المجموع : 61
قد مَرِنت قلوبُنَا على النّوى
قد مَرِنت قلوبُنَا على النّوى / فما تَشكّى من أليمِ الوَجْدِ
كأنّ حُسنَ صَبْرِهَا على لَظَى / أشواقِها حُسنُ اصطبارِ الزّندِ
أتْهَم فيكُم لائمي وأنْجَدا
أتْهَم فيكُم لائمي وأنْجَدا / وما أفادَ سلوةً إذْ فنّدَا
أرشدَنِي بزعمه وما أرَى / سُلُوَّ قلبي عن هَواكمُ رَشَدَا
يَا لائمِي فيهِمْ أعدْ ذكْرَهُمُ / واللومَ فيهم واتّخِذْ عندي يَدَا
روِّح بذكْرَاهُم فؤاداً مضرَماً / لو مَاتَ حولاً كاملاً ما بَرَدَا
لو كان ما يشكُوهُ من حَرّ الأسَى / ناراً لَباخَتْ أو زِنَاداً أصْلَدا
لا تحسبَنّ اليأسَ أسْلاَني ولا / أنْسانَي النّأيُ هَوَى من بَعُدَا
شرطُ الهَوَى لهُمْ عَليّ أنّنِي / بهم مُعَنّى القلب صبٌّ أبدَا
لا أستَفِيقُ من هوىً إلاّ إلى / هَوىً ولا أسلُو وإن طالَ المَدَى
أفْدِي خيالاً زارَ رحْلي موهناً / على تَنَائي دَارِه كيفَ اهْتَدى
عهدتُه مُوسَّناً رَأْدَ الضّحى / فكيفَ جابَ في الظلامِ الفَدْفَدَا
عُلالةٌ عَلّلنِي الشّوقُ بها / والماءُ في الأحلامِ لا يُروى الصّدَى
ثُمّ هَبَبْتُ لاَ بكَ الوجدُ الذي / حرّكهُ طيفهُمُ وجدّدَا
مُدلّهاً أمسحُ عَيْنَيّ عسَى / تراهُ يَقظى وأجُسّ المَرْقَدا
كَقانِصٍ فاتَ القنيصُ يَده / أو واجدٍ أضَلّ ما قَد وَجَدَا
أحبَابَنَا وحبّذَا نداؤُكُمْ / لو كُنُتمُ لدعوةِ الدّاعِي صَدَى
غالَت يدُ الأيام من بَعدِكُم / ذَخائِري حتّى الإسَى والجَلَدا
ما لاصْطِبَاري مَددٌ بَعد النّوى / فويحَ دَمْعي مَن حَباهُ المَدَدَا
لكنّنِي ما رُمت إطفاءَ الجوَى / بفيضِه إلا الْتَظَى واتّقَدَا
يا رَوعَتَا لطائرٍ نَاحَ على / غُصْنٍ فأغْرى بالأسَى من فَقَدَا
أظنّه فارق أُلاّفاً كَما / فارقتُ أو كَما وجدتُ وجَدَا
أدمى جراحاتٍ بقلبي للنّوى / وما علمتُ ناحَ حُزناً أم شَدَا
لكن يَهيجُ للحزِين بثُّه / إذا رأى على الحَنين مُسعدَا
فَقُل لمن أشْمَتَه فِراقُنا / وسرَّه أن جَار دهرٌ واعْتَدى
إن سرّك الدهرُ بنا اليومَ فهَل / أمِنْتَ أن يَسّرنا فيك غَدا
يا من هَواهُ على التّنا
يا من هَواهُ على التّنا / ئِي والتّدانِي في ازدْيادِ
أصبحتُ مُغترِباً لبُعْ / دِك بين أهلي في بِلاَدِي
مستوحِشاً معَ كثرةِ ال / خُلاّنِ وحْشَةَ ذِي انْفرادِ
وأقلُّ ما لا قيتُ بَعْ / دَكَ من تَبارِيح البِعادِ
شوقٌ إليك أباحَ فَيْ / ضَ مَدامعِي وحمى رُقَادي
أسَاكِنَ قلبِي والمَهامِهُ بَيننَا
أسَاكِنَ قلبِي والمَهامِهُ بَيننَا / وإنسانَ عَينِي والمَزارُ بعيدُ
تُمثّلُكَ الأشواقُ لي كُلَّ ليلةٍ / فَهمّي جديدٌ والفِراقُ جَديدُ
ومُعظمُ هَمّي أنّ عُمر فِرَاقِنا / مَديدٌ وعُمرِي للشقاءِ مَديدُ
فيا صخرُ ما الخنساءُ مثلي ولا نَهَى / بَوادِرَ دَمعِي ما قَضاهُ لَبيدُ
أبَا حَسنٍ وافى كتابُكَ شَاهِراً
أبَا حَسنٍ وافى كتابُكَ شَاهِراً / صَوارِمَ عَتْبٍ كُلُّ صَفحٍ لها حَدُّ
فقابلتُ بالعُتَبى مَضِيضَ عِتَابهِ / ولم يَتَجَهَّمْهُ الحِجاجُ ولا الجَحْدُ
وأعجَبني عيٌّ لديهِ ولَم أزَلْ / إذا لم تكُن خَصمِي لِيَ الحججُ اللدّ
فيا حَبّذَا ذَنبٌ إليَّ نَسَبتَهُ / وما خطأٌ منّي أتَاه ولا عَمدُ
ولو كانَ ما بُلِّغْتَهُ فظنَنْتَهُ / لكفَّرَهُ حقُّ الأخُوَّةِ والوُدُّ
فأهلاً بعتْبٍ تَستريحُ بِبَثّهِ / ويُؤْمِنُني أن يستَمرَّ بك الحِقدُ
لقَد رَاقَ في قلبي وَلَذّ سماعُهُ / بِسمْعِي فزِدنِيْ من حديثِك يا سَعْدُ
ألا أبلِغَا عنّي أٌناساً صحبتُهمْ
ألا أبلِغَا عنّي أٌناساً صحبتُهمْ / فما حَفِظوا عهداً ولا رَاعَوُا الوُدّا
بأنّي وإن حَالت بيَ الحالُ لم أقُلْ / لهمْ واصِفاً شَوقاً ولا شَاكياً وَجْدَا
خذُوا بِزمَامِي قد رجَعْتُ إليكُمُ / رجوعَ مُريدٍ لا يَرى منكُمُ بُدّا
ولكِنْ ليَ الأَعواضُ في النّاسِ منكُمُ / وكلُّ سَماءٍ من سمائِكُمُ أندَى
وصَاحبٍ لا تُمَلُّ الدّهرَ صُحْبَتُهُ
وصَاحبٍ لا تُمَلُّ الدّهرَ صُحْبَتُهُ / يشْقَى لِنفعي ويسعَى سعْيَ مُجْتَهدِ
لم ألقَهُ منذ تَصَاحَبْنَا فحينَ بدَا / لِنَاظريَّ افترقْنَا فُرقَةَ الأَبدِ
كناسُ سِرْبِ المَهَا عِرِّيسَةُ الأسدِ
كناسُ سِرْبِ المَهَا عِرِّيسَةُ الأسدِ / فكيفَ بالوَصل للمستَهْتَرِ الكَمِدِ
والبيضُ دُونَ خُدورِ البيضِ مُصلتَةٌ / حكَتْ جَداولَ ماءٍ غيرِ مُطَّرِدِ
وكلُّ أسمَرَ فيه لَهْذَمٌ ذَرِبٌ / كَجَذْوَة النّارِ لم تُقْبَس ولم تَقِدِ
إذا تَسدَّدَ دَاوَى كلَّ ذي لَدَدٍ / وإن تأَوَّد سَاوى مَيلَ ذِي الأوَدِ
والبِيضُ والسّمرُ لا تَروَى بغير دَمٍ / من كلِّ جائشةِ الأرجاءِ بالزَّبَدِ
صَدِينَ حتّى جلاَها في النّحورِ وفي ال / هاماتِ أروعُ يُروي غُلَّ كلِّ صَدِ
مَن أظهرَ الجُودَ والإقدامَ إذ عُدِمَا / إلى الوُجود بضرب الهامِ والصَّفَدِ
ونَفَّقَ العلمَ مِن بعد الكسَاد فَما / تَرَى سوى طالبٍ للعلمِ مُجتهِدِ
مَنْ عدلُه أمَّنَ الشَّاءَ المهمَّلَ في ال / عَرِينِ أن يِتوقَّى وَثبةَ الأسَدِ
مَن يلتقِي المُذنِبين المُسْلَمِينَ بما / جَنوْهُ قَصداً بعفوٍ غَيرِ مُقتَصِدِ
يُسنِي المواهبَ مَسروراً بها جَذِلاً / فَمنُّهُ غيرُ مَمنونٍ ولا نَكِدِ
وما تَذَمَّرَ مِن غَيظٍ ومن غَضَبٍ / إلاّ جَلاَ عن مُحيّا بالحياءِ نَدِ
كالمشرَفِيَّةِ فيها حُسنُ رونقِها / في السِّلمِ والحرب والهاماتِ والغُمُدِ
ولكنّنِي ألقَى الحوادثَ وادِعاً
ولكنّنِي ألقَى الحوادثَ وادِعاً / بقلبِ أريبٍ بأسُه يَتوقَّدُ
أبيٌّ على عدْلِ الزّمانِ وجَورِهِ / غنيٍّ عن الأعوانِ إن قَلَّ مُسعِدُ
فما هُو في خَطبٍ وإن راعَ جازِعٌ / مَروعٌ ولا في حادث مُتَبَلّدُ
يا عجباً من وشْكِ بَينٍ ما رَغَتْ
يا عجباً من وشْكِ بَينٍ ما رَغَتْ / فيه مطايَانَا ولا الحادي حَدَا
نرَى الجِمَالَ المصحِباتِ بينَنا / مُهمَّلاتٍ والرجالَ بَدَدَا
مَوقفُ تَوديعٍ ترى البيضَ به / شُهباً وهَابي النّقعِ ليلاً أسودَا
وللطِّعانِ في الكُماةِ أعيُناً / تَهمِي على السّردِ نجيعاً مُزبِدَا
فيا له من مَوقِفٍ رقيبُه / كتَائِبُ الأعداءِ والواشي الرّدَى
لو لم تكُن عادَتِيَ الإقدامَ في / أمثاله قضيتُ فيه كَمَدَا
لا تَحسبَنَّ الرّزءَ أوهَى جَلَدِي / إنّ النّسِيم لا يَفُضُّ الجَلْمَدَا
وهل يَروعُ الخطْبُ قلبَ أروعٍ / إن كَلِبَ الدَّهرُ عليهِ أَسِدَا
متَى رآني الشّامتُون ضَرِعاً / لنكبةٍ تَعرُقُنِي عَرق المُدَى
هُم يَعلمونَ أنّني أصلَبُ مِن / صُمِّ الصَّفَا فما عَدا مِمَّا بَدا
هل بِزّنِي الخطبُ سِوى وفْرِي الذي / كان مُباحاً للنَّوالِ والنَّدَى
إنْ جمَعوا المالَ فأوعَوْا أتلفَتْ / يَدي طريفَ ما حوتْ والتَّلِدَا
هُمُ يَروْن المالَ ذُخراً باقياً / وإنّما ذُخُر الفَتى أن يُحمَدَا
اُنظُر بِعيشِكَ هل تَرى
اُنظُر بِعيشِكَ هل تَرى / أحداً يدومُ على المودَّةْ
لِتَرى أخِلاَّءَ الرَّخا / ءِ عِدىً إذا نابَتكَ شِدَّةْ
ولِكُلِّ ما تَأْبى وتَهْ / وى إن صَبَرْتَ مَدىً ومُدَّةْ
عِنديَ للأيّامِ إن أقْبَلَتْ
عِنديَ للأيّامِ إن أقْبَلَتْ / عليَّ فعلُ الخيرِ والجودُ
وإن تَوَلَّتْ فَفؤادي كما / علِمْتَ في اللأواءِ جُلمودُ
يُصابرُ الأيّامَ أو تَنقضي / خُطوبُهنَّ البيضُ والسّودُ
تَيقَّظْ فمن يَشناك يسهرُ لَيلَه / وقَد يخدَعُ اليقظانَ مَن هو راقدُ
ولا تَحتَقِر كيدَ الضَّعيفِ فإنّما / تَقُدُ شِفارَ المُرهَفاتِ المَبارِدُ
وتُلْقَى الأسودُ بالخديعَةِ في الزُّبَى / ولَو جُوهِرَتْ لم يَنْجُ منهُنَّ صائدُ
وإهمالُ ما يُخشى من الأمرِ مُهلكٌ / ومَصرعُ رِضوانٍ بما قُلتُ شاهِدُ
سأُنْفِق وفَرْى في اكتسابِ مكارِمٍ
سأُنْفِق وفَرْى في اكتسابِ مكارِمٍ / أظَلُّ بها بعد المَماتِ مخلَّدَا
وأسعى إلى الهجاءِ لا أرهبُ الرّدى / ولا أتَخَشّى عامِلاً ومهَنّدَا
بكلِّ فتىً يلقى المنِيَّةَ ضاحِكاً / كأنَّ له في القتلِ عَيشاً مُجَدَدا
فإن نلتُ ما أرجو فللجودِ ثمَّ لي / وإن مِتُّ خَلَّفتُ الثَّناءَ المؤَبَّدا
لا ترغَبَنْ فيمَن إذا شاهَدْتَهُ
لا ترغَبَنْ فيمَن إذا شاهَدْتَهُ / وخبَرْتَه لم تُلفِهِ بالشَّاهِدِ
ومَتى أردتَ تكثُّراً بدنُوِّهِ / فاعلَم بأنَّكَ لم تَزِدْ عن واحدِ
تَلقَّ ذَوي الحاجات بالبِشر إنَّهُ
تَلقَّ ذَوي الحاجات بالبِشر إنَّهُ / إلى كُرماءِ النَّاسِ أشْهى من الجَدَا
عَسى من يُرجَّي سيْبَكَ اليوم يَغْتَني / فتُصبِحُ فيمن تَرتَجي سيبَه غَدَا
إرضَ الخُمولَ تَعِشْ به في نَجْوَةٍ / ممَّا تخافُ ومن مُعانَدَةِ العِدا
دُونَ المعالي عُدوةٌ إن خُضتَها / متقَحِّمَاً أورَدتَ مُهجَتَكَ الرَّدَى
وإذا سَلِمتَ ونلتَ أيسرَ بُغيَةٍ / مِنها جعلْتَ لكَ البريَّة حُسَّدا
فاسمَعْ نصيحَةَ مَن يكادُ لعلمِهِ / بالدَّهرِ يدري اليومَ بالآتي غَدا
ما كفَّ كفِّيَ عن جودي بموجودي
ما كفَّ كفِّيَ عن جودي بموجودي / ما كفَّ كفِّيَ عن جودي بموجودي
في اليُسرِ أبذُل مَيْسوري وأبذُلُ في / عُسري لطالبِ رفدي شَطْر مَوجودي
قالوا نهته الأربَعون عن الصِّبا
قالوا نهته الأربَعون عن الصِّبا / وأخو المشيبِ يجورُ ثُمَّتَ يَهتدي
كم ضلَّ في ليلِ الشَّبابِ فدَلَّهُ / وَضَحُ المشيبِ على الطَّريقِ الأقْصَدِ
وإذا عَددْتُ سنيّ ثم نقصتُها / زَمَنَ الهُمومِ فتلك ساعةُ مَولِدي
أصبحت في زَمنٍ يَشيبُ لجَوْرِهِ
أصبحت في زَمنٍ يَشيبُ لجَوْرِهِ / فودُ الجنينِ ويَهْرَمُ المولودُ
وإذا شكوْنا اليومَ ثم أتَى غَدٌ / قُلْنا ألا يا ليتَ أمسِ يعودُ
ودّعْ أخا العزمِ مِصراً لا لَميسَ وخُضْ
ودّعْ أخا العزمِ مِصراً لا لَميسَ وخُضْ / بالسَّابحاتِ بحارَ المَهْمَهِ البيدِ
وسِرْ عَنِ الأرضِ تَنْبو بالكرامِ فَقَد / طال انتظارُ الجَنَى مِن يابِس العودِ
صديقٌ لي تَنَكَّرَ بعد وُدٍّ
صديقٌ لي تَنَكَّرَ بعد وُدٍّ / وأُمُّ الغَدرِ في الدُّنيا وَلودُ
أراهُ مَلالُه حَسَني قبيحاً / فصدَّ وأيسَرُ الغَدرِ الصُّدودُ
وذَمّ اليومَ ما حَمدتْه منّي / تجارِبُه وأمس بِه شهيدُ
ولستُ ألومُه فيما أَتَاهُ / أساءَ فرابَهُ الفِعلُ الحميدُ
وقد يَجِدُ المريضُ الماءَ مرّاً / بفيهِ وهْو سلسالٌ بَرودُ