المجموع : 44
وفي ذاتِ السلاسلِ من سُلَيْمٍ
وفي ذاتِ السلاسلِ من سُلَيْمٍ / غداةَ أتاهمُ الموتُ المُبيرُ
وقد هَزموا أبا حفصٍ عميراً / وصاحبَهُ مِراراً فاستُطيروا
وقد قَتلوا من الأنصارِ رهطاً / فحلّ النَّذرُ أو وجبتْ نُذورُ
أزار الموتَ مشيخةً ضِخاماً / جَحاجحةً تُسدُّ بها الثغورُ
وعمرو قد سُقي كأساً بِسَلْعٍ / أقبُّ كأنّه أسدٌ مُغيرُ
فنادى هل بذي حَسَبٍ بِرازٌ / وهل عندَ امرئٍ حرٍّ نكيرُ
وصيُّ محمدٍ وأمينُ غيبٍ / ونعمَ أخو الإمامةِ والوزيرُ
إذا ما آيةٌ نَزلت عليه / يَضيقُ بها من القومُ الصُّدورُ
وعاها صدرُهُ وحنت عليها / أضالِعُهُ وأحكَمَها الضميرُ
هما أخَوان ذا هادٍ إلى ذا / وذا فينا لأُمّته نذيرُ
فأحمدُ منذرٌ وأخوه هادٍ / دليلٌ لا يَضِلُّ ولا يَحيرُ
كسابقِ حَلبةٍ وله مَظَلٌّ / أمامَ الخيلِ حيثُ يَرى البصيرُ
تباشَرَ أهلُ تَدمرَ إذ أتاهمْ
تباشَرَ أهلُ تَدمرَ إذ أتاهمْ / بأمر أميرنا لهمُ بَشيرُ
ولا لأميرِنا ذنبٌ إليهم / صغيرٌ في الحياةِ ولا كَبيرُ
سوى حُبِّ النبيِّ وأقرَبيه / ومولاهُم بِحُبَّهمُ جديرُ
وقالوا لي لكيما يَحزُنوني / ولكن قولهم إفك وزُورُ
لقد أمسى أخوكَ أبو بجيرٍ / بمنزلةٍ يُزار ولا يَزورُ
وظلّت شيعةُ الهادي عليّ / كأنَ الأرض تحتهمُ تَمورُ
فبِتُّ كأنّني مَما رَموني / به في قِدِّ ذي حَلَقٍ أسيرُ
كأنَّ مَدامعي وجفونَ عَيني / تُوخَّزُ بالقَتاد فهنَّ عُورُ
أقول عليَّ للرحمنِ نَذر / صحيحٌ حيث تُحتبسُ النُّذورُ
بمكّةَ إن لِقيتُ أبا بُجيْرٍ / صَحيحاً واللّواءُ له يَسيرُ
شَرُفتْ بكَ الأرض البسيطةُ بعدَما
شَرُفتْ بكَ الأرض البسيطةُ بعدَما / أُسكنِتَها وتجلّتِ الأقطارُ
فالأرضُ حيثُ أقمت فيها جَنّة / والأرضُ حيثُ رحلتَ عنها نارُ
إنّي امرُؤٌ من حِمْيَرٍ أسرتي
إنّي امرُؤٌ من حِمْيَرٍ أسرتي / بحيث تَحوي سَروَها حِمْيرُ
آليتُ لا أمدحُ ذا نائلٍ / له سناءٌ وله مَفْخَرُ
إلا من الغِرّ بني هاشمٍ / إن لهم عِندي يداً تُشكَرُ
إنّ لهم عندي يداً شُكرُها / حَقٌّ وإن أنْكَرَها مُنْكِرُ
يا أحمدَ الخيرِ الذي إنّما / كان علينا رحمةً تُنْشَرُ
حمزةُ والطيارُ في جنّةٍ / فحيث ما شاءَ دعا جعفرُ
منهم وهادينا الذي نحن مِن / بعدِ عَمانا فيه نَستبصرُ
لما دَجا الدَّينُ ورقَّ الهُدى / وجارَ أهلُ الأرضِ واستكبروا
ذاك عليّ بن أبي طالبٍ / ذاك الذي دانت له خَيبَرُ
دانَتْ وما دانت له عَنوة / حتى تَدهدى عرشُهُ الأكبرُ
ويومَ سَلْعٍ إذ أتى عاتِياً / عمرُو بن عبدِ مصلِتاً يَخْطُرُ
يَخطُرُ بالسيف مُدِلاً كما / يَخطُرُ فحلُ الصِرَمةِ الدوْسَرُ
إذ جَلل السيفَ على رأسِهِ / أبيضَ عَضباً حدُّه مُبْتِرُ
فخرّ كالجِذع وأوداجُه / ينصبُّ منها حَلَبٌ أحْمَرُ
يَنفث من فيه دماً مُعَجَلاً / كأنّما ناظِره العُصْفُرُ
أفي رسمِ دارٍ إذ وقفَت به قفِر
أفي رسمِ دارٍ إذ وقفَت به قفِر / جَرى لك دمعٌ كالجُمانِ من القَصرِ
ولكنّه أصفى عليّاً وجَعفراً
ولكنّه أصفى عليّاً وجَعفراً / وحمزةَ للهادي المبشَّرِ بالنّصرِ
هم بارزوا الأعداءَ واستوردوا الوغى / بِبدرٍ وما يومٌ بأعظمَ من بدرِ
وشارون من أولاد عمرِو بن عامرٍ / من الأَزد أهل العِزّ والعددِ والدَّثْرِ
ولا يذكروا من كانَ في الحربِ خامِلاً / بَعيدَ مَقامٍ لا يَريشُ ولا يَبري
ومن غَيُّه أغرى بآلِ محمد / وشانَ من يَغدو عليهم ومن يُغْري
ولكنّني أهوى عليّاً وجَعفراً / وحمزةَ والعبّاسَ أهلَ النَّدى الغمرِ
أناس بهم عزّتْ قريشٌ فأصبحت / بهم بعد عُسر في رخاءٍ وفي يُسرِ
ملوكٌ على شرقِ البلادِ وغربِها / أمورهمُ في البرِّ تجري وفي البحرِ
مع العزِّ بالدين الذي أنقذوا به / من النارِ لو كانت قريشٌ ذوي شُكرِ
ولكنّهم خانوا النبيَّ وأَسّسوا / أمورَهمُ في المسلمينَ على كُفْرِ
أجاءَ نبيُّ الحقِّ من آلِ هاشمٍ / لتملكَ تيمٌ دونَهم عُقدةَ الأمرِ
وتصرفُ عن أهلٍ أُتمّ أمورِها / وتملِكُها بالغَصْبِ منهم وبالقَسرِ
أفي حكمِ من هذا فنسمعُ حكمَه / لقد صار عرفُ الدينِ منهمْ إلى نُكْرِ
فقالَ له قد كان عيسى بنُ مريمٍ
فقالَ له قد كان عيسى بنُ مريمٍ / بزعمك يُحيي كلَّ مَيْتٍ ومُقْبَرِ
فماذا الذي أُعطيتَ قال محمدٍ / لمثلِ الذي أُعطيه إنْ شئتَ فانظِرِ
إلى مثلِ ما أعطي فقالوا لكفرِهم / إلا أرِنا ما قلتَ غيرَ مُعذَّرِ
فقال رسولُ الله قمْ لوصيِّه / فقامَ وقِدماً كانَ غيرَ مُقَصِّرِ
وردّاه بالمِنجابِ والله خَصّه / وقال اتبعوهُ بالدعاء المبرَّرِ
فلمّا أتى ظَهرَ البقيعِ دعا بهِ / فَرَجَّت قُبورٌ بالوَرى لم تُغَيَّرِ
فقالوا له يا وارثَ العلم أعفِنا / ومُنَّ علينا بالرّضى منك واغفِرِ
وفاطمُ قد أوصَتْ بأنْ لا يُصلِّيا
وفاطمُ قد أوصَتْ بأنْ لا يُصلِّيا / عليها وأن لا يَدنوا من رَجا القبرِ
عليّاً ومِقداداً وأن يخرجوا بِها / رويداً بِلَيْلٍ في سكوتٍ وفي سَترِ
وليلةَ كادَ المشركون محمداً
وليلةَ كادَ المشركون محمداً / شَرى نفسَه للهِ إذ بِتَّ لا تَشري
فباتَ مَبيتاً لم يكن لِيبيتَه / ضعيفُ عمودِ القلبِ منتفخُ السِّحرِ
يا أهلَ كوفانَ إنّي وامقٌ لكمُ
يا أهلَ كوفانَ إنّي وامقٌ لكمُ / مذ كنتُ طِفلاً إلى السبعين والكِبَرِ
أهواكمُ وأواليكمْ وأمدحُكمْ / حتماً عليَّ كمحتوم من القَدَرِ
لِحبُكم لوصيِّ المصطفى وكفى / بالمصطفى وبهِ من سائرِ البَشَرِ
والسيِّدِين أولي الحسنى ونجلِهم / سمِّي من جاءَ بالآياتِ والسورِ
هو الإمام الذي نَرجو النجاةَ بهِ / من حرِّ نارٍ على الأعداءِ ستعرِ
كتبتُ شعري إليكم سائلاً لكمُ / إذ كنت أُنقل من دارٍ إلى حُفَرِ
أن لا يليني سِواكم أهلُ بَصرَتِنا / الجاحِدون أو الحامون للبَدرِ
ولا السلاطينُ إن الظلم حالفَهمْ / فَعُرفُهم صائرٌ لا شكّ للنُّكُرِ
وكفّنوني بَياضاً لا يخالِطُه / شيءٌ من الوشيِ أو من فاخِر الحِبَرِ
ولا يُشيّعني النُصّابُ إنّهم / شرُّ البريةِ من أُنثى ومن ذَكَرِ
عسى إلالهُ يُنجّيني برحمتِهِ / ومدحيَ الغررِ الزاكينَ من سَقَرِ
يا من غدا حامِلاً جثمانَ سَوَّار
يا من غدا حامِلاً جثمانَ سَوَّار / مِن دارِه ظاعناً منها إلى النارِ
لا قدّسَ الله رُوحاً كان هيكلَها / لقد مضت بعظيمِ الخِزي والعارِ
حتى هوت قعرَ بُرهوتٍ معذّبةً / وجسمُه في كنيفٍ بين أقذارِ
لقد رأيتُ من الرحمن مُعجِبةً / فيه وأحكامه تَجري بمقدارِ
فاذهبْ عليكَ من الرحمنِ بَهلَتُه / يا شرَّ حيٍّ براه الواحدُ الباري
يا مُبغضاً لأمير المؤمنين وقد / قال النبيُّ له من دون إنكارِ
يومَ الغدير وكلُّ الناسِ قد حَضروا / من كنتُ مولاه في سرٍّ وإجهار
هذا أخي ووصيِّي في الأمور ومن / يَقوم فيكم مَقامي عند تَذكاري
يا ربِّ عاد الذي عاداه من بَشَرٍ / وأصلِهِ في جحيمٍ ذاتِ أَسعارِ
وأنت لا شكَّ عاديتَ إلالهَ بهِ / فيا جَحيمُ ألا هُبيّ لِسوّارِ
قل للإمامِ الذي يُنجي بطاعتِهِ
قل للإمامِ الذي يُنجي بطاعتِهِ / يومَ القيامة من بُحبوحةِ النارِ
لا تستعيننْ جزاكَ الله صالحةً / يا خيرَ من دَبّ في حُكمٍ بسوّارِ
لا تستعن بخبيثِ الرأيِ ذي صَلَفٍ / جمِّ العيوبِ عظيمِ الكبرِ جَبّارِ
تُضحي الخصومُ لديهِ من تَجبُّرِه / لا يَرفعونَ إليه لحظَ إِبصارِ
تيهاً وكبراً ولولا ما رفعتَ له / من ضَبعِه كان عينَ الجائع العاري
لَشَربةٌ من سَويقٍ عندَ مَسْغَبةٍ
لَشَربةٌ من سَويقٍ عندَ مَسْغَبةٍ / وأكلةٌ من ثريدِ لحمُه واري
أشدُّ مّما رَوى حبّاً إليَّ بنو / قيسٍ ومّما رَوى صلتُ بنُ دينارِ
ممّا رَواه فلان عن فلأنِهم / ذاكَ الذي كان يَدعوهم إلى النارِ
قد ضيّع اللهُ ما جمّعتُ من أدبٍ
قد ضيّع اللهُ ما جمّعتُ من أدبٍ / بين الحميرِ وبين الشاءِ والبقرِ
لا يسمعونَ إلى قول أجيءُ بهِ / وكيفَ تَستمعُ الأنعامُ للبَشَرِ
أقولُ ما سَكتوا إنسٌ فإن نَطقوا / قلتُ الضفادعُ بين الماء والشَّجَرِ
ألم يصلّ عليٌّ قبلَهم حِججاً
ألم يصلّ عليٌّ قبلَهم حِججاً / ووحّدَ الله ربَّ الشمسِ والقمرِ
وهؤلاء ومن في حزبِ دينهمِ / قومٌ صلاتُهم للعودِ والحَجَرِ
من كانَ معتذِراً من شتمِه عمراً
من كانَ معتذِراً من شتمِه عمراً / فابنُ النجاشيِّ منهُ غيرُ مُعتَذرِ
وابنُ النجاشِي بَراءٌ غيرَ محتشمٍ / في دينِه من أبي بكرٍ ومن عمرِ
واختل من طلحة المزهو جبته
واختل من طلحة المزهو جبته / سهم بكف قديم الكفر غدار
في كف مروان مروان اللعين أرى / رهط الملوك ملوكاً غير أخيار
وأول مؤمنٍ صلَّى وزَكّى
وأول مؤمنٍ صلَّى وزَكّى / بخاتَمهِ على رَغمِ الكُفورِ
وقد وجبَ الولاءُ له علينا / بذلك في الجِهار وفي الضَّميرِ
وأخبرنا الإلهُ بما وَقاهمْ / ولقَّاهم هناك من السُّرورِ
وأكرمهم لِما صبروا جميعاً / بجنّابٍ وألوانِ الحريرِ
فلا شمساً يَرون ولا حَميماً / ولا غَسّاقَ بين الزمهريرِ
ذاك قيمُ النارِ من قِيلُهُ
ذاك قيمُ النارِ من قِيلُهُ / خُذي عدوّي وذَري ناصِري
ذاك علي بن أبي طالبٍ / صهرُ النبيّ المصطفى الطاهرِ
حدّثنا وهبٌ وكان امرأ / يَصدق بالمنطقِ عن جابرِ
أنّ عليّاً عاينَ المصطفى / ذا الوحيِ من مُقتَد قادِرِ
عاينَه من جوعِه مُطِرقاً / صلّى عليه اللهُ من صابرِ
وظلَّ كالوالِه مّما رأى / بِصِهرِه ذي النسب الفاخرِ
يجولُ إذْ مرّ بذي حائطٍ / يَسقي بدلوٍ غير مستأجِرِ
قال له ما أنتَ لي جاعلٌ / بكلّ دلوٍ مُترَعٍ ظاهرِ
فقال ما عندي سوى تمرةٍ / بكلّ دلوٍ غيرَ ما غادرِ
فأترع الدلَو إمامُ الهدى / يَسقي به الماءَ من الخاسرِ
حتى استقى عشرينَ دلواً على / عَشر بقولِ العالِمِ الخابِرِ
ثم أتى بالتمرِ يَسعى به / إلى أخيه غيرَ مستأثِرِ
فقال ما هذا الذي جئتَنا / به هداكَ اللهُ من زائرِ
فاقتصَّ ما قد كان من أمرِه / في عاجلِ الأمر وفي الآخر
فضمَّه ثم دعا ربَّه / له بخيرٍ دائمٍ ما طِرِ
قولا لسّوارٍ أبي شملةٍ
قولا لسّوارٍ أبي شملةٍ / يا واحداً في النَوْك والعارِ
ما قلتُ في الطير خلافَ الذي / رويتَه أنت بآثارِ
وخبر المسجدِ إذ خصَّه / محلَّلا من عَرصة الدارِ
إن جُنُباً كان وإن طاهِراً / في كلّ إعلانٍ وإسرارِ
وأخرج الباقين منه معاً / بالوحي من إنزالِ جَبَّارِ
حُبّاً عليّاً وحُسيناً معاً / والحَسَن الطُهرَ لأطهارِ
وفاطماً أهلَ الكساءِ الأولى / خُصّوا بإكرامٍ وإِيثارِ
فمبغضُ الله يَرى بُغضَهم / يَصيرُ للخِزيِ وللنّارِ
عليهِ من ذي العرشِ في فعلِه / وسمٌ يراه الغائبُ الزاري
وأنت يا سوّار رأسٌ لهم / في كلِّ خِزي طالبُ الثارِ
تَعيب من آخاهُ خيرُ الورى / من بين أطهارٍ وأخيارِ
وقال في خُمِّ له معلِناً / ما لم يُلقّوْه بإِنكارِ
من كنتُ مولاه فهذا له / مَولىً فكونوا غيرَ كفَّارِ
فعوِّلوا بعدي عليهِ ولا / تَبغوا سرابَ المهمِهِ الجاري
من كنتُ مولاهُ فهذا له / مَولىً فلا تَأبوا بتكفارِ
جاروا على أحمدَ في جارِه / واللهُ قد أوصاهُ بالجارِ
هو جارُه في مسجدٍ طاهرٍ / ولم يكن من عَرصة الدارِ
أربى بما كان وأربى بما / في كلّ إعلانٍ وإسرارِ
وأخرجَ الباقين منهُ معاً / بالوحيِ من إنزال جَبَّارِ