القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الملك الأَمجَد الكل
المجموع : 28
يُؤرَّقُني حنينٌ وادكارُ
يُؤرَّقُني حنينٌ وادكارُ / وقد خلتِ المرابعُ والديارُ
تناءى الظاعنونَ ولي فؤادٌ / يسيرُ مع الهوادجِ حيث ساروا
حنينٌ مثلَما شاءَ التنائي / وشوقٌ كلَّما بَعُدَ المزارُ
وليلٌ بعدَ بينهمُ طويلٌ / فأين مضتْ لياليَّ القِصارُ
ومذ حكمَ السهادُ على جفوني / تساوى الليلُ عندي والنهارُ
فمَنْ ذا يستعيرُ لنا عيوناً / تنامُ ومَنْ رأى عيناً تعارُ
سهادي بعدَ نأيهمُ كثيرٌ / ونومي بعدما رحلوا غِرارُ
فكيف أرومُ بعدهمُ اصطباراً / وقد عُدِمَ التصبرُ بالقرارُ
فلا ليلي له صبحٌ منيرٌ / ولا وجدي يُقالُ له عِثارُ
وكم من قائلٍ والحيُّ غادٍ / يُحَجِّبُ طعنَهُ النفعُ المثارُ
وقوفُكَ في الديارِ وأنتَ حيٌّ / وقد بَعُدَ الخليطُ عليكَ عارُ
ولمّا لاحَ برقُ الكأسِ ليلاً / ومِن سُدَفِ الظلامِ له صِدارُ
وقد جُلِيَتْ عروسُ الراحِ فيه / بليلٍ والنجومُ لها نِثارُ
وأعملَتِ الكؤوسُ فقالَ قومٌ / بدا لالأؤها لهم فحاروا
أخمرُ في الزجاجِ تدارُ وَهْناً / على النُّدماءِ أم في الكأْس نارُ
مُدامٌ نستطيرُ بها سروراً / متى طَفِقَتْ زجاجتُها تدارُ
عُقارٌ مثلُ ذوبِ التبرِ صرفٌ / يهانُ لعزِّ نشوتِها العِقارُ
اِذا برزتْ تَرقرَقُ في الأواني / خشينا أن يطيرَ لها شرارُ
لها حَبَبٌ علاها مِن لُجينٍ / وتحت شِباكهِ منها نُضارُ
كأنَّ لطائماً في الشَّرْبِ باتتْ / تُذبِّحُ فارَهُنَّ لنا التِّجارُ
فباكِرْها على زَهَراتِ روضٍ / يُغَنِّي في جوانبهِ الهَزارُ
فأيامُ الشبيبةِ والتصابي / على الانسانِ ثوبٌ مستعارُ
سقى أهلَ العقيقِ واِنْ تناءوا / دموعي فَهْيَ بعدَهمُ غِزارُ
واِنْ بَخِلَتْ غوادي السُّحبِ يوماً / فسحبُ الدمعِ مُثْقَلَةٌ عِثارُ
واِنْ نصبَ القِطارُ فِانَّ دمعي / له في كلِّ ناحيةٍ قِطارُ
وربَّ هلالِ ليلٍ بتُّ وهناً / أسايرُه كما انعطفَ السِّوارُ
على هوجاءَ ناحلةٍ برتني / وِايّاها المهامِهُ والقفارُ
لها في كلِّ مُضطرَبٍ ذميلٌ / ولي في كلِّ داجيةٍ منارُ
أُعلِّلهُا إذا لغبتْ بشعرٍ / عليه للهوى أبداً شِعارُ
قريضٌ ما تدفَّقَ بحرُ فكرى / به إلا تضاءلتِ البحارُ
اِذا أنشدتُه خفَّتْ حلومٌ / يُرجِّحُها السكينةُ والوقَارُ
يُذَرِّبُهُ كما أهوى لسانٌ / تُسَنُّ على مضاريهِ الشِّفارُ
له نسبٌ إلى العَرَبِ البوادي / يُصدِّقُه اختبارٌ واختيارُ
يفوحُ الشيحُ منه كلَّ وقتٍ / ويَنفَحُ مِن جوانبهِ العَرارُ
ففكري تقصرُ الأفكارُ عنه / وشِعري لايُشَقُّ له غبارُ
أسروا قلبي ودمعي أطلقوا
أسروا قلبي ودمعي أطلقوا / أطلقوا دمعي وقلبي أسروا
هجروا ظلماً وصدُّوا عَنَتاً / عَنَتاً صدُّوا وظلماً هجروا
لا تُخدَعنَّ فتصطفي لكَ صاحباً
لا تُخدَعنَّ فتصطفي لكَ صاحباً / شرَّ الورى نفساً وأخبثَ عنصرا
لَؤمَتْ مغارسُ أصلِه فتكدَّرتْ / نُطَفُ الاِخاءِ بمثلِه وتكدَّرا
يُبدي لكَ الملق الشهي حديثه / وتراه صِلاً مِن ورائكَ أبترا
لا يأتلي بالأوابدِ قاصداً / طبع غدا لابن اللئيمة لمبكرا
ومُطفلٍ سنحتْ في القاعِ ناشدةً / ظبياً لها ضلَّ بينَ الضّالِ والسَّمُرِ
نأتْ نفاراً وداراً مشبهةٌ / ليلى وقد سُمْتُها وصلاً على غررِ
كتابُكَ كالروضِ الذي فاحَ نشرُه
كتابُكَ كالروضِ الذي فاحَ نشرُه / وفاضتْ به الغدرانُ وابتسمَ الزهرُ
ففي كلَّ سمعِ منه شنْفٌ مرصَّعُ / وفي كلَّ قطرٍ مِن تأرُّجِه عِطُرُ
فللّهِ ما تحوي السطورُ التي به / كأنَّ رياضّ الحَزْنِ ما قد حوى السَّطْرُ
ما الدمعُ بعدَ نوى الأحبَّةِ عارُ
ما الدمعُ بعدَ نوى الأحبَّةِ عارُ / فاِلامَ صبرُكَ والمطيُّ تثارُ
هل بعدَ تَرحالِ المطيَّ عنِ الحِمى / صبرٌ على ألَمِ النوى وقرارُ
كلُّ الخطوبِ على الفراقِ عُلالةٌ / فدعِ الدموعَ تفيضُ وهي غِزارُ
لا تَمنعَنْ حَذَرَ الوشاةِ أتيتَّها / فُهِمَ الغرامُ وذاعتِ الأسرارُ
قفْ بي على الأطلالِ أَندُبُ ما عَفا / منهنَّ وهي مِنَ الأنيسِ قِفارُ
دِمَنٌ أنارَ الوصلُ في أرجائها / ونَوارُ إلا عن هوايَ نَوارُ
تلكَ الديارُ فلا عدا أطلالَها / مِن سُحْبِ جفني دِمةٌ وقِطارُ
ما زلتُ في عرصاتهنَّ بأهلِها / جَذِلَ الفؤادِ وللسرورِ ديارُ
ربعٌ بلغتُ به نهاياتِ المنى / والقومُ لي قبلَ الرحيلِ جِوارُ
أيامَ كنتُ مِنَ الشبيبةِ رافلاً / في فضلِ بُردٍ ما أراه يعارُ
بُردٍ عليه من الشبابِ طَلاوةٌ / ذهبتْ برونقِ حسنهِ الأعصارُ
حتى بدا وَضَحُ المشيبِ فلم يَرُقَ / في العيشِ منه سكينةٌ ووَقارُ
ولربَّ روضٍ بتُّ مشغوفاً به / في جانبيهِ شقائقٌ وبَهارُ
رقمتْ يدُ الأنوارِ وشيَ بساطِه / فغدا به يَتبرجُ النُّوّارُ
وسرى النسيمُ على ثراهُ معطَّراً / فكأنَّما في تربهِ عطّارُ
صدحَ الحمامُ على غصونِ أراكهِ / سحراً وجاوبهنَّ فيه هَزارُ
نكَّبتُ عنه وقد ترحَّحَ سُحرةً / أهلُوه عن تلكَ الرياضِ فساروا
وعزفتُ عنه وفي الفؤادِ لبينهم / عنهم وعنّي جاحِمٌ وشَرارُ
والنومُ مذ رحلَ الخليطُ عنِ الحِمى / ونأى الحبائبُ بعدهنَّ غِرارُ
وأما وأيامٍ بهنَّ قصيرةٍ / ذهبتْ ففي قلبي لهنَّ أُوارُ
أيامِ وصلٍ كلُّهنَّ أصائلٌ / وزمانِ لهوٍ كلُّهُ أسمارُ
لا ملتُ عن سننِ المحبَّةِ بعدما / قد شابَ فيها لِمَّةٌ وعِذارُ
يا صاحبيَّ شكايةٌ مِن وامقٍ / أفناهُ من بعدِ النوى التَّذْكارُ
لم أنسَ قولَكُما غداةَ مُحَجَّرٍ / والعيسُ قد شُدَّتْ لها الأكوارُ
لكَ في المنازلِ كلَّ يومٍ مقلةٌ / عبرى وقد شطَّتْ بهنَّ الدارُ
وهوًى يُثيرُ لكَ الغرامَ ونارُه / بين الربوعِ العذلُ والآثارُ
وهلِ الهوى إلا فؤادٌ خافقٌ / حذرَ الفراقِ ومدمعٌ مدرارُ
وحنينُ مسلوبِ القرارِ يكادُ مشن / مرَّ النسيمِ على الحبيبِ يَغارُ
ولكم سمعتُ الوجدَ يُنشِدُ أهلَه / لو كان يُغني في الغرامِ حذارُ
أمّا الغرامُ ففي ليالي هجرِه / طولٌ وأيامُ الوصالِ قصارُ
وكذاكَ صبحُ الشيبِ ليلٌ مثلما / ليلُ الشبيبةِ في العيونِ نهارُ
ذهبَ الشبابُ ولا أراه يزورُني / بعدَ الذَّهابِ ولا أراه يُزارُ
زمنٌ عليه مِنَ الشبيبةِ رونقٌ / وقفتْ أمامَ رُوائِه الأبصارُ
مَنْ لي بِرَيَّقِ عصرِه وزمانِه / واليه مِن دونِ العصورِ يشارُ
فله إذا ظُلَمُ الصدودِ تكاثفتْ فيها / واِن كره العذولُ منارُ
ولخمرِ شِعري في العقولِ تسرُّعٌ / ما نالَ أيسرَ ما يَنالُ عقارُ
شعرٌ إذا ما أنشدُوه كأنَّما / كأسُ المُدامةِ في لنديَّ تدارُ
فالشَّعرُ ما بين البريَّةِ معصمٌ / وعليه من هذا القريضِ سِوارُ
شَجَرٌ ليَ الفينانُ مِن أغصانِه / وله المعاني الناصعاتُ ثمارُ
مِن كلَّ قافيةٍ بعيدٍ أن يُرى / يومَ الرَّهانِ لشأوهنَّ غبارُ
فيها يُنالُ مِنَ الثوابِ عظائمٌ / وبها يُقالُ مِنَ الذنوبِ عثارُ
جمحتْ على الخُطّابِ فهي عزوفةٌ / وبها اِباءٌ عنهمُ ونِفارُ
ولها الخَيارُ ولا خَيارَ لغيرِها / في كلَّ ما تهوى وما تختارُ
فنشيدُها طربُ الحُداةِ وذكرُها / للَّيلِ يقطعُهُ بها السُّمارُ
قفْ بي على منزلٍ بالربعِ قد دَثَرا
قفْ بي على منزلٍ بالربعِ قد دَثَرا / أبدى الزمانُ لنا في طيَّهِ عِبَرا
أين الأحبَّةُ قد كانت وجوهُهمُ / حسناً تُخَجَّلُ فيه الشمسَ والقمرا
وقفتُ فيه فلم ألمحْ لهم أثراً / بين الطلولِ ولم أسمعْ لهم خَبَرا
أحبَّةٌ كان مستوراً حديثُهمُ / حتى تطاولَ عمرُ البينِ فاشتهرا
لولاهمُ ما نهاني الوجدُ مقتدراً / عما يحاولهُ منّي ولا امَرا
أجَّجتُ نارَ غرامي في ملاعبهِ / بفائضِ الدمعِ في الأطلالِ فاستقرا
وأَخْجَلَتْ سُحُبُ الجفانِ هاطلةً / سُحْباً حملنَ لسُقيا تُربهِ المطرا
يا ربعُ قد كنتَ لي قبلَ النوى وطناً / بلغتُ فيكَ على رغمِ العِدى وَطَرا
أشكو إليكَ نوًى باتتْ تُؤرّقُني / وكنتُ مِن قبلِها لا أعرفُ السَّهَرا
ما لي ومالكَ قد جدَّدتُ لي شَجَناً / بالراحلينَ وقد أحدثتَ لي ذِكّرا
عُلالةً أشكتي ما بي إلى طللٍ / مثلي عليه دليلُ الشوقِ قد ظهرا
نهنهتُ دمعي وخاطبتُ الديارَ أسًى / حتى إذا لم يُجبني رسمُهنَّ جرى
ونحتُ في جنباتِ الربعِ مِن وَلَهٍ / شوقاً فكدتُ به أستنطقُ الحجرا
وهبَّ معتلُّ أنفاسِ النسيمِ على / تلكَ الرياضِ بليلاً نشرُه عَطِرا
منازلٌ طابَ نفّاحُ النسيمِ بها / وطابَ سكانُها قِدْماً فطِبنَ ثرى
تلكَ الديارُ سقاها الدمعُ مُنبجِساً / شؤبوبُه دائمَ التسكابِ منهمرا
وبارقٍ ما روتْ ليلاً شرارتُه / اِلاّ وقابلَ مِن وجدي بكم شررا
ضاءَ الظلامَ وقد كانتْ ذوائبُه / في الأفقِ عاقدةً مِن شَعرِه طُرَرا
فما خَبا البرقُ إلا مِن زِنادِ هوًى / ما بين جنبَّي أبدى نُورَه وورى
وزارني طيفُ مَن أهوى زيارتَه / حتى إذا ما رآني ساهراً نَفَرا
سرى اليَّ ودونَ الملتقى قَذَفٌ / في الليلِ يركبُ من أهوالِه الخَطَرا
عجبتُ كيف سرى والليلُ مُنْسَدِلٌ / جِلبابُه نحوَ عينٍ ما تذوقُ كَرَى
فلستُ أدرى وقد شابتْ مفارقُه / أضوءُ برقٍ بدا أم وجهُه بَدَرا
وقائلٍ ودموعي بعدَ فرقتهِ / في الخدَّ تُخْجِلُ مِن تَسكابِها النهرا
ما بالُ دمعكَ ما ينفكُّ منسفحاً / اِمّا على مربعٍ أو ظاعنٍ هَجَرا
تُبدي بتَذكارِ أيامٍ به سَلَفَتْ / اِن غابَ عن منتدى الأوطانِ أو حضرا
وما يفيدُكَ مِن بعدِ الفراقِ اِذا اتخذتَ / ذكرَ ليالي المنحنى سَمَرا
وهل تردُّ لكَ الذكرى زمانَ هوًى / قد كنتَ تَحمَدُ فيه الوِردَ والصَّدَرا
فقلتُ لي راحةٌ في الدمعِ أسفحُه / اِذا مُنِعْتُ إلى أهلِ الحِمى النظرا
وفي الربوعِ إذا خاطبتُ أرسمَها / بالشَّعرِ وانحلَّ خيطُ الدمعِ فانتثرا
ووشَّحتْ كلماتي كلَّ ناحيةٍ / منها فصارتْ على لَبّاتِها دُرَرا
شِعرٌ له نفثاتُ السحرِ خالصةً / مِن دونِ شعرِ أُناسٍ قلَّما سَحَرا
له إذا أنشدوه في مجالسهمْ / عَرْفٌ يُخَجَّلُ في ناديهمُ القُطُرا
فلستُ أخشى عليه أن يُمَلَّ اِذا / فاه الرواةُ به أن قلَّ أو كَثُرا
أشدُّ الهوى ما يمنعُ العينَ أن تكرى
أشدُّ الهوى ما يمنعُ العينَ أن تكرى / ويملأُ سمعَ المرءِ عن عذلِه وقرا
ويُضحي ونارُ الشوقِ بين ضلوعِه / تُؤججُها الشكوى وتُضرِمُها الذكرى
ويوسِعُه الوجدُ الذي في فؤادِه / لأهلِ الحمى نهياً على البينِ أو أمرا
ويُمسي حليفَ الشوقِ ذا جسدٍ له / بحكمِ الهوى بالٍ وذا مقلةٍ عبرى
غريبَ هوًى سقّى الديارَ بأدمعٍ / جَرَتْ في عِراصِ الربعِ هامعةً تترى
بكى جَزَعاً لمّا رأى الربعَ بعدهمْ / مِنَ الجيرةِ الغادينَ مُستوحِشاً قَفْرا
اِذا هطُلتْ فيه سحابةُ دمعهِ / وأنفدَها التَّذكارُ أعقبَها أُخرى
أحبَّتنا هل ذلكَ العهدُ باللَّوى / يعودُ كما قد كنتُ أعهدُه دهرا
وهل تلكمُ الأيامُ تَرجِعُ بعدَما / حشا كبدي تذكارُ أوقاتِها جمرا
لئن مَنَّ هذا الدهرُ بالقربِ بعدَما / تناءيتمُ عنّي سأُوسِعُه شكرا
وأقبلُ منه العُذْرَ في كلَّ حادثٍ / يجيءُ به حتى أُفهَّمُهُ العُذْرا
تكلَفُني الأيامُ صبراً عليكمُ / وهيهاتَ لا أسطيعُ بعدكمُ صبرا
وأسألُ عنكم كلَّ برقٍ على الحمى / يلوحُ فيبدي لمعُه عَذَباً حُمرا
عقدتُ به أهدابَ جفني وطَلَّقَتْ / لأجلكمُ عينايَ تهويمَها النَّزْرا
أُهَيْلَ الحِمى قد ضقتُ ذرعاً ببينكمْ / فهل مِن دنوًّ منكم يشرحُ الصَّدْرا
فلا تَصْرِفوا وجهَ المودَّةِ بعدما رأينا / زماناً في أساريرِه البشرا
ولا تُتبِعُوه بعدَ طيبِ حديثكمْ / حديثاً أرى في ضمنِه نظراً شَزْرا
وخيرُ خِلالِ المرءِ وجهٌ مُسَهَّلٌ / وخُلْقٌ رضيٌّ يَمْلِكُ الرجلَ الحُرّا
فأُقسمُ مذ بانَ الخليطُ عنِ الحِمى / تبدَّلتُ حلوَ العيشِ من بعدِه مُرّا
فما بالُ طيفِ العامريَّةِ هاجري / وقد كانَ قبلَ اليومِ لا يعرفُ الهجرا
أمِنها تُراهُ عُلَّمَ الغدرَ آنفاً / وقد مرَّ دهرٌ وهو لا يعرفُ الغدرا
لئن زارني والشامُ داري ودارُه / بنجدٍ ومرماها لقد أبعدَ المسرى
فلا كان قلبي كيف يصبرُ بعدما / تناءتْ وسارَ الواخداتُ بها عَشْرا
منعَّمةٌ حوراءُ يفضحُ وجهُها / بلألائهِ الشمسَ المنيرةَ والبدرا
لقد كنتُ ألقى منه في كلَّ ساعةٍ / ومِن بشرِه في وجهِ آماليَ البُشرى
وأرشفُ ظلمَ الثغرِ عذباً مُجاجُه / بنفسيَ أفدي ذلكَ الظلمَ والثغرا
فمَنْ للفتى الولهانِ أن لم يفزْ بهِ / على ظمأٍ منه وللكبدِ الحرّى
وما روضةٌ قد فوَّفَ القطرُ نبتَها / فأطرى لسانُ الحالِ عن نَورِها القَطْرا
وفاحَ نسيمٌ في الرياضِ كأنَّما / تَحمَّلَ وهناً من لطائمها عِطرا
ونوّعتِ الأزهارُ أرجاءَ دوحِها / اِذا ما مضى نشرٌ شممنا لها نشرا
كشعري إذا نضَّدتُ جوهرَ لفظِه / ونظَّمتُ منه في عقودِ العُلى دُرّا
وسائطُ لفظٍ لو تنضَّدَ دُرُّهُ / على عُنُقِ الجَوزاءِ أكسبَها فخرا
وما النجمُ أنأى منه بعداً ومطلباً / اِذا رامَهُ الجهّالُ يوماً ولا أسرى
له في بلادِ اللهِ أوسعُ مَرْكَضٍ / اِذا طائرُ الأشعارِ ألزمَها الوَكْرا
دعوتُ بماءٍ في اِناءٍ فجاءني
دعوتُ بماءٍ في اِناءٍ فجاءني / غلامٌ بها صرفاً فأوسعتُه زَجْرا
فقالَ هو الماءُ القَراحُ واِنَّما / تجلَّى لها خدَّي فأوهمكَ الخَمْرا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025