القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الطُّغْرائي الكل
المجموع : 75
أقولُ لهُ وأنضاءُ المِهارِ
أقولُ لهُ وأنضاءُ المِهارِ / طلائحُ قد ونينَ من السِّفَارِ
تعزَّ أخا العُرَيْبِ فما بنجدٍ / لنا أخرى الليالي من قَرارِ
أتطمعُ في شَميمِ عَرارِ نجدٍ / وهل بعدَ العشيّةِ من عَرارِ
ستطْلُبُ منهُمُ داراً بدارٍ / وترضى دونَهم جاراً بجار
وما فارقتُهمْ طوعاً ولكنْ / قضاءٌ ما ملكتُ لهُ اختياري
همومٌ قد مُنِيتُ بها طِوالٌ / لأيام مَضَيْنَ به قِصارِ
باللّهِ يا ريحُ إن مُكِّنْتِ ثانيةً
باللّهِ يا ريحُ إن مُكِّنْتِ ثانيةً / من صُدغِه فأقيمي فيه واستترِي
وراقبي غفلةً منهُ لتنتهزِي / لي فُرصةً وتعودي منه بالظَّفَرِ
وباكرِي وِرْدَ عذبٍ من مُقَبَّلِهِ / مقابل الطعمِ بين الطِيبِ والخَصرِ
وإن قَدَرتِ على تشويشِ طُرَّتِه / فشوِّشِيها ولا تُبقي ولا تَذَرِي
ولا تَمَسِّي عِذاريهِ فتفتضحِي / بنفجةِ المِسْكِ بين الوِرْدِ والصَّدَرِ
ثم اسلُكي بين بُرْدَيْهِ على عَجَلٍ / واستبضعي الطيب وأْتِيني على قَدَرِ
ونبِّهينيَ دون القوم وانتفضي / عليَّ واللّيلُ في شكٍّ من السَّحَرِ
لعلَّ نفحةَ طِيْبٍ منكِ ثانيةً / تقضِي لُبانةَ قلبٍ عاقِرِ الوطرِ
أفدِي التي طرقَتْنِي في ولائِدِها
أفدِي التي طرقَتْنِي في ولائِدِها / بين العوائدِ كيما تأخذَ الخبرا
فصادفتْ نِضْوَ أسفارٍ طليحَ هوى / بالحبِّ مرتدياً بالسُقْمِ مُؤْتزرا
معذَّباً بذماءٍ لو يُرَدُّ إِلى / جُثمان مَيْتٍ ألُوفٍ منه ما نُشِرَا
وأقبلت نحوَ إحداهُنَّ قائِلةً / والدمعُ ينثرُ من أجفانِها دُرَرا
لقد أسأنا فإنْ حُمَّ القَضاءُ فيا / لهفي عليه وإنْ يسلمْ فقد ظَفِرَا
ثم انثنتْ فأمرَّتْ بَرْدَ أنْمُلِها / على حرارةِ كبْد تصدعُ الحَجَرا
وساقطتْ كلماتٍ عند فُرقَتِها / منها عِذابٌ ومنها تقذفُ الشَّررَا
وفارقتنِي على مِيعَادِ ثانيةٍ / من الزيارةِ تَنْفِي الهَمَّ والفِكرَا
فإنْ سلمتُ فمَنْ مثلي وإن تكنِ ال / أُخرى فقد نِلْتُ من إِلمامِها وطَرا
بعثَتْ إليِّ تلومُنِي في هَجْعَةٍ
بعثَتْ إليِّ تلومُنِي في هَجْعَةٍ / أهدتْ إِليَّ خَيالَها المذعُورا
وتقولُ ما للطَّيفِ أبطأَ بعدَما / كنَّا اشترطنا أنْ يُقيمَ يسِيرا
فأجبْتُها بالعُذْرِ وهو مُبَيَّنٌ / لو كان يُنْصِفُ لائِمٌ معذُورَا
أطبقتُ أجفانِي عليه وسُمْتُه / خوضَ الدُّموعِ فما أطاقَ عُبورَا
يا قاسِيَ القلبِ لم يترُكْ صنيعُكَ مِنْ
يا قاسِيَ القلبِ لم يترُكْ صنيعُكَ مِنْ / قلبي المعذَّبِ لا عيناً ولا أثَرَا
شَطَّ المزارُ فلا كُتْبٌ ولا خَبَرٌ / ما ضرَّ لو كنتَ تُهْدِي الكُتْب والخَبَرا
تلاعبَ الدهرُ بِي من بعدِ فُرقتِكُمْ / وذُقْتُ من بعدِ صفوِ العيشةِ الكَدَرا
بي منكَ ما لو غَدا بالماء كدَّرهُ / من الكآبة أو بالنجمِ لانكدَرا
بقِيْتُ بعدَكَ لا سَمْعٌ ولا بَصَرٌ / وكيف أبقى وكنتَ السمعَ والبصَرا
لا تَنْسَ عهدِي وإن طالَ الزمانُ به / فشرُّ ما صَحِبَ الإنسانُ من غَدَرا
استودِعِ القلبَ ذكري إنَّه حجرٌ / والنقشُ يبقَى إِذا ما استُودِعَ الحَجَرا
تاللّهِ ما استحسنَتْ من بعدِ فُرقَتِكُمْ
تاللّهِ ما استحسنَتْ من بعدِ فُرقَتِكُمْ / عيني سِواكم ولا استمتعتُ بالنَّظَرِ
إنْ كان في الأرضِ شيءٌ بعدكم حَسنٌ / فإنَّ حبَّكُمُ غَطَّى على بَصَري
لاحظتُه والبدرُ ليلةَ تَمِّهِ
لاحظتُه والبدرُ ليلةَ تَمِّهِ / قد لاح فوقَ قميصِه المزرورِ
فرأيتُ صُدْغيهِ وقد سَالا على / وَجَناتِه مِسْكاً على كافورِ
وكأنَّ خَطَّ عِذارِه في خدِّهِ / سَطْرَا ظلامٍ في صحيفةِ نُورِ
عُجْنَا إِلى الجِزْعِ الذي مَدَّ في
عُجْنَا إِلى الجِزْعِ الذي مَدَّ في / أرجائِه الغيمُ بِساطَ الزَّهَرْ
حولَ غديرٍ ماؤهُ المنتمي / إِلى بناتِ المُزْنِ يشكو الخَصَرْ
لو لاذتِ الريحُ سَموماً به / لانقلبتْ وهي نَسيمُ السَّحَرْ
حصباؤهُ دُرٌّ ورَضْرَاضُهُ / سُحالةُ العسجدِ حولَ الدررْ
وقد كَستْهُ الريحُ من نَسْجِها / دِرْعاً به يلقى نِبَالَ المَطَرْ
وألبَستْهُ الشمسُ من ضوئِها / نوراً به يَخْطَفُ نورَ البَصَرْ
كأنها المرآة مجلوَّةً / على بِساطٍ أخضرٍ قد نُشِرْ
ألمْ تَرَ أَنّ جُنْدَ الوردِ وافَى
ألمْ تَرَ أَنّ جُنْدَ الوردِ وافَى / بصُفْرٍ من مَطارفِهِ وحُمْرِ
أتَى مستلْئِماً في الشوكِ منهُ / نِصالَ زُمُرَّدٍ وتِراسَ تِبْرِ
فجلَّى بالسرورِ هُمومَ قلبي / وطاردَ بالنشاطِ بناتِ صدري
فما عذري إِذا أنا لم أقابِلْ / أياديَهُ بشُكْرٍ أو بسُكْرِ
ونَيلوفَرٍ أعناقُه أبداً صُفْرُ
ونَيلوفَرٍ أعناقُه أبداً صُفْرُ / كأنَّ بهِ سُكراً وليس به سُكْرُ
إِذا انفتحتْ أوراقُه فكأنَّها / وقد ظَهرتْ ألوانُها البيضُ والصُّفْرُ
أناملُ صَبَّاغٍ صُبِغْنَ بنيلةٍ / وراحتُهُ بيضاءُ في وسطِها تبرُ
قد أشعلَ الروضُ ناراً في شقائقهِ
قد أشعلَ الروضُ ناراً في شقائقهِ / ودسَّ مِكواتَهُ فيها من القَارِ
وأرسلَ البلبلَ الغِرّيدَ يُطْرِبُها / إياكَ والروضَ فالمِكواةُ في النارِ
وترى شقائقَها خلالَ رِياضِها
وترى شقائقَها خلالَ رِياضِها / أوفتْ مطارِفُهَا على أزهارِها
وكأنَّها والريحُ يصقلُ خَدَّها / والسُّحْبُ تملؤُها بصَوبِ قَطارِهَا
أقداحُ ياقوتٍ لطافٌ أُتْرِعَتْ / راحاً فباتَ المِسْكُ سُؤرَ قرارِهَا
وكأنَّها وَجَناتُ غيدٍ أحدَقَتْ / بخدُودِها حُمْراً خطوطُ عِذارِها
نارنْجُنَا في لونِه
نارنْجُنَا في لونِه / وشَكلِه المُدَوَّرِ
يحكي كُراتِ سُفُنٍ / مصبوغةٍ بالعُصْفُرِ
ملفوفةً في خِرَقٍ / من الحريرِ الأخضرِ
أو كَنهودٍ ظَهَرَتْ / من تحت لاذٍ أحمَرِ
حِقاقُ تِبْرٍ ضُمِّنَتْ / حشواً بديعَ المنظرِ
أبريسَمٌ كبَّتُه / مبلولةٌ لم تُعْصَرِ
كُراتُ دَسْتَنْبُويَةٍ نُضِّدَتْ
كُراتُ دَسْتَنْبُويَةٍ نُضِّدَتْ / مختلفاتِ الشَّكْلِ والمنظَرِ
فمستديرُ الشكلِ ذو سُمْرَةٍ / كأنَّهُ جُمْجُمةُ العنبرِ
ولابسٌ للنورِ ذو نُمرةٍ / والحسنُ كلُ الحُسْنِ للأَنْمرِ
وعسجديُّ اللونِ ذو صُفْرَةٍ / ضُمَّ إِلى تِرْبٍ لهُ أحمرِ
كأنّهُ المِرِّيخُ في لونِه / قارنَهُ في بُرْجِه المُشْتَرِي
وسَفرْجَلٍ عُنِيَ المصيفُ بحفظهِ
وسَفرْجَلٍ عُنِيَ المصيفُ بحفظهِ / فكساهُ قبلَ البَرْدِ خَزَّاً أخضرَا
صَوْغٌ من الذهبِ المصَفَّى نَشْرُهُ / مسكٌ إِذا حضرَ النَّدِيَّ تعطَّرَا
يحكِي نهودَ الغانياتِ وتحتَها / سُرَرٌ لهنَّ حُشِينَ مِسْكاً أذْفَرَا
يُزْهَى بملمسِه وطيبِ مذاقهِ / ومَشمِّهِ ويروقُ عينَكَ منظرَا
وحولَ ميادينِ الرياضِ تراصفَتْ
وحولَ ميادينِ الرياضِ تراصفَتْ / نظائرُ أشباهٍ ملابسُها خُضْرُ
تلاقتْ أعاليها وأشَّتْ أصولُها / فقد عجزتْ عن خَرْقِها الريحُ والقَطْرُ
وقد قُرِضَتْ منها جِعادُ لِمَامها / وقامتْ صفوفاً مثلما قُوِّمَ السَّطْرُ
فديتُكَ قد حانَ وقتُ الصَّبوح
فديتُكَ قد حانَ وقتُ الصَّبوح / ولاحَ الصَّبَاحُ ولم تَحْضُرِ
وجاء الطُّهَاة بما عندَهمْ / وحَثَّ السُقاةُ على المُسْكرِ
ومُدَّ القُباطِيُّ فوقَ الخِوا / ن يلمعُ كالقمر المُزْهِرِ
وحان الصلاةُ على ابنِ الشهيد / فحيَّ على دفنِه تؤجَرِ
وفوق المِنَصَّةِ مجلوَّةٌ / علينا عرائسُ من كسكرِ
بناتُ المؤذن ذاك الذي / يؤذّن والصبحُ لم يُسفِرِ
سُبينَ وعُرِّينَ من بعد ما / ذُبحنَ فيا لكَ من منكرِ
فلما سُلبنَ الثيابَ أُبتلينَ / بسوداءَ موحشةِ المنظرِ
أصابعُها الحُجْنُ مسنونَةٌ / نواشبُ منهنَّ في المنحرِ
فزارتْ بهن سواءَ الجحيم / ترنَّحُ باللّهبِ المُسْعَرِ
فمصلوبةٌ سُمِّرتْ كفُّها / إِلى جِيدها وهي لم تَشْعُرِ
ومنقوبةُ البطنِ في جوفِهَا / كُراتٌ من الذهبِ الأحمرِ
وأُخرجنَ منها إلينا يُسَقْ / نَ سوقَ العُصاةِ إِلى المحشرِ
كأنَّ تماثيلَ كافورِه / تَضمَّخُ بالمِسْكِ والعنبرِ
لُجَيْنٌ إِذا قَشَرَتْهُ الأكُفُّ / وتبرٌ إِذا هي لم تُقْشَرِ
وقدَّمَ طبَّاخُنَا رُزَّةً / عليها لِثامٌ من السُّكَّرِ
بها احتجبَ البدرُ تحت الغَمام / فلم تَتَجلَّ ولم تُسْتَرِ
تَرى للدِّهانِ على وَجْهِهَا / عُيوناً تدورُ بلا مَحجِرِ
وسِرباً نواعِمَ مخلوقةً / من اللَّوزِ والسكّرِ العسكري
قريبانِ في مِئْزَرٍ واحدٍ / فلِله ما ضُمَّ في مِئْزَرِ
ثِقالُ المآزرِ قُبُّ البطو / نِ غيرُ سِمانٍ ولا ضُمَّرِ
كأنَّ الفواقِعَ قد فُصِّلَتْ / عليها جَلابيبُ لم تُزْرَرِ
تَراها لِرقَّةِ أبشارِهَا / تُخَبِّرُ عن حَشْوِها المُضْمَرِ
شَرِبْنَ من الدُّهْنِ حتى رَوِين / وغُرّقْنَ في لُجِّه الأخضرِ
كأنَّ َكواعب قد أُبرِزَتْ / من الخُلدِ تسبحُ في الكوْثرِ
صحائفُ في طَيِّهِنَّ النَّعِيمُ / لطائفُ صِيْنَتْ ولم تُنْشَرِ
تَدُلُّ بمنظَرِها المُجْتَلَى / على أنَّها حلوةُ المَخْبَرِ
تذوبُ إِذا رفعتَهْا الأكف / فُ قبلَ الوصولِ إِلى الحَنْجَرِ
فبادِرْ إلينا فدتْكَ النفوس / ولا تتوقفْ ولا تَفْتُرِ
وشاركْ صنائِعَك الأقدمِي / نَ في العزفِ والخَمْرِ والمَيْسِرِ
مِلْنا إِلى النَّشْر الذي تلتقِي
مِلْنا إِلى النَّشْر الذي تلتقِي / إليه أنفاسُ الصَّبَا عاطِرَه
ثم خلعْنا لُجُمَ الخيلِ في / رياضهِ المونقةِ الناضِرَه
حولَ غديرٍ ماؤُه دارعٌ / والأرضُ من رقَّتِه حاسِرَه
فالشمس إنْ حاذَتْهُ رأْدَ الضُّحَى / حسناءُ في مرآتِها ناظِرَه
والشهب إن حاذَتْهُ جُنحَ الدُّجَى / تسبحُ في لُجَّتِه الزاخِرَه
قد ركّب الخضراء فيه فمن / حصبائِه أنجُمُها الزاهِرَه
يخصَر إن مرَّ بأرجائِه / لفحُ سَمومٍ في لَظَى الهاجِرَه
أنموذجُ الماءِ الذي جاءَنا ال / وعدُ بأنْ نُسْقَاهُ في الآخِرَه
يقولون تاجُ المُلْكِ بعد خمولِه
يقولون تاجُ المُلْكِ بعد خمولِه / تَفَرْعَنَ واستولَى على النهي والأمرِ
فقلتُ لهم لا تحسُدوهُ وأبْصِرُوا / عواقبَ ما يأتي به نُوَبُ الدَّهرِ
كأني بهِ والنصلُ يأخذُ رأسَهُ / وأطرافُهُ يُسلكْنَ في الحَلَقِ السُّمْرِ
سَلوا اللّهَ إبقاءَ الوزيرِ فإنَّهُ / سيحمِلُهُ يوماً على مركَبٍ وَعْرِ
على مركبٍ لا يلقحُ الفحلُ أمَّهُ / يعافى على متنيهِ من ضَغْطةِ القبرِ
فإنْ فاتَهُ واللّهُ بالغُ أمرِه / فأعمَى يُكَدِّي في المساجدِ أو يُقْرِي
لجلالِ قدرِكَ تخضعُ الأقدارُ
لجلالِ قدرِكَ تخضعُ الأقدارُ / وبيُمْنِ جَدِّكَ يحكمُ المِقْدارُ
والدهرُ كيف أمرتَهُ لك طَيِّعٌ / واللّهُ حيثُ حللتَهُ لك جارُ
ولك البسيطةُ حيثُ مدَّ غِطاءَهُ / ليلٌ وما كشفَ الغِطاءَ نَهارُ
والفَيْلقُ الجَرّارُ بينَ يديهِ من / سطواتِ بأسِكَ فيلَقٌ جَرَّارُ
ومَهابةٌ ممزوجةٌ بمحبَّةٍ / دانتْ لها الأشرارُ والأخيَارُ
طابتْ بكَ الأيامُ والدُّنيا بما / فيها وطابَ بذكرِكَ الأَخبارُ
هذا هو العصرُ الذي سبقتْ بهِ ال / بُشرَى وجاءَ بذكرهِ الآثارُ
ولَّى ظلامُ الظُّلمِ فيهِ فما لهُ / أثَرٌ وشاعَ بعدلِه الأنوارُ
رقَّتْ حواشيهِ وراقَ رُواؤُهُ / فهجيرُهُ وأصيلُه أسحارُ
عمَّ البريّةَ والبسيطةَ عدلُهُ / فالخَلْقُ شخصٌ والبسيطةُ دارُ
شكراً فقد آتاكَ ما لم يُؤْتِهِ / أحداً سِواكَ الواحدُ القَهَّارُ
ورآكَ إذْ ولَّاكَ أمرَ عِبادهِ / تَدعُ الذي تهوَى لِما يختارُ
تُعطِي وتَمْنَعُ من تشاءُ بإذنِهِ / وبكفِّكَ الأرزاقُ والأعمارُ
ينساقُ نحوَكَ ما تُرِيدُ بعزمةٍ / ما كدَّها الإِيرادُ والإصدَارُ
تتفاوتُ الأقدارُ ما بينَ الوَرى / فإِذا ذُكِرْتَ تساوتِ الأقدَارُ
وإِذا هَمَمْتَ جَرى القضاءُ بما تَرى / فكأنكَ المُتحكِّمُ المختارُ
وأسوتَ جُرْحَ الحادثاتِ وطالما / كنَّا وجُرْحُ الحادثاتِ جُبَارُ
جرَّدْتَ عزمَك للجِهَادِ فقبلَ أنْ / جَرَّدْتَ سيفَك زُلْزِلَ الكُفَّارُ
طَرَقْتهُمُ من حَدِّ بأسِكَ رَوْعةٌ / هُدّتْ لها الأمصارُ والأَعصارُ
وَلَوَ اَنّها رامتْ عِتاقَ الطيرِ لم / تَثْبُت على شَعَفاتِها الأوكارُ
خَيلٌ بأرضِ الرَّقَّتَيْنِ وراءَها / نَقْعٌ كمُرْتكِمِ الغَمامِ مُثَارُ
نشأتْ بأعلى الشامِ من سَرَعانها / سُحُبٌ لها العلقُ المشاعُ قَطارُ
رِيعَ العدوُّ وقد أحسَّ بِقُرْبِها / فالجنبُ نابٍ والرُقَادُ غِرارُ
وغدا الذي كفرَ الجميلَ وجاملَ ال / كُفَّارَ أحسنُ حالتيهِ إِسَارُ
في رأسِ شاهقةِ المرامِ منيعةٍ / والقِدُّ طَوقٌ والحديدُ سِوَارُ
وجنى على عُصَبِ النِفاق كما جَنَى / في الغابرينَ على ثَمُودَ قُدَارُ
وعلى خليجِ الرومِ منكَ مَهابَةٌ / من خوفِها يتطامنُ التيارُ
لا البيدُ بِيْدٌ إذ تَهُمُّ بنهضَةٍ / نحو الخليجِ ولا البِحارُ بِحَارُ
ولقد درى الرومي أن وراءه / خطراً تقاصَرُ دونه الأخطارُ
يومٌ يقوتُ المُرْهَفاتِ وقد غدتْ / غرثَى ويُروي السُمْرَ وهي حِرارُ
وبأرضِ بُرقةَ والصعيدِ روائعٌ / لِلَهيبِها في الخافقَيْنِ شرارُ
وإِذا عَدا فرعونُ فيها واعتَدى / فعصا الكليم لواؤُكَ الخَطَّارُ
عَلَمٌ بهِ نُصِرَ الهُدى فكأنَّهُ / عَلَمُ النبيِّ وحولَهُ الأنصارُ
تتلقّفُ الإفْكَ الذي سُحِرتْ به ال / ألبابُ والأبصارُ والأفكارُ
أيَّدْتَ دينَ الهاشميَّ فلم يضِعْ / لبني الشريعةِ عندَ سيفِك ثارُ
وهتكتَ سِتْرَ الباطنيّةِ بعدَما / لُطَّتْ وراءَ غُيوبِها الأستارُ
ملكوا قِلاعَ الأرضِ واتَّسقَتْ لهمْ / حِيَلٌ يَضِلُّ بمثلِها الأغمارُ
غرَّتهمُ الأقدارُ إذ أملَتْ لهمْ / فتكاملَ الآثامُ والأوزارُ
حكَّمتَ سيفَكَ فيهمُ فصدعْتَهُمْ / صدعَ الزُجاجةِ صَكَّها الأحجارُ
وأخذتَ ثأرَ الدينِ منهمْ بعدَمَا / شاطَ الدماءُ وضاعفَ الأوتارُ
دبُّوا الضَّراءَ مخاتلينَ وأَعْمَلوا / أفكارَهُمْ في الكفرِ وهو سِرَارُ
ففتكتَ جهراً لا طِعانُكَ خِلْسَةٌ / في المارقينَ ولا الضِرابُ ضِمَارُ
لما رأوكَ ولم يَرْوا لنفوسِهمْ / أنْ يُقْدِموا عندَ اللِّقاءِ وحاروا
بعثُوا أَناسِيَّ الحِداق فما انثنتْ / إلا وأشفارُ الجفونِ شِفَارُ
فلتهنأِ الأيامُ أنّك مالكُ ال / دنيا وطوعُ مرادِكَ الأقدارُ
يا مالكَ الدُّنيا الذي بشبيههِ / عقُم الزمانُ وضنَّتِ الأدوارُ
أوليتَنِي النِّعَمَ التي سارتْ بها ال / ركبانُ وامتلأتْ بها الأقطارُ
ورفعتَ ذكري بعد طُولِ خمولهِ / فكأنني عَلَمٌ عليهِ نارُ
لا شرْكةٌ فيما اصطنعتَ ولا يَدٌ / لِسواك فيها ذلَّةٌ وصَغَارُ
وكفيتَني مِنَنَ الرِجالِ ولم يزلْ / مِنَنُ الرجال يعافُها الأحرارُ
فلأُفردنَّك بالمدائحِ إنَّها / دررٌ وهنَّ على عُلاك نِثَارُ
وَلأَشكرنَّ جميلَ ما أوليتَني / شُكراً تسيرُ بذكرهِ الأشعارُ
ولأطلِعَنّك إن بقيتُ على مدى / سِرٍّ تقاصَرُ دونَه الأسرارُ
فَبقِيتَ مرهوبَ الجَنابِ مؤمَّلاً / من شأنِكَ الإغناءُ والإفقارُ
أيامُك الأعيادُ وهي نواضرٌ / زُهْرٌ وعودُكَ في العَلاء نُضَارُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025