القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 137
لأنت جَدير بالظهور عَلى العدى
لأنت جَدير بالظهور عَلى العدى / وَأَنتَ بتأييد الخلافة أَجدَرُ
جهادك يفشي البرقُ أخبار نصره / وَفوزك في كل الجَرائد ينشر
وَفعلك في الأفواه يتلى وَفي الوَرى / يشيع وَفي التاريخ بعدك يذكر
يود العلى والحق أَنَّك كلما / تقابل أعداء السلامة تظهر
إليك عيون المسلمين بأسرهم / عَلى بعدهم في الشرق وَالغرب تنظر
لَقَد صَحَّ أن الضعف ذل لأهله / وأن عَلى الأرض القويّ مسيطر
وأن اقتحام الهول أقصر مسلك / إلى المَجد إلا أنه متوعر
هيَ الحَرب تعلي أُمةً فتزيدها / نشاطاً وَتُشقي أمة وَتؤخر
وَلا حكم إلا للأسنة وَالظُبى / وَللنار فهي اليوم تنهى وتأمر
وَشتان بين الجند قد هبَّ زاحفاً / وَجند تولى وَهو بالخزي يعثر
وَما هذه في الدهر أَول مَرَّة / رأى الحق فيها الظالِمون فأنكروا
بغوا مرة من بعد أخرى فَنالهم / أذى البَغي وَالتاريخ أَمر مكرر
لَقَد جاسَ جيش الحق أرض عدوه / كَما غاصَ في صَدرٍ طوى الحقدَ خنجر
فتنٌ عمَّت البلاد فَما أغ
فتنٌ عمَّت البلاد فَما أغ / نى عَن المرء أَهله وَالعَشيرُ
وإذا ثارَت الجَماعَة يوماً / فَهيَ قَد لا تَدري لماذا تَثور
للحَرب وَيلات بِنِس
للحَرب وَيلات بِنِس / بَتها هنالك تكبرُ
للحرب كسر في عظا / مِ رجالها لا يجبر
الحرب للمتهوسي / نَ هيَ الطَريق الأوعر
الحرب ذنب الاجتما / عِ وإنه لا يغفر
الحرب لَولا أن تمس / سَ ضرورة لا تشهر
تضني الَّذي هُوَ ظافر / وَتُذلُّ من لا يظفر
في الحرب لا تلقى من ال / فئتين من لا يخسر
جو السَلام إذا تَوَق / قدت الوغى يتعكر
لِلَّه أطراف تطا / ير أَو بطون تبقر
لِلَّه أَجساد عَلى / جنباتها تتكور
ما إن يَروق عيونَ حز / بِ السلم ذاكَ المنظر
أرهب بطياراتها / تُلقي المنون وَتمطر
أعجب بغواصاتها / تَرمي وَلَيسَت تظهر
في الأرض دارَت رحىً للحرب طاحنةٌ
في الأرض دارَت رحىً للحرب طاحنةٌ / وَلَيسَ منها عَلى ذي حيطةٍ خطرُ
إني لأعجب فيما منه أعجب أن / لا يسلم الرأس فيه السمع وَالبصر
صبروا صَبَروا حَتى ظفروا
صبروا صَبَروا حَتى ظفروا / حَتّى فازوا حتى ظهروا
في حرب ما نشبت إلا / عمت وَبها اشترك البشر
لا الشمس رأت ما يشبهها / فيما قد مر وَلا القمر
حرب لا يبصر ناظرها / إلا نيراناً تستعر
وكأن بها جثث القَتلى / أَوراق الغابة تنتثر
فَهناك مدافع قاصفةٌ / وَهناك رصاص ينهمر
وَهناك قنابل ناسفة / وَهناك قذائف تنفجر
وَهناك حراب قَد لمعت / وَهناك بطون تبتقر
وَهناك وجوه ساهمة / وَهناك قلوب تنفطر
وَهناك جموع قد هجمت / وَهناك صفوف تندحر
قد حازَ القَوم بحومتها / ظفراً لا يشبهه ظفر
قد ساعدهم ما قَد حشدو / هُ من الأجناد وَما حشروا
وَتَقَهقَرَت الأكفاء وَكا / نوا قبل الرجعة قد قهروا
وإذا اغتر الإنسان بقو / وته يعمى منه البصر
النحس قضى أَن يندحر ال / أنجاد كذلك فاِندحَروا
وَالسعد قَضى أن ينتصر ال / أحلاف عليهم فاِنتصروا
الكثرُ قضى وإذا ما الكث / رُ قَضى شَيئاً أمضى القدر
إن الإنسان بما قد أَب / دعه الإنسان ليفتخر
إِذ طارَ عَلى طيارته / في الجوِّ يكر وَيبتدر
إذ غاصَ عَلى غواصته / في البحر يصول وَيستتر
نشر الأنباء بلا سلكٍ / يزري بالبعد وَيَحتقر
بل كلَّم وَهُوَ بغرفته / ناساً عَن بلدته شطروا
ما أكثر ما اخترعت يده / إن الإنسان ليقتدر
وَعد الأحلاف فَلَم يوفوا / يوماً بالوعد وَلا ادَّكروا
كَم من حر قد أَنذرهم / يحتج فَلَم تغنِ النذر
شربوا من خمرة نصرتهم / حتى ثملوا حتى سكروا
قالوا ما لم يك معقولاً / فعلوا ما لم يك ينتظر
ضغطوا يؤذون وَقَد جهلوا / أن البركان سينفجر
أَأَضاع القَوم رويتهم / أَم قَد بطروا لما اِنتصروا
بل إن القوة غرتهم / وَالقوة آفتها الغرر
ما زالَ الغَرب بما يأتي / ه يغيظ الشرق وَيعتذر
فَيكاد الشرق لغمَّته / مِمّا قد كابد ينتحر
وإذا بقي الإنسان بلا / وَطر بالمَوت له وطر
إنَّ سجع الحَمام في الأسحارِ
إنَّ سجع الحَمام في الأسحارِ / وَهبوب النَّسيم بعد القطارِ
وَبَريق الندى عَلى الأزهارِ / وَخَرير الماء الزلال الجاري
موحيات إِليَّ بالأشعارِ /
فإذا ما دَعا الحمام هديلا / سحراً وَالنَسيم هب بليلا
وَأَراني الندى ميحيّاً صَقيلا / وَجرى الماء حيث ألفى مسيلا
جاشَ شدو بالشعر في أفكاري /
فترنمت كالطيور صباحا / بغناء يمازج الأرواحا
ذاكَ سر الهوى به القلب باحا / في نَشيد يولي النفوس ارتياحا
قَد تعلمته من الأطيار /
حبذا الروض في زَمان الرَبيع / إن حسن الأزهار فيه طَبيعي
مرَّ فيه النَسيم غير سَريع / فوقَ سطح مثل السماء بَديع
فيه تَزهو النجوم بالأنوار /
وَشدا الطير منشداً بالبديه / غزلاً رائقاً تفنَّن فيه
إيه يا طير إيه أَحسنت إيهِ / إن لحناً في الروض تُسمِعُنِيه
هُوَ أَحلى من نغمة الأوتار /
اشدُ يا طير لا تعدّاك خَيرُ / صوتك القصد فاِعتمد لا غيرُ
لا تخف ما عليك مني ضيرُ / أَنا أَيضا يا طير مثلك طيرُ
قَلَمي في شدو الهوى منقاري /
لست أَنسى فيما سمعت الهزارا / إنه كان فاتناً سحّارا
صاح في الروض صيحة ثم طارا / فكأَنَّ الهزار أَضرم نارا
عند ما صاح في حشى الجلَّنار /
وأَعاد الشحرور أَلحان وجدِ / طائراً من نهد هناك لنهدِ
بين نبتٍ يضوع عرفاً ووردِ / من خزامَى وَياسمينٍ ورند
وَشَقيقٍ وَنرجسٍ وعرار /
وَنحا العَندَليب دعصاً جَميلا / عقد الزهر فوقه إكليلا
فَتَدانى منه قَليلا قَليلا / وَتلافى الغَرام فصلاً طَويلا
بان تأَثيره عَلى الأزهار /
وأتى زهرة تألَّقُ زهوا / فأطالا تناجياً بالشكوى
ثم غنى وَقالَ في الوصف شدوا / موقف جامعي ومن أَنا أهوى
طالَ فيه عتابه واعتذاري /
قرب جورية يفوح شذاها / ذات لون من السماء أَتاها
في شعاع للشمس طبق هواها / قبلت فاه وَهوَ قبل فاها
لتلاقٍ من بعد شحط المزار /
زار إذ ذر قرنها في الأفْقِ / ترمق الروض من أَقاصي الشرقِ
فزها ما فيه بذاك الرَّمْقِ / من ورود حمرٍ وصفرٍ وزرقِ
أَظهرت ما للنور من أَسرار /
إن حسن الرَبيع للعين فاتنْ / كَم به من زهر كثير المحاسنْ
غير أن الزَمان يا قوم خائنْ / فلأزهاره جمال ولكنْ
هي آه قصيرة الأعمار /
حبذا الروض إنه قد تزيَّنْ / ببهار وأقحوان وسوسنْ
زرته في الصباح حين تبينْ / وأطلت الجلوس فيه إلى أن
صعدت في السماء شمس النهار /
حيث فَوقي للسرو ظلٌّ ظَليلُ / وَعَلى السرو للحمام هَديلُ
وَبساط للزهر تحتي خميل / وأمامي روض نضير جَميل
وَغَدير للماء عند يَساري /
وَبذات اليَمين مني تَفورُ / عين ماء كأنه بللورُ
ذاب لطفاً فاِهتز فيه النور / وَعلى العين وهيَ تجري طيور
رفرفت من فواختٍ وَقماري /
إذ تمشَّت ريحٌ تريدُ وصولا / لغصونٍ بسقن في البعد طولا
فتخطت بنفسجاً مطلولا / ثم مرَّت عجْلى تجرُّ ذيولا
فوقَ ماء يَسيل في أنهار /
عبرته حتى اِلتقت بالغصونِ / ولوت من أعطافها والمتونِ
فبكت من حزن عليها عيوني / يا بنات النبات هجت شجوني
بتلويك اليوم في الأشجار /
يا بَنات النبات رعتِ حَياتي / إذ تأوَّدت يا بَنات النباتِ
ليت ما فيك من أذاة بذاتي / بأبي أَنتَ فاِهدئي من بنات
تنحني للهوى بكل انكسار /
وَالقماريّ حاضناتٌ فروعا / مبديات بسجعهن خشوعا
يتشاكين بينهن الولوعا / وأنا صامت أصب دموعا
هنَّ مني عَلى الخدود جواري /
وَتغنى بعض الحمام غناءَ / ذا فنون أَجادها ما شاءَ
فَشكا في غضونها البرحاء / وَبَكى واِستثار مني بكاء
لم يكن منع فيضه في اِقتداري /
إنما يا حمام جددت دائي / بالَّذي قَد رجعته من غناء
لَم تَبكي مفتشاً في السَماء / أَو هَل يا حمام إلفك نائي
وله أَنتَ جاثم في اِنتظاري /
قالَ وَالقَول من حمام هَديرُ / طارَ صبحاً إلفي وَلست أطيرُ
قد رَماني ظلماً بسهم شرير / فَجناحي بما رَماني كَسير
فأنا جاثمٌ هنا باضطرار /
إنني قد بسطت واضح عذري / فأفدني خبْراً بما لست أَدري
إن أحبابك اِستقلوا بفجر / فَلِماذا وَالحب بالمرء مغري
ماكِث أنت بعدهم في الديار /
إن من كانَ بين جنبيه قلبُ / ما كذا يصرم الَّذين يحبُّ
لَيسَ ينسى الأحباب من هو صبُّ / إن دعواك للمحبة كذْبُ
هُوَ من صبغة الحَقيقة عاري /
قد كذبت الهوى فَما أَنت إلا / مدَّعٍ لَيسَ يتبع القَول فعلا
رحلوا ثم لَم تَزَل أَنت حلا / أَنتَ لَو كنت في الحَقيقة خلا
لتتبَّعتهم عَلى الآثار /
حوِّلن يا حمامُ ظنَّك عني / فالَّذي قد ظننت آثمُ ظنِّ
يا حمام اتئد وَلا تتَّهمني / أَنا مأمور بالمقام لأني
بَينَ قَومي من مطلقي الأفكار /
طلعت في جلالة ووقارِ
طلعت في جلالة ووقارِ / من وَراء التلاع شمس النهارِ
طلعت من حجابها كإله ال / حسن في موكب من الأنوار
وَتَجَلَّت مثل العروس بوجه / نوره باهر أولي الأبصار
فكست منكب الربى وَحوالي / ها رداءً مطرزاً بالنضار
وأدرَّت عَلى الرياض شعاعاً / لجَّ في لثم مبسم الأزهار
كُلَمّا مس ظاهر الأرض أعطى / رونقاً للتراب والأحجار
ما تدانى إلا أَذاع نشاطاً / لحياة الحيوان والأشجار
وَلَه في جَداول الروض رقص / فوق سطح الماء الزلال الجاري
وأَضاءَ الهواء فهو كبحرٍ / ماج في لج نوره الموّار
إن للشمس منظراً لَيسَ يُلفَى / مثله في النجوم والأقمار
منظراً راق حسنه غير أني / كل يوم أَراه بالتكرار
إذا الفَتى بان فيه الوهنُ وَالكبرُ
إذا الفَتى بان فيه الوهنُ وَالكبرُ / فأَيَّ عيش من الأيام ينتظرُ
قَد كنت أَرغب في الأسفار منتقلاً / إلى بلاد نأت إذ كنت أَقتدر
يا حبذا تلعة كانَت تطلُّ عَلى / أرضٍ تجاور فيها الماء وَالشجر
وَاليَوم عَن سفري في الأرض يوقفني / خلوّ ذاتِ يدي وَالضعف وَالخور
قد كنت في كل يوم راكِباً سفراً / وَاليَوم قد حانَ عَن دنياي لي السفر
ألممت بالمستنصرية زائراً
ألممت بالمستنصرية زائراً / أطلالها وَالجامِعاتُ تزارُ
دارٌ لعمري كانَ فيها مرة / أهل وأخرى ما بها ديّار
ما إن تُبالي الدار بعد خرابها / وَقفوا عليها ساعة أَو ساروا
ساءلتها مستعلماً عَن أَهلها / فوددت لَو تتكلم الأحجار
إن الحمى من بعدهم لا لَيله / ليل وَلا سمَّاره سُمَّار
أَخذ الفَتى لما تذكر عهده / يَبكي فتقرأ دمعه الأنظار
في الروض من بعد الخَريف وَبرده / ذبلت عَلى أفنانها الأزهار
يا حقُّ قد دَفَنوك حيّاً في الثرى / يوم القضاء فعادَني اِستعبار
وأَمضنى من بعد دفنك أَنَّني / ما زرتُ قبرك وَالحَبيب يزار
ذهب الزَّمان الأغبرُ
ذهب الزَّمان الأغبرُ / وَأَتى الزَّمان الأخضرُ
جاءَ الرَبيع فأصبحت / فيه البَلابل تصفر
في جنة غناء با / كرها سحاب ممطر
وَتفتحت أَزهارها / تَحكي عيوناً تنظر
وإذا تجاوبَت البلا / بل في مَكان تسحر
حول العِراق وأُمَّة / أَخذت به تتطور
لما اِختفت شمس النهار
لما اِختفت شمس النهار / ظهرت كَما أَرجو الدراري
ثم اِنبرى يَهفو السحا / بُ مِن اليَمين إِلى اليسار
فامتدَّ يَعدو دونها / قطعاً كأَمثال المهاري
أَو كالسفين نشرن أش / رعة فهن بها جواري
تَدنو فآونة لَها / تبدي وآونة تواري
أَما النجوم فأَعين / شهلاء تَرنو في خمار
أَو خُرَّدٌ بيض الطلى / ينظرن من خلل الستار
حيّ السماء وَما بها / من طالِعات في اِزدهار
لَولا نجوم اللَيل ضل / لَ سَبيله في اللَيل ساري
تلكم كواكِب زندها / في فحمة الظلماء واري
صغرت بعينك للنزو / ح وَما هنالك من صغار
أزرى الشعاع بكل أَب / عاد الفَضاء لدى السفار
شق الأثير بقوة / وَدَنا عَلى شحط المَزار
يا كَهرباء لأنت أَص / ل الكون أَجمَع في اِعتباري
وَسعت سماء للعوا / لم من طرائقها مجاري
متحركات ما لها / حتى النهاية من قرار
أَما النهاية فَهي لا / يَدري بها في الكون داري
بيض وزرق ثم أخْ / رى لا تريك سوى احمرار
وَلَقَد يَفور النور في / نجم ضَئيل بانفجارِ
وَلَقَد نضرت إِلى المجر / رة نظرة ذات اِختبار
فإذا المجرَّة شبه نه / رٍ في وَسيع الكَون جاري
وإذا النجوم بها شمو / س قد سطعن من الأوار
وَالشمس أم الأرض تغ / ذوها بأَنوار وَنار
منها الحَياة وكل ما / يَحمي الحَياة من البوار
وَلَها توابع جمَّة / كلّ مغذٌّ في مدار
وَتَرى أَولات ذوائبٍ / يَمشين هوناً في وقار
حتى إذا ما قاربَت / أَخذت تزايد في البدار
تأَتي وَتَذهَب ثُمَّ تأ / تي بعد حينٍ لازديار
وَهُناك قسم لا يحو / ر إذا تَناهى في النفار
العلم يَهدي السالكي / نَ إلى الحَقيقَة باختصار
وَالجهل يوقفهم عَلى / جرف من الأوهام هاري
لا علم إلا كنت حي / ناً منه خواض الغمار
أَبغي الحَقيقَة وَالحَقي / قةُ ما عَلَيها من غبار
وَأَرى طَريق الظن وع / راً ذا اِرتفاع واِنحدار
لا يسلم الإنسان حي / ن يَسير فيه من عثار
بعد التطلُّع للسما / ء ونظرة لي في الدراري
لا شيء يَجلو ناظري / كالرَوض في عقب القطار
الزَهر فيه مشبه / للزُهر في الفلك المدار
خلع الرَبيع من الشَقي / قِ عليه بُرداً وَالبهار
وَتَرَنَّمَت فيه الحما / ئم وَالفواخت وَالقماري
يَشدو الهزار لورده / وَالورد يبسم للهزار
لَقَد عشت عمراً أَنتَ فيه ظهيرُ
لَقَد عشت عمراً أَنتَ فيه ظهيرُ / لمن عاشَ بين الناس وَهوَ فَقيرُ
بكفك مصباحٌ من العلم ساطعٌ / به لعقول الناشئين تنير
وَقَد كنت حراً في حَياتك مصلحاً / تَدور مَع الإنصاف حيث يَدور
وَكنت لأصحاب الزعامَة واعظاً / تذكرهم أن الحَياة غرور
وَقفت أَمام الظلم ترغم أَنفه / وأنتَ على الإرغام أنتَ قَدير
دَعاكَ الردى أن صِر فصرت إلى الردى / إلى حيث كل العالمين يصير
فأطبقت منك العين إطباق راقد / تَثور شَظاياه وَلَيسَ يَثور
كانك لم تغضب عَلى الغاضِب الَّذي / يَطول عَلى إخوانه وَيَجور
كانك من أَجل المحاماة لم تقف / شجاعاً بحيث النائبات تَدور
أَفِدنا بأسرار الحياة درايةً / فأنت بأسرار الحَياة خَبير
كأني بالأيام بعدك أَثمرت / صلاحاً إليه أَنتَ كنت تشير
تنبهت الأذهان غبّ هجوعها / وَقَد حدثت بعد الأمور أُمور
كأني بصرح الأمن شِيد بربوة / إلى جانبيها روضة وَغَدير
كأني بحسناء المساواة قَد بَدَت / وَلَيسَ عَلَيها برقع وَستور
وَددت لَو اَنِّي اليَوم مثلك ميت / فَلَم ترَ عيني من يضير يضير
فإن يك أَمر قد تحسَّن مرة / فَقَد قبحت من بعد ذاكَ أُمور
أَتَت دون فعل الخير حتى أَزحنه / شرورٌ عَلى آثارهن شرور
تضمن منك القبر لَو يَعلَم القَبرُ
تضمن منك القبر لَو يَعلَم القَبرُ / أَديباً بكاه الناس وَالعلمُ وَالشعرُ
بكاه الندى لما أصيب به الندى / بكاه الحجى والمجد والحسب الوفر
وَقفت عَلى قبر طوى أَقربَ الورى / إِليَّ وَدمع الحزن من أَعيني نثر
على جدث موفٍ جديد ترابه / هناك هناك الجود والنائل الغمر
هناك هناك العلم والفهم والنهى / هناك هناك الفضل والصدق والبشر
هناك أخي عبد الغنيّ مغيَّب / هناك شقيقي مؤنسي صاحبي البَر
فَيا قَبر أَنتَ اليوم أَكرم بقعة / من الأرض ذاتَ العرض فيها اِنطوى حر
ليَ الويل من رزء عظيم أصابني / وكسرٍ على الأيام ليس له جبر
فيا لهوَ أفراح الليالي وطيبها / ويا سلوة الأيام موعدك الحشر
لعمري قد اِجتثت يَدُ المَوت دوحةً / تَسامَت الى العلياء أغصانها الخضر
مضى من بهِ قد كان يسترُّ صحبُه / فهل بعده يسترُّ من كان يسترُّ
لقد مات من قد كان للجود موئلا / لقد مات من قد كان يحيا بهِ البر
لَقَد ماتَ مَن قَد ماتَ عزي لموته / وَماتَ عزائي وَالسَكينة وَالصبر
لِنَفسي إذا ناجيت نَفسي ضراعة / وأَوجه آمالي الَّتي بطلت غبر
وفي القلب حرٌّ فاض دمعي لأجلهِ / على أن دمعي لا يبوح بهِ الحرّ
ذخرت لهذا أدمعي ولمثله / فواخجلي في الرزء إن نفد الذخر
لعمرك ما موت اللئام خسارة / ولكن موت الأكرمين هو الخُسر
يقتّلنا ريب المنون وما له / سلاح ولا ناب هناك ولا ظفر
أتعلم هذي الناس أن حياتهم / إلى الموت مهما التذ صاحبها جسر
وأن رضا الأيام عنهم خديعة / وأن مصافاة الليالي لهم مكر
نعم جهلوا والجهل عذر مصيرهم / ولو علموا ما اغتر من كان يغتر
أَعبد الغنيّ اسمع إذا كنتَ سامعاً / نداء أَخٍ قد نابه بعدك الضر
نداءَ أخ ذم الحياة لأنها / إذا لم تكن يسراً لحاملها عسر
نداء أَخ قد زارَ قبرك سائِلاً / لتخبره هَل صان أَوصالك القبر
أَم القبرِ لَم يحفظك حتى مشى البلى / إلى ذلك الخد الَّذي دونه الزهر
بِنَفسيَ يا عبد الغنيّ وأسرتي / وَفاؤُك وَالحسنى عفافك وَالطهر
على بُرحاءَ الشوق منا هجرتنا / وزدت على ما ليس يبلغه الهجر
يعز عَلَينا أَن يلم بك الرَدى / وَيذبل ذاكَ الزهر وَالورق النضر
لقد طفت عشراً حول قبرك لاثماً / تراباً عليهِ ما له قبل ذا قدرُ
وأجريت من عيني دموعاً مصونة / بها ابتل مني الخد والجيد والنحر
فأعززت تُرباً كان قبلك صاغرا / وأذللت دمعاً من خلائقه الكبر
قضى اللَه رب الناس فينا بفرقة / ولِلّه رب الناس فيما قضى الأمر
رحلت عَن الدُنيا وَخلفت للأسى / أَخاً لك حلو العيش في فمه مر
أَخاً لك أَبكي الدهر بعدك عينَه / وَقَد كانَ قبلاً فيك يضحكه الدهر
أَخاً لك لا شمس الضحى في نهاره / تضيء وَلا في لَيله الأنجم الزهر
إذا ما نهارى جاء ساورني الأسى / وإن جنَّ ليلي فالأسى عسكر مجر
وَما كانَ منك العمر قد بلغ المدى / وَلكنما الأيام شيمتها الغدر
تعاقب أيامي برغم فتمِّحي / ولا ينمحي من لوح فكري لك الذكر
قسمت الأسى بين المساء وصبحها / فهذا له شطر وهذا له شطر
لذكراك في قَلبي ومن يأْسَ يدّكرْ / جوىً هُوَ مثل الجمر أَو دونه الجمر
يَذوب بِصَدري القَلب من حرّ ما به / وَذلك دَمعي لا بكيّ وَلا نزر
بكيتك حتى صار يرحمني البكا / وترحمني البلوى ويرحمني الضر
يَقولون صبراً يا جَميل عَلى الَّذي / أَصابك من رزء وأنى لي الصبر
ولو أن أحزاني بدجلة ما جرت / ولو أنها بالصخر لانفطر الصخر
ولو أنها بالبر زلزل عرضه / ولو أنها بالبحر لاضطرب البحر
وما أنس لا أنس اجتماعاتنا التي / بها العيش قرت عينه فهي العمر
وَكُنّا غصوناً أَنتَ زهرة روضها / وَكُنّا نجوماً أَنتَ من بينها البدر
لقد كنت للقطر العراقي سؤدداً / وفخراً لو ان القطر دام له الفخر
وإذ صرَّح الناعي له بوفاته / وقد راعني من أجل ما قاله الذعر
خررت مكباً وانتفضت بجملتي / كما انتفض العصفور بلله القطر
وقلت كما الطائيُّ قال بعصره / كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر
عذرت عيوناً فاض للرزءِ ماؤها / وليس لعين لم يفض ماؤها عذر
فيا لك من خطب يضل له الهدى / ويا لك من كرب يضيق به الصدر
ويا لك من رزءٍ له بتُّ واجما / وبات فؤادي فيه يعروه ما يعرو
ثقيل على روحي سماع نعيه / فيا لت سمعي كان عنه به وقر
وحين أتوا بالنعش من ضيعة له / توُفىَ فيها صدَّق الخبرَ الخبر
فقام عويلٌ للنساءِ وضجة / لها ارتجفت أرض المنازل والجدر
وصكت وجوه لم تكن قبلُ لطمت / وأُرخى منها في مناكبها الشعر
فقمنا حوالي نعشه نندب العلى / ونبكيه طول الليل حتى بدا الفجر
ولما غسلناه وتمَّ جهازه / وأُودع تابوتاً يجلله ستر
رفعناه بالأيدي وفوق خدودنا / وفوق تراقينا مدامعنا نثر
مشى من صنوف الناس إذ ذاك خلفه / بكاةً ألوفٌ ليس يحصيهم الحصر
ولما وصلنا الأعظمية ضحوة / دفناه في قبر أتم له الحفر
نظرت بإمعان إلى قعر قبره / إذا عرضه شبران بعدهما فتر
وأبنا إلى بغداد والناس ألسن / تكرّر أوصافاً له كلها غرُّ
وقمنا بمرسوم العزاء لأجلهِ / ثلاثة أيام بها يقرأ الذكر
فجاء إلينا الناس من كل وجهة / يعزوننا في قولهم لكم الصبر
ويتلون الروح التي أمس قد نأت / فواتح يهدى في تلاوتها الأجر
أيأمرني بالصبر قوم على الأسى / وقد أهلكت أهل الليالي وهم كثر
وقد غالت الإخوان إلا أقلهم / كأنهمُ ما ساعدوني ولا سروا
دهتهم فرادى واحداً بعد واحدٍ / كأن الليالي عند أهلي لها وتر
أرى الموت وثاباً عَلَى كل موسر / وكل فقير فات مجهوده اليسر
فقد نزع المثرين من عقرِ مالهم / كأنهمُ من قبل ذلك لم يثروا
وغال أناساً مدقعين فلم يكن / ثقيلاً وإن الموت يحمده الفقر
فيا موت زر أهل التعاسة إنه / عظيم لدى من زرت منهم لك الشكر
لنا من حياة في تضاعيفها الأذى / طريق إلى الراحات مسلكه وعر
بَعدَ الحَدائق وَالقصورِ
بَعدَ الحَدائق وَالقصورِ / رَضي الاقامة في القبورِ
يا نفس وَيحك كَيفَ نص / نعُ في مصيبتنا أَشيري
القَلب مني مضغة / والهم أَكبر من ثَبير
قَد غبت عَن كل العيو / ن هناك إلا عن ضَميري
أَحَمامة الآمال عش / شك غير محميٍّ فَطيري
ظعن الَّذي أحبهم / عني إلى البلد الشَطير
رحَلوا فَما روض المنى / من بعد ذلك بالنَضير
كلا وَلا تلك الأقا / حي البيض باسمة الثغور
وَسأَلت عنهم من لقي / تُ فَما سقطت عَلى خَبير
إِنَّ المَنيَّة هوّة / عمقت وَنحن عَلى شَفير
قَد عشتُ حتى جاء شع / ري شاكياً عبث القَتير
حتى رأَيتُ مصائباً / وَشهدت قاصمة الظهور
لَمّا قَضيتَ قضى رجا / ئي كله وَقضَى سروري
أَجد الحَياة أَليمَة / وأَكاد أَشرق بالنَمير
يَمشي الَّذي يَقضي الحَيا / ة من السهول إلى الوعور
وَلَقَد سلكت سَبيل وا / ديها المخوف بِلا خَفير
إنَّ اِعتماد الأكثري / نَ عَلى الحَياة من الغرور
وَلَقَد رأَيت مصيرهم / فعرفت حينئذٍ مَصيري
المَوت لَيثٌ يقصم ال / أعناق من بعد الظهور
الموت ذئب يخطف ال / أطفال من بين الحجور
أَبكيك بالشعر الَّذي / هو فيك بعض من شعوري
أَما النساء فَقَد أقم / ن مناحة حول السَرير
يلدمنَ بالأيدي هنا / ك عَلى الترائب وَالنحور
يندبن فَقَد وليهن / نَ وَضيعة الحامي الكَبير
وَلَقَد رأَيتك مَيتاً / فذممت عاقبة الأمور
أَمّا الحَياة فإنها / جسر وَنحن عَلى عبور
لا أنس نعشك سائراً / في أَول الجم الغَفير
يَمشون خلفك بالوقا / ر مشيعين إلى القبور
أَعظم به من مشهد / جمع البغام إلى الزَئير
لَيسَ الكَثير من البكا / ء عَلى ضياعك بالكَثير
ذهب اللباب وَظلت ال / أرواح تعبث بالقشور
لَم يَبقَ في بَغداد غي / ر الحزن بعدك من كَبير
أَفي أَول الأيام مسكنك القَصرُ
أَفي أَول الأيام مسكنك القَصرُ / وَفي آخر الأيام منزلك القبرُ
عداك البلى يا من مَشى يطلب البلى / وَحيا محياك الوضاءة وَالبشر
يَقولون صبراً يا جَميل عَلى الَّذي / دهاكَ وَما لا أَستَطيع هُوَ الصبر
ذممت نهاري بعد صحبي وَلَيلَتي / فَلا أوجهٌ غرٌّ وَلا أَنجمٌ زهر
وَلا خير في لَيل توارَت نجومه / وَلا في نهار ما به أَوجه غر
لَقَد كانَ وجه الورد عند اِنفتاحه / جَميلاً كَما نَهوى وَطابَ له النشر
قد افترّ ثغر الروض يبسم للحيا / إذا ما بكى وَالأقحوان هُوَ الثغر
فَيا لَيتَني قد كنت أَعرف جيداً / بأي مَكان بعدهم ينبت الزهر
وَما أنضر العشب الَّذي كان نابتاً / بروضته لَو كانَ يعهده القطر
ما لمتني يوماً عَلى تَقصيري
ما لمتني يوماً عَلى تَقصيري / إلا جرحت بِما تَلوم ضَميري
لي تحت أستار الدجنة رنة / مَشفوعة بتنهدي وَزَفيري
مَرفوعة لخفيّ سمع راحم / مدفوعة مِن قَلبي المَكسور
تَرقى إلى حرم أشم طرافه / يَسع الفَضاء وَلَيسَ بالمَنظور
يا لَيل إني قد بعثت إليك من / شعري سَفيراً فاِحتفل بِسَفيري
قد جاءَ وَهوَ بذيله متعثر / يَشكو مَقاساتي من الجمهور
يَشكو إليك من الأعادي كثرة / جاءَت لتصدم قلتي وَنزوري
لَو كنت في حلكٍ مقيماً ما اِهتَدوا / نحوي وَلكن في بياض النور
إن النَهار نَصير أَعدائي فَكُن / يا لَيل أَنتَ على النهار نَصيري
كن يا ظَلام من الضياء ومن أَتى / متهدداً لي في الضياء مجيري
أنا لا أَزيدك خبرة بظلامتي / ما أَنتَ بالمَظلوم غير خَبير
قَد ماتَ من جزع سروري ضحوة / فدفنته في لحده المَحفور
من بعد ما جردته وَغسلته / بصبيب دمع في المصاب غَزير
ووقفت فوق ضَريحه متعمداً / تأبين ذاك الصاحب المَقبور
فرثيته من أَدمع أرخيتها / للحزن بالمَنظوم وَالمَنثور
أَكثرت مِن دَمعي عليه باكياً / وإذا كَثير الدمع غير كَثير
قَد ملني وَأَنا الطَريح من الأسى / أَهلي القَريب وَصاحبي وَعشيري
أَبقى وَحيداً في الفراش تديرني / أيدي الهموم فَيا هموم أَديري
أَبكي لهجران الأحبة مضجَعي / إن البكاء علالة المَهجور
وَلَقَد رأَيتك يا ظلام تعودني / وَتَطوف طول اللَيل حول سَريري
مَن ذا ترين له أَبث ظَلامَتي / يا لَيلَتي طال العناء أَشيري
أَإِلى الجَرائد أَم إِلى نوابنا / أَهل الحميَّة أَم إِلى الدستور
قصدوا ضحى جم الغَفيرة منزلي / يَرجون وَجه اللَه في تَضريري
الشَيخ ثم الشَيخ أَوغر صدرهم / فأتوا إِلي يعظمون قصوري
الشيخ ثم الشيخ فَهوَ بليتي / وافى يقودهمُ إلى تَدميري
وَيَقول من يفتك بزنديق يفز / في جنة المأوى بوصل الحور
صديان ما بلت صداه دجلة / فأتى ليشرب من دَمي المَهدور
يا قَوم مهلاً مسلمٌ أَنا مثلكم / اللَه ثُمَّ اللَه في تَكفيري
أَنا مُسلم وَأَخاف بعد الموت في / قَبري مقارع منكر وَنَكير
بالأمس كنت إِلى الأعالي ناظِراً / أحسن بِعالي الجو من منظور
فَرأَيت عصفوراً وَصَقراً أَجدَلاً / وَالصقر منقضٌّ عَلى العصفور
بِمَخالِب مثل الخَناجِر جردت / من غلفها وَبمنسر مَفغور
وَهُناكَ غربانٌ تَطير وَراءه / نصراً لِذاكَ الأجدل المَغرور
لَكِن نجا العصفور إذ قد مَرَّ في / جحرٍ خلال جدار بعض الدور
يَدحو به جسماً مروعاً راجِفاً / وَالجسم منه لَم يكن بِكَبير
حتى تَوارى عَن عيون خصومه / يَطوي جناح الخائف المَذعور
وَرأَى نزوح مهاجميه فارعوى / يبدي اِنتفاض الآمن المَسرور
وَمَضى يَطير مغرداً لنجاته / من شر غربان وَظلم صقور
ثُمَّ اِستقرَّ عَلى أَعالي سرحة / مَمدودة الأغصان فوقَ غَدير
وَتراه آونة يَطير مرفرفاً / في الروض فوقَ بنفسج مَمطور
غرِدٌ يبث الشجو هَل هُوَ شاعر / أَم طائِرٌ من أُسرة الشحرور
أَنا ذَلك العصفور جاءَ يروعني / والي العراق ببطشه المَشهور
اللَه قدَّر لي النجاة بفضله / من شره واللَه ذو تَقدير
أَسَفي عَلى شعبٍ هنالك جاهلٍ / يَلوي رِقاب الذل تحتَ النير
إن ضمهم نادى الحضور تنقلوا / من ذكر إسطورٍ إلى إسطور
أسفي عَلى متعصبين تأَلبوا / يَحمون حوض الجهل بالساطور
متهافتين عَلى موارد غيِّهم / كقطا ظماء عند حر هَجير
هَذا نمير فاطلبيه يا قطا / فإذا رويت من النمير فَطيري
ماذا عليَّ من الَّذي قد قلته / أَو لست حر الرأي وَالتَفكير
هَل في مَقالي الحقَّ في عهد به / قد أُعلن الدستور من محظور
يا قَوم حَسبي اللَه هَل أَنا مُخطئٌ / أَم أَنتَ بالدستور غير جَدير
يا ظلم ان طالَت يد لَك برهة / فالعَدل لَيسَ ذراعه بِقَصير
رب إن المُنافقين ببغدا
رب إن المُنافقين ببغدا / د كَثير وَقَد أَتوا أضرارا
رب إني نصحتهم أن يَتوبوا / ثم إني أَنذرتهم إنذارا
رب إني دعوت قَومي لَيلاً / ثم إِني دعوت قَومي نهارا
ضل قَومي فَلَم يَزدهم دُعائي / رب إلا بَعداً وإلا فرارا
رب إني دعوتهم فَتَمادوا / وأَصروا واِستكبروا اِستكبارا
ثم إِنّي أَتيت جهراً دعائي / ثُمَّ إِني أَسررته إِسرارا
قلت يا قَوم اِستَغفروا اللَه تنجوا / إنه كانَ راحماً غفارا
إنه يرسل السماء عليكم / مثلما تَبتَغونها مدرارا
إنه اللَه يجعل الأرض جنا / ت وَيُجري من تحتها الأنهارا
إِنَّه اللَه وحده خلق النا / س من الأرض تحتهم أَطوارا
فَعَصوني يا رب واِتبعوا من / لا يَزيد الأنام إلا خسارا
مكر القوم بي وأنت حَفيظي / ربِّ مكراً من بغيهم كبارا
إن قَومي قَد أَفسَدوا لا تذر رب / ب عَلى الأَرض منهمُ ديارا
إن تذرهم يا رب في غيهم لا / يلدوا إلا فاجراً كفارا
إنهم من ضلالهم في تبار / لا تزدهم يا رب إلا تبارا
أَخذت تفضل أَن تَموت عَزيزةً
أَخذت تفضل أَن تَموت عَزيزةً / بعضُ النفوس لأنهنَّ كبارُ
أَشكو أُناساً أَظهروا لي ودهم / حتى إذا ملكوا قيادى جاروا
رَجاءٌ لهونا برهةً بابتسامه
رَجاءٌ لهونا برهةً بابتسامه / وَيأسٌ عبوس فاِنقضى هَكَذا العمرُ
ركبت عباب البحر وَالريح زعزع / عَلى زورق في اللَيل فاِضطرب البحر
حياة الفَتى جسر إلى ميتة الفَتى / وَلا بد من يوم به يعبر الجسر
وَللناس في دار البلى كل راحة / وَقَد عاقهم عنها الحَياة وَلَم يدروا
بعين الفَتى ما عاش تحلو حياته / وَلَو أنَّ ذاكَ العيش في فمه مر
سأَرحل عن بَغداد رحلة مزمع / إلى مصر في يوم وإن بعدت مصر
فَلا العلم يا بَغداد فيك مبجَّل / وَلا الشعر يا بَغداد فيك له قدر
ألا ما أَقل الصحب في محنة الفَتى / على أنهم في يوم نعمته كثر
وَما اِخترع الإنسان آلات فتكه / بآخر إلا وَالحياة هي العذر
عليك اللَيالي قد قَضَت أن تبيت في / قَرارة سيل الرزء يعروك ما يَعرو
كأنك في وادي الحوادث صخرة / تصارعها الأمواج وَالريح وَالدهر
تمر عليه صادمات لصدره / وَيثبت صبّاراً عَلى مرها الصخر
لَقَد حلَّقت خَمسون طيارة مَعاً / تزمجر فاِستولى عَلى البلد الذعر
في بِلادي عَلى ودادِ بلادي
في بِلادي عَلى ودادِ بلادي / أَنا إلا إذا رحلت حَقيرُ
أَنا ذاكَ السَعيد يوم أَراني / لَيسَ إِلّا مني عليّ أَمير
بعد زهوي لَم يَبقَ مني إلا / جسد ناحل وَقَلب كَسير
لَيسَ يغنيني قولُ من قد رآني / هُوَ ذا شاعرُ العِراق الكَبير
في عيون الَّذين تُنعمُ فيهم / تقرأ العينُ ما تكن الصدور

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025