابعها / من ليس يحسن منه الظلم والجنف
مؤملي والذي أشجي الخطوب به / أضحى وأمسى وأدنى ظلمه سرف
أظلني سوءُ رأي منه متصلٌ / وليس لي من بلاء سيِّئٍ سلف
إلا مدائح ما تنفك سائرة / لركبها كل يوم نية فذف
وخدمةً سبقت أيامَ دولته / ما مثلها زلفة إن عدت الزلف
يممته إذ وجوه الناس كلهم / فيها إلى الجانب المعمور منصرف
ما زلت ممتطياً تلقاءه قدمي / لا يطَّبينيَ عنه السعي والحرَف
أهدي له الأنس في أيام وحشته / وعندي الصبر والتأميل والظلف
لا أجتديه ولا أمتاح نائله / ولا أزول ولي في الأرض مصطرف
حتى إذا فتح الله الفتوح له / أصبحت لولا استتاري كدت أختطف
ظلماً توحَّدني منه بلا سبب / وليس لي منه إن حاكمت منتصف
تظاهرت غمم سود وليس لها / ألا بوجهك بعد الله منكشف
ولم تزل يا ابن بدر بدر مضحيةٍ / يبدو فينجاب للساري به السدف
فداو حالي بما فيه مصحَّتُها / فإن حاليَ حال داؤها الدنف
كلِّم رئيسي كلاماً في تعطفه / إن الكرام إذا ما استعطفوا عطفوا
وليس دهري إلا أن يتاركني / بحيث لا جفوة منه ولا لَطَف
لا رغبة عن مطيف بالمطيف به / لكن نفسي شموس حين تُعتَنف
وإنني لبصير العين ثاقبها / أن لا نظير له في الناس يُؤتنف
لكنه عمَّ تجويداً وتوفية / وخصني منه سوء الكيل والحشف
وإنني لَلضنين القبضتين به / ولَلضنين بقدري حين أُعتسف
وإن تركي حظاً من صحابته / لحاجة قرنت في النفس والأسف
ممن لحاني بظهر الغيب قلت له / لا تشغلنّك عن أعمالك الكُلَف
مولاي لا عوض منه ولا خلف / والقدر لا عوض منه ولاخلف
ها إنها خطبة قام الخطيب بها / بكر ولكنها في حزمها نَصَف
وقد قصدتك كالصادي أُليح له / في مهمهٍ ماءُ مزنٍ صانه رصف
فليس لي يا ابن بدر عنك منصرف / ولا بودي وشكري عنك منحرَف
وكيف لي بخلاف فيك أركبُه / وليس في فضلك المشهور مختلف
فاحشد لغائر قدر إن حشدت له / نما وزاد وإلا فهو منتسَف
يا من إذا ما أناخ المستضام به / أضحى يقاتل عنه العز والأنف
يا من إذا اهتضم القدر استقاد له / فلم يبت وهو مطلول ولا طلف
ما عُفرُ شابةَ في أعلى معاقله / ولا عقاب شَرَورى ضمَّها لَجَف
يوماً بأمنع مني يوم تمنعني / كلاً ولا قسور في أذنه غضف
دوني الدروع إذا ما كنت لي وزراً / والبَيض والبِيض والخطيُّ والحجف
فإنني لعزيز يوم تنصرني / وفيك عند اعتداء الدهر منتصف
يا أبعد الناس غوراً حين نسبره / وأقرب الناس غوراً حين يغترف
أصبحت بحر غَناء غير منتزف / لاقاه بحر ثناء ليس يُنتَزف
فالفَظْ بِدُرِّ نثيرٍما له صدف / ألفَظ بدر نظيم ما له صدف
كن لي كما كنت للراجين كلهم / لا زال قصرك بالراجين يكتنف
قل للكرام بني وهب معاقلنا / قولاً يُقَرُّ به طوعاً ويُعترف
العادلين موازيناً إذا حكموا / والراجحين إذا ما شالت الكِفف
يا آل وهب أدام الله دولتَكم / لقد رعيتم فلا خوف ولا عجف
حتى غدوتم لآمال الورى قِبَلاً / لها عليها طوال الدهر معتكف
فما لعبدكمُ المسكين بينكمُ / كأنه لمرامي دهره هدف
وأنتم النخلة الطولى التي بسقت / قدماً وبورك منها الأصل والطرف
ولم تزل ليَ آمال مسلَّفةٌ / وفيكم الآن للخُرّاف مخترف
فإن زوى عني الجُمَّار طلعته / فلا يصبني بحدي شوكه السعف
أمري وأمركم بازٌ على علم / مُرَمَّقٌ بعيون الناس مُشتَرف
فالله الله في أحدوثة حسُنت / لا تهدموها بظلم إنها الشرف
زلقت في سُلاحها
زلقت في سُلاحها / بالبطبطين شنطُفُ
ثم قفّت بضرطة / لم يعقها توقُّفُ
ضرطة تسكت الرعو / د وفيها تقصُّف
ثم قامت مدلة / تتشاجى فتعنُف
قيل قومي إلى الصَّرا / ة فهذا تكلُّف
ما مع الحالة التي / أنت فيها تظرُف
ما التشاجي بطيبٍ / منك والسلح ينطُف
فمضت تقصد الصرا / ة وفيها تكسُّف
ولأذيالها على / قدميها تلفُّف
وتداعت لها الأكف / ف وفيها تعجرُف
أخذ الصفع رأسها / وهي تعدو وتقطُف
فانقضى ذلك التشا / جي وزال التصلُّف
قردة تدعي الغنا / ء وفيها تخلُّف
قحبة تركب الأيو / ر فيها تعسُّف
ليس في أنفس الكرا / م إليها تشوُّف
ذات طيز بظوره / أبد الدهر تنقُف
يبلع الفيل والبعي / ر وفيه تلهُّف
كعصا صاحب العصا / جل ذاك التلقُّف
تطعم الأير تينةً / قد علاها التحشُّف
طالبتني بأن أني / ك وعندي تعفُّف
قلت هيهات أو يحل / لَ لأيري التكفُّف
حرم النيك أو يطي / ب مبال وينظُف
ومن الفائت الذي / ما عليه تأسُّف
نيك سوداء كالدجى / حين يدجو ويكثُف
حليها الشيب لا أكا / ليل تحلو وتطرُف
فعلى الوجه كرفس / وعلى الرأس كرسُف
منظر لا يروق عي / ناً وإن كان يطرُف
كان للحسن يوسفٌ / وهي للقبح يوسُف
يضع الشتم قبحها / هي بالشتم تشرُف
تجحد الله ربها / وعلى الأير تعكُف
مسح شيراز عينها / شغلُها والتنغُّف
وغدةٌ لم يزل لها / بالمخازي تشرُّف
لو غدت وهي كعبة / ما استُحِلَّ التطوُّف
همها الدهر مدمَجٌ / لحفافيه أحرُف
هرمت فهي في قيو / د من الكبر ترسُف
يا أبا القاسم الذي / في ذراه التضيُّف
والذي لم يزل له / في المعالي تصرُّف
والذي لم يزل يجل / ل ومعناه يلطُف
قد شتونا فكم نُصَي / يِّفُ طال التصيُّف
فاكفنا بردَ قردةٍ / تتشاجى فتسخُف
بنفسي أميرٌ أنصف الناس كلهم
بنفسي أميرٌ أنصف الناس كلهم / سواي فإني لست في ذاك أُنصفُ
أتى المطل والتسويف دون ثوابه / وعهدي به قبل المديح يسلِّفُ
أؤمل في النيروز رِبعيَّ جوده / وخِرفِيَّهُ في المهرجان فأُخلَف
وما خلت أني أستريث سماءه / ويُربَع غيري من جناها ويُخرَف
إذا تطاولت فاذكر
إذا تطاولت فاذكر / أن الرياح ستُعصِفْ
وأن كل طويلٍ / هبت له متقصِّفْ
فالدهر إن جرت يوماً / يديل منك وينصفْ
أيها الماجد الذي بهر المد
أيها الماجد الذي بهر المد / داح مجداً وجاوز الأوصافا
لا عدمت الفلاح يا جامع البر / ر مسيراً ومنتوىً وانصرافا
طفتَ بالبيت ثم أبت من الحج / ج فأصبحت للعفاة مطافا
زرتَ بغداد زورة الغيث أغفى / بالقرى وهو زائر فأضافا
وكفت بالندى يداك على النا / س وما زلت عارضاً وكّافا
فتعدَّوا على الزمان بعدوا / ك وكانوا لا يأملون انتصافا
قلت لما رأيت ملتمسي عر / فَك عرفاً إليك بل أعرافا
نصر الله سيداً أصبح النا / س على صُلبِ ماله أحلافا
ولعمري لقد نصرت بأن عو / وِضتَ حمداً وجنة ألفافا
ولئن أتلفت يميناك عَرضاً / لبعرض وقيته الإتلافا
ودعاني يا ابن الملوك إلى فض / لك فضل بذلته إسرافا
فأعذني من أن أرى بين ظني / ويقيني في ما رجوت اختلافا
أو أرى المجد قاعداً ليَ عن كف / فِك وعداً مثمّراً إخلافا
وأنلني يا من رأيت سؤالي / ه سواء في نيله والعفافا
لا يكن حسرة نداك على النف / س فأقنى الغنى وأرضى الكفافا
وكفاني بها وعيداً لواعٍ / صان حوض المعروف عن أن يُعافا
يعتدي سيداً مرجَّىً مخوفاً / فإذا أسخط المرجين خافا
ليست الإمرة التي تتولَّى / بالهوينا فلا تَسُسها جزافا
إنما إمرة الجواد على الأح / رار فاعدل وأعمل الإنصافا
لا تدع معشراً سماناً يكظّو / ن سماناً وآخرين عجافا
أعقب المجدبين من أهل خصب / قد رعوا روضك المريع ائتنافا
وأدل معطَشيك من أهل ريٍّ / شربوا العرف من يديك سلافا
أو تطوَّل على الجميع فقد أُو / تيت عند اكتنافهم أكنافا
أنت نعم المضيف والناس أضيا / فك فاعمم ببرك الأضيافا
فحرام عليك تبدية الأذ / ناب حتى تقدم الأعرافا
ومن الجور والعنود عن الحق / ق وبعض الأحكام تجري اعتسافا
شاعر سلَّف الثناء وأكدى / وابن صمت يُسلَّف الأسلافا
لا يخيبنَّ ناظمٌ لك سمطاً / بات يفري عن دره الأصدافا
صن مديحي ومطلبي عن أناس / لم أزل عن لقائهم صدّافا
جُعلوا قبلة الرجاء وصدّوا / بِجُداهُم فبُدِّلوا أهدافا
معشر ينكرون معرفة العر / ف ويأبى هناك إلا اعترافا
فليعظك امرؤ غدا في يديه / حسبٌ مبتلىً ومالٌ معافى
صافِ دون الأموال عرضك واعلم / أنه دون بذلها لن يصافى
لا وعيداً أقول ذاك ولكن / قلت حاء من المقال وقافا
إنّ أهل القريض طوراً يرقّو / ن وطوراً تراهم أجلافا
وإذا أُسخطوا رأوا ذم سابو / ر ولو كان ينزع الأكتافا
هم إذا شئتَ نحل شهدٍ وإن شِئ / تَ أفاعٍ رقشٌ تمجُّ الزعافا
لا يكوننَّ ما سمعناه من جو / دك في كل محفل إرجافا
شهدت بعض المخاني
شهدت بعض المخاني / ث والطريف طريفُ
فقام من جنب عمروٍ / وللشقيِّ حفيفُ
فقلت أنى ولم قم / ت خائفاً يا سخيف
فقال لا تلحينِّي / فأنف عمرو مخيف
فقلت صحِّف مخيفاً / فأنف عمرو مجيف
بل أنف عمرو وفوهُ / بالوعة وكنيف
فقال رأي قويٌّ / رآه شيخٌ ضعف
إن كان عمرو رأى مث / له فعمرو حنيف