القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ناصِحُ الدين الأَرَّجاني الكل
المجموع : 46
نُصرْتَ على الأعداء فلْيهْنِك النّصرُ
نُصرْتَ على الأعداء فلْيهْنِك النّصرُ / ودامتْ لك النّعماءُ فليدُمِ الشُكرُ
وأسمحَتِ الأيّامُ بعدَ إبائها / ولانتْ لما تَهواهُ أعناقُها الصُّعر
أدَلَّ عليه المُلكُ إدلالَ واثقٍ / فباطنُه وُدٌّ وظاهرُه هُجر
وأذنبَ كي يُهدي إليك اعتذارَهُ / ويا رُبَّ ذَنبٍ كان جالبَهُ العُذر
وكنتَ له السِّرَّ الخطيرَ فصانَه / ولا بدَّ دونَ السِّرِّ أن يُسبَلَ السِّتْر
فغِبْتَ مغيبَ البدرِعندَ سِرارِه / وعُدتَ بأبهَى عَودةٍ عادَها البَدر
فعادَ إلى عَيْنِ الحسودِ بك القذَى / وعاد إلى وَجْهِ الَولِيِّ بك البِشر
وفاء إلى أفيائك المَجدُ والعُلا / ولاذَ بعالي رأْيِك النّهْيُ والأمر
وماذا رأى الباغي عليك ببغْيِه / ولولاك لم يُسدَدْ لمُلْكِهمُ ثَغر
وأنت غَنِيٌّ عنهمُ لو تَأمَّلوا / وما أحَدٌ إلاّ إليكَ به فَقْر
وما اعتَمَد الأقوامُ حَربَكَ غِرّةً / ولكنّهمْ غُرّوا بحِلْمِكَ فاغْتَرّوا
إذا كنتَ تُغْرَي أنت بالعَفْوِ عنهمُ / فليسَ عَجيباً بالتّجنِيّ إذا أُغْروا
فإن هَدموا قَصْراً عَمْرتَ لزائرٍ / فلن يَهدِموا المجدَ الذي ضمَّه القَصر
وإن نَهَبوا وَفْراً ذخَرْتَ لسائلٍ / فما زال من كَفَّيك يُنتَهَبُ الوَفْر
وما هو إلاّ العَيْنُ كُلُّ رزيئةٍ / إذا أخطأتْ إنسانَها أَمَمٌ نَزْر
كأنّي بهِ والعِزُّ مِلءَ عِراصِه / تُعفَّرُ في ساحاتِها الأوجُه الغُرّ
وحاشاكَ دونَ المجدِ أن يَطأوا حِمىً / حَمْيتَ وأنْ يُخْشَى لساكنهِ ذُعْر
مَكانُك أعلى أن يُبِيحوا له الحِمَى / وأوسَعُ عِزّاً أن يُحِيطَ بهِ الفِكْر
ومَن يكنِ البْدرَ المنيرَ فإنّما / مَنازِلُه إن قيست الأنجمُ الزُّهْر
ولمّا رأوا أنّ الأمورَ مُضاعَةٌ / وأنّ الّذي أبدوْا عواقبُه الخُسر
وأنّ فتىً ما أنت مَقْصودُه عَمٍ / وأنّ يداً ما أنت مالِئُها صِفر
أتَوكَ فأعَطْوكَ المَقادَ بأسرِهمْ / وعَفَّى على آثارِ ما أذْنبوا عُذْر
وأهوَتْ إلى أرضٍ وَطِئْتَ شِفاهُهمْ / وجَلّتْ عنِ التّقبيلِ أنملُكَ العَشْر
يُحَيّونَ مَلْكاً عظّم اللّهُ قَدْرَه / وأَعلاه حتّى ليس يَعْدِ لَهُ قَدر
دَعاهمْ فلَبَّوهُ إلى الحِلْفِ دَعوةً / فأَقبلَ مُختارٌ إليهِ ومُضطَرّ
ولو لم يُعَدَّ الرِّفْقُ ألْيقَ بالفتَى / لَقادَهُمُ طُرّاً إلى الطّاعةِ القَسر
إذا ما أتَى التَّوفيقُ من دونِ واحدٍ / تَقاصَرَ عنه وَحْدَه العَدَدُ الكُثر
وهل يَضَعُ الحُسّادُ من مَجدِ ماجدٍ / وللّهِ في إعلاء رُتْبتِه سِرّ
وأمّا الرّعايا فهْي في ظِلِّ نعمةٍ / منَ الأمنِ لا يُزْري ببَهْجَتِها الكفر
نَشاوَى من الإدلاجِ حتّى كأنّما / زمانُك ساقيهمْ وأيّامُك الخَمر
رأَوْا منك عدْلاً فوق ما حُدِّثوا بِه / وما خَبَرٌ إلاّ ويَكْشِفُه خُبر
وألّفْتَ بالإحسانِ بينَ قُلوبِهمْ / فأوثَقَها من سِرِّ إخلاصِها أَسْر
وقد كان منهم مَن يقولُ سَفاهةً / أبعدَ نظامِ المُلكِ يَنْتظِمُ الأَمر
فقد حارَتِ الأفهام فيما سنَنْتَه / من الجودِ حتّى ما لِمفقودِهمْ ذِكر
وهَوَّنَ فَقْدُ الفَجرِ أن كان بَعدَهُ / من الشَّمسِ ما يُنْسَى لمَوْضِعِه الفَجر
فيا مَلِكاً عاداتُ هِمّتِه عُلاً / ويا واهباً أمطارُ راحتِه غُزْر
كسَوْتَ يمينَ الدّولةِ المَلْكِ حُلّةً / فدانَتْ له الدُّنيا وعَزَّ بِه النَّصر
رأَوْا أنّ شِبْلاً أنت حاميهِ ضَيغَمٌ / وأنّ هِلالاً أنت صاحِبُه بَدر
إذا كنتَ أنت الدّهْرَ بل أنت فَوقَهُ / تُساعِدُه في كلِّ نائبةٍ تَعْرو
فلا يَكُنِ المَغرورُ مُستَصغِراً له / فليس صغيراً مَن يُساعِدُه الدَّهر
لقد نِلْتَ بالأقلامِ ما يُعجِزُ القَنا / وبالرَّأْيِ ما يَعْيا بهِ العَسكَرُ المَجْر
فَمُثْنٍ على آثارِك السَيفُ والنَّدى / ووَقْفٌ على أَفعالِكَ الحمدُ والشُكر
بَقِيتَ ولا أَبقَى لك اللّهُ كاشِحاً / وعُمِّرْتَ للعلياء ما سَرَّكَ العُمر
وهُنِّئْتَ ذا العِيدَ السّعيدَ ومِثْلَه / أُلوفاً منَ الأعيادِ مالأْلأَ الغَفْر
إليكَ شكَوْتُ الدّهرَ يا خيرَ أهلِه
إليكَ شكَوْتُ الدّهرَ يا خيرَ أهلِه / لتُصبح لي عَوْناً على نُوَبِ الدَّهْرِ
فلا يَسمَعِ الأعداءُ بي أنّ حاجةً / أَتَيتُ أبا نَصْرٍ لها فأَبَى نَصْري
بلَى يَنْبغي أن يَذكرَ النّاسُ أنّني اسْ / تَعنتُ على أَمْري به فَعَلا أَمري
فَذكِّرْ وجيهَ المُلْكِ سابقَ وَعْدِه / فلا بُدَّ من نَفْعٍ يكونُ مَعَ الذِّكر
ولي فيه آمالٌ وقد صار مُقْنِعي / منَ البِرِّ تَوقيعٌ بصَدْرٍ منَ البُرّ
حلَفْتُ بمَنْ قد قابَلَ اليومَ بيتَهُ
حلَفْتُ بمَنْ قد قابَلَ اليومَ بيتَهُ / عيونُ رجالٍ دَمْعُهنّ نَثيرُ
أَتوا فِرَقاً من كلِّ أشعثَ قد نَبا / به الجَنْبُ شَوقاً والمِهادُ وَثير
فما زال حتّى عايَنَ البيتَ طَرْفُه / يُنيخُ بقَفْرٍ نِضْوَه ويُثير
لمّا أنصَفوا دَهراً يذُمّونَ صَرْفَه / وفيه هُمامٌ كالأثيرِ أَثير
كفانا كريمٌ واحدٌ من زمانِنا / وإنّ كريماً واحداً لكَثير
إلى ان تَؤوبَ الشَّمسُ لا يَغْرُبُ البَدْرُ
إلى ان تَؤوبَ الشَّمسُ لا يَغْرُبُ البَدْرُ / إذا كمُلَتْ فيه مع الأربَعِ العَشْرُ
فَنُبْ عن أبيكَ الدَّهْرَ ما غابَ شَخْصُه / فإنّك بَدْرٌ شَمسُه ذلك الصّدْر
ودُمْ لعيونِ الخَلْقِ عنه خليفةً / وقُلْ لحجابِ الغَرْبِ مَوْعِدُك الحَشر
وَجُدْ بنَدَى كفَّيكَ مَثْواهُ عامِداً / ففي السُّحبِ ما يُسقَى بأمطارِه البَحر
هو البَحرُ إلاّ أنّ أصدافَ جُودِه / مَدارِسُه والغُرُّ من أهلِها الدُّرّ
وذا العَبْدُ منهم دُرُّه غيرَ أنّه / له خاطِرٌ في ضمْنِه دُرَرٌ كُثر
بِكُم حازَها قِدْماً وفيكُم يَصوغُها / إذَنْ فهي النُّعمَى لكم وهي الشُّكر
بدائعُ لا المَعْنَى عَوانٌ أذالَه / سِوايَ ولا اللّفْظُ المَصوغُ له بِكر
فيا ماجداٍ أقطارُ ساحته حمىً / ويا جائداً أمطارُ راحته غُزر
ويا مَلِكاً أَعلامُ هِمّتِه عُلاً / ويا مَلِكاً أيّامُ دولتِه غُرّ
لِيَهْنِكَ ولْيَهْنِ الخليقةَ كُلَّها / تَجدُّدُ بُشرَى في الوجوه لها بِشر
مِن الآنَ حَلَّ المجدُ في مُستقَرِه / وألقَتْ عصاها عنده الهِمَمُ السَّفر
وأسمحتِ الأيّامُ بعدَ إبائها / ولانَتْ إلى الإنصافِ أعناقُها الصُّعر
وأضحَتْ من العدلِ البلادُ وقد هدَتْ / وأمستْ من الأمنِ العبادُ وقد قَرّوا
وفاء إلى أفيائك المجدُ والعُلا / ولاذ بعالي رأيِك النَّهْيُ والأمر
وإنْ كنتَ قُلِّدتَ الوِزارةَ آخِراً / فما ذاك بِدْعٌ من عُلاك ولا نُكْر
فأحسَنُ قُربٍ ما تَقدَّمَهُ نوىً / وأطيَبُ وَصلٍ ما تَقدمَّه هَجر
وكنتَ لهذا المُلْكِ ذُخْراً وإنّما / يُؤخَّرُ في الإنفاقِ ما أمكَنَ الذُّخر
تَقدَّمَ شَفْعٌ من سَراةِ بني أبٍ / وآخَرُ للعلياء بعدَهما وِتْر
وكانتْ لهم تلك المَراتبُ مثْلما / تُرتَّبُ في أفلاكها الانجمُ الزُّهر
لئن قام من بعدِ النّظامِ مَكانَهُ / لنا العِزُّ منهم والمُؤيَّدُ والفَخر
ففي الشُّهْبِ أَيضاً زُهرةٌ وعُطارِدٌ / يُعَدّانِ بعدَ الشّمسِ ثمّ يلي البَدر
فهذا أوانُ استمسكتْ من قَرارها / فما عابَها في المجدِ فَوْتٌ ولا قَصر
وهل يَقطَعُ السُّلطانُ دونكَ أَمْرَه / وقد كان ماضيه إلى ذاك يُضْطَر ّ
دعاكَ أَبوهُ للوزارةِ قَبلَه / ففي صَرْفِ هذا الأمرِ عنك له وِزْر
وأَنت غِنيٌّ عنهمُ لو تأمّلوا / وما أَحدٌ إلاّ إليكَ بِه فَقر
فلولاك لم يَستَدَّ للدِّينِ أَمْرُه / ولولاك لم يَشْتَدَّ للدّولةِ الأزْر
وهَتْ لنظامِ المُلكِ أَركانُ معَشَرٍ / وعاد نظامُ الدينِ فالْتأم الكَسر
فإن عرَضَتْ بين النّظامَيْنِ فترةٌ / من الدّهرِ لم يُسدَدْ لمُلْكٍ بها ثغر
فبينَ بياضَيْ كُلِّ ليلٍ سَوادُه / ولن يَغلِبَ اليُسرَيْنِ في زَمنٍ عُسر
وما هي إلاّ حِكمةٌ مُستفادةٌ / تَجلَّى لنا من حُسنِها للعُلا سِرّ
لقد ظنّ عاوٍ مِسْعَرٌ أَن يُرَى لهمْ / بدونِ نظامِ المُلكِ مُنتَظِماً أَمر
فأفقدَه اللهُ العزيزُ مكانَه / عِقاباً على ما ظَنّه الجاهِلُ الغَمر
فلمّا رأَى ما أَحدثَ الدَّهْرُ بعدَهُ / وعُظِّمَ للمفقودِ في عَيْنِه القَدْر
تَعرَّض فخْرُ المُلكِ من بَعْدُ فانثنَى / كأنْ لم يكنْ في المُلكِ شُورى ولا شر
ألم تَرَ أنْ أَمسَى سُلَيمانُ نادِماً / عَشِيّةَ عَرْضِ الخيلِ إذْ فاتَه الذّكِر
فَرُدَّتْ عليه الشّمسُ بعدَ غُروبِها / وعادَ له صُغْراً إلى وَقْتِه العَصر
لقد عَزَّ مَن عاصَرْتَهُ فجعلْتَه / كفَخْرِ نبيِّ اللّهِ فينا له فَخر
فعادَ له عَصْرُ الصّلاةِ ولم تَفُتْ / وعاد لنا عصرُ الصِّلاتِ ولا عَصر
وَرُدَّتْ له شمسُ السّماء ولا دُجىً / وَرُدَّتْ لنا شمسُ السّماحِ ولا فَقر
على أنّها رُدَّتْ إلى الأُفْقِ ساعةً / وأنت تُقيمُ الدَّهرَ ما سَرَّك العُمر
لِيَعْمُرَ منكَ المُلْكُ والمجدُ والعُلا / ويَفخَرُ فيكَ البأْسُ والجودُ والشِّعر
ويُثْنِي على آثارك السَّيفُ والنّدَى / ويُفْضي إلى أفعالك الحمدُ والأَجر
فقلْ للعدوِّ المُستغَرِّ بجَهلِه / أَيملأُ أُذْنَيكَ النّذيرُ وتَغتَرّ
فدع عنك ملْكاً لستَ صاحبَ مِثْلِه / فما لك إلاّ صفقةٌ كلُّها خُسر
وجَفْنٌ وإنْ أطبقْتَه الدَّهَر ساهرٌ / وكفٌّ وإنْ أَحكْمتَ قبضَتها صِفر
هي البِيضُ والسُّودُ الّذي هو كاتبٌ / فإن لم تُؤثِّرْ فيك فالبِيضُ والسُّمر
فقد شامَ سيفَ النّصْرِ أَروعُ باسِلٌ / يهونُ عليه أن يُصيبَ العِدا وِتْر
مليكُ خُراسانَ الّذي إنْ سَمَا لَها / معَ الجيشِ لم يُعْجِزْه من أَرضِها شِبر
وكان له حرباً عَواناً إمامُها / نتيجتُها فيمن بَغى فتكةٌ بِكر
تباعَدْ له إنَّ المُظفَّر كاسْمِه / إذا شاءَ لم يَنْصُرْك نابٌ ولا ظُفر
وما تُتْشنٌ إلاّ قتيلُ مُرادِه / وإنْ رَجَّموا شَتَّى ظُنونٍ ولم يَدْروا
وما كان إلاّ اللّيلُ بالقَلْبِ وَحْدَه / إلى ابنِ ملِكشاهٍ فَتمَّ له النّصْر
فما ظنُّهمْ في أَمرِه اليومَ بعدَ ما / تَساوَى له من نَصْرِه السّرُّ والجَهر
تَجمَّع منه القَلْبُ والكَفُّ والظُّبَى / لنُصْرتِه والرَّأْيُ والجيشُ والوَفر
فيا ابنَ قِوامِ الدّينِ لا بغتِ العِدا / على ابنِ مُعِزِّ الدّينِ ما خصّك الأَمر
فأنتَ له والدَّهرُ أنت مُساعِدٌ / ولم يَستَطيعوا مَن يُساعِدُه الدَّهر
مجلسُك العالي الّذي أَستقِي
مجلسُك العالي الّذي أَستقِي / على جَفاء الدّهرِ من بِرِّهِ
فربّما أهجرُه عامِداً / والحبُّ يدعوني إلى هَجره
ماليَ ذُخْرٌ غيرُه والفتى / يَكْره أَن يُنفِقُ من ذُخْره
وهْو وإنْ لم يَرَهُ كلّما / فَكّر فيه شَدَّ مِن ظَهْره
فلا عَدِ مناكَ على حالةٍ / فأنت قلْبُ الدَّهرِ في صَدْره
في الجِيرةِ الغادِينَ بَدْرُ
في الجِيرةِ الغادِينَ بَدْرُ / وَجْهُ الظّلامِ بهِ أَغَرُّ
بَدْرٌ يُديرُ عيونَنا / عنه إذا ما سارَ خِدْر
يُمسي ويُصبِح وهْو في / أَحدِ الهَوادجِ مُستَسِرّ
وإذا أُتيحَ له الطُّلو / عُ لناظرٍ فاللّيلُ شَعْر
عانَقْتُه يومَ الرَّحي / لِ أَضُمُّه والحيُّ سَفْر
والسّهمُ أَقربُ ما تَمُدْ / دُ إليك أَبعدُ ما يَمُرّ
أَهْوَى إليَّ مُودِّعاً / سَحَراً وفي عَينَيهِ سِحْر
خَصِرَ الحُلِيُّ تَشابَها / للصَّبِّ منه فَمٌ ونَحْر
فدَنا كأنّ الثَّغْرَ عِقْ / دٌ سُحْرةً والعِقدَ ثَغْر
حتّى رشفْتُهُما وقل / تُ كلاهما يا صاح دُرّ
ثُمّ انثنَي طَوعَ النَّوى / كالغُصْنِ يُعطَفُ وهْو نَضر
وكأنّما زمني عليْ / هِ تَفرُّقُ الأحبابِ نَذْر
إنّ الّذين همُ على / إخلافِ مَوعدِنا استمرّوا
ضَمِنوا وفاءً بالعهو / دِ وشيمةُ الأحبابِ غَدر
إن أَقسموا لَيُكَدِّرُنْ / نَ العَيشَ لي فلقد أَبرَّوا
فالعيشُ حلوٌ حيث حلْ / لوا وهْو مُر منذ مرّوا
قُلْ للفؤادِ إذا غدا / يَعِدُ السُّلُوَّ لِمَنْ تَغُرّ
لا تُعطني خَبَراً وعنْ / دي منكَ في الأيّامِ خُبر
أَوَ ليس يومَ نَوى الخلي / طِ ولم يُدافِعْ عنك حِذر
عاهدْتَ أنَّك يا فُؤا / دي في الجوانحِ تَستَقِرّ
حتّى إذا زحَف الفِرا / قُ غدَوتَ من فَرَقٍ تَفِرّ
غُرَّ امرؤٌ في النّاسِ خا / ضَ هَوى الأحبّةِ وهْو غِرّ
للّهِ مَن ساروا فسا / رَ بسَيرِهمْ للصّبِّ صَبر
بِيضٌ وسُمْرٌ ما تُزا / رُ فدونَها بِيضٌ وسُمر
اللَّحْظُ شَزْرٌ للرَّقي / بِ إذا بدَتْ والطّعْنُ شَزر
بكَروا بمثْلِ مَها الصَّري / مِ رمَى بأَعينِهنَّ ذُعر
أو كالظِّباءِ العاطيات / سَما لَها ضالٌ وسِدْر
ووفَى لها نَجْدٌ وقد / غَدِرَتْ بها للغَوْرِ غُدر
خلَفتْ لهم عينَ السّما / ءِ عيونُ أرضٍ ثَمَّ غُزر
وجَرتْ رياحُ الصّيفِ عا / صفةً تَذُرُّ ثرىً وتَذْرو
وكأنّما البُهْمَى بأف / نيةِ المَباركِ وهْي حُمر
نَفْضُ الخيولِ من المِرا / ح بها النّواصي وهْي شُقر
والدّارُ إلاّ ذاك من / عَهْدي بها للحَيِّ قَفر
والأرضُ تحت يَدِ الزّما / نِ يَخُطُّها عصَرٌ فعَصر
مِثْلُ المِحَطّةِ للحسا / بِ يَنوبُها شَفعٌ ووِتر
يُمحَى بها ألْفٌ ويُث / بَتُ في مكانِ الألْفِ صفر
كم منزلٍ منه المَفرْ / رُ وكان أمسِ بهِ المَقَرّ
والدّهرُ مثْلُ بنيهِ طَبْ / عاً ما على حالٍ يَقِرّ
فاحذَرْ مُقارنَةَ اللّئا / مِ فإنّها للشّوكِ بَذر
واعتَدْ مُغالطَةَ العيا / نِ فكُلُّ أمرِ الدّهرِ إمر
قد أصبحتْ سُوقُ الزّما / نِ وما بها للشِّعرِ سِعر
فيها نَفاقُ ذوي النَفا / قِ ورِبْحُ ذي التّمويهِ خُسر
يا صاحِ واللّيلُ البهي / مُ يَجيءُ في أُخراهُ فَجر
ما في الأنامِ سوى الإما / مِ وقَصدُه شَيءٌ يَسُرّ
فازْجُرْ إليه على الوجَا / عِيساً جَماجِمُهنَّ صُعر
أنضاءَ أسفارٍ لنا / أَفنَى عرائكَهنَّ ضُمر
وكأنّما انتطحَتْ على / أَثباجِها في القاعِ فُدر
قد صَفّها الحادي كما اصْ / طفّتْ قطاً في الجَوِّ كُدر
وكأنّما البَيداءُ دَرْ / جٌ تحتها والرَّكْبُ سَطر
والآلُ نَهْرٌ والمَطِيْ / يُ عليه للأبصارِ جِسر
من كلِّ فَتلاء الذِّرا / عِ كأنّها حَبْلٌ مُمَرّ
تَحكي وِشاحاً جائلاً / وكأنّما الآفاقُ خَصر
ويَظلُّ راكبُ مَتْنِها / والأرضُ في عَينَيْهِ شِبْر
حتّى تُناخَ بساحة / فيها لذَنْبِ الدَّهرِ غَفر
عند امرئٍ شَهِدَ الزّما / نُ بأنّهُ للدّينِ فَخر
وسَوابِقٌ أيّامُهُنْ / نَ بنُصرةِ الإسلامِ غُرّ
ومناقبٌ مشهورةٌ / ما إن يُحيطُ بهِنَّ حَصر
واللّهُ قد باهَى بِه / هل فوقَ أَمْرِ اللّهِ أَمر
فاهتِفْ به مهما بَدا / للدّهرِ عن نابَيْهِ كَشر
ولدَى أبي مَنصورٍ ال / مأمولِ للأحرارِ نَصر
ووراء رايةِ رأْيه / لك عَسكرٌ لِنَداهُ مجر
ماضي العزيمةِ ماجدٌ / للهِ في علْياهُ سِرّ
يُمناهُ يُمْنٌ للمُطي / فِ به كما يُسْراهُ يُسر
مَن شَفَّه عِشْرٌ إذا / وافَى يدَيهِ شَفاهُ عَشر
أسنَى به دَهْري العطِيْ / يةَ لي وجودُ الدَّهرِ نَزر
واستَعبدَتْ نَفْسي فضا / ئلُه وعَبدُ الفضلِ حُرّ
بهلالِ وَجْهٍ مُجْتَلا / هُ لصائمِ الآمالِ فِطر
ونَوالِ كَفٍّ كالغما / مةِ بَطنُها للجودِ وَكْر
المجدُ قلبٌ للزّما / نِ وقد حَواهُ منه صَدر
ذو غُرّةٍ وَطيءَ النُّجو / مَ وأعينُ الأعداء خُزر
هامُ الملوكِ له النِّعا / لُ ومَفْرِقُ المُلْكِ المَمَرّ
وعلى المَجرةِ ذَيلُه / من رِفعةٍ أبداً يُجَرّ
شَرفاً ويَكْبُرُ قَدْرُه / أن يَعتَريهِ منه كِبر
مَن جِدُّه للهِ جِدْ / دٌ حين يَنفَعُ أو يَضُرّ
مُتناسِبُ الحالَينِ منْ / هُ لربّهِ سِرٌّ وجَهر
دُنياهُ تَخدُمُه كما / يَهوَى وبالحُسّادِ صُغر
من حيث كان لها بذ / لكَ سابِقاً للّهِ أَمر
مَن خَلْقُه والخُلْقُ إن / لاقيتَه رَوضٌ وَزَهْر
عَذُبتْ شمائلُه فسا / عةُ قُربِه للمرء عُمر
وبفضلِه في الدّهرِ حا / سِدُه على رَغْمٍ يُقِرّ
لفَظ الّلآلئَ فاستَبا / نَ بأنّه للفَضْلِ بَحر
وتناهبتْ أَسماعُنا / كَلِماً يُحبِّرُهنَّ حَبر
يُكتَبْنَ في الأحداقِ مِن / عزٍّ فهنّ لهنَّ ظَهر
فبياضُها وَرَقٌ لها / وَسَوادُهُنَّ لَهُنَّ حِبر
طامي عُبابِ العِلمِ حتْ / تَى ليس يُدرَكُ منه قَعر
يَعلو ذُؤابةَ مِنْبَرٍ / منه لِدُرِّ القولِ نَثر
كأسٌ من السّحْرِ الحلا / لِ لشُرْبِها بالقومِ سُكر
في مَجلسٍ هو جَنّةٌ / ولذاكَ فيه تَحِلُّ خَمر
يا ماجداً أضحَى به / ذَنْبُ اللَّيالي وهْو عُذر
ولأجلِ عُذْرٍ واحدٍ / يَهَبُ الذُّنوبَ وهُنّ كُثر
تَفديكَ أقوامٌ حكَوا / صُوَرا تَضمَّنهُنَّ جُدر
يُدْنَى لخِلْفِ نَوالِهمْ / بَوُّ السّؤالِ ولا يَدِرّ
ومُعاندٍ من طول ما / اضناهُ فضلُك وهْو غَمر
ماتَتْ سرائرُه المِرا / ضُ فصَدْرُه للقلبِ قَبر
نِكْسٌ ينازِعُك العُلا / ولَرُبَّ خافيةٍ تَطِرّ
وإليك فاجْتَلِ غادةً / هيَ من بناتِ الفِكرِ بِكْر
من هاجرٍ مَدْحَ اللِّئا / مِ فَمدْحُه اللُّؤماءَ هُجر
شاكي الولاءِ لِسانُه / سَيفٌ ومَدْحُك فيه أُثر
وهَدِيُّ مَدْحي ما لَهُ / إلاّ الولاءَ المَحْضَ مَهر
لكنّ كفَك بالنّوا / ل لِمُجْدِبِ الأقوامِ قَطر
أضحَى جنابُك مَعْقِلاً / للحُرّ إن ناواهُ دَهر
ولقد تَصاحَبْنا سِني / نَ فهل لذاكَ العَهْدِ ذِكر
وذخرْتُ وُدَّك والكري / مُ وِدادهُ للدَّهرِ ذُخر
ولنا زمانٌ جائرٌ / سَهلُ المَطالبِ فيه وَعر
ولديكَ نُعْمَى إن أَرد / تَ صنيعةً ولديَّ شُكْر
أقولُ وقد ذَمَّ الوزيرُ زمانَه
أقولُ وقد ذَمَّ الوزيرُ زمانَه / من الغيظِ ذَمَّ العاجِزِ المُتَحيِّرِ
تَذُمُّ زمانَ السّوء يا صدْرُ ظالِماً / ولولا زمانُ السّوء لم تَتَصدر
أحضَر اللّيلُ منك عِقْداً وثَغْرا
أحضَر اللّيلُ منك عِقْداً وثَغْرا / حين وَلّى ليُعقِبَ الوَصْلَ هَجْرا
وأَردْتُ اختلاسَ قُبلةِ تَودي / عٍ وكُلٌّ في ناظري كان دُرّا
فتَحيَّرْتُ أحسَبُ الثَّغْرَ عِقْداً / من سُلَيمى وأحسَبُ العِقْدَ ثَغْرا
ولثَمتُ الجميعَ قَطْعاً لِشَكّي / وكذا يَفعَلُ الّذي يتَحَرّى
ولعَمْري ما الدُّرُّ كالثّغْرِ من سَلْ / مى ولكنْ طَرْفي أساء فغُفْرا
سحَر الطّيفُ ناظِريَّ فلمّا / نفَث الصُّبحُ حَلَّ ذاك السِّحرا
مَن رأَى قَطُّ بين ماءٍ ونارٍ / لخيالٍ في آخِر الّليلِ مَسْرى
مثْلَ طيفٍ قد زارني منك وَهْناً / وفؤادي حَرّانُ والعينُ عَبرى
بأبي مَن إذا تَقدَّمُ رِجْلٌ / لي إلى وَصْلِه تأخّرُ أُخرى
وإلى وجهِه إذا سافَرَ النّا / ظِرُ منّي خاف الغَيورَ فَورّى
كلّما عاد منه عندَ ادِّكارٍ / بَحّر الشّوقُ مُقْلتي فيه بَحرا
يومَ وافَى يَجُرُّ للحسنِ جَيشاً / قال لي قائل سَلِ اللهَ صَبرا
قلتُ دَعْني فجفْنُه الآن يَنضو / سيفَ لحظٍ فيقتلُ الصّبَّ صَبْرا
يا غزالاً إذا تَبسّمَ قُلنا / رَوضةٌ أَصبحتْ تُفتِّقُ زَهرا
ذابَ قلبي لثَغْرِه هل رأيتُمْ / بَرَداً قبلَهُ يُذوِّبُ جَمرا
لستُ أَنساهُ حين لاح لعيني / وهْو كالظّبْيِ يَنصِبُ الجيدَ ذُعرا
في نِطاقٍ مُفصَّلٍ من عيونٍ / وقلوبٍ كَسْوها منه الخَصرا
قلتُ كم ذا تُديرُ مُرِّ عِتابٍ / قال خيرُ الخُمورِ ما كان مُرّا
قلتُ يا رِيمُ إن يكن فُوكَ كأْساً / والثّنايا الحَبابَ والرّيقُ خَمرا
فأَدِرْه كُؤوسَ لثْمٍ عسى تَعْ / دو المطايا فأَجهَلُ الحالَ سُكرا
إن أَحسّتْ بسَيرِكم عَبراتي / لم تَدعْ للرّفاقِ في الأرضِ عَبرا
يا سحابَ الجفونِ جُودي بقطرِ الدْ / دَمعِ منّى صَدْراً من القلبِ قَفرا
أَصبحَ الحَيُّ مُنجدِينَ وأَمسَوا / ليس منهمْ بالغَورِ إلاّ الذِّكْرى
مُودِعينَ السُّجوفَ بِيضاً وسُمْراً / لهمُ والأكُفَّ بِيضاً وسُمرا
كُلُّ بيضاءَ إن نظرتَ إليها / نَسجَ الظَّعْنُ دونها الشَّمسَ سِترا
فسقَى اللهُ يومَ ساروا صباحاً / ساقَ حُرٍ إلى البُكا ساقَ حُرّا
غاض دَمعي كدمعِه وقديماً / كان لولا العِدا دموعيَ غُزرا
إنّما كنتُ في المَدامعِ منّى / ذاخِراً عسكراً من الدّمعِ مَجرا
راجِياً بالبكاء قطْعَ طريقِ الرْ / رَكْبِ يوماً إن أصبحَ الحَيُّ سَفرا
وعَد الدّمعُ إن أَرادوا بأحبا / بي مَسيراً أن يَجعلَ البَرَّ بَحرا
وأبَى أن يفيِ فقلتُ وحتّى / أنت يا دَمعُ قد تَعلّمتَ غَدرا
قسماً لا رجعتُ من بعدِ يَومي / غيرَ ذُخرِ الإسلامِ أَحفَظُ ذُخرا
غُرّةٌ للزّمانِ في الوجهِ منه / مَن رأَى قبلَهُ زماناً أَغَرّا
خَضِلُ الكَفِّ عادِمُ الكفْء خِرقٌ / يَفِرُ العِرْضَ دائماً لا الوَفْرا
سابِقٌ بالنّوالِ فالوْفدُ منه / بدَلَ المَدحِ يَنظِمونَ الشُكرا
فارِسٌ في مَواقفِ الجودِ ثَبْتٌ / تَقتُلُ المالَ كَفُّه والفَقرا
جاعِلٌ للوفودِ في الكَفّ يُسراً / يَتلقّاهمُ وفي الوجهِ بِشرا
فتراهُ إذا بدا من بَعيدٍ / للفتى بِشْرُهُ يُصحَّفُ يُسرا
كم نضا رأْيَه فثقّفَ عُوجاً / من رجالٍ به وقَوَّم صُعرا
كَيدُه للعدوِّ لا الطّعْنُ خَلْساً / يَتَّقي مثلَه ولا الضّرْبُ هَبرا
مَعرَكٌ يَصرعُ العِدا لا قَنا المُرْ / رانِ فيه ولا صفائحُ بُصْرى
ليثُ غابٍ تُريكَ منه لساناً / وبياناً كفّاه ناباً وظُفرا
وبكُتْبِ الأيّامِ يُفْدَى كِتابٌ / جاء منهُ يقبِّلُ الخَتْمَ نحرا
شمعةٌ تَحسدُ الشّموعُ سناها / ولهذا دموعُها الدَّهرَ تَتْرى
ذو وقارٍ يُبدي التّواضعَ دِيناً / ويَهُزُّ الأعطافَ راجيهِ كِبرا
لا يُحابي في حُكْمِه بل يُسَوِّي / بالورى نفسَه العظيمةَ فَخرا
لو عرَفْنا في الجودِ حُجْراً لكُنّا / قد ضرَبْنا عليه منه حَجرا
ماجِدٌ نَمتري سحائبَ عَشْراً / من يدَيه تُسْمَى أناملَ عَشرا
مَن يَقِسْهُ في مَجدِه بأبيه / لم يَخفْ في القياسِ نَقْضاً وكَسرا
يا ابنَ مَن زِنتَهُ وزانَكَ حقّاً / كَرماً باهِراً ونَفْساً ونَجرا
والكريمُ الأَغرُّ لا تَقبَلُ العل / ياءُ منه إلاّ الكرامَ الغُرّا
يا بني طاهرٍ بكمْ بَشّر اللّ / هُ على عهدهِ النّبِيَّ طُهرا
بين عَينَيْ عَينَيهِ قد بانَ منكمْ / كامِنُ النُّورِ للنّبِيِّ فَسُرّا
ورآه مُبشِّراً بكُم جا / ءَ فأَعطَى هُنَيدةَ للبُشْرى
فكأنّ النّبيَّ صلَّى عليه اللّ / لهُ رَبُّ العُلا وسلَّم تَتْرى
قد رأَى يوم ذاكَ كيفَ تَفِرّو / نَ جميعاً لدِينهِ اليومَ نَصرا
ففَداكَ الزّمانُ يا خيرَ أَهلي / هِ إذا الحادثاتُ قَدَّمْن نَذرا
بوجوهٍ من أَولياءَ وحُسّا / دٍ كخَلْطِ النِّثارِ بيضاً وصُفرا
أَيُّها اللائمُ المُخَطّي ومَحْوِي / عن بياضِ الفلا من العيسِ سَطرا
كم إلى كم أَجوزُ بحْرَ الفيافي / جاعلاً جَسْرتي عليه جِسرا
طامعاً في فُضولِ عيشٍ أَحُثُّ ال / عيسَ والعُمْرُ شَطْرُه الغَضُّ مَرّا
مثلَ عَوراءَ وهْي حَولاءُ تَلقَى ال / وِتْرَ شَفْعاً وتَملِكَ الشّفْعَ وِترا
عَزْمةٌ لم تَقِفْ من الدَّهرِ يَوماً / ونوىً لم تَدَعْ منَ الأرضِ شبرا
وزمانٌ ثنَى رجائيَ مَيْتاً / في مُلوكِ الوَرى وقَلبيَ قَبرا
لاعِبٌ بالمُلوكِ قد طرحَ الفِرْ / زانَ دَهراً لكنْ أساءَ القَمرا
كم تَمرَّسْتُ بعدَ قومٍ بقَومٍ / حِقَباً والأَخيرُ ما زال سِرّاً
كان دَهْري ليلاً فقيراً إلى أنْ / أَطلَعَ اللهُ للوَرى فيه بَدرا
عجَباً لي وللزّمانِ وجَدّي / والفتَى دائماً يُراشُ ويُبْرى
غِبتُ عنكْم ليلَ الشّبابِ على نُسْ / خةِ أقطارِه فَضّيعْتُ عُمرا
وإلى خِدْمتي لكم عُدْتُ لمّا / فَجّر الشّيبُ في الذّوائبِ فَجرا
كَمُضِلٍّ رَدَّ النّهارُ عليه / جَوهراً في الظّلامِ عنه استَسَرّا
قلتُ لمّا حطَطْتُ رَحْلِي إليه / حين أَهْوَى الحادي يَحُلُّ الضَّفرا
كان عَزْمي أنْ أَهجُرَ النّاسَ طُرّاً / فإذا بي نَزْلتُ بالنّاسِ طُرّا
خلَق اللهُ من لساني حُساماً / ثُمَّ أَجرَى مديحَكمْ فيه أُثْرا
دَأْبيَ الشُكْرُ ما حَيِيتُ لأنّي / ما أَعُدُّ الكُفْرانَ إلاّ كُفرا
فَبُرودُ الإحسانِ تَخلُقُ طَيّاً / إن طَوَوْها وليس تَخْلُقُ نَشرا
وإليك الغداةَ فاجتَلِها مِن / خِدْرِ فكْري يا عُمدةَ الدّين بكرا
وارْعَها فهْي كالمُوَصّاةِ للحس / ناءِ تَرضَى منك الكَفاءةَ مَهرا
من قَوافٍ إذا نَزلْنا بأَملا / كٍ أَقامتْ تُقرىَ النّوالَ وتُقْرا
لو حكَى الدّهرُ بعضَهنّ بقاءً / عاش من بعدِ عُمْرِه الدَّهرُ دهرا
يا سماءً رفيعةً من سَماحٍ / ليس يُخْلِي من قَطْرِها الدَّهرَ قُطرا
لم أَجِدْ من بني الزّمانِ نَجيباً / فلَعْمري قد كِدْتُ أُوهَمُ أَمرا
ثُمّ لمّا أيتُكمْ صَحَّ عِنْدي / أنّ للهِ في الخليقةِ سِرّا
نحنُ إهلالُنا بوَجهِكَ لليُمْ / نِ كَفانا وأنت من بَعدُ أدرى
اِفتتاحٌ سَعْدٌ بوَجْهِ أبى الفَتْ / حِ سعيدٍ والمَجدُ بالحُرِّ أحرى
فتَهَنَّ الشّهرَ الشّريفَ الّذي وا / فاك يُهدِي إليك حَمْداً وأجرا
أنت لم تَحْوِ مِثْلَك الخَلْقُ شَخْصاً / وهْو لم يَحْوِ مثْلَه العامُ شَهرا
يا كريماً سَهْلَ الخليقةِ سَمْحاً / ولقد تَخلُقُ الخَليقة وَعرا
أرأيت الهلالَ كيف تَبدَّي / خافياً يَتركُ النّواظِرَ حَسْرى
كسِوارٍ في مِعْصَمٍ من فتاةٍ / يَكْتَسِي فَضْلَ كُمِّها ثُمَّ يَعْرى
ثُمّ لمّا دَنا من الغَرْبِ جِدّاً / رمَقَتْهُ العيونُ يُمنَى ويُسرى
هكذا كلّما تَواضَعَ ذو قَدْ / رٍ من النّاسِ كان أرفعَ قَدرا
فابقْ يا أشرفَ البريّةِ طُرّاً / نَسَباً يَبهَرُ الملوكَ وصِهرا
ساكناً في بنى أبيكَ تُحاكِي / قَمَراً وُسِّطَ النُّجومَ الزُّهرا
وأبوكُمْ مُمَتّعٌ بعُلاكم / ما حَذا الصَّومُ في الأنامِ الفِطرا
أيا أَهْدى من الشُّهُبِ السَواري
أيا أَهْدى من الشُّهُبِ السَواري / ويا أَندَى من السُّحُبِ الغِزارِ
إذا اعتكَرتْ على الأُمَمِ اللّيالي / أوِ افتخَرتْ ذَوو الهِمَمِ الكِبار
أتاك مُبَشّراً بالعِزِّ شَهْرٌ / كصِيتِكَ في المكارمِ ذو اشْتِهار
وأكبرَ أن يَزورَكَ بعدَ عامٍ / ولم يَصْحَبْهُ من تُحَفِ المَزار
فَصَّير منه يُمْناً في يَمينِ / وصَيّرَ منه يُسراً في يَسار
وجاء بمِلءِ كَفَّيْهِ لتُمْسي / وتُصبِحَ من يدَيْهِ في نِشار
فصُمْهُ وبَعدَهُ أَلْفاً عليه / بإسعادٍ من الفَلَكِ المُدار
وقُمْهُ لجانِبَيْ أَجْرٍ وشُكْرٍ / قِياماً في سِرارِكَ والجِهار
بحَقِّ اللهِ آناءَ اللّيالي / وحَقِّ النّاسِ أطْرافَ النّهار
ودَعْ حَقِّي أنا وَحْدي فإنّي / وَليُّكَ كيف كانَ الأَمْرُ جار
وإن أَحبَبْتَ أن تَقْضِيه فاعْجَلْ / فما بعدَ العَشيّةِ من عَرار
ولا تَقصِدْ مُدافَعتي فإنّي / جُعلْتُ فِداكَ قد طالَ انتظاري
ودُمْ للمجدِ في عَيشٍ هَنئٍ / يُطَرَّزُ باعْتلاءٍ واقْتِدار
وفي عزٍّ يَعِزُّ على المُعادِي / وفي طُولٍ يَطولُ على المُباري
ومُلْكٍ مَدَّ من عُمُرٍ طويلٍ / وزينَ بنظْمِ أيّامٍ قِصار
ألم تَرَيا أنّ الحُمولَ تَسيرُ
ألم تَرَيا أنّ الحُمولَ تَسيرُ / وأنّ سُليمى بالسّلامِ تُشيرُ
فلا تَعذُلاني إنْ بكَيتُ صَبابةً / وفي مُهجَتي جَيشُ الغرامِ يُغير
وقَفْتُ أمامَ الظَعْنِ والحَيُّ راحِلٌ / وقد حال من دونِ الوَداعِ غَيور
أُغِيّضُ دَمعي وهْو يسَبِقُ واكفاً / وأَلزَمُ قلبي الكفَّ وهْو يَطير
وما راعني في الصُّبْحِ إلاّ حُداتُهمْ / تُغنّي عِجالاً والمَطِيُّ تَثور
هلَ انْتَ معِيري نَظْرَةً أَشتَفي بها / إليهم وهل للنّاظِرَيْنِ مُعير
وقد سار أفلاكُ المطايا وفوقَها / بُدورٌ تَجلّى والبُروجُ خُدور
فخَلّفني قَلْبي وسارَ مُبادِراً / معَ الإلْفِ لمّا حانَ منه مَسير
فلا زالَ يَسْقي الجِزْعَ باكِرُدِيمةٍ / كما جَدَّ بالأظعانِ منه بُكور
تَطاوَلَ ليلُ الأبرقَيْنِ بِناظِري / وَعهْدي بلَيلِ الجِزْعِ وهْو قصير
أَحِنُّ إلى الجَرْعاء من رَمْلِ عالِجٍ / فهل ماؤها للواردِينَ نَمير
ولا عيبَ في آرامِها غيرَ أنّها / بها عن عُيونِ النّاظرِينَ نُفور
وكم راحَ عانٍ للصّبابةِ حائرٌ / وكم لاحَ عِينٌ للنّواظِرِ حُور
أقولُ لبَدْرٍ في دُجَى اللّيلِ طالعٍ / ولي بَصَرٌ مِمّا يُنيرُ حَسير
أَأَرجِعُ عنكَ الطَّرْفَ حتّى أُعيدَه / على عَجَلٍ إنّي إذَنْ لَصَبور
أيا قاتِلي ما لِلّيالي ورَيْبِها / وما للعَوادي تَعْتَدي وتَجور
إذا قلتُ هذا حين أَحظَى بقُربِكمْ / تَعرَّضَ دَهْرٌ بالرّجالِ عَثور
لعَمْري لئن مَلَّ العَذولُ مَلامتي / لقد عرضَتْ دونَ المَلامِ أُمور
وقد سَدَّدتْ نحوي اللّيالي سِهامَها / وأَفصحَ لي عمّا يُريدُ نَذير
وشَنَّ عليَّ الشّيبُ من أَجلِ حَرْبها / دِلاصاً له في العارِضَينِ قَتير
فولَّتْ به اللّذَّاتُ حتّى كأنّها / حواشي ظِلالٍ قَصّهُنَّ هجير
كأنّي وإلْفي قانِصٌ وطَريدُه / وشَيْبيَ صُبْحٌ رابَ منه سُفور
وما حالُ مَن يبغي اصطياداً بكَفِّهِ / إذا لاح نَوءٌ والوَسائقُ نُور
فَحُثا خَليليَّ المطايا كأنّها / قُصورٌ عليها في الصَّباحِ صُقور
طِوالُ الذُّرا خُضنا بها لُجَجَ الفَلا / فما بَرِحَتْ تَجْري لَهُنَّ ضُفور
إلى أن تَساهَمْنا فَلثَّمَ رَكْبَها / شُحوبٌ وأَلْوى بالرّكابِ ضُمور
وقد كُنَّ إملاءَ الجبالِ فلم يزَلْ / بها السّيرُ حتّى عُدْنَ وهْي سُطور
إلى قُطْبِ مَلكٍ لم يَزلْ فلَكُ العُلا / عليه بشُهْبِ المكرماتِ يَدور
وهل غيرُ تأميلِ الهُمامِ ابنِ ناصرٍ / لِمَنْ يَتّقي رَيبَ الزَّمانِ نَصير
أخو المجدِ أمّا المُجتدي منه دائماً / فَغمْرٌ وأمّا المُجتلَي فَمُنير
تُضِيءُ لأبصارِ الوَرى شمسُ وجهه / وصَوبُ نَداهُ للعُفاةِ درُور
إذا ما بهاءُ الدِّين ظاهَرَ نَصْرُه / فللدّينِ بالإسعادِ منه ظُهور
فتىً رفَع الإقبالُ رايةَ رأيِه / فعَزَّ به مُلْكٌ وسُرَّ سرير
حوَى الحسنَ في خَلْقٍ وخُلْقٍ كليهما / فَراقَك منه ظاهِرٌ وضَمير
إليه انتمتْ فينا الفضائلُ كُلُّها / فدَعْوَى سِواهُ للفضائلِ زُور
وقالتْ أَبونا ابنُ الكرامِ مُحمَّدٌ / فقلتُ أَبٌ لو تَعلَمونَ كَبير
هُمامٌ به فيها اقتديتُ فكُلُّنا / له فِكْرةٌ تُسدي العُلا وتُنير
تَقومُ قناةُ المُلْكِ من حُسنِ رأيه / وحُسْنُ ثَناهُ في عُلاهُ يَسير
فللقَوْلةِ الغَرّاء منّيَ خاطِرٌ / وللدّولةِ الغرَّاءِ منه خَطير
غدا لملوكِ الأرضِ بالنُّصحِ عُمدةً / على حينَ أَمرُ الاِعتمادِ نَزور
متى باشَر الخطْبَ الجليلَ برأْيهِ / أتَى المُلكَ بالفَتْحِ القريبِ بَشير
وكم فِتْنَةٍ تَطْغَى بكلِّ مُشيِّعٍ / له النّقْعُ ليلٌ والسِّنانُ سَمير
كأنَّ سُيوفَ الهندِ فيها كواكبٌ / مع الصُّبْحِ في هامِ الكُماةِ تَغور
وتَبْني نُسورُ الخَيلِ ممّا تُثيرُه / على الجوِّ طَوْداً تَعتليه نُسور
فقد أصبحَتْ خَوفاً صُدورُ معاشرٍ / كما نُفِّرَتْ من طَيْرِهنَّ وُكور
كُفيتَ بإيماءٍ منَ الرَّأْي شَرَّها / فَقرَّ قَرارٌ واستمَرَّ مَرير
أيا مَن سما نَفْساً وأصلاً فأَشرقَتْ / لعُلياهُ أنْوارٌ لهنَّ بُهور
إليكَ كأنّ الدّهْرَ في كلِّ ليلةٍ / بكفِّ الثُّريا في السَّماء يُشير
تقولُ كذا فلْيَسْمُ في المجدِ مَن سما / ويَفخَرْ بإدْراكِ العلاء فَخور
جمَعْتَ التُّقَى والجودَ والبأسَ والنُّهى / بَيانُك دُرٌّ والبنانُ بُحور
ولمّا حجَجْتَ البيتَ حَجَّك لائذاً / بكَ البيتُ والوفدُ الحَجيجُ حُضور
ولم تُرَ يوماً كعبتانِ تلاقَتا / ورُكنانِ إمّا زائرٌ ومَزور
بمَسْحِ يَمينِ اللّهِ زِدْتَ ميامِناً / فأصبحْتَ من جَوْرِ الزّمانِ تُجير
يُعيرُ ملوكَ الأرضِ رأيُك نُورَهُ / كأنّك شمسٌ والملوكُ بُدور
إذا اجتمعَتْ يوماً به ادَّخَرتْ سناً / إلى العودة الأُخْرَى بذاكَ تُنير
أرَى رائدَ التّوفيقِ في كلِّ مَنْزِلٍ / يَصيرُ معَ الإقبالِ حيث تَصير
وكم حاسدٍ عُلْياكَ يُمسي كأنّه / لفَرْطِ الأَسى من مُقْلتَيْهِ نَحير
إذا لُحْتَ للأبصارِ أَغضَى كأنّمَا / سَناك سِنانٌ في حَشاهُ طَرير
فدَتْك رجالٌ أَصبحوا وجسومُهمْ / إذا هيَ قِيستْ للقُلوبِ قُبور
هُمْ في قُصورٍ تُضرَبُ الحُجْبُ دونَهمْ / وفيهمْ لناعمّا نُريدُ قُصور
وحَقُّ صدورٍ للورى أنْ يُرَى لهمْ / قلوبٌ عليها يَشتمِلْنَ صُدور
هُمُ مَيّزوا الأموالَ وهْي لِلُؤْمِهمْ / صِحاحٌ عنِ الأعراضِ وهْي كُسور
وقد تَسلَمُ الأعراضُ وهْي سخافة / قواريرُ منهمْ والأكفُّ صُخور
أيا مَن كَفُوآتُ المدائحِ أصبحَتْ / لها من سَجاياهُ الحِسانِ مُهور
ولي من ثنائي والولاءِ أَواصِرٌ / ترادَفَ منها أوّلٌ وأَخير
وعندي لأَسلافٍ مضَوْا لكَ أَنعُمٌ / وبالحِفْظِ عَهْدُ الأكرمينَ جَدير
وإنّي على شُكْري لهنّ مُثابِرٌ / طُوالَ اللّيالي ما أقامَ ثَبير
فكيف بشُكْرٍ في أوانِ اكتِهالِه / إذا أحسنَ الرُوّادُ وهْو شَكير
أقولُ لقُرحانِ الصّبابةِ مُدْنَفٌ / بشِعْري وعِزْهاةُ المدائحِ زير
على أنّ بالأفكارِ شُغْلاً لوِ انتهَتْ / عنِ النَّظْمِ لكنّ اللِّبيبَ وقور
كأنّ فؤادي طُولَ دهريَ حلبةٌ / على أنّه للنائباتِ أَسير
تَخلَّف فيه قاصرَ الهَمِّ نافِثاً / صاوا وأَرْيُ الشِّعْرِ منه مَشور
قَدِمتَ علينا والرّبيعُ بمَوعدٍ / فقد عادَ روضُ العيشِ وهْو نَضير
لِجودِك يا أَندَى الورى ولجودِه / سحابانِ كُلٌّ للأنامِ مَطير
ففي كُلِّ دارٍ مِنْحةٌ وعَطيَّةٌ / وفي كُلِّ قاعٍ رَوضةٌ وغَدير
كأنّ الأقاحي والشّقائقَ في الثَّرى / خدودٌ بها مَصقولةٌ وثُغور
فعشْ ألفَ عَصْرٍ مثلَ ذا العصرِ كاملاً / فمِثْلُك مجداً لم تَجِدْه عُصور
لدَهْرِكَ تَغْدو كيف شِئْتَ مُصرِّفاً / إذا صَرَّفتْهم كيف شِئْنَ دهور
وأَحسنُ حالِ الدّهرِ أنّك سالِمٌ / وهل فَقْدُ خَلْقٍ ما بَقِيتَ يَضير
كفانا كريمٌ من بني الدّهرِ واحدٌ / وواحِدُ صِدْقٍ إن وجَدْتَ كثير
النّاسُ نظامُ أمرِهمْ بالصّبْرِ
النّاسُ نظامُ أمرِهمْ بالصّبْرِ / صَبْري أنا غيرُ ناظمٍ لي أَمْري
بالصّبْرِ كما قيلَ مَنالُ النّصْرِ / لكنّ أمامَه فَناءُ العُمْرِ
مُذْجَرَّ عَنّي هَجرُكَ صَرْفَ المِقْدارْ
مُذْجَرَّ عَنّي هَجرُكَ صَرْفَ المِقْدارْ / قلبي للحُزْنِ بَيتُ نارٍ قد صارْ
يا ليتَكَ للمجوسِ دِيناً تَختارْ / حتّى تُلْفَى مُراعياً بيتَ النّارْ
قد تَولّى أبو الرَّجا
قد تَولّى أبو الرَّجا / عَمَلاً كان حَرَّرَه
وابْنُ وَزّانِكمْ أَتى / بعدَ ما شَقَّ مَبْعَره
فتَولَّى مَكانَهُ / فَحّةٌ منه مُنكَره
ثمّ لمّا تَنكَّروا / وجَرتْ منه مَشْوَره
سكتَ النّاسُ عنْهما / فهما الزَّوْجُ والمَرَه
خُذِ القلَمَ العالي إليك مُوقِّعاً
خُذِ القلَمَ العالي إليك مُوقِّعاً / خِلالَ فُصولي بالّذي يَمْتري شُكْري
وأَجْرِ اليدَ البيضاءَ في صَفَحاتِها / لِيُعجَبَ من نَظْمي ونَثْرِكَ بالدُّرّ
فمِفتاحُ آمالي أنامِلُك الّتي / تَحُلُّ بها من مَطْلَبي عُقَدَ الدَّهْر
وما أنا إلاّ سائرُ المدحِ فيكمُ / فما لي على أَبوابكمْ واقفَ الأَمر
وقد كنتُ أَروَى والثِّمادُ مَوارِدي / فما ليَ أَظْما بعدَ قُرْبى منَ البحر
أَتُراه بنفسِه يَذكرُ المَوْ
أَتُراه بنفسِه يَذكرُ المَوْ / لَى أمِ الحَزمُ مُوجِبٌ إدّكارَه
قد أَطال انتظاريَ الدَّهرُ والطّا / لبُ للشّيءِ قد يُطيلُ انتِظاره
وأزال اصْطباريَ الزَّمنُ الصّعْ / بُ فلم يَملِكِ الفؤادُ اصطِباره
كلّما قلتُ حانَ إنجازُ أَمري / عَرَضَ الدّهرُ دُونَه أَعذاره
يَشْغَلُ الحَجُّ تارةً هكذا عنْ / نِي المَوالي ويَشغَلُ الغَزْوُ تاره
فإلى اللّهِ أشتكِي ما أُلاقِي / من أُمورٍ تَضيقُ عنها العِباره
لم أَضِعْ إذ دَنا المَسيرُ بَلِ ازْدَدْ / تُ ضَياعاً فالهَمُّ يَقدَحُ ناره
وانقِطاعي عنِ اتّباعِ الحواشي / فَرْطُ عَجْزٍ قد بَزَّ قلبي قَراره
فقصَدْتُ المَولَى العزيزَ لكَي يَج / بُرَ من قلبيَ الكئيبِ انكِساره
وانتهَتْ حَيرتي فصَيرَّتُ في أم / ري إلى رأيهِ الكريمِ اخْتِياره
فاصْطِناعي في مثْلِ ذا الوقتِ أَمْرٌ / لستُ أَرجو إلاّ عليهِ اقْتِداره
وتَيسٍ عجيبِ الشَّكلِ يأكلُ بِاسْتِه
وتَيسٍ عجيبِ الشَّكلِ يأكلُ بِاسْتِه / ويَبعَرُ مِن فيهِ ويَحسَبُه شِعْرا
يُبَصْبِصُ في وجَهْي لدى الأُنس بالّذي / يُلَفُّ على الخَيشوم إن رُعْتُه زَجْرا
ويُوسِعُني مهما تَخلَّف غَيبْةً / وأُوسِعُه مهما التَقْيتُ به بِشْرا
وكم من مُلمٍّ قلَّ أو جلَّ نابني / لدَهْري فلم أعَدمْ على قَدْرِه صَبرا
وَقّعْ رعَاكَ اللهُ مِن مَلِكٍ
وَقّعْ رعَاكَ اللهُ مِن مَلِكٍ / في قَصَّتي وتَغنَّمِ الأجْرا
إتعابُ كفِّكَ ساعةً كَرماً / سَبَبٌ لراحةِ مُهجَتي دَهْرا
ما كان لي في الخُوزِ شَيءٌ سوى
ما كان لي في الخُوزِ شَيءٌ سوى / دارٍ وإدرارٍ وأشعارِ
فانتَهبَ العَسكرُ داري بها / واحتَبَس الكُتّابُ إدراري
وأصبحَ الجوعُ بها شاغِلاً / عن عَمَلِ الأشعارِ أفكاري
فاليومَ ما عِنْدي سوى اسْمٍ من ال / أشعارِ والإدرارِ والدّار
فما أنتَ إلاّ سَعْدِيَ الأكبرُ الّذي
فما أنتَ إلاّ سَعْدِيَ الأكبرُ الّذي / إلى نظَرٍ منه أُراني أخَا فَقْرِ
ولم أدَّخرْ للدّهرِ غَيركَ صاحِباً / ويُرجَعُ عند الاِفتقارِ إلى الذُّخر
يا مَن نَداهُ لزائرِي
يا مَن نَداهُ لزائرِي / هِ الدَّهْرَ تَرحيبٌ وبِشْرُ
اسْمَحْ بلُبٍّ من نَدا / كَ لنا فإنّ البِشْرَ قِشْر

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025