القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مصطفى صادق الرافعي الكل
المجموع : 46
غيرُ قلبي أراهُ يسطيعُ صبرا
غيرُ قلبي أراهُ يسطيعُ صبرا / وسوى علتي من الحبِّ تبرى
أنا لم يبقَ بينَ جنبيَّ إلا / كبدٌ من لوعةِ الشوقِ حرَّا
فدعوا اللومَ إنما هو لؤمٌ / وقديماً ولدتْ والعينُ عبرى
ما عليكم من الغرامِ إذا ما / كانَ حلوَ المذاقِ أو كانَ مرَّا
إن تكنْ تصغرُ المصئبُ فالنف / سُ ترى فيكم المصائبُ كُبرى
كرجالِ الوباءِ في طلعةِ الطا / عونِ أيامَ زلزلَ الويلُ مصرا
سفهاءُ كمثلِ ما افتضحَ العر / ضُ لئامٌ كالعسرِ لم يبقِ يسرا
والذي أثقلَ الرواسي أني / لأرى ظلكم على الأرضِ صخرا
لا يغرَّنَّ من يلومني الصم / تُ فإني رأيتُ في الصمتِ أجرا
أإذا نالَ من كريمٍ سفيهٌ / أتقيموا لهُ السفاهةَ عذرا
ليتَ هذا الزمانَ يرجعُ يوماً / من زمانِ الصبا ويأخذ عمرا
يومَ كانَ الفؤادُ كالروضةِ الغنا / ءِ تجني يد الهوى منهُ زهرا
والليالي كالطيرِ ناحتْ فخلنا / ها تغني وهنَّ يبكينَ قسرا
والأماني على الهوى حائماتٌ / مثلَ سربِ القطا إذا جئنَ نهرا
وإذا همَّ أن تنولني يمنى يدي / هِ همتْ بسلبي يسرى
أنا يا دهرُ لم أسئْ لكَ يوماً / فلماذا أساءني الهمُّ دهرا
قد رآني مما تحمَّلَ صدري / لو أتاني السرورُ لم يلقَ صدرا
ولعمري لم أمشِ في الأرضِ إلا / قامَ بي أن تحتَ رجليَّ قبرا
يا نجومَ السماءِ ما لكِ تزهي / نَ كلانا قد باتَ يعشقُ بدرا
إن تعيني على همومِ الليالي / فاحملي شطرها وأحملُ شطرا
أجدُ الهمَّ كلما نقصتهُ / ساعةً بالرجاءِ زادتهُ أخرى
وبنا حسرةٌ تزجُّ لها الأر / ضُ فهل أنتِ في سمائكِ حَسْرى
ما على من هويتِ لو حملَ البر / قَ سلاماً واستودعَ الريحَ سرا
هو أدرى بما أحاولُ منهُ / وأنا بالذي يحاولُ أدرى
ألفَ الصدَّ والتجافي غدراً / وأذى الصب والتجني كبرا
من يحييهِ والنسيمُ إذا هبَّ جفا / ني والصبحُ أطولُ هجرا
وصحابي إذا افتقرتُ إليهم / زادنب الأغنياءُ عني فقرا
خلقَ اللهُ ذا الجمالَ متاعاً / غيرَ أنَ الجميلَ بالتيهِ مَغْرى
وأرى الصدَّ لذةً وشقاءً / ومن النفعِ ما إذا زادَ ضرَّا
فاحذري يا نجومُ بدركِ إني / أجدُ الحسنَ صارَ في الناسِ سرا
أرهفْ سيوفكَ يا ده
أرهفْ سيوفكَ يا ده / رُ قدْ عرفتَ مَخَزِّي
فلستُ أرجو لِذُلي / من كادني يومَ عِزِّي
وكم حبيبٍ فقدنا / فلمْ نجدْ من يغرِّي
نفرتْ والظباءُ ذاتَ نفارِ
نفرتْ والظباءُ ذاتَ نفارِ / وتجنتْ عليهِ ذاتَ السوارِ
لم يكن يعرف الهوى فرآها / ورأى زهرة الهوى في الإزارِ
ورنتْ عينها إليهِ بأن لا / تتبعنا فمرَّ في الآثارِ
يتوارى عن العيونِ وإن لم / يكُ عن كاتبيهِ بالمتواري
ويدورُ الهوىبلحظيهِ ما بي / نَ يمينٍ تخوفاً ويسارِ
وهي تختالُ كالغصونِ إذ ما / لَ بهنَّ النسيمُ في الإسحارِ
أو مهاةِ النقا إذا رأتِ القا / نصَ لكنها بغيرِ انذعارِ
يحسبُ الناسُ طيبها نفسُ الصب / حِ على زهرةِ روضةٍ معطارِ
ويظنونها من الحورِ لولا الحو / رُ محجوبةٌ عن الإبصارِ
ويخالونَ وجهها قمرَ الأف / قِ على ما بأوجهِ الأقمارِ
ويقولونَ فتنةٌ قد برَّها اللَّ / هُ سبحانه فجلَّ الباري
خطرتْ تخطفُ القلوبَ وقد سلَّ / تْ سيوفاً من لحظها البتّارِ
في دلالٍ تجرُّ مثلَ الطواوي / سِ على عجبهنَّ فضلُ الإزارِ
والثرى كلُّهُ قلوبٌ ضعافٌ / خشيتْ صولةَ الهوى الجبارِ
والفتى يتبعُ الفتاةَ وقد أم / سى بما مسَّ قلبهُ غيرُ دارِ
ورأى قصرها فطارَ وطارتْ / وادعى وادعتْ حقوقَ الجوارِ
وأتتهُ يلوحُ في وجهها البش / رُ وحيتْ تحيةَ استبشارِ
ينثني خلفها من الخُرَّدِ العي / ن ِرياحينٌ طبنَ كالأزهارِ
هنَّ رباتُ كلِّ ذاتِ جمالٍ / ولها وحدها خلقنَ جواري
فنشرنَ الكؤوسَ وانبعثَ الله / و وقامتْ قيامةُ الأوتارِ
وحكى صوتهنَّ أصواتَ داو / دَ فهبتْ سواجعُ الأطيارِ
وتراخى الظلامُ فانفجرَ الصبحُ / وسالتْ ذكاءُ سيلَ النضارِ
وبكى الغيدُ رحمةً لفتاهنَّ / ولكن بمدمعٍ غيرَ جاري
ثمَّ ودَّعنهُ فقامَ حزيناً / ينثني بينَ ذلّةِ وانكسارِ
ولو أنَّ الهوى يمسُّ قلوبَ الأُس / دِ ذلتْ نفوسُ تلكَ الضواري
لا وذاتِ السوارِ ما نقضَ العهدَ / ولا خانهُ لا وذاتِ السوارِ
صانَ أسرارها وباحتْ بما في / صدرها من ودائعِ الأسرارِ
وأصاختْ إلى الوشاةِ فلجتْ / في التجني ولجَّ في الاعتذارِ
واستعارَ الزمانُ ايامَ ذاكَ الأُ / نسِ والدهرُ لا يردُ العواري
ونأتْ دارها فباتَ بلا قلبٍ / ولا مسعدٌ سوى التذكارِ
وجنونُ المحبِّ يومَ تراهُ / في ديارٍ وقلبهُ في ديارِ
الشرقُ سوقُ الغربِ لكنها
الشرقُ سوقُ الغربِ لكنها / لا يشتري منها سوى البائرِ
باعَ بنوها بعضُهمْ بعضَهم / والويلُ للرابحِ وللخاسرِ
جل الناسِ أعداءُ
جل الناسِ أعداءُ / على السرَّاءِ والضَّرَّا
فلا يغرُرْكَ مبتسمٌ / وإن أبدى لكَ البشرا
ففي الصدر حزازاتٌ / تطادُ تمزقُ الصدرا
ولو كادوا النجومَ هوتْ / من الخضراءِ للغبرا
وما الدنيا إذا فكر / تَ غير جهنمَ الصُّغرى
ألستَ ترى بها أمماً / وكلٌّ تلعنُ الأخرى
لقد جرَّبْتُ جُلَّهُمُ / فلمْ أر فيهمُ خيرا
ومثلهم لنا الكفرا / وي والصبانُ والفرا
فعمروٌ ضاربٌ زيداً / وزيدٌ ضاربٌ عمرا
ما بال ألأنفكَ هذا قد شمختَ بهِ
ما بال ألأنفكَ هذا قد شمختَ بهِ / إلى السمواتِ حتى جاوزَالقدرا
لولا خشيتُ إذا ما كنت رافعهُ / من أجلِ واحدةٍ أن يقفأ الأخرى
لكلِّ امرئٍ أجلٌ منتظرُ
لكلِّ امرئٍ أجلٌ منتظرُ / ويبقى من الذاهبينَ الأثرْ
يردِّدُهُ الناسُ جيلاً فجيلاً / ويروونهُ زمراً عن زمرْ
ترى فيهِ نفسُ الفتى مثلما / ترى في المرآةِ وجوهَ البشرْ
فذلكَ مرآتهُ للنفوسِ / وهاتيكَ مرآتها للصدرْ
وما الناسُ إلا حديثٌ يدومُ / فالخيرُ خيرٌ والشرُّ شرْ
يا فاجعَ القومِ ماذا ينفعُ الحذرُ
يا فاجعَ القومِ ماذا ينفعُ الحذرُ / وقد عهدناكَ لا تبقي ولا تَذَرُ
جنتْ أناملكَ الأرواحَ فانتثرتْ / كما تناثرَ من أوراقهِ الزَّهَرُ
وما بمانعهم ما قدَروا وقضوا / وقبلَ كلِّ قضاءٍ في الورى قدرُ
من يتعظ فصروفُ الدهرِ موعظةٌ / وما مواعظِ دهرٍ كلّهُ عبرُ
يا لهفَ كابلَ ما فاجأتَ كافلها / حتى درى كلُّ قلبٍ كيفَ ينفطرُ
فجعتها وفجعتَ العالمينَ بها / حتى النجومُ وحتى الشمسُ والقمرُ
وجئت ضيغمها لكن بمخلبهِ / فما استطاعكَ ذاكَ الضيغمُ الهصِرُ
قد كانَ يزجي المنايا للعدا زمراً / واليومَ جئنَ لهُ من ربِّهِ الزمرُ
وكانَ يأتيهِ ريبُ الدهرِ معتذراً / واليومَ عنهُ صروفُ الدهرِ تعتذرُ
ما شبَّ في غيرِ الأحداثِ فكرتهُ / إلا أضاءت لهُ الأحداثُ والغيرُ
ولو روى الفلكُ الدوارُ حكمتهُ / لامستِ الشهبُ فيهِ كلها سورُ
والدهرُ يومّانٌ يومٌ كلهُ كَدَرٌ / لا صفوَ فيهِ ويومٌ بعضهُ كدرُ
وما تبسمَ للأيامِ مختبلٌ / إلا تفجَّعَ بالأيامِ مختبرُ
سلوا المآثرَ عنهُ فهي باقيةٌ / في كلِ قلبٍ لهُ من حبهِ أثرُ
واستخبروا الأرضَ ما للشمسِ كاسفةٌ / فما جهينةُ إلا عندها الخبرُ
يا شامخاً دكَّهُ ريبُ المنونِ أما اه / تزَّ الحطيمُ وركنُ البيتِ والحجرُ
هذي المدافعُ والأسيافُ ناطقةٌ / في الغربِ والهندِ بالأفغانِ تفتخرُ
طارت بنعيكَ في الإسلامِ بارقةٌ / فانهلَّ دمعُ بني الإسلامِ ينهمرُ
خطبُ قلوبِ الورى من حرِّ جاحمهِ / كأنَّ نار الوغى فيهنَّ تستعرُ
فما لأنباءِ هذا السلكِ خائنةٌ / حتى المدامعُ خانت سلكها الدررُ
زمانٌ عيشُنا فيه اضطرارُ
زمانٌ عيشُنا فيه اضطرارُ / كما تحتَ الثرى دُفن النضارُ
نحاذرهُ ومن يخشَ الرزايا / فاصعبُ من رزاياهُ الحذارُ
ويلهو بعضُنا كالشاةِ ترعى / وقدْ حدت بجانبها الشفارُ
وإطراقُ الزمانِ يغرُّ قوماً / وما إطراقهُ إلا افتكارُ
يظنُ المرءُ أن قد فرَّ منهُ / ولكن كانَ منهُ لهُ الفرارُ
إذا وسعتْ في قفصٍ لطيرٍ / فكيفَ يفرُّ والقفصُ المطارُ
أرىما تمنحُ الدنيا هموماً / فأهنى العيشِ أمنٌ وافتقارُ
وكيفَ يُسرُّ ذو دينٍ تراهُ / يزيدُ ديونهُ هذا اليسارُ
لعمركَ إنما الأموالُ حزنٌ / فإن العمرَ ثوب مستعارُ
وما ماتَ الغنيُّ بغيرِ همٍّ / وأيةُ حسرةٍ هذا الخسارُ
كأن المالَ أقلامٌ فمنها / بسفرِ العمرِ حذف واختصارُ
كأنَّ خزانةَ الأموالِ قبرٌ / ففي نفسِ الغنيِّ بها انكسارُ
ويا عجباً من الأقدارِ تجري / وبعدَ وقوعِ ما تجري تدارُ
رأيتُ الفقرَ للفقراءِ حظاً / وفي أهلِ الغنى لهم اعتبارُ
وإن نالَ الفقيرَ الهمُّ يوماً / فأهونُ من لظى النارِ الشرارُ
يذلُ لهُ الزمانُ فلا يبالي / بما يأتي المساءُ ولا النهارُ
فيا كوخَ الفقيرِ غدوتَ دنيا / وكلُّ الأرضِ للفقراءِ دارُ
على تلكَ القصورِ أرى دخاناً / أخفَ عليكَ منهُ ذا الغبارُ
وفيكَ سلامةٌ من كلِّ همٍّ / وفيها من همومِ الدهرِ نارُ
عليكَ الشمسُ تاجٌ لم ينلهُ / سواكَ ومن حلى الظلِّ السوارُ
وإن يكن الزمانُ لهُ أميرٌ / فمن فيهِ لذا الدهرِ احتقارُ
كأن الدهرَ أليسَ جلدَ هرٍّ / وكلُّ مملكٍ في الناسِ فارُ
وما يغني كبارَ الإسمِ شيءٌ / وأنفسهم وإن كبروا صغارُ
فيا كوخَ الفقيرِ إذاً سلاماً / فأنتَ لبهجةِ الدنيا وقارُ
وما تلكَ القصور سوى ذنوبٌ / وأنتَ لها من الدهرِ اعتذارُ
أرى عقلي كساقيةٍ تُدارُ
أرى عقلي كساقيةٍ تُدارُ / وأنواعُ العلومِ لها بحارُ
ولي فكر كبستانٍ نضيرٍ / شهيُّ معارفي فيهِ ثمارُ
تناولتُ العلومَ وكانَ جهل / كمثلِ الليلِ فانشقَّ لنهارُ
ولاحَ ليَ الورى شيئاً عجيباً / وكلُّ فتى رأى عجباً يحارُ
فما الدنيا كما كنّا نراها / مُصَغَّرةً ونحنُ إذاً صغارُ
وإنَّ الجهلَ يسترُ كلَّ حسنٍ / كنورُ الشمسِ يحجبهُ الغبارُ
أرى لي موقفاً حرجاً كأني / ضللتُ وليسَ في بحري منارُ
سأفعلُ فعلَ أجدادي فإمَّا / كما نالوا وإمَّا حيثُ صاروا
وما أنا بالصغيرِ العقلِ حتى / تعزَّ على يدي الهمم الكبارُ
ولا أنا بالضعيفِ القلبِ حتى / تقيِّدُني المنازلُ والديارُ
سأضربُ في البلادِ فأيُّ فجٍّ / تلتاني فذلكَ لي قرارُ
ولا عارٌ على الساعي لمجدٍ / ولكنَّ التزامَ الدارِ عارُ
وما قدْرُ اللآلئ وْهيَ درٌّ / إذا لم ينفلقْ عنها المحارُ
يا من سعى لغناهُ
يا من سعى لغناهُ / وعادَ بعدُ فقيرا
إن لم يكن لكَ حظٌّ / كانَ اليسيرُ عسيرا
أنَّى تطاولَ من طا / لَ إنْ خُلِقْتَ قصيرا
نصبتَ فخَّكَ لكنْ / سواكَ ذادَ الطيورا
أصبحَ كلُّ منظرا
أصبحَ كلُّ منظرا / فاتركْ لهُ منظرهُ
وأغضبِ الصاحبَ إن / اردتَ أنْ تخبُرَهُ
فكلُّ ماءٍ كدرٍ / من هاجهُ عكَّرهُ
دعوني إنَّ سري اليو
دعوني إنَّ سري اليو / مَ أن ليسَ لي سرُّ
وما يعجبُ من أمري / سوى أن ليسَ لي أمرُ
فعُوا ما قرأتْ عيني / فإنَّ كتابها الصدرُ
لقد عُلّمتُ أمرَ النا / سِ مذ علمني الدهرُ
وعندي أنَّ جهلَ الالشرِ / في الناسِ هو الشرُّ
وتركُ الفكرِ فيما تش / تهي النفسُ هو الفكرُ
حلا الموتُ لمن لم يد / رِ أنَّ مذاقهُ مرُّ
رحيقٌ كماءِ الشبا
رحيقٌ كماءِ الشبا / بِ من وجنةٍ يقطرُ
بكأسٍ كبدرِ الدجى / ظلامي بها مقمرُ
وساقٍ على ساقِهِ / يرجرجهُ المئزرُ
تحجبها كفهُ / وفي خدِّهِ تظهرُ
أراهُ لنا قائداً / ونحنُ لهُ عسكرُ
كأنَّ صفاءَ الرحي / قِ نافسهُ الكوثرُ
فمن ربحَ اليومَ ذا / فذاكَ غداً يخسرُ
على السماءِ وفوقَ الشمسِ أشعاري
على السماءِ وفوقَ الشمسِ أشعاري / وتحتَ أصدافِ هذا اللُّجِّ أفكاري
وبينَ تلكَ وهاتا جرى قد قلمي / بمعجزِ الوصفِ من درٍّ وأنوارِ
أرى جمالاً تعالى أن أُلِمَ بهِ / وجلَّ خالقهُ من مبدعٍ باري
كأنما الكون غيداءٌ محجبةٌ / تطلُّ مشرقةً من خلفِ أستارِ
فالبحرُ مقلتها والبرُّ حاجبها / من فوقهِ جبهةٌ زينتْ بأقمارِ
أو كانَ ذا البحرُ ديباجُ السما وقد انْ / حلَّ الوشاحُ فها صدرُ السما عاري
أو هذهِ لبستْ من ليلها حُللاً / ومن كواكبها زرتْ بأزرارِ
أو إنما الشمسُ ظنتْ أنها خَطفتْ / بالحسنِ أبصارَ قومٍ دونَ أبصارِ
وحالتِ الأرضُ داراً للسما فلذا / أقامتِ البحرَ مرآة بذي الدارِ
يا مسكنَ الشُّهبِ الزهراء كم عجبٍ / بمعدنِ الدررِ الغرَّا وأسرارِ
إن تحملي فلكاًَ قد دارَ دائرهُ / فدونكَ اللجُّ دوَّارٌ بدوَّارِ
كلاكما حسنٌ والحسنُ بينكما / كالروضِ يأرجُ من أشتاتِ أزهارِ
إني ارى الشمسَ تحتَ البحرِ مطفأةً / والماءُ ما زالَ ذا بأسٍ على النارِ
كأنما هو كفُّ الأرضِ قد بسطتْ / إلى السماءِ فجادتها بدينارِ
أو غاصتِ الشمسُ تحتَ اللجِّ هاربةً / فما على الناسِ من همٍّ وأكدارِ
ألستَ تبصرها صفراءَ جازعةً / وفد خبا زندُ تلكَ الشعلةِ الواري
تشبهَ الناسُ طهراً بالملائكِ من / خبثِ لضميرِ وكانوا غيرَ أبرارِ
والبحرُ أفقهم من إفكهم وكذا / لا تحمل الأرضَ إلا كلّ غرّا رِ
لو أنصفوا لرأوهُ في تلججهِ / على البسيطةِ كالمستأسدِ الضاري
لكنَّ من ألفَ الأنغامَ مسمعهُ / يخالُ كلَّ زئيرٍ نفخُ مزمارِ
ما للخضّمِّ أراهُ كاشراً فزعاً / يخدّشُ لأرضَ من لجٍّ بأظفارِ
مجرداً في تدجيهِ صفيحتهُ / مستوفزاً بينَ بتّارٍ وتيارِ
يقيمهُ الموجُ حرداً ثمَّ يقعدهُ / ما بينَ منسحبٍ منهُ وجرَّارِ
والأفقُ مكتئبٌ حيناً ومبتسمٌ / ما بنَ ليلٍ دجوجيٍّ وأسحارِ
يا أيها الناسُ إنَّ البحرَ موعظةٌ / وضجّةُ البحرِ ليستْ غيرَ إنذارِ
فكم عليكم بهِ للهِ من حججٍ / هل يغفرُ الذنبَ إلا بعدَ أعذارِ
البحرُ ألين شيءٍ ملمساً فإذا / خاشنتموهُ بلوتمْ أيَّ جبَّارِ
ولو تساندَ كلُّ الخلقِ ما قدروا / أنْ يحبسوا موجةً من موجةِ الجاري
فكيفَ يُجحدُ ربُّ البحرِ قدرتهُ / وذلكم أثرٌ من بعضِ آثارِ
آمنتُ باللهِ ما شيءٌ أراهُ سدى / لكنها حكمٌ تجري بأقدارِ
يومٌ بهذي الليالي يشبهُ القمرا
يومٌ بهذي الليالي يشبهُ القمرا / فإن رأى حلكاً في أفقها سفرا
تخالها ورقاً إن خلته ثمراً / والعامُ غصنهما والأزمنُ الشجرا
ما زالَ فيهِ بريقُ التاجِ من قِدَمٍ / واللحظُ يزدادُ سحراً كلما فترا
يومٌ جلا غرّةً في المجدِ سائلةً / تناظرُ الشمس إن قاسوا بها الغُرَرا
مرآةُ فكرِ مليكٍ فوقها انعكستْ / أنوارهُ كغديرٍ مثَّلَ القمرا
يضاحكُ التاجُ منها لمعةٌ سطعتْ / من الجلالةِ يغشى ضؤُها البهرا
عبدُ الحميدِ بهرتَ الخافقينِ فما / ندري أبرقاً نرينا أم نرى قكرا
إن تغرسِ الرأيَ فالتسديدُ زهرتُهُ / وإن هززتَ القنا أَجْنَيْنَكَ الظفرا
ما بينَ سلمٍ وحربٍ أنتَ ربُّهما / تركتَ هذا الورى في مأمنٍ حذِرا
فلو تشاءُ أمرتَ النارَ فانطفأتْ / ولو تشاءُ زجرتَ الماءَ فاستعرا
ومن يكنْ قلبهُ في كلِّ حادثةٍ / عيناً لفكرتِهِ لا يخطئُ النظرا
يا ضارباً بشبا السيفِ الذي ارتعدتْ / لهُ الممالكُ أطعم سيفكَ الجزرا
لا تخشَ زلزالها إن عصبةٌ رجفتْ / فمن يكنْ معولاً لا يرهبُ الحجرا
إذا سيوفكَ ظنوها صوالحةً / فإنَّ أرؤسهم كانتْ لها أُكرا
غرستَ عندهم نعماكَ في سبخٍ / ومن يلومُ على ريِّ الثرى المطرا
وزارعُ الحبِّ لا ينفكُّ يبذرهُ / وليسَ في وسعهِ إنباتُ ما بذرا
أرى على الأرضِ جرَّاراً لهُ لجبٌ / تخالهُ الأرضُ أطواداً إذا انحدرا
كأنّهُ يوم يرتجُّ الوغى شهبٌ / تساقطَ الجو منها يرجمُ البشرا
من كلِّ ليثٍ إذا حفزتهُ قطرتْ / أنيابهُ واستطارتْ عينهُ شررا
يلقى صدى الموتِ في الآذانِ من فزعٍ / كأنما ثارَ يدعوهُ إذا زأرا
أرى العناية صفت جيشهم كلماً / حروفها قرئتْ ما زالَ منتصرا
أراهُ في الأرضِ معنى لا نظيرَ لهُ / فما أكذبُ أن أدعوهُ مبتكرا
يا عرشَ يلدزَ أنتَ النجمُ لا عطلتْ / منكَ السماءُ التي أفلاكها الوزرا
غدا بكَ الملكُ وجناتٍ موردةٍ / وأعيناً ملئتْ أجفانها حورا
لا زلتَ تشرقُ بالنورِ الذي اقتبستْ / منهُ العروشُ نجومَ الحكمةِ الزُّهرا
كذاكَ يلقي شعاعُ الشمسِ بهجتهُ / على القواريرِ حتى تشبهُ الدُّرَرَا
ملأتَ المحطةَ بالعاشقين
ملأتَ المحطةَ بالعاشقين / فهذا يغيرُ وذاكَ يغارْ
وقلبيَّ مما تمزَّقَ أضحى / كأنَّ عليهِ يمرُّ القطارْ
بربكَ ماذا فعلتَ بنا / وما لكَ عندي ذوي الحبِّ ثارْ
قتلتَ وأحرقتَ حتى القطار / يسيرُ وفي قلبهِ منكَ نارْ
على الشمسِ من نسجِ الغمامِ ستورُ
على الشمسِ من نسجِ الغمامِ ستورُ / كما للغواني كلَّةٌ وسريرُ
وتحجبُ ذاتُ الحسنِ لكنَّ حسنها / يدورُ بأهلِ العشقِ حيثُ يدورُ
وبعضُ تكاليفِ الصبى يبعثُ الأسى / فكيفَ وأسبابُ الغرامِ كثيرُ
وفي كلِّ حسنٍ موضعُ الذكرِ للذي / يحبُّ فما يسلو الغرامَ ضميرُ
أراني إذا ألقيتُ للشمسِ نظرةً / كأني إلى وجهِ الحبيبِ أشيرُ
وما رقبتي للصبحِ إلا تعللاً / لعلَ طلوعَ الشمسِ منهُ بشيرُ
ولي زفراتٌ لو تجسمَ حرُّها / لأصبحَ شمساً في الفضاءِ تنيرُ
وإني ليرضيني على القربِ والنوى / إذا فاحَ منهُ في الصباحِ عبيرُ
هما خطتا ذلٍ فإما ارتوى الهوى / وإما صبرنا والكريمُ صبورُ
وأفئدةٌ الإنسانِ كُثر طباعها / وفي الناسِ أعمىً قلبُه وبصيرُ
وإني وإن لم أحتملْ أمرَ معشرٍ / فقلبي على كلِّ القلوبِ أميرُ
وإن أكُ بينَ الواجدينَ ابنَ ساعتي / فما أحدٌ بعدَ القنوعِ فقيرُ
وسيانَ إما أبلغَ لنفسَ سؤلها / كبيرٌ وإن أجللتهُ وصغيرُ
وما دامتِ الأفلاكُ في دورانها / ففيهنَّ من بعدِ الأمورِ أمورُ
وكم ليَ يومٌ دارتِ الشمسُ فوقهُ / وسارتْ عليهِ في الظلامِ بدورُ
لبستُ جناحَ اللهوِ فيهِ ولمْ أزلْ / أرفُّ بهِ حتى لكدتِ أطيرُ
ونالَ الهوى منهُ عرائسَ لذَةٍ / لها الراحُ ريقٌ والكؤوسُ ثغورُ
زمانُ كأنْ قدْ كانَ للهوِ منزلاً / فساعاتهُ للملهياتِ خدورُ
أحذنا على الدهرِ المواثيقَ عندهُ / فأيامهُ للنائباتِ قبورُ
وأحسنُ أيامِ الفتى يومَ لهوهِ / على فطرةِ الأطفالِ وهوَ كبيرُ
وإنَّ همومَ الدهرِ موتٌ لأهلهِ / فما كامَ من لهوٍ فذاكَ نشور
يا نسيم الربى وفيك التحايا
يا نسيم الربى وفيك التحايا / أنا ميت من طول صدٍّ وهجر
وأرى هذه التحية روحاً / فانفخ الروح يا نسيم بصدري
أرى الهجرَ أن تذكرَ الهجرَ لي
أرى الهجرَ أن تذكرَ الهجرَ لي / فإنَّ القلوبَ بما تذكرُ
وإنَّ السماءَ إذا أبرقتْ / غدتْ بعدَ إبروقها تمطرُ
أخافُ عليكَ وما إن تخاف / وأنتَ المطاعُ بما تأمرُ
وما آفةُ النفسِ بعدَ المتاب / غلا الغرورُ بمن يغفرُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025