المجموع : 55
سَقى اللَّهُ الّتي طَردتْ وسادي
سَقى اللَّهُ الّتي طَردتْ وسادي / وكانتْ لِي معاصمُها وسادا
جعلتُ وقد خلعتُ نِجادَ سيفي / غدائرَها لعاتِقِيَ النّجادا
فإنْ يكُ مُنْصُلِي عَضْباً حَديداً / فإنَّ لحسنها نُصُلاً حِدادا
فما أدرِي وقد قضّيت نَحْبِي / أَغيَّاً كانَ ذلكَ أَمْ رَشادا
تَلومُ وَقَد لاحَتْ طوالعُ شَيبتي
تَلومُ وَقَد لاحَتْ طوالعُ شَيبتي / وما كنتُ منها قبل ذاك مُفنَّدا
فَحسبُك مِن لَومي وإلّا فَبعضهُ / فَما اِبيضّ إلّا بَعضُ ما كان أسودا
وَلا تُلزميني اليوم عَيباً بصبغةٍ / سَتكتسبيها إِنْ بقيتِ لها غدا
وَلَو خلّدتْ لي خالةٌ معْ تولّع ال / ليالي بأحوالي لكنتُ المخلّدا
ولو لم أشِبْ أو تَنتقِصْنِيَ مُدّةٌ / لكنتُ على الأيّامِ نَسراً وفرقدا
وإنّ المشيبَ فِدْيَةٌ من صغيرةٍ / أبِيت بها صِفْراً من النّاسِ مفردا
أُوَسّدُ بِالصُّفّاحِ لا مِنْ كرامةٍ / وإنّي غنِيٌّ وَسْطَها أن أُوَسّدا
فلا تنفرِي يا نفسُ يوماً من الرّدى / فَما أَنتِ إلّا في طَريقٍ منَ الرّدى
ألا هلْ أتاها كيف حُزنِيَ بعدها
ألا هلْ أتاها كيف حُزنِيَ بعدها / وأنّ دموعي لست أملك رَدّها
تفيض على عينٍ مَرى الوجدُ ماءَها / ولم تستطعْ أنْ يغلِبَ الصَّبرُ وجدَها
غزيرةُ أنواءِ الجفونِ كأنّها / تناهتْ إلى بعض البِحار فمدّها
وقد كنتُ من قبل الفراق أهابهُ / كما هابَ ظِلمانُ الصّريمةِ أُسْدَها
وأُشفِقُ ممّا لا محالةَ واقعٌ / وهلْ للمنايا قادرٌ أن يردّها
كأنّيَ لمّا أنْ سمعتُ نعيَّها / أناخ على الأحشاءِ فارٍ فقدّها
وَلَم أَستطعْ في رُزْئِها عَطَّ مُهجتِي / وأجللتُه عن أنْ أُمزِّق بُردَها
وَممّا شَجاني أنّنِي لَم أَجد لَها / عَلى خِبرَتي شَيئاً يهوّن فقْدَها
وَأنِّيَ لمّا أَن قَضى اللَّهُ هُلْكَها / على قلبيَ المَحزون بُقّيتُ بَعْدَها
حَنى يَومُها الغادي كهولَ عَشيرتي / عَلى جَلَدٍ فيهمْ وشيّبَ مُرْدَها
وحطَّ الرّجالَ الشُمَّ مِن كلِّ شامخٍ / يُلاقون بِالأيدي منَ الأرضِ جِلْدَها
وَقَلّص عَنها العزّ ما فُدِحتْ به / فتحسبُ مولاها من الذلِّ عبدَها
فكم كَبدٍ حرّى تقطّع حسرةً / وكم عبرة قد أقرح الدّمعُ خدَّها
حرامٌ وقد غُيّبتِ عنِّيَ أنْ أرى / مِنَ الخلقِ إلّا نَظرةً لن أودَّها
وَسِيّانِ عندي أنْ حَبَتني خريدةٌ / بوصلٍ يُرجّى أو حَبَتْنِيَ صدَّها
وهيهات أن أُلفى أُرقّحُ صَرْمةً / وأطلبُ من دار المعيشةِ رَغْدَها
وَمِن أَينَ لي في غيرها عِوَضٌ بها / وقد أحرزتْ سُبْلَ الفضائلِ وحدَها
أُسامُ التسلِّي وهو عنِّي بمعزِلٍ / وكيف تُسامُ النّفسُ ما ليس عندها
وَبَينَ ضُلوعي يا عَذول نوافدٌ / أَبى العَذْلُ وَالتأنيبُ لِي أنْ يسدّها
وَودّي بأَنّ اللَّه يَومَ اِختِرامها / تخرّم من جنبيَّ ما حاز وُدّها
وَإنِّيَ لَمّا غالَها الموتُ غالني / فَبُعداً لِنَفسي إِذْ قَضى اللَّه بُعدَها
أَفي كلِّ يومٍ أيّها الدّهرُ نكبةٌ / تكدُّ حيازيمي فأحمل كدَّها
بلغتُ أشُدِّي لا بلغتُ وجزتُهُ / وَأعجلتها من أنْ تجوزَ أشُدَّها
ففزتُ بأَسنى ما حَوَتْهُ رواجبِي / وجاوزت في أمِّ المصيباتِ حدَّها
فَيا قَلب لِمْ أنت الجليدُ كأنّما / تحادثك الأطماعُ أنْ تستردّها
وما كنتُ أهوى أنّك اليومَ صابرٌ / ويدعوك فتيانُ العشيرةِ جَلْدَها
أَليسَ فِراقاً لا تلاقِيَ بعدَه / وغيبةَ سَفْرٍ لا يرجّون وفْدَها
أَلا فَاِلبَس الأحزانَ لبسةَ قانعٍ / بأثوابه لا يبتغِي أن يُجدَّها
وَصمَّ عنِ المغرينَ بالصّبرِ إنّهمْ / يطفّون ناراً ألْهبَ اللّه وقْدَها
وقبلكَ ما نال الزّمانُ مُعلَّقاً / بِأَجبالِ رَضْوى يرتعِي ثَمّ مَرْدَها
تواعَدَ في شمّاءَ يرقُبُ مُزْنَةً / تصوبُ عليه أعذبَ اللّهُ وِردَها
وَتَلقاهُ خِلْواً لا يطالع رِيبةً / ولا يتّقِي خِطْءَ اللَّيالِي وعَمْدَها
وداءُ الرّدى أفنى ظباءَ سُوَيقةٍ / وطيّر عن أجزاعِ تَدْمُرَ رُبْدَها
وأفضى إلى حُجْبِ الملوكِ وَلَم يَخفْ / شَباها ولم يرقُبْ هنالك حَشْدَها
يَسيرُ إِلَيها كلَّ يومٍ وليلةٍ / على مَهَلٍ منه فيسبقُ شَدَّها
وَكم عُصبةٍ باتتْ بظلٍّ سعادةٍ / تخطّفها أو أولج النّحْس سَعدها
وَهَدّمها مَنْ كان شاد بناءَها / وجرّدَها مَن كان أحكمَ غِمْدَها
سلامٌ على أرضِ الطّفوف ورحمةٌ / مَرى اللَّهُ سُقياها وأضرمَ زَنْدَها
ولا عَدِمتْ في كلِّ يومٍ وليلةٍ / حفائرُها من جنّةِ اللّهِ رِفْدَها
فَكَمْ ثَمَّ مِن أَشلاءِ قومٍ أعدَّها / لِيُعطِيَها ما تبتغي مَنْ أعدّها
وَللّهِ مِنها حفرةٌ جئتُ طائعاً / فأودعتُ دينِي ثُمَّ دنيايَ لَحْدَها
وولّيتُ عنها أنفضُ التّربَ عن يدٍ / نفضتُ ترابَ القبرِ عنها وزندَها
ولم يُسلِني شَيءٌ سِوى أنّ جارتِي / قَضى اللَّه بَعدِي أن تجاور جَدّها
وإنِّيَ لمّا أنْ شققتُ ضريحَها / إِزاءَ شهيد اللّه أَنجزت وعْدَها
وَكيفَ تَخافُ السّوءَ يومَ حسابها / وَقَد جعلتْ من أجنُدِ اللَّهِ جُندَها
وَتُمسِك في يومِ القيامةِ منهمُ / بُحجْزَةِ قومٍ لا يُبالون حدَّها
يَقونَ الّذي وَالاهُمُ اليومَ حَرَّها / ويُعطونَه عفواً كما شاءَ بَرْدها
مَتى أَرى الدّهرَ قد آلت مصايرُهُ
مَتى أَرى الدّهرَ قد آلت مصايرُهُ / إلى الّذي كان مألوفاً ومعهودا
كم ذا أرى كلَّ مذمومٍ ولست أرى / بين الورى أبدَ الأيّامِ محمودا
قالتْ أراك بهمٍّ لا تفارقُهُ / فقلت همِّي لأنّي ظَلْتُ مَجهودا
إنْ شئتَ عزّاً بلا ذُلٍّ يُطيف بهِ / فَاِقطَعْ منَ الحرصِ حبلاً كان ممدودا
خذْ كيفَ شئتَ عن الأقطار قاطبةً / وَاِطلُبْ من الرّزق مطلوباً وموجودا
فلستَ تأخذُ إلّا ما سبقتَ بهِ / ولا تبدّل بالمجدودِ مجدودا
مضى الثّقاتُ فلا عينٌ ولا أثرٌ / وأُورِدوا من حياضِ الموتِ مورودا
وأصبحوا كهشيمٍ بات في جَلَدٍ / بِعاصِفاتٍ منَ النّكباءِ مكدودا
فما أبالِي وقد فارقتهمْ غَبَناً / شُحّاً منَ الدَهرِ في نفعٍ ولا جودا
وَلا أضمُّ يداً منِّي بغيرهمُ / ولا أودُّ من الأقوامِ مودودا
ولا أخاف على مَن كان بعدهُم / نَحساً وسعداً ولا بيضاً ولا سودا
لا تَطلُبي مِنِّيَ الشّباب فما
لا تَطلُبي مِنِّيَ الشّباب فما / عندي شبابٌ والشّيبُ قد وفَدا
أَينَ شَبابي وَقد أنَفْتُ على ال / ستّينَ ستّاً وجُزتُها عدَدا
فمنْ بغى عندِيَ البشاشة واللّه / وَ وبعض النّشاطِ ما وجدا
فقد مضى من يدِي وفارقنِي / ما لا أراهُ براجعِ أبدا
وخُبّرتُها يومَ اِلتَقينا بذي النَّقا
وخُبّرتُها يومَ اِلتَقينا بذي النَّقا / تعجّبُ من وجدي وما عرفت وجْدا
وتَحسبُ أنّي مُدّعٍ عِندَها الهَوى / وتُعرِضُ عن دمعٍ بها أَترعَ الخدّا
فَيا لَيتني لَم أُكْسَ مِنها صَبابةً / كما هي ظنّتْ لا ولم أعرف الجَهدا
ولمّا قُرعنا بالنّوى حين غفلةٍ / تجلّدتُ مشتاقاً لتحسبني جَلْدا
وطار بقلبِي طائر البينِ عن يدي / على أنّني ما جُرتُ يومَ النَّوى قَصْدا
قَرّت عيونُ بني النبيِّ محمّد
قَرّت عيونُ بني النبيِّ محمّد / بالقادر الماضِي العزيمة أحمدِ
بموفّقٍ شَهدتْ له آباؤهُ / أنْ سوف يشتمل الخلافة في غدِ
جاءَتْه لم يُتْعِبْ بها في صدرِه / همّاً وَلا أوْمَا إليها باليدِ
سَبَقتْ مُخِيلَتُها إليه وأكرَم ال / نعماءِ طالعةٌ أمامَ الموعِدِ
ولقد علمتُ بأنّها لا تنتضِي / إلّا شَبا ماضِي الغِرارِ مهنَّدِ
لمّا مشتْ فيه الظّنونُ وأوسعتْ / طَمَعاً يروح مع العدوِّ ويغتدِي
وَتَنازَعوا طُرُقاً إليها وعْرَةً / جاءته في سَنَنِ الطّريقِ الأقصدِ
عَلِقتْ بأوفى ساعدٍ في نصرها / وأذبَّ عن مصباحها المتوقّدِ
قَرْمٍ يضيفُ صرامةَ المنصورِ في / قَمعِ العدوِّ إلى خشوعِ المهتدي
كالنّارِ عاليةِ الشّعاعِ وربّما / أخفَتْ تضرّمَها بطونُ الرِّمْددِ
يقظٌ يغضُّ جفونَه وهمومهُ / من كلِّ أطراف البلادِ بمرصدِ
فخراً بنِي العبّاسِ إنّ قديمكمْ / يأبى على الأيّامِ غيرَ تجدّدِ
شرفٌ يميلُ بيَذْبُلٍ ويَلَمْلَمٍ / وعُلاً تعرّس في جوار الفرقدِ
وهْيَ الخلافةُ موطنٌ لم يفتقِدْ / أطوادَه وشرارةٌ لم تخمُدِ
إنْ نلتَها ولَكَمْ لمجدك عندها / قدمٌ وكم في نيلها لك من يدِ
قَد وازَنوك فكنتَ أضربَ فيهمُ / عِرْقاً وأبعدَ غايةً في مَحتِدِ
وَدَعوك للأمرِ الجَليلِ فَلم تَكنْ / نَزْر الفَخارِ ولا قليلَ السُّؤدُدِ
يا اِبنَ الّذين إذا اِحتَبَوْا في مفخرٍ / عصفوا بكلِّ سيادةٍ لمسوّدِ
الطاعنُوا ثُغَرِ الرّجال وعندهمْ / أنّ المسلّمَ بالفِرارِ هو الرّدِي
وإذا دُعوا لِمُلِمّةٍ فكأنّما / فُجرتْ لها دُفَعُ الغمام المُزْبدِ
يفديك مِنْ يغشى بهاؤك طرفَه / من كلِّ رعْديدِ الجَنانِ معرِّدِ
متطاولٍ فإذا عرضتَ لِلَحْظِهِ / لصقتْ أسرّةُ وجههِ بالجلمدِ
للَّهِ دَرُّك وَالعجاجُ محلّقٌ / والخيلُ تعثرُ بالقنا المتقصّدِ
واليوم تَغدُرُ بالمطالِع شمسُه / فيطالعُ الدّنيا بوجهٍ أسْودِ
ما إِنْ تَرى إلّا جَريحاً ينثنِي / ضَرِجَ القميصِ على طريحٍ مُقصَدِ
والبِيضُ تعلمُ أنّها ما جُرّدَتْ / بِيديك إلّا من حُشاشَةِ معتدِ
وأنا الّذي ينُمى إليك ولاؤهُ / أبداً كما يُنمى إليكمْ مولدي
ما حاجَتي إلّا بَقاؤكَ سالِماً / تُعلِي مقاماتِي وتُدنِي مشهدِي
وَإِذا دَنوتُ إلى الرِّواقِ مسلِّماً / أقذيتَ بِي فيه نواظرَ حُسّدِي
وكسوتَ مرتبتي هناك فضيلةً / تَبقى على عَقِبِي بقاءَ المُسْنَدِ
في ساعةٍ مَلأى بكلِّ تحيّةٍ / تنجابُ عن أفواهِ قومٍ سُجّدِ
ومواقفٍ عمَرَ الجلالُ فِناءَها / فالحسنُ فيها بالمهابةِ مُرتَدِ
لا يستطيع الطّرفُ يأخذُ لحظَها / إلّا مخالسةً كلحظِ الأرمدِ
وَأَحقُّ مَن لبسَ الكرامةَ مخلصٌ / ما شابَ صفوَ ودادِه بتودّدِ
أُثني عَليك وبيننا متمنّعٌ / صعبُ المرامِ على الرّجالِ القُصّدِ
وَلئِنْ تحجّبَ نورُ وجهك بُرهةً / عنِّي فهاتيك المناقبُ شُهّدِي
خذها تَقَلَّبُ بين لفظٍ لم يَطُفْ / نُطقُ الرّواةِ به ومعنىً أوحدِ
غرّاء تستلب القَبولَ كأنّما / جاءَتْ تبشّرُ صادياً بالمورِدِ
وَاِسلَمْ أميرَ المؤمنين مزَوَّداً / نعماءَ موفور الحياةِ مخَلّدِ
تفنى القرونُ وطودُ ملكك راسخٌ / في خير منزلةٍ وأشرفِ مقعدِ
تكشّفَ ظلُّ العَتْبِ عن غُرّةِ العهدِ
تكشّفَ ظلُّ العَتْبِ عن غُرّةِ العهدِ / وَأَعدى اِقتِرابُ الوصلِ مِنّا على البُعدِ
تجنّبني من لستُ عن بعضِ هجرهِ / صفوحاً ولا في قسوةٍ منه بالجَلْدِ
نَضَتْهُ يدُ الإعتابِ عمّا سَخِطتُهُ / كما ينتضى العضبُ الجُرازُ من الغِمْدِ
وكنتُ على ما جرّه الهجرُ مُمسِكاً / بحبلِ وفاءٍ غير منفصم العَقْدِ
أمينَ نواحي السِّرِّ لم تَسْرِ غَدرَةٌ / ببالِي ولم أحفِلْ بداعيةِ الصَّدِّ
تَلينُ على مسِّ الإخاء مَضاربي / وإنْ كنتُ في الأقوام مُستخشنَ الحدِّ
وَلَمَّا اِستمرَّ البين في عُدَوائِهِ / تَغوّل عَفوي أو ترقّى إلى جُهدِي
أُصاحبُ حسنَ الظنِّ والشكُّ مُقبلٌ / بِوَجهي إِلى حيثُ اِسترثّتْ عُرا الوُدِّ
إِذا اِتّسَعَتْ في خُطِّةِ الصدّ فِكرتي / تجلَّلني همٌّ يضيق به جِلدِي
وَإِن ناكرتِي خلَّةٌ من خِلالِهِ / تعرّض قلبي يَفتَديها منَ الحِقْدِ
تخال رجالٌ ما رأوا لضلالةٍ / ولنْ تُستَشَفَّ الشمسُ بالأعينِ الرُّمدِ
وكم مُظهرٍ سِيما الودادِ يرونَه / حميداً وما يُخفي بعيدٌ من الحمدِ
وحوشيتُ أنْ ألقاك سبطاً بظاهري / وَأن كنتُ مطويّاً على باطنٍ جَعْدِ
إذا تَركتْ يُمنى يديك تعلُّقِي / فيا ليتَ شعرِي مَنْ تمسَّكُ مِنْ بعدي
إياباً فلم نُشرِفْ على غايةِ النّوى / ولم تَنْأَ كلَّ النأْيَ عن سَنَنِ القصْدِ
فَللدرّ نَثرٌ لَيس يُدفع حُسنُهُ / وليس كما ضمّتْهُ ناحيةُ العِقْدِ
وَلَو لَم يلاقِ القَدْحُ زنداً بمثلِهِ / كَما اِنبَعثت شُهبُ الشّرارِ من الزَّنْدِ
وَقد غاضَ سخطاناً فَهل من صبابةٍ / برأيك إنّي قد تصرّم ما عندِي
هَلُمَّ نُعِدْ صفوَ الودادِ كَما بدا / إعادةَ مَنْ لم يلفِ عن ذاك من بُدِّ
ونَغتَنِمُ الأيّامَ وَهْيَ طوائشٌ / تؤاتي بلا قصدٍ وتأبى بلا عَمْدِ
وَمثلُكَ أَهدى أنْ يعادَ إلى الهُدى / وأَرشدُ أنْ ينحازَ عن جهةِ القَصْدِ
ما خامر الرّزقُ قلبي قبل فَجْأتِهِ
ما خامر الرّزقُ قلبي قبل فَجْأتِهِ / ولا بسطتُ له في النائباتِ يدي
كم قد ترادفَ لم أحفِلْ زيادَتَهُ / ولو تجاوزني ما فتَّ في عَضُدِي
إن أسْخَطِ الأمرَ أُدركْ عنه مُضطَرَباً / وإِنْ أُرِدْ بَدَلاً من مذهبٍ أجِدِ
قَد هَوَيناهُ ناقِضاً للعُهودِ
قَد هَوَيناهُ ناقِضاً للعُهودِ / وَضَنيناً بِالوعدِ والموعودِ
وَرَضينا ما كانَ منهُ وَإِنْ أرْ / مَضَنا من تجنّبٍ وصُدودِ
يَمطُلُ الشيءَ في يديهِ وزادَ الْ / مَطلَ لؤماً أنْ كان بالمَوجودِ
يا خَليليَّ وَالرّكائبُ يطلُعْ / نَ بنا من تهائمٍ ونُجُودِ
وقفةً في زَرودَ فالقلبُ يهوى / منكمُ وقفةً بحَبْلَيْ زَرودِ
فزَرودٌ ممّا أودُّ وإن كا / ن إلى الرّكبِ ليس بالمودودِ
وهناكَ الغرامُ أضحى وإنْ أو / دى زرُودٌ وأهلُهُ غيرُ مودِ
وظِباءٌ غَنِينَ بالنّظمِ في المي / سَمِ عن نظمِ لؤلُؤٍ في عقودِ
وبِحَلْيٍ قد صاغَه اللهُ في اللَّب / باتِ والجيد عن حُلِيِّ الجِيدِ
قلن لمّا رأينَ وخْطاً من الشّي / بِ برأسِي أعيا على مَجهودِي
كسَنا بارِقٍ تعرّض وَهْناً / في حواشِي بعضِ اللّيالِي السُّودِ
أبياضٌ مُجَدَّدٌ في سوادٍ / كان قدماً لا مرحباً بالجديدِ
يا لحاكنَّ مِنْ رماكُنَّ بالحُس / نِ لِتَقْهرنَنا بغيرِ جنودِ
ليس بيضِي مَنِّي فأجري عليهن / نَ صدوداً وليس مِنكنّ سودِي
قلّما ضرّكنّ من شَعَرَاتٍ / كنَّ يوماً على الوَقارِ شُهودِي
لبهاءِ الملوكِ والدّين والدَّوْ / لة شكرِي والفَرْطُ من تمجيدِي
وَبِأيّامه السَّعيدةِ أعطي / تُ لواءَ التّعديل والتّوحيدِ
وبجَدٍّ منه أروح وأحرا / رُ المعانِي وإنْ غَمِضْنَ عبيدِي
كُنتُ قبلَ اِصطِناعهِ أَنظرُ الدّن / يا عُزوفاً وعِفَّةً من بعيدِ
فَأَتاني منهُ كَريمٌ تَولّى / مَدَّ ضَبْعِي حتّى أقامَ قعودِي
ودعانِي ولو سواه دعانِي / ما رآنِي إلّا بعيدَ الهُجودِ
قد أتتنِي نُعماك يا مالكَ النا / سِ على أَنّنِي بِمَرمى البعيدِ
غافلاً عن مواهبٍ منك وافي / ن فحلَّينَنِي وقلّدْنَ جِيدِي
جِئْن عفواً من غيرِ كدٍّ وما نَيْ / لُكَ فينا بالنّائلِ المكدودِ
لقبٌ كنتُ قبله كاليمانيِّ / قد أتى عارياً بغير بُرودِ
أَو كَدَعوى صِدْقٍ أضرُّ بها عن / دَ أَلَدٍّ أنْ لم تكنْ بشهودِ
وإذا كنتُ مرتضىً عند مَلْكِ النّا / سِ طُرّاً فمن يكون نديدي
بعد ما كنتُ ثاوياً في أُناسٍ / أرْتعي منهمُ جَميمَ الحقودِ
نَشدوا الحالَ حيثُ ساءَ فإن كا / ن جميلاً فليس بالمنشودِ
أنَا نَصْلٌ سَلَلْتَهُ لأعادي / كَ وكم ذا سللتَ من مغمودِ
وَبِتَشريفك الّذي يرفع النّا / ظرَ ما بان سيّدٌ من مسودِ
أيُّ عزٍّ بحيثُ أنت لمن يم / تارُ عزّاً وأيُّ مَغْنى وفودِ
وإذا زارَهُ العُفاةُ أصابو / هُ مَرادَ النّدى ومَحْنى العودِ
والمحلَّ الّذي به نَظَمَ الل / هُ من الملك كلَّ شملٍ بَديدِ
قَد رَأَينا الّذينَ عاصوكَ بِالأَمْ / سِ وحادوا عن ظلِّكَ الممدودِ
بَينَ عانٍ في القيدِ غير طليقٍ / وقَتيلٍ بالسّيفِ غير شهيدِ
وشريدٍ يوَدُّ أنّ الرّدى صُب / بَ عليه في فَيلقٍ من حَديدِ
أَشِبٍ بالقنا يُخالُ وأبنا / ءُ المنايا فيه عرينُ أُسودِ
وَرِجالٍ لا يحفِلون إذا ما / رَئموا الضّيمَ حَفْلةً بالوعيدِ
كَصلالِ الرِّمالِ أَو كَذئابِ ال / قاعِ رُقشاً هَبَبْنَ بعد رُكودِ
كلِّ مُسترسلٍ إلى القِرْنِ ثَبْتٍ / للمنايا كالصَّخرةِ الصَّيخودِ
مُنْتَمٍ إنْ لَزَزْتَهُ عند جرثو / مَةِ فَخرٍ منها إِلى خيرِ عودِ
لا اِقتَرَبْنا إلّا إِليكَ ولا زُرْ / ناك إلّا عن سَيْبِكَ المورودِ
وَقَضى اللّهُ في عَطاياك منهُ / وعطاياك عندنا بالمزيدِ
ثُمّ نَادى في دارِ مُلْكك يادا / رُ أقيمِي محروسةً لا تبيدِي
وَمِنَ الآنِ فَاِستَمعْ لِنِدائي / بأياديك كلَّ بيتٍ شَرودِ
عَبِقٍ بِالقَبولِ ما كان عن حَب / بِ قلوبِ الرّجالِ بالمطرودِ
وَإِذا لَم يَكُنْ إِلى بابِك المَع / مورِ قَصدِي لعائقٍ فَقَصيدي
يا طَيفُ أَلّا زُرتَنا بِسَوادِ
يا طَيفُ أَلّا زُرتَنا بِسَوادِ / لَمّا تَصرّعنا حِيالَ الوادي
ما كان ضرّك والوُشاة بمعزِلٍ / عنّا جميعاً لو طرقتَ وِسادِي
والرّيُّ فيك وقد صَدَدْتَ فقل لنا / مَنّاً عَلَينا كيفَ ينقعُ صادِ
وَمن أَجلِ أنّكَ تَسْتَبينُ على الكرى / أهوى الرُّقادَ ولاتَ حين رُقادِ
والحبُّ داءٌ في القلوبِ سَقامُهُ / خافٍ على الرُّقباءِ والعُوّادِ
يا زورةً مِن باخلٍ بلقائِهِ / عَجِلَتْ عطيّتُهُ على الميعادِ
تَرك البياضَ لآمنٍ وَأَتى بهِ / فَرَقَ الوِشايةِ في ثيابِ حدادِ
وَلَقد طَرقتُ الخِدْرَ فيه عقائلٌ / ما قِلْنَ إلّا في ضَمير فؤادِي
لَمّا وَرَدتُ خِيامَهنّ سَقَيننِي / مِن كُلِّ مَعسولِ الرُّضاب بُرادِ
وَمُخضّبِ الأطرافِ صَدّ بِوجههِ / لَمّا رَأى شَيبِي مكانَ سوادي
وَالغانِياتُ لذِي الشّباب حبائبٌ / وإذا المشيبُ دنا فهنّ أعادِ
شَعَرٌ تبدّل لونُهُ فتبدّلتْ / فيه القلوبُ شناءَةً بودادِ
لَم تَجنِهِ إلّا الهمومُ بِمَفْرقي / ويُخالُ جاءَ بهِ معَ الميلادِ
وَلَقَد تكلّفنِي الوشاةُ وأَفرجوا / عن جامحٍ متصاممٍ متمادِ
يَلحى العذولُ وتلكَ منهُ سَفاهةٌ / وَفُؤادُه في الحبِّ غيرُ فؤادِي
حَتّى كَأنَّ لَهُ صَلاحِي في الهَوى / دون الخلائقِ أو عليه فسادِي
مَن مبلغٌ ملكَ الملوكِ رسالةً / مِنْ رائحٍ بثنائِه أو غادِ
كم زارني وأنا البعيدُ عن النّدى / مِنْ سَيْبِ كفّكِ مِن لُهاً وأيادِ
عَفواً كما اِنخَرقتْ شآبيبُ الحَيا / مِن غير إبراقٍ ولا إرعادِ
نِعَمٌ غلبنَ على المزيدِ فما ترى / طمعاً يجاوزهنّ للمزدادِ
لمّا كَثُرنَ عليَّ منك تبرّعاً / وتفخّراً كثّرنَ مِن حُسَّادِي
كنتُ المشمِّرَ قبلها ولَبِستُها / فَمشيت فيها ساحباً أبرادِي
مُتأطّراً أَشَراً كزعزعةِ الصّبا / أفنانَ فرعِ الأيكةِ الميّادِ
وَلأنتَ يا ملك الوَرى في معشرٍ / طالوا مدى الأنجادِ والأمجادِ
فاتوا الأنامَ وحلّقوا في شاهقٍ / عالٍ على الأعلامِ والأطوادِ
لا يتركون ذُرى الأسرّة عزّةً / إِلّا إِذا رَكبوا ظهورَ جيادِ
قَومٌ إِذا اِشتَجَر القنا ورأيتهُ / كالغابِ كانوا فيه كالآسادِ
وإذا مضتْ عَرَضاً أحاديثُ الوغى / قَلِقَتْ سيوفُهمُ من الأغمادِ
الضارِبينَ القرنَ وهو مصمِّمٌ / بصوارمٍ بيضِ المتونِ حِدادِ
وَالحاطِمينَ غَداة كلِّ كريهةٍ / في الدّارعينَ صدورَ كلِّ صِعادِ
وَالراسِخينَ وَهَضْبُ يَذْبُلَ طائشٌ / والمُقفِرين مكامن الأحقادِ
وَتَراهُمُ كَرَماً خلالَ نَعيمهمْ / مُتَنصّتين إلى غياثِ منادِ
سَعدَتْ بِطالِعكمْ وَبارك ربّكمْ / فيما حوى واديكُمُ من وادِ
فَفناؤهُ مَجْنى المَكارمِ واللُّها / وَمجاثمُ الطُلّابِ والرّوّادِ
للّهِ درُّك نَصْبَ عورةِ حادِثٍ / حَدِباً ترامِي دونها وتُرادِي
وَالخَيلُ دامِيةُ الجلودِ كأنّما / لُطِخَتْ على أجسادها بجِسادِ
في ظهرِ رَوْعاءِ الفؤادِ كأنّها / نجمٌ تهوّر أو شرارُ زِنادِ
وَالقَومُ أعناقٌ بغيرِ كواهلٍ / حُصِدَتْ وأجسامٌ بغير هوادِ
أَمّا القلوبُ فهنَّ فيك أصادِقٌ / وَلِمَن سِواك مُصادقٌ ومُعادِ
ألَّفْتَهُنَّ على النّدى فَتألّفتْ / بدَداً على الإثناءِ والإِحمادِ
وأنَا الّذي واليتُ فيك مدائحاً / كالشّمسِ طالعةً بغير بلادِ
يَتَرنّم الخالِي بهنّ وربّما / وَنَتِ الرِّكابُ فكنَّ حَدْوَ الحادِي
يا لَيتَهنّ عُرِضنَ عندك مِن يدِي / وسُمِعنَ حين سُمِعنَ مِن إنشادِي
فَاِمننْ بِتقريبٍ إليك أفُز بهِ / يا مالكَ التّقريبِ والإِبعادِ
فالحظّ عندك عصمتِي ووثيقتِي / والرّأيُ منك ذخيرتِي وعَتادِي
وأحقُّ بالإدْناءِ من حُجُراتكمْ / كَلِفٌ يوالِي فيكُمُ ويعادِي
أنتمْ ملاذِي في الخطوبِ وأنتُمُ / إنْ زلّ بالمكروه منه عِمادِي
أوسعتُمُ لمّا نزلتُ بكمْ يدِي / وأطبْتُمُ لمّا أضفتمْ زادِي
وأريتمونِي بالمكارِم أنَّنِي / لم أدرِ كيف خلائقُ الأجوادِ
سَبَلٌ من الآباءِ لمّا غُيّبوا / في الأرض عنه أقامَ في الأولادِ
فاِسلَمْ لَنا ملكَ الملوكِ وَلَم تَزلْ / تبقى على الدّنيا بغير نَفَادِ
وَاِسعَدْ بِنيروزٍ أَتاك مُبشِّراً / ببلوغِ كلِّ محبّةٍ ومُرادِ
يَمضِي وَيَأتيكَ الزّمان بمثلهِ / أبداً يلفّ مراوحاً بمغادِ
لا رابَنا فيك الزّمانُ ولم تزلْ / يفديك مِنّا كلَّ يومٍ فادِ
في عزِّ مُلكٍ كالثّريّا مُرتقىً / شَثِنِ المرائِرِ ثابتِ الأوتادِ
إنْ كنتَ بالعفوِ ليس تعذُرنا
إنْ كنتَ بالعفوِ ليس تعذُرنا / فلا اِعتذارٌ مِنّا إلى أحَدِ
والعبدُ علماً بحلمِ سيّدِهِ / يُذنِبُ عمداً وغيرَ مُعتمِدِ
ما حُجّتِي عُدّتِي لكن تغا / ضيك عن المذنبين من عُددِي
يا راكباً بلّغِ السّلامَ إذا / شُمتَ خياماً شطّتْ على بُعُدِ
وقلْ لفخرِ الملوكِ قاطبةً / مِنْ والدٍ قد مضى ومن ولَدِ
ومن حباهُ الإِله منزلةً / كم طلبوها فلم تُنَلْ بيدِ
عبدُكَ جَلْدٌ على الخطوبِ ومُذْ / نأَيْتَ عنه أضحى بلا جَلَدِ
يُطرِقُ مستوحشاً لما فاته / منك وما بالأجفانِ من رَمَدِ
قد سار قلبِي لمّا ارتحلتَ وما / خانَ وإن كان خانه جَسَدِي
إنِّيَ يا ذا الجلالتين وقد / خُلّفتُ عنكمْ كُرْهاً ولم أرِدِ
كخائفٍ في بلادِ مَضْيَعَةٍ / مستترٍ بالظّلامِ منفردِ
أو حاملٍ والظّماءُ يُحرقُهُ / بعد مَعينِ عَذْب على ثَمَدِ
يا كَثَبِي منه عُدْ عليَّ ويا / بُعْدِي باللّهِ قطُّ لا تَعُدِ
وقُلْ لحسّاد ما خُصصتُ بهِ / ردّوا زمانِي وَاِستَأنفوا حَسَدِي
وَاِبقَ لَنا في ظِلالِ مَملكةٍ / أَعزَّ عزّاً مِن جانبِ الأسدِ
وَليهنِك المِهْرَجانُ متَّئداً / بما ترجّى وغير متّئِدِ
يَمضِي وَيَأتِي منه لنا خَلَفٌ / وأنتَ باقٍ لنا على الأبَدِ
وَعَن قليلٍ أَزورُ مِن بَلَدِي / دارَك معمورةً على بَلَدِ
وَلَيسَ يَحتاج في الوصولِ إلى / آمِدَ مفتوحةً إلى أمَدِ
ألا يا أيّها الحادي
ألا يا أيّها الحادي / قفِ العِيسَ على الوادي
قفِ العِيسِ ففي كفّ / كَ إسعافِي وإسعادِي
وفي الأظعانِ أبّاءٌ / علينا غيرُ مُنقادِ
كثيبٌ غيرُ مُنهالٍ / وغُصنٌ غيرُ ميّادِ
وَفرعٌ أجعدُ الشّعرِ / ولكنْ أيُّ إجعادِ
يُرامينِي فأشويهِ / ولا يرضى بإقصادِي
أَلا قولوا لِمَنْ يَملِ / كِ تقريبِي وإبعادِي
ومَنْ لو شاء يومَ الجِزْ / عِ ما ضنّ بميعادِي
ومَنْ يُبدلُ إصلاحِ / يَ في الحبِّ بإفسادِي
متى ينقعُ من ريقِ / كَ إنْ جُدتَ به صادِي
أَبِنْ لِي هل على الجَرْعا / ءِ في أهلك من غادِ
وَهَلْ زالَتْ خيامُ الحَي / يِ عن أحْقافِ أعقادِ
وهلْ مُحَّتْ رُباً كنتُ / بها أسحبُ أبرادِي
وأينَ الطّيف من ظَميْا / ءَ أمسى وهو معتادِي
جفا صبُحاً ووافانِي / صريعاً بين رقّادي
وأعناقُ المطايا مِنْ / كلالٍ بين إعضادِ
تلاقينا بأرواحٍ / وفارقنا بأجسادِ
ولوّامٍ يُرينِي الغِش / شَ في مَعْرِضِ إرشادِ
وقد لامَ ولكنْ لي / سَ يعدو عن هوى عادِ
دعِ العذلَ فغيرُ العذْ / لِ أضحى وهو مُقتادِي
وغبراءٍ كظهرِ التُّرْ / سِ أكّالةِ أزوادِ
وَساريها يَبيع الغم / ضَ مغبوناً بتَسْهادٍ
وللرّيحِ بها أنٌّ / حكى غَمغَمَةَ الشادِي
كأنّ الرَّبْعَ والخِرِّي / تَ يهديهمْ بلا هادِ
تعسّفتُ بوجّافٍ / على الإعياءِ وخّادِ
كَهَيقِ الدَّوِّ لولا وض / عُ أنساعِي وأقتادِي
لِفَخرِ المُلك إنعامٌ / على الحاضرِ والبادي
وُجودٌ يَدَعُ الأجوا / دَ قِدْماً غيرَ أجوادِ
وأبوابٌ يُفتّحْن / لطُلّابٍ وقُصّادِ
وأموالٌ يُسَوَّقْنَ / إلى حاجةِ مُرْتادِ
فَتىً لا يركبُ الخُلْفَ / قرا وعْدٍ وإيعادِ
ولا يُرضيهِ في المأْزَ / قِ إلّا ضربةُ الهادِي
ولا يبذلُ للأضيا / فِ إلّا صفوةَ الزَّادِ
ولا يوردُ إلا العِد / دَ ممدوداً بأعدادِ
ولا يُزوى لدَى الهمّ / بأرْدامٍ وأسدادِ
إِذا لُذتَ به لُذْتَ / بِطَودٍ بين أطوادِ
وإن صُلتَ به صُلْت / بِلَيثٍ بين آسادِ
ويومٍ كمحلّ القِدْ / رِ حشّوهُ بإيقادِ
تراهُ أبداً يَضرِ / بُ أنجاداً بأنجادِ
تَسَرْبَلْتَ بنسجِ الطّع / نِ فيه ثوبَ فِرْصادِ
وأبدلت الظُّبا بالها / مِ أغماداً بأغمادِ
حِذاراً يا بني الإشفا / قِ ليثَ الغابةِ العادِي
ثوى الخِيسَ وإن كان / من القاع بمرصادِ
عزيز الطّعمِ ما كان / لخوّارٍ بمصطادِ
وَمَطويّاً كطَيِّ الم / رَسِ التفَّ على وادِ
له في كلِّ إشراقٍ / لديغٌ بين عُوّادِ
وَكَم مِنْ نِعَمٍ تُؤمٍ / له عندِي وأفرادِ
مُنيفاتٍ على الحاجِ / مَروقاتٍ عن العادِ
يُعارِضنَ سيولَ الما / ء إمداداً بإمدادِ
فقد طُلنَ مدَى شكرِي / وبرّحنَ بأحمادِي
أَأَنساكَ وَإِدْناؤ / ك يُعلينِيَ في النّادِي
وَتَخصيصي بِنَجواكَ / مِنَ القوِم وإفرادِي
وَإِخراجُك أَضغاني / من القلبِ وأحقادِي
وتكثيرُكَ بالنَّعْما / ءِ أعدائي وحُسّادِي
وَيَفديكَ منَ الأقوا / مِ سَيّارٌ بلا حادِ
أَبى الخيرَ فما يرتا / دُ إلّا شَرَّ مُرتادِ
وَمَن يأتِي إذا آتى / بإنزارٍ وإزهادِ
وَمَن يَهفو بإِصدارٍ / كما يهفو بإيرادِ
بأغلالٍ من العُرفِ / إذا سِيل وأقيادِ
أتمَّ اللَّهُ ما أعطا / كَ من عزٍّ ومن آدِ
وهُنّيتَ بنيروزِ / كَ هذا الرّائحِ الغادي
وعشْ حتّى تَمَلَّ العي / شَ عُمْراً غيرَ معتادِ
جرّعنِي حُبّه وباعدني
جرّعنِي حُبّه وباعدني / فلم أنلْ وصلَه ولم أكدِ
وزارني قبل أنْ تملّكنِي / فصرتُ عبداً له فلمْ يَعُدِ
يضحكُ عن لؤلؤٍ فإن يكن ال / لؤلؤ ذا صُفرةٍ فعَنْ بَرَدِ
ولستُ أرضى تشبيهَ لُقيَتِهِ / بساعةِ الأمنِ أو جنَى الشَّهَدِ
هَل هاجَ شَوقَك صوتُ الطائرِ الغَرِدِ
هَل هاجَ شَوقَك صوتُ الطائرِ الغَرِدِ / في الرّبعِ والرّبعُ عُريانٌ بلا أحدِ
غنّاك ما قلبُه شوقاً بُمكتئبٍ / وليس دمعٌ له حُزناً بمطّردِ
وربّما هاجَ أحزانَ الفؤادِ وما / يَدْرِي خليٌّ من الأشجانِ والكَمَدِ
أمّا الذين رَمَتْ عسفانَ عِيرُهُمُ / بكلِّ موَّارةٍ عَيرانةٍ أُجُدِ
ففي الفؤادِ على آثارهمْ جَزَعٌ / لا يستفيق وهمٌّ غيرُ مُفتقَدِ
حنّوا إليك وقد شطّ المزارُ بهمْ / كَأنّهمْ لم يَصدّوا عنك من صَدَدِ
قَد قلتُ لمّا لِقينا الظّعنَ سائرةً / ماذا يُفيد لِقَيناهُنَّ من غَيَدِ
مِن كلِّ موسومةٍ بالحسن بَهْكَنَةٍ / كَأنّما سُرِقتْ من جنّةِ الخُلدِ
مَن عاذِري في الغَواني غِبَّ مُنتشرٍ / من المشيبِ كنُوّار الضّحى بَدَدِ
وافى ولم يبغِ مِنّي أن أهيبَ به / وحلَّ مِنّيَ كرهاً حيث لم أُردِ
وَلَو جَنَتهُ يَدِي ما كنتُ طائعَها / لَكِنْ جَناهُ على فَوْدَيَّ غيرُ يدِي
دَعْ عنكَ كلَّ لئيمِ الطّبعِ مُبتذَلٍ / أذلَّ في عَرَصاتِ الدار من وَتدِ
إِنْ هَمَّ بِالخَيرِ عاقَتهُ عَوائقهُ / وإنْ مضى في طريق الحمدِ لم يَعُدِ
وَلا تُؤاخِ منَ الأقوامِ مُنطَوياً / على الضّغينةِ مملوءاً من الحسدِ
نَشواً منَ الغيِّ ما لم يَدرِهِ أبداً / ولا يمرّ بما يدري من الرُّشدِ
يا فَخرَ ملكِ بنِي العبّاس كلّهمُ / من والدٍ قد مضى منهمْ ومن وَلَدِ
وَمَن يَجود على ما في نَوافلِهِ / بالفخر والعزّ قبل الجود بالصَّفَدِ
للَّهِ درُّك تمرِي شَدَّ ناجيةٍ / هوجاءَ مرشوشةِ القُطرين بالنَّجَدِ
كَأنَّها وَكريم النّجْوِ يَحفِزها / إلى بلوغِ المدى سِيدٌ على جَدَدِ
وَفي يَديك لَعوبُ المتنِ مُبتَدرٌ / إلى تقنّصِ نفس الفارس النَّجِدِ
مثلُ الرّشاءِ ولكنْ لا قليبَ له / يَومَ الكريهةِ إلّا مُنحَنَى الكَبِدِ
ماذا يريبُ العِدى لا دَرّ دَرُّهمُ / مِن نازِحٍ عَن مَقامِ العَذْلِ والفَنَدِ
ما زالَ والظّمءُ يَستدعِي مكارِعَهُ / إِنْ فاتهُ العدُّ لم يوردْ على ثَمَدِ
كَم ذا لكفّكِ مِن آثارِ مكرُمةٍ / في غُنمِ مفتقرٍ أو فكِّ مُضطَهَدِ
قلائدٌ مثلُ أطواقِ الحمامِ لنا / تبيدُ أُخرى اللّيالِي وهْيَ لم تَبِدِ
وَحاطَها وهيَ بالبيداءِ مُصحِرَةٌ / لأخذِ مستَلَبٍ أو لَقْمِ مُزدَرَدِ
مِن بعدِ ما غابَ عَنها كلُّ منتصرٍ / فمنْ جنى فبِلا عقْلٍ ولا قَوَدِ
وَجُبتَ أَعداءَها عَنها فَلو طلبتْ / لها عدوّاً طِوالَ الدّهرِ لم تَجِدِ
حَتّى اِستَقرّتْ وقد كانتْ مُقَلْقَلةً / تُساق من بلدٍ ناءٍ إلى بلدِ
لَولا مَكانُك كانَتْ يَومَ بَطشَتها / بِلا ذراعٍ ولا كفٍّ ولا عَضُدِ
مَنْ كان غيركَ والرُّعيانُ قد هجموا / يَضُمُّ أرجاءَ تلك الثلَّةِ الشُّرُدِ
ومَنْ يدُلّ وقد ضلّتْ حلومُهُمُ / عن السَّدادِ إلى شيءٍ من السَّدَدِ
فالآن أصبح ما قد كان مُنتَهَكاً / ذُؤابةَ النّيقِ أو عرّيسةِ الأسدِ
لا فاتَنا لكَ دَهرٌ لا تزال بهِ / وَلا اِنتَهيتَ منَ الدّنيا إِلى أمَدِ
وَضَلَّ عنّا الّذي نَخشى ولا نَضُبتْ / هذي الغضارةُ عن أيّامنا الجُدُدِ
وَعادَك العيدُ أَعواماً متى حُصرتْ / بِالعدِّ كانتْ بلا حَصرٍ ولا عددِ
في ظِلِّ مَملكةٍ تبلى الصُّخورُ على / طولِ المدى وهْيَ لا تبلى على الأمَدِ
إلامَ أرامِي في المُنى وأُرادِي
إلامَ أرامِي في المُنى وأُرادِي / وحشو صلاحِي في الزّمان فسادِي
وفجعِي بما نالتْ يداي موكّلٌ / فما سرّنِي أنّي بلغتُ مرادِي
فكم من مصيباتٍ إذا لم يُصبنَنِي / رواحاً وإمساءً فهنّ غوادِ
كأنّ جوادِي يومَ يطلبنِي الرّدى / ولا ناصرٌ لِي منه غيرُ جوادِ
ولا وَزَرٌ منه بزُرقِ أسنّتِي / ولا بيض أسيافي وسُمرِ صِعادِي
أفي كلّ يومٍ يقرع الموتُ مَرْوَتِي / ويُضرمُ أحشائي بِغَيرِ زنادِ
فيا أسهماً يمضين حول جوانبِي / لرامِي الرّدى أنّى يُصبْنَ فؤادِي
فرُزْءٌ على رُزءٍ وفجعٌ يُبيتنِي / على حَرِّ جمرٍ أو فِراشِ قَتادِ
وَهَل طَمَعِي في العيشِ إلّا جَهالةٌ / وفي كفّ روّادِ الحِمامِ قيادِي
يُسارُ بنا في كلِّ يومٍ وليلةٍ / إِلى حُفَرٍ تُطوى لنا بوهادِ
وما نافِعِي في هذه الدَّار مرّةً / بناءُ أهاضيبي ورفعُ عِمادِي
فَيا قُربَ بين الفقرِ فيها مِنَ الغِنى / وَبينَ اِزدِراعِي تارةً وحصادِي
وَما إِنْ وَفى غيثُ الرّدى في أصادقِي / بأنْ عَلِقَتْ يمناهُ لِي بأعادِ
وَمَن كانَ يُردي ذا حذارٍ وفطنةٍ / فماذا ملامُ المهمِل المتمادِي
سَلِ الدّهرَ عن سادات لَخْمٍ وحِمْيَرٍ / وأبناءِ نَهْدٍ بعدهمْ ومُرادِ
وَهَل بَقيتْ للعين والقلبِ بهجةٌ / بهوجِ اللّيالِي في ديارِ إيادِ
وَهَل تَرَكتْ أَيدي الرّدى مِن مُخبّرٍ / لآلِ نِزارٍ كلَّ يومِ تَنادِ
وَلَو كنتُ مَوعوظاً بِشيءِ عَرفته / يُقلِّلُ حِرصِي لاِتَّعظتُ بعادِ
مَضوا بعدَ أَن كانوا يُظنّ بقاؤهم / يكون على الدّنيا بغير نفادِ
وقد قلّدوا الأعناقَ منَّا وأترعوا / بطون الّليالي من لُهاً وأيادِ
فَيا هبةَ اللَّهِ اِرتُجعتَ إلى الرّدى / وقد كنت في فضلٍ ذُبالةَ نادِ
وما زلتَ خرّاجاً عن الغيّ والهوى / مَدَى الدّهرِ ولّاجاً لكلِّ رشادِ
وَكُنتَ لِعَينِي ثمّ قلبِي سوادَه / وليس بياضٌ فيهما كسوادِ
فَواللَّهِ ما أَدرِي أغال نعيُّهُ / رُقادِيَ حُزْناً أم أطارَ فؤادِي
على أنّه ذرّ الأسى في جوانحِي / وَأَودعَ منّي في الجفونِ سُهادِي
وما ضرّنِي والنّومُ ليس يزورنِي / دجىً وضحىً أنِّي بغير وِسادِ
فإنْ لم أعِرْ جسمِي عليك حِدادَه / فَقلبِيَ حزناً في ثيابِ حِدادِ
وَللَّهِ خَطبٌ زارني بعد هجعةٍ / فحرّم في عينَيَّ طعمَ رُقادِي
وَشرّد عنّي باِصطِبارٍ عهدتُه / وَأَحرج حَيزومِي وأضعف آدِي
وَعَرّف ما بينِي وَبيَن بلابلٍ / عمرتُ وما يمررن لِي ببلادِ
كَأنّي قَضيضُ الجنبِ حزناً ولوعةً / وفَرشي مهيداتٍ بغير مهادِ
ويا ليتني لمّا ثكلتُك لم أكن / جعلتك من سكّانِ دار ودادِي
وليتك لم تحلُلْ رِكابُك عَقْوَتِي / تُراوِحها صبّاً بِها وَتغادِي
وَما بَينَ قُربٍ وَاِشتِياقٍ عهدتُه / حَوَتْ أضلُعِي فرقٌ وبين بعادِي
سَقى اللَّهُ مَيْتاً لا يُرجّى إيابُه / وَحلَّ عليه رَبْطَ كلِّ مَزادِ
وَجادَ عليهِ كلُّ أسحمَ مسبلٍ / بعَذْبٍ صقيلِ الطُّرتين بُرادِ
لَهُ مِن وَميضِ البرقِ ثوبٌ مَعَصْفَرٌ / وَمِن رَعدِه وهناً زماجرُ حادِ
وَلا زالَتِ الأنواءُ يسقين تُربَه / إذا رائحٌ ولّى تصوّب غادِ
بلا موعدٍ تَخشى له النَّفس خُلفةً / وَخَيرُ اللُّها ما لم تكنْ بوعادِ
هلِ الدَّار تدري ما أثارتْ من الوجدِ
هلِ الدَّار تدري ما أثارتْ من الوجدِ / عشيّة عنّتْ للنّواظرِ من بُعْدِ
بَكيتُ ولولا نظرةٌ بمحجّرٍ / إلى الدّار لم تجرِ الدّموعُ على خدِّي
أيا صاحِ لولا أنّ دمعِيَ لم يَطِحْ / وقد لاح رسمُ الحيِّ لم تدرِ ما عندي
كتمتُك وجدِي طولَ ما أنت صاحبي / فنادتْ دموعُ العين منّي على وجدِي
ولمّا أقرّ الدّمعُ بان لك الهوى / فلم يُغنِ إنكاري الغرامَ ولا جحدِي
تذكّرتُ نجداً بعد ما غُرتُ موهِناً / وَأَينَ اِمرُءٌ بالغَوْرِ من ساكنِي نجدِ
وَأَذكرني شبهَ القضيبِ ونحنُ في / ظُهورِ مَطايانا قضيبٌ من الرّندِ
وَمُعتجراتٍ بالجمال كأنّما / بَسَمْنَ إذا يَبسِمن عن لؤلؤِ العِقدِ
لهنّ صباحٌ من وجوهٍ منيرةٍ / تخلّلها ليلٌ من الفاحِمِ الجَعْدِ
غلبن على ودّي ولولا محاسنٌ / جلون علينا ما غلبن على ودّي
وشرخ شبابٍ كنت أحقر فضله / إلى أن مضى والضدُّ يُعرف بالضدِّ
أمنتُ به بين الغوانِي وظلُّهُ / عليَّ مقيمٌ من بعادٍ ومن صدِّ
وقد قلتُ لمّا ضقتُ ذَرعاً بخُطّةٍ / شَموسِ القَرَا أين الوزير أبو سعدِ
فَتىً كانَ درعِي يوم تَحصبنِي العدى / ويوم ضرابِي للطُّلى موضعَ الزّندِ
وَما جِئتُه وَالرشدُ عنّي بمعزِلٍ / فَأَطلعنِي إلّا عَلى ذرْوَةِ الرّشدِ
وَكَم لكَ فيما بَيننا مِن مَواقفٍ / تسلّمتَ فيها رِبْقَةَ الحمدِ والمجدِ
فَبالسّيفِ طَوراً تولج النَّاسَ للهدى / وطوراً بأسباب التكرّمِ والرّفدِ
وَأَنتَ حَميتَ المُلكَ مِن كلِّ طالِعٍ / عَليهِ كَما تُحمى العرينةُ بالأسدِ
عَلى كلّ مطواعٍ إذا سُمتَه رَدى / وإن لم تَسُمه جَرْيَه فهو لا يردِي
كأنَّك منهُ فوقَ غاربِ عاصفٍ / منَ الرّيح أَو في ظهرِ هَيقٍ من الرُّبْدِ
وَما لِسفاهٍ بلْ لفَرْطِ شجاعةٍ / نزعتَ جلابيبَ المضاعفةِ السَّرْدِ
كَأنّك مِن بَأسٍ لَبِستَ قميصَه / لدَى الرَّوعِ في حَشْدٍ وما أنتَ في حَشْدِ
وَما لَكَ في هَزْلٍ معاجٌ وإِنّما / أتيتَ كما يؤتَى الرّجال من الجدِّ
ولم يُبقِ حِلمٌ أنتَ مالكُ رِقِّهِ / بِقَلبكَ بعدَ الصَّفحِ شيئاً من الحِقدِ
فَيا نازِحاً عنِّي وما لِيَ بعدَه / على جَوْرِ أيّامٍ إذا جُرنَ من مُعدِ
أما آن للقربِ الّذي كان بيننا / فولّى حميداً أنْ يُدالَ من البُعدِ
ولم تكُ دارٌ أنتَ فيها بعيدةً / ولكنّنِي بالعذرِ في حَلَقِ القِدِّ
وَما أَنا إلّا سائرٌ كلَّ طُرقةٍ / إليك على عُرْيِ المطهّمَةِ الجُرْدِ
فكم وطنٍ بالوُدِّ مِنِّي سكنتُه / وإنْ لم أُجرّرْ في جوانِبِه بُرْدِي
بقلبِيَ كَلْمٌ من فراقك مؤلمٌ / وكم بالفتى كَلْمٌ وما حزّ بالجِلدِ
ودمعِي على ما فاتنِي منك قاطِرٌ / كأنِّيَ دون النَّاسِ فارقتنِي وَحدي
سقَى اللَّهُ أيّاماً مَضين وأنت بِي / حَفيٌّ قريبُ المُلتَقى سَبِلُ الرّعدِ
لهنَّ بقلبِي عَبْقَةٌ أرَجِيَّةٌ / تبرّحُ بالنّفْحاتِ من عنبرِ الهِندِ
وقد حال فينا كلُّ شيءٍ عهدتُه / فلم يبقَ محفوظاً عليك سوى عهدِي
ولولا هَناةٌ كنتُ أقربَ منزِلاً / وما كلُّ سرٍّ في جوانحنا نُبدِي
فإنْ تَنْأَ فالعيّوقُ ناءٍ وإنْ تَغِبْ / فقد غابَ عنّا بُرهةً كوكبُ السّعدِ
وَلا خيرَ في وادٍ وأنت بغيرهِ / وما العيشُ مطلولاً خلافك بالرّغدِ
وإنِّيَ مغمودٌ وإِنْ كنتُ باتِراً / ولا بُدّ يوماً أن أُجرَّدَ من غِمدِي
فَإِن كُنتَ يوماً لَستَ تَرضى ضريبةً / فإنّك ترضى بالضريبةِ عن حَدّي
لَحَى اللَّهُ أَبناءَ الزمانِ فإِنّهمْ / بِتَيْهاءَ لا تدنو ضَلالاً عن القَصدِ
وَلَم يُرَ إلّا الهَزْلُ يَنفُقُ عندهمْ / فمن يشتري منِّي إذا بعتُه جِدّي
وَمُختَلطاً فيه الذّوائبُ كالشَّوى / وحُرُّهُمُ مِن لبسةِ الذُلِّ كالعبدِ
وكم فيهمُ للجهلِ ميتٌ وربّما / يَموت اِمرُءٌ لم يطوِه القومُ في اللَّحْدِ
فيا ليتَ أدواءَ الزّمانِ الَّتي عَصتْ / وأعيتْ على كلِّ المداواةِ لا تُعدِي
وَلَيس وفاءٌ للجميل بموعدٍ / لَدَيَّ ويأتينِي القبيحُ بلا وَعْدِ
وكم لك عندي من حقوقٍ كثيرةٍ / أنَفْنَ على حصري وأعيا بِها عَدِّي
فإنْ فُتنَ حمدِي كثرةً وزيادةً / فللّهِ دَرُّ الفائتاتِ مدى حمدِي
وإنّي لمُهدٍ كلَّ يومٍ قصيدةً / إليك وما يُهدي الأنام كما أُهدِي
يَسيرُ بِها عنِّي الرُّواةُ وإنّها / لتَخدِي وما تخدِي الرُّواةُ كما تخدِي
من الكَلِمِ الباقي على الدّهرِ خالداً / وكم كَلِمٍ لم يُؤتَ شيئاً من الخُلدِ
هو الماءُ طوراً رِقّةً وسلاسةً / وطوراً إذا ما شئتَ كالحجرِ الصَّلْدِ
وَما قُدَّ إلّا مِن قلوبٍ أديمُهُ / فليس له فيهنَّ شيءٌ من الرّدِّ
فَخُذه رَسولاً نائباً عن زيارتي / فإنّ قصيدي فيك أنفعُ من قصدِي
وَدُم لِجَلالٍ لَستَ فيه مُشاركاً / وَبَذلِ النّدى في النّاسِ والحلِّ والعَقدِ
إنْ قَطَعتْني عِلّتِي عن قصدي
إنْ قَطَعتْني عِلّتِي عن قصدي / وصدّني الزّمانُ أيَّ صَدِّ
عن مِشيتي وَخَبَبِي وشدِّي / فإنّني لحاضرٌ بِوُدِّي
وبوفائي وبحسنِ عهدِي / سِيّانِ قربي معه وبُعدِي
قلْ لعميدِ الدّولةِ الأشدِّ / وَالمُعتلِي في هضباتِ المجدِ
والمشتري الغالي مدىً من حمدِ / من مالِهِ وجاهِهِ بالنّقْدِ
مُمضي عَطاياه بِغير وَعْدِ / كم لك من بحر فخارٍ عدِّ
يفوت إحصائي ويُعيي عَدِّي / حوشيتَ من مكرِ اللّيالي النُّكْدِ
ومن خصامِ النائباتِ اللُّدِّ / قد زارك الحولُ بكلِّ سَعدِ
وبالبقاءِ الواسعِ الممتدِّ / فَاِجرُرْ بهِ ما شئته من بُرْدِ
فوتَ الرّدى ممتّعاً بالخُلدِ / ثِقْ بِالإِلهِ المُتعالي الفَرْدِ
وَلا تَخفْ في مطلبٍ من ردِّ / ما لبنِي عبد الرّحيم الأُسدِ
من مُشبهٍ في سؤددٍ ومجدِ / خيرِ كهولٍ في الورى ومُرْدِ
وخير حرٍّ بيننا وعبدِ / فيهم هوى حَلّي وفيهمْ عَقدِي
إنْ ركبوا يوماً لداءٍ معدِ / رأيتَ جُرداً فوق خيلٍ جُردِ
متى أكن فيهمْ معيناً وحدِي / فلنْ ينالوا للعدى بحَشْدِ
ولا يجِدّون لديهمْ جِدِّي / غيرُ كلامي فيهمُ لا يُجدِي
وكلُّ زندٍ غير زندي يُكدِي / ما مسّهمْ فهْوَ إليَّ يُعدِي
وما فَراهمْ فهْوَ فارٍ جِلدي / ما لَهمُ واللَّه مِثلي بَعدِي
بِاللَّهِ يا أيّامَ يثربَ عودي
بِاللَّهِ يا أيّامَ يثربَ عودي / عودِي لبلِّ حُشاشةِ المعمودِ
ما كان أَنضرَ بينهنّ محاسنِي / في أعينٍ رُمُقٍ وأخضرَ عودِي
أيّام لم تحنِ النّوائبُ صَعْدَتِي / بمرورهنّ ولا لَوَين عمودي
كلّا وَلا عَبِثتْ بُيَيْضاتُ الرّدى / في مفرقي أو عارِضيَّ بسودِ
يا بُعدَ ما بيني وبين حبائبي / والشّيبُ في فَوْدَيَّ غيرُ بعيدِ
ولقد علمتُ وقد نُزعت شبيبتي / أنْ لا نصيبٌ في الظّباءِ الغِيدِ
قد كان لي سهمٌ سديدٌ في الدُّمى / لكنّه بالشّيب غيرُ سديدِ
قل للّتي ضنّتْ عليَّ بنظرةٍ / ذاتِ اللّمى واللّؤلؤِ المنضودِ
لِمْ تأسفين على المحبِّ بقُبلَةٍ / فكأنّ ثغراً منك غيرُ بَرودِ
خلّي القُطوبَ منَ الأسرّةِ وَاِكتَفِي / عن عقدهنّ بفرعك المعقودِ
أنتِ الطليقةُ في هواهُ فَاِعلمِي / وَتَحكّمي في الموثقِ المصفودِ
قد كنتُ جَلْداً في الهوى لكنّني / يَومَ الفراقِ عليهِ غيرُ جَليدِ
كَم في الهوادجِ من قضيبٍ مائسٍ / أو مُرتوٍ ماءَ الصِّبا أُمْلودِ
ما إِنْ دَرى ماذا إليهِ يَقودني / من حُبّهِ ويعودني من عيدِي
ما لِي وقد لفَّ الصَّباح خيامهمْ / غيرُ الزَّفير وأنّةِ المورودِ
ومماطِلٍ إنْ جاء يوماً وعدُه / غلطاً ومكراً ضنّ بالموعودِ
في جيده من حسنِه حَلْيٌ له / والحَلْيُ خيرٌ منه حسنُ الجيدِ
لي فُرقتان ففرقةٌ بيد النّوى / أو فرقةٌ لتجنّبٍ وصُدودِ
قلْ للذِي ساق الظّعائنَ ربّما / سوّقتَ قلبِي بين تلك البيدِ
ورميتَ في قلبِي وفي عينِي معاً / بالنّارِ ذاك وتلك بالتّسهيدِ
وإذا دموعِي يومَ سِلنَ شهدن بال / وجدِ المبرّح لم يُفدْكَ جُحودِي
ما ضرّ من يسرِي سُراه ووجهُه / خلفَ البدور على ليالٍ سودِ
في ليلةٍ بُرْدُ السّماء موشّحٌ / بنجومها والنجمُ كالعنقودِ
في كُلّ يومٍ تَستجدّ قطيعة / وجديدُ لؤمِ المرءِ غيرُ جديدِ
يا صاحبي فُزْ بالرّشادِ وخلِّنِي / فلقد رضيتُ أكون غيرَ رشيدِ
هَب لِي الملامَ عَلى الغَرام فإنّنِي / ملآن من عذلٍ ومن تفنيدِ
قمْ سلِّ قلبِي كيف شئتَ ولا ترُمْ / منه السُلوَّ عن النّساءِ الرُّودِ
لا تسألنِّي أنْ أعيشَ بلا هوىً / فيهنّ واِسأَلْ طارفِي وتليدِي
قَد كُنتَ جاري في شبيبة أَعصُرِي / فَكنِ المُجاور في الزّمان المودِي
وَاِمزُجْ صَفاءً قَد عَداك برَنْقِه / وَاِخلُطْ زَماناً ناعماً بشديدِ
ما إِنْ رَأيتُ وَلَم أَكن مسُتثنياً / في هَذهِ الأيّامِ من محمودِ
وَإِذا اِلتفَتّ إلى الذين ذخرتُهمْ / لشديدتي لم ألفِ غيرَ حسودِ
أَنا بَينَ خالٍ مِن جَميلٍ قلبُه / وَمِن القَبيحِ وَبَينَ كلّ حقودِ
وإذا صُددتُ عن المواردِ جمّةً / فمتى يكون وقد ظمئتُ ورودِي
لا بُلّغت عِيسِي مداها إن نحَتْ / غيرَ الكرامِ وقُيّدت بقيودِ
إن لم أثِرها كالقطا نحو العُلا / يطوين بالإرفادِ كلَّ صعيدِ
وتلفّ أيديها على طول الوَجا / لفّ الإزارِ تهائماً بنجودِ
لا تستفيق من الدُّؤوب وإنّما / يضربن بيداً في الفَلاةِ ببيدِ
فعرِيتُ في يوم الفخارِ على الورى / من فخر آبائي وفخر جدودي
قومٌ إِذا سَمِعوا بداعيةِ الوغى / طلعوا النّجادَ على الجيادِ القُودِ
لا يَعبأون إِذا الرّماحُ تشاجرتْ / يوماً بما نسجتْ يدا داوودِ
وَدِفاعُهمْ وَقِراعُهمْ أدراعهمْ / يومَ الوغى من طعنِ كلّ وريدِ
سادوا أَكابرَ قَومِ كلّ عشيرةٍ / من قبل قطعِ تمائم المَولودِ
فَإِذا سَرحتَ الطّرف بينَ بيوتهم / لَم تَلق غيرَ مُغبَّطٍ محسودٍ
وَأَنا الّذي أَطلقتُ أسْرَ سماحةٍ / في النّاسِ أو أنشرت مَيْتَ الجودِ
ما الفَرقُ إِنْ لَم أعطِ مالِيَ مُعدماً / ما بين إعدامِي وبين وجودِي
فَلَو اِنّ حاتِمَ طيّءٍ وقبيلَه / وَفَدوا عليَّ تعلّموا من جودِي
ما لِلرّجال إذا هُمُ حذورا سوى / حرمِي الأمينِ وظلِّيَ الممدودِ
لَم أتلُ قطّ مسرّةً بمضرّةٍ / فيهمْ ولا وعْداً لهمْ بوعيدِ
نَقضُ الجِبال الشُمِّ لا يُعيي وَقَد / أَعيا عَلى الأيّامِ نقضُ عهودِي
وَإِذا عَقدتُ فليسَ يَطمعُ طامعٌ / في أَن يحلَّ بِراحَتيهِ عقودِي
وَالحادِثاتُ إِذا طَرَقن فَلم أَكن / عَنهُنَّ نوّاماً ولا بهجودِ
إِنْ أُضحِ عَضباً فالقاً قِمَم العدى / فلربّ عضبٍ عِيق عن تجريدِ
لَيسَ الأسودُ وَإِن مُنِعنَ فرائساً / وَرَبضن في الغاباتِ غيرَ أسودِ
وَإِذا قعدتُ فسوف تبصرُ أعينٌ / منِّي قيامِي في خلال قعودِي
أنا مُلجَمٌ بالحزمِ عن قولي الّذي / لو قلته لأشَبْتُ كلَّ وليدِ
حتّى مَتى أَنا في ثيابِ إضامةٍ / أقرِي المناجِي زفرةَ المجهودِ
أُلوى عن الأوطانِ لا تدنو لها / كفّايَ لَيَّ الأرقم المطرودِ
وَأُذادُ عن وِرْدِي وَبي صدأٌ وكمْ / ظمآنِ قومٍ كان غيرَ مَذودِ
أبغِي الرّذاذ من الجَهام وتارةً / أرجو وأمرِي دَرَّ كلِّ جَدودِ
والخيلُ تعثر بالجماجم والطُّلى / مخضلّةً عن يابس الجُلمودِ
للّهِ دَرّكُمُ بنِي موسى وقد / صُدِمَ الحديدُ لدى وغىً بحديدِ
ما إِن تَرى إلّا صَريعاً هافياً / كَرَع الحمامَ وليس بالملحودِ
وَمُجدَّلاً بالقاعِ طارِ بِصفوه / نَسْرٌ وبقَّى شِلْوَه للسِّيدِ
هَذا وَكَم جيشٍ أَتاهُمْ ساحِباً / فوق الإِكامِ ذيولَ كلِّ بُرودِ
غَصّانَ مِن خَيلٍ بهِ وَفَوارسٍ / ملآنَ من عُدَدٍ له وعديدِ
رُدّوا رُؤوساً كنَّ فيه مَنيعةً / بالضّربِ بين مُشجَّجٍ وحصيدِ
وَمَتى اِستَرَبْتَ بنَجْدتِي في خُطّةٍ / فمِنَ الطّعانِ أو الضرّاب شهودِ
خُذها فَما تَسطيع تَدفعُ إنّها / في الغايةِ القصوى من التّجويدِ
ما لاكَها مِن شاعِرٍ حَنكٌ ولا / أَفضى إِلَيها ذهنُ كلِّ مُجيدِ
غَرّاءَ لَو تُليتْ على ظُلَمِ الدّجى / شابتْ لها لَمِمُ الرّجالِ السُّودِ
يُنسيكَ نَظمٌ حيكَ بينَ كَلامها / نَظْمَ الثّغورِ ونَظْمَ كلِّ فريدِ
لَيسَ الّذي اِعتسفَ القريضَ بشاعرٍ / وإذا أصاب فليس بالمحمودِ
وَإِذا اِلتَوى الكَلِمُ الفصيحُ على اِمرئٍ / يوماً فأحرارُ الكلامِ عبيدي
وإذا أردتَ تَعاف ما سَطَر الورى / فَاِسمَعْ قصيدي تارةً ونشيدي
قُمْ فَاِثنِ لِي فوقَ الوهادِ وسادِي
قُمْ فَاِثنِ لِي فوقَ الوهادِ وسادِي / فالآن طاب بفِيّ طعمُ رقادي
قَد شرّدتْ نَصَبي وأيْنِي راحتِي / وَاِستَبدَلَتْ عَينِي الكرى بسُهادِ
وَإِذا رعيتَ لِيَ الإخاءَ فهنِّني / ببلوغِ أوطاري ونيلِ مُرادِي
للّهِ يومٌ ملتُ فيه على المُنى / وثنَى الزّمانُ إلى السرورِ قيادِي
وحذرتُ دهرِي من أمورٍ جمّةٍ / فأناخَ فيه الأمنُ وسْطَ فؤادِي
نفَحتْ أميرَ المؤمنين عطيّةٌ / غرّاءُ من وافي العطاءِ جوادِ
جَبلٌ منَ الأجبالِ إلّا أَنّهُ / عِندَ الوَرى ولدٌ من الأولادِ
وَالسَيفُ أَنتَ وَلم يكُن مَن سَلّه / فينا لِيَتركهُ بِغيرِ نِجادِ
وَالغابُ أَهيَبُ ما يكونُ إِذا ثوَتْ / أَشبالُه فيه مع الآسادِ
وَالطّعنُ في الأرماحِ يُعوِزُ في الوغى / لَولا الأسنّةُ في رؤوسِ صِعادِ
وَالنّصلُ لولا حدُّه وغِرارُه / ما كنتَ حاملَه ليومِ جِلادِ
قالوا أَتى وَلَدٌ فَقلت صَدَقتُمُ / لَكِنّه عَضُدٌ منَ الأعضادِ
إِنْ كانَ في مَهدٍ رَضيعاً نُومةً / فغداً يكون على ذُرا الأعوادِ
وَتَراهُ إِمّا فوقَ صَهْوةِ منبرٍ / يَعِظُ الورى أو في قَطاةِ جوادِ
ما ضرَّه من قبلِ سلٍّ غِمْده / أنّ السّيوف تُسَلُّ من أغمادِ
والبدرُ يطويه السِّرارُ وتارةً / هو بارزٌ وسْطَ الكواكبِ بادِ
حَيَّا الإلهُ صباحَ يومٍ زارنا / فيه وحَيَّا ليلةَ الميلادِ
ريّان من ظفرٍ ونيلِ إرادة / ملآنُ بالإسعافِ والإسعادِ
فَلَنِعمَ عهداً عهدُه وأوانُهُ / سقّاه ربّي صوبَ كلِّ عِهادِ
لو أنصف القومُ الألى لم ينصفوا / جعلوا به عيداً من الأعيادِ
يا خيرَ مَن حنَّتْ إِليه سريرتِي / طرّاً ومَن حنّتْ إليه جِيادي
وابنَ الّذي طال الخلائقَ كلَّهمْ / فضلاً وإن كانوا على الأطوادِ
ما إن رأيتَ ولا ترى شِبهاً له / أبداً من الزُّهاد والعبّادِ
روَّى بصائرَه تُقىً ويمينُه / جلّتْ عن الشّهواتِ وهْيَ صوادِ
فكأنَّه لخشوعه ولباسُه / حُللُ الخلائفِ مرتدٍ بِنجادِ
ذخروا النُّضارَ لهمْ ولم تكُ ذاخراً / إلّا ثَوابَ لُهاً وشكرَ أيادِ
أنَا ذلك المحضُ الّذي جرّبتُمُ / أبداً أوالِي فيكُمُ وأعادِي
وإذا بلغتكُمُ عقرتُ ركائبي / ونقضتُ من حذَرِ النَّوى أقتادِي
ما إنْ أبالي بعد قُربي منكُمُ / أنْ كان مِن كلِّ الأنام بِعادي
وإذا نصحتُ لكمْ فما ألْوي على / ما شفّني أو فتّ في أعضادي
إِنّي لَراضٍ بالسِّفالِ وَأنتُمُ الْ / معُلون لي ولقد علتْ أجدادِي
أَبوابُكمْ كرماً وجوداً فائضاً / عَطَنُ الوفودِ وغايةُ القُصّادِ
ما إِنْ يُرى إلّا عَلَيها وحدَها / وفدُ الورى وتزاحمُ الوُرّادِ
حوشيتُ َأن أُعنى بِغيرِ دِيارِكمْ / أو أنْ أجرَّ بغيرها أبرادِي
وَإِذا رَشادي كانَ بَينكُمُ فما / أَبغي إِذا خُيّرت غيرَ رشادِي
وَكأنَّني ضَوَّعتُ نَشرَ لَطيمةٍ / لمّا سننتُ مديحكمْ في النّادِي
ما كانَ لَولا أنّكمْ قُدّمتُمُ / مَنٌّ لمخلوقٍ على أكتادِي
أنا في جواركُمُ بأنعمِ عيشةٍ / وَأجلِّ منزلةٍ وأخصبِ نادِ
راضٍ بأنْ نفسي فَدَتك وما حَوَتْ / كفّايَ لي مِن طارفٍ وتِلادِ
وَإذا الزَّمانُ نبا بنا عن مطلبٍ / وَغطا بياض طماعنا بسوادِ
قُمنا فَنِلنا ما نَشاءُ منَ العُلا / بِالقائِمِ الماضي الشَّبا والآدِي
شائِي الكرامِ بفضلهِ في نفسهِ / طوراً وبالآباء والأجدادِ
ما كانَ إلّا في السّماء وَما اِرتَقى / قُلَلَ المعالي في بطون وِهادِ
لا تَعتَمِدْ إلّا عَليَّ لخدمةٍ / إنّي وَجَدّك خيرُ كلِّ عمادِ
وَمَتى اِنتَقدتَ فَلَن تَرى لِي مُشبها / في خدمةٍ يا أخبرَ النُّقَّادِ
وَإِذا أَردتَ عَظيمةً فَاِهتفْ بِمنْ / ما دبّ فيه على العظيم تمادِ
عَجِلٍ إلى داعي الصّريخ كأنّه / متوقّعٌ أَبداً نداءَ منادِ
أنَا منكُمُ نسباً وودّاً صادقاً / أبداً أُراوِح حِفظَه وأُغادِي
أَجدى على القُربى إِليَّ تقرّبي / وأحبُّ من نسبي إليَّ وِدادِي
يا أَيُّها المتحكّمونَ على الوَرى / بالعدلِ في الإصدارِ وَالإيرادِ
حَسبي الّذي أُوتيتُه من حبِّكمْ / وولائكمْ ذخراً ليومِ مَعادِي
إِنْ كُنتمُ قلّلْتُمُ لِيَ بَينكمْ / شِبْهاً فَقَد كثَّرتمُ حُسَّادِي
للَّهِ دَرّك في مُقامٍ ضيّقٍ / حَرِّ الرّدى مُتلهِّبِ الإيقادِ
وَكَأنّما الأقدامُ فيه تَقَلْقُلا / وَطِئَتْ عَلى الرَّمضاء شوكَ قَتادِ
وَالسّيفُ يَرتعُ في يَديك منَ العِدى / بِالضّربِ بينَ ترائبٍ وهوادِ
وَالرُّمحُ يَهتِك كلَّ ثُغرةِ باسلٍ / طعناً ويشرب من دمِ الأكبادِ
وَإِذا أَسال من الكَميّ نَجيعَه / غِبَّ الطّعانِ أسالَ كالفِرصادِ
والخيلُ يستلبُ الطّعانُ جلودَها / فكأنّها خُلقتْ بلا أجلادِ
حتّى وَفَتْ لك نَجدةٌ ألبستَها / في النّاكثين الوعد بالإيعادِ
وَقضَتْ لدين اللّه كفُّك حقَّه / وبلغتَ للإسلامِ كلَّ مُرادِ
فَاِسمَعْ مَديحاً لم تَشِنْهُ مَينَةٌ / تسرِي قوافيه بكلِّ بلادِ
قَطّاعَ كُلِّ ثنيّةٍ وتنوفةٍ / طلّاعَ كلِّ عَليّةٍ ونِجادِ
زينَتْ بهِ الأغراضُ فهْوَ كأنّهُ / وَشْيُ الجسومِ وحِليةُ الأجسادِ
رِفْدِي عليه حسنُ رأيك إِنّني / راضٍ به من سائر الأرفادِ
لا عَيبَ فيهِ غيرَ أنْ لَم يَستمعْ / من منطقي ويزفّه إِنشادي