المجموع : 89
إن لم أمُتْ أسَفاً عليهِ فإنّني
إن لم أمُتْ أسَفاً عليهِ فإنّني / مَذِقُ الوِدادِ على النَّوى غَدّارُهُ
يا زهرةَ الدّنيا ولستُ بواجدٍ / رَوضاً سواكِ يَشوقُني نُوّارُهُ
مَالي إذا عاتَبْتُ قَلبيَ فيكُمُ / أَبدَى اللَّجاجَ وساءَني إصْرارُهُ
وإذا عرضتُ عليه وصلَكِ صدّه / عنه العفافُ فما عَسى إيثَارُهُ
فإلى متَى يُمسي ويُصبحُ في لظىً / من وجدِه يَسِمُ المطيَّ أُوارُهُ
مُتضَادِدَ الأحوالِ بين غَرامِه / وإبائِه ما يستقرّ قَرارُهُ
أمّلتُ من دَاءِ الهوَى إفْرَاقَه / فَرَمتْهُ منك بِنُكْسِهِ سِنجارُهُ
وفراقُ مجدِ الدّينِ مُعظمُ دَائِه / وشفاؤه رؤياهُ أو أخبارُهُ
فارقتُه وظَننتُ أنَّ لِبَينِنا / أمداً فطالَ مداهُ واستمرارُهُ
وأخافُ أنَّ البينَ يُقذِي ناظِري / بِفِراقِه ما أوْمَضَتْ أشْفَارُهُ
ظَنًّا سَرَى الإشفاقُ في ترجِيمه / ولربّما أرْدَى الشفيقَ حِذَارُهُ
وإذا القُنُوط دَجا عليَّ ظلامُه / وضَحَ الرّجاءُ ولاحَ لي إسفَارُهُ
ووثقتُ باللّطفِ الخفيِّ من الذي / تَجري بما يَلقى الفَتَى أقدَارُهُ
أطاعَ الهَوى من بَعدِهم وعصَى الصّبرُ
أطاعَ الهَوى من بَعدِهم وعصَى الصّبرُ / فليسَ له نهيٌ عليهِ ولا أَمرُ
وعاودَهُ الوجدُ القديمُ فشَفَّهُ / جَوىً ضاقَ عن كِتمانِهِ الصّدرُ والصبّرُ
كأنَّ النّوى لَم تخْتَرِم غيرَ شَملِه / ولم يَجْرِ إلاّ بالّذي ساءَه القَدْرُ
وهل لِبَني الدّنيا سرورٌ وإنّما / هو العيشُ والْبُؤسَى أو الموتُ والقبرُ
وكلُّ اجتماعٍ مُرصَدٌ لتَفَرِّقٍ / وكلُّ وِصالٍ سوف يَعقُبه هجرُ
وما يدفعُ الخطْبَ المُلِمَّ إذا عرا / سوى الصّبرِ إلاّ أنَّهُ كاسمِهِ صبرُ
أسكَّانَ أكنافِ العواصِم دعوةً / بِفِيَّ بَروداً وهي في كَبِدي جمرُ
لقد أظلمتْ دُنيايَ بعد فِراقِكمْ / فكلُّ زَمانِي ليلةٌ ما لَها فَجْرُ
أُعاتِبُ أيّامِي عليكُمْ ومَالَها / ولا لِلَّيالِي في الّذي بيننا عُذْرُ
لقد صَدَّعَتْ بعد التّفَرّق شَملَنا / كصَدْعِ الصّفا ما إنْ له أبداً جبْرُ
وما زالَ صرفُ الدّهر يسعى بِبَينِنا / فلمّا انقضَى ما بيننا سكَنَ الدّهرُ
فويحَ زمانٍ فرّقتَنا صرُوفُه / أكانَ عليهِ في تَفرُّقِنا نَذْرُ
إذا عنَّ ذِكراكُم نَبا بِيَ مَضجَعي / كأنّ فِراشِي حالَ من دُونِه الجَمْرُ
فأُذهَلُ حتى لا أجيبَ منادِياً / وأُبهتُ لا عُرفٌ لديّ ولا نُكْرُ
وأرمِي فِجاجَ الأرضِ نحوَ بِلادكم / بطرفٍ كليلٍ دمعُه بَعدَكم قَطرُ
أراقَ جِمامَ الدمعِ فيكُم فإن دعَا / بهِ الوجدُ لبّى وهو مُستكرهٌ نَزْرُ
وجَانبَ طِيبَ النّومِ بعد فِراقِكُم / فما تَلتقي منه على سِنَةٍ شُفْرُ
عسَى نظرةٌ منكُم يُميطُ بهَا القَذَى / وهيهاتَ عَرضُ الأرضِ من دِونِكُم سِترُ
وإن وَعَدَتْني باقترابِكُمُ المُنَى / نَهَتْنَي عَنْ تَصدِيقِ موعِدها مصرُ
وكيفَ بكُم والدّهرُ غيرُ مُساعدٍ / ودونَكُمُ الأعداءُ واللّجَجُ الخُضَرُ
مهالكُ لو سَارت بها الريحُ عاقَها ال / وَجَى وثَناها عن تَقَحُّمِها الذُّعرُ
ولم يبقَ إلا ذِكرُ ما كانَ بَينَنا / ولا عَجَبٌ للدّهرِ أن يُدْرَسَ الذّكرُ
وروعةُ شوقٍ تَعتريني إليكُمُ / كما انتَفَضَ العصفورُ بلَّلَهُ القَطْرُ
فيا رَوعتي لا تَسكُنِي بعد بُعدِهِمْ / ويا سلوةَ الأيّامِ موعدُكِ الحَشْرُ
أأحبَابنَا ما أشتكِي بعد بُعدِكُمْ
أأحبَابنَا ما أشتكِي بعد بُعدِكُمْ / سوى أنَّنِي باقٍ ولُبِّيَ حَاضرُ
وما هكذَا يَقضِي وفَائِي وإنّما / جَرَتْ بهواها لا هَوايَ المقادِرُ
وقد كان للبَينِ المُشِتِّ أوائلٌ / وليس له حتّى المماتِ أواخرُ
يا عينُ في ساعةِ التّوديعِ يشغَلُكِ ال
يا عينُ في ساعةِ التّوديعِ يشغَلُكِ ال / بكاءُ عن لذّةِ التّوديعِ والنّظرِ
خُذي بحظِّكِ منهم قَبل بينهمُ / وبعدَهم فاجْهَدي في الدّمعِ والسّهَرِ
يَا مصرُ ما دُرتِ في وهْمِي ولا خَلَدي
يَا مصرُ ما دُرتِ في وهْمِي ولا خَلَدي / ولا أجَالَتْكِ خَلْواتِي بأفكاري
ما أنتِ أوّلُ أرضٍ مسَّ تُربَتَها / جسمي ولا فيكِ أوطانِي وأوطارِي
لكن إذا حُمَّتِ الأقدارُ كان لها / قُوَىً تُؤلِّفُ بين الماءِ والنّارِ
يَا غائبينَ رَجَاي طِي
يَا غائبينَ رَجَاي طِي / بَ العيشِ مُذ بِنْتُم غُرورُ
أنْسَتنيَ الأيَامُ كي / فَ يكونُ بَعدَكُمُ السّرورُ
يا دمعُ انْجِدْني على بُعدِهمْ
يا دمعُ انْجِدْني على بُعدِهمْ / فقد تَرى قِلّةَ أنْصاري
بَرِّدْ جوىً في القلب من ذكْرِهمْ / أحرَّ ناراً من لَظَى النّارِ
فليس شيءٌ مُذهِبٌ للشَجَى / مثلَ انهمالِ المَدمَعِ الجَاري
إلى اللهِ أشكُو فُرقةً دَمِيَتْ لها
إلى اللهِ أشكُو فُرقةً دَمِيَتْ لها / جُفوني وأذكَتْ بالهمومِ ضَميرِي
تَمادَتْ إلى أنْ لاَذَتِ النّفسُ بالمنى / وطارتْ بها الأشواقُ كلَّ مَطِيرِ
لمّا قضَى اللهُ اللّقاءَ تعرَّضَتْ / مساءةُ دهري في طريقِ سُروري
وجَدَّدَ وَجْدِي بعدما كان قد عفَا
وجَدَّدَ وَجْدِي بعدما كان قد عفَا / وراجَعَني حِلمي ووَازَرَني صَبْرِي
هتوفُ الضّحى مفجوعةٌ بأليفِها / تُهَيِّجُ أشجانَ الفؤادِ وما تَدْرِي
ولو أنّها إذْ أعْولَتْ فاضَ دمعُها / لقلتُ هي الخنساءُ تَبكِي على صَخْرِ
ولكنّها لم تُذْرِ دمعاً وأدمُعي / إذا قُرِنت بالقَطر زادت على القَطرِ
ولو أسعَفتني مُقلتَايَ بِقَطْرَةٍ
ولو أسعَفتني مُقلتَايَ بِقَطْرَةٍ / شفَتْ داءَ أحشائي ولو أنَّها قطْرُ
نأَوْا فأدنَتْكَ منهُمُ الذِّكَرُ
نأَوْا فأدنَتْكَ منهُمُ الذِّكَرُ / ومثَّلتْهُم لقلبِك الفِكَرُ
يَراهُمُ بالوِدَادِ قَلبِي على ال / بُعْدِ وإن لم يُدركْهُمُ النّظَرُ
وحَسرتي أنّني أنا المُعرضُ الن / نائِي وما أعرَضوا ولا هَجرُوْا
بعُدْتُ عنهم إذ كلُّ عصرِهِمُ / بهم ربيعٌ ولَيلهُ سَحَرُ
ونافَستني الأيامُ فيهِم ومَجْ / نى العيشِ دانٍ وروضُه نَضِرُ
غَرضتُ من الهِجران والشملُ جامعٌ
غَرضتُ من الهِجران والشملُ جامعٌ / ولم يتعمّدْنَا بفُرقَتِنا الدّهرُ
فلمّا تفرّقنا وشطّت بنا النّوَى / تمنّيتُ لو دامَ التّجاوُرُ والهجرُ
وصفَ الصّبرَ لي جهولٌ بأمري
وصفَ الصّبرَ لي جهولٌ بأمري / فارغُ البالِ من هُمومِي وفِكري
مستريحٌ مَا قلبُهُ مثلُ قَلبِي / لاَ ولاَ دهرُهُ ظَلومٌ كدَهرِي
مالَه بالهُمومِ عهدٌ ولا اضْطُرْ / رَ إلى الصّبرِ باقْتِسَارٍ وقَهرِ
وأنا الدّهْرَ في خطوبِ زمانٍ / أشربُ الصّبرَ فيه من حُسنِ صَبري
صارَ لي عادةً فلو ضَاقَ رحْبُ ال / أرضِ عنّي ما ضَاق بالصَّبرِ صَدْري
أَأحبابَنا خطبُ التّفرقِ شاغلٌ
أَأحبابَنا خطبُ التّفرقِ شاغلٌ / عَن العَتب لكنْ جَاشَ بالكَمَدِ الصّدرُ
لأَسرَعَ ما حُلُتم عن العَهدِ بَعدَما / تَصرّمَ في حِفزي وِدادِكُمُ العُمرُ
ولا عجَبٌ أنتُم بنُو الدّهرِ مثلُهُ / عُهودُكُم غّدْرٌ ووُدّكمُ خَتْرُ
كأنّكُمُ الدنيا تمدُّ رجاءَنَا / بزُخْرُفها والموتُ فيها لَنا قَصرُ
مَلِلتُم فَمِلُتم نحوَ داعِيةِ القِلَى / وخُنتُم فَدنتُم بالّذي شَرَعَ الغَدرُ
وأنساكُمُ حفظَ العهودِ مَلالُكُمْ / كما قد تُنَسّي لبّ شَاربِها الخمرُ
وإنّى لَتَثْينيني إليكم حَفِيظَتي / إذا ما ثَناكُم عن مُحافَظتِي الغُمْرُ
وأُكذِبُ رأيَ العَينِ فيكُم وإنّكُمْ / لَتقضُون في هَجرِي بما خَيّل الفِكْرُ
أُسَاهِلُ فيما رَابَ منكم ودُونَ ما / أُؤَمّل من إنصافِكُم مسلكٌ وَعرُ
لهِجتُم بهجرِي والدّيارُ قريبةٌ / وما قربُ دارٍ حالَ من دونِها الهَجرُ
وأَغْضَى تَجنّيكُم جُفونِي على القَذَى / إلى أن تقضّى ذلك الزّمنُ النّضْرُ
فلمَّا تَفرّقْنَا أتتني قَوارضٌ / بها ينفُضُ الأحْلاَسَ في السّفَرِ السَّفْرُ
أَسَرّكُمُ أَن خِلتُمُ الدّهْرَ ساءَنا / وقَرّتْ بِنا لا قَرَّتِ الأعينُ الخُزرُ
وجاهَر بالشّحناءِ قومٌ عهدتُهُم / يَسوءُهم لَو لَم أغِبْ عنهُمُ الجَهرُ
وأَصغيتُمُ إذْ لم تقولُوا وطَالَما / تعرّضَ في الأسماعِ من ذكريَ الوَقْرُ
وكتابٍ منكَ فاجأنِي
وكتابٍ منكَ فاجأنِي / كبشيرٍ جَاءَ بالظّفَرِ
ردّ لي شرخَ الشّبابِ ومَا / غَالت الأيّامُ من عُمُري
ظنّه الرّائي مُكاتبةً / وهو أصدافٌ على دُرَرِ
يا بعيداً أحلّه الشْ
يا بعيداً أحلّه الشْ / شَوقُ قَلبِي ونَاظِري
ما نَأى مَن خيَالُه / حَاضرٌ في ضَمائِري
والتّنائِي إذا صَفَا / وُدّنَا غيرُ ضَائِر
يُكاثِرُ مَاءُ الرّزمِ عند ادّكَارِكُم
يُكاثِرُ مَاءُ الرّزمِ عند ادّكَارِكُم / دُمُوعي ولكنْ ذَا بَرودٌ وذي قِطْرُ
ولَو لَم أُعِرْها بَعدَكم كلّ من بَكَى / لأعظَمها عَن أن يُكاثِرَهَا القَطرُ
أشَمسَ الدّولةِ اُسمعْ بثَّ شَوقٍ
أشَمسَ الدّولةِ اُسمعْ بثَّ شَوقٍ / يَضيقُ بمثِله ذَرعُ الصّبُورِ
لقد أوحَشْتَ دُنيا كُنتَ أُنسِي / بها وسَلَبْتَني رَغَدَ السّرورِ
إذا ما الشّمسُ لم تظهرْ بأرضٍ / فما طيبُ الحياةِ بغيرِ نُورِ
وإن أصبحتَ في خَلَدِي مُقيماً / بحيثُ يَجولُ فِكرِي من ضَمِيرِي
تُذكِّرُهُ أحبَابَه الأنجُم الزّهرُ
تُذكِّرُهُ أحبَابَه الأنجُم الزّهرُ / فيَا وَيحَه ماذَا به صنعَ الذِكرُ
همُ مثلُها بُعداً ونوراً ورفعةً / ولكنْ لَها إذْ شُبّهت بهِمُ الفَخْرُ
وقد كنتُ أشكُو هجرَهُم في دُنوّهم / فمن ليَ لَو دام التّدانِي والهجرُ
سَقَى مصرَ جودُ الصّالِح الملْكِ إنّه / هُو الوابلُ المُحيِي البريّةِ لا القَطرُ
ففيها كرامٌ أسْعَرُوا بِجَوانِحي / ببعْدِهُمُ جمراً به يُحرَق الجَمرُ
ومِن عادتِي اُلصَّبرُ الجميلُ ولَيس لِي / عَلَى بُعدِهِم لا درَّ درُّ النّوى صَبرُ
إذا ما أمينُ الدّينِ عنَّ ادِّكارُهُ / ذُهِلتُ كأنّي خَامَرَتْ لُبِّيَ الخمرُ
يذكّرُنِيهِ الفاضلُون وإن غَدَوْا / جَداوِلَ إن قِيسُوا به وهو البحرُ
إذا حضَر النّادِي فَرضْوَى رجاحَةً / وإن قَال فالدّرّ المنظّمُ والسّحرُ
ويعجِبُنِي منه تدفّقُ عِلمِه / وأعجبُ منه كيف يجمعهُ صَدرُ
تناءت بنا الدّارَانِ والوُدُّ مُصْقِبٌ / فللقُربِ شطرٌ والبِعادُ له شطرُ
كأنّ الليالِي إذْ قضَت بِفِراقِنا / قَضى جَورُها أن ليس تَجمعنا مِصرُ
أُحِلُّ بها إن غابَ عنها وإن أَغِبْ / يحِلُّ بها فاعجبْ لما صنعَ الدّهرُ
فليت تلاقِينا ولو بعضَ سَاعةٍ / يُحَمُّ وشِيكاً قبل أن ينفَدَ العمرُ
لأحظَى بِرؤياهُ وأشكرَ مَنَّهُ / وإن لم يقُم عَنّي بواجِبِه الشُّكرُ
لأشكرَنَّ اهتماماً منك يَذكُرُنِي
لأشكرَنَّ اهتماماً منك يَذكُرُنِي / فِي البعد حتّى كأنِي مُصقبُ الدّارِ
بعُدتُ عنه فما أنكرتُ خُلّتَهُ / مع التّنائي وكم أنكرتُ من جَارِ