القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ حَمْدِيس الكل
المجموع : 34
أين منّي عَتْبُ أحبابٍ هجودْ
أين منّي عَتْبُ أحبابٍ هجودْ / قَتَلُوا نومي بإِحياءِ الصُّدودْ
وخِلِّي لم تَبِتْ أحْشاؤُهُ / آه من وصلٍ عَنِ القُربِ يَذود
وخَلِّي لمْ تَبِتْ أحْشاؤهُ / وهيَ بِالتبريحِ لِلنارِ وَقود
قَالَ كَم تَظما مِنَ الظَّلْمِ إلى / مَوْرِدٍ لم تَرْوَ منهُ بِوُرود
شِيبَ بِالمِسكِ وَبِالشهدِ معاً / وَالمَساويكُ على ذاكَ شُهود
أَو تُرجِّي نَيلَ صادٍ لِلَّمى / قلتُ لولا الماءُ ما أوْرَقَ عود
قَالَ إِنَّ البيضَ لا تَحظى بِها / أو تَرى بِيضَ ذؤاباتِكَ سُود
قُلتُ عِندي يومَ أَصطادُ المُنى / جَذَعٌ يُحْكِمُ تأنيسَ الشَّرُود
كم مُليمٍ قد نَضَا ثَوْبَ الصّبا / عنه رَدّتْهُ إلى الصّبْوَةِ رُوْد
بحديثٍ يُسْحَرُ السحر به / يَتمنَّاه مُعَاداً أن يَعود
تُنْزَلُ الطيرُ من الجوِّ به / وتُحَطّ العُصْمُ من شُمّ الرُّيُود
وَسَبَتْهُ قُضُبٌ في كُثُبٍ / مالتِ الأكفالُ منها بالقُدود
وثمارٌ نَطَقَتْ أوصافها / بإِشاراتٍ إِلى صُغرِ النُهود
عَدِّ بي عن كلّ هذا إنّني / لا أرى الدهر لإِحساني كَنُود
لي هوىً آوي إليه مرحاً / غَيرَ أَنِّي بِالنهى عَنهُ حَيود
إِنَّ هَمِّي هِمَّةٌ أَسمَرها / ولها قُمْتُ فما لي والقُعود
وفَلاةٍ أَبَداً ظامِئَةٍ / مُشْفِقٌ من قَطعِها العَوْدُ عَنود
حَمَل الماءَ ولا يَشْرَبُهُ / فهو للمُرْوَى به عينُ الحَسُود
جُبْتُهَا في مَتنِ ريحٍ تَنبَري / للسُّرَى بين سَيُوعٍ وَقتود
في ظلامٍ طَنّبَتْ أكنافُهُ / فوق أرجاءِ وهادٍ وَنُجود
وكَأَنَّ البدرَ فيهِ ملكٌ / والنجومُ الزُّهرُ حَولَيه وُفود
وكأنّ الشُّهبَ شُهْبٌ قَيّدَتْ / أَيدِياً منها على الجريِ قُيود
ولَقَد قُلتُ لحادي عيسِنا / وهيَ بِالبُخلِ عَنِ البُخلِ تَجود
أنَجَاءٌ تَخرِقُ الخَرْقَ به / كَابَدَتهُ مِنكِ أَم مَضغُ الكبود
فمتى يَفْلُقُ عن أبصارها / هامَةَ اللَّيل منَ الصبحِ عَمود
وأَرى ما اسوَدَّ من قارِ الدُّجى / ذابَ مِنهُ بِلَظى الشَّمسِ جُمُود
جالياً أقذاءَ عينٍ مَقَلَتْ / من محيّا حَسَنٍ بَدْرَ السعود
أروعٌ إن سَخُنَتْ عَيْنُ العلى / كَحَلَتْها مِنْ سَناهُ بِبُرود
في رُوَاقِ المُلْكِ منه مَلِكٌ / مُلْكُهُ من قبلِ عادٍ وثَمود
بَسَطَ الكفّ بجودٍ غَدَقٍ / قُبِضَتْ عَن بَذلِهِ كَفّ الصَّلُود
كَم سَبيلٍ نَحوَهُ مسلوكةٍ / فهي للقُصّاد كالأمِّ الوَلود
ذُو سَجايا في المَعالي خُلِقَتْ / لِلوَغى والسلمِ من بَأسٍ وَجُود
وأناةٍ أُرْسِيَتْ في خُلُقٍ / كَنَظيرِ الزَّهرِ في الرّوضِ المَجُود
وَمَصونُ العرضِ مَبذولُ الندى / مُعْرِقُ الآباء في مَحْضِ الجُدود
ثابِتٌ عِندَ المَعالي فَضلُهُ / هل يُطيقُ اللَّيلُ للصُّبح جُحود
مُقْدِمٌ يصطادُ أبطالَ الوغى / إنَّ شِبلَ اللَّيثِ للوَحشِ صَيُود
ذو ابتدارٍ في وقارٍ كامنٍ / لِلَظَى الزّنْدِ وقودٌ من خُمود
ألِفَتْ يمناهُ إسداءَ الغنى / والغنى تُسديه يُمنَى مَن يَسود
كم عُفَاةٍ في بلادٍ نَزَحَتْ / فَسَبَتْ مِنهُم أَياديهِ وُفُود
من ملوكٍ نَظَمَتْ مُدّاحُهُمْ / فِقَرَ المَدحِ لَهُم نَظْمَ العُقود
في بُيوتٍ بُنِيَتْ شِعْرِيّةٍ / لِثَناءِ المَرءِ فيهِنَّ خُلود
كُلُّ راسي الحلم حامٍ مُلْكَهُ / عادلِ السيرةِ وافٍ بالعُهود
أَسدٍ تَحسبُ في عامِلِه / أَسْوَداً يَنهَشُ أَعضاءَ الحُقود
نَشَؤوا في مَنعةٍ مِن عَزمِهم / لِلمَعالي في حُجورٍ وَبُنود
بيتُ مجدٍ جاوزت أرْبَعُهُ / أرْبُعَ الشُّهْبِ حُدوداً بِحُدود
يَقذِفُ الحربَ بِجَيشٍ لَجِبٍ / مُشْرَعِ الأَرماحِ مِقدامِ الجُنود
ذي موازيب حديدٍ فَهَقَتْ / بِصَبيبِ الدَّم من طَعنِ الكُبود
ونُسورٍ تَغتَدي أَحشاؤُها / مِن بَني الهَيجاءِ لِلقَتلى لُحود
زَاحِفٌ كَالبَحر مَدّاً بِالصبا / بِحَرورِ الموتِ في ظلِّ البُنود
نَقْعُهُ كالغيمِ ملتفّاً عَلى / صَعِقَاتٍ من بُروقٍ ورُعود
وَإِذا ما رَكَعتْ أَسيافُهُ / فَوقَ هاماتِ العِدى خَرَّتْ سُجود
لِلمَنايا عِندَهُ أَلْسِنَةٌ / قَلَّما تَعْمُرُ أفْواهَ الغُمود
كلّ عَضبٍ يحسبُ الناظرُ في / مَتْنِهِ للنار بالماءِ وقود
ونعوتُ البيض حُمْرٌ عِندَهُ / لِدَمٍ تُكْسَاهُ من قَتلِ الأُسود
وكَأَنَّ الأثْرَ فيها نَمَشٌ / كاد أن يَخْفَى بِتَوريدِ الخُدود
وكأنّ الفتكَ فيها أبداً / ذو حَياةٍ لِلعِدا مِنهُ هُمود
دُمْ لَنا يا ابن عَلِيّ مَلِكاً / في عُلاً ذاتِ سُعودٍ وصُعود
ودَنا مِنكَ بِتَقبيلِ الثرى / كلّ قَرمٍ سَيِّدٍ وهوَ مَسود
صادَتْكَ مهاةٌ لم تُصَدِ
صادَتْكَ مهاةٌ لم تُصَدِ / فلواحِظُها شَرَكُ الأُسُدِ
مَنْ تُوحي السحرَ بناظرةٍ / لا تُنْفَثُ منه في العُقَدِ
لمياءُ تَضَاحَكُ عن دُرَرٍ / وبروقِ حياً وحَصَى بَرَدِ
يَندى بِالمِسكِ لِراشِفِهِ / وسلافِ القَهوةِ والشهدِ
وَذَمَاءُ الليلِ على طَرْفٍ / كترحّلِ روحٍ عن جَسَدِ
ورضابُ الماءِ بفيكِ جَرَى / في جوهره عَرَضُ الصَّرَدِ
وكَأَنَّ كَليمَ اللَّه بَدا / منه في الأفْقِ بياضُ يَدِ
أَسَفي لِفِراقِ زَمانِ صبا / وركوبي قَيْدَ مَهَا الخُرُدِ
مِن كُلِّ مُطابَقَةٍ خُلُقي / بِوَفاءِ سُروريَ أَو كمدي
هيفاءُ يُعَجّزُهَا كَفَلٌ / فتقومُ وتقعدُ بالرُّفَدِ
لونُ الياقوتِ وقسوتُهُ / في الوجنةِ منها والكَبدِ
ولها في جيدِ مُرَوَّعَةٍ / حَلْيٌ صاغَتْهُ من الغَيَدِ
نَقَضَتْ وصلي بتتيُّعها / بالهجرِ ونَومي بِالسّهدِ
وأصابَ السودَ سهامُ البي / ضِ بِبَيْنِ البيض وبالنكَدِ
عَجَبي لإصابةِ مُرْسَلِهَا / منْ جَوْفِ ضلوعي في الخَلَدِ
يا نارَ نشاطي أين سنا / كِ وأين لظاكِ بمفتأدي
زَندي وَلَدتكَ وقَد عَقِمَتْ / عن حَملِ السِّقْطِ فَلَم تَلِدِ
أَحيَيتِ بِذِكري مَيْتَ صباً / أَبكيهِ مسايرةَ الأبَدِ
وطَلَبتِ الضدَّ لأوجِدَهُ / وجموحي في الصدِّ فَلَم أَجِدِ
ولوَ انَّ كَريماً تَفْقدُهُ / يُفْدى بالنفس إذنْ لَفُدي
أذهبتُ الحزن بمُذْهَبَةٍ / وبها ذَهّبْتُ لُجَيْنَ يدي
ولقد نادمْتُ ندامى الرّا / حِ بِمُطّرفي وبِمُتّلَدي
بمعتّقَةٍ قَدُمَتْ فأتَتْ / للشَّرْبِ بلذّاتٍ جُدُدِ
سُبِيَتْ بِسُيوفٍ من ذَهَبِ / مِن أَهلِ السبتِ أَوِ الأَحَدِ
وإذا ما عُدّ لها عُمُرٌ / مَلأتْ كَفَّيْكَ منَ العَدَدِ
يَطفو في الكاسِ لَها حَبَبٌ / كَصِغارِ مَساميرِ السّرَدِ
وإِذا ما غاصَ الماءُ بِها / في النّار تردّتْ بِالزبَدِ
ونَفَيتُ الهَمَّ بِبِنتِ الكَر / مِ وَنَقرِ العودِ فَلَم يَعدِ
ولَبِثتُ مُشَنَّفَةً أُذُني / بِتَرنُّم ذي النّغَم الغردِ
فالآن صددتُ كذي حَذَرٍ / عن وِرْدِ اللَّهوِ فلم أَرِدِ
وطردتُ منامَ الغيِّ عن ال / أجفان بإيقاظِ الرّشَدِ
ونَقَضتُ عُهودَ الشَّربِ فَلا / ودّ أُصفيه لأهلِ دَدِ
لا أَشرَبُ ما أَنا واصِفُهُ / فكأنّي بينهمُ قَعَدِي
وَنَقَلْتُ بعزمي من بَلَدٍ / قَدَمَ الإسْرَاءِ إِلى بَلَدِ
في بَطْنِ الفُلكِ مُصارَعَةً / زَمَني وعلى ظَهْرِ الأُجُدِ
ووجدتُ الدِّينَ له حسناً / سَنَداً فَلَجئتُ إلى السنَدِ
صَمَدَ اللاجونَ إلى مَلِكٍ / مَنصورٍ بالأحَدِ الصّمَدِ
كالشمسِ سناها مُقْتَرِبٌ / وذراها مِنكَ عَلى بُعُدِ
وَإِذا ما آنَسَ مِنهُ سَناً / مَنْ ضَلَّ بِجُنحِ اللَّيلِ هُدي
خُصَّتْ بِنَوالٍ شيمَتُهُ / عَجِلٍ وكلامٍ مُتّئِدِ
لا وَعْدَ له بالجود وَمَنْ / يبدأ بعطاءٍ لا يَعِدِ
وبِنِيّةِ شهمٍ مُنْتَصِرٍ / للَّه جميلِ المُعْتَقَدِ
فَيَصونُ العِرضَ بما بَذَلَتْ / لِلوَفدِ يَداهُ مِنَ الصّفدِ
وَيسدّ الثغرَ وسيرتُهُ / تَجري في المُلكِ على سَدَدِ
ويسلّ ظُبَاهُ بِكُلّ وغىً / ويسيلُ نداهُ بِكُلِّ يَدِ
وَتُريكَ اليَومَ بَصيرَتُهُ / ما يُخْفي عنك ضَميرُ غَدِ
ولهُ هممٌ تَبْني رُتَباً / خُصَّتْ بِعَلاءٍ مُنفَرِدِ
إِلهامَ الدينِ وَحامِيَهُ / قَوِّم بسُطاك ذَوي الأوَدِ
فُتّ السُّبَّاقَ بما كَحَلُوا / بغبارك عيناً في الأَمَدِ
والريحُ وراءَك عاثرةٌ / في الأيْنِ تُكَبّ وفي النُّجُدِ
نَصْرٌ أُيّدْتَ به ظَفَراً / والساعِدُ يُنْجَدُ بالعضُدِ
يا غيثَ المحلِ بلا كذبٍ / وشجاعَ الحربِ بلا فَنَدِ
لحظاتُ أناتِكَ جانِبُها / أرْسَى في غَيظِكِ من أُحُدِ
وَلِواؤُكَ تَقْدُمُ هَيْبَتُهُ / بعديدٍ يُلبِكُ في العَدَدِ
وَكَأنّ عدُوّكَ خافِقُهُ / بِجَناحِ فُؤادٍ مُرتَعِدِ
إن كنتُ قَصَرْتُ مُحَبَّرَةً / تَسهيمَ المُحكَمِ ذي الجُدَدِ
فَالعَذْبُ يَجِلّ بِقِلَّتِهِ / وعَلَيهِ عِمادُ المُعتَمدِ
وأُجاجُ الماءِ بِكَثرَتِهِ / لا رَيِّ بِهِ لِغَليلِ صَدِ
والشِّعر أَجَدتُ بِمَعرِفَتي / تَأنيسَ غَرائِبهِ الشُّرُدِ
لَو شِئتُ لَقُلتُ لِقافِيةٍ / في الوَزنِ تَخِبُّ إِلَيكَ خِدي
بِصَقيلِ اللَّفظِ مُنَقَّحِهِ / لا سَمعَ يَمرّ به بِصَدِ
لا زيفَ به فيريكَ قذىً / في عَيْنِ بَصيرةِ مُنتَقِدِ
لا يَسمَعُ فيهِ مُستَمِعٌ / زَفَراتُ أَسىً كَالمُفتَقِدِ
فصفيرُ البلبلِ مُطّرَحٌ / في الأيْكِ له صوتُ الصُّرَدِ
تَستَحسِنُ عَودَةَ مُنشِدِهِ / وتقولُ إذا ما زادَ زِدِ
فَبِغامُ الرِئمِ حلاوَتُهُ / وجزالتُه زَأرُ الأسدِ
وَبِذِلّةِ أهلِ السبت قَضَى / ويذلّ له أهْلُ الأحدِ
فَانصُرْ وافخَرْ وأدِرْ وأشِرْ / وَأَبِرْ وأَجِرْ وأَغِرْ وَسُدِ
إذا البَدرُ يُطْوَى في ربوعِ البِلى لَحْدا
إذا البَدرُ يُطْوَى في ربوعِ البِلى لَحْدا / أمِ الطّوْدَ حطّوا في ثرى القَبرِ إِذ هُدّا
كُسوفٌ وَهَدٌّ تَحسِبُ الدَّهرَ مِنهُما / لِعَينٍ وأُذنٍ ظلمةً مُلِئَتْ رعدا
تَوَلّى عَنِ الدُّنيا عَلِيُّ بنُ أَحمدٍ / وأبقى لها من ذكره الفَخرَ والحَمدا
حَمَلنا على التكذيبِ تصديقَ نَعْيِهِ / وَسُدّتْ له الأسماعُ وانصَرَفت صَدّا
وقال لمن أدّى المُصابَ مُعَنِّفٌ / فظيعٌ من الأنباءِ جئتَ به إدّا
إلى أنْ نعاهُ الدّهرُ ملءَ لسانِهِ / ومن ذا الَّذي يُخفي منَ الرزءِ ما أَبدى
هنالكَ خُضْنا في العويلِ ولم نَجِدْ / عَلى الكُرهِ مِن تَصديقِ ما قالَهُ بُدّا
وقَالَ الوَرى والأَرضُ مائِدَةٌ بِهِم / أَمِنْ سَيرِها في الحَشرِ قَد ذُكِرت وعدا
أَرى الشرَفَ الفِهرِيَّ يَبكي ابنَ بَيتِهِ / عليّاً أما يبكي فتىً راضَعَ المجدا
فَيا مَعشَراً حَثّوا بهِ نَحوَ قَبرِهِ / مَطِيَّةَ حَتْفٍ فوقَ أيديهِمُ تُحدى
حَمَلتُمْ عَلى الأَعوادِ مَنْ قَدْ حَمَلتُمُ / فَكُلّ جَلالٍ قَد وَجَدتُمْ له فَقْدا
لَقَد دَفَعَتْ أَيدِيكُمُ مِنهُ لِلبِلى / يَداً بِجَديدِ العُرْفِ كانَت لَكُم تَندى
تَجمّعَتِ الأحزانُ في عُقْرِ دارِهِ / وفرّقَتِ الأزمانُ عن بابِهِ الوَفدا
وسُدَّ عَنِ العافينَ مَهْيَعُهُمْ إلى / مَكارمَ كانت من أناملهِ تُسدى
فقلْ لبني الآمالِ أخفَقَ سَعيُكمْ / فَقَد حَسَرَ البَحرُ الَّذي لَكمُ مَدّا
وَكَم مِن ظِباءٍ بَعدَما غارَ عِزّهُ / حَوائِمَ في الآفاقِ تَلتَقِطُ الوردا
لِتَبكِ عَلِيّاً هِمَّةٌ كَرَمِيّةٌ / ثَنى قاصِدو الرُكبانِ عَن رَبعِها القصدا
وملتحفٌ بالأثْرِ أصبَحَ عارِياً / مِنَ الفَخرِ يَومَ الضّربِ إذ لبس الغِمدا
وأسمرُ خطيٌّ أمامَ كُعوبِهِ / سنانٌ ذليقٌ ينفذُ الحلقَ السّرْدا
وحصداءُ فولاذيّةُ النّسجِ لم تَزَلْ / من اللهذمِ الوقّادِ مطفئةً وقدا
وأجرَدُ يُبكي الجردَ يومَ صَهيلِهِ / غدا مُرْجَلاً عنه فلم يَسُدِ الجردا
وداعٍ دعا للمُعضِلاتِ ابنَ أحمَدٍ / فلَيَّنَ في كَفَّيهِ مِنهُنَّ ما اشتَدّا
وناهيكَ في الإعظامِ من ماجدٍ به / على الزمَنَِ العادي عَلى النَّاسِ يُستَعدى
حَياةٌ تَعُمُّ الأَولِياءَ هَنيئَةً / ومَوتٌ زُؤامٌ في مُقارَعَةِ الأَعدا
وقَسوَرةُ الحَربِ الَّذي يُرجعُ القَنا / رَواعِفَ تَكسو الأَرضَ من عَلَقٍ وَرْدا
وفيّ بِنُصح المَلكِ ما ذُمّ رأيُهُ / ولا حلّ ذو كيدٍ لإبرامهِ عَقْدا
وَمَا يَستَطيرُ الحِلمُ في حِلمِهِ ولا / يُجاوِزُ هَزلٌ في سَجِيَّتِهِ الجدَّا
إذا عَلَمٌ بالنار أُعْلِمَ رأسُهُ / رَأَيتَ عَلِيّاً مِنهُ في لَيلَةٍ أَهدى
ألا فُجِعَتْ أبناءُ فِهر بأروعٍ / إِذا انتَسَبوا عَدّوا له الحَسبَ العدا
فلا قابلٌ هجراً ولا مضمرٌ أذىً / ولا مخلفٌ وعداً ولا مانعٌ رفدا
إذا ما عدا معْ قُرَّحِ السَّبْقَ فاتها / وجاء بفضل الشَّدِّ ينتهب المعدى
وما قَصّرَ اللَّه المدى إذ جرى به / ولا مدّ فيه للسَّوابق فامتدا
ولكنْ حدودُ العِتْقِ تجري بسابقٍ / فلا طَلَقٌ إلّا أعَدّ له حدّا
نماهُ منَ الأشرافِ أهلُ مفاخرٍ / يُديرونَ في الأفواه ألسنةً لُدّا
إِذا وَقَف الأبطالُ عن غَمرَةِ الرَّدى / مشى بأسُهُم نحو الحتوفِ بهم أُسْدا
وتحسبهم قد سُرْبلوا من عِيابِهِمْ / سُيوفاً وَسَلّوا من سُيوفِهِمُ الهِندا
فَما عُدّ أَهلُ الرَأيِ والبَأسِ والنَدى / وَإِن كثُرُوا إِلّا وَوَفّى بِهِم عَدّا
إِذا جُمِعَتْ هَذِي السَّجايا لأوحدٍ / فما الحقّ إلّا أَن يَراه الوَرى فَردا
فَما ظَنُّكم في وَصفِنا بِمُملَّك / يَكونُ عليٌّ ذو المَعالي لَهُ عبدا
عَزيزٌ عَلَينا أَن بَكَتهُ كَرائِمٌ / تُذيبُ قُلوباً في مَدامِعِها وَجدا
يَنُحْنَ مَعَ الأَشجارِ نَوْحَ حَمائِمٍ / تَهُزُّ بِها الأَحزانُ أَغصانَها المُلْدا
وَكَم في مُديماتِ الأَسى من خَبيئَةٍ / مَعَ الصّونِ أَبقى الدَّمعُ في خَدِّها خَدَّا
فَلَو رُدَّ مِن كَفِّ المَنِيَّةِ هالِكٌ / بِنَوحِ بَناتٍ كانَ أوَّلَ مَنْ رُدّا
مَضى بِمَضاءِ السَّيفِ جُرِّبَ حَدّهُ / فأُلْفيَ في أَفعالِهِ جاوَزَ الحَدّا
وما ماتَ مُبْقي أحْمَدٍ وَمُحَمَّدٍ / فَإِنَّهُما سَدّا المَكانَ الَّذي سَدّا
بَنى لَهُما مَجدَينِ يَحْيَى بِعِزَّةٍ / وإن كانَ مجدٌ واحدٌ لهما هُدّا
بَدا منهما حزمٌ يسيرٌ تَمَامُهُ / وقَد يَثقُبُ النّارَ الَّذي يَقدَحُ الزندا
وَمِن لَحظَتِهِ عَينُ يَحيَى برفعةٍ / فَقَد رَكِبَ الأيّامَ واستَخدَمَ السّعْدا
فيا ساكِنَ القَبرِ الَّذي ضَمّ تُرْبُهُ / شَهيداً كَأَنّ المَوتَ كان له شَهدا
لئن فاحَ طيبٌ من ثراهُ لناشقٍ / ففخرُكَ فيه فتّقَ المسكَ والنّدّا
وَقَيتَ جلالَ الخطب ما جلّ خَطبُهُ / وقمتَ كريمَ النّفسِ من دونه سدّا
ورحتَ ببعضِ الرّوح فيك مودّعاً / بمؤنسة العوّادِ زُرْتَ بها اللّحدا
رَثَيتُكَ حُزناً بِالقَوافي الَّتي بها / مدَحتُكَ وُدّاً فاعتقدتَ ليَ الودّا
وما المدحُ إلّا كالثويّ لسامعٍ / ولَكِن بِذِكرِ المَوتِ عادَ له ضِدّا
ودُنياكَ كَالحِرباءِ ذاتُ تَلَوُّنٍ / ومُبْيَضّها في العينِ أصْبَحَ مسوَدّا
أَرَدنا لَكَ الدُّنيا القَليلَ بَقاؤُها / وربّكَ في الأخرى أرادَ لك الخلدا
فلا بَرِحَتْ من رحمةِ اللَّه دائباً / تزورُ ندى كفّيك في قبركَ الأندا
لا تُخْرِجِ الشيءَ عن شيءٍ يوافقهُ
لا تُخْرِجِ الشيءَ عن شيءٍ يوافقهُ / واقصدْ بأمركَ في التدبير مَقْصِدَهُ
فالدِّمْنُ فيه لنبتِ الأرض مَصْلَحَةٌ / ولو خلطتَ به الكافورَ أفْسَدَهُ
إِنِّي لأبْسُطُ للقَبولِ إذا سَرَتْ
إِنِّي لأبْسُطُ للقَبولِ إذا سَرَتْ / خَدّي وَأَلقاها بِتَقبيلِ اليَدِ
وَأَضُمُّ أَحنائي على أَنفاسِها / كَيمَا تُبَرّدَ حَرّ قلبٍ مُكْمَدِ
مَسَحَتْ كراقيةٍ عليّ بكفّها / ونقابُها ندٌّ من الزّهَرِ النّدي
وعَرَفتُ في الأَرواحِ مَسراها كَما / عَرَفَ المريضُ طبيبَهُ في العُوّدِ
ما لي أطيلُ عنِ الدّيارِ تَغرّباً / أَفبِالتَّغرُّبِ كانَ طالعُ مَولدي
أَبَداً أُبَدِّدُ بِالنَّوى عَزمي إِلى / أَمَلٍ بِأَطرافِ البِلادِ مُبَدَّدِ
كَم مِن فَلاةٍ جُبْتُها بِنَجيبَةٍ / عَن مِنسَمٍ دامٍ وخَطْمٍ مزبدِ
أَبقى الجَزيلُ لها جَميلَ ثَنائِهِ / في العيسِ مَوصولاً بِقَطعِ الفَدفَدِ
ضَرَبَتْ مَعَ الأَعناقِ أَعناقَ الفَلا / بِحُسامِ ماءٍ في حَشاها مُغمَدِ
وَلَرُبّما سَلَّتْ لنا من مائِها
وَلَرُبّما سَلَّتْ لنا من مائِها / سَيفاً وكانَ عَنِ النّواظِرِ مُغمَدا
طَبَعَتهُ لُجِيّاً فَذابَت صَفَحةٌ / مِنهُ وَلَو جَمَدت لَكانَ مُهَنَّدا
وجدتُ النّوى إذ فقدتُ الشّبابَ
وجدتُ النّوى إذ فقدتُ الشّبابَ / فيا ليتني لم أكُنْ فاقِدَهْ
فصرتُ أُحاوِلُ صيدَ الحسانِ / وأتْعَبُ فيهِ بلا فائِده
وحالُ أثافِيكَ مُخْتَلّةٌ / إذا ما عَدِمْتَ لها واحِدَه
جَلا مُحَيّاكَ عَن أَبصارِنا الرَّمَدا
جَلا مُحَيّاكَ عَن أَبصارِنا الرَّمَدا / وقرّبَ اللَّه مِن مَرآكَ ما بَعُدَا
وجاءَ يَحمِلُ مِنكَ الطِّرْفُ أربعَةً / البدرَ والطودَ والدّأماءَ والأَسَدا
تَكادُ تَبذُلُ عَينُ المَرءِ أسْوَدَها / في نظرَةٍ منك تنفي الهمَّ والكَمَدا
كُلٌّ مسرٌّ بِوَجهٍ في أَسِرَّتِهِ / نورٌ إذا ما رماهَ أكبرٌ سَجَدا
ظُباكَ بالردّ عن دين الهُدى انفرَدَتْ / وأنتَ ما زلتَ بالإنعامِ مُنْفَرِدا
ليثٌ تَخالُ سُيوفاً في بَراثنِهِ / وتحسبُ الزّغْفَ منه الشَّعْرَ واللبدا
كَأَنَّ أجفانَهُ في الحَربِ قَد وَرَدَت / مَعَ الدِّماءِ منَ الهِندِيِّ ما وَرَدا
لِشِدَّةِ البَأسِ في يُمناهُ ضَربَتُهُ / إِن أُسكِرَ السَيفُ مِنها بِالنَجيعِ شَدا
وَلِلرُّدَينِيِّ يَوْمَ الطّعنِ عالِيَةٌ / تَلوكُ بَينَ حَشا الضِّرغامَةِ الكَبِدا
فالدِّينُ معتَمدٌ مِنهُ على مَلكٍ / يُمسي ويُضحي على الرّحمنِ مُعتَمِدا
كَأنّ شُهبَ رجومٍ في أَسِنَّتِهِ / يُرْدي بِها مِن طُغاةِ الكفرِ مَن وَرَدا
وَكُلَّما عَقَدَ الرّاياتِ مُعتَزِماً / حَلّتْ أَياديهِ مِن آرائِهِ عُقَدا
شَهمٌ صَبورٌ إذا ما القرمُ زاحَمهُ / مُزاحماً في كِفاحٍ ظَنّهُ أُحُدا
وقُرَّحٍ بكُماةِ الرّوعِ مُقْدِمَةٍ / كَأنَّهُنَّ سَعَالٍ تحمِلُ الأُسُدا
إذا تَبِينُ سماءٌ عن عجاجَتِها / كَانَت لَهُم سمهَرِيَّاتُ القَنا عَمَدا
مِن كُلِّ ذِمْرٍ منَ الفولاذِ غاصَ به / يُجَمّدُ القَرُّ مِنهُ فَوقَهُ زَبَدا
يَسطُو بِعَضبٍ إِذا ما هَزّ مَضْرِبَهُ / يومَ الضّرابِ لعيني ساهِدٍ رَقَدا
لا يشربُ الرّوحَ من جُثمانِ ذي زَردٍ / حَتَّى يَرى الحدّ مِنهُ يَأكلُ الزّرَدا
أسَلْتَ سَيْلَ نجيعٍ من عِداكَ بهم / في الأرضِ منهُم فَغادَرت الثرى عَمِدا
يا مَنْ عليه مَدُار المَكرُماتِ ومَنْ / بِعَدْلِهِ كُلُّ مُضطَرٍّ له سُنِدا
طارَتْ إِلَيكَ بَنُو الآمالِ وَانتَشَقَتْ / مِن ذِكرِكَ الندَّ واستَشفَينَ مِنكَ يَدا
فَما انحرَفْتَ بِراجٍ عن بُلوغِ مُنىً / ولا تركتَ لصادٍ بالعطاءِ صدا
لا نأيَ لي بِتَنائي السّيرِ عن بَلَدي / فقد رضيتُ بحمصٍ بَعْدَهُ بلَدا
بُدِّلتُ مِن مَعشَرِ الأَدْنَين مَعشَرها / لا فَرَّقَ اللَّهُ فيما بَينَنا أَبَدا
وكَم حَوى التُّرْبُ دوني من ذَوي رَحِمي / وما مَقَلْتُ لِبُعدي منهمُ أحدا
ولم يُسِرْنيَ من مثواكَ مَوْتُ أبي / وَقَد يُقَلقِلُ مَوْتُ الوالِدِ الوَلَدا
وما سَدَدتَ سَبيلي عن لِقائِهِمُ / لَكِنْ جَعَلتَ صِفادي عنهُمُ الصّفَدا
وحسنَ برٍّ إذا فاضَتْ حلاوَتهُ / على فؤاديَ من حَرِّ الأَسى بَرَدا
الآن أفْرَخَ رَوْعُ كلّ مُهَيَّدِ
الآن أفْرَخَ رَوْعُ كلّ مُهَيَّدِ / وأُعِزّ دينُ مُحَمَّدٍ بِمُحَمَّدِ
إنْ كانَ نَصْرُ اللَّه فَتّحَ بابَهُ / فأبوكَ بادرَ قَرْعَهُ بِمُهنَّدِ
واقتادَ حِزْبَ اللَّه نَحوَ عَدُوِّهِ / فالحرْبُ تَجْدَعُ مَعْطِسَ المُتَمرِّدِ
في جَحفَلٍ يَعلُو عَلَيهِ قَتَامُهُ / كَبُخارِ أخْضَرَ بالعَواصِفِ مُزْبِدِ
صُدِمَتْ جفونُ الفُنشِ منه بِمفعَمٍ / بالأُسْدِ في غَيْلِ القَنا المُتأوِّدِ
وَكَأنَّما احتَطَبَ العلوجَ وساقَهَمْ / بِحَريقِ ضَربٍ بِالصَّوارمِ مُوقَدِ
صَدَعَتْ كتائبَهُ الظُّبا حتَّى إذا / هَمّتْ بهِ أعطى قَذَالَ مُعَرِّدِ
في لَيلَةٍ لَبِسَتْ لِتَستُرَ شَخْصَهُ / عنّا فلم تَلْحَظْهُ عَينُ الفَرقَدِ
أَمسى يُكَذِّبُ مائِناً في ظُلمَةٍ / خَفَرَتْهُ فهيَ لديه بَيضاءُ اليَدِ
وَلَّى يُحاكي البرقَ لَمعُ مُجَرَّدٍ / والرَّعدَ في حَذَرٍ تحَمْحُمُ أجرَدِ
يعدو الجوادُ به على فُرسانِهِ / صَرْعَى كأنّهُمُ نشاوى مُرْقِدِ
مِنْ كُلِّ ذي سَكَرينِ مِن خَمرٍ ومِن / حَدٍّ لِذي فَتكٍ عَلَيهِ مُعَربِدِ
تُبْنَى الصّوامِعُ مِن رُؤوسِهِمُ بما / كَانَت على هَدمِ الصَّوامِعِ تَغتَدي
وَالحَربُ من بيضِ الذُّكورِ كَأنَّما / باضَتْ بِهِنَّ رقائِدٌ في الفَدفَدِ
بَكى فَقْدَكَ العِزُّ المُؤيَّدُ والمَجدُ
بَكى فَقْدَكَ العِزُّ المُؤيَّدُ والمَجدُ / ونَاحَتْ عَلَيكَ الحَرْفُ والضُّمَّرُ الجُردُ
وَقَد نَدَبَتكَ البيضُ والسمرُ في الوَغى / وعدّدَكَ التأييدُ والحَسَبُ العِدُّ
وما فَقدت إلّا عَظيماً وفَقدُهُ / به بين أحشاءِ العلى يُوجَدُ الوَجدُ
وكنتَ أمينَ المَلْكِ حقّاً وسيفَهُ / ومن حَسَناتِ البرِّ كانَ لَكَ الغِمدُ
وأَنتَ ابن حَمدونَ الَّذي كانَ حَمدُهُ / يُعَبّرُ عَن نادِيه في عَرفِهِ الندُّ
هُمامٌ إِلَيهِ كانَ تَقريبُ غُربَتي / بِبُزْلٍ خفيفٍ بين أخفافِها الوَخْدُ
بِأرْضٍ فلاةٍ تُنْكِرُ الأُسْدُ وَحْشَها / وَيَرتَدُ في اللَّحظِ العيونُ بها الرُّمدُ
وناجِيةٍ تَنجو بِهَمِّ هُمومِهِم / تَولَّى بها عن جِسمِها اللَّحمُ وَالجِلدُ
قَتَلتُ الأَماني من عَلِيٍّ ولم أزَلْ / مُفَدّى لَدَيه حَيثُ يَعذُبُ ليَ الوِردُ
بَكَيتُ علَيهِ والدُّموعُ سَواكِبٌ / تَخَدّدَ من طولِ البُكاءِ بها الخدُّ
وذاكَ قليلٌ قَدْرُهُ في مُعَظَّمٍ / له حَسَبٌ ما إن يُعَدَّ له عَدُّ
فَلَو صَحَّ في الدُّنيا الخُلودُ لِماجِدٍ / لأُبْقِيَ فيها ثمَّ صَحَّ له الخُلدُ
ومُختَلِف الطَّعمَينِ من طَبعِ عادِلٍ / فطعمٌ له سَمٌّ وطَعْمٌ له شَهْدُ
وَقَد كانَ في عَليائِهِ مُتَرفِّعاً / يَلينُ بِهِ الدَّهرُ الَّذي كانَ يَشتَدُّ
وكانَ أبِيّاً ذا أيادٍ غمامُها / ندى ماجدٍ في قبره قُبِرَ المَجدُ
وحَلَّ الرَّدى من كَفِّهِ عَقْدَ رايَةٍ / وَمِن كَفِّ مَيمونٍ لها جُدّدَ العَقدُ
وَما هُوَ إلّا حازِمٌ ذو كِفايَةٍ / يُناقِضُ هَزْلَ الرَّوْعِ من بَأسِهِ الجِدُّ
تقدّمَ من صِنْهاجةٍ كلَّ مُقْدِمٍ / فريستُهُ من قِرْنِهِ أَسَدٌ وردُ
بأيديهمُ نَوْرُ البَنَفسَجِ في ظُبىً / ينوّرُ من نارٍ لها حَطَبَ الهندُ
وَقَد لَبِسوا من نَسجِ داود أعيُناً / مُداخَلَةً خُوصاً هي الحَلَقُ السرْدُ
يَسُدُّونَ خلّاتِ الحروبِ إذا طَمَتْ / بِشَوكِ الرّدى حتَّى كأنَّهُمُ السَّدُّ
ويقتادهم منهُ شهامَةُ قائدٍ / به جُمْلَة الجيشِ العَرَمرَمِ تَعْتَدُّ
جوادٌ عميمُ الجود بيتُ عطائِهِ / لِقاصِدِهِ بالنَيلِ طَيَّبَهُ القَصدُ
له هِمَّةٌ في أُفقِها فَرقَدِيَّةٌ / كَواكبُها زُهْرٌ أحاطَ بِهِ السَّعدُ
وَأَثبَتَ لِلعَلياءِ مِنهُم قَواعِداً / لأعدائِهِ منها قواعدُ تَنْهَدُّ
أَرى يُمْنَ مَيمونٍ تَعاظَمَ في العُلا / بنيلِ مَعَالٍ لا يُحَدّ لها حَدُّ
وهِمَّةُ يَحيَى شَرَّفَتهُ بِخُلَّةٍ / بها يُسْعَفُ المَولى ويَبتَهِجُ العَبدُ
كَأَنَّ نُضَاراً ذائِباً عَمَّ جِسمَها / وإنْ رامَ حُسناً في العُيونِ له حَمدُ
وما مُطْرَفٌ إلّا أبيٌّ بِحُرْمَةٍ / عُبابٌ خِضَمٌّ حُلَّ عن حَسرِهِ المَدُّ
إذا أَعملَ الآراءَ عَنَّ لهُ الهدى / سَدادٌ هوَ الفَتحُ الَّذي ما لَهُ سَدُّ
يَروحُ وَيَغدو في المنى وَحَسودُهُ / بعيدُ رَشادٍ لا يَروحُ ولا يَغدو
ومِن حَيثُ ما ساورتَهُ خِفتَ بأسَهُ / وَلِلنّارِ مِن حَيثُ انثَنَيتَ لها وَقدُ
وإن جادَ كانَ الجودُ منه مهنأً / كغَيثٍ هَمَى ما فيه برقٌ ولا رعدُ
ولِلَّه في الإِجلالِ ذِكرُ مُحَمَّدٍ / بِكُلِّ لسانٍ في الثناءِ له حَمدُ
هُمُ السّادَةُ الأمجادُ والقادَةُ الأُلى / تُعَدُّ المَعالي منهُمُ كُلَّما عُدّوا
وَيَأمُرُهمْ بالصَّبرِ والحزمِ خاذِلٌ / لَهُم صبرٌ ووجدانُهُ فَقدُ
وَأَيَّ اصطِبارٍ فيه للنّفسِ رَحمَةٌ / عَنِ القائِدِ الأَعلى الَّذي ضَمَّهُ اللَّحدُ
وكأنّما شَمسُ الظهيرة نارُهُ
وكأنّما شَمسُ الظهيرة نارُهُ / وكأنّما شَجَرُ البسيطةِ عُودُهُ
وكأنّها نونٌ تُمَطّ وعينها
وكأنّها نونٌ تُمَطّ وعينها / ميمٌ لطولِ نحولها بالفدفدِ
كحلتْ جفونَ الصبح منها بالسرى / وتكحلتْ منه بلوْنِ الإثْمِدِ
فلجسمها والصبحُ يتبع نورَهُ / من جفنِ ليلتها انسلالُ المرودِ
يا ليتها كانت سفينَةَ زاجرٍ / فتخوضَ بي مدّ العبابِ المزبدِ
فأرى ابن حمدانٍ ونورَ جبينه / يجلو سناهُ قذى جفون الأرْمَدِ
جناحيَ محلولٌ وجيدِيْ مُطَوَّقٌ
جناحيَ محلولٌ وجيدِيْ مُطَوَّقٌ / فَرَوضيَ مطولٌ فما ليَ لا أشْدو
وناهدةٍ لمّا تَنَهَّدْتُ أعْرَضَتْ
وناهدةٍ لمّا تَنَهَّدْتُ أعْرَضَتْ / فراحت وقلبي في ترائبها نَهْدُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025