القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَحمود سامِي البارُودِي الكل
المجموع : 54
بَلَوْتُ إِخَاءَ النَّاسِ دَهْرَاً فَلَمْ أَجِدْ
بَلَوْتُ إِخَاءَ النَّاسِ دَهْرَاً فَلَمْ أَجِدْ / أَخَا ثِقَةٍ يَرْعَى مَغِيبِي كَمَحْضَرِي
فَإِنْ أَتَغَيَّرْ عَنْ وِدَادٍ فَإِنَّنِي / أَرَى كُلَّ شَيءٍ عُرْضَةً لِلتَّغَيُّرِ
أَيَا مَلِكَاً هَمَتْ كَفَّاهُ جُودَاً
أَيَا مَلِكَاً هَمَتْ كَفَّاهُ جُودَاً / عَلَى الثَّقَلَيْنِ مِنْ بَادِ وَقَارِي
عَرَاكَ النِّيلُ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ / فَأَلْبِسْهُ الْكَرَامَةَ فَهْوَ عَارِي
يُسَائِلُنِي عَمَّا كَتَمْتُ مِنَ الْهَوَى
يُسَائِلُنِي عَمَّا كَتَمْتُ مِنَ الْهَوَى / صَدِيقي وَفِي بَعْضِ الإِجَابَةِ مَا يُزْرِي
فَإِنْ لَمْ أَقُلْ حَقَّاً كَذَبْتُ عَلَى الْهَوَى / وَإِنْ قُلْتُ إِنِّي عَاشِقٌ بُحْتُ بِالسِّرِّ
يَا رُبَّ بَيْضَاءَ مِنَ الْجَوَارِي
يَا رُبَّ بَيْضَاءَ مِنَ الْجَوَارِي / جَاءَتْ بِطِفْلٍ أَسْوَدٍ كَالْقَارِ
أَخْرَجَهُ مِنْ لُجَّةِ الأَنْوَارِ / مَنْ أَخْرَجَ اللَّيْلَ مِنَ النَّهارِ
سُبْحَانَهُ مِنْ فَاعِلٍ مُخْتَارِ /
لَعَمْرِي لَقَدْ أَيْقَظْتُ مَنْ كَانَ رَاقِدَاً
لَعَمْرِي لَقَدْ أَيْقَظْتُ مَنْ كَانَ رَاقِدَاً / وَأَنْذَرْتُ لَكِنْ لَمْ تَكُنْ تَنْفَعُ النُّذْرُ
نَصَحْتُ فَكَذَّبْتُمْ فَلَمَّا أَتَّى الرَّدَى / عَمَدْتُمْ لِتَصْدِيقِي وَقَدْ قُضِيَ الأَمْرُ
فَلَمْ يَبْقَ فِي أَيْدِيكُمُ غَيْرُ حَسْرَةٍ / وَلَمْ يَبْقَ عِنْدِي غَيْرُ مَا عَافَهُ الصَّدْرُ
فَجَاءَ الَّذِي كُنْتُمْ تَخَافُونَ شَرَّهُ / وَزَالَ الَّذِي لَمْ يَبْقَ مِنْ بَعْدِهِ شِعْرُ
صَبَرْتُ عَلَى رَيْبِ هَذَا الزَّمَانِ
صَبَرْتُ عَلَى رَيْبِ هَذَا الزَّمَانِ / وَلَوْلا الْمَعَاذِرُ لَمْ أَصْبِرِ
فَلا تَحْسَبَنَّي جَهِلْتُ الصَّوَابَ / وَلَكِنْ هَمَمْتُ فَلَمْ أَقْدِرِ
ثَنَتْ عَزْمَتِي ثَوْرَةُ الْمُفْسِدِينَ / وَغَلَّتْ يَدِي فَتْرَةُ الْعَسْكَرِ
وَكُنَّا جَمِيعاً فَلَمَّا وَقَعْتُ / صَبَرْتُ وَغَادَرَنِي مَعْشَرِي
وَلَوْ أَنَّنِي رُمْتُ إِعْنَاتَهُمْ / لَقُلْتُ مَقَالَةَ مُسْتَبْصِرِ
وَلَكِنَّنِي حِينَ جَدَّ الْخِصَامُ / رَجَعْتُ إِلَى كَرَمِ الْعُنْصُرِ
شَفَّنِي وَجْدِي وأَبْلانِي السَّهَرْ
شَفَّنِي وَجْدِي وأَبْلانِي السَّهَرْ / وَتَغَشَّتْنِي سَمَادِيرُ الْكَدَرْ
فَسَوادُ اللَّيْلِ مَا إِنْ يَنْقَضِي / وَبَيَاضُ الصُّبْحِ مَا إِنْ يُنْتَظَرْ
لا أَنِيسٌ يَسْمَعُ الشَّكْوَى وَلا / خَبَرٌ يَأْتِي وَلا طَيْفٌ يَمُرْ
بَيْنَ حِيطَانٍ وَبَابٍ مُوصَدٍ / كُلَّمَا حَرَّكَهُ السَّجَّانُ صَرْ
يَتَمَشَّى دُونَهُ حَتَّى إِذَا / لَحِقَتْهُ نَبْأَةٌ مِنِّي اسْتَقَرْ
كُلَّمَا دُرْتُ لأَقْضِي حَاجَةً / قَالَتِ الظُّلْمَةُ مَهْلاً لا تَدُرْ
أَتَقَرَّى الشَّيءَ أَبْغِيهِ فَلا / أَجِدُ الشَّيءَ وَلا نَفْسِي تَقَرْ
ظُلْمَةٌ مَا إِنْ بِهَا مِنْ كَوْكَبٍ / غَيرُ أَنْفَاسٍ تَرامَى بِالشَّرَرْ
فَاصْبِرِي يَا نَفْسُ حَتَّى تَظْفَرِي / إِنَّ حُسْنَ الصَّبْر مِفْتَاحُ الظَّفَرْ
هِيَ أَنْفَاسٌ تقَضَّى وَالْفَتَى / حَيْثُمَا كَانَ أَسِيرٌ لِلْقَدَرْ
لَئِنْ فَرَّقَتْ مَا بَيْنَنَا شُقَّةُ النَّوَى
لَئِنْ فَرَّقَتْ مَا بَيْنَنَا شُقَّةُ النَّوَى / لَعَمْرِي وَحَالَتْ دُونَنَا نُوَبُ الدَّهْرِ
فَشَخْصُكَ فِي عَيْنِي وَذِكْرُكَ فِي فَمِي / وَحُبُّكَ فِي قَلْبِي وَسِرُّكَ فِي صَدْرِي
مَنْ طَلَبَ الْعِزَّ بِلا آلَةٍ
مَنْ طَلَبَ الْعِزَّ بِلا آلَةٍ / أَدْرَكَهُ الذُّلُّ مَكانَ الظَّفَرْ
فَاصْبِرْ عَلَى الْمَكْرُوهِ تَظْفَرْ بِمَا / شِئْتَ فَقَدْ حَازَ الْمُنَى مَنْ صَبَرْ
وَقِفْ إِذَا مَا عَرَضَتْ شُبْهَةٌ / فَاللُّبْثُ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْغرَرْ
وَلا تَقُولَنَّ لِشَيءٍ مَضَى / يَا لَيْتَهُ دَامَ وَخُذْ مَا حَضَرْ
وَلا تُعَامِلْ صَاحِبَاً بِالَّتِي / تَرْجِعُ عَنْهَا تَائِبَاً تَعْتَذِرْ
وَغُضَّ مِنْ طَرْفِكَ إِنْ خِفْتَهُ / فَحَاجِبُ الشَّهْوَةِ غَضُّ الْبَصَرْ
وَنَبْأَةٌ أَطْلَقَتْ عَيْنَيَّ مِنْ سِنَةٍ
وَنَبْأَةٌ أَطْلَقَتْ عَيْنَيَّ مِنْ سِنَةٍ / كَانَتْ حِبَالَةَ طَيْفٍ زَارَنِي سَحَرَا
فَقُمْتُ أَسْأَلُ عَيْنِي رَجْعَ مَا سَمِعَتْ / أُذْنِي فَقَالَتْ لَعَلِّي أَبْلُغُ الْخَبَرَا
ثُمَّ اشْرَأَبَّتْ فَأَلْفَتْ طَائِرَاً حَذِراً / عَلَى قَضِيبٍ يُدِيرُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَا
مُسْتَوْفِزاً يَتَنَزَّى فَوْقَ أَيْكَتِهِ / تَنَزِّي الْقَلْبِ طَالَ الْعَهْدُ فَادَّكَرَا
لا تَسْتَقِرُّ لَهُ سَاقٌ عَلَى قَدَمٍ / فَكُلَّمَا هَدَأَتْ أَنْفَاسُهُ نَفَرَا
يَهْفُو بِهِ الْغُصْنُ أَحْيَاناً وَيَرْفَعُهُ / دَحْوَ الصَّوَالِجِ فِي الدَّيْمُومَةِ الأُكَرَا
مَا بَالُهُ وَهْوَ فِي أَمْنٍ وَعَافِيَةٍ / لا يَبْعَثُ الطَّرْفَ إِلَّا خَائِفَاً حَذِرَاً
إِذَا عَلا بَاتَ فِي خَضْرَاءَ نَاعِمَةٍ / وَإِنْ هَوَى وَرَدَ الْغُدْرَانَ أَوْ نَقَرَا
يَا طَيْرُ نَفَّرْتَ عَنِّي طَيْفَ غَانِيَةٍ / قَدْ كَانَ أَهْدَى لِيَ السَّرَّاءَ حِينَ سَرَى
حَوْرَاءُ كَالرِّئْمِ أَلْحَاظَاً إِذَا نَظَرَتْ / وَصُورَةِ الْبَدْرِ إِشْرَاقَاً إِذَا سَفَرَا
زَالَتْ خَيَالَتُهَا عَنِّي وَأَعْقَبَهَا / شَوْقٌ أَحَالَ عَلَيَّ الْهَمَّ وَالسَّهَرَا
فَهَلْ إِلَى سِنَةٍ إِنْ أَعْوَزَتْ صِلَةٌ / عَوْدٌ نَنَالُ بِهِ مِنْ طَيْفِهَا الْوَطَرَا
مَا أَطْوَلَ اللَّيْلَ عَلَى السَّاهِرِ
مَا أَطْوَلَ اللَّيْلَ عَلَى السَّاهِرِ / أَمَا لِهَذَا اللَّيْلِ مِنْ آخِرِ
يَا مُخْلِفَ الْوَعْدِ أَلا زَوْرَةٌ / أَقْضِي بِهَا الْحَقَّ مِنَ الزَّائِرِ
تَرَكْتَنِي مِنْ غَمَرَاتِ الْهَوَى / فِي لُجِّ بَحْرٍ بِالرَّدَى زَاخِرِ
أَسْمَعُ فِي قَلْبِي دَبِيبَ الْمُنَى / وَألْمَحُ الشُّبْهَةَ فِي خَاطِرِي
فَتَارَةً أَهْدَأُ مِنْ رَوْعَتِي / وَتَارَةً أَفْزَعُ كَالطَّائِرِ
وَبَيْنَ هَاتَيْنِ شَبَا لَوْعَةٍ / لَهَا بِقَلْبِي فَتْكَةُ الثَّائِرِ
فَهَلْ إِلَى الْوُصْلَةِ مِنْ شَافِعٍ / أَمْ هَلْ عَلَى الصَّبْوَةِ مِنْ نَاصِرِ
يَا قَلْبُ لا تَجْزَعْ فَإِنَّ الْمُنَى / فِي الصَّبْرِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِ
رَجَعَ الْخِدِيو لِمِصْرِهِ
رَجَعَ الْخِدِيو لِمِصْرِهِ / وَأَتَتْ طَلائِعُ نَصْرِهِ
وَتَهَلَّلَتْ بِقُدُومِهِ / فَرَحاً أَسِرَّةُ عَصْرِهِ
فَلْتَبْتَهِجْ أَوْطَانُهُ / بِحُلُولِهِ فِي قَصْرِهِ
وَلْيَشْتَهِرْ تَارِيخُهُ / رَجَعَ الْخِديو لِمِصْرِهِ
بِكَ اسْتَقَامَتْ مِصْرُ حَتَّى غَدَتْ
بِكَ اسْتَقَامَتْ مِصْرُ حَتَّى غَدَتْ / يَحْمَدُهَا الْوَارِدُ وَالصَّادِرُ
وَكَيْفَ لا تُبْصِرُ قَصْدَ الْهُدَى / حُكُومَةٌ أَنْتَ لَهَا نَاظِرُ
أَغُرَّةٌ تَحْتَ طُرَّهْ
أَغُرَّةٌ تَحْتَ طُرَّهْ / أَمُ نُورُ فَجْرٍ بِسُحْرَهْ
وَذَاكَ فَرْعٌ وَنَهْدٌ / أَمْ صَوْلَجَانٌ وَأُكْرَهْ
سَمْرَاءُ تَهْفُو بِقَدٍّ / كَالرُّمْحِ لِيناً وَسُمْرَهْ
مَرَّتْ عَلَيَّ تَهَادَى / مِثْلَ الْمَهَاةِ بِشَبْرَهْ
فَقُلْتُ يا نُورَ عَيْنِي / مَا لِي عَلَى الصَّبْرِ قُدْرَهْ
فَنَقَّبَتْ وَجْنَتَيْهَا / يَدُ الْحَيَاءِ بِحُمْرَهْ
وَقَالَتِ اسْكُتْ وَإِلَّا / تَصِيرُ فِي النَّاسِ شُهْرَهْ
فَقُلْتُ هَلْ مِنْ وِصَالٍ / يَكُونُ لِلْحُبِّ أُجْرَهْ
فَاسْتَضْحَكَتْ ثُمَّ قَالَتْ / عَلَى الْخَديعَةِ بُكْرَهْ
غَادَةٌ كَالْمَهَاةِ تَهْفُو بِخَصْرٍ
غَادَةٌ كَالْمَهَاةِ تَهْفُو بِخَصْرٍ / تَحْتَ بَنْدٍ كَمِعْصَمٍ فِي سِوارِ
تِلْكَ عَمْرِي هِيَ الْحَيَاةُ فَلا تُؤْ / ثِرْ عَلَيْهَا جَلائِلَ الأَوْطَارِ
فَاقْسِمِ الْعُمْرَ بَيْنَ جَدٍّ وَهَزْلٍ / وَوَقَارٍ طَوْرَاً وَخَلْعِ عِذَارِ
وَاسْعَ تَبْلُغْ مَا رُمْتَهُ مِنْ نَفِيسٍ / فَالْمَسَاعِي مَدَارِجُ الأَحْرَارِ
قَدْ يَنَالُ الْفَتَى إِذَا كَانَ شَهْمَاً / مُبْتَغَاهُ فِي ضَحْوَةٍ مِنْ نَهَارِ
أُصَافِي خَلِيلِي مَا صَفَا لِي فَإِنْ جَفَا
أُصَافِي خَلِيلِي مَا صَفَا لِي فَإِنْ جَفَا / عَتَبْتُ عَلَيْهِ غَيْرَ جَافٍ وَلا وَعْرِ
فَإِنْ عَادَ لِي بالْوُدِّ عُدْتُ وَإِنْ أَبَى / صَبَرْتُ لأَرْعَى ذِمَّةَ الْوُدِّ بِالصَّبْرِ
فَإِنْ زَادَنِي هَجْرَاً ضَرَبْتُ عَنِ اسْمِهِ / وَأَمْسَكْتُ عَنْ سُخْطِي عَلَيْهِ وَعَنْ شُكْرِي
وَمَا تِلْكَ مِنِّي نَبْوَةٌ غَيْرَ أَنَّنِي / أُنَزِّهُ نَفْسِي عَنْ مُلابَسَةِ الغَدْرِ
لِكُلِّ حَيٍّ نَذِيرٌ مِنْ طَبِيعَتِهِ
لِكُلِّ حَيٍّ نَذِيرٌ مِنْ طَبِيعَتِهِ / يُوحِي إِلَيْهِ بِمَا تَعْيَا بِهِ النُّذُرُ
يَرْجُو وَيَخْشَى أُمُورَاً لَوْ تَدَبَّرَهَا / لَزَالَ مِنْ قَلْبِهِ التَّأْمِيلُ وَالْحَذَرُ
تَرَاهُ يَسْعَى لِجَمْعِ الْمَالِ مُعْتَقِداً / أَنَّ الْفَتَى مَنْ لَدَيْهِ السَّامُ وَالشَّذَرُ
وَكَيْفَ تَنْقَى ثِيابُ الْمَرْءِ مِنْ دَنَسٍ / وَقَلْبُ لابِسِهَا مِنْ غَدْرِهِ قَذِرُ
يَا فَارِسَ الْخَيْلِ كَفْكِفْ عَنْ أَعِنَّتِهَا / فَقَدْ شَكَتْ فِعْلَكَ الأَحْلاسُ وَالْعُذُرُ
إِنْ كُنْتَ تَبْغِي بِهَا مَا لَسْتَ تَبْلُغُهُ / مِنَ الْبَقَاءِ فَبِئْسَ الْبُطْلُ وَالْهَذَرُ
إِنَّ الْحَيَاةَ وَإِنْ طَالَتْ إِلَى أَمَدٍ / وَالدَّهْرُ قُرْحَانُ لا يُبْقِي وَلا يَذَرُ
لا يَأْمَنُ الصَّامِتُ الْمَعْصُومُ صَوْلَتَهُ / وَلا يَدُومُ عَلَيْهِ النَّاطِقُ الْبَذِرُ
فَاضْرَعْ إِلَى اللَّهِ وَاسْتَوْهِبْهُ مَغْفِرَةً / تَمْحُو الذُّنُوبَ فَجَانِي الذَّنْب يَعْتَذِرُ
وَاعْجَلْ وَلا تَنْتَظِرْ تَوْبَاً غَدَاةَ غَدٍ / فَلَيْسَ فِي كُلِّ حِينٍ تُقْبَلُ الْعِذَرُ
هَيْهَاتَ لا يَسْتَوِي الشَّخْصَانِ فِي عَمَلٍ / هَذَا صَحِيحٌ وَهَذَا فَاسِدٌ مَذِرُ
أَلا هَتَفَتْ بِالأَيْكِ سَاجِعَةُ الْقُمْرِ
أَلا هَتَفَتْ بِالأَيْكِ سَاجِعَةُ الْقُمْرِ / فَطُفْ بِالْحُمَيَّا فَهْيَ رَيْحَانَةُ الْعُمْرِ
وَإِنْ أَنْتَ أَتْرَعْتَ الأَبَارِيقَ فَلْتَكُنْ / سُلافاً وَإِيَّاكَ الْفَضِيخَ مِنَ التَّمْرِ
فَقَاتِلَةُ الْعُرْجُونِ لِلْفَاقِدِ النَّدَى / وَصَافِيَةُ الْعُنْقُودِ لِلْمَاجِدِ الْغَمْرِ
مُوَرَّدَةٌ تَمْتَدُّ مِنْهَا أَشِعَّةٌ / تَدُورُ بِهَا في ظِلِّ أَلْوِيَةٍ حُمْرِ
إِذَا شَجَّهَا السَّاقُونَ دَارَ حَبَابُها / عَلَيْهَا كَمَا دَارَ الشَّرَارُ عَلَى الْجَمْرِ
ثَوَتْ فِي ضَمِيرِ الدَّهْرِ والْجَوُّ ظُلْمَةٌ / بِلا كَوْكَبٍ وَالأَرْضُ تَسْبَحُ في غَمْرِ
فَجَاءَتْ وَلَوْلا عَرْفُهَا وَبَرِيقُهَا / لَكَانَتْ خَفاً بَيْنَ الدَّسَاكِرِ كَالضَّمْرِ
تُزَفُّ بِأَلْحَانِ الْمَثَانِي كُؤُوسُهَا / كَمَا زُفَّتِ الْحَسْنَاءُ بِالطَّبْلِ وَالزَّمْرِ
كُمَيْتٌ جَرَتْ فِي حَلْبَةِ الدَّهْرِ فَانْطَوَتْ / ثَمِيلَتُهَا وَالْخَيْلُ تُحْمَدُ بِالضُّمْرِ
فَكَمْ بَيْنَ آصَالٍ أَدَرْنَا كُؤُوسَهَا / وَبَيْنَ لَيَالٍ مِنْ كَواكِبِها نُمْرِ
إِذَا أَنْتَ قَامَرْتَ الزَّمَانَ عَلَى الْمُنَى / بِمَا دَارَ مِنْ أَقْدَاحِهَا فُزْتَ بِالْقَمْرِ
فَخُذْ في أَفَانِينِ الْخَلاعَةِ وَالصِّبَا / وَدَعْنِي مِنْ زَيْدِ النُّحَاةِ وَمِنْ عَمْرِو
أُولَئِكَ قَوْمٌ في حُروبٍ تَفَاقَمَتْ / وَلَكِنْ خَلَتْ مِنْ فَتْكَةِ الْبِيضِ وَالسُّمْرِ
فَمَا تَصْلُحُ الأَيَّامُ إِلَّا إِذَا خَلَتْ / قُلُوبُ الْوَرَى فِيها مِنَ الْحِقْدِ وَالْغِمْرِ
وَلا تَتَعَرَّضْ لاِمْرِئٍ بِمَسَاءَةٍ / وَلا تَحْتَلِبْ ضَرْعَ الشِّقَاقِ وَلا تَمْرِ
وَلا تَحْتَقِرْ ذَا فَاقَةٍ بَيْنَ طِمْرِهِ / فَيَا رُبَّ فَضْلٍ يَبْهَرُ الْعَقْلَ فِي طِمْرِ
وَكَيْفَ يَعِيشُ الْمَرءُ فِي الدَّهْرِ آمِناً / وَلِلْمَوتِ فِينا وَثْبَةُ اللَّيْثِ والنِّمْرِ
وَمَا أَحْسَبُ الأَيَّامَ تَصْفُو لِعَاقِلٍ / وَلَكِنْ صَفَاءُ الْعَيْشِ لِلْجَاهِلِ الْغُمْرِ
سَعَيْتُ فَأَدْرَكْتُ الْمُنَى في طِلابِها / وَكُلُّ امْرِئٍ فِي الدَّهْرِ يَسْعَى إِلَى أَمْرِ
نَمَّ الصَّبَا وَانْتَبَهَ الطَّائِرُ
نَمَّ الصَّبَا وَانْتَبَهَ الطَّائِرُ / وَاسْتَحَرَ الصَّاهِلُ وَالْهَادِرُ
وَأَضْحَتِ الأَرْضُ لِفَيْضِ الْحَيَا / مَصْقُولَةً يَلْهُو بِهَا النَّاظِرُ
تَبْدُو بِهَا أَنْجُمُ زَهْرٍ لَهَا / مَنَازِلٌ يَجْهَلُهَا الْخَابِرُ
كَأَنَّمَا أَلْبَسَهَا نَثْرَةً / مِنَ النُّجُومِ الْفَلَكُ الدَّائِرِ
فَقُمْ بِنَا نَلْهُ بِلَذَّاتِنَا / فَإِنَّمَا الْعَيْشُ لَهُ آخِرُ
وَلا تَقُلْ نَنْظُرُ مَا فِي غَدٍ / رُبَّ غَدٍ آمِلُهُ خَاسِرُ
فَإِنَّمَا الْعَيْشُ وَلَذَّاتُهُ / فِي سَاعَةٍ أَنْتَ بِهَا سَادِرُ
لا يَغْنَمُ اللَّذَّةَ غَيْرُ امْرِئٍ / لَيْسَ لَهُ عَنْ لَهْوِهِ زَاجِرُ
قَدْ خَبَرَ الدَّهْرَ فَمَا غَائِبٌ / يَجْهَلُهُ مِنْهُ وَلا حَاضِرُ
يَا سَاقِيَيَّ اعْتَوِرَا كَأْسَهَا / فَلِي بِهَا عَنْ غَيْرِهَا عَاذِرُ
حَمْرَاءُ تُلْقِي بِلَحَاظِ الْفَتَى / صِبْغَاً بِهِ يَعْتَرِفُ النَّاكِرُ
تَفْعَلُ بِالشَّارِبِ أَضْعَافَ مَا / جَرَّ عَلَى عُنْقُودِهَا الْعَاصِرُ
عَتَّقَهَا الدُّهْقَانُ فِي دَيْرِهِ / حِيناً وَلَمْ يَشْعُرْ بِهَا شَاعِرُ
شَجٍ بِهَا يَكْتُمُهَا نَفْسَهُ / وَهْوَ لِيَرْضَاهَا غَدَاً صَابِرُ
حَتَّى إِذَا تَمَّتْ مَوَاقِيتُهَا / وَزَالَ عَنْهَا الزَّبَدُ الْمَائِرُ
جَاءَتْ وَقَدْ شَاكَلَهَا كَأْسُهَا / فَاشْتَبَهَ الْبَاطِنُ وَالظَّاهِرُ
بِمِثْلِهَا تُعْجِبُنِي صَبْوَتِي / وَيَزْدَهِينِي اللَّيْلُ وَالسَّامِرُ
فَمَا لِهَذِي النَّاسِ فِي غَفْلَةٍ / عَمَّا إِلَيْهِ يَنْتَهِي السَّائِرُ
أَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ مَضَتْ قَبْلَهُمْ / مِنْ أُمَمٍ لَيْسَ لَهَا ذَاكِرُ
إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الأَمْرِ مِنْ حِكْمَةٍ / فَفِيمَ هَذَا الشَّغَبُ الثَّائِرُ
كُلُّ امْرِئٍ أَسْلَمَهُ عَقْلُهُ / فَمَا لَهُ مِنْ بَعْدِهِ نَاصِرُ
وَلَمَّا اسْتَقَلَّ الْحَيُّ فِي رَوْنَقِ الضُّحَى
وَلَمَّا اسْتَقَلَّ الْحَيُّ فِي رَوْنَقِ الضُّحَى / وَقَطَّعَ أَنْفَاسَ الْمُقِيمِ الْمُسَافِرُ
تَحَوَّلَ رَاعِي الصَّبْرِ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ / وَبَاحَتْ بِأَسْرَارِ الْقُلُوبِ النَّوَاظِرُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025