القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 31
مِن أين زُرتَ خيالَ ذاتِ البُرْقُعِ
مِن أين زُرتَ خيالَ ذاتِ البُرْقُعِ / والرّكبُ سارٍ في جوانب بَلْقَعِ
كيفَ اِهتَديتَ ولا صُوىً لولا الهوى / أغراك في جُنْحِ الظّلامِ توضُّعِي
ومن العجيبة أنْ يلُمَّ مُصحّحٌ / ما دبّ فيه سَقامُه بالموجَعِ
في معشرٍ لهُمُ الثّرى فُرُشٌ ولمْ / يتوسَّدوا غير الطُّلى والأذرُعِ
سكنوا قليلاً بعد أنْ كانوا على / طول الدُّجى من موجِفٍ أو موضِعِ
وأصارهمْ طولُ السُّرى من غير أنْ / عرفوا الكلالَ إِلى قوائم ظُلَّعِ
خُوصٍ كأمثَالِ القِسِىِّ وما لها / يَومَ الرِّمايةِ لاِمرئٍ مِن مِنْزَعِ
لَم تَترك الرَّوْحاتُ فَوق ضلوعها / وَقدِ اِلتَوَيْنَ بهنّ غيرَ الأضلُعِ
فكأنّهنّ من البِلى أشطانُها / أو أنْسُعٌ تمشي إليك بأنْسُعِ
وإلى ذُرا ملك الملوك أثَرْتُها / واللَّيلُ مشتملٌ بشملةِ أدْرَعِ
عجلان قد ولّتْ عساكره وقد / همّ الصّباحُ ورأسُه لم يطلُعِ
رقّتْ غلائلُهُ لَنا فكأنّه / للمبصرين إليه هامةُ أنزَعِ
حيث النّدى ثاوٍ به لم يُفتَقَد / والمجدُ معتنقٌ به لم يُنزَعِ
والسُّؤدُدُ الضَّخمُ الخِضَمُّ وكلّما / يرويك من بحر الفخار المُتْرَعِ
وَلَقد فَخرتَ على الملوك جميعهمْ / بالأصل منك وفرعك المتفرِّعِ
ومحاسنٍ لم يقطنوا بشعابها / كلّا ولا اِجتَازوا لهنّ بأجْرَعِ
وَبلوتَهمْ فَسَبقتهمْ وفَرَعْتهم / فضلاً وأيُّهُمُ عُلاً لم يَفرَعِ
فَإِذا هُمُ قِيسوا إليك فمثلُ مَنْ / قاسَ الذّراعَ طويلةً بالأذرُعِ
للَّهِ دَرُّك في مقامٍ ضيّقٍ / أبدلتَه بتفسّحٍ وتوسُّعِ
بالضّربِ في هامٍ هناك وأذرُعٍ / والطّعنِ في ثُغَرٍ هناك وأضلُعَ
والخيلُ عاديةٌ بكلّ مُخفَّفِ / عارٍ من الجُبن اللئيمِ مُشَيَّعِ
ما ريعَ قطُّ ولم يكن في خُطّةٍ / نكراءَ إلّا كانَ عزَّ الأروعِ
وَالطّعنُ يَترك كلَّ بُرْدٍ في الوغا / مُتوشّعاً ولكان غير موشَّعِ
في غُلْمةٍ نبذوا الفِرارَ وهاجروا / في مطمع العلياءِ كلَّ تَوَدُّعِ
متهجّمين ولاتَ حين تهجّمٍ / متسرّعين ولاتَ حين تسرُّعِ
لا مطعمٌ إلّا الجميلُ وما لهمْ / في حيث لا يرد الفتى من مَكْرَعِ
حتّى رددتَ الموت عنك مخيّباً / ما نال منيته بأنفٍ أجدَعِ
وأنا الّذي لمّا اِشتكيتَ موكَّلٌ / بِي كلُّ أدواءِ الورى لم تُقلِعِ
وَمزعزعٌ تشكو حشاهُ خِيفةً / ومروّعٌ تجري حِذاراً أدُمعِي
وَمذ اِشتكيتَ فبالحضيضِ مُعَرَّسي / وَعلى القضيضِ تقلّبِي في مضجعي
ولو اِنَّ أمري نافذٌ في صحّتي / لبذلتُ منها كلّ ما لِيَ أو معي
لا مُتْعةٌ لِي بالّذي لم تلفِهِ / وَبأنْ كُفِيتَ وإن دُهيتُ تمتُّعِي
وَيَهونُ عِندي أَنْ تكون مُصَحَّحاً / وَمِنَ الضَّنى حِيكَتْ لجسمي أدرُعي
وإذا صححتَ فكلُّ شيءٍ نافعي / وَإذا اِعْتلَلْتَ فَليسَ شيءٌ مُقنِعي
حتّى أَتاحَ اللَّهُ ما أُمِّلْتُهُ / من صحّةٍ أَعْطَتْ بغير تَمَتُّعِ
وفَدَتْ وقد آلتْ بأنّ ضياءَها / ما يمّحي وَعطاءها لم يرجعِ
فَالحمدُ للّهِ الّذي لم يَشجُنا / إلّا اِجتيازُ لِمامِ خطبٍ مُسرعِ
ما زارَنا إلّا كَما زار الكرى / باللّيل جَفْنَ الخائفِ المُترَوِّعِ
وَلَقد رمى الرّحمنُ في أوصالهِ / لمّا أتى بتبدّدٍ وتَذَعْذُعِ
وَتقطّعٍ لولا سعادتُك الّتي / مَلأتْ حريمك كان غيرَ مقطَّعِ
وَلَقد نَفعتَ بأنْ ضررتَ وكم لنا / نفعٌ يزور رباعَنا لم ينفعِ
ولو اِطّلعتَ على ضميرٍ فيك لِي / أبصرتَ منه تقسُّمِي وتروُّعِي
وبلابِلاً شوهِدنَ لولا أنّني / غطّيتُها بتجمُّلِي وتصنُّعِي
فبأيّ سِرٍّ ما رأيت كآبةً / أم أيُّ قلبٍ فيك لم يتطلّعِ
فاِشكرْ جَميلاً نلتَه ومُنِحْتَه / فالشّكرُ رَبْطُ تفضُّلٍ وتبرّعِ
ولوَ اِنّنِي أعطي الخيارَ لكان في / رَبْعٍ حَلَلْتَ تقلُّبِي وتربُّعِي
واِعتَضتُ عندك من شبابٍ فاتني / بمصايرٍ وأواصرٍ لم تُجمعِ
وأخذتُ ثاراتي من الزّمنِ الّذي / قَد طال منهُ تألُّمي وتوجُّعِي
فأحقُّ بابٍ بابُك المعمورُ بِي / وعليه طولُ توقُّفِي وتضرُّعي
فهو العَتادُ لآمنٍ أو خائفٍ / إنْ زاره وهو المُرادُ لمُزمِعِ
فمتى ألِفْتُ فمن فِنائِك مَأْلَفِي / وإذا رتعتُ ففي رياضك مَرْتَعِي
وَلو اِنّ شملِي بات ملتفّاً به / ما كان شَمْلِي قطُّ بالمتصدِّعِ
وحللتُ عندك رُتبةً لا تُرتَقى / في خير منزلةٍ وأشرفِ موضعِ
ولو اِستطعتُ نفضتُ كلّ إقامةٍ / إلّا على الكَنَفِ الرّحيب الأوسعِ
في حيثُ لا تسرِي الأذاةُ بمضجعي / طولَ الحياةِ ولا القَذاةُ بمدمعي
وَلئِنْ بَعُدتُ محلّةً فتقرّبي / بتودُّدي وتشوُّقي وتطلُّعِي
وَلقد دُعيتُ فما سمعتُ ولم يكنْ / إلّا نِداؤك وحده في مَسْمعي
فإذا نطقتُ أبى عليَّ تكلُّمِي / وَإذا جرعتُ أبى عليَّ تجرُّعي
يا رافعَ الآدابِ رفّعني إلى / حيثُ اِقتضاهُ تصعُّدي وترفُّعِي
لا تمزِجنَّي بالّذين تراهُمُ / فالنّبعُ ممزوجٌ بغير الخِرْوَعِ
كم بين قولٍ في الصّدور وقولةٍ / هبّتْ بها نكباءُ ريحٍ زَعْزَعِ
وإذا رضيتَ مقالتي فَلَهَيِّنٌ / من صمّ عنها مُعرِضاً لم يسمعِ
وإذا رضيتَ فضيلةً لِي لم أُبَلْ / من نام عنها بالعيونِ الهُجَّعِ
خذها كما وَضَحَ النّهارُ لمبصرٍ / واِفْتَرَّ روضٌ غِبَّ غيثٍ مُقلِعِ
غرّاءَ تحسبها نجاحَ لُبانةٍ / هبّتْ عليك من النّواجي النُّسَّعِ
ومتى أراد رواتُها طيّاً لها / نمّتْ على إحسانها بتضوّعِ
كم لِي عليها من حسودٍ شاعرٍ / شَغَفاً بها أو من خطيبٍ مِصْقَعِ
والشّعرُ ما قُضِيَتْ حقوقٌ جَمّةٌ / فيه لسامِي الكبرياءِ سمَيْدَعِ
وَالخيرُ فيه إذا اِنزوى عن مَنْكِبٍ / والشّرُّ فيه متى يُقَلْ في مطمعِ
ولأنتَ أولى بالقريضِ من الورى / وبطوقِهِ وبتاجهِ المترصِّعِ
ولو شئتِ لمّا أزمع الحيُّ رَوْحَةً
ولو شئتِ لمّا أزمع الحيُّ رَوْحَةً / أشرتِ إلينا بالبنانِ المُقَمَّعِ
فما بان ماضٍ بان وهو مودَّعٌ / وقد بان كلَّ البين غيرَ مودَّعِ
وصَدَّكِ قومٌ عن زيارةِ مُقْلتِي / فلِمْ لمْ تزورِي القلبَ ساعةَ مضجعي
وحاذرتِ وصلاً يعرف النّاسُ حالَه / فما ضرّ من وَصْلٍ ولا أحدٌ معي
قصدتَ بيأْسي منكَ إقذاءَ ناظري
قصدتَ بيأْسي منكَ إقذاءَ ناظري / فأعفيتَنِي من أنْ أذِلّ لمطمعِ
فَلم تكُ إلّا نافعاً غيرَ ضائرٍ / وَكَم ذا أَخذنا النّفعَ من غير مَنْفَعِ
فحسبُكَ لا تزدَدْ قبيحاً مجدَّداً / فإنّ الّذي قد بان لِي منك مُقنِعي
فلو اِنّنِي أنصفتُ نفسي لصُنتُها
فلو اِنّنِي أنصفتُ نفسي لصُنتُها / ونزّهتُها عن أنْ تذلَّ لمطمعِ
وما لي وأبوابَ الملوكِ وموضعي / منَ الفضلِ والتّجريبِ والفضل موضعي
وما لهُمُ ما لِي منَ العلم والتُّقى / ولا معهمْ يوماً من الحلمِ ما معي
وَهل أنا إلّا طالبُ النّقصِ عندهم / وإلّا فَفضلي يعلم اللّهُ مُقنِعِي
وهل لصحيحِ الجلدِ من مُتَمَعَّكٍ / لذي العُرِّ والجلدِ المُفَرّى بمضجعِ
وَما أَنا بالرّاجي لِما في أَكفِّهِم / فلِمْ نحوهُهمْ يا ويحَ نفسي تطلُّعي
ولِمْ أنا مرتاعٌ لما يجلبونَهُ / وما زلتُ في الأقوامِ غيرَ مُروَّعِ
وقد عشتُ دهراً ناعمَ البال راكباً / من الخَفْضِ في أقتادِ عَوْدٍ مُوَقَّعِ
أبيّاً فلا ظُفْرُ الظُّلامةِ جارحِي / هناك ولا داعي الملامةِ مُسمِعِي
وما زال هذا الدّهرُ يُخسِرُ صَفْقَتِي / ويُبدِلُ نَبْعِي كلَّ يومٍ بخِرْوَعِ
إلى أنْ أراني حيثُ شئتَ سفاهةً / لكلّ مُلَوّىً عن جميلٍ مُدَفَّعِ
فعدِّ مقرَّ الضّيمِ إنْ كنتَ آنفاً / ودعْ جانباً تُخزى بساحتِهِ دَعِ
فمصرعُ مَن ولّى من الذُّلِّ هارباً / ببيضِ الوغا أو سُمرها غيرُ مَصرعِ
تقاسَمَ اللّيلُ والإصباحُ بينهما
تقاسَمَ اللّيلُ والإصباحُ بينهما / عمري فمن حاصدٍ طوراً ومن زَرِعِ
أعطى نَهاري وليلي جُلَّ صُنعِهِما / فنسجُ أيدي الدُّجى ثمّ الضّحى خِلَعِي
لِلّيلِ سودِي وللصّبحِ المنيرِ إذا / جَلاهُ شيبي فلُومِي فيه أوْ فَدَعِي
فَنَوبةُ اللّيل قد ولَّتْ كما نَزَلتْ / ونوبةُ الصّبحِ من هذا المشيبِ معي
حُيّيتَ يا رَبْعَ اللّوى من مَرْبَعِ
حُيّيتَ يا رَبْعَ اللّوى من مَرْبَعِ / وسُقيتَ أنديَةَ الغُيوثِ الهُمَّعِ
فلقد عهدتُك والزّمانُ مسالمٌ / فيك المُنى وشفاءُ داءِ المُوجَعِ
أيّامَ إنْ يدعُ الهوى بي أتّبعْ / وإِذا دُعيتُ إلى النُّهى لم أَتبعِ
إذْ قامَتي مُمتدّةٌ وَذَوائِبي / مُسودّةٌ وَمسائحِي لم تَصْلَعِ
وَإِذِ النّضارةُ في أَديمي جَمّةٌ / وَالشّيبُ في فَوْدَيَّ لمّا يطلُعِ
سَقْياً له زمناً نَعِمتُ بظلِّهِ / لكنّه لمّا مضى لم يَرجِعِ
شَعَرٌ شفيعي في الحسانِ سوادُهُ / حتّى إذا ما اِبيضّ بي لم يَشْفَعِ
عُوّضتُ قَسْراً من غُدافِ مفارِقي / وهْيَ الغَبِينَةُ بالغرابِ الأبقعِ
لونٌ تراهُ ناصعاً حتّى إذا / خَلَفَ الشّبابُ فليس بالمُسْتَنْصِعِ
أحْبِبْ إليّ وقد تغشّى ناظري / وَسَنُ الكرى بالطّيف يطرق مضجعي
ما زال يخدعني بأسباب الكرى / حتّى حسبتُ بأنه حقّاً معي
ولقد عجبتُ على المسافةِ بيننا / كَيف اِهتدى من غير هادٍ موضعي
أفضى إلى شُعْثٍ لقوا هاماتِهمْ / لمّا سُقُوا خمرَ الكرى بالأذرُعِ
هجعوا قليلاً ثمّ ذَعْذعَ نَومهمْ / غِبَّ السُّرى داعي الصَّباحِ المُسمِعِ
من بعد أن عَلِقَ الرُّقادُ جفونَهمْ / هجروا الكرى في أيّ ساعةِ مضجعِ
فَتَبادروا بَطنَ السَّفينِ وأَسرعوا / زُمراً كجافلةِ القطا المُتَرَوِّعِ
من كلّ سوداءِ الأديمِ كأنّها / شَغْواءُ تنجو في الرّياحِ الأربعِ
هزّتْ جناحيها على سَغَبٍ بها / وقدِ اِهتَدتْ بعد الضّلالِ المُطمِعِ
لا تَشتَكي مَعْ طولِ إدمانِ السُّرى / مَسَّ اللُّغوبِ ولا كَلالَ الظُّلَّعِ
رَكِبوا عَميقاً قعرُهُ متلاطماً / أمواجُهُ ذا غاربٍ مُستَتلعِ
يَلجونَ كلَّ قرارةٍ لا تَهتَدِي / أو يطلعون ثَنِيَّةً لم تُطْلَعِ
في حيث لا تُنجي الرّجالَ جَلادةٌ / ولَربّما نجّتك دعوةُ إصبعِ
ولقد عجبتُ لخابطٍ ورقَ الغِنى / من كلّ ذي جَشَعٍ وخدٍّ أضرَعِ
وكأنّهمْ لم يعلموا أنّ الّذي / جَمَعوا بمرأىً للخطوب ومسمعِ
والعامرُ الكفّين من هذا الورى / لا يَنثني إلّا بكفٍّ بَلْقَعِ
جَمَعوا لِينتَفِعوا فلمّا أنْ دَعوْا / أموالهمْ حين الرّدى لم تنفعِ
وَاِستَدفَعوا بِالمالِ كلَّ مضرَّةٍ / حتّى أتى الأمرُ العزيزُ المَدفَعِ
هَيهاتَ أينَ الأوّلون وأينَ ما / شادوه من مَغْنىً ومن مُتَرَبَّعِ
والرّاحضون العارَ عن أثوابهمْ / والرّافعون النّارَ للمُسْتَلمِعِ
والموسعو مُعتامِهمْ أموالَهمْ / والنّازلون على الطّريقِ المَهْيَعِ
من كلّ معتَصِبِ المفارق إنْ مشى / نَمّتْ عليه ثيابُه بتضوُّعِ
تعنو الرّجال لذي التّمائمِ منهمُ / ويسود طفلُهمُ ولم يَتَرَعْرَعِ
لا يَجمَعونَ المالَ إلّا للنّدى / أَو لاِصطِناع صنيعةٍ لم تُصنعِ
وإذا وفدتَ إليهمُ عن أزْمَةٍ / فإلي أعزِّ ندىً وأخصبِ مَرْتَعِ
وإلى الجِفانِ الغُرِّ في يومِ القِرى / والطّعنِ في اللَّبّاتِ يومَ المَفزعِ
وَإِلى الحديث تَطيب في يومِ الثّنا / نَفَحاتُهُ وَيضيء يومَ المجمعِ
وَكأنَّما فتّحتَ منهُ لِمُبصرٍ / أَنوارَ رَوضٍ غِبَّ غَيثٍ مُقلعِ
سَكَنوا الخَوَرنَقَ والسَّديرَ وحلّقوا / في رأس غُمدانَ البناءِ الأرفعِ
وتقسّموا من مَأْرِبٍ عَرصَاتِهِ / والأبلَقِ الفردِ العرين المُسبِعِ
أخذوا إتاوات الملوك غُلُبَّةً / ما بين بُصرى والفراتِ ويَنْبُعِ
وَأَطاعَهمْ واِنقادَ في أَيديهمُ الد / داني القريبُ إلى البعيد المَنْزَعِ
هتف الحِمامُ بكلّ حيٍّ منهمُ / فأجابه مستكرهاً كالطّيعِ
وَأَراهُمُ في مَضجعٍ وأتاهُمُ / من مطلعٍ وسقاهمُ من مَكرَعِ
إنّي الشّجاعُ وقد جزِعتُ كما ترى
إنّي الشّجاعُ وقد جزِعتُ كما ترى / منّي الغَداةَ بمصرع ابن شجاعِ
ساقتْ مصيبتُهُ إلى بلابِلي / سَوْقاً وألقتني إلى أوجاعِ
فالماءُ من عينَيَّ يقرح ناظري / طوعَ النّوى والنّارُ في أضلاعي
ووددتُ لو تُغنِي الوِدادَةُ في الرّدى / أنّ التكذّبَ ما يقولُ النّاعي
ومن العجائب أنّني ضنّاً به / رَمّلتُهُ ورميتُهُ في قاعِ
ويسوءني أنّي أراهُ في الثّرى / يَبْلى وأمري فيه غيرُ مُطاعِ
بِيَفاعِ مشرفةٍ وهل يُغنِي الفتى / سُلِبَ الحياةَ مَقِيلُهُ بِيَفاعِ
في مُمرِعٍ خَضْلٍ وما أغنى اِمرءاً / في اللَّحْدِ عن خِصْبٍ وعن إمراعِ
أَعزِزْ عليَّ بِأَنْ توفّاكَ الرّدى / وأصمَّ سمعك عن مقالِ النّاعي
وَأَردتُ حِفظَك في الضّرِيح وإنّما / صيّرتُ شِلْوَكَ في يَدَيْ مِضْيَاعِ
خَرْقاءُ تَأكل لا لجوعٍ كلَّ مَن / يُهدي إليها الموتُ أكلَ جِياعِ
مَنْ لِي ترى مِن بعد فقدِك صاحبٌ / أُلقِي إليه متى أردتُ بَعاعي
ومَن المُطيلُ تمتُّعِي بغرائبٍ / مِنْ بَثِّهِ ومَن المقصِّرُ باعِي
وإذا دنا الأجل المقدَّرُ للفتى / لم أُنْجِهِ منه وضاع دِفاعي
وقواطعي وهي الحِداد كَلِيلَةٌ / عنهُ وَنَبْعي فيه مثلُ يَراعي
وأنا الطّويلُ يداً فإنْ مدّ الرّدى / نحوي يداً منه تَقَاصَرَ باعي
كم ذا تغالِطُنا الحياةُ وننثنِى / منها بخدعةِ مائِنٍ خَدّاعِ
أَينَ الّذين عَلَوْا على هامِ العُلا / وتبوّءُوا بالمجد خيرَ رباعِ
الباذلين لما حَوَتْهُ خِيامُهمْ / والواهبين لما يسوق الرّاعي
فَسَقَتْ ترابَك يا حُسينُ بواكِرٌ / ترمي الدّيارَ بعارِضٍ همّاعِ
وكأنّ لَمْعَ بروقِهِ هِنْدِيّةٌ / مسلولةٌ جُنْحَ الدُّجى لقِراعِ
وكأنّ زَمْجَرَةَ الرُّعودِ خلالَهُ / دوحٌ تقصّفَ أو زئيرُ سِباعِ
ودفاعُ ربّك عنك شرَّ عقابهِ / عن سيّئٍ خيرٌ من الدّفَّاعِ
أيُّ ناعٍ نعاهُ لِي أيُّ ناعِ
أيُّ ناعٍ نعاهُ لِي أيُّ ناعِ / لا رَمى اللَّهُ شَعْبَه باِنصِداعِ
لم يَرُعْنِي وطالما أتْرَعَ النّا / عون فينا قلوبنا باِرتياعِ
لا ولا موجِعاً لقلبي بما قا / ل ولكنْ داوى به أوجاعِي
ولقد قلتُ إذْ سمعتُ الّذي كن / تُ أُرَجِّي للّه دَرُّ النّاعي
خبرٌ مُبهجٌ لقلبي وَقَد كا / ن كئيباً مؤرِّجٌ لرِباعي
لَم أَزَلْ مُبغضاً لكلِّ نذيرٍ / للمنايا حتّى نعاه النّاعي
أمْتَعَ القلبَ بالبشارة لا زا / ل مُحَيّاً بالسُّؤْلِ والإمتاعِ
ولو اِنّي اِستطعتُ شاطرتُ عمري / ثُمَّ ذُخرى ومُتعتي ومَتاعي
فلَهُ والحقوقُ تلفى وتُرعى / كلُّ حقٍّ عليَّ غيرُ مُضاعِ
إنّ داءً أودى بمن كان للعا / لَمِ داءً لسَيِّدُ الأوجاعِ
قد مضى مَعْدِنُ النّفاقِ وأصلُ ال / مَيْنِ عنّا ورأسُ كلِّ خِداعِ
والّذي كنتُ في قناعٍ فلمّا / ضلَّ هُلْكاً ألقيتُ عنِّي قِناعي
كان باعِي وأنتَ حيٌّ قصيراً / وثوَيتَ الثَّرى فطوّلتَ باعي
وأرَدْتَ الضَّرّاءَ لِي وكفى الل / هُ فأَوْلى مكانَ ضَرّي اِنتِفاعي
وَرَمَتْنِي السّهامُ منك ولكنْ / لم تَضِرْني واللّهُ من أَدراعي
كلُّ شكري لأنّنِي نلتُ ما كن / تُ أُرَجِّي باللّهِ لا باِصطِناعي
وكُفِيتُ المكروهَ منك وشيكاً / بِدفاعِ الإِله لا بِدِفاعي
واِمتلا رَبْعِيَ الجديبُ من الخِصْ / ب كما أَشتَهيه لا بِاِنتِجاعي
وقِراعُ الإلهِ عنِّيَ أغنى / يا خليلي كما ترى عن قِراعي
حَارَبَتْكَ الأقدارُ عنّي على أن / ني شجاعٌ وأنتَ غيرُ شجاعِ
وَرمَى اللَّه في ظلامك لمّا / غَشِيَ النّاسَ كلَّهم باِنقِشاعِ
وغُروسٌ غرستَها عوجِلَتْ مَن / ناً منَ اللّه وحدَهُ باِنقلاعِ
ولَئِنْ بِنْتَ واِغتَربتَ فما عن / دك شَوقي ولا إِليك نِزاعي
ومتى ما سُئِلتُ عنك فقولِي / لا رعاهُ في طَرْفِهِ مَنْ يُراعِي
وقلوبٌ حُشين في الموت باللّوْ / عاتِ ما خُرْنَ فيك بالإلتِياعِ
لك نَزْرٌ من كلّ خيرٍ فإنّي / كِلْتُ للشّرِّ وحدَه بالصّاعِ
إنّ غدراً ثوى فلم تخلُ أضلا / عُكَ منه ما اِجتازَ في أضلاعي
وغروري بك الغداةَ كما غَر / رَ سرابٌ بوَمْضِهِ اللمّاعِ
وَلَحا اللّهُ كلَّ مَن ليس فيهِ ال / خيرُ في ضيقةٍ ولا في اِتّساعِ
وإذا ما عَلِقتُهُ فعُلوقِي / بجنابِ هاعٍ لعمرُك لاعِ
لم يكنْ بين ما كرهتُ وما أح / ببتُ إلّا وقتٌ قصيرُ السّاعِ
وَكَفاني الإلهُ شرَّ اِمرئٍ لي / س يُراعي من التُّقى ما أراعي
إنّ عُلْواً لا يستحقّ كسُفْلٍ / واِرتِفاعاً لا يَنبغِي كاِتّضاعِ
ولَئِنْ فزتَ بالمرادِ فكم كف / فٍ أتاها اليَسارُ غيرِ صَناعِ
ليت ما كان بيننا لم يكن كا / ن قديماً من إلْفَةٍ واِجتماعِ
بعتنِي بالرّخيص من غير أن أن / كُثَ عهداً أو أنْ يحين بِياعي
وسيدرِي مَن باعني بحقيرٍ / أيُّ غبنٍ عليه من مبتاعي
وإذا ما جهلت فخرى وجودي / بين كفّيك طاب فيه ضيَاعي
ضاع ودّي من لم يكنْ أهل ودّي / وشقيٌّ غادٍ بودٍّ مُضاعِ
قد أتاني الوعيدُ منك فما فك / كرتُ فيهِ ولا أضاق ذراعي
كانَ مِثلَ الضَّياحِ في القاعِ طَوْراً / وحكى تارةً ثُغاءَ الرّاعي
وعلى ذا مضى الزّمانُ فحيٌّ / غيرُ ساهٍ وميّتٌ غيرُ داعِ
كَيف قدّرتَ أنّنِي من أُناسٍ / قُدْتَهمْ نحو حَيْنِهمْ باِختداعِ
حاشَ للّهِ أنْ أكون سريعاً / ومجيباً من الورى كلَّ داعِ
وغبينٌ مَن هاج منِّي لساناً / مثلَ حدِّ الحسامِ يومَ المِصاعِ
ورجا والرّجاءُ نحسٌ وسعدٌ / ليَّ رُمْحٍ يومَ الوغى بِيَراعِ
وتعاطى جهالةً منه تروي / عَ جَنانٍ ما كان بالمرتاعِ
ولوادٍ حَلَلْتَ فيه جَديبٌ / بك نائي الإخصابِ والإمراعِ
لَيس فيهِ إلّا الجُنابُ لراجٍ / يرتجيه أو الهشيمُ لراعِ
وصدىً لم يَطُفْ به قطُّ إرْوا / ءٌ وجوعٌ لم يُرْوِ بالإشباعِ
بين وَهْدٍ غُبْرِ المتون وهَيْها / تَ وِهادٌ مغبرّةٌ من قِلاعِ
ليس يرميه آملٌ برجاءٍ / لا وَلا يَنتَحيه سعيٌ لساعِ
وَإِذا ما أُلْفِيتَ فيه فما يل / قاك إِلّا بباخلٍ منّاعِ
مَجْثَمُ اليأْسِ والقُنوط فما في / هِ مَزارٌ لجاثلِ الأطماعِ
وبوُدِّي أنْ لم يكن لِيَ تعري / جٌ إليه ولا عليه اِطّلاعي
وإذا ما بقيتَ فاِجتنب الغا / بَ محلَّ الرّدى ومَطْوَى السِّباعِ
ودعِ الإِغترارَ بالسِّلْمِ فالسِّلْ / مُ طريقٌ إلى ركوبِ القِراعِ
إِنّنِي وحدِيَ الّذي لو تأمّلْ / تَ ملأتُ الوادي بغُرِّ المساعي
واِتّباعي ما كان قطُّ لخَلْقٍ / وأولو الفضلِ كلُّهمْ أتباعي
وغبينٌ مَن ليس يعلم شيئاً / بعيانٍ يُرى ولا بسَماعِ
أيُّ فضلٍ في العقل غيرُ مطاعٍ / واِنتِفاعٌ بالقلب ليس بواعِ
وإذا ما مررتُ يوماً على قب / رك شرِّ القبورِ في شرِّ قاعِ
قلتُ لا مَسَّكَ النَّسيمُ ولا اِعتا / دك نَوْءٌ من واكِفٍ همّاعِ
وعداك السّلامُ والرَّوحُ والرَّحْ / مةُ من فائضِ الجَدا النّفّاعِ
وسُقِيتَ العَذابَ لا العَذْبَ والزَّلْ / زالَ تأتي به يدُ الزَّعْزاعِ
وإِذا جوزِيَ الأنامُ فلا جو / زيتَ إِلّا بالمؤلمِ اللّذّاعِ
دعوا اليومَ ما عُوِّدتُمُ من تصبُّرٍ
دعوا اليومَ ما عُوِّدتُمُ من تصبُّرٍ / فإنّ نزاعي غالبٌ لنزوعي
فما القلبُ منّي فارغاً من تذكّرٍ / ولا العينُ منّي غيرَ ذات دموعِ
ولو كنتُ مسطيعاً جعلتُ صبابةً / مكان دموعي في البكاءِ نجيعي
ففيما تركتُ لا يُخاف تردُّدي / وفيما وهبتُ لا يُخاف رجوعي
وكيف بقائي لا أموت وإنّما / ربوعُ الأنامِ الهالكين ربوعي
وما أنَا إلّا منهُمُ وعليهِمُ / إِذا ما اِنقضى عمري يكون طلوعي
أَلَمْ ترَ هذا الدّهرَ كيف أَظَلّنا / على غفلةٍ منّا بكلِّ فظيعِ
وكيفَ اِنتقى عَظمِي وشرّد صَرْفُهُ / رُقادي وأودى عَنْوَةً بهجوعي
وجرّ على شوك القَتادِ أخامِصِي / وأضرم ناراً في يبيسِ ضلوعي
وأكرعنِي حزناً طويلاً ولم أكنْ / لغيرِ الّذي أختاره بكَروعِ
رمانِي بخطبٍ لا يكفكفُ وَقعهُ / سوابقُ أفراسِي ونسجُ دروعي
وما عاصِمي منه حُسامي وذابِلِي / ولا ناصري رَهْطِي به وجميعي
أتانِي ضُحىً لا دَرَّ دَرُّ مجيئه / فعاد وما هاب النّهارَ هزيعي
وضاعَفَ من شَجْوِي ورادف حزنَهُ / خضوعي عليه راغماً وخشوعي
وصيّر في وادي المصائبِ مسكني / وفي جانب الحزنِ الطّويل ربوعي
وقالوا بركن الدين ولّتْ يدُ الرَّدى / فخرّ صريعاً وهو خيرُ صريعِ
فشبّوا لهيبَ النّارِ بين جوانحي / وجثّوا أُصولي بالجَوى وفروعي
ومرّوا وقد أبقوا بقلبِيَ حَسْرةً / وذرّوا طويلَ اليَأس منه بروعي
فلو كنتُ أسطيع الفداءَ فديتُهُ / وأعيا بداء الموت كلُّ جميعي
وشاطرتُهُ عمري الّذي كان طالعاً / عليه بما أهواه خيرَ طلوعِ
وَقالوا اِصطَبر والصّبرُ كالصّبر طعمُهُ / إذا كان عن خَرْقٍ بغير رَقوعِ
وَعَن رَجلٍ لا كالرّجالِ فضيلةً / وعن جبلٍ عالِي البناءِ رفيعِ
وعزّاك مَن سقّاك كلَّ مرارةٍ / وحيّاك مَن لقَّاك كلَّ وجيعِ
ولو كنتُ أرجو عودَه لاِحتسبتُه / ولكنّه ماضٍ بغير رجوعِ
كأنِّيَ ملسوعٌ وقد قيل لِي مضى / وما كنتُ من ذي شوكةٍ بلَسيعِ
فأيُّ اِنتِفاعٍ بالرّبيع وإنّه / زَماني وقد ولّى الرّدى بربيعي
وَبِالعيشِ مِن بعد اِمرئٍ كان طيبه / ويُبدلُ منه ضيّقاً بوسيعِ
وبالمال من بعد الّذي كان مُخْلِفاً / لِكلِّ الّذي أفْنَته كفُّ مُضِيعِ
وبالعِرْضِ من دون الّذي كان رمحُهُ / يقارع عنه الدَّهرَ كلَّ قريعِ
ذَمَمْتُ سواك المالكين لأنّهمْ / تولَّوْا وما أوْلَوْا جميلَ صنيعِ
ولم تكُ منهمْ مِنَّةٌ بعد مِنَّةٍ / ولا نزعوا أثوابهمْ لنزيعِ
فكم بين مُعطٍ للأمانِي وسالبٍ / وبين مُجيعٍ لِي وقاتلِ جوعي
ولمّا رأيتُ الفضلَ فيه أطعتُه / وما زلتُ للأملاكِ غيرَ مطيعِ
ألمْ تَرَنِي لمّا بلغتُ فناءَه / عقرتُ بعيري أو قطعتُ نسُوعي
وقد علم الأقوامُ أنَّك فيهم الن / نفوعُ إذا لم يعثُروا بنفوعِ
وأنّك تُؤوي الخائفين من الورى / ذُرا كلِّ مَرهوب الشَّذاةِ رفيعِ
وأنّك لمّا صرّح الخوفُ في الوغى / بيومٍ صقيل الغُرّتين لَموعِ
وللخيلِ من نسج الغبارِ براقعٌ / وأجلالُها من صوبِ كلِّ نجيعِ
ولو لمْ تبضّعْ بالطّعانِ لحومُها / لآبَتْ وما سالتْ لنا ببضوعِ
أخذتَ لواءَ النّصرِ حتّى ركزتَه / بيُمناك من أرضِ اليقينِ بِقيعِ
ولم تهبِ البيضَ الصّوارمَ والقَنا / يَرِدْن إذا أُورِدْنَ ماءَ ضلوعِ
ولمّا ذكرتُ الموتَ يوماً وهَوْلَهُ / تقاصرَ خَطْوِي واِقشعرّ جميعي
وما أَنَا إلّا في اِنتظارٍ لزائرٍ / قَدومٍ على رغم الأُلوفِ طَلوعِ
يمزّق أَثوابَ الّذي كنتُ أكتسِي / وينزعها بالرّغمِ أيَّ نزوعِ
ويهدم ما شيّدتُهُ وبنيتُهُ / ويَحصُدُ من هذي الحياةِ زُروعي
مَن ذا الطّبيبُ لأدْوائي وأوجاعي
مَن ذا الطّبيبُ لأدْوائي وأوجاعي / أو الرّفيق على همّي وأزماعي
قد كنتُ جَلْداً ولكنْ رُبَّ أقضِيَةٍ / خَلَطْن جَلْداً على البلوى بمُلتاعِ
يا صاحبي يوم رام الدّهرُ منقصتِي / وراع منّي جَناناً غيرَ مرتاعِ
قم سلِّ قلبِيَ عمّا في بَلابِلِهِ / ففيه ما شئتَ من سَقْمٍ وأوجاعِ
ليس اللّسانُ وإن أوْفَتْ براعتُهُ / مترجماً عن جوىً ما بين أضلاعي
إِذا سقَى اللّهُ أجزاعاً على ظمأٍ / فلا سقَى اللّهُ هذا العامَ أجزاعي
ولا رَمَيْنَ على جَدْبٍ بأَنْدِيةٍ / ولا صَبَبْنَ على مَحْلٍ بإمراعِ
إنّي مُقيمٌ على كُرهٍ بناحيةٍ / غرثَى المسالك من طِيبٍ وإمتاعِ
في معشرٍ ما لجانٍ منهمُ أدبٌ / كهَجْمَةٍ ما لها في القاعِ من راعِ
كم حمّلونِيَ ثِقْلاً لا نهوضَ به / وكلّفونِيَ فعلاً غيرَ مُسطاعِ
بدّلْ بلادَك إِمّا كنتَ كارهها / داراً بدارٍ وأجراعاً بأجراعِ
كم ذا المقامُ على هُونٍ ومَهْضَمَةٍ / وقارصٍ من يدِ الأقوامِ لذّاعِ
وأسهُمٍ من مقالٍ ما يحصّنُ مِن / خدوشهنّ بجلدي نسجُ أدراعي
أأحملُ الضّيمَ والبيداءُ مُعْرِضَةٌ / وفي قَرا النّابِ أقتادي وأنساعي
ومِلْءُ كفّي طويلُ الباع معتدلٌ / أو مِقبَضٌ لرقيقِ الحدّ قطّاعِ
إنْ لم أثِرْهنّ عن وادي الخنا عجلاً / فلا دعاني إلى يوم الوغى داعِ
لِمَنْ خَبَأْتُ إذا لم أنجُ عن سَعَةٍ / ما في النّجائبِ من حثٍّ وإيضاعِ
إِنْ لم يُنجّك سعيٌ عن مقرّ أذىً / فَيا لَحا اللَّهُ ما يَسعى له السّاعي
قالوا قنعتَ بدون النَّصفِ قلت لهمْ / هَيهات ما باِختياري كان إقناعي
ما زال صرفُ اللّيالِي بي يطاولني / حتّى رخصتُ على عمدٍ لمبتاعِ
خيرٌ من الذّلِّ في قصرٍ نمارِقُهُ / مبثوثةٌ منزلٌ للعزّ في قاعِ
إنْ كنتَ حرّاً فلا تَدنَسْ بذي طمعٍ / ولا تَبِتْ بين آمالٍ وأطماعِ
ولا تَعُجْ بيسارٍ دونه مِنَنٌ / تَجنيه من كفّ إخضاعٍ وإضراعِ
لا أَشبعَ اللَّه مَن أُلْهُوا وما علموا / عن المعالِي بإرواءٍ وإشباعِ
غُرّوا بحبلٍ من السَّرّاء مُنْتَكِثٍ / وبارقٍ من غِنَى الأيّامِ لمّاعِ
وكلّما طمِعوا في النَّيلِ أو حذروا / تطارحوا بين ضرّارٍ ونفّاعِ
حلفتُ بالبيت طافتْ حوله زُمَرٌ / جاؤوه أنضاءَ إعجالٍ وإسراعِ
وبالمُحَصَّبِ حطّ المُحْرِمون به / والبُدْنُ ما بين إلقاءٍ وإضجاعِ
ومَن بجَمْعٍ وقد ألقى الكلالُ بهمْ / هناكَ أجسادَ طُلّاحٍ وضُلّاعِ
والقومُ في عرفاتٍ يُرسلون إلى / محو الجَرائِرِ منهم دعوةَ الدّاعي
لأُمْطِرنّ على الآفاقِ عن كَثَبٍ / من عارضٍ بدمِ الأجوافِ لمّاعِ
بكلِّ نَدْبٍ عن العَوْراءِ منقبضٍ / نزاهةً وعلى الأهوالِ طَلّاعِ
يهوي إلى الذِّكرِ ولّاجاً مخارِمَهُ / هوِيَّ نجمٍ من الخضراء مُنصاعِ
قلْ للعِدا قد مضى رفقي بهمْ زمناً / فحاذروا الآن غِبَّ الحكم إيقاعي
لم تشكروا من نسيمي ما هببتُ به / وليس بعد نسيمي غيرُ زَعزاعِ
أبَعدَ حيٍّ على الجَرْعاء كنتُ به / مَلآنَ من دافعٍ سوءاً ومنّاعِ
عُميٌ عن الفحش صُمٌّ عن مقالتهمْ / على ثواقب أبصارٍ وأسماعِ
طاروا فطالتْ بهمْ كفّي إلى وَطَرِي / ونال ما لم ينله قبله باعي
أُمنى بمن ليس من عِدِّي ولا ثَمَدي / ولا يكيل بمُدّي لا ولا صاعي
لولا اِحتقارِيَ فيه أن أُعاقبه / أطَرْتُهُ بين تيّاري ودفّاعي
حتّى متى أنتَ يا دهري تُسابقني / بعاثِرٍ وتسامينِي بدَعْدَاعِ
من كلّ عارٍ من المعروفِ منكبُهُ / هاعٍ إذا غِرْتَ في تفتيشه لاعِ
أَستودعُ اللَّهَ مَنْ شطّ الفراقُ به / عنّي ولم يقضِ تسليمي وتَوْداعي
لَولا المصيبة فيه ما اِهتدتْ أبداً / هذِي الخطوبُ لإحزاني وإجزاعي
تقول مِن بعده عينِي وقد أرِقَتْ / يا قومُ أين مضى غُمضِي وتَهجاعي
يا نفسُ إمّا مَقِيلٌ رأسَ شاهقةٍ / أو قَعْصَةٌ بالعوالِي فوق جَعْجَاعِ
خافي ملاماً بلا عذرٍ لصاحبهِ / ولا تخافي الّذي ينعى به النّاعي
فإنّما المرءٌ في الأيّامِ مُحتَبَسٌ / على الرّدى بين أطباقٍ وأنساعِ
عمدتَ إليَّ فآيستنِي
عمدتَ إليَّ فآيستنِي / فأخرجتني من إِسار الطَّمَعْ
فكنتُ كسَيْفٍ جُلَنْدِيَةٍ / فزال ولم يدرِ عنه الطَّبَعْ
وسيّانِ ذلك من شيمتي / أَأَعطى جوادٌ لها أمْ مَنَعْ
ولم أدرِ أنّك ممّا يضرّ / إِذا لم تكنْ لِيَ ممّن نَفَعْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025