القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عُمارة اليَمَنِيّ الكل
المجموع : 66
في مثل مدحك شرح القول مختصر
في مثل مدحك شرح القول مختصر / وفي طوال القوافي عنده قصر
حسنت ذكر القوافي إذ مدحت بها / وما على كل جيد تحسن الدور
وما مدحك لكني مدحت بك ال / شعر الذي بك يستعلي ويفتخر
سما بك الدست لما نلت منزلة / أجل مجدك فيها القدر والقدر
وبوأتك المواضي والقنا رتبا / أضعافها من ضمان الغيب منتظر
أنت الذي يعقد الإسلام خنصره / علية إن حل خطب أوطرا وطر
ما زال وجه المعالي الغر ملتفتا / شوقا إليك وعين المجد تنتظر
تجملت بك أيام ذخرت لها / إن النفيس من الأشياء يدخر
كان الزمان بهيم اللون فاتضحت / له بأيامك الأوضاح والغرر
مراتب الملك أجسام أبوك لها ال / روح اللطيف وأنت السمع والبصر
إن كان ليث الشرى العادي فإنك يا / ذخر الأئمة منه الناب والظفر
أو كان دوحة مجد طاب منبتها ال / زاكي فأنت لها الأوراق والثمر
أعلمتنا حين لم تخلل بسيرته / أن الأصول عليها تنبت الشجر
لما ترفع قدرا واستطال على / عن أن يباشره للهيبة البشر
ألقى إليك مقاليد العلى ثقة / بنهضة أحكمت من أمرها المرر
وفوض الأمر ترفيها لهمته / إلى خبير بما يأتي وما يذر
غض الشبيبة كهل الرأي مقتبل ال / أيام لا صغر يزري ولا كبر
كأن أخلاقه من حسن خلقته / صيغت فقد راقت الأفعال والصور
قامت بعزمة محيي الدين مملكة / صفا بوالده فيها له كدر
متوج تشرق الدنيا بطلعته / وتخجل الشمس مهما لاح والقمر
إذا أقامت على ثغر صوارمه / فللنوائب عن سكانها سفر
أغاث أعمال بلبيس وأمنها / من بعد ما عالها الإشفاق والحذر
وليس يعلو لمن رام العلى خطر / إن لم يهن عنده التغرير والخطر
أغرت قبل أبي الغارات مقتحماً / للهول تستصغر الجلى وتحتقر
فكان شمساً وكنت الفجر تقدمها / والفجر في الجو قبل الشمس ينتشر
بعزمة الناصر بن الصالح انكشف / الأعداء عن حوزة الإسلام وانذعروا
لجت به الغارة الشعواء خلفهم / والنصر يقسم لا فاتوه والظفر
فأمعنوا هرباً منه ومنذ علموا / بأنه نافر في إثرهم نفروا
وحين أبليت عذراً في اللحاق بهم / وصح منك السرى في الليل والسهر
وقال عزمك لما أن ألح ولم / تلح له منهم عين ولا أثر
إن تنج منها أبا عمرو فعن قدر / نجاؤكم قدرة قد عاقها القدر
وعدت نحو مقر العز في عصب / يفنى بها الأكثران الرمل والمطر
وللصوارم في أجفانها أسف / تكاد من حره الأجفان تستعر
جيش إذا انضم قطراه رأيت على / أرجائه شجرات الخط تشتجر
شاموا حياً ومحيا منك بينهما / سحائب البشر والإنعام تنهمر
أرضيت عسكر مصر بالنوال ولم / يزل رضى الناس باب قرعه عسر
فاشكر يداً أصبحوا شكراً لمنتها / على ولائك إن غابوا وإن حضروا
وسعتهم بالندى والحلم قاطبة / فالرزق متسع والذنب مغتفر
والجود إن تكشف الأيام صفحتها / سترته باذل الإحسان يستتر
تنزه الخلق المجدي عن عجل / يقضي به المزعجان الطيش والضجر
وصان مقداره العالي وقدرته / من أن يضاف إليه الشر والأشر
وأصبحت عنده الأيام نازلة / في رحب صدر إليه الورد والصدر
تفيض رحمته تغيض نقمته / والبحر تطفأ في تياره الشرر
ملك إذا رسمت مرآه نائله / تهلل البدر وانهلت له البدر
ما إن سموت على جرد مسومة / إلا وظن أناس أنها سرر
ولا حملت نجاد السيد في رهج / إلا بدا ذكر يسطو به ذكر
ولا اعتقلت وشيج الخط يوم وغى / إلا تمنت ثغور أنها ثغر
ولا علت يدك العليا على قلم / إلا جرى الرزق منه أو دم هدر
ولا سطرت على طرس مكاتبة / إلا بدت غرر من فوقها طرر
ولا نطقت ونادي الجمع منتظم / إلا وظلت عقود الدر تنتثر
أيقنت منذ أرحت المجد من تعب / أن سوف تتعب من أوصافك الفكر
فاجعل قبولك ما أهديت من خدم / أسنى ثوابٍ له الآمال تنتظر
وليس ذا لغنى بي عن ندى ملك / أغنى الملوك إلى نعماه مفتقر
ولكن لساني وإن طالت بلاغته / مقصر عن أداء الفضل بل حصر
في شكر نعمتك الأولى التي سلفت / شغل فكيف إذا انضافت لها أخر
إن رمت مدحاً على مقدار ما بلغت / بك المعالي فإني لست أقتدر
إني وإن قصر الساعون عن أمدي / إليك من خجل التقصير أعتذر
فاصفح وسامح وعد واعطف ولن وأقل / واسمح فأنت على ما شئت مقتدر
أراجعة لي عيشة الزمن النضر
أراجعة لي عيشة الزمن النضر / وعيش تقضى في كنانة والنظر
ليالي ريعان الشبيبة مقبل / وغصن الصبا يهتز في ورق خضر
رعى الله أيام الصبابة والصبا / وعصرهما أكرم بذلك من عصر
وعالية الأنساب عالية الهوى / ينيف بها فرع الذؤابة من فهر
سريت إليها والدجنة أضلع / حنتها يد الظلماء مني على سر
عثرت بأطراف الفنا حول خدرها / وكم خادر عن جانبي ذلك الخدر
وأيدني قلب وعزم كأنما / يقدان من حد المهند والصخر
وعلمني تاج الخلافة في السرى / ركوب الطريق السهل في المسلك الوعر
وعرفني معنى الشجاعة والندى / بخوض غمار الموت والنائل الغمر
جزيل الندى والبأس تمسي بنانه / مقسمة بين الصواعق والقطر
يسرك أن تلقى به الألف وحده / إذا غلبت غلب الرجال على الصبر
سما قدره عن كل خلق وشيمة / فما الزهر إلا من خلائقه الزهر
كأن العلى من قبل ورد عقيمة / فليس لها يا ورد غيرك من بكر
كريم له من آل رزيك إمرة / نما فرعها من دوحة المجد والفخر
يعدون ذخراً لكل ملمة / وأكرم به عند الملمات من ذخر
حسامهم الريان من علق الطلى / ورمحهم الظامي إلى علق الصدر
نشا من ربوع الملك في حجراتها / وربي من دست الوزارة في حجر
فجاء حقيق العزم بالمجد والعلى / وجاء خليق العزم بالنهي والأمر
ونمت عليه زاكيات أصوله / كما نم بالإصباح معترض الفجر
وساد من الأملاك كل مسود / وقاد جيوش المسلمين إلى الكفر
وطول باع الأسر والقتل في العدى / وفك بنعماه الرقاب من الأسر
ومن عجب أن المنايا تطيعه / إذا شاء في زيد وإن شاء في عمر
وتبدي له العصيان في مهجة ابنه / لقد بالغت في شيمة اللؤم والغدر
تولت ضرغام بن بدر وإنه / لأمنع في الإمكان من بيضة العقر
مضى الأكرم المأمون حين تطلعت / إليه عيون الوفد والعسكر المجر
ولاحت لهم في مخائل سؤدد / يخبرهم عن صدقها كرم النجر
فلله من غصن نضير وكوكب / منير وبدر غاب في غرة الشهر
وجوهرة من أنفس الدر لم تجد / لها صدفاً بعد التشظي سوى القبر
لئن نقص المقدار قدر حياته / لقد مات موفور الجلالة والقدر
ومن طال شرح المادحين لفضله / فما ضره أن مات مختصر العمر
كأن الليالي استشعرت سوء فعلها / وإن ضاق عن تقصيرها سعة العذر
فعوضه بابن ثلاثة أخوة / وقد يستفاد الربح من موضع الخسر
أتت بهم الأيام جبراً لكسرها / فيا لك من كسر ويا لك من جبر
سروا من بلاد الشام نحوك نجعة / كما انتجع الأسباط يوسف في مصر
قضية حال تقتضي نيل رتبة / يلم بها حكم العيافة والزجر
وما أنت إلا الكف تسطو على العدى / وهم قوة فيها كأنملك العشر
وقد أيد الرحمن موسى كليمه / بهارون لما قال أشركه في أمري
وقد عمر الإنعام والبأس ذكرهم / بأندية خضر وألوية حمر
وساروا إلى غايات كل فضيلة / بسيرتك الحسنى وأفعالك الغر
وهزوا أنابيب القنا حول ضيغم / يرشحهم للكر في ساعة الفر
مهيب السطى أضحت نوائب دهره / خواضع لا تسطو بناب ولا ظفر
إذا نزلت ثغر المخافة خيله / أزالت شعار الخوف عن ذلك الثغر
وإن خفقت راياته خفقت لها / قلوب أعاديه من الخوف والذعر
وكم غارة مسودة النقع أسفرت / وقائعه فيها عن العز والنصر
ومعترك ضنك المجال تكفلت / له البيض فيها بالغناء عن السمر
فتى حاز إحساناً وحسناً ونجدة / ثلاث خلال الغيث والليث والبدر
وضمنت شعري في مناقب مجده / ثلاث خلال الخمر والسحر والشعر
دعاني إلى مدحي لورد خلائق / زرعن له حب المحبة في صدري
وسابق إحسان مطلت بشكره / ولم أقض فيه واجب الحمد والشكر
ومن نثر الإحسان والبشر لم يفت / مناقبه مستحسن النظم والنثر
وما أدعي مدحاً يقوم بشكره / علي ولكني مدحت به شعري
ولازال شهر الله أسعد قادم / عليه بأعمال المثوبة والبر
توقره عند القدوم تواضعاً / وتوقره عند الرحيل من الأجر
سرت نفحة كالمسك أزهى وأعطر
سرت نفحة كالمسك أزهى وأعطر / وأردية الظلماء تطوى وتنشر
فأوهمت صحبي أنها عرف روضة / ينم بها واشي النسيم ويخبر
وما هي إلا نفحة بعثت بها / سليمى إلى صب تنام ويسهر
وإلا فما بال النسيم الذي سرى / بذي الأثل عن عرف العبير يعبر
حمى الله من ريب الحوادث بالحمى / وجوهاً بها روض من الحسن يزهر
وحيا بنجد والغوير وغرب / ظعائن منها منجد ومغور
سفحت على سفح المحجر أدمعاً / هي الدم لا ما اعتاد جفن ومحجر
ومائدة الأعطاف من نشوة الصبا / وما كل عطف بالمدامة يسكر
فتنت بها لحظاً ولفظاً فخاطري / وسمعي بسحر اللحظ والفظ يسحر
أقام لها الإحسان والحسن دولة / تظل بها الألباب تنهي وتؤمر
شهدت يقيناً أن مرآك جنة / وقالوا وما أدري وريقك كوثر
ألا حبذا في البان منك وفي النقا / وذائب شهد من ثناياك يقطر
ويا حبذا في البان منك وفي النقا / مشابه منها ما يضم ويهصر
لئن ساءني ليل بهجرك مظلم / لقد سرني صبح بوصلك مسفر
ذكرتك والنسيان يملك خاطري / وآية وجدي أنني لست أشعر
سلي خلوتي عن ضميري ألم أصن / هواك ومعروف الهوى يتنكر
بعيشك هل في الأرض غيري عاشق / وهل فارس الإسلام إلا المظفر
شهاب أمير المؤمنين الذي غدت / بدولته الأيام تسمو وتفخر
أغر لو أنا ما عرفنا حديثه / لحدثنا عنه سريري ومنير
حمى حرم العلياء لما تواثبت / عليها سباع ضاريات وأنسر
وفي ضحوة الاثنين لولا دفاعه / لما كان كسر الملك والدين يجبر
وقد أعربت يوم العروبة خيله / عن النصر تحت القصر والخلق حضر
حلفت بزوراء المحصب من منى / ومن ضمه منهم حطيم ومشعر
وبالنفر من بطحاء مكة بعدما / أهلوا بذكر الله فيها وكبروا
لقد سدت يا بدر بن رزيك رتبة / لها البدر خل والكواكب معشر
تناط أمور الملك منك بحازم / يقدم من تدبيرها ويؤخر
يرد صدور الخيل عند ورودها / ويورد في الخطب المهم ويصدر
يدبر ملك الفاطمي وإنه / إذا ضل وجه الرأي نعم المدبر
تلوذ بعطفيه إذا الخطب نالها / فيكشف عنها ما تخاف وتحذر
ومابرحت أفعاله زينة لها / تؤرخ في صحف المعالي وتسطر
وأي زمان لم تبت نصرة لها / تحسر ذيلي عزمة وتشمر
أفي زمان الهادي الكفيل طلائع / فقد كنت تصلى نارها حين تسعر
إذا نبت عنه في دفاع ملمة / تساوى له فيها مغيب ومحضر
لئن عز عصر ناصري فإنه / بذكركما العالي يعز وينصر
وما أنت إلا صارم في يمينه / يذاد بك الأعداء عنه وينصر
وذخر يرى ذخر الأئمة أنه / لدولته كنز يصان ويذخر
لئن نظم الأيام عقد طلائع / ضمنت بها يا سلك أن ليس تنثر
ولا عيب في بدر سوى أن قدره / وقد جاوز الجوزاء لا يتكبر
مليك له سجلا عقارب ونائل / بسيبهما يغني ويفني ويفقر
له صارم في أسود النقع أحمر / له جانب في أحمر الحديد أخضر
ويوم بصافي الجود والبشر مشرق / ويوم بكدراء العجاجة أكدر
يتيه بكفيه من الهند أبيض / ويزهى به لدن من الخط أسمر
تهز رياح النصر من عذباته / غصوناً بهامات المعادين تثمر
وتردى غداة السلم حول قبابه / إذا ضربت قبٌّ من الخيل ضمر
وترعف آناف اليراع بكفه / ندى وردى في الخلق ترجى وتحذر
يقدمه في رتبة البأس والندى / لسان إذا عد الكرام وخنصر
كلا شيمتيه م حياء ومن حبا / ببشر ويسر عنه تهمي وتهمر
فلا ظله الضافي عليه مقلص / ولا منه الصافي بمن يكدر
تهلل بشراً واستهل أناملاً / فلله بدر مشمس الجو ممطر
أرى الناس جسماً آل رزيك رأسه / وبدر له تاج رزيك وجوهر
دعوا يا بني الأخبار يحيى و جعفر / فكل بني رزيك يحيى و جعفر
ولا تذكروا كعباً وعمراً وعنتراً / فخادمهم كعب و عمرو وعنتر
وخلوا حديث البحتري فإنني / لهم بحتري لم تناسبه بحتر
وكنت أظن الشعر بعد طلائع / يموت فينسى أو يموت فيقتر
فأحييتم تلك السجايا بمثلها / حياة بها ميت المكارم ينشر
فليت له أذناً إليك سميعة / وعيناً إلى أفعالك الغر تنظر
ليعلم أن الله أبقى لكم بها / مآثر من مجد إلى الحشر تؤثر
إذا أنا بعت المدح في سوق غيركم / فإني به من حيث أربح أخسر
وإن آثر الناس الغنى بمذلة / فإني لما ترضى النزاهة أؤثر
وكم من بهيم الحظ مستبهم الغنى / غدا بكم وهو الأغر المشهر
سأفنى ويفنى ما بذلتم من الندى / ويخلد مدحي فيكم ويعمر
فلا تتركوني أشتكي جور حادث / وأنتم على الإنصاف أقوى وأقدر
ولا عذر لي إن لم أنل غاية المنى / وعن أمركم يجري القضاء المقدر
أبا النجم والنجوى إليك وإنما / لك البث فرض ذكره حين يذكر
أقلني عثار المدح فيك فلم تزل / تقيل عثار المذنبين وتغفر
تأخر عن مفروض حقك برهة / وفيض ندى كفيك لا يتأخر
مننت فلا وجه المطالب معرض / ولا منكب الإقبال عن أزور
أياديك لا يحصى لدي عديدها / وأبيات مدحي فيك تحصى وتحصر
عرفت لها الحق الذي أنكر الورى / فمعروفها ما لم يكن منك منكر
وأدنيت مثواها فطالت وغيرها / لديك من الآمال يقصى ويقصر
ماضرها نقص الليالي وحظها / لديك من الرأي الجميل موفر
قواف هي الشعرى سمواً وإنما / يلقبها بالشعر من ليس يشعر
ملكت عليها خنزوانات كبرها / وفيها على قوم سواكم تكبر
بذرت لها حب الكرامة منعماً / فلانت وقد كانت تصد وتنفر
ومليت عذراء الخواطر قد أتت / تمايس في ثوب النشيد وتخطر
تزف ولكن الصدور خدورها / وتنحل الباب الرجال وتمهر
وهنيت من شهر الإله بزائر / منه لو أن اليوم عنك أشهر
وما البدر إلا أنت فانظر هلاله / وصورته في نحر شانيك خنجر
فلا زلت يلقاك الزمان مكرراً / وتخدم بالمدح الذي لا يكرر
وعش وسفيه الحادثات موقر / وكاهله من حمل شكري موقر
وبلغت في المولى العماد من المنى / وإخوته الأخيار ما تتخير
نجوم أبوها البدر لاشك أنها / تضيء بآفاق المعالي وتزهر
وأغصان مجد أطلعتهن دوحة / تساوى له فرع كريم وعنصر
وأشبال خيس كل يوم وليلة / يرشحها للفرس ليث غضنفر
هنئت مفتتح الصيام السافر
هنئت مفتتح الصيام السافر / عن وجه مغفرة وأجرة وافر
شهر قسمت صيامه وقيامه / في الله بين هواجر ودياجر
وجمعت بين صلاته وصلاته / فشفعت برتقى ببر غامر
لا يفرحن بدر غدوت سمية / فالبدر دون علاك أعشى ناظر
وافى وقد محق المحاق ضياءه / فاعرته نور الجلال الباهر
أكرمت مثواه بحسن تحية / حلت على الخلق الزكي الطاهر
قابلته بجبين وجه ساهم / شوقاً إليك ولحظ طرف ساهر
سهلت إذنك مطعماً أو منعماً / فتعلم الشاكي لسان الشاكر
وأمرت كفك أن يحقق عندنا / ما قيل عن كرم الغمام الماطر
ونهيت جوادك أن يخص بفيضه / فسقى ثرى البادي وريف الحاضر
واستأثرت بالمجد همتك التي / يأبى نداها قسمة المستأثر
وأعدت بعد الشيب في أغصانها / ما انحت من ورق الشباب الناضر
وصحبتنا والنجم دونك رتبة / متواضعاً في عز ملك قاهر
قل للزمان عدمت وافر همتي / إن لم أكل لك بالصواع الوافر
أأكون جار أبي الضياء وأتقي / في ظله ظلم القضاء الجائر
هيهات ما ورقي بمغنم خابط / كلا ولا عودي بنهزة كاسر
يا حائر الآمال أخفق سعيه / تجد عندي دليل الحائر
هذا المظفر قبلة الكرم التي / نصبت لشد على وسد مفاقر
ضمنت هداية كل خابط عشوة / بمشاعل للجود فوق مشاعر
يلقى مؤمل عزه ونواله / ما شاء من خيل وبحر زاخر
أصبحت أشعر زائريه ولم أكن / لولا مكارمه بأفصح شاعر
وحذوت في الإحسان حذو مثاله / وهو الذي نصب المثال لخاطري
عمر المديح بغامر من جوده / فشكرت منه غامراً بالعامر
وجلوت صفحة مجده بمدائح / يصقلن من صدأ السماح الداثر
ملك إذا اختصم القنا في مأزق / حكمت ظباه على القنا المتشاجر
يجلو دجى النقع المثار بأنجم / يطلعن زرقاً في العجاج الثائر
يرمي العدى من سيفه وسنانه / يوم الهياج بناظم وبناثر
وتقيل ضاحية المنى في ظله / ويقيل عاثرة الرجاء العاثر
لما أقام صغى الرقاب رأيتها / تعنو له بسجود صاغ صاغر
تحوي بطون دفاتر من ذكره / مافي بطون أسرة ومنابر
متناسب يلقاك أطهر باطن / من عينه أبداً وأحسن ظاهر
ترجو نداه ولاتخاف عقابه / مادمت في كف الوفاء السائر
لاتلزم الدنيا أخاه فإنما / ترجو الولادة من عقيم عاقر
أبقت بنو رزيك منه ذخيرة الش / رف الرفيع لهم وكنز الذاخر
وبقية الحسب الصميم ووارث ال / كرم القديم وخير ناه آمر
يا ليت أعينهم رأت ماشاده / من حسن آثار لهم ومآثر
لتطيب منهم نفس ماض أول / أودى وحمل ثقله للآخر
أمام الهمام أبو العماد فلم يزل / جرار ألوية وهوب جرائر
تزهر بيومي بأسه ونواله / أبداً صدور مواكب ومحاضر
قد كان عوناً للكفيل طلائع / ومؤازر من دون كل مؤازر
مازال عند نزول كل ملمة / عنه يسد فم الزمان الفاغر
بعزيمة لولا تأخر عصرها / خلقت مضاء في الحسام الباتر
ولكم تفكر في الكماة فما رأى / غير المظفر خاطراً في الخاطر
وصلته عنك أواصر الرحم التي / وجدتك أكرم واصل لا قاصر
أيقنت أن الملك يخذل ضده / لما رأيتك ناصراً للناصر
حققت ظن أبيه حين لحظته / يا مقلة الدنيا سواد الناظر
فلو استطعت خبأته عن كل ما / يخشاه بين حناجر ومحاجر
فبقيتما وبقيت وحدي ناظماً / في جيد مجدكما عقود جواهري
وحق المعالي يا أباها وصنوها
وحق المعالي يا أباها وصنوها / يمين امرئ عاداته القسم البر
لقد قصرت عما بلغت من العلى / وأحرزته أنباء دهرك والدهر
متى كنت يا صدر الزمان بموضع / فرتبتك العليا وموضعك الصدر
ولما حضرنا مجلس الأنس لم يكن / على وجهة إذ غبت أنس ولا بشر
فقدناك فقدان النفوس حياتها / ولم يك فقد الأرض أعوزها القطر
وأظلم جو الفضل إذ غاب بدره / وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
قبولاً وإن قد بان عجز الخواطر
قبولاً وإن قد بان عجز الخواطر / وعذراً وإلا ضاق عذر البصائر
فما يشعر المزجي كواعب فكره / إليك اعتزازاً أنه غير شاعر
ولو لم يشجعني تغاضيك عاقني / محاذرتي من خجله المتجاسر
وما أنت ممن أستجيز لقاءه / حياء وإجلالاً بميسور خاطري
على أن فكري لم تزل خطراته / سوائم في روض من الفضل ناضر
وكم قد أعارتني الوجوه التفاتها / وأنست بسر الأنس من كل نافر
وجاوزت حد المحسنين بهمتي / إلى غاية لم تختلج في الضمائر
وزاحمت في أعيان قوم تقاصرت / خطى ناظم عن مرتقاهم وناثر
ولما رأوا لي منك أمنع جانب / غدا جذعي فيهم بعد بفاطر
وساعدت بالإطراء حسن قصائدي / وكنت لهم في غيبتي خير حاضر
ولولا عمير لم يسد آل عامر / ولولا طفيل لم يسد آل عامر
وكم قصدت بابي نفوس قصيرة / فطولت مرمى خطوها المتقاصر
وأحوال قوم زعزعت فرددتها / فكنت لكسر القوم أكرم جابر
حضرت وحط القوم ألأم خاذل / فكنت لهم في الغيب أكرم ناصر
أدرت جميل الرأي فيهم بنجوة / صرفت بها عنهم صروف الدوائر
خاطر فإن الحظ للمخاطر
خاطر فإن الحظ للمخاطر / واهجر بها أوطانها وهاجر
وارم بأيدي العيس كل قفرة / تضل فيها لحظات القافر
يهماء لا يسري النسيم خيفة / فيها ولا طيف الخيال الزائر
يغدو العنان للخطام تابعاً / فيها ويفدى منسم بحافر
إن لم يقربها بنات شذقم / فلا سلمن من شفار الجازر
ولا كرمن عن مناخ جعجع / يفحصن فيه الأرض بالكراكر
يا حادي العيس ولك نصحة / تذهب في عرض النسيم السائر
يا من بها عن اللوى وإن بدت / أعلام سلع والحمى فياسر
واستغن بالشوق الذي يحثها / عن منة الحادي وزجر الزاجر
واسمح لها بوقفة إن عرضت / عن الغوير نفحة من حاجر
فإنها تفهم عن ريح الصبا / رسائلاً تسمع بالمناخر
أما ترى أعناقها إلى الصبا / مائلة الأحداج والمحاجر
ما ذاك إلا أن نجداً لم تزل / منتجع الأهواء والخواطر
تصبو إليها والمزار نازح / أنفسنا وأنفس الأباعر
فنحن نشتاق الربوع باللوى / وهن يشتقن ربيع الحاجر
يا حبذا ما حملت أعجازها / من الهوى المكنون في الضمائر
وحبذا برد السرى في ليلة / تسفر منها أوبة المسافر
وموقف يجمع بين واصل / قد شفة الشوق وبين هاجر
حيث تحط للنوى علائق / ويلتقي بالنوم جفن الساهر
حيث غصون البان من فوق النقا / تكاد تندى من بنان الهاصر
ليتك شاهدت الخدور عندما / زرت على الغزلان والجواذر
وقد أدار الوصل ثم قهوة / تسقي الفريقين بكأس دائر
والصعب قد هان فلا أسد الشرى / تخشى ولا سرب المها بنافر
والحدق النجل لها أوامر / يمضين حكم القسر في القساور
كن حذراً منها إذا ما أرسلت / على القلوب أسهم النواظر
فليس حزم عندها بجنة / وليس صبر دونها بساتر
واها لها من أسهم قسيها / حواجب الفواتن والفواتر
ولا قدس الدهر فلولا جوره / لم يتحكم عاجز في قادر
ولا غدا مثلي ومثلي معوز / يعرف مابين الورى بشاعر
أما و ورد من وراء نصرتي / فإنني غير ضعيف الناصر
ما ضرني وهو ملب دعوتي / من غاب من قومي ومن عشائري
أغر لما أن وفي لي لم أبل / إن غدرت بي صبغة الغدائر
لو كان في الإمكان رد فائت / أرجع لي عصر الشباب الناضر
طلق المحيا يلتقي وفوده / إن عبس الدهر بوجه سافر
مستأثر بالمجد إلا أنه / بسابغ النعمة لم يستأثر
آنس وحش المدح وهو نافر / بشر له ينطق بالبشائر
ونائل ظلمته إن قسته / بالبحر أو صوب الغمام الماطر
غيرك يا تاج الخلافة اغتدى / يحيل بالمجد على العناصر
لم ترض من نفسك فعل أنفس / فواخر بأعظم نواخر
قومك غسان وهم أجل من / يعزى إلى السؤدد والمفاخر
فلم أنفت أن تعد منهم / أوائلاً زاكية الأواخر
ما ذاك إلا أن ثم همة / غنية عن كرم الأواصر
عافت من المجد ورود منهل / وارده متبع للصادر
فاخترعت لنفسها مناقباً / تعصر منها كبد المعاصر
أسف قوم دونها وحلقت / ما كل من طار من الكواسر
يفدي أبا الضرغام كل مدع / يطاول النجم بباع قاصر
لا يسندون المجد عن فعالهم / إسنادهم عن حفر المقابر
وأي فخر برفات أصبحت / آثارها مطموسة المآثر
لم يحصلوا من العلى ورسمها / إلا على الفخر برسم داثر
فقل لمن مت بفضل غائب / حاضر إذا شئت بفضل حاضر
فإن عدمت من علاك شاهداً / فقلل الدعوى ولاتكابر
يا أسد الدين وما من حاجة / يدعى لها مد الفرات الزاخر
إن بني رزيك لما أن سطت / أيمانهم منك بعضب باتر
واطلعوا منك على نصيحة / طاهرة الأذيال والسرائر
واختبروا عزمك في مواطن / تكشفت عن كرم المخابر
عدوك للملك العقيم عدة / باقية من أنفس الذخائر
وشاطروك أنعماً شكرتها / إن المزيد واجب للشاكر
فاعتضدوا منك بكاف لم يزل / غناؤه يكبر في الكبائر
إذا الليالي فغرت خطوبها / سدوا بها ثغر الزمان الفاغر
وإن طرت نازلة وأفكروا / فيمن لها كان ضمير الخاطر
لا يعقدون خنصراً إلا به / في حيث تثنى عقد الخناصر
دوخت الدنيا له ملمومة / تبلغ أضعاف قياس الحازر
تحسب لمع البزل في عجاجها / كواكباً تلمع في الدياجر
يجر ذيلها على وجه الثرى / أبلج صفَّاحٌ عن الجرائر
زارته من أرض الشآم إخوة / ثلاثة أكرم بهم من زائر
أم المعالي عاقر من مثلهم / واليأس أولى من رجاء العاقر
إن ينعموا أو ينقموا فإنما / هم خلج من فيض بحر زاخر
يطلع منهم في سماء دسته / كواكب تزهى ببدر زاهر
إذا بدوا من حوله في كوكب / حسبتهم أشبال ليث خادر
عبل الذراعين كأن بطشه / بطش أبي شبلين قاس قاسر
لا نافر الطول ولا بقاصر ال / صعدة منسوب إلى الحباتر
من نبعة المجد التي أغصانها / صليبة المتن بكف الكاسر
أيده الله بأيد لم تزل / إرث وصي أو نبي طاهر
معجزة في مدين و خيبر / صارت له برهان فصل باهر
كأن موسى والوصي حيدرا / أحظاه منها بالنصيب الوافر
بورك في حول له وقوة / أمست له أمضى السلاح الحاضر
ليس له في كل خطب غيرها / وغير حد السيف من مشاور
ليث إذا قاد الجيوش لم يعد / بهن إلا ظافر الأظافر
يباشر الأهوال قبل جيشه / علماً بأن الفضل للمباشر
جواده في الحرب محراب لمن / صلى إلى الحرب من العساكر
كم شهدت له الأعادي في الوغى / بفتكة المجاهد المهاجر
وأخفر الصارم في يمينه / عند الجلاد ذمة المغافر
وأقسم الرمح بطول باعه / ليسبرن غور الدلاص السابري
سنانه في الطعن أقوى ناظم / وعضبه في الضرب أقوى ناثر
إن شئت أن تعرفه حقيقة / فارصده في ليل العجاج الثائر
فإن رأيت في الكماة حاسراً / فليس فيهم غيره من حاسر
هل أسد الدين معير سمعه / معدومة الأشباه والنظائر
يغرف من قلب قليب لم يزل / عاديها يهزأ بالحفائر
جواهر من بحر فكري لم يزل / معدنها يثرى من الجواهر
لم تعترض حظك منها فترة / فلا أن تقابلها بحظ فاتر
سابقة لو راهنت طيف الكرى / لبرقعته بغبار الخاسر
جلت وصلت بعدها ريح الصبا / فما تقول في السكيت العاشر
ساخرة يبعد منها باطن / وإن دنت من سامع في الظاهر
ساحرة المعنى ومن كمالها / وحسنها رقة لفظ ساحر
ليس لها من قول غيري ضرة / وكم لها عندي من الضرائر
تنشر طي الجود منها ألسن / أعطر من نشر النسيم العاطر
والجود لا يبقى جميل ذكره / ما لم يقيد بلسان شاكر
فاسعد بصوم أنت أزكى صائم / أيامه الغر وأزكى فاطر
يا أسد الدين بدت حاجة
يا أسد الدين بدت حاجة / نزاهتي تخجل من ذكرها
صغت عقود النظم في شرحها / معتمداً فيك على سرها
ولم أسم وجه القوافي بها / رفعاً لمقدارك عن قدرها
حبستها عنك حياء وقد / أطلق حسن الظن من أسرها
فامنن بها ولتك مستورة / فإنما المنة في سترها
تهن بأعياد غدا بك فخرها
تهن بأعياد غدا بك فخرها / وسار مسير النجم باسمك ذكرها
فلو يستطيع الدهر جاء مهنئاً / بأيام سعد أعقب الصوم فطرها
تولت ليالي الصوم يثني لسانها / عليك بأعمال يسرك أجرها
وأشرق فيها من صباحه وجهك ال / كريم صباح ناب إذ غاب فجرها
فما ليلة منها يحيق محاقها / ببدر الدجى إلا ووجهك بدرها
ألم تره يدعى بنعتك كلما / مضت أربع منها تقدم عشرها
ولو أن أيام الأهلة أوتيت / كما لك لم يختص بالنقص شطرها
وناسبت بالإحسان حسنك فاستوت / لنا منك أخبار المعالي وخبرها
وفي كل تُجتلى منك شيمة / يبشر آمال الورى منك يسرها
لئن كان للأيام ذنب نعده / فأيامك الحسنى من الذنب عذرها
وقد كان ملقاها عبوساً فأصبحت / يهش محياها ويبسم ثغرها
كفلت لها يا بن الكفيل بصولة / يدين لها سهل الخطوب ووعرها
وقد علمت أم الوزارة والعلى / على كثرة الأبناء أنك بكرها
وأن اسمك المشتق من شد أزرها / إذا اشتق من أسماء غيرك وزرها
لو اطلعت على سري وإضماري
لو اطلعت على سري وإضماري / لم تؤثري غير ما يجري بإيثاري
لكن قلبك لم تضرم شرارته / من نار قلبي ولا من زندي الواري
أهم بالهجر أحيانا ً فيمنعني / عواطف لك في قلبي وأفكاري
وصورة وحديث منك مابرحا / مذ كنت نزهة أسماع وأبصار
يا هذه ودواعي الشوق تحملني / على الوفاء لرث العهد غدار
ما بال ألحاظك اللاتي رميت بها / أوردني ثم لم يحسن إصداري
وما لثغرك لم تبسم بوارقه / في ليل فرعك حتى يهتدي الساري
وما لأيام دهري قد غدوت بها / حيران أضرب أخماسي بأعشاري
قصرن ما طال من باعي وأعجبها / أن أصبحت أذرعي فيها كأشباري
أقسمت بالبيت معموراً جوانبه / بالوفد مابين حجاج وعمار
لقد نهضت بأمر لا يقوم به / أبا الفوارس لا باد ولا قار
أنت الذي يعقد الإسلام خنصره / عليه في كل إيراد وإصدار
كم موقف لك من باس ومن كرم / صفى بك الملك فيه بعد إكدار
لم ترض فيه مشيراً تستشير به / غير النصيحين من سيف ودينار
ما غاب شاور عن دست حللت به / والشبل يحمي عرين الضيغم الضاري
منعت كيد رجال أن يتم على / ما أضمروا فيه من مكر وإضرار
قلدتهم طوق إحسان فحين بغوا / قلدتهم حد ماضي الغرب بتار
يا قرب ما استسلفوا منكم بما غرموا / في الحال من غير إمهال وإنظار
في مدة الحمل أدركتم جنايتهم / على علاكم بأخذ الملك والثار
إن الوزارة لو خليتها رجعت / إليك طائعة من غير إجبار
لكن رأيناك في أولى وثانية / لم تأخذ الملك إلا أخذ قهار
إذا تمسك أقوام بعصمتها / طلقتها من حليل غير مختار
فما يمد إليها الخاطبون يداً / إلا كسرت عليها زند جبار
وما علمنا وزيراً قبل دولتكم / ردت له وجه عرف بعد إنكار
وسوف تعتذر الأيام نحوكم / إذا تكشف هذا العارض الطاري
أبا الفوارس ما حبي لدولتكم / خاف فيحتاج إيضاحي وإظهاري
أحب شاور إخلاصاً وعترته / وهل عمارة فيكم غير عمار
أثني عليكم إذ لم يستطع أحد / يقول من خوف تقصير وإقصار
فكيف أشكو الليالي وهي جارية / بما تريدون من نفع وإضرار
لم يقنع الدهر أن الشعر لي سمة / أعدها من سمات النقص والعار
حتى أغار على وفري فصيره / ممزقاً بين أيدي الغز والنار
واستأصل النهب والإحراق ما تركت / لي الحوادث من مال ومن دار
أدفع الهم عن قلبي فيغلبني / ما شئت من فقد أوطان وأوطار
مولاي دعوة عبد لم يزل أبداً / يهدي لك المدح من عون وأبكار
صن ماء وجهي عمن لا يناسبني / فليس للحر إلا عون أحرار
واستوص يا بان كفيل الملك بي أبداً / خيراً فلي حرمات الضيف والجار
وانظر لكثرة أشعار مدحت بها / فليس يرضيك منها غير أشعاري
قصائد لو مدحت النائبات بها / لم تجر إلا على قصدي وإيثاري
لا تخذلوها فهذا وقت حاجتها / للنصر يا خير أعوان وأنصار
فاجعل نداك غريباً لا شبيه له / من الندى في غريب الفضل والدار
وما أكلف نعماك التي سبقت / أبا الفوارس إلا القوت والجاري
وأي عذر وقد أصبحت ذا قلم / يجري بطاعته صرف القضاء الجاري
سارت حشاشة مهجتي إذ ساروا
سارت حشاشة مهجتي إذ ساروا / والنوم من بعد الأحبة عار
لا تنكري ذل الأعزة في الهوى / إن المحبة ذلة وصغار
وعزيز دمعي شاهد لك أنني / لا ناكث عهداً ولا غدار
نطقت دموعي عن لسان ساكت / في ربعكم وسكوته إقرار
ملكتكم دمعي بغير معوضة / ورضيت بيعاً ليس فيه خيار
وغريرة لم ينتثر ورق الصبا / عن غصنها إلا وفيه ثمار
رحلت إلى العشرين تحسب أنه / ما بعد آحاد الصبا أعشار
قالت أرى ليل الشباب تعسعست / فيه بصبح مشيبك الأنوار
وذوائب الأغصان غير ذوابل / إلا إذا انفتحت بها الأزهار
فأجبتها إن المشيب مبيض / سود الصحائف والشبيبة قار
بعت السواد على البياض فصح لي / في العين قار والفؤاد وقار
شيئان ماداما فليس لغادة / عندي وإن كثر البياض نفار
يا هذه إن الشبيبة موكب / ولى وفي الأكباد منه غبار
إن أصح كأس الصبابة والصبا / فلدي من خمر الغرام خمار
ولرب قافية غضضت جماحها / لما طغت وطغى بها المضمار
اهدى المديح إلى التغزل صفوها / فأتت وليس لصفوها أكدار
جردتها وسللتها فأتت كما / ينسل من نسج القديم عفار
زارت فناخسرو وإن فناءها / حرم يبجل عنده الزوار
ملك يدور به الزمان كأنه / فلك عليه للزمان مدار
لو أثرت قبل الملوك بكفه / باتت بها من لثمهم آثار
بذلن لأفواه الرجال وصانها / شرفاً فلم يلمس بها الدينار
وصيانة البيت العتيق وستره / أن تبذل الأركان والأستار
ففدى لقطب الدين مالك دولة / شغلته عن أوتاره الأوتار
وعصابة من حاسدي أيامه / طاروا وما قضيت لهم أوطار
إن فقت جنساً أنت منه فأحمر ال / ياقوت نوع جنسه الأحجار
أغنى صباحك عن سنى مصباحهم / بالشمس يخفى الكوكب الغرار
يا سائلي عمن لقيت من الورى / نقدي محك للورى وعيار
ألمم بقطب الدين تعرف فضله / وعلى العيان تحيلك الأخبار
متيقظ حزماً يصيب فرأيه / أبداً على ليل الخطوب نهار
وإذا عفا عمن هفا لم يختلج / في صدره إصر ولا إصرار
جمع النزاهة من حلاه ثلاثة / جيب وذيك طاهر وإزار
واختص بالفعل السفيه ثلاثة / جود له وأسنة وشفار
في فضل منطقه وفضل فعاله / تتنزه الأسماع والأبصار
ما في مقالته ولا في فعله / حاشاهما زور ولا أوزار
خف من سكينته فتحت سكونها / موج يهيج ومزبد تيار
ومهند ما لان ملمس متنه / إلا وغر العين منه غرار
ملك القلوب برأفة ومهابة / جمع السياسة ماؤها والنار
كم منة لك لا يزال أخو الغنى / يغتاظ من حسد لها ويغار
وأرحت فكرته ولكن راحة / تعبت بها في شكرك الأفكار
وشفعتها بمكارم جاءت ولم / يعبث بهز غصونها التذكار
حكم التسرع أن تكون ثمارها / بدرية ومسيرهن بدار
جاءت سوابقها ولم يعرق لها / خد ولم يبلل لهن عذار
فقر أرق بعثتها لمعينها / كالغانيات وعونها أبكار
صانت علاك فدار منها بالعلى / سور وفي يمنى يديك سوار
لا تستمع غير الذي أنا قائل / فبقدره تتفاوت الأقدار
ما كل من وزن الكلام بشاعر / في العود ما لا يعرف النجار
كثر الدخيل على جواد مفرق / لا داحس معه ولا الخطار
إن أجدبت أفكارهم أو أخلبت / فأنا الذي قطراته أنهار
فكر خواطره كراحتك التي / من صوبها صوب الحيا يمتار
ولقد ظفرت من المديح بمعدن / يأتيك جوهره كما تختار
بفصاحة عربية وبلاغة / أدبية ينبوعها مدرار
أحرزتها من دون غيرك فاحتفظ / فلكل بز مشتر وتجار
مروا بها وأثرتها فظباؤها / قنص إلى شرك الجميل يثار
أصبحت عند سواك أدعى شاعراً / والعلم تطمس نوره الأشعار
تعب الزمان علي حتى جاء بي / فرداً وحيداً ليس لي أنظار
خلصت سلافة ما أقول من القذى / لما تولت عصرها الأعصار
حاسب ضميرك إن خلوت وقل له / غيري يباع وداده ويعار
لست القدير على الكلام المنتقى / لتسهلن لمدحك الأوعار
ولتسمعن بكيمياء فصاحة / مكنوزة قيراطها قنطار
فاسعد بعام قابلتك سعوده / والبشر ينطق عنه والإسفار
إن كنت أزمعت على المسير
إن كنت أزمعت على المسير / فلا تفكي ربقة الأسير
فليس في قلبي ولا ضميري / إلا رضاك فاعدلي أو جوري
ولوعتي تضمن عن زفيري / غناك عن زجر حداة العير
يا حبذا من العيون الحور / جناية الفتون والفتور
بأسهم أمضى من المقدور / ترشقنا من خلل الخدور
وأنت يا مقتحم التغرير / في لجة التغليس والتهجير
ومدمن الرواح والبكور / ثالث عودي سرجه والكور
على قلاص كالقطا النفور / لاصقة البطون بالظهور
كأنما قدت من السيور / ضوامراً أخفى من الضمير
وقف على الأنجاد والتغوير / تمد أشباح رقاب صور
مدك بالأشطان نحو البير / أو ألفات بن عن سطور
بلغ بلغت غاية السرور / شكواي من دهري إلى الأمير
الأفضل بين الأفضل الوزير / نجم الهدى ذي السؤدد الخطير
وابن سليم ذي الثنا الأثير / والثم ثرى جنابه المعمور
وقل له يا طلعة البشير / وافت عقيب طلعة النذير
ويا نسيم الروضة المطير / ويا مطيل الأمل القصير
ومعوز المشبه والنظير / عند اشتباه الحل والتدبير
أو سد مفتوح من الثغور / أو طلب لناقد بصير
يصلح للعير وللنفير / إن طرق الدهر بعنقفير
تطول فيه حيرة المشير / اسمع رغاء البازل العقير
حمل ما زاد على التقدير / فارتفعت شقشقة الهدير
واشتبه الزئير بالهرير / أصبحت أشكو قلة النصير
كمصحف يقرن بالطنبور / وصاهل يعرض في الحمير
عوارض تعرض في أموري / تأمر في المكروه في تاموري
قد جردت عودي من القشور / والحر قد يغضي عن الكبير
مخافة الشكوى بلا تأثير / فامنن وقيت طارق
بنظرة في هذه الأمور / واغضب وقل يا نار غيظي فوري
ويا سماء العزم لا تموري / ويا نجوم القذف لا تغوري
حتى أقر عين مستحير / لا بل أذود الضيم عن خفيري
وأحمل الهدي عن المحذور / فإن أجر المنسك المبرور
في الحلق والتقصير في التقصير / فقل لأيامي قعي وطيري
أسقطني العزم على خبير / أسندني الحزم إلى ثبير
فابق تهن آخر الدهور / في قادم الأعياد والشهور
بالسيف والمنبر والسرير / ذا خاطر وناظر قرير
صفا كدر الشريعة واستقرا
صفا كدر الشريعة واستقرا / وأيد أمرها بك واستمرا
لئن أحيا سميك فرد ميت / فقد أحييت بالإسلام مصرا
هي الصدمة الأولى فمن بان صبره
هي الصدمة الأولى فمن بان صبره / على هول ملقاها تضاعف أجره
ولابد من موت وفوت وفرقة / ووجد بماء العين يوقد جمره
وما يتسلى من يموت حبيبه / بشيء ولا يخلو من الهم من الهم فكره
ولكنه جرح يعز اندماله / وكسر جناح لا يؤمل جبره
أذم صباح الأربعاء فإنه / تبسم عن ثغر المنية فجره
أصاب الهدى في نجمه بمصيبة / تداعى سماك الجو منها ونسره
وأفقر أهل الأرض من باذل الغنى / إذا قنط المحتاج واشتد فقره
عدمنا أبا الإسلام والملك والندى / وفارقنا قرد الزمان ووتره
فلا تعذلونا واعذرونا فمن بكى / على فقد أيوب فقد بان عذره
وكنا إذا ضاقت بأمر صدورنا / تكفله منا يداه وصدره
وإن عبست أيامنا ووجوهنا / مشى بيننا في معرض الصلح بشره
أقام بأعمال الفرات وخيله / يراع بها نيل العزيز ومصره
إلى أن رماها من أخيه بضيغم / فرى نابه أهل الصليب وظفره
فلما قضى نحبي حياة ودولة / بأمرك في إدراكها ثم أمره
تعاقبتما مصراً تعاقب وابل / يبيت بقطر النيل ينهل قطره
نزلت بدار حلها فحللتها / فمغناك مغناه وقصرك قصره
وواخيته في البر حياً وميتاً / فقبرك في دار القرار وقبره
وقد شخصت أهل البقيع إليكما / وإلا فسكان الحجون وحجره
هنيئاً لملك مات والعز عزه / وقدرته فوق الرجال وقدره
وأدرك من طول الحياة مراده / وما طال إلا في رضى الله عمره
وأسعد خلق الله من مات بعدما / رأى في بني أبنائه ما يسره
شهيد تلقى ربه وهو صائم / فكان على أهل الشهادة فطره
مضى وهو راض عنك لم ترم صدره / بضيق ولا جاشت من الغيظ قدره
حمى حوزة الإسلام والدين بعده / ثمانية من أجلهم عز نصره
فخذ حصرهم مني ففي حسناتهم / وإحسانهم ما ليس يمكن حصره
وسامح فللتركيب في النثر فسحة / يطول بمعناها على النظم نثره
تبعت القوافي طاعة وضرورة / فلا تلحني فيمن تأخر ذكره
فمن ناصريه عزه وتقيه / وسيفاه منهم والصلاح وفخره
أولئك أهل الحل والعقد ينتهي / إلى أمرهم طي الزمان ونشره
ومن كافليه قطبه وشهابه / إذا بات محتاجاً إلى الشد أزره
هما أخوا أيوب والملك الذي / أتى بهما تلواً له وهو بكره
وما حسن فوق الحسين وإنما / تأخر عنه بالولادة عصره
ولو خلف ابناً واحداً سيد الورى / لما حاز ميراث الخلافة صهره
ولم يتنازع عمه وابن عمه / عليها إلى أن يجمع الخلق حشره
فكيف بخيس آل أيوب أسده / لقد بان خوف الدهر منهم وذعره
وعلى الله نجماً تعرف الشمس أنه / أبوها ونور البدر منها وزهره
وأبقى المقام الناصري فإنه / لدولتكم كنز الرجاء وذخره
أفاض على الأيام أحسن سيرة / يموت بها جور الزمان وغدره
إذا كانت البلوى من الله فليكن / من الحزم حمد الله فيها وشكره
أمالي من عذولكم عذير
أمالي من عذولكم عذير / ولا من جور صدكم مجير
علقت بغادر يهتز عطفاً / وردفاً مثلما اهتز الغدير
غرير ساعدتني في هواه / ليال شاقها من غزير
يجدد عهدها زفرات وجد / هي الجمرات قيل لها زفير
إذا صعدت من الأنفاس نار / فحد مطارها حد مطير
وكم حمي النسيم بنار وجدي / وقد بردت حلي بل ثغور
وشقت عن ودائعهن وهناً / خدور أشرقت منها بدور
ومالت فوق أرداف قدود / وجالت فوق أجياد شعور
ولما راقنا حسن أغرنا / عليه وكان ما كره الغيور
مجاج لا يدور به زجاج / ولكن الثغور هي المدير
هفا أرج الجمان على ثغور / إذا فاهت تأرَّجت الخمور
ولما هزنا طرب وأنس / وبان على أسرتنا السرور
نظمنا في ضياء الدين شعراً / على صفحاته للصدق نور
نشرفه بذكر علاك فيه / كما شرفت بقومك شهرزور
ونعلم أن مدحاً لم يقيد / به إحسانكم كذب وزور
وأم المكرمات لمن عداكم / من الأولاد مقلاة نزور
بكل قرارة للدين منكم / وللدنيا عميد أو وزير
تملك قاسم ودي وحمدي / بأخرق هي الروض النضير
فكم غناكم قلم وسيف / فأطربكم صليل أو صرير
وقل الناصرون بأرض مصر / فكان وداده نهم النصير
وتابع بره نحوي ولكن / كما يتتابع النوء المطير
رآني والعيون بها تعام / ومات الأعمى سواء والبصير
فكم كرم وإكرام وبشر / كأن طلوع طلعتها بشير
منايح بل مدائح ليس منا / جميعاً فيهما من يستعير
جميل من ندى وجميل ذكر / قليل أن يرى لهما نظير
فضائل من فضائلك استمدت / كما فاضت على الخلج البحور
من الفقر التي تبني المعالي / ويستغني بها الحسب الفقير
شكرت بها ودادك وهو شكر / يزورك بعد أوله أخير
قل للمشارف عني
قل للمشارف عني / مقال من يتشرر
والله إن لم يبادر / بدفع ما قد تقرر
لأرسلن ابن آوى / إليك في آل هزفر
وابن الحبلق فيمن / يليه من جن عبقر
هذي إشارة علم / تفسيرها ليس يذكر
هل تبلغن لبختيار
هل تبلغن لبختيار / زاكي المروءة والنجار
الأوحد الملك المفضل / عن ذوي الهمم الكبار
إني لقيت صديقنا / حمدان أنحس من قدار
لم يلقني إذ جئته / إلا بمطل واعتذار
حتى كأني عنده / من بعض أنذال التجار
قوم يهم نفوسهم / أن يعصروا دهن الحجار
أفِّ للحيته التي / نبتت على خزي وعار
وقرته فقصدته / فرجعت عنه بلا وقار
لا أستجيز هجاءه / أين الهجاء من الحمار
نعماؤه عارية / أوشك برد المستعار
عطية إن ذقت طعم الحمام
عطية إن ذقت طعم الحمام / فإن فراقك عندي أمر
هوى كوكب منك بعد الطلوع / ذوى غصن منك بعد الثمر
ولو لم تكن قمراً زاهراً / لما مت عند خسوف القمر
يا دارُ دارَ عليك سعد المشتري
يا دارُ دارَ عليك سعد المشتري / وجرى عليك زلال نهر الكوثر
ولقد جمعت من المحاسن جملة / لم تتفق لمخبر ومعبر
وقد كسيت من الرخام غلائلاً / نسجت ولكن من نقي المرمر
وكأن حسن بياضه وسواده / ليل تبسم عن صباح مسفر
كمريش الحبرات أو كقلائد / كافورهن مفصل بالعنبر
دارت محاسنه على فسقية / تملا فتحكي مقلة من محجر
وعلى جوانبها بساط خميلة / قد فرزوه بالنبات الأخضر
وعلى دساترها تفور بمائها / فوراً حكى ذيل السحاب الممطر
دار كمثل النجم شرف قدرها / نجم بن شاش ذو الجبين الأزهر
ملك إذا عد الملوك ببنصر / قدمته فعددته بالخنصر
لو رام تعبيساً وحاشا وجهه / منعته شيمة وجهه المستبشر
متهلل أبداً فإن شهداء الوغى / شاهدت بعد اللين قسوة قسور
يا مالكاً أصبحت منسوباً إلى / إحسانه في غيبتي أو محضري
لي عند جودك عادة من كسوة / يعلو بها قدري ويسمو مفخري
فامنن بها لكن من الخلع التي / شرفت بجسمك يا شريف العنصر
نسجت بأسماء الملوك فلم تقع / للبيع في يد بائع أو مشتري
لم يفتحن حمدان وابن مناهب / أعطاف عطفيها ولم تتكسر
ما عن هوى الرشأ العذري أعذار
ما عن هوى الرشأ العذري أعذار / لم يبق لي مذ أقر الدمع إنكار
لي في القدود وفي ضم النهود وفي / لثم الخدود لبانات وأوطار
هذا اختياري فوافق إن رضيت به / أو لا فدعني وما أهوى وأختار
وغر غيري ففي أسري ودائرتي / من المها دُرة صدري لها دار
لمني جزافاً وسامحني مصارفة / فالناس في درجات الحب أطوار
لا عتبها من سموم القيظ معتصر / ولا عتابي لها إن فهت إعصار
تبيت دائرة الإنصاف دائرة / على صفاء هوى ما فيه أكدار
يميل بي وبها والريح ساكنة / للوصل والهجر إقبال وإدبار
هذا هو الغزل المنسوج من كلم / في العقل منهن صهباء وأوتار
تغزل طال ما حل الإزار به / ظبي وحلت عن الأجياد أزرار
منزه العرض لا يزري بقائله / مع الدماثة لا إثم ولا عار
وصلته في مديحي في على ملك / أفعاله سير تتلى وآثار
متوج من بني أيوب عاش به / حظي وأصبح للأشعار إشعار
إن قلت ساحته للوقد منتجع / فقل وراحته للوفد مدار
كأن راحلهم عنها ونازلهم / فيها مدى العمر حجاج وعمار
وكلما حط رحل في أباطحها / حطت به من ذنوب الفقر أوزار
عالي السجية لا ينأى لطارقه / من اليسار ولا يدنيه إعسار
لو أثرت قبل الأفواه في يده / لبان منها على كفيه آثار
أنامل تبذل الدينار واهبة / ولا يباشرها للمس دينار
ترجي وتردي وفي صفح المهند / تدري وتعلم وهو الماء والنار
إذا تأملت أو أملت طلعته / تهللت لك أنواء وأنوار
أغر لا يمتري ظن ولا أمل / إن الغنى من ندى كفيه يمتار
يلوي حبال الليالي منه فوق يد / بنانها لبقاع الأرض أمطار
جود الحوادث موتور بصولته / لكن له عند بيت المال أوتار
يهفو رجال فيعفو وهو مقتدر / حتى تبين العطايا وهي أعمار
لا يرتضي واحد الآلاف في صلة / حتى يكون مع الآحاد أعشار
دعوى شهودي عليها غير غائبة / والقابضون ألوف المال حضار
تأتي إليهم عطاياه مكررة / حسن العوارف ترداد وتكرار
يبتاع بالجود أحرار الرجال فهم / عبيد نعمته والقوم أحرار
لا فخر إلا لفخر الدين وانقطعت / عرى الدعاوى فلا يغررك إكثار
سلني به فلساني فيه يحفظ ما / أقول وهي تواريخ وأخبار
قيدتها وهي في الآفاق مطلقة / سيارة وحديث المجد سيار
أقول والقول مأثور وأشرفه / ما عبرت خطب عنه وأشعار
لا تخدعن فتورنشاه أكرم من / حطت سروج بناديه وأكوار
أما وشمس بني أيوب ضامنة / هدايتي فنجوم السعد أقمار
إن الليالي أساءت غير عالمة / أن ابن أيوب لي من جورها جار
أما الزمان فقد وافى في رحابك بي / مهاجراً فليكن لي منك أنصار
وابخل بمعدن هذا الدر وهو فمي / فالبخل بي كرم محض وإيثار
واطرب على خطراتي فهي مطربة / لا بل على قطراتي فهي أنهار
إن شئت وداً فسلمان و عمار / أو رمت حمداً فبشار ومهيار
لبحتري وديعي وهو أسبق من / يضمه في رهان الفضل مضمار
أنت فوق ابن خاقان ندى ويدا / تبنى على قطرها المنهل أقطار
فامنن علي بنصف الألف راتبةً / فقدر ودك لا يحويه مقدار
مقسومة في شهور العام تحمل لي / أقساطها كل شهر وهي أدوار
وإن عزمت على تسيير مكرمة / فهذه الكلمات الغر أطيار

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025