المجموع : 25
يا ناعس الطرف نومي كيف تمنعه
يا ناعس الطرف نومي كيف تمنعه / جفني تمنى الكرى بالطيف يجمعه
بينى وبينك سر لست مؤتمنا / عليه غير خيال منك أُطعمه
له حِفاظ ورأى في مواصلتي / وأنت بالهجر يا غدّار تولعه
ما ضر لو زار أجفاني ولي رمق / عساى بالرمق الباقي أشيعه
إن أنت لم تتعطف قلت لي رشا / يغار من طيفه السارى فيمنعه
يشكو إليك ويشكو منك منتحب / جرى دما من مغاني السعد مدمعه
إن جنَّه الليل أدمت خدّه يده / وأنهدّ من سورة الأشجان مضجعه
أبكي الصِباء رخيًّا من أعنته / جرى بنا لمدى اللذات يقطعه
صحا الفؤاد على آثار كبوته / إلا أمانيّ لا تنفك تخدعه
إذا تمثلته في اللب طار له / ورفرف القلب حتى خِفت يتبعه
أقول للنفس عنه لا أغالطها / مضى به زمن هيهات يرجعه
إذا صِبا المرء ولى غير مرتجع / فما له بالتصابي لا يودعه
أجَد للهو أثوابا وأخلقها / وموضع المجد من بُردَىَّ موضعه
طلبته يافعا حتى ظفِرت به / والمجد يجمل في الفتيان موقعه
في الغرب مغتربا والشرق ملتفت / مشنَّف بحفيظ الدر مسمعه
كن كيف شئت وخذ للعلم حفلته / فما وجدت كعلم المرء ينفعه
والشعر بالعلم والعرفان مقترنا / كالتبر زدت له ماسا ترصعه
فإن جمعت إلى حظيهما خلقا / فذلك الحظ إن فكرت أجمعه
ردّت الروح على المضنى معك
ردّت الروح على المضنى معك / أحسن الأيام يوم أرجعك
تَبعا كانت ورقَّا في النوى / وقليل للهوى ما أتبعك
إن يكن إثرك لم يهلك أسى / هو ملاك إليه أستشفعك
مر من بعدك ما روّعني / أتُرى يا حلو بُعدى روّعك
قمت بالبين وما جرعني / وحملت الشَّطر مما جرعك
كم شكوت البث يا ليل إلى / مطلع البدر عسى أن يُطلِعك
وبعثت الشوق في ريح الصَّبا / فشكا الحرقة مما أستودعك
لم تسل ما ليله ما ويله / وسألتُ الريح ماذا ضعضعك
مبدعا في الكيد والدل معا / لست أشكوك إلى من أبدعك
يا نعيمي وعذابي في الهوى / بعذولي في الهوى ما جَمَّعضك
بين عينيك وقلبي رحمة / نقلت عيناك لى ما أسمعك
أنت روحي ظلم الواشي الذي / زعم القلب سلا أو ضيّعك
موقعي عند لا أعلمه / آه لو يعلم عندي موقعك
نحن بانٌ ونسيم في الهوى / بك أغراني الذي بي أولعك
نحن في الحب الحميا والحيا / قد سقانيها الذي بي شعشعك
أرجفوا أنك شاك موجع / ليت بي فوق الضنى ما أوجعك
لو ترى كيف أستهلت أدمعي / لا رأت أمك يوما أدمعك
نامت الأعين إلا مقلة / تسكب الدمع وترعى مضجعك
وتحنت وتمنت أضلعي / لوفدت مما تلاقى أضلعك
بِيَ من جرحك ألف مثله / لا خلعُت السقم حتى يدعك
احتكم في الروح والمال وخذ / نور عينيَّ عسى أن ينفعك
دع ما يضرك والتمس ما ينفع
دع ما يضرك والتمس ما ينفع / واختر لنفسك ما يزين ويرفع
واسمع لقول العقل لا قول الهوى / إن الهوى لضلالة لا تتبع
واجعل شبابك من هواك بمأمن / إن الشباب هو العنان الأطوع
واعلم فقِدما للمالك فتِّحت / بالعلم أبواب السعادة أجمع
إن الشعوب إذا أرادوا نهضة / بذرائع العلم الصحيح تذرّعوا
وانظر بعين في الأمور جلية / لا تُثبت الأشياء عين تدمع
مما أَحب به الرجال بلادهم / أن يحسن الإنسان فيما يصنع
واحفظ على مصر السكينة إنها / روض بأفياء السكينة ممرع
وصن اليدين عن الدماء فإنها / في البغى أوخم ما يكون المرتع
الختل من خلق الذئاب وشهوة / في الرأس يركبها الجبان فيشجع
برىء العباد من الشرائع كلها / إن كان قتل النفس مما يرفع
لا تذكرنّ الحرب أو أهوالها / إلا بقلب خاشع يتوجع
واذرف على القلب الدموع فكلكم / في آدم أهل وآدم يجمع
للخلق صبيان كما لك صبية / ولهم لباس فارقوه ومضجع
واخرج من الحرب العوان بِعبِرة / إن العظات من الحوادث أوقع
إسمع حديث جُناتها وصلاتها / هل كان فيها للديانة موضع
المال باعثها الأثيم ولم تزل / تُردى المطامع ناسهن وتصرع
لما رمت دول المسيح بهولها / مشت اثنتان لها وهبت أربع
يتقاذفون وللكنائس هِزة / ويسوع ينظرو الزكية تسمع
والله يغضب والعناصر تبتلىِ / والسيف يضحك في الدماء ويلمع
نزل البلاء وحل طوفان دم / بالمسلمين سماؤه لا تقلع
كانوا بظل السلم لا بهلالهم / شر يراد ولا حماه مروع
لولا قضاء الله ما خاضوا الوغى / إن القضاء إذا أتى لا يُدفع
تلك العوان على الشديد شديدة / أين السيوف لمثلها والأدرع
ماذا اندفاع المسلمين بموقف / الغالب المنصور فيه مضعضع
حرب على حرب حنانك ربنا / لم يبق منا ما ينال المدفع
لا تأخذن بريئنا بمسيئنا / فالعدل كلٌّ حاصد ما يزرع
يا رب بالرسل الكرام بآلهم / باللوح والكرسى وهو المفزع
أدرك دماء الخلق إن دماءهم / سالت فوجه الأرض منها مترع
سبحت ببحر دمائهم أشلاؤهم / والأرض لا تَروَى ولا هي تشبع
زاد الأرامل واليتامي كثرةً / حتى لقد صعدت إليك الأدمع
يا رب هل تلك القيامة كلها / أم للقيامة بعد ذلك موقع
أعرني النجم أوهب لي يراعا
أعرني النجم أوهب لي يراعا / يزيد الرافعيين ارتفاعا
مكان الشمس أضوأ أن يُحلى / وأنبه في البرية أن يذاعا
بنو الشرق الكرام الوارثوه / خلال البر والشرف اليَفاعا
تأمل شمسهم ومدى ضحاها / تجد في كل ناحية شعاعا
قد اقتسموا ممالكه فكانت / لهم وطنا من الفصحى مشاعا
هم زادوا القضاء جمال وجه / وازدوا غُرة الفتيا ألتماعا
أبوا في محنة الأخلاق إلا / لياذا في العقيدة وأمتناعا
أووا شيبا وشبانا إليها / تخالهم الصحابة والتِّباعا
إذا أُسد الثرى شبعت فعفت / رأيت شبابهم عفّوا جياعا
فلم تر مصر أصدق من أمين / ولا أفوى إذا ريعت دفاعا
فتى لم يعط مِقوده زمانا / شرى الاحرارَ بالدنيا وباعا
عظيم في الخصومة ما تجنى / ولا ركب السباب ولا القذاعا
تمرّس بالنضال فلست تدرى / أأقلاما تناول أم نباعا
ويابن السابق المزرى أرتجالا / بروّاض القصائد وابتداعا
أما يكفى أباك السبق حتى / أتى بك أطول الشعراء باعا
شدا الحادى بشعرك في الفيافي / وحركت الرعاة به اليراعا
وفات الطير ألفاظا فحامت / على المعنى فصاغته صناعا
إذا حضر البلابَل فيه لحنٌ / تبادرت الحمام له استماعا
مشى لُبنان في عرس القوافي / وأقبل ربوة واختال قاعا
وهز المنكبين لمهرجان / زها كالباقة الحسنى وضاعا
وأقبلت الوفود عليه تترى / كسرب النحل في الثمرات صاعا
غدا يزجى الركاب وراح حتى / أظل دمشق وانتظم البقاعا
ترى ثَم القرائح والروابي / تبارين افتنانا واختراعا
ربيع طبيعة وربيع شعر / تخلل نفح طِيبِهما الرباعا
كأنك بالقبائل في عكاظ / تجاذبت المنابر والتلاعا
بنت ملكا من الفصحى وشادت / بوحدتها الحياة والاجتماعا
فعادت أمة عجبا وكانت / رعاة الشاء والبدو الشعاعا
أمير المهرجان وددت أنى / أَرى في مهرجانك أو أراعى
عدت دون الخفوف له عواد / تحدَّين المشيئة والزَّعاما
وما أنا حين سار الركب إلا / كباغي الحج همَّ فما استطاعا
أقام بغبنه لم يقض حقا / ولا بلّ الصبابة والنزاعا
طرابلس أنثنِى عِطفي أديم / وموجى ساحلا وثبى شراعا
كسا جنباتك الماضي جلالا / وراق عليه مِيسمه وراعا
وما من أمس للاقوام بد / وإن ظنوا عن الماضي انقطاعا
ألم تسقي الجهاد وتطعميه / وتحمى ظهره حقبا تباعا
شراعك في الفِنيقيين جلَّى / وذكرك في الصليبين شاعا
كأنى بالسفين غدت وراحت / حيالك تحمل العلم المطاعا
صلاح الدين يرسلها رياحا / وآونة يصففها قلاعا
أليس البحر كان لنا غديرا / وكانت فلكنا البجع الرتاعا
غمرنا بالحضارة ساحليه / فما عيَّا بحائطها اضطلاعا
توارثناه أبلج عبقريا / ذلول المتن منبسطا وساعا
ترى حافاته انفجرت عيونا / ورفت من جوانبه ضياعا
فما زدنا الكتاب الفخم حرفا / ولا زدنا العصور الزُهر ساعا
قعدنا معقد الآباء منه / فكنا البَهم قد خلف السباعا
كأن الشمس مسلمة اصابت / عفيفا في طيالسه شجاعا
تَحَجَّبُ عن بحار الله حتى / إذا خطرت به نضت القناعا
وما رأت العيون أجل منها / على أجزاء هيكله اطلاعا
فما كشروقها منه نعيما / ولا كغرو بها فيه متاعا
هذا ما دِرٌ
هذا ما دِرٌ / الجوع يا أخي ولا الأكل معه
لقد دعاني للغذاء مرة / فقسم البيضة بين أربعة