المجموع : 75
أقولُ لهُ وأنضاءُ المِهارِ
أقولُ لهُ وأنضاءُ المِهارِ / طلائحُ قد ونينَ من السِّفَارِ
تعزَّ أخا العُرَيْبِ فما بنجدٍ / لنا أخرى الليالي من قَرارِ
أتطمعُ في شَميمِ عَرارِ نجدٍ / وهل بعدَ العشيّةِ من عَرارِ
ستطْلُبُ منهُمُ داراً بدارٍ / وترضى دونَهم جاراً بجار
وما فارقتُهمْ طوعاً ولكنْ / قضاءٌ ما ملكتُ لهُ اختياري
همومٌ قد مُنِيتُ بها طِوالٌ / لأيام مَضَيْنَ به قِصارِ
باللّهِ يا ريحُ إن مُكِّنْتِ ثانيةً
باللّهِ يا ريحُ إن مُكِّنْتِ ثانيةً / من صُدغِه فأقيمي فيه واستترِي
وراقبي غفلةً منهُ لتنتهزِي / لي فُرصةً وتعودي منه بالظَّفَرِ
وباكرِي وِرْدَ عذبٍ من مُقَبَّلِهِ / مقابل الطعمِ بين الطِيبِ والخَصرِ
وإن قَدَرتِ على تشويشِ طُرَّتِه / فشوِّشِيها ولا تُبقي ولا تَذَرِي
ولا تَمَسِّي عِذاريهِ فتفتضحِي / بنفجةِ المِسْكِ بين الوِرْدِ والصَّدَرِ
ثم اسلُكي بين بُرْدَيْهِ على عَجَلٍ / واستبضعي الطيب وأْتِيني على قَدَرِ
ونبِّهينيَ دون القوم وانتفضي / عليَّ واللّيلُ في شكٍّ من السَّحَرِ
لعلَّ نفحةَ طِيْبٍ منكِ ثانيةً / تقضِي لُبانةَ قلبٍ عاقِرِ الوطرِ
أفدِي التي طرقَتْنِي في ولائِدِها
أفدِي التي طرقَتْنِي في ولائِدِها / بين العوائدِ كيما تأخذَ الخبرا
فصادفتْ نِضْوَ أسفارٍ طليحَ هوى / بالحبِّ مرتدياً بالسُقْمِ مُؤْتزرا
معذَّباً بذماءٍ لو يُرَدُّ إِلى / جُثمان مَيْتٍ ألُوفٍ منه ما نُشِرَا
وأقبلت نحوَ إحداهُنَّ قائِلةً / والدمعُ ينثرُ من أجفانِها دُرَرا
لقد أسأنا فإنْ حُمَّ القَضاءُ فيا / لهفي عليه وإنْ يسلمْ فقد ظَفِرَا
ثم انثنتْ فأمرَّتْ بَرْدَ أنْمُلِها / على حرارةِ كبْد تصدعُ الحَجَرا
وساقطتْ كلماتٍ عند فُرقَتِها / منها عِذابٌ ومنها تقذفُ الشَّررَا
وفارقتنِي على مِيعَادِ ثانيةٍ / من الزيارةِ تَنْفِي الهَمَّ والفِكرَا
فإنْ سلمتُ فمَنْ مثلي وإن تكنِ ال / أُخرى فقد نِلْتُ من إِلمامِها وطَرا
بعثَتْ إليِّ تلومُنِي في هَجْعَةٍ
بعثَتْ إليِّ تلومُنِي في هَجْعَةٍ / أهدتْ إِليَّ خَيالَها المذعُورا
وتقولُ ما للطَّيفِ أبطأَ بعدَما / كنَّا اشترطنا أنْ يُقيمَ يسِيرا
فأجبْتُها بالعُذْرِ وهو مُبَيَّنٌ / لو كان يُنْصِفُ لائِمٌ معذُورَا
أطبقتُ أجفانِي عليه وسُمْتُه / خوضَ الدُّموعِ فما أطاقَ عُبورَا
يا قاسِيَ القلبِ لم يترُكْ صنيعُكَ مِنْ
يا قاسِيَ القلبِ لم يترُكْ صنيعُكَ مِنْ / قلبي المعذَّبِ لا عيناً ولا أثَرَا
شَطَّ المزارُ فلا كُتْبٌ ولا خَبَرٌ / ما ضرَّ لو كنتَ تُهْدِي الكُتْب والخَبَرا
تلاعبَ الدهرُ بِي من بعدِ فُرقتِكُمْ / وذُقْتُ من بعدِ صفوِ العيشةِ الكَدَرا
بي منكَ ما لو غَدا بالماء كدَّرهُ / من الكآبة أو بالنجمِ لانكدَرا
بقِيْتُ بعدَكَ لا سَمْعٌ ولا بَصَرٌ / وكيف أبقى وكنتَ السمعَ والبصَرا
لا تَنْسَ عهدِي وإن طالَ الزمانُ به / فشرُّ ما صَحِبَ الإنسانُ من غَدَرا
استودِعِ القلبَ ذكري إنَّه حجرٌ / والنقشُ يبقَى إِذا ما استُودِعَ الحَجَرا
تاللّهِ ما استحسنَتْ من بعدِ فُرقَتِكُمْ
تاللّهِ ما استحسنَتْ من بعدِ فُرقَتِكُمْ / عيني سِواكم ولا استمتعتُ بالنَّظَرِ
إنْ كان في الأرضِ شيءٌ بعدكم حَسنٌ / فإنَّ حبَّكُمُ غَطَّى على بَصَري
لاحظتُه والبدرُ ليلةَ تَمِّهِ
لاحظتُه والبدرُ ليلةَ تَمِّهِ / قد لاح فوقَ قميصِه المزرورِ
فرأيتُ صُدْغيهِ وقد سَالا على / وَجَناتِه مِسْكاً على كافورِ
وكأنَّ خَطَّ عِذارِه في خدِّهِ / سَطْرَا ظلامٍ في صحيفةِ نُورِ
عُجْنَا إِلى الجِزْعِ الذي مَدَّ في
عُجْنَا إِلى الجِزْعِ الذي مَدَّ في / أرجائِه الغيمُ بِساطَ الزَّهَرْ
حولَ غديرٍ ماؤهُ المنتمي / إِلى بناتِ المُزْنِ يشكو الخَصَرْ
لو لاذتِ الريحُ سَموماً به / لانقلبتْ وهي نَسيمُ السَّحَرْ
حصباؤهُ دُرٌّ ورَضْرَاضُهُ / سُحالةُ العسجدِ حولَ الدررْ
وقد كَستْهُ الريحُ من نَسْجِها / دِرْعاً به يلقى نِبَالَ المَطَرْ
وألبَستْهُ الشمسُ من ضوئِها / نوراً به يَخْطَفُ نورَ البَصَرْ
كأنها المرآة مجلوَّةً / على بِساطٍ أخضرٍ قد نُشِرْ
ألمْ تَرَ أَنّ جُنْدَ الوردِ وافَى
ألمْ تَرَ أَنّ جُنْدَ الوردِ وافَى / بصُفْرٍ من مَطارفِهِ وحُمْرِ
أتَى مستلْئِماً في الشوكِ منهُ / نِصالَ زُمُرَّدٍ وتِراسَ تِبْرِ
فجلَّى بالسرورِ هُمومَ قلبي / وطاردَ بالنشاطِ بناتِ صدري
فما عذري إِذا أنا لم أقابِلْ / أياديَهُ بشُكْرٍ أو بسُكْرِ
ونَيلوفَرٍ أعناقُه أبداً صُفْرُ
ونَيلوفَرٍ أعناقُه أبداً صُفْرُ / كأنَّ بهِ سُكراً وليس به سُكْرُ
إِذا انفتحتْ أوراقُه فكأنَّها / وقد ظَهرتْ ألوانُها البيضُ والصُّفْرُ
أناملُ صَبَّاغٍ صُبِغْنَ بنيلةٍ / وراحتُهُ بيضاءُ في وسطِها تبرُ
قد أشعلَ الروضُ ناراً في شقائقهِ
قد أشعلَ الروضُ ناراً في شقائقهِ / ودسَّ مِكواتَهُ فيها من القَارِ
وأرسلَ البلبلَ الغِرّيدَ يُطْرِبُها / إياكَ والروضَ فالمِكواةُ في النارِ
وترى شقائقَها خلالَ رِياضِها
وترى شقائقَها خلالَ رِياضِها / أوفتْ مطارِفُهَا على أزهارِها
وكأنَّها والريحُ يصقلُ خَدَّها / والسُّحْبُ تملؤُها بصَوبِ قَطارِهَا
أقداحُ ياقوتٍ لطافٌ أُتْرِعَتْ / راحاً فباتَ المِسْكُ سُؤرَ قرارِهَا
وكأنَّها وَجَناتُ غيدٍ أحدَقَتْ / بخدُودِها حُمْراً خطوطُ عِذارِها
نارنْجُنَا في لونِه
نارنْجُنَا في لونِه / وشَكلِه المُدَوَّرِ
يحكي كُراتِ سُفُنٍ / مصبوغةٍ بالعُصْفُرِ
ملفوفةً في خِرَقٍ / من الحريرِ الأخضرِ
أو كَنهودٍ ظَهَرَتْ / من تحت لاذٍ أحمَرِ
حِقاقُ تِبْرٍ ضُمِّنَتْ / حشواً بديعَ المنظرِ
أبريسَمٌ كبَّتُه / مبلولةٌ لم تُعْصَرِ
كُراتُ دَسْتَنْبُويَةٍ نُضِّدَتْ
كُراتُ دَسْتَنْبُويَةٍ نُضِّدَتْ / مختلفاتِ الشَّكْلِ والمنظَرِ
فمستديرُ الشكلِ ذو سُمْرَةٍ / كأنَّهُ جُمْجُمةُ العنبرِ
ولابسٌ للنورِ ذو نُمرةٍ / والحسنُ كلُ الحُسْنِ للأَنْمرِ
وعسجديُّ اللونِ ذو صُفْرَةٍ / ضُمَّ إِلى تِرْبٍ لهُ أحمرِ
كأنّهُ المِرِّيخُ في لونِه / قارنَهُ في بُرْجِه المُشْتَرِي
وسَفرْجَلٍ عُنِيَ المصيفُ بحفظهِ
وسَفرْجَلٍ عُنِيَ المصيفُ بحفظهِ / فكساهُ قبلَ البَرْدِ خَزَّاً أخضرَا
صَوْغٌ من الذهبِ المصَفَّى نَشْرُهُ / مسكٌ إِذا حضرَ النَّدِيَّ تعطَّرَا
يحكِي نهودَ الغانياتِ وتحتَها / سُرَرٌ لهنَّ حُشِينَ مِسْكاً أذْفَرَا
يُزْهَى بملمسِه وطيبِ مذاقهِ / ومَشمِّهِ ويروقُ عينَكَ منظرَا
وحولَ ميادينِ الرياضِ تراصفَتْ
وحولَ ميادينِ الرياضِ تراصفَتْ / نظائرُ أشباهٍ ملابسُها خُضْرُ
تلاقتْ أعاليها وأشَّتْ أصولُها / فقد عجزتْ عن خَرْقِها الريحُ والقَطْرُ
وقد قُرِضَتْ منها جِعادُ لِمَامها / وقامتْ صفوفاً مثلما قُوِّمَ السَّطْرُ
فديتُكَ قد حانَ وقتُ الصَّبوح
فديتُكَ قد حانَ وقتُ الصَّبوح / ولاحَ الصَّبَاحُ ولم تَحْضُرِ
وجاء الطُّهَاة بما عندَهمْ / وحَثَّ السُقاةُ على المُسْكرِ
ومُدَّ القُباطِيُّ فوقَ الخِوا / ن يلمعُ كالقمر المُزْهِرِ
وحان الصلاةُ على ابنِ الشهيد / فحيَّ على دفنِه تؤجَرِ
وفوق المِنَصَّةِ مجلوَّةٌ / علينا عرائسُ من كسكرِ
بناتُ المؤذن ذاك الذي / يؤذّن والصبحُ لم يُسفِرِ
سُبينَ وعُرِّينَ من بعد ما / ذُبحنَ فيا لكَ من منكرِ
فلما سُلبنَ الثيابَ أُبتلينَ / بسوداءَ موحشةِ المنظرِ
أصابعُها الحُجْنُ مسنونَةٌ / نواشبُ منهنَّ في المنحرِ
فزارتْ بهن سواءَ الجحيم / ترنَّحُ باللّهبِ المُسْعَرِ
فمصلوبةٌ سُمِّرتْ كفُّها / إِلى جِيدها وهي لم تَشْعُرِ
ومنقوبةُ البطنِ في جوفِهَا / كُراتٌ من الذهبِ الأحمرِ
وأُخرجنَ منها إلينا يُسَقْ / نَ سوقَ العُصاةِ إِلى المحشرِ
كأنَّ تماثيلَ كافورِه / تَضمَّخُ بالمِسْكِ والعنبرِ
لُجَيْنٌ إِذا قَشَرَتْهُ الأكُفُّ / وتبرٌ إِذا هي لم تُقْشَرِ
وقدَّمَ طبَّاخُنَا رُزَّةً / عليها لِثامٌ من السُّكَّرِ
بها احتجبَ البدرُ تحت الغَمام / فلم تَتَجلَّ ولم تُسْتَرِ
تَرى للدِّهانِ على وَجْهِهَا / عُيوناً تدورُ بلا مَحجِرِ
وسِرباً نواعِمَ مخلوقةً / من اللَّوزِ والسكّرِ العسكري
قريبانِ في مِئْزَرٍ واحدٍ / فلِله ما ضُمَّ في مِئْزَرِ
ثِقالُ المآزرِ قُبُّ البطو / نِ غيرُ سِمانٍ ولا ضُمَّرِ
كأنَّ الفواقِعَ قد فُصِّلَتْ / عليها جَلابيبُ لم تُزْرَرِ
تَراها لِرقَّةِ أبشارِهَا / تُخَبِّرُ عن حَشْوِها المُضْمَرِ
شَرِبْنَ من الدُّهْنِ حتى رَوِين / وغُرّقْنَ في لُجِّه الأخضرِ
كأنَّ َكواعب قد أُبرِزَتْ / من الخُلدِ تسبحُ في الكوْثرِ
صحائفُ في طَيِّهِنَّ النَّعِيمُ / لطائفُ صِيْنَتْ ولم تُنْشَرِ
تَدُلُّ بمنظَرِها المُجْتَلَى / على أنَّها حلوةُ المَخْبَرِ
تذوبُ إِذا رفعتَهْا الأكف / فُ قبلَ الوصولِ إِلى الحَنْجَرِ
فبادِرْ إلينا فدتْكَ النفوس / ولا تتوقفْ ولا تَفْتُرِ
وشاركْ صنائِعَك الأقدمِي / نَ في العزفِ والخَمْرِ والمَيْسِرِ
مِلْنا إِلى النَّشْر الذي تلتقِي
مِلْنا إِلى النَّشْر الذي تلتقِي / إليه أنفاسُ الصَّبَا عاطِرَه
ثم خلعْنا لُجُمَ الخيلِ في / رياضهِ المونقةِ الناضِرَه
حولَ غديرٍ ماؤُه دارعٌ / والأرضُ من رقَّتِه حاسِرَه
فالشمس إنْ حاذَتْهُ رأْدَ الضُّحَى / حسناءُ في مرآتِها ناظِرَه
والشهب إن حاذَتْهُ جُنحَ الدُّجَى / تسبحُ في لُجَّتِه الزاخِرَه
قد ركّب الخضراء فيه فمن / حصبائِه أنجُمُها الزاهِرَه
يخصَر إن مرَّ بأرجائِه / لفحُ سَمومٍ في لَظَى الهاجِرَه
أنموذجُ الماءِ الذي جاءَنا ال / وعدُ بأنْ نُسْقَاهُ في الآخِرَه
يقولون تاجُ المُلْكِ بعد خمولِه
يقولون تاجُ المُلْكِ بعد خمولِه / تَفَرْعَنَ واستولَى على النهي والأمرِ
فقلتُ لهم لا تحسُدوهُ وأبْصِرُوا / عواقبَ ما يأتي به نُوَبُ الدَّهرِ
كأني بهِ والنصلُ يأخذُ رأسَهُ / وأطرافُهُ يُسلكْنَ في الحَلَقِ السُّمْرِ
سَلوا اللّهَ إبقاءَ الوزيرِ فإنَّهُ / سيحمِلُهُ يوماً على مركَبٍ وَعْرِ
على مركبٍ لا يلقحُ الفحلُ أمَّهُ / يعافى على متنيهِ من ضَغْطةِ القبرِ
فإنْ فاتَهُ واللّهُ بالغُ أمرِه / فأعمَى يُكَدِّي في المساجدِ أو يُقْرِي
لجلالِ قدرِكَ تخضعُ الأقدارُ
لجلالِ قدرِكَ تخضعُ الأقدارُ / وبيُمْنِ جَدِّكَ يحكمُ المِقْدارُ
والدهرُ كيف أمرتَهُ لك طَيِّعٌ / واللّهُ حيثُ حللتَهُ لك جارُ
ولك البسيطةُ حيثُ مدَّ غِطاءَهُ / ليلٌ وما كشفَ الغِطاءَ نَهارُ
والفَيْلقُ الجَرّارُ بينَ يديهِ من / سطواتِ بأسِكَ فيلَقٌ جَرَّارُ
ومَهابةٌ ممزوجةٌ بمحبَّةٍ / دانتْ لها الأشرارُ والأخيَارُ
طابتْ بكَ الأيامُ والدُّنيا بما / فيها وطابَ بذكرِكَ الأَخبارُ
هذا هو العصرُ الذي سبقتْ بهِ ال / بُشرَى وجاءَ بذكرهِ الآثارُ
ولَّى ظلامُ الظُّلمِ فيهِ فما لهُ / أثَرٌ وشاعَ بعدلِه الأنوارُ
رقَّتْ حواشيهِ وراقَ رُواؤُهُ / فهجيرُهُ وأصيلُه أسحارُ
عمَّ البريّةَ والبسيطةَ عدلُهُ / فالخَلْقُ شخصٌ والبسيطةُ دارُ
شكراً فقد آتاكَ ما لم يُؤْتِهِ / أحداً سِواكَ الواحدُ القَهَّارُ
ورآكَ إذْ ولَّاكَ أمرَ عِبادهِ / تَدعُ الذي تهوَى لِما يختارُ
تُعطِي وتَمْنَعُ من تشاءُ بإذنِهِ / وبكفِّكَ الأرزاقُ والأعمارُ
ينساقُ نحوَكَ ما تُرِيدُ بعزمةٍ / ما كدَّها الإِيرادُ والإصدَارُ
تتفاوتُ الأقدارُ ما بينَ الوَرى / فإِذا ذُكِرْتَ تساوتِ الأقدَارُ
وإِذا هَمَمْتَ جَرى القضاءُ بما تَرى / فكأنكَ المُتحكِّمُ المختارُ
وأسوتَ جُرْحَ الحادثاتِ وطالما / كنَّا وجُرْحُ الحادثاتِ جُبَارُ
جرَّدْتَ عزمَك للجِهَادِ فقبلَ أنْ / جَرَّدْتَ سيفَك زُلْزِلَ الكُفَّارُ
طَرَقْتهُمُ من حَدِّ بأسِكَ رَوْعةٌ / هُدّتْ لها الأمصارُ والأَعصارُ
وَلَوَ اَنّها رامتْ عِتاقَ الطيرِ لم / تَثْبُت على شَعَفاتِها الأوكارُ
خَيلٌ بأرضِ الرَّقَّتَيْنِ وراءَها / نَقْعٌ كمُرْتكِمِ الغَمامِ مُثَارُ
نشأتْ بأعلى الشامِ من سَرَعانها / سُحُبٌ لها العلقُ المشاعُ قَطارُ
رِيعَ العدوُّ وقد أحسَّ بِقُرْبِها / فالجنبُ نابٍ والرُقَادُ غِرارُ
وغدا الذي كفرَ الجميلَ وجاملَ ال / كُفَّارَ أحسنُ حالتيهِ إِسَارُ
في رأسِ شاهقةِ المرامِ منيعةٍ / والقِدُّ طَوقٌ والحديدُ سِوَارُ
وجنى على عُصَبِ النِفاق كما جَنَى / في الغابرينَ على ثَمُودَ قُدَارُ
وعلى خليجِ الرومِ منكَ مَهابَةٌ / من خوفِها يتطامنُ التيارُ
لا البيدُ بِيْدٌ إذ تَهُمُّ بنهضَةٍ / نحو الخليجِ ولا البِحارُ بِحَارُ
ولقد درى الرومي أن وراءه / خطراً تقاصَرُ دونه الأخطارُ
يومٌ يقوتُ المُرْهَفاتِ وقد غدتْ / غرثَى ويُروي السُمْرَ وهي حِرارُ
وبأرضِ بُرقةَ والصعيدِ روائعٌ / لِلَهيبِها في الخافقَيْنِ شرارُ
وإِذا عَدا فرعونُ فيها واعتَدى / فعصا الكليم لواؤُكَ الخَطَّارُ
عَلَمٌ بهِ نُصِرَ الهُدى فكأنَّهُ / عَلَمُ النبيِّ وحولَهُ الأنصارُ
تتلقّفُ الإفْكَ الذي سُحِرتْ به ال / ألبابُ والأبصارُ والأفكارُ
أيَّدْتَ دينَ الهاشميَّ فلم يضِعْ / لبني الشريعةِ عندَ سيفِك ثارُ
وهتكتَ سِتْرَ الباطنيّةِ بعدَما / لُطَّتْ وراءَ غُيوبِها الأستارُ
ملكوا قِلاعَ الأرضِ واتَّسقَتْ لهمْ / حِيَلٌ يَضِلُّ بمثلِها الأغمارُ
غرَّتهمُ الأقدارُ إذ أملَتْ لهمْ / فتكاملَ الآثامُ والأوزارُ
حكَّمتَ سيفَكَ فيهمُ فصدعْتَهُمْ / صدعَ الزُجاجةِ صَكَّها الأحجارُ
وأخذتَ ثأرَ الدينِ منهمْ بعدَمَا / شاطَ الدماءُ وضاعفَ الأوتارُ
دبُّوا الضَّراءَ مخاتلينَ وأَعْمَلوا / أفكارَهُمْ في الكفرِ وهو سِرَارُ
ففتكتَ جهراً لا طِعانُكَ خِلْسَةٌ / في المارقينَ ولا الضِرابُ ضِمَارُ
لما رأوكَ ولم يَرْوا لنفوسِهمْ / أنْ يُقْدِموا عندَ اللِّقاءِ وحاروا
بعثُوا أَناسِيَّ الحِداق فما انثنتْ / إلا وأشفارُ الجفونِ شِفَارُ
فلتهنأِ الأيامُ أنّك مالكُ ال / دنيا وطوعُ مرادِكَ الأقدارُ
يا مالكَ الدُّنيا الذي بشبيههِ / عقُم الزمانُ وضنَّتِ الأدوارُ
أوليتَنِي النِّعَمَ التي سارتْ بها ال / ركبانُ وامتلأتْ بها الأقطارُ
ورفعتَ ذكري بعد طُولِ خمولهِ / فكأنني عَلَمٌ عليهِ نارُ
لا شرْكةٌ فيما اصطنعتَ ولا يَدٌ / لِسواك فيها ذلَّةٌ وصَغَارُ
وكفيتَني مِنَنَ الرِجالِ ولم يزلْ / مِنَنُ الرجال يعافُها الأحرارُ
فلأُفردنَّك بالمدائحِ إنَّها / دررٌ وهنَّ على عُلاك نِثَارُ
وَلأَشكرنَّ جميلَ ما أوليتَني / شُكراً تسيرُ بذكرهِ الأشعارُ
ولأطلِعَنّك إن بقيتُ على مدى / سِرٍّ تقاصَرُ دونَه الأسرارُ
فَبقِيتَ مرهوبَ الجَنابِ مؤمَّلاً / من شأنِكَ الإغناءُ والإفقارُ
أيامُك الأعيادُ وهي نواضرٌ / زُهْرٌ وعودُكَ في العَلاء نُضَارُ