المجموع : 42
أَضُمُّ على قلبي يَديَّ من الوَجْدِ
أَضُمُّ على قلبي يَديَّ من الوَجْدِ / إذا ما سَرى وَهْناً نسيمُ صَبا نَجْدِ
وأهوَنُ شَيءٍ ما أُقاسي منَ الجَوى / إذا ما صَفا عيشُ الأحبّةِ من بَعْدي
خليلَيّ من سَعْدٍ ألم تَعرِفا الهوى / ومَن لي بأن يَهوَى خَليلايَ من سَعْد
أُقيمُ بأَعلَى الدَّيرِ فَرْداً مُتَيّماً / أُسائلُ عَمَّنْ حَلّ بالأجْرَعِ الفَرد
ونَدَّتْ بلَيلٍ للرّياحِ لَطيمةٌ / فنَمَّ بها للرّكبِ نَشْرٌ منَ النَّدّ
يُسائلُها السّاري عنِ الجِزعِ والحمى / ويَنْسُبها الواشي إلى البانِ والرَّنْد
وما خطَرتْ إلاّ برمَلْة عالجٍ / ولا عَطِرتْ إلاّ بحاشيتَيْ بُرد
فلا تَعْجَبا من طُولِ وَجْدي فإنّما / وُجوديَ حَيّاً بعدَ أسماءَ من وَجْدي
إذا فارقَتْ رُوحي سوى عُلْقةٍ لها / بقَلْبي من الذِّكرى ففي قَطْعِها فَقْدي
وما زلْتُ من أسماءَ منذُ عَلِقْتُها / على حالةٍ في الدَّهْرِ مَذْمومةِ العَهْدِ
فإمّا على شَوقٍ يُتاحُ معَ النّوى / وإمّا على قُرْبٍ يُنغَّصُ بالصَّدّ
هِلاليّةٌ تَحِكي الهلالَ بوجْهها / إذا لاح في ليلٍ من الفاحمِ الجَعد
بها سُكْرُ طَرْفٍ من مُدامةِ ريقةٍ / لعُنقودِ صُدْغٍ فوقَ غُصْنٍ من القَدّ
أوَرديّةَ الخَدَّينِ من تَرَفِ الصِّبا / ويا ابنةَ ذي الإقدامِ بالفَرسِ الوَرْد
صِلِي واغنمي شُكْراً فما وردةُ الرُّبا / تَدومُ على حالٍ ولا وَردةُ الخَدّ
أَضُمُّ على قلبي يَديَّ من الوَجْدِ / إذا ما سَرى وَهْناً نسيمُ صَبا نَجْدِ
وأهوَنُ شَيءٍ ما أُقاسي منَ الجَوى / إذا ما صَفا عيشُ الأحبّةِ من بَعْدي
خليلَيّ من سَعْدٍ ألم تَعرِفا الهوى / ومَن لي بأن يَهوَى خَليلايَ من سَعْد
أُقيمُ بأَعلَى الدَّيرِ فَرْداً مُتَيّماً / أُسائلُ عَمَّنْ حَلّ بالأجْرَعِ الفَرد
ونَدَّتْ بلَيلٍ للرّياحِ لَطيمةٌ / فنَمَّ بها للرّكبِ نَشْرٌ منَ النَّدّ
يُسائلُها السّاري عنِ الجِزعِ والحمى / ويَنْسُبها الواشي إلى البانِ والرَّنْد
وما خطَرتْ إلاّ برمَلْة عالجٍ / ولا عَطِرتْ إلاّ بحاشيتَيْ بُرد
فلا تَعْجَبا من طُولِ وَجْدي فإنّما / وُجوديَ حَيّاً بعدَ أسماءَ من وَجْدي
إذا فارقَتْ رُوحي سوى عُلْقةٍ لها / بقَلْبي من الذِّكرى ففي قَطْعِها فَقْدي
وما زلْتُ من أسماءَ منذُ عَلِقْتُها / على حالةٍ في الدَّهْرِ مَذْمومةِ العَهْدِ
فإمّا على شَوقٍ يُتاحُ معَ النّوى / وإمّا على قُرْبٍ يُنغَّصُ بالصَّدّ
هِلاليّةٌ تَحِكي الهلالَ بوجْهها / إذا لاح في ليلٍ من الفاحمِ الجَعد
بها سُكْرُ طَرْفٍ من مُدامةِ ريقةٍ / لعُنقودِ صُدْغٍ فوقَ غُصْنٍ من القَدّ
أوَرديّةَ الخَدَّينِ من تَرَفِ الصِّبا / ويا ابنةَ ذي الإقدامِ بالفَرسِ الوَرْد
صِلِي واغنمي شُكْراً فما وردةُ الرُّبا / تَدومُ على حالٍ ولا وَردةُ الخَدّ
ويَغْلِبُ جَهْلَ الجاهِلين بحِلْمِهِ / ولا طِبَّ حتّى يُدفَعَ الضِّدُّ بالضِدّ
مُؤيِّدُ دينِ اللهِ ما زال بالنهي / إذا أبدتِ الأيّامُ عن حادثٍ إدّ
إذا المَوقِفُ المُسترشِدِيُّ دعَا بِه / غدا بصَراً في ناظِرَيْ ذلك الرُّشد
حَباهُ أميرُ المؤمنين لنُصْحِه / بضافيةِ النُّعَمى وصافيةِ الوُدّ
رآه سديداً من سهامِ كِفايةٍ / وعن ساعدٍ يَنْضو من الرأيِ مُستَدّ
ولا تَدعُ العلياءُ صَهْوةَ طِرْفِه / تَقِرُّ ولا مِقْدارَ تَجفيفةِ الِّبْد
وما النّجمُ يَحْكِي سَيْرَهُ وهْو لم يَزلْ / من الشّرقِ نحو الغَرْبِ في ليلةٍ يَخْدي
فإن يكُ كالإسكندرِ المَلْكِ عَزمْةً / فمَسْعاهُ منِ دونِ الحوادثِ كالسُّدّ
أيا مَن سكونُ المُلْكِ من حَركاتِه / فما لِمَطاياهُ قَرارٌ منَ الوَخْد
رفعتَ لعصرٍ أنت سَيِّدُ أهلِه / لواءً إلى تَفْضيلِه للورَى يَهْدي
وما حَسُنَ النَّيروزُ إلا لأنّه / أجَدّ طُلوعاً فيه وجهُك بالسَّعْد
وما أعبَقَ الوردَ الرّبيعُ وإنّما / بَنانُك أهدَى عَرْفُ عُرْفِك للوَرد
بيُمنك عادَتْ جِدّةُ الأرضِ بعدما / غدا الرّوضُ حيناً وهْوكالرَّيْطةِ الجرد
وحَلّتْ عليها عِقْدَها كُلّ مُزْنةٍ / كثيرةِ ضِحْكِ البرقِ من ضَجّةِ الرَّعْد
وغَنّى حَمامُ الأيكِ والغُصْنُ مُنتَشٍ / بكأْسِ الصَّبا والغُدْرُ تَلعَبُ بالنّرد
لعَمْري لقد أبدى السّرورَ بك الورَى / ولا عيبَ في نَشْرِ السُّرورِ لمَنْ يُبْدي
وزارتْك أبناءُ الوفودِ فأقبلُوا / وُرودَ قطا البيدِ المُصِّبحِ للوِرد
حلَفْتُ لأنت المرءُ يُرجَى ويُتّقى / وإن زاد أبناءُ الزّمانِ على العَدّ
إذا ما الورى طُرّاً فدَوْكَ من الردى / فقد جَلّ مَن يُفدَى وقد قَلَّ مَن يَفْدي
وما أنت إلاّ للورى بيتُ سُؤددٍ / وكَعبةُ مَجْدٍ قَصْدُها أبداً مُجْدي
فإن أكُ عن حَجِّي له العامَ عاجزاً / على أنّني لم آل في البَذْلِ للجُهد
فلم يُعْيِني في البُعْدِ إنفاذُ مِدحةٍ / وذلك تَقبيلٌ إلى رُكْنِه أُهدي
فدونكَها عِقْداً ثميناً نظمتُه / ليُهدي إلى جيدٍ به زينةُ العِقد
وأصحبْتُه مَن لم أَلِدْه وحُبُّه / من العِزّ حبٌّ الأكرمِين من الوُلْد
فجُدْ باعتناءٍ آنِفٍ بعد سالفٍ / وطُرْفٍ من الإنعامِ ضُمّ إلى تُلد
فما أنا إلاّ مَن أَعُدُّك عُدَّتي / وما أنت إلاّ مالِكُ الكَرَمِ العِدّ
فتىً كيفما قَلّبتُ أَمرِيَ ناظِراً / أرى عنده قلبي وإحسانَهُ عِندي
ومن قَبلُ لمّا جاء جَيّاً بعَزْمةٍ / تُزعزِعُ أعطافَ المُطَهّمَةِ الجُرد
أتانا وكانتْ مائلاتُ أزِمّةٍ / إليه المطايا بالقصائدٍ والقَصد
وكنتُ إليه أعقِدُ النِسْع راحِلاً / فجاء فأغنَى حَلُّه هو عن عَقْدي
وكم قد رأوا وفداً إلى البحرِ سائراً / وما سَمِعوا بالبحرِ سارَ إلى وفْد
وزارتْ بلا وَعْدٍ أياديه زورةً / فكيف إذا ما نحنُ زُرْنا على وَعد
أرى النّاسَ من هَزْلٍ وهُزْءٍ ولا أرى / سوى واحدٍ قد فاز بالجِدِّ والجَدّ
خلا الدّهرُ من سَمْحٍ وجُدْتَ تَكَرُّماً / فحُزْتَ جميعَ الحَمْدِ بالفَرْضِ والرَّدّ
وما قدَّم الأيامُ مثْلَك غَلْطةً / ولكنّ كَفَّ الدّهرِ أعرفُ بالنّقْد
بنَفْسٍ وأصْلٍ قد تَقدَّمْتَ ماجِداً / ولا بُدَّ من صَفْحٍ لسَيْفٍ ومن حَدّ
وأعظَمُ مِمّا نِلْتَ ما ستَنالُه / فَمبْدأُ ألفٍ حين يُحسَبُ من فَرد
شَهِدْتُ لمَا شاهدْتُ مثْلَكَ في الورَى / أغرَّ كريماً ذا شمائلَ كالشُّهْد
ولم أَر في الدُنيا كلُطْفِك بالفَتى / وعَطْفِك لولا أنّه جائزُ الحَدّ
بَقيت ولا أبقَى أعادِيَك الردى / ودُمتَ مدى الأيّامِ في عيشةٍ رَغْد
ومُتِّعْتَ بالفَرْعِ الكريمِ انضِمامُه / إلى الأصلِ ضَمَّ الكَفَّ منك إلى الزَّند
ومُلِّيتَ أشبالاً لا تُناجِلُ أو تَرى / بهم قَصْرَكَ العالي عَريناً من الأُسد
أيا سَيِّداً سَبْطَ الأناملِ بالنّدى / فِداؤك جَعْدٌ كَفُّه ليس بالجَعد
دعوتُك والأحداثُ حَوْلي مُطيفةٌ / دُعاءَ أسيرٍ في العِدا مُوثَقِ الشّدّ
وليس المُعنَّى القَلْبِ في حَلَقِ الأسى / كمثْلِ المُعنّى القَلْبِ في حَلَق القِدّ
فها أنا قِرْنُ الدّهْرِ ألقاهُ واحداً / وقد جاءني من صَرْفهِ وهْو في حَشد
فأمدِدْ على نَأْيِ الدّيارِ بنُصْرةٍ / فقد يُهرَعُ المَولَى إلى صَرخةِ العَبد
وخَلْفِيَ أقوامٌ أمدُّوا عيونَهم / إلى يومِ سَعْدٍ منك يَعلو به جَدّي
فإن انت لم تَمنَعْ من الدّهرِ جانبي / ولم تُعْدِني نَصْراً عليه فَمْن يُعدي
وكم خاطبٍ إحدى بناتِ خواطري / بمَهْرَيْنِ من جاهٍ وسيعٍ ومن رِفد
ولكنّني أرجوك وحدَكَ في الورى / وإنْ لم تكنْ نُعماك تَشمَلُني وحْدي
أَلَمّ صُبحاً وجَمْرُ الحَلْيِ قد بَرَدا
أَلَمّ صُبحاً وجَمْرُ الحَلْيِ قد بَرَدا / وقد بَدا يَخْطِفُ الأبصارَ مُتّقِدا
فهل رأَتْ قَطُّ عينٌ قبل رُؤْيتِه / جَمْراً به تَخْصَرُ الأيدي وما خَمَدا
وافَى شبيهَ خيالٍ منه مُستَرِقاً / وفي جفوني خَيالٌ منه قد وَفدا
واستَشخصَ الطّيفُ في عَيْني فقلتُ له / أَفي كرىً زائري أم يقظةٍ قَصدا
فقُمتُ للعينِ منّي ماسِحاً بيَدِي / ولاثماً منه رِجْلاً تارةً ويدا
مُغازِلاً لغزالٍ منه ذي غَيَدٍ / منه غَزالُ الفلاةِ استَوهَب الغَيدا
وِشاحُه حاسِدٌ في خَصْرِه هَيَفاً / والعِقْدُ في الجِيدِ منه يَحسُدُ الجَيدا
ذو عارِضٍ مُشرِقٍ يَفْتَرُّ عن بَرَدٍ / فَسمِّهِ إن أردتَ العارِض البَرَدا
مُضرَّجُ الخَدِّ إن قَرّبتَ مُقتَبِساً / من وجنَتَيْهِ سراجاً في الدُّجى وَقَدا
فقلتُ يا بدرُ ما هذا الطُّروقُ لنا / ولا طريقَ أرى إلاّ وقد رُصِدا
فكيف والحَيُّ أيقاظٌ مَررْتَ بهم / وما بدَوْتَ ونجمٌ لو سَرى لَبَدا
فقال في ليلِ أصداغي خَفِيتُ سُرىً / فكان مَن هَبَّ بالوادي كَمنْ هَجَرا
والحَيُّ قد أزمَعوا سَيْراً غداةَ غدٍ / كُلٌّ أعدَّ له عَيْرانةً أُجُدا
والعِيس أعناقُها شَطْرَ الحُداةِ لها / ميْلٌ كأنّك بالحادي بها وخَدا
وليس يَعْشَقُ طولَ اللّيلِ ذو كَلَفٍ / إلاّ إذا خَبَّروا أنّ الرّحيلَ غَدا
وقال هذا وَداعي فاستَعِرْ جَزعاً / من وَشْكِ فُرقتِنا أو فاستَعِرْ جَلَدا
وعاد كالنَّفَسِ المُرتَدِّ من سَرعٍ / والقومُ قد أخَذوا للرِّحلةِ العُدَدا
وَلَّى وفي الخَدِّ ما في العِقْدِ من دُرَرٍ / كأنّ ذائبَها في جِيدِه جَمَدا
وقامَ يَعثُر في أذيالِهِ دنِفٌ / للإلْفِ والقَلْبِ منه راح مُفْتَقِدا
صَبّ أقامَ وقد سارَتْ أحِبَّتُهُ / يُسامِرُ الهَمَّ طولَ اللّيلِ والسُّهُدا
وَلْهانَ يبكي بماءٍ أَحمرٍ أَسَفاً / كأنّما هو من آماقِه فُصِدا
قَتيلَ عينَيْهِ أو عَينَيْ مُنَعَّمةٍ / فليس يَعْلمُ مِمَّنْ يَطلُبُ القَودا
قد كنتُ أحسَبُ أنّي إن يَغِبْ سَكَني / يوماً أَمُتْ خجَلاً إن لم أَمُتْ كَمَدا
فقد تَدرَّبْتُ حتّى ما يُتَعْتِعُني / سُكْرُ الفِراقِ لِما قد راحَ بي وغَدا
فلستُ أخشَى عِثاراً في طريقِ نوىً / لأنّني منه أغدو سالِكاً جَددا
أمِنْتُ من فُرْقةِ الاُّلاّفِ غَيبْتَها / فمِنْ عزاءٍ كسَوْتُ الصّدْرَ لي زَرَدا
عندي منَ الدّهرِ مالو أنّ أَهْونَه / يَغْشى الثُّريّا رأوا مجموعَها بَدَدا
حَدٌّ يُكَلّفُني إقصاءهُ عُدَداً / ولستُ مُمتلِكاً إحصاءه عَدَدا
لو حَمَّلوا عِبْءَ قلبي مَتْنَ شاهقةٍ / صارتْ طرائقَ من أقطارِها قِدَدا
قلبٌ من الهَمّ ما يعلو له نَفَسٌ / كأنّما هو في أحشائهِ وُئدا
فالدّهرُ لولا بنوهُ وهو أقبَلَ في / جَيشِ الحوادثِ لم أَشعُرْ به أَبَدا
عَبِيدُ صَوْتٍ وسَوْطٍ يَملِكانِهمُ / لو أصبح البُخْلُ شَخصاً فيهمُ عُبِدا
يا مَنْ يظَلُّ خطيبُ القومِ يَجمَعُهم / حتّى إذا حَلَّ خطْبٌ كان مُنْفَرِدا
خُضْ وقعةَ الدّهرِ خَوضاً غيرَ هائبِها / فما غَنيمتُها إلاّ لمَنْ شَهِدا
كم تَقطَعُ العُمْرَ حِلْفاً للشّقاء كذا / وكم تُكابِدُ هَمّاً يَقْرَحُ الكَبِدا
وما السّعادةُ إلاّ مطْلَبٌ أمَمٌ / مَن قال أَسعَدُ مأْمولي فقد سَعِدا
شهابُ الشُّهْبُ مَرْآها له أَبَداً / من العُلُوِّ كمَرآنا لها بُعُدا
سُدٌّ لمملكةِ السّلطانِ فِكْرتُهُ / وماله منه سُدٌّ لا يُعَدُّ سُدى
إجالةُ الرّأيِ منه رايةٌ رفِعَتْ / وخَطّةُ السّطْرِ منه جَيشٌ احْتَشَدا
ليثُ الكتابةِ أو ليثُ الكتيبةِ مَن / طلبْتَ في بُرْدهِ لم تَعْدُ أن تَجِدا
ما بالْقَنا عَسَلانٌ في أكفِّهمُ / من خوفِ أقلامِه تُبدي القنا رِعَدا
متوِّجُ الكُتْبِ في طُغْرى يُنَمِّقُها / تاجاً به الكُتْبُ تَستَعْلِي إذا عُقِدا
قَوْساً وسَهْماً معاً يُمسى مَجازُهما / حقيقةً في حَشا المُخْفِي له حَسَدا
تَبْرِي أناملُه الأظفارَ من قَصَبٍ / مقوِّماً من قناةِ الدّولةِ الأَوَدا
لا غَرو إن صالَ في يُمْنَى يدي أَسَدٍ / ما ضَمّ غابُ اللّيالي مِثْلَهُ أَسَدا
لَعزَّما منه قد يُهدَي لأنمُلِه / مُشَجِّعٌ نبتُهُ في الغَيْضةِ الأَسَدا
له يَراعٌ يُراعُ الدّارعون له / يَثْني مُتون الأعادي والقَنا قِصَدا
وغُرُّ خَيلٍ عليها غُرُّ أغلِمةٍ / تَرْدِي فَتَرْدَى إذا ما مارِدٌ مَرُدا
زُهْرٌ إذا ركبوا كانوا نجومَ هُدىً / حتّى إذا غَضِبوا كانوا رُجومَ رَدى
ثَبْتٌ على الخيلِ في الهَيْجا وليدُهُم / كأنّه في سَراةِ الطِّرفِ قد وُلِدا
يا عاكفاً لم يَزْل قلبي بساحتهِ / إنْ كان شَخْصي دنا في الأرضِ أو بَعُدا
قد يَعلَمُ اللهُ مذْ فارقْتُ حضْرتَه / أنّ الولاءَ على العَهْدِ الّذي عَهِدا
لم تَلْبِسِ القُرْطَ أُذْني قَطُّ من كَلِمٍ / إلاّ إذا خَبرٌ من شَطْرِه وَرَدا
بأنّ عُقْبَى الّتي قد أقبلَتْ حُمِدتْ / وخيرُ عُقْبَى امرئ في الدّهرِ ما حُمِدا
وكيف لا أتمنّى عيشةً رغَداً / لمَنْ به صِرْتُ أُزجِي عيشةً رغَدا
كم قلتُ يا رب هَبْ طولَ البقاء لمَنْ / خلَقْتَه الروحَ معنىً والورى جَسَدا
أعِشْ لنا سالماً مَولىً نَعيشُ به / وأحْيِه هو بأْسا في الورى ونَدى
مَن لم أُجِلْ مُقلتي في مَنزلي نَظَراً / إلاّ أرى كُلَّ مالي بعضَ ما رفَدا
كم قلتُ للمَرْء يَلْقاني يُهنّئُني / لَمّا لَبِستُ جديداً وهْو منه جَدا
هو المُجدِّدُ ما أَفنَى مدى عُمُري / مَن قال أَبْلِ وجَدّدْ لم يقُلْ فَنَدا
فاللهُ للدّينِ والدُّنيا مُعَمِّرُه / عُمْرَ الزّمانِ جميعاً أو أَمَدَّ مَدى
وجاعِلُ الأولياءِ الطّائعين له / من الرّدى والأعادي الرّاغمين فِدى
قَوْمٌ تُناطُ بنَفْعِ النّاسِ همَتُه / ومَن بحقٍّ سَما لمّا سَما صُعُدا
دعِ القِرانَ لقومٍ يَحكمون به / إن كنتَ للحُكْمِ بالقُرآنِ مُعتَقدا
واقرأْ فقد ضَمِن اللهُ البقاءَ له / ومَنْ مِنَ اللهِ أَوفَى بالّذي وعدا
ما ينفَعُ النّاسَ يَبْقَى ماكثاً لهمُ / وذاهبٌ زائلٌ ما يَرتَقي زبَدا
فهاكَها فِقَراً كالرّوضِ مُبتَسماً / والعِقْدِ منتظماً والرُمْحِ مُطّرِدا
ما ضَرّ أن لم تكن سيّارةً شُهُباً / مادُمْتُ أَقرِضُها سَيّارةً شُرُدا
إن لم تكن شُهُباً في نَفْسِها طَلَعَتْ / ففي مَنِ الشهْبُ لا يَصعِدْن ما صَعِدا
شهابُ دينٍ يُسَرُّ النّاظرون به / إن يَكْتحِلْ بسَناهُ مَنْ غَوى رَشدا
نَوْءٌ وضَوءٌ إذا عايَنْتَ طَلْعتَه / فلِلورَى من مُحَيّاهُ ندىً وهُدى
حَبْرٌ متى أنفذَتْ في مَدْحِه عُصَبٌ / بضائعَ الفَضلِ يَردُدْها لهم جُدُدا
إذا استفادُوا لُهاً من عِنده اقْتَبسوا / نهىً تكون على شُكرِ اللُّها مَدَدا
يا مَن يَمُدُّ يَداً ما إن يَزالُ بها / مُطالِعاً في كتابٍ أو يُفيدُ نَدى
مُقسِّماً بين إحسانَيهِ ناظِرَهُ / ما إن يُرَى لائماً في عُمرِه أبَدا
لا تَحسبَنَّ خلودَ الدّهرِ مُمتَنِعاً / مَن ناط عُرْفاً بعِرفانٍ فقد خَلَدا
يُعايشُ الدّهرَ عيشاً لا انقضاءَ له / مَن يَقُرنُ الفَضلَ بالإفضالِ مُجتَهدا
الفِكُر والذِكُر لم يُثلِثْهُما شرفٌ / إذا اللّبيبُ على رُكنَيهما اعتَمَدا
بالفِكر في سِيَر الماضينَ تَحْسَبه / كأنّما عاش فيهم تِلكُم المُدَدا
والذّكْرُ في الأمَمِ الباقين يَجعلُه / كأنّه غيرُ مفقودٍ إذا فقِدا
وليس إلاّ على ذا الوجْهِ فاقتَنِه / مَعنىً يَصِحُّ لقَول النّاسِ عِشْ أبدا
إنّ الّذي نصَب المكارمَ للورَى
إنّ الّذي نصَب المكارمَ للورَى / غَرضاً يلوحُ من المدى المتباعِدِ
نثَر الكنانةَ عنده نثْراً فَلمْ / يُوجَدْ لديهِ سوى سديدٍ واحد
فبهِ يُكرِّرُ لا يزالُ إصابةً / لبعيدةٍ تَكريرَ بادٍ عائد
ويَحوطُه مُستَبقِياً إذ لا يَرَى / مِثْلاً له إن شاء سهْمَ مَحامِد
كُلٌّ يُدِلُّ بطارفٍ من مَجْدِه / يا مَنْ يَزينُ طَريفَه بالتّالد
أبدَى التعّجُّبَ من وُقوفِ مَقاصِدي / كُلُّ الأنام ومن مسيرِ قصائدي
شِعْرٌ يَهُبُّ هُبوبَ ريحٍ عاصفٍ / من حَوْلِ حَظٍّ ليس يَنهَضُ راكد
وندىً حُسِدْتُ له فحين أذلّني / فَرْطُ التَبذُّلِ زال كَرْبُ الحاسد
كالقَطْرِ أسلَمَه الغمامُ ولم يَقَعْ / في الأرض بعدُ فقد تَبلّد رائدي
فلئن رسَمتَ قطَعتُ عنه مَطامِعي / والقَطعُ أنجَعُ من علاجِ الفاسد
أو لا فأدْركْني بعاجلِ نُصرةٍ / مادام لي عُمْرٌ فلستُ بخالد
ظَمْآنَ أم ريّانَ أم مُتوسِّطاً / لا بُدَّ من صَدَرِ الرِعّاءِ الوارد
قَرّبا لي يا صاحبيّ بعيدا
قَرّبا لي يا صاحبيّ بعيدا / وذَراني حتّى أَهيمَ وحيدا
ليس خَطْباً لو تُسعِداني عظيماً / أن تَعوجا لمُغْرَمٍ وتَعودا
ما تَجاوزْتُما المعاهِدَ إلاّ / إن تَناسَيْتُما بهِنّ العُهودا
فاحْبِسا العيسَ لا أَجَلْنَ نُسوعاً / تحتَ رَكْبٍ ولا حَملنَ قُتودا
بَلِّغاني منازلَ الحَيِّ أسألْ / ها متى فارقَتْ دُماها الغِيدا
واستَدِلاّ على الحمى نَشْرَ مِسكٍ / من مَجَرِّ الحسانِ فيه البُرود
وانْشُدا في ديارِهم تَجِدا لي / ثَمّ قلباً من الهوى مَعْمودا
إنّما أَصبحَ الفؤادُ فَقيداً / يومَ لم يَتْبَعِ الغرامُ فقيدا
أنشدَتْنا وُرْقُ الحمائمِ عند الصْ / صُبْحِ من شِعْرِها القديمِ قَصيدا
قَوّمَتْ وزْنَها وإن لم تُعلَّمْ / من عَروضٍ طويلَها والمديدا
وتَغنّتْ بكلِّ مَنظومةٍ عَجْ / ماءً تَجلو معنىً وتَحْلو نَشيدا
ما ابتدَتْها لكنْ إذا درسَ الشَّو / قُ فؤادي كان الحَمامُ مُعيدا
ظَلْتُ أهوى القدودَ وهْي من الأغ / صانِ تَعلو ما ظَلَّ يَحكي القدودا
أنكرتْ أنّني أَبِيتُ مَشوقاً / وكفَى الصَّبَّ بالنّجومِ شُهودا
يَشهَدُ النّجمُ أنّ طَرْفيَ طُولَ الْ / لَيلِ يُمسي بسَيْرهِ مَعْقودا
كلّما زادَ سِر وجْدي ظُهوراً / لابنةِ العامريِّ زادَتْ جُحودا
سال وادٍ مِنّى على النّحْرِ لمّا / قال وَشْكُ النّوى لعَينيّ جُودا
وكأنَّ الحبيبَ يومَ وداعي / ودُموعي للبَيْنِ تَحْكِي الفَريدا
عَلَّقَ العِقدَ فوق خَدِّي وأوصَى / أن يُخلَّى كذاك حتّى يَعودا
مَوقِفٌ ضَمَ شائقاً ومَشوقاً / لفِراقٍ وجازِعاً وجَليدا
ووُجوهاً غرائبَ الحُسْنِ بِيضاً / خَشِيَتْ رِقْبةً فأبدتْ صُدودا
من مَهاةٍ تُديرُ في النُقبِ عَيناً / وغزالٍ يَمُدُّ في الحَلْيِ جِيدا
رشَأٌ راقَني وأعمَلْتُ فِكْري / كيف أَصطادُه فكنتُ المَصيدا
حُبُّ تلك الخدودِ عَفَّرَ منّا / حين ساروا وسْطَ الطُّلولِ الخُدودا
وليالٍ جُعلْن بِيضاً وسُوداً / جعلَتْ عارِضَيَّ بِيضاً وسودا
مُستزيداً لِما أتانيَ منها / ولِعَهْدِي بِما مضَى مُستَعيدا
قلتُ للغيثِ حين أخلَى من الأرْ / ضِ وأبلَى بعد الخُلُوِّ زرودا
حين سار الخليطُ منها انتِجاعاً / كرَّ في إثْرِهم يُعفّي الجَديدا
شُقْتَهم نائياً وجُرْتَ أخيراً / فلعَمْري أَسأْتَ بُخْلاً وجُودا
لو تَعلَّمْتَ من يمينِ سديدِ الدْ / دولةِ الجُود لاغْتديْتَ سديدا
ولخَلَّفْتَ حين سِرْتَ ثناءً / ولأصبحْتَ كيف دُرْتَ حميدا
ماجِدٌ شُرِّفَتْ معاليهِ حتّى / جاوزتْ في عُلُوِّهنّ الجُدودا
جَلّ نَفْساً وجَلّ أَصْلاً فحاز ال / مجْدَ طُرّاً طريفَه والتّليدا
شادَ مجداً واللّهُ قِسمةَ عَدْلٍ / قَسَم النّاسَ سَيِّداً ومَسودا
جمع اللّهُ فيه ما لا يَرى النّاسُ / شبيهاً فيه له ونَديدا
أدباً كاملا وأَصْلاً كريماً / وندىً شامِلاً وبأْساً شديدا
يَحفَظُ الدِّينَ والمروءةَ في كُلْ / لِ مُقامٍ حِفْظَ العِقالِ الشَّرودا
وهما جانبانِ حِفْظُهما إلْ / لا لقَومٍ لا بُدَّ من أن يَؤودا
حَسَنُ العَهْدِ ليس يَرضَى بأنْ نَفْ / قِدَ يوماً إحسانَه المَعْهودا
فهْو يزدادُ من أخيهِ دُنُوّاً / كلّما نال من عُلاهُ مَزيدا
يَشمَلُ الآمِلين بالكرمِ الغَمْ / رِ وظِلُّ العُلا يكونُ مَديدا
كلّما حاذَروا طَوارقَ دهْرٍ / أَيقظُوهُ وباتُوا رُقودا
وإذا ما انتَدى رأيت وقوراً / يُمسِكُ الأرضَ حِلْمُه أن تَمِيدا
فعَوالي الآراء منه نُجومٌ / بات للمُلْكِ كلّهنّ سُعودا
وبيُمناهُ للخلافةِ ماضٍ / يَنثُرُ الدُّرَّ جائداً ومُجيدا
قلَمٌ ما يزالُ يُردِي عَدُوّاً / بشَبا حَدّهِ ويُعْلي وَدودا
اصطفاهُ بيتُ النّبوّةِ كي ين / طِقَ عنه مُؤيَّداً تَأْيِيدا
فهْو تُوحَي إليه آياتِ مَغْزا / هُ فيُبْدي إلى الكتابِ سُجودا
واذا سَدَّد الكُماةُ قَناهم / بين آذانِ خَيلِهم تَسْديدا
واستُلِذَّ الردى ويَعتَدُّ قومٌ / عدمَ النّفْسِ في المعالي وُجودا
بين سُمْرٍ في الرَّوعِ يَحشِين أَحشا / ءً وبِيضٍ منهم يَرِدْن الوَريدا
نَفَرٌ تحسَبُ القِسِيَّ ضُلوعاً / لهمُ الدّهرَ والدُّروعَ جُلودا
كلُّ ذِمْرٍ يُطاوِلُ الرُّمحَ باعاً / فهْو ما إنْ يَصِيدُ إلاّ الصِّيدا
وغلامٍ إذا بدا فوق مُهْرٍ / خِلْتَهُ فوق مَتْنِه مُوْتودا
رَدّ أرماحَهم بأُنبوبةٍ عَجْ / فاءَ مَبرِيّةٍ وفَضَّ الجُنودا
وكفَى كلَّ خُطّةٍ من ليالٍ / ذِكْرُ أهوالِها يُشيبُ الوَليدا
بلسانٍ إذا جَرى ذي بيانٍ / يَرقُبُ الخَلْقُ وعْدَه والوعيدا
تارةً يُطْفِيءُ الحروب وطَوْراً / للأعادي يَزيدُهنّ وُقودا
يَنتضيهِ للمُلْكِ كفُّ بليغٍ / يَدعُ الطِّرْسَ منه روضاً مَجودا
كم على النُّجبِ من معاشرُ أَنجا / بٍ يَقودون للمَطالبِ قُودا
والمطايا نَواحلٌ قد طَوتْها ال / بيدُ ضُمْراً ممّا طَوين البِيدا
حاملاتٌ إلى ذُراهُ وفوداً / في ذُراها أو راجعاتٌ وفودا
نظَموا العيسَ في الأزمّةِ نَظْمَ الدْ / دُرِّ في السِلْكِ نُضِّدتْ تَنْضِيدا
جَعلوها قلائدَ البِيدِ لا يُخْ / لون منهنّ جِيدَها تقْليدا
كلّما ألقتِ الفلاةُ عُقوداً / في ذُراها منهم كسَوها عُقودا
وإذا أَبدأوا إليه أَعادوا / صَدَراً ليس يَنْقَضي ووُرودا
فتَراهم كأنّهم نَفَسُ الحَيْ / يِ دواماً مُردَّداً تَرْديدا
قاصِدي ماجدٍ إذا قصَدوه / بَلَغوا من نَواله المَقْصودا
ورَّثَتْهُ العلا مُلوكٌ كرامٌ / مَهّد الدّهرُ مُلْكَهم تَمْهيدا
وهمُ القومُ سائدون جُدوداً / للبرايا وصاعدونَ جُدودا
كُلّما جَرَّدوا ظُبيً من غُمودٍ / بُدِّلَتْ من طُلي المُلوكِ غُمودا
وإذا دبّروا الممالك بالرأْ / يِ وقد همَّ كائدٌ أَن يكيدا
شَدَّدوا الأمرَ والمُدبِّرُ يُلْفَى / كاسْمِهِ حين يُسْلَبُ التّشْديدا
يا أَبا عبد اللهِ قد مَرَّ لي عن / ك زمانٌ أَصبحتُ فيه مَذودا
صَحَّ فيه وُدِّي وإن مَرِضَ الجِس / مُ وما حِدْتُ عن هواك مَحيدا
مَرْضةٌ وسْطَ غُربةٍ في بلادٍ / تركتْني من بينِ صَحْبِي فَريدا
فإذا ما نظَرْتُ لم أر حَولي / عائداتي إلاّ هُموماً حُشودا
كنتُ كالماء لي وكنتُ أنا الظّمْ / آنَ يَلْقَى سَبيلَه مَسْدودا
وإليك ارتحلْتُ من قَطَنِي النّا / زِحِ أزْجي بالشِّعْرِ حَرْفاً وخُودا
لم أزُرْ غيرَكم ولو لم أجِدْ ما / ءً تَيمّمْتُ بالفلاةِ صَعيدا
والّذي بيننا يَجِلُّ عنِ الإذْ / كارِ فاحفَظْ ذاك الذّمامَ الوكيدا
بي عَناءٌ ولى لديك اعِتناءٌ / لم يَزلْ لي إذا طَلبْتُ عَتيدا
هاكها عذْبةَ المقاطعِ يَحْكِي / كلٌّ بَيتٍ منهنّ ثَغْراً بَرودا
فاتّخِذْها لجِيدِ عُلياكَ عِقْداً / لا تَرى في نظامهِ تَعْقيدا
وانتقِدْها انتقادَ صَفْحٍ فكم جُوْ / وِزَ صَفْحاً ما لم يَكُنْ مَنْقودا
كم تَرى لي ما لا أقولُ مُجِيداً / فتَرى من تَكَرُّمٍ مُستَجِيدا
فأعِدْ بالعنايةِ النّظرَ العا / ليَ واردُدْ بالغَيظِ عنّي الحسودا
وتغَنّمْ صَوماً جديداً أتَى نَح / وك يَسعَى شَوقاً ويوماً سَعيدا
هو صومٌ وافَى ووجْهُك عِيدٌ / هل رأيتُمُ صَوماً يُفارِقُ عِيدا
فالْقَ أمثالَ ذاك وابقَ بلا مِثْ / لٍ جَزيلَ اللُّها مُفيتا مُفيدا
أضحَتِ الأرضُ جنّةً بك للنّا / سِ سُروراً فلا عَدِمْتَ الخُلودا
عَهْدٌ تغَيَّرَ من سُعادَ ومَعهدُ
عَهْدٌ تغَيَّرَ من سُعادَ ومَعهدُ / فعلام يكْثُرُ عاذِلٌ ومُفَنِّدُ
لا حُلْتُ عن عَهدِ الأحبّةِ في الهوى / وإن استحالَ الرّبْعُ عمّا أعهَد
إن كنتَ تُسعِدُني فإنّي مغرمٌ / أو كنتَ ذا شَجَنٍ فإنّي مُسعِد
أبكي الّذِين تشَعّبَت النّوى / بهمُ فغاروا في البلادِ وأنجدوا
بَعُدوا وَوَكَّل ناظِري بخيالهم / ذِكْرِى لهم فكأنّهم لم يَبْعُدوا
أقولُ يا أهلَ تَبريزَ لكلِّكُمُ
أقولُ يا أهلَ تَبريزَ لكلِّكُمُ / سوى أكابرَ بين العَصْرِ أفْرادا
فيكم جَوادٌ وفيكم مَن يَضِنُّ غِنىً / فدفْنُ مَن شَحَّ منكم في اسْتِ مَن جادا
أتيتُ قاضي الأهوازِ أطلُبُه
أتيتُ قاضي الأهوازِ أطلُبُه / وكان قد عطَّل القَضا مُدّهْ
فقال لي ما تُريدُ حاجِبُه / وأعيُنُ الحاضِرين مُمَتدّه
فقلتُ قاضي القضاةِ أبصِرُه / فقال قاضي القُضاةِ في العِدّه
فقلتُ من أي نائكِيهِ تُرى / فقال مِمَّن ولِي القضا بعده
ما زال سَهْمُ اللَّحظِ يجْرحُهُ
ما زال سَهْمُ اللَّحظِ يجْرحُهُ / حتّى تَضاعفَ فوقه الزَّردُ
ومنَ العجائبِ والهوى عَجبٌ / جمْرٌ يَبيتُ يُذيبُهُ البَرَد
لقدَ شيَّعتُ ظُعْناً بالفؤادِ
لقدَ شيَّعتُ ظُعْناً بالفؤادِ / وَعيْني يومَ نُودِيَ بالبِعادِ
فآب العينُ عنهم من قَريبٍ / وقد بَعُدوا ولم يَرجعْ فُؤادي
كلّما اشتَقْتُ يا خَليلَيَّ نَجْدا
كلّما اشتَقْتُ يا خَليلَيَّ نَجْدا / عَنَّ صَرْفُ الزّمانِ فازدَدْتُ بُعْدا
كلَّ يومٍ أزيدُ بالقلبِ إقْبا / لاً عليه يَزيدُ بالوجْهِ صَدّا
فمتى نَلْتَقي ونحن على ذا / أَيَّ قُرْبٍ رُمْنا إلى البُعْدِ أَدّى
قد بلَونا الهوى وكان شديداً / ولَقِينا النّوى فكان أَشَدّا
ووصَلْنا الحنينَ لو جَرَّ نَفْعاً / وأَدَمْنا البكاءَ لو كان أَجْدى
وقطَعْنا البلاد سَهْلاً وحَزْنا / وَبرَيْنا الرِّكابَ حَلاً وشَدّا
وانتظَرْنا الزّمانَ يوماً فيَوْماً / واعتنَقْنا الخطوبَ وَفْداً فَوفْدا
كُلُّ شَيءٍ لَقِيتُه دونَ نَجْدٍ / حين يَمَّمْتُه ولم ألْقَ نَجدا
غُربةٌ لم تدَعْ من العزْمِ فَضْلاً / ونوىً لم تدَعْ معَ العيسِ جَهْدا
غَرْبةُ الجَدِّ أَينَما أَتوجَّهْ / من تمادِي أيّامِها أَلْقَ سَعدا
إنْ تَعدَّى بها الزّمانُ علينا / فعلَى كم هذا الزّمانُ تَعَدّى
لا تَلُمْهُ فاللّومُ ينجَحُ في الحُرْ / رِ وكان الزمانُ مُذْ كان وَغْدا
يَصِلُ المالَ بالهوانِ لراجي / هِ وكان الهوانُ للحُرِّ طَردا
وأخو الهِمّةِ الأبيّةِ فيه / من بنيهِ يَختارُ عِزّاً وجُهدا
أيّها الرّاكبُ المُغِذُّ مُجِدّاً / وأَراه لعهدِ نجدٍ مُجِدّا
قُلْ لنجدٍ عنّا سقَى اللّهُ نجداً / قولَ مَن ضَمَّ منه في القلبِ وَجدا
أَنت والسّاكنوك فيما عَهِدْنا / هِجْتُما لي جوىً أعادَ وأَبدا
فإذا ذُمَّتِ العهودُ فإنِّا / ما ذمَمْنا منهم ولا منكَ عَهدا
فرعَى اللّهُ ذلك العهدَ عَهدا / وأَرى اللّهُ ذلك الحَيَّ سَعدا
وكسا اللّهُ ذلك العهَدَ رَوْضاً / وكسا اللّهُ ذلك الرَّوضَ وَرْدا
رُبَّ مُستَجهلِ العواذلِ فيه / بتُّ منه بمقلةٍ ليس تَهدا
قَمرٌ بِتُّ ساهراً فيه حتّى / كدْتُ أُفْني له الكواكبَ عَدّا
لو بخَدِّي منه يكون غليلي / لأبتْ مُقلتايَ أن تَتندّى
لم يكن قبلَ يُنجِزُ الوَعْدَ حتّى / أَنجَز الدهرُ منه للبَيْنِ وَعدا
جاء يومَ الوداعِ يُنشِدُ فيه / ما ترَى العيسَ في الأزِمّةِ تُحْدى
وبدا للنّوَى به مثْلُ ما بي / كم هوىً كان لازِماً فتعَدّى
وتقاضَيتُه وداعاً ولَثْماً / ليكونا لنا سلاماً وبَردا
فتأبَّى واعتادَه خجَلٌ أَل / هبَ منّي ومنه قلباً وخَدّا
ثُمَّ ولّى كالغصْنِ في مَرَحٍ يَفْ / تِلُ منّي ومنه جِيداً وقَدّا
بعد ما أَنفذَ الحشا بجفونٍ / سحَر القلبَ طَرْفُها حين ردّا
فكأنَّ الأستاذَ قابلَ عينَيْ / هِ بسِحرِ البيانِ منه فَأعْدى
الأديبُ الذي حوىَ الفضلَ طُرّاً / والرْئيسُ الّذي علا الخَلْقَ مَجدا
والجوادُ الّذي كفَى الفضلَ رِفْداً / والغمامُ الذي سقى الأرضَ عِدّا
كُلُّ مَن مَدَّ في الفصاحةِ باعاً / حَدَّ منها له ذوو الفَهْمِ حَدّا
وأَبو إسماعيلَ إن قال فَصْلاً / ببني إسماعيلَ طُرّاً يُفَدّى
أَجمَعتْ في البسيطةِ العُرْبُ والعُجْ / مُ على أَنّه تَوحَّد فَردا
لم تكُنْ يَعرُبٌ لِيُعْرِبَ عنها / معه النّاسُ أو يَعُدُّوا مَعَدّا
هو أَهدَى فِكْراً وأَشرَفُ ألفا / ظاً وأعلَى رأياً وأثقَبُ زَنْدا
ذو كلامٍ تقولُ يُختارُ لفظاً / عنده لو تَراه يَشتارُ شُهدا
الأجلُّ الأجلُّ يختارُ منه / حين يختاره الأسدّ الأسدّا
إن يشأْ عند ذاك يَنثُرُ دُرّاً / أو يشَأْ بعد ذاك يَنظِمُ عِقْدا
بِدَعٌ لم تَدعْ لوُسْعِ بليغٍ / صَرْفَ حَرْفٍ له بآخرَ نَقدا
مُعجِزاتٌ للنّاطِقين فلولا / ما لَهُ من ديانةٍ لتَحَدّى
يَبْتَني رُتبةً على كلِّ حالٍ / لِوَلّيٍ لها ويَكْبِتُ أَعدا
ويُمِدُّ الوزيرَ منها بنَصْرٍ / فيكونُ الرُّكنَ الأعزَّ الأشَدّا
فبِها زادَهُ على النّاسِ قُرْباً / وبها خَصَّهُ من النّاسِ وُدّا
وبإصْفائهِ إذا القومُ خانوا / وبتَدبيرِه إذا الأمرُ جَدّا
وبآرائه إذا ما استُضيئتْ / وبأقلامِه إذا ما استمَدّا
مَأثُراتٌ ما إن يُرَى حين تَتْلو / لك فيها نِدّاً ولا منك بُدّا
أيّها الماجِدُ الّذي فاقَ مَجْداً / والفتى الواهبُ الّذي طابَ وِرْدا
لي بسامي عُلاك إدْلالُ مثْلِي / إذ تلَقّيتُ في اعتمادِك رُشدا
لا بأنّي عَمِلتُ فيك قصيداً / بل بأَنّي أَعملْتُ نحوَك قَصدا
أنا مِمّن عشا إلى ضَوء آدا / بِك في العالمِين حتّى تَهَدّى
واقتدَى بالّذي رُوِي لك من شِعْ / رِك حتّى صار المُجِيدَ المُفَدّى
وسما طَرْفُه إليك من الشّو / قِ ولكنْ كانتْ لياليهِ نُكدا
فتعاطَى لك السُّرَى بعدَ لأْيٍ / وتجافَى لك الكرَى واستعَدّا
حمَل الحمدَ نحوَ بابِك فوق ال / عيسِ حتّى هدَى إليك وأَهْدى
يَفتِكُ الدّهرُ بي لأدنَى مَعاشٍ / رَخُصتْ مُهجتي على الدّهرِ جِدّا
فاغتَنِمْها من فُرصةٍ وانتهِزْها / تَستدِمْ لي ما ساعدَ العُمْرُ حَمدا
وتدارَكْ نَفْسي بها من يَدِ الأيْ / يامِ من قَبْلِ أن تَفوتَكَ فَقْدا
واصطَنِعْني بها فلم أر كالحُرْ / رِ تَراه لدى الصَّنيعةِ عَبدا
وارْعَ ما بيننا منَ الأدبِ المُدْ / ني وإنّ كنتَ أنت أعلى وأَهْدى
وابْقَ حتّى تكونَ مع كُّلِّ مولىً / لك عَوْناً على الزّمانِ وَردّا
وتَمتّعْ بلذّةِ العيشِ رَغْدا / وتعَجّلْ في عَهْدِ دُنياكَ خُلْدا
وإذا ما أعارَك اللّهُ منه / ثوبَ عُمْرٍ أمِنْتَ أن يُستَرَدّا
أنت للعيِد وهْو للنّاسِ عيدُ
أنت للعيِد وهْو للنّاسِ عيدُ / صاحبٌ مُسعِدٌ ويومٌ سعيدُ
إنّما تَسعَدُ الأنامُ لعَمْرِي / بالّذي تَستمِدُّ منك السُّعود
وعلى ذاك فاغتنِمْه نزيلاً / فهْو بينَ الأنامِ يومٌ جَديد
لك فيه وبَعْدَه كلَّ يوم / فَرحٌ طارِفٌ وعزٌّ تليد
ولك الدّهرُ إنْ رضِيتَ غلامٌ / ولك النّاسُ ان قَنِعْتَ عَبيد
كعبةٌ أنت والفِناءُ مَطافُ / واليدُ الرُّكنُ والحجيجُ الوُفود
فتحاياكَ مِدْحةٌ وثناءٌ / وضحاياك كاشِحٌ وحَسود
ومَساعيك للزَّمانِ حُلِيٍّ / وأياديك للكرامِ قُيود
عَرصاتُ كأنّها عرَفاتٌ / مِلْؤُها العُرْفُ والفَعالُ الحَميد
واسعاتٌ معَ اتّساعِ العطايا / فهْي بِيدٌ تُطوَى إليها البِيد
يا أَميناً للدّولتَيْن فكُلٌّ / لِذُراها برأيه التّشْييد
ماجِدٌ خصَّهُ بكُلِّ عَلاءٍ / واصطفاه ربُّ العلاء المَجيد
فيه حَزْمٌ وفيه للخَطْبِ عزْمٌ / فهوْ في عسكَريْنِ وهْو وحيد
كيف لا تَحْتمي جوانبُ مُلْكٍ / وله دونَهُنَّ هذي الجُنود
ثاقبُ الرأي لم يَخِبْ قاصدٌ منْ / هُ بحالٍ ولم يَفُتْ مَقْصود
في يدِ الدّولةِ العزيزةِ منه / أَبدَ الدّهرِ سَهْمُ رأيٍ سديد
فبِه لا يَزالُ يُصْمَى عَدُوٌّ / وبه لا يزالُ يُحمَي وَدود
وأَمامَ الإمامِ يُضْحي ويُمسي / بحُسامينِ وهْو عنه يَذود
قَلَمٍ يَقلِمُ الخطوبَ ورأْيٍ / بِهما يُبْدِيءُ العُلا ويُعيد
في نَواصي كِلَيْهِما للبرايا / كلُّ نُجْحٍ لمَطْلبٍ مَعْقود
قَلّدَتْه يدُ الخليفةِ تَخْصي / صاً وفخْرٌ في مِثْلِه التَّقْليد
وتَناهَى له إلى الأمَد الأق / صَى من النُّصح فهْو لا يَستَزيد
والمَراضي المُسترشِديّةُ لا يُد / رِكُ غاياتِهنَّ إلاَّ رَشيد
كم وفَى الّرأْيُ منه للقوم دَيْناً / حين ذُمّتْ من الرّجالِ العُهود
وكفَى المُلْك كلُّ طارقِ خَطْبٍ / كشفَتْ سِرَّها إليه الغُمود
وشَفاهُ مِمّا شكاهُ فأَمْسَوا / وهمُ دون ما أَرادوا هُمود
بين باغ والرُّمحُ حَشْو حَشاهُ / وعَدُوٍّ وَريدُه مَوْرود
ففَداهُ مَنْ لا يَنالُ مَداهُ / في عُلاهُ وللمعالِي حُدود
يا ابنَ عبدِ الكريم يا مَنْ غدا عِقْ / داً من المكرماتِ والدّهرُ جِيد
بك أمسَتْ لَيْلاتِيَ السّودُ بِيضاً / في زمانٍ أيّامُه البِيضُ سُود
أنا أشكو إليكَ يا مُشتكَي الأح / رار دَهْراً في خُلْقِه تَنْكِيد
قَبضَتْ خَطْويَ الهمومُ فمِنْ قل / بي لرِجْلي في منزلي تَقْييد
وعلى أنَّني أُقِلُّ حُضوري / فلك القَصْدُ بالهَوى والقَصيد
وفِراري إليكَ إن راب يومٌ / وبِلالي عليك إنْ جَفّ عُود
لك شُكْري وليس كلُّ لِسانٍ / ناشرٍ شُكْرَ مثْلِه مَحْمود
شمِلَ الغيثُ كلَّ عُودٍ بسُقْيا / هُ ولكنْ ما طاب إلاّ العُود
فأعِدْ نظرةً إلى عُلَقي أُخْ / رى وللفضل مُبْديءٌ ومُعيد
قبلَ أنْ يَبعُدَ القريبُ من الدّا / رِ يُقَرّب من المَرامِ البعيد
فإذا عشْتَ فالدّيارُ جِنانٌ / لذوي الفضْلِ والحياةُ خُلود
زِدْ بأيّامِك ابتهاجاً ومنها ال / عِيدُ باليُمْنِ واحدٌ مَعْدود
عيدُ نَحْرٍ وافاك عُطْلاً ومن رِفْ / دِك وافَى في النّحْرِ منهُ عقود
وافدٌ لا يزالُ بالسّعْد منه / صَدرٌ ليس يَنْقَضِي ووُرود
أنت في الدَّهر لا تزالُ مُقيماً / وهْو يَمضي مُردَّداً ويعود
أبداً تَستَجِدُّ منهُ بُروداً / تَكْتَسيهنّ حين تَبلَى بُرود
فالْقَ أمثالَهُ فَمِثلَك لم يَلْ / قَ وإن راقَه الجُموع الحُشود
هل رأى العيدُ قَطُّ قبلَك مَولىً / كُلُّ معنىً في جودِه مَوْجود
وجْهُه المُستَهلُّ والأنملُ العَشْ / رُ ففي كُلِّ لحظةٍ منه عِيد
ناحِراً للعُداةِ حتّى لوَحْشِ ال / بيد أيضاً بلَحْمِهم تَعْييد
يَقتُلُ الحاسِدين قَتْلاً نَداهُ / ويُرجّى قِراهُ نَسْرٌ وسِيد
فله في مواقفِ الجُود بَأْسٌ / وله في مَواقِف البأْس جُود
عشْ عزيزاً مُحقِّقاً ما تُرجِّي / في اللّيالي مُبلَّغاً ما تُريد
رائياً في ابْنكَ النّجيب من الآ / مال ما قد رأَتْه فيكَ الجُدود
كيف لا يَفْرِسُ المعاليَ شِبْلٌ / رشّحَتْه لَهُنّ تلك الأُسود
يا أبا عبدِ اللهِ دام لك اللّ / هُ مُعِيناً وحاطَك التّأييد
كلّما أمَّل الحسودُ لِنُعْما / ك انتِقاضاً أُتيحَ منها مَزيد
فوق وُسْعِ الورى بلَغْتَ من العِزْ / ز وللمجدِ بَعدُ فيك وُعود
صَبٌ مقيمٌ سائرُ فُؤادُهُ
صَبٌ مقيمٌ سائرُ فُؤادُهُ / طَوْعُ الهوى مع الخليط المُنْجِدِ
غائبُ قَلْبٍ حاضِرُ ودادُه / لِمَنْ نأى في عَهدِهمْ والمَعهد
له جوىً مُخامِرُ يَعتادُه / إذا اشتكى طيفَ الكَرى في العُوّد
لصَبْرِه يُكابِرُ اتِّقادُه / حَشْوَ الحشَا بعد الحسانِ الخُرَّد
ودمعُه يُكاثِرُ اشْتِدادُه / خوفَ النّوى يَقولُ للنّومِ ابْعُد
ما الصّبْرُ إلا غادرُ إنجادُه / إذا بَدا جيشُ النَّوى من بُعُد
لولا حَمامٌ هادرُ إسعادُه / يَنْفَى الجوى بلَحْنِه المُردَّد
كأنّه مَزاهِرُ أجيادُه / السودُ الحُلَى من كُلّ شادٍ غَرِد
مُرْخىً له ستائرُ أعوادُه / الخُضْرُ الذُّرا لِظلّهنَّ يَرتَدي
وافَى ربيعٌ باكِرُ أجنادُه / حين مضَى سُلطانُ بَردٍ مُعْتَد
أسلفَ وهْو تاجِرُ عِهادُه / ثُجْرَ الثّرى اللُّؤلؤ بالزّبرجَد
فكلُّ قُطرٍ ناشرُ وهادُه / مع الرُّبا ما مِثْلُه لم يُعْهَد
وجْهُ الرّياضِ زاهِرُ قُصّادُه / مَن اعتنَى بحَذْفِه لم يُرشَد
لا يَجتويه ناظِرُ مُرْتادُه / إن اهتدى ودَعْه إن لم يَهْتَد
عن خَدِّ خَوْدٍ سافِرُ مُرّادُه / وقد زها بالنّرجس الغَضّ النّدي
ناظِرُ تِبْرٍ ناضِرُ نَقّادُه / له اشترى أصفَرَه بالأسْود
لُجيْنُه محَاجِرُ تَصْطادُه / إذا رنَا بحَدقٍ من عَسْجَد
فاللّحظُ منه ساحِرُ إحدادُه / إذا ذكا من شِدّة التَوُّقد
واللّونُ منه سافِرُ أضدادُه / من السّنا كَجَمرةٍ والجَمَد
وللشَّقيق ناظِرُ سَوادُه / قد ارتَوى بلا اكتحالِ إثمِد
وسْطَ الدّماء حائرُ سَوادُه / ممّا بكَى يُديرُ عينَ أرمَد
بل هو خَدٌّ ناضِرُ وَقّادُه / لمّا التظَى زِينَ بخالٍ أسود
والأقحوانُ فاغِرُ بِرادُه / عن مُجتلى مِثْلِ صغارِ البَرَد
حُسْنٌ لَعمْري وافِرُ أعدادُه / بها اكتفَى وجْهُ النّباتِ الأغيَد
نَيروزُ سَعْدٍ زائرُ مُعادُه / أسنَى القِرَى طُلوعُه بالأسعُد
حاشِدُ أَنسٍ حاشِرُ أَجدادِهِ / أَبلى الأَسى فَأَبلِهِ وَجَدَّد
لِجَيشٍ هَمّي كاسِرُ إِمدادُهُ / حينَ سَرى في عَدَدٍ وَعُدَد
فَكُلُّ ماءٍ مائِرُ أَكبادِهِ / مِمّا اِرتَقى مِنَ الغُصونِ المُيَّد
وَكُلُّ خَوطٍ خاطِرُ مَيّادُهُ / هَزَّ القَنا فَالنَهيُ كَالمُرتَعِد
فَمَتنُهُ مُطامِرُ جِيادُهُ / مَعجُ الصِبا بِدائِمِ التَرَدُّد
كَما ذَكَت مَجامِرُ نِجادُهُ / نَشرٌ شَذا مَعَ الهُبوبِ السَرمَد
أَو فُصِّلَت جَواهِرُ تَنضادُهُ / يُهدي السَنا في جيدِهِ المُقَلَّد
أَو صُقِلَت بَواتِرٌ أَو رادُهُ / مِلءَ المَلا صَفَت فَما فيها صَدي
لَولا سُرورٌ هاجِرُ مُعتادُهُ / قَلباً عَصى وَالعيدُ بِالمُعَيِّد
وَحُرُّ صَدرٍ واغِرُ إيقادُهُ / مَعَ البُكا في صَبَبٍ وَصَعَد
الدَمعُ مَنّي حادِرُ إِصعادُهُ / لِلمُنتَأى عَن فِلَذٍ مِن كَبِد
فُؤادُ مُضني طائِرُ رُقادُهُ / يُرمي الفَلا بِناظِرٍ مُسهَّد
وَلِلسُها مُسامِرُ سُهادُهُ / إِذا اِنتَحى بِاللَيلِ أَو لِلفَرقَدِ
لِهِمَّةٍ يُساوِرُ اِنفِرادُهُ / إِذا دَجا وَالشَجوُشَجوُ المُفرَدِ
لَهُ اللَظى ضَمائِرُ زَنادُهُ / إِذا وَرى شُواظُهُ لَم يَخمُدِ
كَم راحَ دَمعٌ بادِرُ تَجَوادُهُ / حَتّى اِغتَدى مبتسما عن فَدفَدِ
وَصاحَ مُزنٌ هادِرُ إِرعادُهُ / حَتّى رَمى بِطنَ الثَرى بِالوَلَدِ
حَتّى التُرابُ الحائِرُ اِعتِقادُهُ / الَّذي رَسا مُغَيَّبَ المُعتَقَدِ
أَسلَمَ وَهوَ كافِرُ صِلادُهُ / حَتّى حَكى صُنعَ المَليكِ الصَمَدِ
وَبَرَّ وَهوَ فَاجِرُ ثِمادُهُ / يَشفى الصَدى وَعَدُّهُ لا يُعدَدِ
بَل يَومُ فَصلٍ حاشِرُ ميعادُهُ / مَوتى الكَلا عَن قَعرِ كُلِّ مُلحَدِ
تُبلى بِهِ السَرائِرُ اِرتِصادُهُ / لِما اِنطَوى مِن مُصلِحٍ وَمُفسِدِ
فَكُلُّ حَبٍّ ثائِرُ مُبادُهُ / وَاِبنُ الحَيا ما عاشَ لَو لَم يوأَدِ
تُهدي بِهِ البَشائِرُ اِستِردادُهُ / مِنَ الرَدى بَعدَ تَلاشي الجَسَدِ
ما لِلخَليعِ زاجِرُ صَدادُهُ / عَمّا اِشتَهى لِعَذل أَو فَنَدِ
باطِنُهُ وَالظاهِرُ اِتِّحادُهُ / وَهَل تَرى قَلبَ دَدٍ غَيرَ دَدِ
لَولا زَمانٌ دائِرٌ مَقادُهُ / عَن الأَذى إِلى المَعاشِ الرَغَدِ
لَكانَ بَيعُ خاسِرُ نَقّادُهُ / شَمسُ الضُحى بِحَمَلٍ لِأَسَدِ
كَيفَ اِستُعيضَ فَادرُ تَقتادُهُ / لِيُقتَنى بِأَغلَبِ ذي لِبَدِ
ساءَ وَرَدَّ خادَرُ تَعتادُهُ / لَها حِمى وَغَيرُهُ لَم يُعدَدِ
شَمسُ النَهارِ القاصِرُ اِنتِقادُهُ / حَيثُ اِكتَفى بِشَرفٍ مُجَدَّدِ
وَذو العَلاءِ الباهِرُ اِزدِيادُهُ / قَرمٌ سَما بِهِ شَريفُ المَحتِدِ
سَحابُ جودٍ ماطِرُ تِلادُهُ / نَهبُ النَدى لِحِفظِ مَجدٍ مُتلَدِ
لِلدَينِ مِنهُ الناصِرُ اِستِنجادُهُ / إِذا دَعا غَداةَ خَطبٍ موئِدِ
قاضي القُضاةِ طاهِرُ عِمادُهُ / خِدنُ العُلا النَدبُ أَبو مُحَمَّدِ
أَوَلُّ فَضلٍ أَخِرُ ميلادُهُ / دينُ الهُدى بِغَيرِهِ لَم يُعمَدِ
لِلكَسرِ نِعمَ الجابِرُ اِستِرفادُهُ / فَلا وَهيَ مِن ناصِرٍ مُسَدِّدِ
ناهي زَمانٍ آمِرُ يَقتادُهُ / كَما أَرتَضي أَنّي يَقُدهُ يَنقَدِ
لَهُ بِمِثلٍ عاقِرُ وَلّادُهُ / مَعما يُرى مِن كَثرَةٍ في العَدَدِ
لَعِدلِهِ مُستَأسِرُ آسادُهُ / وَعرُ السُطا بَحرُ النَدى بَدرُ النَدى
نافِعُ دَهرٍ ضائِرُ أَعدادُهُ / لِما عَرا يُطيلُ غَيظَ الحُسَّدِ
إِن جارَ خَطبٌ جائِرُ فَعادُهُ / عَقدُالحُبا لِحَلِّ كُلِّ عُقَدِ
رَأيٌ وَحَزمٌ ظاهِرُ سَدادُهُ / إِذا قَضى بِفَيصَلٍ في مَشهَدِ
وَلا حُسامٌ باتِرُ أَغمادُهُ / مِنَ الطُلى في جيدِ كُلِّ أَصيَدِ
مِنهُ النَجيعُ قاطِرُ فِرصادُهُ / إِذا جَلا عَن خَدِّهِ المُوَرَّدِ
ساعٍ سِواهُ الفاتِرُ اِجتِهادُهُ / إِذا اِرتَقى إِلى بُلوغِ الأَمَدِ
وَمَن عَداهُ الغادِرُ اِستِمدادُهُ / إِذا دَنا فَاِعدَم سَراباً أَوجِدِ
لِلَهِ لَيثٌ هاصِرُ زِيادُهُ / إِذا سَطا يَثنى العَدُوَّ المُعتَدي
مِنهُ وَغَيثٌ هامِرُ مُرادُهُ / إِذا سَخا رائِحُهُ وَالمُغتَدي
عَلى المَوالي ناثِرُ أَصفادُهُ / قَطرَ جَدا يَنظِمَ شُكرَ الأَبَدِ
وَلِلمُعادي آسِرُ صِفادُهُ / عَفوٌ حَمى حُشاشَةَ المُصفَدِ
خَيرُ فَتىً أَخائِرُ أَجدادُهُ / إِذا اِنتَمى مِن كُلِّ قَومٍ نُجُدِ
يَنميهِ إِن تَفاخَروا أَمجادُهُ / الغُرُّ الأَلى مَهما بَنوا يُشَيَّدُ
فَزارَةُ الأَكابِرُ اِعتِدادُهُ / فَهوَ الفَتى وَالأَمجَدُ اِبنُ الأَمجَدِ
قُطبٌ عَلَيهِ الدائِرُ اِعتِمادُهُ / شَمسُ عُلا أَبو نُجومٍ وُقَّدِ
وَاللَهُ رَبٌّ قادِرٌ إيجادُهُ / السَبعُ العُلى رَفعاً بِغَيرِ عَمَدِ
وَبِالعِمادِ ظاهِرُ إِمدادُهُ / حَتّى اِعتَلى سَماء دينِ أَحمَدِ
إِحسانُهُ المُظاهِرُ اِطِّرادُهُ / الَّذي كَفى شَرَّ الزَمانِ الأَنكَدِ
سَميرُ لَيلٍ ساهِرُ سَجّادُهُ / يَثني الدُجى صُبحاً إِذا لَم يَسجُدُ
لِكُلِّ حَمدٍ ذاخِرُ إِرصادُهُ / مِنَ النَهى وَاليَومُ رَهنٌ بِالغَدِ
فارِسُ مِنهُ عامِرُ بِلادُهُ / فَلا عَفا مِن بَيتِ مَجدٍ أَتلَدِ
يَعِزُّ مَن يُجاوِرُ إِسنادُهُ / دونَ الغِنى فَهوَ لِكُلِّ مُجتَدِ
صَعبٌ فَلا تُخاطِروا قِيادُهُ / مَتى أَبى وَمَن يُحامِ يَذُدِ
نَهبٌ أَلا فَبادَروا أَرفادُهُ / وِردَ القَطا مَن لَم يَفِد لَم يُفِدِ
بَلا هوَ بَحرٌ زاخِرُ مَدّادُهُ / إِذا طَما وارِدُ مَن لَم يَرِدِ
فَحامِدٌ وَشاكِرٌ وَفّادُهُ / إِذا اِنتَدى وَاليَدُ صيغَت لِليَدِ
بِكُلِّ عِزٍّ ظافِرُ قُصادُهُ / مَعَ المُنى وَالعِزُّ عَذبُ المَورِدِ
لِمالِهِ مُشاطِرُ مُرتادُهُ / إِذا عَفا وَقَولُهُ عُد أَعُدِ
فَالشِعرُ عَظمٌ ناخِرُ مَعادُهُ / فَقَد قَضى بِرِفدِهِ المُستَرفَدِ
بِالجودِ مِنهُ ناشِرُ أَجسادُهُ / بَعدَ البِلى وَالجودُ حَشرُ السُؤدَدِ
نَوروزُنا مُسافِرُ مُرادُهُ / مِنّا السُرى مِثلَ الرَفيقِ المُسعِدِ
فَهوَ لِكُلِّ وافِرُ إِسعادُهُ / وَإِن غَدا لِلإِرتِحالِ مَوعِدي
وَهوَ لِقَلبي ذاعِرُ إِبعادُهُ / فَردُ الذُرا المُكثِرُ غَيظَ حُسَّدي
وَها أَنا مُسايِرُ وَزادُهُ / إِذا اِنثَنى وَجدٌ بِكُم لَم يَبرُدِ
ماضٍ وَلِكَن غابِرُ إِحمادُهُ / وَما عَسى يَقولُ إِن لَم يَحمَدِ
لِلقُربِ مِنكُم ذاكِرُ بِعادُهُ / ذِكرَ الصِبا يُسنَدُ طولَ المُسنَدِ
مُواصِلٌ مُهاجِرُ تَردادِهِ / كإِبنِ الكَرى أَقرَبُهُ كَالأَبعَدِ
بِفَضلِكُم يُذاكِرُ اِمتِدادُهُ / حَيثُ اِنتَهى مِن مَنزِلٍ وَمَقصَدِ
كَذا النَسيمُ العابِرُ اِعتِيادُهُ / إِذا سَرى اِستِصحابُ نَشرِ البَلَدِ
عَنِ الرِياضِ آثِرُ رُوّادُهُ / لِما حَوى مَن لَم يَجِد لَم يَجُدِ
وَكُلُّ بَحرٍ صادِرُ وُرّادُهُ / إِذا سَقى فَاصدُر عَزيزاً أَو رِدِ
وارِدُهُ المُستَأخِرُ اِستِعدادُهُ / إِذا اِستَقى مِن فَيضِ بَحرٍ مُزبِدِ
إِنَّ الزَمانَ غادِرُ عِنادُهُ / إِذا التَوى عَلى الفَتى لَم يَكَدِ
وَالحُرُّ فيهِ صابِرُ عِتادُهُ / عَقدُ عِرا أَغوارِهِ بِالأَنجُدِ
كَما اِقتَضى المَقادِرُ اِنقِيادُهُ / كَيفَ حَدا يَقولُ لِلعيسِ خِدي
جاءَكَ شِعرٌ نادِرُ إِنشادُهُ / لَمّا أَتى عِقداً بِغَيرِ عُقَدِ
في حُسنِهِ نَظائِرُ أَفرادُهُ / مَعَ الثَنى مِن دُرِّهِ المُنَضَّدِ
تَقضي لَهُ المَشاعِرُ اِستيعادُهُ / إِذا اِرتايَ بِشَرفِ التَفَرُّدِ
سامِعُهُ المُحاضِرُ اِستِشهادُهُ / بِما اِكتَسى مِن عَبَقٍ لَم يَنفَدِ
يَقولُ وَهوَ عاطِرُ أَبدادُهُ / بِماجَرى مِن ذِكرِكَ المُجَدِّدِ
بِالمِسكِ كانَ الساطِرُ اِستِمدادُهُ / وَهَل وَفى مِسكٌ بِخُلقِ أَمجَدِ
قَد خَطَّهُ المُبادِرُ اِستِنشادُهُ / لِما وَعى مِنَ القَوافي الشُرَّدِ
سابِقُ فِكرٍ ضامِرُ جَوادُهُ / ذاتُ خُطاً بِأَربَعِ كَالجَلمَدِ
في كُلِّ شِعرٍ فاخِرُ مُجادُهُ / إِذا اِزدَهى قَومٌ بِغَيرِ الجَيِّدِ
وَالفَضلُ صَمتٌ سائِرُ تَعتادُهُ / بَينَ الوَرى إِن قُلتَ ما لَم يُحمَدِ
إِن كانَ نَظمٌ نافِرُ نَقّادُهُ / لا مُنتَقى مِثلَ اللآلي البَدَدِ
يا مَن بِهِ مُفاخِرُ أَعيادُهُ / عِش ما تَشا في العِزِّ وَاِغنَ وَازدَدِ
مَلكٌ إِلَيهِ صائِرُ إِسنادُهُ / حَتّى اِحتَمى فَدُم مُطاعاً وَاِخلُدِ
أَنتَ الهُمامُ القاهِرُ اِستِعبادُهُ / مَعَ الفَتى وَصادِقُ التَعَبُّدِ
فِدىً لَهُ أَصاغِرُ حُسادِهِ / مَعَ العِدا مِن سَيِّدٍ وَسَنَدِ
أَما اِمرُؤٌ مُجاهِرُ أَفتادُهُ / بِهِ طَغى وَقَلَّ ذاكَ المُفتَدى
أَو عارِفٌ مُناكِرُ كِيادُهُ / كُلٌّ فَدى عَلائِكَ المُحَسَّدِ
اليَومَ عادَ رَجائي مورِقَ العودِ
اليَومَ عادَ رَجائي مورِقَ العودِ / وَأَنجَزَ الدَهرُ مِنهُ كُلَّ مَوعودِ
العيدُ عادَ إِلى عودي بِخُضرَتِهِ / وَالحالُ حالَ عَلى حالي بِتَجديدِ
وَاليُمنُ مِن عَن يَميني غَيرُ مُنقَطِعٍ / وَاليُسرُ مِن عَن يساري غَيرُ مَصدودِ
وَكُلُّ هَذا بِيُمنٍ عادَ يَشمَلُني / مِن مَقدَمٍ لِأَمينِ المُلكِ محمودِ
إِذ عادَ بِالطائِرِ المَيمونِ مُبتَهِجاً / يَختالُ ما بَينَ تَمكينٍ وَتَأييدِ
وَجاءَ في مَوكِبِ الإِقبالِ يَنشُرُ مِن / نَصرٍ بِناصيَةِ الراياتِ مَعقودِ
وَجَرَّ ذَيلَ العُلا وَالمَجدِ يَخطِرُ في / رَيعٍ مِنَ العِزِّ مَعمورٍ بِتَخليدِ
فَاِرتاحَ رَكبُ بَني الآمالِ قاطِبَةً / إِلَيهِ يُحدَونَ بِالمَهرِيَّةِ القودِ
يَسرونَ في البيدِ أَرسالاً وَسَيرُهُم / إِلى فَتىً صَدرُهُ أَفضى مِن البيدِ
يَستَمطِرونَ النَدى مِن كَفِّ ذي كَرَمٍ / يُعطيكَ مِن غَيرِ تَكديرٍ وَتَنكيدِ
فَتىً غَدا الجودُ مَوجوداً بَخِلقَتِهِ / وَلَم يَكُن قَبلَهُ جودٌ بِمَوجودِ
يَجودُ حَتّى لِيُعدي الجودُ سائِلَه / فَهَل رَأَيتُم جَواداً جادَ بِالجُسودِ
فَأَيُّ مَجمَعٍ وَفرِ غَيرُ مُفتَرِقٍ / وَأَيُّ مَحفِلِ حَمدٍ غَيرُ مَشهودِ
وَأَيُّ سِلكِ ثَناءٍ غَيرُ مُتَّصِلٍ / وَأَيُّ حَبلِ رِجاءٍ غَيرُ مَمدودِ
مُهذَّبُ الخُلقِ مَعسولٌ شَمائِلُهُ / مُوَفَّقُ الرَأيِ مَلحوظٌ بِتَسديدِ
مُحَسَّدُ الفَضلِ ما بَينَ الوَرى أَبَداً / وَما سَمِعنا بِفَضلٍ غَيرِ مَحسودِ
في كَفِّهِ قَلَمٌ تَجري بِمَدَّتِهِ / عَينا دَمٍ وَعَطاءٍ غَيرِ تَصريدِ
البيضُ وَالسودُ تَعيا عَن مَداهُ وَإِن / أَنشا يُؤَلِّفُ بَينَ البيضِ وَالسودِ
فَما اللَيالي وَلا الأَيّامُ فاعِلَةٌ / فِعالَها عِندَ إِرخاءٍ وَتَشديدِ
أَضحى أَبو طالِبٍ دونَ الوَرى كَرَماً / وَلِلندى بِيَدَيهِ كُلُّ إِقليدِ
بَنى لَهُ في العُلا أَسلافُهُ شَرَفاً / وَجاءَ يُتبِعُ ما شادوا بِتَشييدِ
ذو رُتبَةٍ في القُرَيَّتَينِ عالِيَةٍ / يَرمي العِدا دونَ أَدناها بِتَبعيدِ
وَغُرَّةٍ في جَبينِ الدَهرِ شادِخَةٍ / مَوروثَةٍ مِن عُلا آبائِهِ الصِّيدِ
قَد مَهَّدَ اللَهُ أَكنافَ العَلاءِ لَهُ / وَاللَهُ يُؤثِرُ أَقواماً بِتَمهيدِ
وَأَصبَحَت أَشقِياءُ الخَلقِ مِن يَدِهِ / تَخوضُ وِردَ نَعيمٍ غَيرَ مَعدودِ
وَلَو قَضَت ما عَلَيها لَاِكتَسى وَرَقاً / مِن فَيضِ كَفَّيهِ مِنها كُلُّ جُلمودِ
فَمَن يُبَلِّغُ عَنّي مَجدَ دَولَتِهِم / مِنَ النَصيحَةِ قَولاً غَيرَ مَردودِ
بِسَيفِ رَأيِ اِبنِ مَنصورٍ نُصِرتَ عَلى / عِداكَ لَمّا تَساعَو بِالمَكاييدِ
فَاِشدُد يَدَيكَ بِنَدبٍ مِنهُ مُنتَصِرٍ / تَلقَ الوَرى بِكَمالِ غَيرِ مَجحودِ
يَنالُ مالُكَ أَقصى الحِفظِ في يَدِهِ / وَمالُهُ هُوَ مَخصوصٌ بِتَبديدِ
يَوَدُّ أَعلى مُلوكِ الأَرضِ مَنزِلَةً / لَو كانَ يُلقي إِلَيهِ بِالمَقاليدِ
لَكِنَّها قِسَمٌ يَجري القَضاءُ بِها / مِنَ الوَرى بَينَ مَجدودٍ وَمَحدودِ
هُنِّئتَ يا أَحسَنَ الإِحسانِ أَن جُمِعا / عيدانِ قَد رَوَّحا عَن كُلِّ مَجهودِ
إِظلالُ فِطرٍ وَعودٌ مِنكَ مُنتَظِرٌ / وَذاكَ أَولاهُما مِنّا بِتَعييدِ
فَاِسلَم وَدُم لِلعُلا في عيشَةٍ رَغَدٍ / مُطَرَّزٍ ثَوبٌ نُعماها بِتَأييدِ
وَاِسمَع إِذا شِئتَ مِنّي كُلَّ شارِدَةٍ / كَالعِقدِ تُجعَلُ مِن عُلياكَ في جيدِ
مِمّا نَأَيتُ بِذِهنٍ غَيرَ مُحتَبِسٍ / عَلى القَوافي وَطَبعٍ غَيرِ مَكدودِ
كَنَسجِ مَسرودَةِ العِطفَينِ سابِغَةٍ / أَو نَظمِ مُنخَرِطٍ في السِلكِ مَسرودِ
يا سَيِّداً سَوَّدَتهُ الناسُ قاطِبَةً / لا كَالَّذي سادَهُم مِن غَيرِ تَسويدِ
وَمَن غَدا وَلَهُ في كُلِّ ما نَفَسٍ / مِنَ الجَلالَةِ أَمرٌ غَيرُ مَعهودِ
قَد عَيَّدَ اليَومَ كُلُّ الناسِ قاطِبَةً / مَسَرَّةً بِقُدومٍ مِنكَ مَسعودِ
وَكانَ عيدُ الوَرى مِن بَعدِ صَومِهِمُ / فَجِئتَهُم أَنتَ قَبلَ العيدِ بِالعيدِ
لَيالي أَجمَلَت فيهِنَّ جُملٌ
لَيالي أَجمَلَت فيهِنَّ جُملٌ / إِلَيَّ وَأَسعَدَت فيها سُعادُ
فَبِتُّ أَقولُ مِن طَرَبٍ إِلَيها / أَلا يا عَهدُ جادَتكَ العِهادُ
لَقَد أَطرَبَتنا وَمَضَيتَ عَنّا / فَلَيتَكَ كُنتَ صَوتاً يُستَعادُ
حَظٌّ مِنَ النَصرِ وَالتَأييدِ مُعتادُ
حَظٌّ مِنَ النَصرِ وَالتَأييدِ مُعتادُ / وَرُتبَةٌ في العُلا وَالمَجدِ تَزدادُ
وَنِعمَةٌ في قَرارِ العِزِّ خالِدَةً / وَكَوكَبٌ في سَماءِ الفَخرِ وَقّادُ
وَدَولَةٌ لِأَمينِ الدَولَةِ اِشتَبَهَت / أَيّامُها بِحُلاها فَهيَ أَندادُ
كُلٌّ يُهَنّي بِيَومِ العيدِ صاحِبَهُ / لِأَنَّ أَعيادَهُم في الدَهرِ أَفرادُ
وَلا أَخُصُّ لَهُ يَوماً بِتَهنِئَةٍ / أَيّامُهُ كُلُّها لِلناسِ أَعيادُ
كَأَنَّني حينَ أَلوي مِن مَعاطِفِهِ
كَأَنَّني حينَ أَلوي مِن مَعاطِفِهِ / أَثني قَضيباً مِنَ الرَيحانِ مَيّادا
هاكَ عَهدي فَلا أَخونُكَ عَهداً
هاكَ عَهدي فَلا أَخونُكَ عَهداً / يا مَليحاً لَدَيهِ أَمَسيَتُ عَبدا
لا وَحَقِّ الهَوى سَلوَتُكَ يَوماً / وَكَفى بِالهَوى ذِماماً وَعَقدا
إِنَّ قَلبي يَضيقُ أَن يَسَعَ الصَب / رَ لِأَنّي فَنَيتُ عَظماً وَجِلدا
وَفُؤادي لا يَعتَريهِ هَوى الغَي / رِ لِأَنّي مَلَأتُهُ بِكَ وَجدا
يا مَهاةَ الصَريمِ عَيناً وَجيداً / وَأَخا الوَردِ في الطَروَةِ خَدّا
وَشَقيقَ الخَنساءِ في الناسِ قَلباً / وَقَضيبَ الأَراكِ ليناً وَقَدّا
كَيفَما كُتتَ لَيسَ لي عَنكَ بُدٌّ / فَأَبِعني وُدّاً وَإِن شِئتَ صَدّا
وَمَلَكتَ الفُؤادَ مِنِّيَ كُلا / فَاِتلِفَن ما أَورَدتُ هَزلاً وَجِدا
يا لَيالي الوَصلِ كَم لَك عِندي / خَلَواتٌ مَعَ الغَزالِ المُفَدّى
كَم جَنَينا ثِمارَكَ وَهيَ عِندي / مِن يَدٍ كانَ شُكرُها لا يُؤَدّى
فَسَقَتكَ الدُموعَ مِن وابِلِ الغَي / ثِ مَديدَ البِحارِ جَزراً وَمَدّا
وبكَتْكِ دماً عُيوني من دمْ / عي بديلاً فهُنّ أغزرُ وِرْدا
هل لِماضيكَ عَودةٌ فلقد آ / نَ جَمالُ الحبيبِ أَن يَتَبدّى
ألا قُلْ لسَعْدِ المُلْكِ دام علاؤه
ألا قُلْ لسَعْدِ المُلْكِ دام علاؤه / وقد يَعطِف المَولَى الكريمُ على العَبدِ
أَعِدْ نظَراً يا سَعْدُ نَحْوي فإنّما / صلاحُ الوَرى لا زالَ من نَظَرِ السَّعْد
ودُمْ لي وللعلياء والبأسِ والنّدَى / وللدّينِ والدُّنيا وللمُلْكِ والمَجْد
بلَغْتَ من الدّنيا وإن رَغِمَ العِدا / مَراتبَ قد أدركْتَها صاعِدَ الجَدّ
وأعظَمُ ممّا نِلْتَ ما ستنالُه / من العزِّ إنّ الألْفَ يَبدأُ من فَرْد
ونارنْجةٌ بين الرياضِ نظَرْتُها
ونارنْجةٌ بين الرياضِ نظَرْتُها / على غُصُنٍ رطْبٍ كقامة أَغْيَدِ
إذا مَيّلَتْها الريحُ كانتْ كأُكْرةٍ / بدتْ ذهَباً في صَوْلجان زبَرجَد
شكوتُ إلى الحبيبةِ سُوءَ حَظِّي
شكوتُ إلى الحبيبةِ سُوءَ حَظِّي / وما قاسَيْتُ من أَلَم البِعادِ
فقالتْ أنت حَظُّكَ مثْلُ عَيْني / فقلتُ نَعَمْ ولكنْ في السَواد