القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَبِيوَرْدي الكل
المجموع : 38
أَبا خالِدٍ لا تَبْخَسِ الشِّعْرَ حَقَّهُ
أَبا خالِدٍ لا تَبْخَسِ الشِّعْرَ حَقَّهُ / فَتَقْتَصَّ مِنْكَ الشّارِداتُ الأَوابِدُ
وَإِنْ خِفْتَ هَجْواً وَاتَّقَيْتَ بِنائِلٍ / قَوارِصَ تَأْباها النُّفوسُ المَواجِدُ
فَمِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلى الفِكْرِ وَحْيُهُ / وَتَمْلَأَ أَفْواهَ الرُّواةِ القَصائِدُ
أَغَرَّكَ أَنّي لِلِّسانِ عَنِ الخَنى / بِحِلْمي وَمِنْ أَخْلاقِنا الحِلْمُ ذائِدُ
فَما الظَّنُّ وَالمَغْرُورُ مَنْ لا يَهابُني / بِصِلٍّ عَلى أَنْيابِهِ السُّمُّ راكِدُ
سَقى اللهُ رَمْلَيْ كُوفَنٍ صَيِّبَ الحَيا
سَقى اللهُ رَمْلَيْ كُوفَنٍ صَيِّبَ الحَيا / وَلا بَرِحا مُسْتَنَّ راعٍ وَرائِدِ
وَلي أَدْمُعٌ إِنْ أَمْسَكَ المُزْنُ دَرَّهُ / كَفَلْنَ بِصوْبِ البارِقاتِ الرَّواعِدِ
فَقد أَوْطَنَتْها مِنْ أُمَيَّةَ عُصْبَةٌ / غُذُوا بِالمَعالي في حُجورِ المَحامِدِ
أَبُوهُمْ مُعاويُّ النِّجارِ وَأُمُّهُمْ / مُقابَلَةُ الأَعْراقِ في آلِ غامِدِ
وَكَمْ وَلَدا مِنْ صَائِبِ الرَّأْيِ حَازِمٍ / وَمِنْ أَرْيَحِيٍّ وافِرِ العِرْضِ ماجِدِ
وَكانُوا بِها وَالْعِزُّ في غُلَوائِهِ / مَطاعِينَ في الهَيْجا طِوالَ السَّواعِدِ
وَجُودُهُمُ يَكْسو الرِّقابَ قَلائِداً / وَبَأْسُهُمُ يَفْري مَناطَ القَلائِدِ
وَقَدْ قَايَضَتْهُمْ إِذْ أُتِيحَ بَوارُها / بِشِرْذِمَةٍ يَنْميهمُ شَرُّ والِدِ
هُمُ أَفْسَدوا إِذْ صَاهَرُونا أُصُولَنا / وَكَمْ صَالِحٍ شَانَتْهُ صُحْبَةُ فَاسِدِ
أَراذِلُ مِنْ أَوْباشِ مَنْ تَجْمَعُ القُرى / يَرومُونَ شَأْوي وَهْوَ عِنْدَ الفَراقِدِ
وَلَوْ شَاءَ قَوْمِي لَمْ يَبُلَّ عَدُوُّهُمْ / غَليلَ الصَّدى إِلَّا بِسُؤرِ المَوارِدِ
وَحاطُوا حِماهُمْ بِي وَما اسْتَشْرَفَتْ لَهُمْ / غَوائِلُهُ تَسْري خِلالَ المَكائِدِ
وَلكِنَّني أَعْرَضْتُ عَنْهُمْ فَكُلُّهُمْ / يَلُفُّ عَلى الشَحْناءِ أَضْلاعَ حاسِدِ
وَأَنْفَعُ مِنْ وَصْلِ الأَقَارِبِ لِلْفَتى / إِذَا زَهِدوا فِيهِ جِوارُ الأَباعِدِ
أَقولُ وَالفَخْرُ ما اهْتَزَّ النَّدِيُّ لَهُ
أَقولُ وَالفَخْرُ ما اهْتَزَّ النَّدِيُّ لَهُ / وَلَمْ يُنَشِّرْهُ مَطْوِيٌّ عَلى فَنَدِ
نَحْنُ الأُلى مَلَكَ الدُّنْيا أوَائِلُنا / فَمَجْدُهُمْ يَسِمُ الأَعْناقَ بِالصَّيَدِ
وَما سَعى والِدٌ مِنّا لِمَكْرُمَةٍ / لَمْ تَحْتَضِنْ مِثْلَها المَسْعَاةُ مِنْ وَلَدِ
فَظَلَّ تَالِدَةً فينا وَطارِفَةً / عُلاً تَرِفُّ حَواشيها عَلى الحَسَدِ
إِذا انْتَسَبْنا أَحَبَّ النّاسُ أَنَّهُمُ / مِنّا وَلَمْ نَرْضَ أَنْ نُعْزَى إِلى أَحَدِ
أَعِد نَظَراً هَل شارَفَ الحَيُّ ثَهْمَدا
أَعِد نَظَراً هَل شارَفَ الحَيُّ ثَهْمَدا / وَقَد وَشَّحَتْ أَرجاؤُهُ الرَّوضَ أَغيَدا
جَلا الأُقحوانُ النَّضرُ ثَغراً مُفَلَّجاً / بِهِ وَالشَّقيقُ الغَضُّ خَدّاً مُوَرَّدا
إِذا المُزنُ أَذرى دَمعَهُ فيهِ خِلتَهُ / عَلى طُرَرِ الرَيحانِ دُرّاً مُنضَّدا
وَما الجِزعُ مِن واديهِ رَبعاً أَلفتُهُ / فَقَد كانَ مَغنىً لِلغَواني وَمَعهدا
تَلوحُ بِأَيدي الحادِثاتِ رُسومُهُ / وُشوماً فَلا مَدَّت إِلى أَهلِهِ يَدا
وَلا زالَ يَسقي شِربَهُ مِن مَدامِعي / شآبيبَ تَحكي اللؤلؤَ المُتَبَدِّدا
وَقَفتُ بِهِ وَالشَّوقُ يُرعي مَسامعي / حَنينَ المَطايا وَالحَمامَ المُغَرِّدا
وَأَبكي وَفي الإِعوال لِلصَبِّ راحَةٌ / فَأُطفىءُ ما كانَ التَجَلُّدُ أَوقَدا
وَيَعذِلُني صَحبي وَيَعذُرُني الهَوى / وَهَل يَستَطيعُ الصَبُّ أَن يَتَجَلَّدا
وَشَرُّ خَليليَّ الَّذي إِن دَعَوتُهُ / لِيَدفَعَ عَنِّي طارِفَ الهَمِّ فَنَّدا
وَلَولا تَباريحُ الصَبابَةِ لَم أَقِفْ / عَلى مَنزِلٍ بالأَبرَقينِ تأَبَّدا
ذَكَرتُ بِهِ عَيشاً خَلَعتُ رداءَهُ / وَجاذَبنيهِ الدَّهرُ إِذ جارَ واِعتَدى
وَقَد خاضَ صُبحُ الشَّيبِ لَيلَ شَبيبَةٍ / تَحَسَّرَ عَنّي وَالشَّبابُ لَهُ مَدى
وَبَثَّ ضياءً كادَ مِن فَرَقي لَهُ / يَضِلُّ بِهِ لُبِّي وَبالنُّورِ يُهتَدى
تَوَسَّدَ فَوْدي وَفدُهُ قَبلَ حينِهِ / وَذَلِكَ زَورٌ لَيسَ يُخلِفُ مَوعِدا
وَأَخلَقَ سِربالُ الصِّبا فَأَظَلَّني / نَوالُ غياثِ الدَّينِ حَتىّ تَجَدَّدا
وَقَد كُنتُ لا أَرضى وَإِن بِتُّ صادياً / بِرِىٍّ وَلَو كانَ المَجَرَّةُ مَورِدا
وَيأبى أُوامى أَن يَبُلَّ غَليلَهُ / سِوى مَلِكٍ فاقَ البَريَّةَ سؤدَدا
فَيَمَّمتُ خَيرَ النَّاسِ إِلّا مُحَمَّدا / قَسيمَ أَميرِ المؤمنينَ مُحَمَّدا
وَقَد خَلفَتْ صَوبَ الغَمامِ شِمالُهُ / وَلَولاهُما لَم يُعرَفِ البأسُ وَالنَّدى
يَنامُ الرَّعايا وَهوَ فيما يَحوطُهُم / يُراقِبُ أَسرابَ النُّجومِ مُسَهَّدا
وَقَد خَضَعَت صيدُ المُلوكِ مَهابَةً / لِأَروَعَ مِن أَبناءِ سَلجوقَ أَصيَدا
إِذا رُفِعَت عَنهُ السُّجوفُ وَأَشرَقَتْ / أَسِرَّتُهُ خَرَّ السَلاطينُ سُجَّدا
يُحَيُّونَ أَوفاهُم ذِماماً لِجارِهِ / وَأَكرَمَهُم أَعراقَ صِدقٍ وَأَمجدا
لَئِنْ أَسَّسوهُ فَهوَ أَعلى مَنارَهُ / وَزادَ عَلى ما أَثَّلوهُ وَشَيَّدا
وَيُعشي عُيونَ النَّاظِرينَ وَكُلُّهُم / يُقَلِّبُ في أَنوارِهِ لَحظَ أَرمَدا
وَيُوقِظُ أَقطارَ البِلادِ كَتائِباً / يَجُرُّونَ في الرَوعِ الوَشيجَ المُمَدَّدا
وَما واصَلَت إِلّا النُّحورَ رِماحُهُم / وَلا فارَقَتْ أَسيافُهُم قِمَمَ العِدا
إِذا اعوَجَّ مِنها ذابِلٌ في تَريبَةٍ / أَقاموا بِهِم مِن قِرنِهم ما تأَوَّدا
وَإِن لَم يُجِنَّ المَشرَفيَّ قِرابُهُ / غَدا في الطلى أَو في الجَماجِمِ مغمدا
وَلِلَّهِ دَرُّ السَيفِ يَجلو بَياضُهُ / غَياهِبَ يَومٍ قاتِمِ الجَوِّ أَربَدا
بِمُعتَرَكٍ يُلقي بِهِ المَوتُ بَركَهُ / يُسَلُّ لَجَيناً ثُمَّ يُغمَدُ عَسجَدا
هُمُ الأُسدُ يَلقَونَ الوقائِعَ حُسَّرا / وَهَل يَلبَسُ الأُسدُ الدِّلاصَ المُسَرَّدا
تَعَوَّدَ أَن يَلقَى القَنا بِلبانِهِ / وَخاضَ غِمارَ المَوتِ حَتىّ تَجَدَّدا
عَلَيهِ رِداءُ النَّقعِ يُغسَلُ مِن دَمٍ / كَما تَصنَعُ الخَودُ المُلاءَ المُعَضَّدا
وَتَلطِمُ خَدَّ الأَرضِ مِنهُ حَوافِرٌ / تُعانِقُ مِنهُنَّ الجَلامِدُ جَلمَدا
يُطيعونَ مَيمونَ النَّقيبَةِ أَصبَحَت / لَهُ الأَرضُ دارا وَالبَريَّةُ أَعْبُدا
أَيا خَيرَ مَن يُهدى إِلَيهِ مَدائِحٌ / يَضُمُّ قوافيها الثَّناءَ المُخَلَّدا
جَذَبتَ بِضَبعي فاِمتطى الشُّهبَ أَخمَصِي / فَلَم أَنتَعِل إِلّا جُدَيّاً وَفَرقَدا
وَأَدنَيتَني حَتى اِنطَوى النَّاسُ كُلُّهُم / عَلى حَنَقٍ لي غائظينَ وَحُسَّدا
وَهَذا الَّذي أَدرَكتُهُ اليومَ لَم يَكُن / ليَبلُغَ ما أَحظى بإِدراكِهِ مَدى
وَباعُكَ مَبسوطٌ وَأَمرُكَ نافِذٌ / وَسَيفُكَ لا يَنبو وَسَيبُكَ يُجتَدى
إِذا المُزنُ أَغفى وَالكَلالُ يَمسُّهُ
إِذا المُزنُ أَغفى وَالكَلالُ يَمسُّهُ / تَشَبَّثَ بِالأَضلاعِ مِن جَمرِهِ وَقدُ
يَلوحُ كتوشيعِ اليماني وَأَدمُعي / تَفيضُ وَقَد شابَ النَجيعَ بها الوَجدُ
فَلا زالَ دارٌ بَينَ وَجرَةَ وَالحِمى / يَروحُ إِلى أَطلالِها لِها الصَبُّ أَو يَغدو
إِذا نَظَرتَ فالرِّيمُ يَرنو بِطَرفِها / وَإِن سَفَرَت فالشَّمسُ مِن وَجهِها تَبدو
تُحاكي النَّقا رِدفاً وَبالخَصرِ دِقَّهٌ / وَأَعلى القَنا لَحظاً وَسائِرُهُ قَدُّ
وَكالرَّوضِ يَرفَضُّ النَّدى مِن عِذارِهِ / غَدا يَرتَوي مِن فَيضِ عَبرَتِها الخَدُّ
وَقَد بَسَطَت عِندَ الوَداعِ أَنامِلاً / لَها في دَمي لَونٌ وَمِن دَمعِها جِلْدُ
وَقَرَّبتُ فَتلاءَ الذِّراعِ لِرِحلَةٍ / بِها تُدفَعُ الجُلَّى وَيُستَمطَرُ الرِّفدُ
وَصَحبي إِذا أَغْشَوْا مَطيَّهُمُ الرُّبا / دَعا بِالَّذي تَحثوهُ مِن تُربِها الوَهدُ
يَقولونَ لي كَم أَمتَطي غارِبَ الدُّجى / وَتَبغي الغِنَى وَالجِدُّ يَعنيكَ لا الكَدُّ
فَقُلتُ لَهُم لا تَيأَسوا مِنهُ إِنَّني / أُحاوِلُهُ ما دامَ مِن صارِمي حَدُّ
وَلَم أَستَدِرَّ المُزنَ يَقدُمُ وَدقَهُ / بُرَيقٌ كَما يَفتَرُّ عَن سِقطِهِ الزِّندُ
فَلي مِن غياثِ الدِّينِ نَعماءُ ثَرَّةٌ / يُقَطِّعُ أَنفاسَ الحَيا دونَها الجَهْدُ
وَمَن مَلَكَ البَرقَ المُرَجّى نَوالُهُ / نَدىً لَم يُراقِب دونَ نَفحَتِهِ الرَّعدُ
إِذا زُرتَهُ وَالوَهنُ يَحرِقُ نابَهُ / ثَنى صَرفَهُ عَنّي وَأَنيابُهُ دَردُ
وَيَغشى الوَغى وَاليَومُ قانٍ أَديمُهُ / بَعَضبٍ لَهُ مِن هامَةِ البَطَلِ الغِمدُ
يُقَرِّبُهُم مِمّا يَرومونَ ضُمَّرٌ / عِتاقٌ تَساوى عِندَها القُربُ وَالبُعدُ
مِنَ القرَياتِ الجُلحِ خَلَّفَها لَهُ / أَبٌ حينَ واراهُ وُقيتَ الرَدى لَحدُ
وليسَ إذا حلَّ الرَّبيعُ نِطاقَهُ / يَرِفُّ بِها الحَوذانُ والنَّفَلُ الجعدُ
وَيَخشى القَطا الكُدْرِيُّ فيها ضَلالَهُ / وَيَشكو لَظاها في أَداحيِّها الرُّبْدُ
فَجَدّي وَهُوَ عَنبَسَةُ بنُ صَخرٍ
فَجَدّي وَهُوَ عَنبَسَةُ بنُ صَخرٍ / بِريءٌ مِن يَزيدَ وَمِن زيادِ
خَليليَّ إِنَّ الحُبَّ ما تَعرِفانِهِ
خَليليَّ إِنَّ الحُبَّ ما تَعرِفانِهِ / فَلا تُنكِرا أَنَّ الحَنينَ مِنَ الوَجدِ
أَحِنُّ وَللأَنضاءِ بِالغَورِ حَنَّةٌ / إِذا ذَكَرَت أَوطانَها بِرُبا نَجِدِ
وَتَصبو إِلى رَندِ الحِمى وَعَرارِهِ / وَمِن أَينَ تَدري ما العَرارُ مِنَ الرَندِ
وَمِمّا شَجاني أَنَّ لَيلى تَغَيَّظَتْ / فَقالَت سِراراً وَالمَطِيُّ بِنا تَخدِي
هُذَيمٌ وَسَعَدٌ يَعذِلانِ عَلى الهَوى / فَماذا لَقينا مِن هُذيمٍ وَمِن سَعدِ
رَمَتني غَداةَ الخَيفِ لَيلى بِنَظرَةٍ
رَمَتني غَداةَ الخَيفِ لَيلى بِنَظرَةٍ / عَلى خَفَرٍ وَالعيسُ صُعْرٌ خُدودُها
فَما لاذَ مَن نالتهُ إِلّا بِمَدمَعٍ / يُحاكي بِجَفنَيهِ الدُّموعَ عُقودُها
وَأَذرت بِجَمعٍ فالمُحَصِّبِ عَبرَةً / فَظَلَّتْ بِأَطرافِ البَنانِ تَذودُها
مِنَ البيضِ لَم تَعرِف سِوى البُخلِ شيمَةً / وَلَم يُرجَ إِلّا بِالأَحاديثِ جودُها
شَكَت سَقَماً أَلحاظُها وَهي صِحَّةٌ / فَلَستُ أَرى إِلّا القُلوبَ تَعودُها
رَمى صاحِبي مِن ذي الأَراكِ بِنَظرَةٍ
رَمى صاحِبي مِن ذي الأَراكِ بِنَظرَةٍ / إِلى الرَّملِ عَجلى ثُمَّ كَرَّرَها الوَجدُ
وَأَتَبعتُها أُخرى فَبي مِثلُ ما بِهِ / أَجِلْ ما اسَطَعتَ الطَّرْفَ أُسْعِدْكَ يا سَعدُ
مَتى طَرَقَتْني نَفحَةٌ غَضَوِيَّةٌ / يَفوحُ بِرَيَّاها العَرارُ أَوِ الرَّندُ
أَزالَتْ فؤادَ الصَبِّ عَن مُستَقَرِّهِ / بِوَجدٍ كَما يَفتَرُّ عَن نارِهِ الزَّندُ
إِذا ما الغَمامُ الجَوْدُ حَلَّ نِطاقَهُ / فَخصَّ بِهِ نَجدٌ وَمَن ضَمَّهُ نَجدُ
وَظَلماءَ مِن لَيلِ التَّمامِ طَوَيتُها
وَظَلماءَ مِن لَيلِ التَّمامِ طَوَيتُها / لأَلْقى أَناةَ الخَطوِ مِن سَلَفَيْ سَعدِ
أُمَزِّقُ جِلبابَ الظَّلامِ كَما فَرى / أَخو الحُزنِ ما نالَت يَداهُ مِنَ البُردِ
وَقَد عَبَّ في كأسِ الكَرى كُلُّ راكِبٍ / فَمالَ نَزيفاً وَالجيادُ بِنا تَردِي
وَحَلَّ عِقالَ الوَجدِ شَوقٌ كَأَنَّهُ / شَرارَةُ ما يَرفَضُّ مِن طَرَفِ الزَندِ
وَأَوقَرَ أَجفاني دُموعٌ نَثَرتُها / عَلى مِحمَلي نَثرَ الجُمانِ مِنَ العِقدِ
فَلَم يُبقِ مِنّي الحُبُّ إِلّا حشاشَةً / يُجاذِبنيها ما أُعاني مِنَ الوَجدِ
وَظَمياءَ لا تَجزي المُحِبَّ بِوُدِّهِ / وَلِلَّهِ ما يُخفيهِ مِنهُ وَما يُبدي
وَتوهِي مَريراتِ العهودِ خِيانَةً / لِمُصفي الهَوى راعي المَوَدَّةِ وَالعَهدِ
وَتَرتاحُ لِلواشي بأُذنٍ سَمِيعَةٍ / تَلَقَّفُ مِنهُ ما يُنيرُ وَما يُسدي
وَتُنكِرُ حَتىّ لَيلَةَ الجِزعِ بِالحِمى / لَيالينا بِالسَّفحِ مِن عَلَمَيْ نَجدِ
وَقَد زُرتُها وَالباتِراتُ هَواتِفٌ / بِنا وَأَنابيبُ الرُدَينيَّةِ المُلْدُ
وَذُقتُ لَها أَستَغفِرُ اللَهَ ريقَةً / كَبَيضاءَ قَد شيبَت بِحَمراءَ كالوَردِ
وَنِلتُ حَديثاً كادَ يَغشى مَواقِفي / مِنَ القُلَّةِ الشَّماءِ بالأَعصَمِ الفَردِ
وَلَمّا اِفتَرَقنا كانَ ما وَعَدَتْ بِهِ / سَراباً وَمَن بِالماءِ مِن حَجَرٍ صَلْدِ
وَمِن عَجَبٍ أَن تُخلِفَ العَهدَ غادَةٌ / أَبي وَأَبوها مِن بَني صادِقِ الوَعدِ
وَبِالقَلبِ وَشمٌ مِن هَواها وَلَم يَكُن / لِيَمحُوَهُ غَدري حَياءً مِن المَجدِ
أَحِنُّ إِلَيها وَالعُلَيمِيُّ عاذِلي / هُذَيمُ أَفِقْ مِن مَنطِقٍ حَزَّ في جِلدي
فَلَولا ابنَةُ السَعيدِّ لَم يَكُ مَنزِلي / بِحَيثُ العَرارُ الغَضُّ يَلتَفُّ بِالرَّندِ
وَلا هاجَ شَوقي نَفحَةٌ غَضَوِيَّةٌ / غَداةَ تَلَقَّتها العَرانينُ مِن نَجدِ
وَمن أَجلِها أُبدي الخُضوعَ لِقَومِها / وَأَمحَضُهُم وُدِّي وَأُوطِئُهُم خَدّي
وَلي شيمَةٌ عَسراءُ تَرأَمُ نَخوَةً / تُحَلِّىءُ سَيفي عَن مُضاجَعَةِ الغِمدِ
مَرَرتُ عَلى ذاتِ الأَبارِقِ مَوهِناً
مَرَرتُ عَلى ذاتِ الأَبارِقِ مَوهِناً / فَعارَضَني بيضُ التَّرائِبِ غيدُ
وَقَد أَشرَقَتْ مَصقولَةً بيَدِ الصِّبا / وُجوهٌ عَلَيها نَضرَةٌ وَخُدودُ
وَأَلقَتْ قِناعَ الفَجرِ قَبلَ أَوانِهِ / فَهبَّ حَمامُ الأَيكِ وَهيَ هُجودُ
وَأَبصَرتُ أَدنى صاحِبيَّ يَهُزُّهُ / عَلى طَرَبٍ مِيلُ السَّوالِفِ قُودُ
فَمالَ وَأَبكاهُ الغَرامُ كَأَنَّهُ / عَلى الكورِ غُصنٌ ريحَ وَهوَ مَجودُ
فَقالَ تَرى يا بْنَ الأَكارِمِ ما أَرى / أَلاحَ ثُغورٌ أَم أَضاءَ عُقودُ
فَقُلتُ لَهُ نَهنِهْ دُموعَكَ إِنَّها / ظِباءٌ حَمى أَسْرابَهُنَّ أُسودُ
هَبِ القُرَشِيَّ اِعتادَهُ لاعِجُ الهَوى / وَمادَ فَما لِلعامِريِّ يَمييدُ
رَنا نَحوَها طَرْفي وَقَلبي كِلاهُما / فَلَم أَدرِ أَيَّ النَّاظِرَينِ أَذودُ
لَئِن نَشَبَت مِن سِربِها في حِبالَتي / مَليحَةُ ما وارى البَراقَعُ رودُ
فَإِنّي وَحُبِّيها أَليَّةَ عاشِقٍ / يَبَرُّ التُّقى أَيمانَهُ لَصَيودُ
وَغادَةٍ تَشهَدُ الحِسانُ لَها
وَغادَةٍ تَشهَدُ الحِسانُ لَها / أَنَّ سَنا النَيِّرَينِ مَحتَدُها
آباؤُها الغُرُّ مِن ذُرا مُضَرٍ / في شَرَفٍ زانَهُ مُحمَّدُها
وَالأُمُّ مِن وائِلٍ إِذا اتَّصَلَتْ / فالجَدُّ بسطامُها وَمَرثَدُها
تَفضُلُ في حُسنِها النِّساءَ كَما / يَفضُلُ في الخَيرِ يَومَها غَدُها
فَما اِصطَلَتْ غَيرَ مِجمَرٍ أَرِجٍ / وَلا اِمتَرَتْ ضَرعَ لِقحَةٍ يَدُها
إِن سَفَرَتْ فالعَذولُ يَعذُرُني / أَو نَظَرَتْ فالظِّباءُ تَحسُدُها
أَحوَرَها لا يُفيقُ مِن خَجَلٍ / وَيَرتَدي بِالحَياءِ أَغيدُها
أَو طاشَتِ الغانياتُ مِن أَشَرٍ / يُقيمُها فالوقارُ يُقعِدُها
وَفي فؤادي تَبَوَّأتْ وَطناً / وَكان بالأَبرَقَينِ مَعهَدُها
بِحَيثُ يَلقى السَّاري مُشَهَّرَةً / يُقضِمُها المَندَليَّ موقِدُها
يا نَجدُ لا أَخطأَتْكِ غاديَةٌ / أَغزَرُها لِلحمى وَأَجودُها
حَتىّ تُناصي أَراكَهُ إِبِلٌ / خَوامِسٌ لا يَنِشُّ مَورِدُها
فالطَّرفُ مُذ غِبتُ عَنكَ يُسهِرُهُ / ذِكرى لَيالٍ قَد كانَ يَرقُدُها
إِذا رَأَيتُ الرِّكابَ صادِرَةً / سارَ بِقَلبي إِلَيكَ مُنجِدُها
وَأُمِّ خِشفٍ ضَلَّتْهُ فاِنطَلَقَتْ / تَنشُدُهُ والِهاً وَينشُدُها
فَصادَفَتهُ لَقىً بِمَهلِكَةٍ / يَغَصُّ بِالضَّارياتِ فدفَدُها
وَحاذَرَتْها فاِستَشعَرَتْ وَجَلاً / تَقرُبُ مِنهُ وَالرُّعبُ يُبعِدُها
وَتَنتَضي مِن ضُلوعِها نَفَساً / يَدمى وَيَشجى بِهِ مُقَلَّدُها
فَتِلكَ مِثلي إِذ زُرتُ مَنزِلَةً / أَرى مَهاها فأَينَ خُرَّدُها
وَبَينَ جَنَبيَّ لَوعَةٌ وَقَدَتْ / وَلَيسَ إِلّا ظَمياءُ تُخمِدُها
رأى صَحبي بِكاظِمَةٍ
رأى صَحبي بِكاظِمَةٍ / سَنا نارٍ عَلى بُعدِ
وَفيمَنْ يَستَضيءُ بِها / فَتاةٌ صَلْتَةُ الخَدِّ
وَتُذكيها عَلى خَفَرٍ / بِأَعوادٍ مِنَ الرَّندِ
هيَ الخَودُ الَّتي فَرَعَتْ / بِقَيسٍ ذِروَةَ المَجدِ
تُواري الأَرضَ إِن خَطَرَتْ / بِذاكَ الفاحِمِ الجَعْدِ
وَقَد أَرِجَتْ مَواطِئها / برَيّا العَنبَرِ الوَردِ
وَنَجدٌ دارُها وَبِهِ / شَبا الخَطِّيَّةِ المُلْدِ
وَبي شَوقٌ تُلَقِّحُهُ / تَباريحٌ مِنَ الوَجدِ
وَيُبكيني تَذَكُّرُهُ / فَيا لَهَفي عَلى نَجدِ
أَقولُ لِسَعدٍ وَهوَ خِلِّي بِطانَةً
أَقولُ لِسَعدٍ وَهوَ خِلِّي بِطانَةً / وَأَيُّ عَظيمٍ لَم أُنَبِّهْ لَهُ سَعدا
إِذا نَكَبَتْ نَجداً مَطاياكَ لَم أُبَلْ / بِعَيشٍ وَإِن صادَفتُهُ خَضِلاً رَغدا
تَلَبَّثْ قَليلاً يَرْمِ طَرْفي بِنَظرَةٍ / إِلى رَبواتٍ تُنبِتُ النَّفَلَ الجَعْدا
فَإِنَّكَ إِن أَعرَقْتَ وَالقَلبُ مُنجِدٌ / نَدِمتَ وَلَم تَشمُم عَراراً وَلا رَندا
وَلَم تَرِدِ الماءَ الَّذي زادَكَ النَّوى / وَقَد ذُقتَ ماءَ الرَّافِدَينِ بِهِ وَجدا
أَتَرمي بِنا أَرَضَ الأَعاجِمِ ضَلَّةً / فَتَزدادَ عَمّا تَشتَهي قُربَهُ بُعدا
وَها أَنا أَخشى وَالحوادِثُ جَمَّةٌ / إِذا زُرتَها أَن لا تَرى بَعدَها نَجدا
وَحيٍّ مِن بَني جُشَمِ بْنِ بَكرٍ
وَحيٍّ مِن بَني جُشَمِ بْنِ بَكرٍ / يُزيرونَ القَنا ثُغَرَ الأَعادي
إِذا نَزلوا الحِمَى مِن أَرض نجدٍ / كَفَوهُ تَرَقُّبَ الدِّيَمِ الغَوادي
أَعاريبٌ إِذا غَضِبوا تَروَّتْ / دَماً سَرِباً أَنابيبُ الصِّعادِ
لَهم أَيدٍ تَشُدُّ عُرا عُلاهُم / بِأَطرافِ المُهَنَّدَةِ الحِدادِ
وأَعناقٌ بِها صَيَدٌ قَديمٌ / تُواري العِزَّ بِاللَّمَمِ الجِعادِ
وَلَو جاوَرتهم لَنُشِغْتَ كِبراً / يُخَيِّمُ بَينَ جيدِكَ وَالنِّجادِ
إِذا ما جَفَّ ظَهرُ الأَرضِ مَحلاً / فَهُم أَندى البَريَّةِ بَطنَ وادِ
وَفيهم كُلُّ واضِحَةِ المُحَيّا / كأَنَّ وِشاحَها قَلِقاً وِسادي
وَلَولا عَتبُها اِنتَعَلَتْ نَجيعاً / إِلى حَضَنٍ حوافرُ مِن جيادي
نأتْ فكأَنَّ أَجفاني طَوَتها / تباريحُ الهمومِ على قَتادِ
وَبَينَ عُقودِها وَالقُرطِ بُعدٌ / حكى ما بَينَهُنَّ مِنَ البِعادِ
أَغصُّ العَينَ بالعَبَراتِ وَجداً / لأَنّي بِالهَوى شَرِقُ الفؤادِ
وَحاكيَةٍ للرِّيمِ جيداً وَمُقلَةً
وَحاكيَةٍ للرِّيمِ جيداً وَمُقلَةً / لَها نظراتٌ لا يُنادي وليدُها
فَتُتلِفُ بالأولى إِذا ابتدأَت بِها / نفوساً وبالأُخرى إلينا تعيدها
تُميتُ وَتحيي مَن تَشاءُ بِنظرةٍ / فماذا تُرى لو عاونَ العينَ جِيدها
قِفا بنجدٍ نسلِّمْ
قِفا بنجدٍ نسلِّمْ / على ديارِ سعادِ
فَلي دموعٌ تروَّي / بها الطُّلولُ الصَّوادي
والنَّاجياتُ إِليها / يخِدْنَ مِيلَ الهوادي
لَها من الشَّوقِ هادٍ / ومِن زَفيرِيَ حادِ
وكَم بها مِن ظِباءٍ / حلَّتْ سرارةَ وادي
تَسبي الأُسودَ بنُجْلٍ / كالباتراتِ الحدادِ
كأَنَّها مِن فتورٍ / مملوءَةٌ مِن رُقادِ
عارَضتُها إِذ توَلَّتْ / بها الحدوجُ الغوادي
أَبغي الفؤادَ لديها / فما وجدتُ فؤادي
إِن أَخلَفَ الوَعدَ حيٌّ يظعَنونَ غَدا
إِن أَخلَفَ الوَعدَ حيٌّ يظعَنونَ غَدا / وَفَى لِيَ الطَّرفُ مِن دَمعي بِما وَعَدا
فَلا تَرى لؤلؤاً مِن مبسِمٍ نَسَقاً / حَتىّ تَرى لؤلؤاً مِن مَدمَعٍ بَددا
يا سَعدُ إِنَّ فِراقاً كنتَ تحذَرُهُ / دَنا ليَنزِعَ مِن أَحشائِكَ الكَبِدا
هَلمَّ نَبْكِ على نجدٍ وَساكِنِهِ / فَلَن تَرى بَعدَ نَجدٍ عيشَةً رَغَدا
وَدَعْ هُذيماً فقد طافَ السُّلُوُ بِهِ / وَعَن قَريبٍ تَراهُ يَلتَوي كَمَدا
وَيا هُذَيمُ أَلا تَبكي عَلى وَطَنٍ / يُذيبُ مِن أَدمُعي ذِكراهُ ماجَمَدا
هَلّا اِقتَدَيتَ بِسَعدٍ في صَبابَتِهِ / غَداةَ مَدَّ لِتَوديعِ الحَبيبِ يَدا
أَتُنجِدانِ فؤاداً شَيِّقاً عَلِقَتْ / بِهِ الصَبابَة إِن أَتهَمتُما نَجَدا
أَم تَنُقُضانِ عُهوداً كُنتُ أُبرِمُها / إِن تَنقُضاها فَلا لُقِّيتُما رَشَدا
مَتى تَغيبا وَلَم يَمنَعْكُما كَرَمٌ / أَن تُخبِرا بِأَحاديثِ الهَوى أَحَدا
فَلا رأَت عَلَمَيْ نَجدٍ عُيونُكُما / وَلا رَعى بِالحِمى نِضواكُما أَبَدا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025