القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمد مهدي الجواهري الكل
المجموع : 23
فيم الوجومُ وجومُكم لا ينفعُ
فيم الوجومُ وجومُكم لا ينفعُ / نَفَذَ القضاءُ وُحمَّ ما لا يُدفَعُ
فيم الوجومُ؟ أبو عليٍّ قد مضَى / وقد انقضىَ الخيرُ الذي يُتوقَّع
وقد اختفى رمزُ البطولة وانطوتْ / تلكَ المحاسنُ والشمائلُ أجمَع
الشعبُ محتشِدٌ هنا يتسمَّعُ / ماذا يقولُ الشاعرُ المتفجِّع
احذرْ لساني أن تكونَ مقالةً / ليست تَليقُ به فانكَ تُقطَع
يا سادتي أما اللسانُ فواهنٌ / متلجلجٌ فَلْتُلْهِبَنْكُمْ أدمُع
يعتاقُ إبدعي ارتباكُ عواطفي / فاذا مَلكتُ عواطفي فسأُبدِع
وستَحمَدون قصائداً مهما عَلَتْ / قَدْراً فَقدْر أبى عليٍّ أرفَعَ
أُمُّوا ضريحَ أبي عليٍّ واكشِفوا / فيه الرؤوسَ وفي الشدائد فافزَعوا
وإذا ألمَّتْ بالبلاد مُصيبةٌ / فتوَّسلوا بزعيمها وتضرعَّوا
قولوا له يا مَن لأجل بلادِه / هَدْراً مضى : ان البلادَ تُروَّع
هذا الضريحُ ضريحُ أمةِ يَعرُبٍ / فيه خِيار خِصالِها مُتجَمِّع
أن كنتُ لم أسْجُدْ ولم أركَع فما / قَدْري ركعتُ عليكَ أولا أركَع
فسَيركعُ التاريخُ فوقَك كلُّه / وسيركَعُ الوَطنُ الذي بك يُمنَع
وسَيركعُ الجيلُ الذي شرَّفتَه / وتمرُّ أجيالٌ عليكَ وتَركَع
ولسوف تركَع نخوةٌ ورويَّةٌ / وشهامةٌ وصراحةٌ وتَمنُّع
للموتِ فلسفةٌ وَقفتُ ازاءَها / مُتخشِّعا وبرغم أنفي أخشَع
أيموتُ شَهْمٌ تستظل بخيره / دنيا ويبقى خاملٌ لا ينفع
ناشدتُهُمْ وقد اعْتْلَيتُ حَفيره / أأبو علي وَسْطَ هذا مُودَع
أو تهزأون بقدرِه ما هذه الاحجارُ / ما هذي الصخورُ الاربَع؟
أهُنا ينامُ فتىً يُهابُ ويرتَجَى / أهُنا يعاف فَتىً يَضرُّ وينفَع
إنهضْ فُدِيتَ " أبا عليٍّ " وارتجلْ / بين الجمُوعِ قد استَتَمَّ المَجْمَع
واسمعْ تُشَرِّفْ باستماعِكَ قِيلَتيِ / أسفاً وأنكَ مَيِّتٌ لا تَسَمع
ماذا فَعَلتَ لقد أتَيتَ عظيمةً / ينبو الأريبُ بها ويَعيَا المِصقَع
وافتْ مروِّعةٌ فهوَّنَ خطبَها / وأتت أناساً هادئينَ فرُوِّعوا
أعلِمتَ إذ اطلقتَها نارّيةً / ما أنتَ بالوطن المفدَّى تصنَع
وإذ انتزَعْتَ زنادَهُ مُستَوريا / عن أيِ ثُكلٍ للمُواطِنِ تُنزَع
با مِدفعَ الأبطالِ أنَّك حاملٌ / من كانَ ينهضُ حينَ يعجَزُ مِدفَع
من خاصَ أمواجَ السياسةِ رافعاً / رأساً ورُبَّ مخاضةٍ لا تُرفَع
يمشي إليها بالرؤيةِ مدركاً / بالشِبرِ ما لا تَستطيعُ الأذرُع
يكفيك من أبناء شعبِك غَيرَةٌ / حمراءُ ان صنَعوا الذي لم يصنَعوا
نِصفانِ بَغدادٌ فنِصفٌ مَحشَرٌ / ساحاتهُ اكتضَّتْ ونصفٌ بَلقع
متماوجُ الأشباحِ حزناً ما به / الا حشاً دامٍ ووجهٌ أسفَع
مَرصودةٌ ستُّ الجهات لساعةٍ / نكراءَ محسودٌ بها المتطلِّع
وتوجَّعَ الملكُ الهمامُ ولم يكُنْ / إلا لأعظمِ حادثٍ يَتَوَجَّع
وانقضَّ فوقَك كالعُقابِ وأنَّه / لسواكَ عن المامةٍ يترَففَّع
وهفا فؤادٌ كالحديدِ على وأسبَلَت / عينٌ تُفاخر أنها لا تدمَع
ولقد يَعِزُّ على المليك وشعبِهِ / والمشرقينِ نجيعُك المتدَفِّع
لا يرتضي الوطنَ الذي فَدَّيتهَ / بالنفس أن تَدمَى لكفك اِصبَع
هِبَه العروبة للبلادِ أهكذا / مُستدمياً متظلِّماً تُستَرجع
تأريخُ شَعبٍ سُوِّدَت صفحاتُهُ / فاتى فبيَّضَهنَّ هذا المَصرعَ
هذي الرجولةُ ضُيِّعَتْ ممنوحةً / واليوم يُعرَفُ قدرُها إذ تُرفَع
حصَدَت خصومُك حسرةً وخجالةً / حتى لودّوا أَنهم لم يزْرَعوا
كانت حياتُك للبلاد منافعاً / جُلََّّى وأنك في مماتك أنفَع
غيرتَّ راهنةَ الأمور بطلقةٍ / مستقبلُ الأوطان منها يَلمَع
يُنسى دويُّ مدافعٍ وعواصفٍ / وأزيزُها حتى القيامةِ يُسمَع
ووقَفتَ أقطابَ السياسة موقفاً / يرتدُّ حيراناً به المتضلِّع
يتساءلون بأي عُذرٍ نختفي؟ / عن شعبنا وبأيِ وجهٍ نَطلُع
واسترجعوا أحكامَهم مرفوضَةً / ناسٌ بحكمهمُ عليكَ تسرَّعوا
غَطَّى على المتبرعينَ مُبجِّل / بحياتِه لبلادِه يتبَّرع
قولوا لأشباه الرجالِ تصنعاً / إلّا تكونوا مثلهُ فتقنَّعوا
لا تُزعجونا بالتشدُّقِ اننا / بسوى التخلص منكمُ لا نقنع
قد يدفع الدمُ ما يحيق بأهله / فاذا صدقتُم بادعاءٍ فادفَعوا
أما كتابُك فهو أفَضلُ ما وَعى / واعٍ وخزيُ معاشرٍ إن لم يَعُوا
طِرْسٌ على التاريخ يَفخَر أنه / من كلّ ما يَحوي أجلُّ وأرفَع
دستورُ شَعبٍ لا يُمَسُّ وشِرعةٌ / هي فوقَ ما سنَّ الرجال وشرَّعوا
هذي الوصيةُ ذخرُهُ ان أعوزَتْ / طيارةٌ وبنادقٌ ومُدرَّع
مَشَتِ الأناملُ هادئاتٍ فوقَها / والموتُ يمشي بينَهنَّ ويُسْرِع
قرَّعت شعبَك ان يَعُقَّك مرحباً / بأبي البلاد على العُقوق يُقرِّع
وشكوتَه أن ليسَ يسمعَ ناصحاً / نمْ هادئاً ان البلادَ ستسمَع
هتفوا فأسنَدَتِ اليدانِ ضلوعي
هتفوا فأسنَدَتِ اليدانِ ضلوعي / وشَرِقتُ بالحسراتِ قبلَ دُموعي
وأصَخْتُ سَمعاً للنُعاة وليتنَني / من أجل يومِكَ كنتُ غيرَ سميع
قالوا تماثلَ للشِفاء بِشارةً / سَكَنت لها روحي وأُفرِخَ رُوعي
وحَمِدْتُ أن المجدَ غيرَ مبُاحةٍ / ساحاتُه والبيتُ غيرَ صَديع
حتى إذا طارَتْ بأجنحة الهنَا / والبشرِ نفسُ مُغرَّرٍ مخدوع
أبَتِ القوارِعُ أن تُميلَ طريقَها / عني فعدت لسِنِّيَ المقروع
خلعَ الرجاءَ وحل يأسٌ عابسٌ / جهمٌ مَحِلَّ مُنافسٍ مَخلوع
وتقهقرَتْ زُمَرُ الأماني وانجَلَتْ / عَرَصاتُها عن مُثخَنٍ وصَريع
فإذا بآمالي وما خادعنَنَي / كمؤمِّلٍ سَفَهاً سرابَ بَقيع
وإذا بقلبي يستفيضُ نجيعُه / وإذا بعيني تَستَقي بنجيع
كنا نشكِّكُ في البُكاء وصدِقِه / إذ كانَ أكثرهُ بغيرِ شَفيع
ونَرىَ الصيانَةَ للدمُوع رجُولةً / حتى يُرَ ى سببٌ إلى التضييع
فالآنّ تصدُق دمعةُ الباكي إذا / نَزَلتْ عليك وأنَّةُ الموجوع
والآنَ ينزِل كلُّ طالبِ حاجةٍ / في قفرةٍ ليست بذاتِ زُروع
والآنَ تفتَقِدُ البلادُ مُحنَّكاً / يُحتاجُ في التنفيذِ والتشريع
والآن تَلتَمسُ العيونُ فلا ترى / أثراً لوجهٍ رائعٍ ومُريع
يا قبرُ من لم يَمتَهِنْ بضَراعةٍ / باد عليك تضرُّعي وخُشُوعي
يا بدرَ داجيةِ الخطوبِ ونورِها / أعزِزْ بانَّكَ غبتَ لا لِطلوع
خلّفتَ بغداداً عليك حزينةً / تستقبِلُ الدنيا بوجهِ هَلوع
تتجاوبُ الأسلاكُ في جَنبَاتها / بوميضِ بَرقٍ للنَعِيِّ سَريع
ضَغَطَت هُنا كفٌّ على أزراره / تُنبي بخطبٍ في العراقِ فَظيع
شَكَتِ السياسةُ فقدَ مُضطلِعٍ بها / فذٍّ بحلِّ المُشكلات ضَليع
والساسةُ الاقطابُ بعدَك أعوَلَت / عن فقدِ فوّام بهم وقَريع
مارستُ أصنافَ الرجال درايةً / من تابعٍ منهم ومن مَتبوع
ونفَدتُ للأعماقِ من أطباعهم / إذ كنتُ بالأشكال غير قَنوع
فاخترتُ لي من بينهم مجموعةً / ووجدتُك المختارَ في المَجموع
لله درُّك من بِناء طبيعةٍ / من كلِّ أجزاءِ العُلا مصنوع
مستشرفٍ يُعشِي العيونَ شُعاعُه / مُوفٍ على من رامَه مَرفوع
كنتَ الشُّجاعَ طبيعةً وسجيةً / إذ ينهضُ الجبناءُ بالتشجيع
كنتَ المقيمَ على التجارِبِ رأيَه / ويقيمهُ غِرٌ على المَسموع
كنتَ الرزين إذا الحلُوم تطايَرتْ / وأُعيرَ أهل الصبرِ ثوبَ جَزوع
واذا الخطوبُ استحكَمَتْ حلقاتُها / شنعاءُ تحصِب من تَرى بشنَيع َ
كنت السَميذَعَ تنجلي بشُداته / ظلُماتُ مُسودِّ الرُواق هزيع
صَقْرٌ يضيق مَطارُه بجناحه / حتى يخالُ الجوَّ غيرَ وسيع
متفرِّدٌ يربو على أقرانه / باعزِّ سَمتٍ في السماءِ رَفيع
ردَّتْ مخالبَها إليه فردَّها / حُمْراً مُقلَّمةً من التقريع
نصَبَ القضاءُ لصيده أشراكَه / فهَوَى وكلُّ محلِّقٍ لوُقوع
البيت بيتي أُسرِجتْ ساحاتُه / بشموعِ ممتدِحيه لا بشموعي
فإذا أسِيت فحرقةٌ لقبيلةٍ / نكِبَت بأسيافٍ لها ودُروع
أين المصبيحُ الذين كأنهم / زُهْرُ النجوم بغَيبة وطُلوع
من كل رَكّاضٍ إلى غاياتِه / رَسْلاً بسرّ حدوده مدفوع
ومُفوَّهٍ كالفحل عند هديره / فَذِّ البيان يفيضُ من يُنبوع
هذي القُبور قصيدةٌ مفجوعةٌ / غنيِت قوافيها عن التقطيع
لم ترمِ بي قَدَمي هنا إلاّ جَرَت / من ذِكرياتِ السالفينَ دموعي
وكأنني بشخوصهم في مَحضرٍ / دانٍ بعيدٍ سائغٍ ممنوع
شيئانِ تفتقرُ البلادُ إليهما / خِصبُ الرجال بها وخِصْبُ ربيع
ملك الجميع حياة فذٍّ واحِدٍ / كان المصابُ به مُصابَ جميع
حَمَلَتْ إليك رسالةَ المفجوعِ
حَمَلَتْ إليك رسالةَ المفجوعِ / عينٌ مرقرقةٌ بفيضِ دموعي
لاتبخَسوا قَدْرَ الدموع فانها / دفعُ الهموم تَفيضُ من يَنْبوع
للنفس حالاتٌ يَلَذُّ لها الأسى / وترى البكاءَ كواجبٍ مشروع
وأمضَّها فقدُ الشبابِ مضرَّجاً / بدمائه من كفِ غير قريع
أأبا فلاحٍ هل سمعتَ مَنَاحَةً / وَصَلَتْ إلى أسماعِ كلِّ سميع
قد كنتَ في مندوحةٍ عن مثلِها / لولا قضاءٌ ليس بالمدفوع
أبكيكَ للطبعِ الرقيقِ وللحِجىَ / أبكي لحبلِ شبابِكَ المقطوع
أبكيك لستُ أخْصُّ خلقاً واحداً / لكنما أبكي على المجموع
جَزَعاً شقيقيه فهذا موقفٌ / يَشْقَى به من لم يكنْ بجَزوع
أن التجلُّدَ في المصاب تطبُّعٌ / والحزنُ شيءٌ في النفوس طبيعي
وإذا صدقتُ فانَّ عينَ أبيكما / قد خَبَّرَتْ عن قلبِه الصدوع
شيخوخةٌ ما كان أحوجَها إلى / شملٍ تُسَرُّ بقربِهِ مجموع
وبحَسْبِ " أحمدَ " لوعة "أنَّ ابنهُ / لبس الغروبَ ولم يَعُدْ لطلوع"
لو تأذنون سألتُهُ عن خاطرٍ / مُبْكٍ يَهُزُّ فؤادَ كلِّ مَروع
أعرفْتَ في ساعاتِ عُمْركَ موقِفاً / بَعَثَ الشُّجونَ كساعةِ التوديع؟
إني رأيت القولَ غيرَ مرَّفهٍ / لكن رأيتُ الصمتَ غيرَ بديع
فأتتك تُعْرِبُ عن كوامنِ لوعتي / مقطوعةٌ هي آهةُ الموجوع

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025