المجموع : 38
ولما تلثمنا الدجى وسرى بنا
ولما تلثمنا الدجى وسرى بنا / بقية جريال من الليل مسود
طرقنا بيوت الحي حتى كأننا / نجوم قد انقضت على العلم الفرد
إذا الشيح ألقى في ثيابي لونه / فصبغته من صبغة الشيح والرند
هوادج تبدو فوق أسنمة المطا / حسانا كما يبدو السوار على الزند
سقى اللَه ليلات النقا ما الذها / مجلجلة ملتفة البرق بالرعد
جرى الدمع من أجفاننا يوم رامة / ولم يكفه حتى حشاهن بالسهد
فلا أبعد اللَه الديار وأهلها / ورد بغيظ عنهم رامي البعد
لك أن تروح على الصدود وتغتدي
لك أن تروح على الصدود وتغتدي / وعلي أن أصبو لناديك الندي
أهدي إليك على البعاد تحية ال / ولهان يعثو بالفؤاد المكمد
يا راحلا والصبر يتبع أثره / إن كنت أزمعت الرحيل فزود
ضيعت عمري في هواك فلا تضع / ذممي وها أثر الوداع فأنجد
ما حق مثلي أن تضاع عهوده / شقيت حظوظ في هواك فأسعد
هيهات أن نلقى كودك صادقا / والصدق ذو ورد قليل الورد
الوعد دين يا خليط فوفه / إن الوفاء دليل طيب المولد
لم تسمع الأيام بابن تجيبه / بعد الخليل ولا يفي بالموعد
مه يا هذيم ظننت أنك ناصحي / ولقد نظرت إلى ذكاء بأرمد
وعلى اختلاف الرأي كل قائل / ضل الورى وأنا المصيب المهتدي
وإذا الإمام تبينت آثاره / في كل مفسدة فمن ذا يقتدي
والناس منقسمون في أهوائهم / ما بين بالمحل حرامه
يا رب ما أنا بالمحل حرامه / فلم استحلوا أخذ قلبي من يدي
كيف التخلص من حبائل شادن / أنا فيه بين تحير وتردد
غنى بذكرهم السمير فعن لي / طرب طمحت به طموح معربد
وتكاد أينقهم تهش جنوبها / مما حملن من الحسان الخرد
أرسلتم طيف الخيال محرضا / فسرى ونبه لوعة لم ترقد
للَه ذاك الطيف أوقد فيهم / نارا ومر كأنه لم يوقد
لو كان في عدد الكرام وطرزهم / لأبي مجاذبة الأعنة من يد
ما أنصف الظمآن من أبدى له / عذب الورود وصددون المورد
ومطية الإمساك شر مطية / يحدى براكبها إلى الوادي الردي
وتفرقت أيدي سبا أحلامنا / لفراق متهمة وآخر منجد
يا وصل هل لك أن تحلل عقدة / لولا عقيلة وائل لم تعقد
واحسرة القلب الشجي تقلبت / يرجى أحبته كرات الفدفد
من أمكنته فرصة فأضاعها / واستعتب الأيام فهو المعتدي
أرياح توضح أو ضحي أخبارهم / وإذا انتهى ذاك الحديث فرددي
وأغن أثمد ناظري لقاؤه / لادر درك باسحيق الأثمد
لبس الخلاعة في هواه موله / خلع العذار بحب ذاك الأمرد
أخجلته بالعتب حتى خلته / في راحتي فكان أبعد مبعد
فكأنما في مقلتيه أدلة / تهدي إلى البرحاء من لا يهتدي
عانقته حتى الصباح فما خبا / برقي ولا هدأت شقاشق مرعدي
ورشفته فعجبت من قلقي به / عطشا ولم يك منه أعذب مورد
ووجدت في حد النوائب نبوة / فشحذت عيشي بالأغن الأغيد
وأبيض ليلي بالعراق فبشرت / آناؤه الواشي بوجه أسود
وافت إليك مع الصباح مغيرة / خيل الصبوح فمل وغن وعربد
ويصب عين الشمس من قارورة / قعر يدور بفرقد في فرقد
من ناشد عني جآذر تغلب / ما بالها تدمي الكماة ولا تد
نضت الحجاب فأسفرت عن كوكب / يفري الدجى بسنائه المتوقد
وجلت مباسمها لنا عن لؤلؤ / رطب المحبة بالشباب منضد
فرأيت سائمة الملاحة ترتعي / في يافعين مورس ومورد
ومذ انبرى شمل الفريق مفرقا / فرقت شمل مدامعي وتجلدي
وشغلت عن ذم الزمان بمدحة / لندى سليمان القران الأسعد
حدث على إن الصواب بجده / فضلت شبائبه شيوخ السؤدد
هو جمرة الملك الذي يرمي العدى / بشرارة الطعن التي لم تخمد
أفعاله سعد على علاتها / سعدت نجوم الافق أو لم تسعد
لا ينتضي إلا ذبابة مرهف / نزاعة لشوى الكمي الأربد
بطل وإن كانت تحاياه العسجد / يا فالقا حب القلوب بفيلق
يا فالقا حب القلوب بفيلق / هشم الكلى هشم الزجاج يجلمد
شرف الفوارس أن تدوس نعالها / بنعال خيلك يا شريف المحتد
يحملن كل حزور من حمير / لورام منكبه السها لم يبعد
يعد الكريم لعلة لكنه / موف ولو ورى بذاك الموعد
أمطر سيوفك فالقشاعم والطلى / من راحتيك بموعد وتوعد
ولك المكارم لا تحول حالها / وعلى النجوم شبيبة لم تفقد
ما كان عذرك إذ حجبت حبيبتي
ما كان عذرك إذ حجبت حبيبتي / عني وقد علق الهوى بفؤادي
إني بعثت على المكارم همتي / حتى تركت الجود نعل جوادي
علم متى استودعت علم سريرة / أمست وموعدها إلى ميعادي
أيام لا أرضى جليسي في العلى / قمر السماء ولا السماء النادي
واليوم شبه الطرس طرفي أبيض / حزنا وحظي أسود كمداد
كم رمت منهجها فعاقت دونها / للنائبات عوائق وعواد
هيهات أن ترد القطا من وردها / والنسر ممتنع على المصطاد
للَه أيامي التي سلفت بها / مضمومة الأيدي على الأكباد
يا أيها الداعي إلى رشد المنى / أنظر إليّ فقد فقدت رشادي
واسمع إلى الرؤيا التي عثرت بها / عيني وقد غرقت بفيض رقاد
حتى إذا ما الليل حان وفاته / والصبح أصبح داني الميلاد
والنجم مطروف الجفون كأنما / كحلته أميال الدجى برماد
ناديت من أمن المنادي شحه / ورقدت شيئاً بعد طول سهاد
فرأيت ليلي ذاك ليلي عاقدا / بند الظلام على طلى الآباد
وإذا بأبلج ذي جبين معوز / شمس الضحى منه إلى استمداد
قد أحدقت زمر الورى بجنابه / والناس منتشرون شبه جراد
فمشى إليّ على جواد أدهم / كالبدر منقله الظلام الهادي
ويقول لي أن كنت طالب وصلها / فجناب شيخك فيض ذاك الوادي
اذهب إليه فإنه باب المنهى / للآملين وكعبة الوفاد
واقرأه فاضلة السلام وقل له / إني رسول من أمام هاد
يرجوك أن تبدو الفتاة بزيها / حتى ترى شبه الشهاب البادي
ذكره بالزمن القديم قبيل ما / يروى بها ظمأ الفؤاد الصادي
هل كان طعم العشق حلواً ورده / أو كان مراً في فم الوراد
وليعرف الأخلاق في أخلاقه / قد تعرف الأنداد بالأنداد
واجعله مدرجة إلى نيل العلى / فالنار لا تورى بغير زناد
واجهد إليه فما بذلك ذلة / فالشيء لا يأتي بغير جهاد
وإذا الهوى غلب الفؤاد وراضه / حسن البكاء على فراق سعاد
أتراه يذكر يوم نادى داعيا / والشوق منه يجد بالايقاد
نأريته كالعقد سبعة أنجم / منظومة تبنى على الاسعاد
حتى تنبه واقتنى نيل المنى / ومشى بسهل العلم دون وهاد
وإذا أراك دقيق صنعتها كما / تهوى أراه الله كل رشاد
وإذا أبى فعلي قلب نجاحه / بخسارة وصلاحه بفساد
فأجبته يخشى إذاعة سرها / مني كان لم يدر حسن سدادي
ويخالني كالخائنين من الورى / أفشي كريم سرائر الأمجاد
فأجابني لما حباني بعضها / لم لم يخف وسقاك ذاك الغادي
أفعاد ذئبا جازعا من بعد ما / كانت لديه خلائق الآساد
كم رمت من يده المنى ويعيدني / لديارك العليا بحسن معاد
وأقول في أي المدائن مطلبي / فيقول لي هو ذاك في بغداد
يا أبن الأكارم لا غدير فأرتوي / وجنى الرياض ذوي على المرتاد
دعني أكل حزن المفاوز ناشدا / عنها مرادي أين حل بوادي
دعني أسل عن كل نجم مطلبي / فعسى تمد يدي لنجم هاد
دعني أكن ثاني الركاب فأنني / عند التطلب واحد الآحاد
مالي وإيثار الإقامة والذي / أرجوه بين نواجذ الآساد
دعني أجب سهل البلاد ووعرها / أي السيوف بقد في الأغماد
أشكو إليه من زمان جائر / جعل القيود قلائد الأجياد
ومني يريني الصبر عاقبة المنى / فلقد صبرت وما قضيت مرادي
قد طال سقمي في المرام فهل أرى / فرج الزمان له من العواد
ذهبت بصافية النعيم الأرغد
ذهبت بصافية النعيم الأرغد / كدراء تعثر بالجواد الأمجد
إني يقال عثارة عائرة الردى / من بعد ما هشمت جبين السؤدد
واحسرة الأيام كيف تمكنت / من هيكل الضرغام راعشة اليد
لا أبيض وجه الدهر إن صروفه / تسعى إلى الاحرار سعي الأسود
في مثل عبد الله واصلت العلى / لبس الحداد ونوح كل معدد
اليوم جفّت من ينابيع الندى / عين الحياة فواغليل الورد
اليوم أعولت العلوم كأنها / ثكلى مروعة بفقد الأوحد
ولى فواعية الهدى من بعده / صمت وواعية الندى لم تنجد
ما للنوائب لا استهل قطارها / ذبلت بها ريحانة النادي الندي
من مبلغ العلياء إن مليكها / في قبضة الأيام أي مصفد
ذهبت بكلتى المعارف جوهر / ما كان للمعروف غير مجرد
لا تطلب الأيام مثل وجوده / فمن الضلال طلاب ما لم يوجد
هيهات إن تجد المعالي مثله / ما كل سهم يلتقى بمسدد
أسد شديد البأس إلا أنه / في غير ذات الله لم يستأسد
ما أظمأ الآمال بعد سميدع / قد كان غوث اللَه للأمل الصدي
من مبلغ أقمار حمير إنما / برج المكارم بعده لم يسعد
وأرحمتاه لانفس قدسية / وضعت يدا ملكية للأعبد
ومن العجائب أن تمس يد الردي / من عالم الأنوار كل مؤيد
هيهات من يبغي الخلود لنفسه / والعالم النوري غير مخلد
للَه ماذا أغمدت أيدي الردي / من صارم للمكرمات مجرد
يا أيها القطب الذي حركاته / في كل قطب إذ تروح وتغتدي
إن كنت لا تختار إلا مارقا / فالقطر في سبخ الثرى لم يجمد
مالي أراك تصد عن غرر الورى / وتدير في الأوغاد عين تودد
ما ذاك من عبث ولكن في الهوى / ميلان غصن البانة المتأود
لولا ذراعك ما استطال لهابد / كالنار لولا الربح لم تتوقد
مالي وللأيام كيف ألومها / والبرد في النيران ما لم يعهد
كم قهقهت قبلي على لوامها / ومن البلية عذل من لا يهتدي
يا راحلا والدهر بعد رحيله / يبكي بكاء الوالد المتوجد
أو ما ترى المعروف جن جنونه / فمشى على الأيام مشي مقيد
يهنيك نور شمائل لو لم يكن / للنار إلا بعضها لم تخمد
كم من حديث مكارم أبقيته / يرويه بعدك مسند عن مسند
هي نعمة أخذت بدائرة الثرى / كالبحر إلا أنها لم تنفد
عمت مناقبك البلاد كأنها / سيارة الفلك التي لم تجحد
وأراك محسود البرية كلها / لا خير في الرجل الذي لم يحسد
من ينشد الدنيا قصائد نائل / من بعد جودك مالها من منشد
من لليتامى بعد أكرم والد / غير المكارم منه لم تتولد
تغشى حماك ولا تنال وروده / ما الهف الظامي دوين المورد
أين الطبيب المستغاث أما يرى / مرضى المكارم ما لها من عود
ذهبت به الأيام غير كريمة / إن النوائب للكرام بمرصد
أو ما ترى الدنيا غداة رحيله / مخضوبة بدم العلى والسؤدد
ذهب الزمان الأريحي فلا حمى / للمستجير ولا ندى للمجتدي
لم تذكر الأيام يومك في الوغى / إلا بكتك بذابل ومهند
ووراء ثارك كل راكب همة / حلت به بين السها والفرقد
من كل منصوص الأمامة في الورى / يهدي إلى الأجل النفوس فتهتدي
من آل حمير الذين تخالهم / خالا يوجنتي الندى والسؤدد
للَه سعدك قد أطال لك العلى / والسعي دون السعد ليس بمسعد
خلدت بك الخيرات إذ أوردتها / من كوثر الكرم الذي لم يورد
أيام كنت وكل قطب دائر / بالنير الأعلى الذي بك يقتدي
أيام أعطيت المعالي حقها / إذ كل عارية أهابك ترتدي
يا غائبين عن العلى ومحلهم / منها محل الماء من قلب الصدي
إن كان ظعنكم تبدد شمله / فاليوم شمل المجد غير مبدد
سلي عن يعملاتي كل واد
سلي عن يعملاتي كل واد / فقد باتت تشكاها البوادي
وأوردني السرى هلكات خيلي / فلم أبخل بشقر أو وارد
تعودت السياحة في الفيافي / فلم أعبأ بلج أو ثماد
ذريني والهوى بظباء قيس / فخدع الخل أثلم للفؤاد
وقد تأتي الخديعة من صديق / كما تأتي النصيحة من معاد
سليني شرح ديوان التصابي / فخافيه عليّ اليوم باد
قرأت صحائف الأشواق حرفا / فحرفا واهتديت إلى الرشاد
علمت بأن روضك غير روضي / فمالك تسألين عن ارتيادي
وللدنيا أحاديث طوال / غرائب شيبت لمم المداد
فكم صاد إلى الأحباب يوما / وكم يوم إلى الأحباب صاد
ليالي لم تزل بالبيض بيضا / وكانت كالسهول بلا وهاد
أرقت لذكركم طرفا وقلبا / ولحظ النجم يكحل بالرقاد
فزد يا سهد في قلقي إليهم / وزل عن جفن عيني يا رقادي
وهل يجدي سهاد العين شيئا / إذا كان الفؤاد بلا سهاد
أبعد مليح وجرة من مليح / وبعد مراد وجرة من مراد
شريت هواكم بالروح نقدا / وما علقت يدي بيد التمادي
أطالت فرقة الأحباب غيظي / فهل يوم أغيظ به الأعادي
ستذكرني إذا افتقدوا وفاتي / رجال من طباعهم التمادي
حسبت اللبث عجزا وانحطاطا / وما هو غير تمهيد المهاد
ولم أبرح وأن رغمت أنوف / عزيزا حيث كنت من البلاد
سلاني من أحب وواصلتني / أناس كان قطعهم مرادي
بليت بخلة كانت كأرض / أضاع سباخها عهد العهاد
وأصبح جامحا فرس الليالي / وكنت عهدته سلس القياد
وكل تنعم عقباه بؤس / وهل نار تكون بلا رماد
تلاعبني الليالي كل يوم / ملاعبة الفوارس في الطراد
خرقت صحائف الأيام علما / وصافحت الروائح والغوادي
وجربت الرفاق وجربتني / فلم أر غير زرع في جماد
معاداة الرجال بغير داع / بناء للأمور على فساد
وكانت قرة فغدت قذاة / وعقبى النار كلس من رماد
ورميك بالقطيعة غير رام / خلاف للمروءة والسداد
ومن زرع العداوة في البرايا / فليس سوى الندامة من حصاد
إذا ما كان ود المرء طبعا / فليس يفيد تطبيع الوداد
وليس بنافع طول اقتداح / إذا ما كان وري في الزناد
وحساد أضعت بهم هجائي / وحسب الليل أردية السواد
رأوا قمري بدا فاستكتموه / وماذا للمصر على العناد
إذا فسدت طباع الدهر سادت / على نجبائه أهل الفساد
وما أسفي على الأيام إلا / على إبل حداها غير حاد
أرى ترف الصبا كالشيب عندي / إذا كان الجميع إلى نفاد
فويل للشبيبة كيف ولت / ولم أنل السعادة من سعاد
وحظ كلما تاجرت فيه / رمى تلك التجارة في كساد
وخل كان معتمدي عليه / فمنذ جفا عتبت على اعتمادي
تصبر أو فمت جزعا ووجدا / حدا بعقيلة الحيين حاد
حبست ركابهم لوداع أحوى / ضلالي في محبته رشادي
إذا لم تبل حدا في حسام / فلا يغررك طول في النجاد
وقال القلب ودعني فلسنا / بملتقيين إلا في المعاد
قريب ما إليه سبيل وصل / وقرب ذوي القطيعة كالبعاد
ذريني فيهم وفساد حالي / صلاح البابلية في الفساد
كبا في حبكم يا سلم صبري / وقد يكبو النجيب من الجياد
طربت وحق لي طربي بقوم / جرى ملء العنان بهم جوادي
ترى أرما ديارهم المعالي / وأن هي لم تكن ذات العماد
تحوم لهم على العافي هبات / كما ازدحمت على الماء الصوادي
يؤمهم سليمان المعالي / ولا قش بن ساعدة الأيادي
فتى كم قاد للدنيا حرونا / أبى جبروته ذل القياد
وكم ساق العظام إلى صغار / كأنهم بقايا قوم عاد
يمينا باقتحامك والمنايا / تصبح بكل مقتحم بداد
أراه الحزم مصدر كل حال / وموقع كل داهية ناد
متى يجنى الغنى ممن سواه / وأين الورد من شجر القتاد
كأن عطاء كلتا راحتيه / عطاء النيرين بلا نفاد
ليمناه ويسراه يسار / ويمن في الملمات الشداد
ظلوم للذخائر ليس يبقى / على رمق الطريف ولا التلاد
وكف منك بالعقيان تندى / وذكر عنك يملأ كل واد
وطيب من حديث لهاك تلهو / به الركبان عن ماء وزاد
إذا خفقت لك الرايات يوما / تركت الدهر خفاق الفؤاد
يسارك معقل من كل عسر / وبأسك عوذة من كل عاد
فأنت أبو الزمان فمن يفادي / وأنت ابن القضاء فمن يعادي
دهمتهم بطعن من منايا / تسمى بالمثقفة الحداد
وزرتهم بأقدار مواض / يقال لها ظبى البيض الحداد
وطعن لا يذم الكر منه / إذا ذم الفرار من الجلاد
وزرع قنا على خلجان زغف / كأن قتيرها حدق الجراد
وإن تسلل بوارقه لحرب / فإن البرق من سمة الغوادي
هززت عوالي المران منه / فعادت عن مكائدها العوادي
متى عبس الكرام تجده طلفا / وسل يوم الطراد عن الجواد
وقدمه السماح على بنيه / فكان دليله في كل واد
وبلق من جياد الله باتت / تجهزها يد الملك الجواد
هواد للرجال إلى مناها / تسوم بالفتوح لها هواد
يسير بسيرها مولى تمنت / مواطىء خيله مقل الأعادي
وعد الدنو وضنّ بالميعاد
وعد الدنو وضنّ بالميعاد / مذق الحديث مماطل متماد
ليت الخيال وفي لنا هيهات ذا / أعدام أيقاد فأين رقادي
نفروا فلم تترك نفورة عينهم / للعين غير مدامع وسهاد
يا طلعة الأقمار لا تتبرجي / فضحت سعودك نظرة لسعاد
والبان يعجبك انثناء غصونه / لولا اهتزاز قوامها المياد
يا دار من عقرت عليه مودتي / عقرت بعهدك كوم كل عهاد
وتمشت النسمات فيك عليلة / مشى الأسير بأثقل الأصفاد
يا ليت شعري هل ألم بساعة / تخلو من الرقباء والحساد
وأبل من نظري إليك جوارحا / أبدا إليك بكلهن صوادي
واشم من ذاك العذار بنفسجا / الند لبس له من الأنداد
وأضم من ريحانه وشقيقه / نزه النفوس ومتعة الأجساد
وأرى بوجنته سطور ملاحة / بدم القلوب تخط لا بمداد
ولقد نشطت ليوم دجن أدكن / خاط الغمام له مسوح حداد
وعلى المغاني للفواني والغنا / زهو يريك مواسم الأعياد
أعلمت ما أبدعت من أحدوثة
أعلمت ما أبدعت من أحدوثة / هي عقر كل جواد مجد أجود
وواحشتاه لظاعنين ترحلوا / بالطيبات وخلفوا اليوم الردى
إن كان يبلغهم سلامي فاقروا / عني السلام أهيل ذاك المعهد
فهناك من ريح السماح لواقح / تزجي سحائب مورقات الجلمد
يا آل عبد الله أن خطوبكم / سلبت من الأيام كل تجلد
إن غيبت شمس السعود فإنما / في البدر للثقلين أسعد مشهد
وإذا عشا نظر المكارم بعده / كنتم لتلك العين الأثمد
بشراكم بنزول فادحة أبت / لأبيكم إلا جوار محمد
أنّي أعزيكم بها لا والعلى / من ذا يعزّى بالنصيب الأسعد
لكم معاني المكرمات جميعها / والناس قائمة بمعنى مفرد
لو تهتدي الدنيا بغير هداكم / لم تحظ ناشدة السماح بمرشد
وأغنّ يفقدني ربيع شبيبتي
وأغنّ يفقدني ربيع شبيبتي / فأعيدها منه بشم ورود
وإذا أهالتك الرماح بفتكها / هانت عليك من الدمى بقدود
ريم الكناس لانت أعجب آية / تسبى الضراغم بالتفاتة جيد
هل حيلة تهدي إليك فاهتدي / ولو أن مسكنها شفار حديد
أو ساعة تطوي البعاد ونلتقي / فأفوز منك ولو بنيل وعيد
أهل العقيق من الخدود فدتكم / أهل الغضا من أضلع وكبود
لا تكثروا منّا عليّ بوصلكم / فلحاظكم لم تخل من تهديد
ذهبت بنا تلك العيون إلى اسى / مزج الوصال لنا بكاس صدود
إن كلفتني السقم سود محاجر / فلقد شفتني منه بيض خدود
إلى الحب أرشدني إذا كنت مرشدي
إلى الحب أرشدني إذا كنت مرشدي / فما أنا إلا للغرام بمهتد
ولا ترج سلواني فقد بعت لذتي / على يد من أهوى بهم منكد
فأصبحت بين الشمس من خد غادة / قتيلا وبين البدر من خد أغيد
وما أنس لا أنسى التي كم تعطفت / علي بتقبيل ورشف مردد
وضنت بوعد لا تطيق نجازه / وكم متلف في الدهر انجاز موعد
أقول لها يا ضرة الشمس هل لها / أجل مرادي من سبيل فأهتدي
مننت برشف ربما بل غلة / وصنت الذي أمسى نهاية مقصدي
حبيبة قلبي آه من لوعة النوى / وويلاه من بين على الصب معتد
فلا تنكري مني دما سال في الهوى / بحيث متى استشهدت خدك يشهد
خليلي إن أضمرتما لي مودة / فهذا محل الوامق المتودد
أتتني من الدنيا غوازي حوادث / ذوات يد تطوي النفوس ولاتد
كأني موقوف على الوجد والأسى / تروح عليّ النائبات وتغتدي
خليلي إن ساعفتماني هنيئة / بيومي هذا حزتما الأجر في غد
خذالي من ألحاظ ريم بذي النقا / أماناً فقد صالت بكل مهند
خليلي ما نفع الخليل لخله / إذا لم يعنه في الخطوب ويسعد
بنفسي التي في ثغرها البرق والندى / وفي خدها النوار والكلأ الندي
أما ورضاب الثغر تطفي ببرده / حشاشة وجد في الحشا متوقد
وطرف كطرف الريم لا والتفاتة / تردي المها ثوب الحياء فترتدي
ودهر تقضى بين حان وحانة / وجيداء تسبي الناظرين وأجيد
وكأس مدام لو تطعم ريقها / فم الدهر يوما مال ميل المعربد
وطول قلى يرضي الخليط وأهله / ويمسي به أهل الهوى في تنكد
وطيب وصال لو يباع ويشتري / بذلت به روحي وما ملكت يدي
وكافور خد فوقه خال عنبر / كأبيض ما في العين زين بأسود
لانت منى قلبي فلا تتباعدي / صليني بقرب يا أميمة أو عدي
ومنجدة في الركب لاشد رحلها / لبين ولا سارت بها ساق أوخد
وقفنا نجده الحزن من بعد هزله / وللحب عهد ليس بالمتجدد
ولما التقينا والمطايا مثارة / وللحب نهب في قلوب وأكبد
جرى العتب حتى ظلت العيس تلتوي / بأعناقها والخيل تكدم باليد
عشية ناوحت الحمام على الهوى / وأغريت بالتعديد كل معدد
عشية طال اللثم حتى رأيتها / وقد عوضت عن درها بالزبرجد
عشية أطلقنا البكاء على النوى / وكل بأصفاد الهوى كالمقيد
فديتك لا خل على البين مسعدي / وها ضاع من قبل بين تجلدي
دعيني عما لم أعوده من قلى / شديد على الإنسان ما لم يعود
أأحمد أنت أوفى الناس عهدا
أأحمد أنت أوفى الناس عهدا / ومجدا بعد والدك المجيد
عهدت لنا بأن تجدي مرار / وطبع الحر أنهى للعهود
فزودنا بمطلبنا وزدنا / فليس على عطائك من مزيد
وكم جيش يؤمك مستفيدا / سينعم منك بالكرم المفيد
وأنا كالرياض لها احتياج / لماء السحب من كرم وجود
وإن تسمح فإنك ذو سماح / تسهل شدة اليوم الشديد
وأين البخل عنك فررت منه / فرار الحسن من صور القرود
ومن لعبت بأنملة الغوادي / فليس يخاف اخلاف الوعود
كفي رويدك واقصري يا هذي
كفي رويدك واقصري يا هذي / هيهات ليس الفيلسوف بهاد
هلّا مررت على قباب سعاد
هلّا مررت على قباب سعاد / فرأيت كيف تفتت الأكباد
للَه هاتيك الكناس تكفلت / بحفاظهن مجاثم الآساد
قسما بها ما عنّ منجد برقها / إلا وبل بعبرتيّ نجادي
يا أيها الغلمان أن مهاكم / تركت صلاحي معلما بفساد
واستبدلت أنسي بأعظم وحشة / فالبيد فرشي والتلاع وسادي
ما مر بي آن وحق هواهم / إلا وزاد الوجد ملء مزادي
فضح النسيم حديث مية إذ سرى / بالمندلي مضمخ الأبراد
هات الرسائل يا نسيم فإننا / لم نكترث بعدي ولا بعواد
قالوا الرحيل غدا فويلي من غد / ماذا يريد غد بأهل ودادي
قالوا فؤادك لا تدعه للدمى / هدفا فقلت لهم وأين فؤادي
أخدوه مني يوم صاح بركبهم / ذاك النفير وجد ذاك الحادي
لا كان من يبغي الورود ويرعوي / حذرا من الأصدار والإيراد
يا دار لا بعدت قبابك من فتى / سد البعاد عليه كل سداد
أمن الدنو وليس يدري أنه / خبأت له الأيام خبء بعاد
فكأنه الساري الذي عرضت له / صماء شاهقة من الأطواد
لا العذل يغويه فيسليه ولا / هو عاثر من وصلكم برشاد
لم يدر كيف يكون آخر أمره / إلى شقاء أم إلى اسعاد
إن كنت تكره أن تطيب حياته / فالورد دون رضاك شوك قتاد
أو كان لا يرضيك إلا وجده / باع السرور بأبخس الأنكاد
يا سيدي ما كان أكثر حسدي / واليوم صرت شماتة الحساد
اللَه بي فلقد حمدت وئيدها / حتى كبا جلدي وعيل جلادي
إن لم تكن مما يروع آخذا / بيدي فحسبي أحمد الأمجاد
المنجد المرتاع من وقداتها / لأفضل فوق فضيلة الأنجاد
والتارك الأموال نهبة وافد / فكأنها وقف على الوفاد
والمصلح الأفساد بالقلم الذي / ليس المداد له سوى الأمداد
قالت له العلياء دع عنك العدى / ما للكرام سوى اللئام أعاد
أحسدوه إذ وجدوه رغم أنوفهم / مت يا جموح أسى على المقتاد
عمت منافعه فقل في والد / جاء الأنام بأنجب الأولاد
لا رفده وعد ولا أبعاده / فعل وبئس المرفد المتمادي
والجود قد يرضى بمن ميعاده / صدق وأين الصادق الميعاد
يا أيها الواري الزناد اليّة / بالفضل من مصباحك الوقاد
وبمطئن من حلومك راسخ / رجحت رزانته على الأطواد
وبحلبتي كرم وخوض ملاحم / أدركت شوطهما على الآماد
ومن الذي أولاك من حكم الندى / طبا يقوم مائل الأجساد
يا عود أحمد عد بكل جميلة / كالشمس جارية على المعتاد
بأبي الذي من زار باب رجائه / ألقى عصاه بباب كل مراد
أراك للدنيا عقدت الحبى
أراك للدنيا عقدت الحبى / ولم تنل من وصلها ما تريد
وتطلب الأخرى على تركها / لأن ما أنت الحليم الرشيد
يا رب هانفسي لديك ذليلة
يا رب هانفسي لديك ذليلة / وحمول آثامي عليّ ثقيلة
هل لي إلى نيل المفازة حيلة / مالي إذا وضعَ الحساب وسيلة
أنجو بها من حرِّ نار الموعد /
راعيت عفوك باعترافي فارعني / وجعلت كافية الولاية فاكفني
ولقد علمت بأنه لم ينجني / إلا اعترافي بالذنوب وأنني
متمسك بولاء آل محمد /
يقولون ما بال وجدك مضرماً
يقولون ما بال وجدك مضرماً / وأنت شجي الحال ولهان مكمد
أخانك حظ كنت ترجو وفاءه / فأشجاك أم حيّ الأحبة أبعدوا
فقلت بنفسي حاجة ما قضيتها / على مثلها أنفاس وجدي تردد
فقالوا ألم تسمع بأخبار أحمد / لها مسند في المكرمات فمسند
أنخ في مغانيه ورد من حياضه / ولا تعد إياه فأحمد أحمد
فتى حارت الفتيان منه بماجد / له في حجور المجد منشا ومولد
إذا اعترض البدر السماديّ طالعا / فأحمد أوفى منه حظاً وأسعد
له شجرات في منابتها النهى / ومن زهرها عزم وحزم وسؤدد
وحسبك منه همة أحمدية / به اللَه ينجي من يشاء وينجد
هي العزّة القعساء والرتبة التي / بسلمها فوق السماكين يصعد
فقلت جزيتم كلّ خير بنصحكم / أشرتم لعمري بالتي هي أرشد
فأرسلت آمالي غراثاً صوادياً / ومثلك للآمال مرعى ومورد
أتاك العيد مبتسم المبادي
أتاك العيد مبتسم المبادي / كبسام الرياض من الغوادي
يداعب بعضه بعضا فيزهو / كأن العيد يهزأ بالأعادي
وفيه الكون مبيض الحواشي / وفيك العز مرفوع العماد
ضربت من الجميل له طريقا / ومن بيت المفاخر منك نادي
فحفتك البشائر منه حتى / أضاءت من أشعتها البوادي
فمهلاً أحمد الأفعال مهلاً / فقد تاب الزمان من العناد
وأمسى كالعدوّ بقيد ذلّ / وألقى الدهر فاضلة القياد
فإن قطع الزمان فأنت وصل / وأن ضل الزمان فأنت هاد
وإن أخفت حوادثه بزعم / بيوت الأكرمين فأنت باد
فدس بالأخمصين رقاب قوم / تصدت للعلى من غير زاد
وبيضٍ لو ضربت بها ثبيراً / تزلزل جانباه إلى الوهاد
وشوس لا تكعكعها المنايا / تمج الموت من صم صعاد
تطير بها عوابس ضابحات / من القبّ المطهمة الجياد
بها الأرواح تنتهب انتهابا / ويغدو الشمل ان طلعت بدادِ
لأهون للعدى مما تراه / من المجد المؤثّل والأيادي
ومن لم يعشق الحسنى ولكن / طريق المجد صعب والجهاد
ولو كانت بنو الدنيا سواء / لما عرف الصلاح من الفساد
يرى البخلاء أن المال ذخر / وبذل الذخر أذخر للجواد
ورب مولع بالشح حتى / رأى طرق الضلالة كالرشاد
ويهجر بالمكارم وهو أحرى / بذاك الهجر ما بين العباد
يروم بجهله أخماد ذكر / سرى كالبرق مخترق البلاد
فذرهم لا أبالهم يقاسوا / حرارات الضغائن والسهاد
فطرف المجد ساه فيك شوقا / كطرفك فيه ممتنع الرقاد
ملكت المجد والعلياء طفلا / فلا بدع إذا هجر المعادي
تحرك للجميل طباع قوم / غيوث الجود آساد الجلاد
قروم لا يرون الموت ذمّاً / إذا نادى إلى شرف مناد
سيوفهم لها أبداً مجيج / وهن إلى العدى أبداً صواد
على العلياء كم بذلوا نفيساً / وأنفسهم على البيض الحداد
فلو فدت العلى قوماً لكانت / لهم يوم المنية خير فاد
ولا سيما سليمان المعالي / نكال العاديات على الأعادي
فتى روى القنا والسيف حتى / بنى في المجد كالهرمين نادي
من الذكر الخلود له عماد / تشين بحسنها ذات العماد
وكان الناس جسماً وهو روح / وعيناً وهو انسان السواد
مبادي الجود أذهب ما عفاها / وأنت اليوم خاتمة المبادي
ولم يمت الذي يتلوه شهم / يقرب للعلى نهج البعاد
محل المكرمات محل حرّ / عليه الدهر بالأزمات باد
له أيد لفرط العذل يشكو / عليهن الطريف إلى التلاد
وحلم لفظه كالدر ينسى / به قس الزمان وحلم عاد
فيا من أضحت الركبان فيه / إذا سارت تراقصت البوادي
وأمسى الدهر من طرب يغني / كأن القفر عيس وهو حاد
تورك منكب العلياء واصدع / بما تهوى السراة بلا تماد
فإن العيش والأيام تمضي / وحاشا ما تحب إلى النفاد
وما يأتي غد إلا كيوم / عليك مضى وليس بمستعاد
ويبقى للفتى ذكر جميل / إلى يوم التغابن والتناد
ومن لم يحو في الدنيا جميلا / فلن يلقى الجميلة في المعاد
نقدت بني الزمان وكان ظني / مصيبا فيهم قبل انتقادي
فما شاهدت إلا بعض ناس / كنجم والبواقي من جماد
ودونك من قديم الودّ بكراً / تترجم عنه خالصة الوداد
إذا ذكرت علاك تهيم شوقاً / وشوق البكر عن حسن اعتقاد
ومحض الودّ تبرزه القوافي / ولولا ذاك ما عرف انقيادي
محبك حيثما اتجهت ركابي / وضيفك حيث كنت من البلاد
أحمد أوحد المحامد طراً
أحمد أوحد المحامد طراً / علم العلم مورد الورّاد
مدرك للصلاح كل محل / ساطح للعلاء كل مهاد
واسع الحلم والمكارم ملك / حكمه حاطم حدود الحداد
كم محا أرسماً للؤم ومكرٍ / وكسا أهلها سواد السواد
أحمد العود عوده وسطاه / ماسح الهام حاسم الأعواد
لاح مرآه طالعاً كهلال / ولهاه للدهر كالأمداد
كرم هام كسّح ركام / أو كمهر معوّد للطراد
كرم معدم المحول محال / عده وهو أول الأعداد
كم وكم شدّ ساعداه حساما / صلدَ الحدّ صادعاً للصّلاد
أسعد مطلع السعود علاه / وحماه مسارح الروّاد
أودع اللَه صدره كل سر / هو للعلم مصدر الإمداد
حكم ما دعاه للسكر إلا / كأس راح لها وكاس وداد
حكم ملؤها مراد علوم / وسماح ممهد للمراد
كامل كله كمال وحلم / أسد وارد دم الآساد
داحر مارد المكارم رام / سهمه سهم سؤدد وسداد
عاكر للعدو كل مرام / وهو للملك طالع الاسعاد
درعه للملوك درع دلاص / ما أراها إلا عماد العماد
أروع أورع أمام همام / همه طال أطول الأطواد
سر مسراه للأمور ملاك / وهلاك للمال والحساد
معدم العدم مهلك كل عسر / أسد الأسد واحد الآحاد
شهرَ المحرّمَ سيفه من غمده
شهرَ المحرّمَ سيفه من غمده / ليقطع الأكياد صارم حده
وقد استهل كمنجل من أفقه / فذوت زروع الصبر خشية حصده
أنى يجيل الطرف فيه ناظراً / ودم الحسين يجول في افرنده
لبس العراق سواده حتى غدا / من يوم عاشوراء شامة خده
إن الحمام غداة من دمه اكتسى / برداً تعثر خجلة في برده
وكسا المنايا السود ثوباً احمراً / فزهت وأزرت بالشقيق وورده
نهر المجرّة قد تحير إذ يجري / ذاك العبيط بجزره وبمده
ودعائم العرش المجيد تزلزلت / وتمزقت غيظاً سرادق مجده
أيامه العشر استحالت عينها / حاءً لدى متأنق في نقده
وتواجد الفلك الأثير لواقد / وقد الوجود فوجده من وقده
وجميع أملاك السماوات العلى / عزّت أبا الزهرا بفلذة كبده
ولقد عرت مهد البسيطة هزّة / فاهتز طفل نباتها في مهده
والدهر شاب الفود منه لوقعة / قد أشعلت بالشيب فحمة فوده
وتقلصت شفة المنون من الظما / حنقاً فآثره الحسين بورده
فتجددت تلك المآتم واكتسب / جدد الحداد عليه أمة جدّه
شهر به الإيمان تاقت نفسه / للنزع والقرآن مات بجلده
فقضى ولكن للشهادة حقها / ومضى ولكن للنعيم بخلده
في جنة الفردوس ما من سيّد / إلا وقام له بخدمة عبده
والحور والولدان محدقة به / أضحت فسل جيد العلى عن عقده
ما عندنا هدي سوى أرواحنا / لا والذي أرواحنا من عنده
فانساق أبطؤها لعاجل حتفه / أسفاً فهل من حيلة في ردّه
والشوق يعلوه بدره برقه / والتوق يحدوه بنعرة رعده
زحفت جنود المارقين على ابن من / كانت ملائكة السما من جنده
قدر تمزق فيه درع تصبري / ووهي الذي قدّرته من سرده
قبر بساحة كربلا فاقت على / بحبوبة الفردوس ساحة لحده
ولقد غدا غاب النبوّة / والفتوّة والأبوّة خالياً من أسده
وجد الوجود بقاءه بفنائه / من بعد من فقد الوجود لفقده
سل عن مجرّده من القمم التي / قد زعزعت من تحت أرجل جرده
ما شام برقاً في يد يوم الوغى / من قبله أحد ولا من بعده
شمس الظهيرة ترسه في كفّه / بزغت فأطلعت النجوم لضده
عن جده وأبيه قد أخذ العلى / وسواه من عدنانه ومعدّه
لن يقبل الرحمن توبة مؤمن / عن نفسه بالروح إن لم يفده
من كفّ والده أمير النحل ما / في الحوض فوزاً ذاق لذّة شهده
فأبوه كان يمدّ إلا نفسَه / بقفيزه وبصاعه وبمده
الجدّ أحمد وألأب الكرّار / والأمّ البتول فهل تقاس بهنده
والأصل عبل والنجّار مطهّم / والفرع سبط خالص من جدّه
فورى زناد حفاظه شرراً به / حمي الوطيس وتلك عادة زنده
كافورة الصبح استحالت عنبرا / فاستنشق الملكوت نفحة ندّه
بجهاده الكفار حمّل عاتق الفك / المحدب فوق غاية جهده
منناً بها ملأ المقعر فاحتوى / منها على ما جاز غاية حدّه
أسل الدموع ولا تسل عما جرى / في غور حائر كربلاء ونجده
نهر النهار غداة فجرّ فجره / عن عمره انكشف الفجور وزيده
من لم يوال الخمس اصحاب العبا / إتيان خمس فروضه لم يجده
من لم ينم في حبهم عن مدحهم / للَه قام بشكره وبحمده
حياه رضواه الجنان من الرضا / بعراره وبشيحه وبرنده