المجموع : 84
تتجافى جنوبُهم
تتجافى جنوبُهم / عن وطيءِ المضاجعِ
كلهم بين خائفٍ / مستجير وطامعِ
تركوا لذة الكرى / للعيون الهواجع
ورعوا أنجم الدجى / طالعاً بعد طالع
لو تراهم إذا همُ / خطروا بالأصابع
وإذا هم تأوَّهوا / عند مرِّ القوارع
وإذا باشروا الثرى / بالخدود الضوارع
واستهلَّت عيونهم / فائضاتِ المدامع
ودعوا يا مليكنا / يا جميل الصنائع
أعف عنا ذنوبنا / للوجوه الخواشع
أعف عنا ذنوبنا / للعيون الدوامع
أنت إن لم يكن لنا / شافعٌ خيرُ شافع
فأُجيبوا إجابة / لم تقع في المسامع
ليس ما تصنعونه / أوليائي بضائع
تاجروني بطاعتي / تربحوا في البضائع
وابذلوا لي نفوسكم / إنها في ودائعي
كل الهدايا قد رأيت صنوفها
كل الهدايا قد رأيت صنوفها / إلا الكلام ففيه ما لم يُسمَعِ
فجعلت إهدائي إليك مدائحاً / مثل الرياض من الكلام المبدع
كل شيء أهديه غير بديعٍ
كل شيء أهديه غير بديعٍ / لك عندي إلا اعتذاراً بديعا
أي شيء أهدي إليك وفي وج / هك ما تشتهي النفوس جميعا
منك تهدي الدنيا إلينا الهدايا / فيباري بها خريفٌ ربيعا
حسام لا يليق عليه جفنٌ
حسام لا يليق عليه جفنٌ / سريع في ضريبته ذريعُ
ترى وقعاته أبداً خطايا / إلى أن يسبطرَّ له صريع
ويرعد متنه من غير هزٍّ / كريعان السراب زهاه ريع
يقول القائلون إذا رأوه / لأمرٍ ما تُغُولِيَتِ الدروع
عجبت لعمر الله من جار جارة
عجبت لعمر الله من جار جارة / لعرسك محمودٍ إذا الضيف ودَّعَهْ
وإن كان يلقاه بأجهمِ طلعةٍ / وينزله في غير رحبٍ ولا سعهْ
لطرفها وهو مصروف كموقعه
لطرفها وهو مصروف كموقعه / في القلب حين يروع القلب موقعُهُ
تصد بالطرف لا كالسهم تصرفه / عني ولكنه كالسهم تنزعُهُ
ونزعها السهم من قلبي كموقعه / فيه وكل أليم المس موجِعُهُ
سأقسم دمعي إذ غدرتَ فدمعةٌ
سأقسم دمعي إذ غدرتَ فدمعةٌ / على مِدَحٍ سيَّرتُها فيك ضُيَّعِ
وأخرى على ما فيك من حسن منظر / غدوت وقد أصحبتَهُ قبح مسمع
وأخرى على رأي أُصِبتُ برشده / فضلَّ وأدَّاني إلى شر مطمع
وأخرى على جدٍّ سعيد يصونني / وحسبك أن أبكيت حراً بأربع
يا أبا سهل نثاك المستَمَعْ
يا أبا سهل نثاك المستَمَعْ / ونداك المرتجى والمنتَجَعْ
ولك النعمة لا أجحدها / ما بدا ضوء نهار فسطع
غير أني بعد هذا قائل / قول ذي ود ونصح إن نفع
لك عرض ليس من عاداته / أن يرى فيه من الذم طبع
وقليل الرَّينِ فيه بيِّنٌ / وكذا العرض إذا العرض نصع
والأخ المخلص إن أقذيتَه / فالقذى فيك إلى أن يُنتزع
وأنا الخل الذي استخلصتَه / فرأى موضع نصح فصدع
ليس يرضى ماجد من نفسه / بنوال كل يوم يُرتجع
لك جارٍ كلما قلتُ جرى / فتشوقتُ له قيل انقطع
فرح ينتج منه ترَحٌ / وأمان يُجتنَى منه فزع
كل يوم ليَ منه روعة / وفعال الحر أولى بالرَّوَع
لا تكن كالدهر في أفعاله / كلما أعطى عطاياه فجع
ليس لي عندك حق غير ما / تتقاضاك المعالي والرِّفَع
والذي يحكم فيه بيننا / كرم منك وجود قد بَدع
وأرى الشافع في تعجيله / قد تراخى بعدما كان شفع
لا أحب الرزق يجري أمره / كلما أملتُهُ مجرى المُتع
أوثِقِ العقدةَ إن أنكحتَني / ما تراني كُفْأَه أو لا فَدَع
جُد بإدرارك ما أجريتَه / أو بإعتاقيَ من رقِّ الطمع
وجوادٍ ناكث قلتُ له / بعدما قفَّى العطايا بالرِّجَع
لا تخادع في متاع زائل / فكأن قد طار منه ما وقع
حسبُ من خادع في معروفه / أن ما صح من الدنيا خُدَع
إنما ضيَّع مثرٍ ما اقتنى / واقتنى غيرَ كذابٍ ما اصطنع
ليت شعري أملالٌ جرَّه / حين ساهرتك طول المجتَمع
أم عَوارٌ فاحش مني بدا / وخلالُ الخير والشر لُمَع
ذاك أم هذا دهاني في الذي / كنت أرجوه فأجلى وانقشع
أحسن ما كان الدقيق موقعا
أحسن ما كان الدقيق موقعا / من رجل أفلس حتى أدقعا
إذا أتى يسعى حثيثاً مسرعا / من بعد ما مس الغلاء الأشنعا
ولحق السبعين أو ترفَّعا / عن ذاك لا يرحم من تضرعا
ومد ذو العيلة فيه الإصبعا / يشكو إلى الله ويمري المدمعا
وأصبح القوم البطانُ جُوَّعا / وخشي الجائع أن لا يشبعا
يا من تناهى منظراً ومسمعا / جمال وجه وثناء أروعا
أفزعني الدهر فكن لي مفزعا / فكم تسمَّحتَ وكم تمنعا
وكم تحسنت وكم تشنَّعا / ولم يزل فضلك فيه مرتعا
للمقحطين الممحلين ممرعا / وكُبرُ ظني أن تقول مسمعا
لبيك لبيك لعاً ودَعْدَعا / بُدِّلت من بؤسك عيشاً خروعا
يشهد أني حافظٌ من ضيَّعا /
ولي أصدقاء كثيرو السلام
ولي أصدقاء كثيرو السلام / عليَّ وما فيهم نافعُ
إذا أنا أدلجت في حاجة / لها مطلب نازحٌ شاسعُ
فلي أبداً معهم وقفة / وتسليمة وقتها ضائع
وفي موقف المرء عن حاجة / تيممها شاغل قاطع
ترى كل غث كثير الفضو / ل مصحفُهُ مصحفٌ جامع
يقول الضمير له طالعا / ألا قُبِّح الرجل الطالع
يحدثني من أحاديثه / بما لا يلذ به السامع
أحاديث هن كمثل الضري / ع آكله أبداً جائع
غدوت وفي الوقت لي فسحة / فضاق بي المَهَلُ الواسع
تقدمت فاعتافني أسرُهُ / إلى أن تقدَّمني التابع
وفاتت بلقيانه حاجتي / ألا هكذا النكد البارع
أولئك لا حيُّهم مؤنسٌ / صديقاً ولا مَيتُهم فاجع
أأحمد لا والله لا ذقت فيشتي
أأحمد لا والله لا ذقت فيشتي / فإن شئت فانسبني إلى الخنث أو دعِ
أإياي تستغوي بما أنت قائل / طمعت لعمر الله في غير مطمع
ألا طالما حرضتني غير مُؤتلٍ / على استِكَ تحريضَ امرئ بيَ مولع
تحوم على أيري ولستَ تذوقه / ولو مت فاصبر للحكاك أو اجزع
فِطرٌ توسَّط يومه الأسبوعا
فِطرٌ توسَّط يومه الأسبوعا / وافقت فيه من السعود طلوعا
واهاً له فطر غدا بربيعه / وربيعك الغَدِق الحيا مربوعا
فالناس والأنعام طراً قد غدوا / في المرتعين الممرعَين رتوعا
وكأن فيه من فعالك سندساً / وكأن فيه من الرياض قطوعا
ما أفرح الملبوس من أيامنا / بك لا عُدِمتَ وأكسف المخلوعا
تتحسر الأيام عنك وكلُّها / تشكو فراقك آسفاً مفجوعا
رحل الصيام وشهره وكلاهما / لهج بذكرك ما يفيق نزوعا
ولقد تناجت بالرجوع مناهما / لو مُلِّكا بعد المضيِّ رجوعا
أقسمت بالشهر الذي أخضلته / بالجود والتقوى ندىً ودموعا
للبسته لبساً أطاب نسيمه / يا ابن الأطايب محتِداً وفروعا
وخلعتَه خلع العروس شعارها / قد ردَّعته من العبير ردوعا
أعبقته من طيب ريحك نفحةً / كادت تكون ثناءك المسموعا
لم لا يكون كذا وقد أُلبِستَه / فلبست فيه سكينة وخشوعا
وكددتَ فيه بالبكاء مدامعاً / وجهدتَ فيه بالزفير ضلوعا
ورفدت فيه كل أشعثَ بائسٍ / ما زال عن طلباته مدفوعا
أحييتَ في الشهر المبارك ليلَه / وفقيره وقتلت فيه الجوعا
بيد إذا قَسَتِ الأنامل فجَّرت / من كل أنملة لها ينبوعا
أنشأتَ تكحلُ بالهجوع معاشراً / بعد السهاد وما اكتحلت هجوعا
ما كان ليلك مذ أهل هلاله / إلا سجوداً كلُّه وركوعا
وطوى نهارك فيه صومٌ طاهرٌ / جعل المآثم محرما ممنوعا
صوم غدت عين الخنا مطروفة / فيه وراح لسانه مقطوعا
وتساجلت عيناك في آنائه / ويداك صوباً لا يزال هُمُوعا
جعل الإله عوارفاً أسديتَها / حللاً على ابنك في العلا ودروعا
هذي تزيِّنُه وتلك تُجِنُّهُ / من كل مكروه أحمَّ وقوعا
واسعد أبا سهل بعيدك نازلاً / فوق الحوادث منزلاً مرفوعا
في حيث تلقى أنف مجدك شامخاً / ويرى عدوُّك أنفه مجدوعا
وتبيتُ من قرع القوارع آمناً / ويبيت من يهوى رداك مروعا
أضحى أبو روح سليلك مورداً / أضحى بنو الآمال فيه شروعا
خِرقٌ له كف يكون سماحها / كرماً إذا كان السماح ولوعا
متكلِّف فوق الطباع مكارماً / سمَّينَه المتكلِّف المطبوعا
لولاه لم تلق النوال مفرَّقاً / أبداً ولا شَملَ العلا مجموعا
ما الطالبُ المخدوع طالب رفده / ووجدت طالب شأوه المخدوعا
عمر الإله بعمره في غبطة / خططاً تضيء بوجهه ورُبوعا
حتى ترى السادات أتباعاً له / وتراه مثلك سيداً متبوعا
أقسمت ما لقّيت ذلَّ مطالبٍ / كبراً ولا عز الزمان خضوعا
من كان عند المعضلات مضعَّفاً / أو كان عند المجحفات منوعا
فكم اجتديت فما وُجِدت مبخَّلاً / وكم امتُحِنتَ فما وُجدتَ جزوعا
أصبحت تحفظ كل مجد ضائعٍ / حفظاً كحفظك دينك المشروعا
وأراك نلت من الأمور أجلَّها / بدءاً وفزت بخيرها مرجوعا
ولقد أقول لسائلي عن مجدكم / غلب المصابيح الصباح سطوعا
لله سؤدد آل سهل سؤدداً / لم يمس مغموراً ولا مفروعا
قوماً تراهم يفتقون مكارماً / مرتوقة أو يرتقون صدوعا
لا يعدمون صنيعة مصنوعة / تهدي إليهم منطقاً مصنوعا
يعطون ما يعطونه وكأنما / يستودعون الأرض منه زروعا
من لم يزاول عرفهم ونكيرهم / لم يضح مشتاراً ولا ملسوعا
ولَما شهدتُ لهم بغير جليةٍ / ولما رفعتُ بقدرهم موضوعا
شفيعكِ من قلبي مكين مشفَّعُ
شفيعكِ من قلبي مكين مشفَّعُ / وحظك من ودي حريز ممنَّعُ
فلا تسأليني في هواك زيادةً / فأيسره مُرضٍ وأدناه مُقنعُ
لو انَّ ازديادي في الهوى ينقص الهوى / إذاً لخلا منه المحبُّون أجمع
كلانا ادعى أن الفضيلة في الهوى / له وكلانا صادق ليس يُدفَع
يقاسي المقاسي شجوه دون غيره / وكل بلاء عند لاقيه أوجع
وكنت ومالي في نهاريَ مؤنسٌ / ولا سكنٌ في الليل والناس هجَّعُ
أبيت رقيب الصبح حتى كأنني / أرجّي مكان الصبح وجهك يطلع
أصعِّد أنفاسي وأحدر عبرتي / بحيث يرى ذاك الإله ويسمع
ولولا مدى يوم لنفسي تفلَّتت / على إثر أنفاسي التي تتقطع
إلى الله أشكو لا إلى الناس إنما / مكان الشكايا من يضر وينفع
إن كنت صفعاناً وَلِي ضيعةً
إن كنت صفعاناً وَلِي ضيعةً / وأنت بَذْبَخْتُ ولا تُصفَعُ
فإنما تدعى إذا ضيعة / لأن من يملكها الأضيَعُ
هذا لعمري عجبٌ عاجبٌ / يا من قفاه منظر مَسمَعُ
لو صح ما قلت لكان الغنى / يضر والفقر الذي ينفع
دفعتُ من أمك في طيزها / إن كان ما قلت الذي يدفع
ويحك ما أسخاك من لابسٍ / أكل ما تلبسه تخلع
ما كل من كان له نحلةٌ / ينحلها الناس كما تصنع
يا ليت شعري لو سئلت وقد
يا ليت شعري لو سئلت وقد / أنشدت مدحي فيك من سمِعَهْ
ماذا أثبت عليه قائله / هل كنت تلقى في الجواب سِعَهْ
كلّا لأنك إن صدقت فقد / أقررت أنك أرضَعُ الرَضَعَهْ
ومتى كذبت فتلك شرهما / والإفك يجمع مأثماً وضعه
وإن استرحت إلى السكوت فما / لك فيه من لؤم الكرام دعه
أتراك توهمهم إذا سألوا / فسكت أمراً لا تُلام معه
كلّا ولكن يعلمون معاً / أن قد سلكت مسالك الخدعه
كتم اللسان عليك فاستمعت / فطنٌ لما جمجمت مستمعه
وكذا عقول ذوي العقول على / أسرار أهل الجهل مطَّلعه
قد كنت تبت من الهجاء فإن / شاء اللئام أعدتها جَذَعه
يا سامعاً بالأمس قينة خالدٍ
يا سامعاً بالأمس قينة خالدٍ / ولرب يوم في الخسار مضيَّعِ
نعم الغناء سمعت إلا أنه / نعم الشراب عليه دهن الخروع
ولي طيلسان ناحل غير أنه
ولي طيلسان ناحل غير أنه / ثَبوتٌ لهبات الرياح الزعازعِ
وما ذاك إلا أنه متهتِّكٌ / يخلّي سبيل الريح غير منازع
أراه كضوء الشمس بالعين رؤية / ويمنعني من لمسه بالأصابع
شكى ثقل اسم الطيلسان لضعفه / فسميته ساجاً فها ذاك نافعي
وقع الفراق وما يزال يروعني
وقع الفراق وما يزال يروعني / فكأن واقع شره متوقعُ
يا رُبَّ لهفانَ على صنيعَهْ
يا رُبَّ لهفانَ على صنيعَهْ / قصَّر فيها بيد مُضيعَهْ
وقد أتت سامعةً مطيعه / ثم ابتغاها صعبة منيعه
فلم يجدها المشتري مبيعه / وعظمت في فوتها الوضيعه
حتى إذا أعيت على الذريعه / عضَّ البنان عضة وجيعه
من حر ما لاقى من الفجيعه / يا ابن فراس إنها وديعه
أودعتنيها فدع الخديعه / ثم السلام وهي القطيعه
لا زلت ذا أحدوثة شنيعه / مقذوفة في أذن سميعه
تدعو إليك نقمةً سريعه /
عاصيتُ كل هوى مطاعِ
عاصيتُ كل هوى مطاعِ / وملكت قلبي بالزماعِ
ورعيتُ حقَّ مودتي / إذ لم أجدك لها بِراع
ونهيت نفسي عن هوا / ك فسمَّحَت بعد النزاع
فعلى مودتك السلا / م فإنه خير الوداع
وإذا تفرقت الفجا / ج بنا بفرقة لا اجتماع
ليس التضرع للهوى / من شيمة البطل الشجاع
فاذهب فقبلك ما سلو / تُ عن الشبيبة والرضاع