القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : كاظِم الأُزْري الكل
المجموع : 38
ولما تلثمنا الدجى وسرى بنا
ولما تلثمنا الدجى وسرى بنا / بقية جريال من الليل مسود
طرقنا بيوت الحي حتى كأننا / نجوم قد انقضت على العلم الفرد
إذا الشيح ألقى في ثيابي لونه / فصبغته من صبغة الشيح والرند
هوادج تبدو فوق أسنمة المطا / حسانا كما يبدو السوار على الزند
سقى اللَه ليلات النقا ما الذها / مجلجلة ملتفة البرق بالرعد
جرى الدمع من أجفاننا يوم رامة / ولم يكفه حتى حشاهن بالسهد
فلا أبعد اللَه الديار وأهلها / ورد بغيظ عنهم رامي البعد
لك أن تروح على الصدود وتغتدي
لك أن تروح على الصدود وتغتدي / وعلي أن أصبو لناديك الندي
أهدي إليك على البعاد تحية ال / ولهان يعثو بالفؤاد المكمد
يا راحلا والصبر يتبع أثره / إن كنت أزمعت الرحيل فزود
ضيعت عمري في هواك فلا تضع / ذممي وها أثر الوداع فأنجد
ما حق مثلي أن تضاع عهوده / شقيت حظوظ في هواك فأسعد
هيهات أن نلقى كودك صادقا / والصدق ذو ورد قليل الورد
الوعد دين يا خليط فوفه / إن الوفاء دليل طيب المولد
لم تسمع الأيام بابن تجيبه / بعد الخليل ولا يفي بالموعد
مه يا هذيم ظننت أنك ناصحي / ولقد نظرت إلى ذكاء بأرمد
وعلى اختلاف الرأي كل قائل / ضل الورى وأنا المصيب المهتدي
وإذا الإمام تبينت آثاره / في كل مفسدة فمن ذا يقتدي
والناس منقسمون في أهوائهم / ما بين بالمحل حرامه
يا رب ما أنا بالمحل حرامه / فلم استحلوا أخذ قلبي من يدي
كيف التخلص من حبائل شادن / أنا فيه بين تحير وتردد
غنى بذكرهم السمير فعن لي / طرب طمحت به طموح معربد
وتكاد أينقهم تهش جنوبها / مما حملن من الحسان الخرد
أرسلتم طيف الخيال محرضا / فسرى ونبه لوعة لم ترقد
للَه ذاك الطيف أوقد فيهم / نارا ومر كأنه لم يوقد
لو كان في عدد الكرام وطرزهم / لأبي مجاذبة الأعنة من يد
ما أنصف الظمآن من أبدى له / عذب الورود وصددون المورد
ومطية الإمساك شر مطية / يحدى براكبها إلى الوادي الردي
وتفرقت أيدي سبا أحلامنا / لفراق متهمة وآخر منجد
يا وصل هل لك أن تحلل عقدة / لولا عقيلة وائل لم تعقد
واحسرة القلب الشجي تقلبت / يرجى أحبته كرات الفدفد
من أمكنته فرصة فأضاعها / واستعتب الأيام فهو المعتدي
أرياح توضح أو ضحي أخبارهم / وإذا انتهى ذاك الحديث فرددي
وأغن أثمد ناظري لقاؤه / لادر درك باسحيق الأثمد
لبس الخلاعة في هواه موله / خلع العذار بحب ذاك الأمرد
أخجلته بالعتب حتى خلته / في راحتي فكان أبعد مبعد
فكأنما في مقلتيه أدلة / تهدي إلى البرحاء من لا يهتدي
عانقته حتى الصباح فما خبا / برقي ولا هدأت شقاشق مرعدي
ورشفته فعجبت من قلقي به / عطشا ولم يك منه أعذب مورد
ووجدت في حد النوائب نبوة / فشحذت عيشي بالأغن الأغيد
وأبيض ليلي بالعراق فبشرت / آناؤه الواشي بوجه أسود
وافت إليك مع الصباح مغيرة / خيل الصبوح فمل وغن وعربد
ويصب عين الشمس من قارورة / قعر يدور بفرقد في فرقد
من ناشد عني جآذر تغلب / ما بالها تدمي الكماة ولا تد
نضت الحجاب فأسفرت عن كوكب / يفري الدجى بسنائه المتوقد
وجلت مباسمها لنا عن لؤلؤ / رطب المحبة بالشباب منضد
فرأيت سائمة الملاحة ترتعي / في يافعين مورس ومورد
ومذ انبرى شمل الفريق مفرقا / فرقت شمل مدامعي وتجلدي
وشغلت عن ذم الزمان بمدحة / لندى سليمان القران الأسعد
حدث على إن الصواب بجده / فضلت شبائبه شيوخ السؤدد
هو جمرة الملك الذي يرمي العدى / بشرارة الطعن التي لم تخمد
أفعاله سعد على علاتها / سعدت نجوم الافق أو لم تسعد
لا ينتضي إلا ذبابة مرهف / نزاعة لشوى الكمي الأربد
بطل وإن كانت تحاياه العسجد / يا فالقا حب القلوب بفيلق
يا فالقا حب القلوب بفيلق / هشم الكلى هشم الزجاج يجلمد
شرف الفوارس أن تدوس نعالها / بنعال خيلك يا شريف المحتد
يحملن كل حزور من حمير / لورام منكبه السها لم يبعد
يعد الكريم لعلة لكنه / موف ولو ورى بذاك الموعد
أمطر سيوفك فالقشاعم والطلى / من راحتيك بموعد وتوعد
ولك المكارم لا تحول حالها / وعلى النجوم شبيبة لم تفقد
ما كان عذرك إذ حجبت حبيبتي
ما كان عذرك إذ حجبت حبيبتي / عني وقد علق الهوى بفؤادي
إني بعثت على المكارم همتي / حتى تركت الجود نعل جوادي
علم متى استودعت علم سريرة / أمست وموعدها إلى ميعادي
أيام لا أرضى جليسي في العلى / قمر السماء ولا السماء النادي
واليوم شبه الطرس طرفي أبيض / حزنا وحظي أسود كمداد
كم رمت منهجها فعاقت دونها / للنائبات عوائق وعواد
هيهات أن ترد القطا من وردها / والنسر ممتنع على المصطاد
للَه أيامي التي سلفت بها / مضمومة الأيدي على الأكباد
يا أيها الداعي إلى رشد المنى / أنظر إليّ فقد فقدت رشادي
واسمع إلى الرؤيا التي عثرت بها / عيني وقد غرقت بفيض رقاد
حتى إذا ما الليل حان وفاته / والصبح أصبح داني الميلاد
والنجم مطروف الجفون كأنما / كحلته أميال الدجى برماد
ناديت من أمن المنادي شحه / ورقدت شيئاً بعد طول سهاد
فرأيت ليلي ذاك ليلي عاقدا / بند الظلام على طلى الآباد
وإذا بأبلج ذي جبين معوز / شمس الضحى منه إلى استمداد
قد أحدقت زمر الورى بجنابه / والناس منتشرون شبه جراد
فمشى إليّ على جواد أدهم / كالبدر منقله الظلام الهادي
ويقول لي أن كنت طالب وصلها / فجناب شيخك فيض ذاك الوادي
اذهب إليه فإنه باب المنهى / للآملين وكعبة الوفاد
واقرأه فاضلة السلام وقل له / إني رسول من أمام هاد
يرجوك أن تبدو الفتاة بزيها / حتى ترى شبه الشهاب البادي
ذكره بالزمن القديم قبيل ما / يروى بها ظمأ الفؤاد الصادي
هل كان طعم العشق حلواً ورده / أو كان مراً في فم الوراد
وليعرف الأخلاق في أخلاقه / قد تعرف الأنداد بالأنداد
واجعله مدرجة إلى نيل العلى / فالنار لا تورى بغير زناد
واجهد إليه فما بذلك ذلة / فالشيء لا يأتي بغير جهاد
وإذا الهوى غلب الفؤاد وراضه / حسن البكاء على فراق سعاد
أتراه يذكر يوم نادى داعيا / والشوق منه يجد بالايقاد
نأريته كالعقد سبعة أنجم / منظومة تبنى على الاسعاد
حتى تنبه واقتنى نيل المنى / ومشى بسهل العلم دون وهاد
وإذا أراك دقيق صنعتها كما / تهوى أراه الله كل رشاد
وإذا أبى فعلي قلب نجاحه / بخسارة وصلاحه بفساد
فأجبته يخشى إذاعة سرها / مني كان لم يدر حسن سدادي
ويخالني كالخائنين من الورى / أفشي كريم سرائر الأمجاد
فأجابني لما حباني بعضها / لم لم يخف وسقاك ذاك الغادي
أفعاد ذئبا جازعا من بعد ما / كانت لديه خلائق الآساد
كم رمت من يده المنى ويعيدني / لديارك العليا بحسن معاد
وأقول في أي المدائن مطلبي / فيقول لي هو ذاك في بغداد
يا أبن الأكارم لا غدير فأرتوي / وجنى الرياض ذوي على المرتاد
دعني أكل حزن المفاوز ناشدا / عنها مرادي أين حل بوادي
دعني أسل عن كل نجم مطلبي / فعسى تمد يدي لنجم هاد
دعني أكن ثاني الركاب فأنني / عند التطلب واحد الآحاد
مالي وإيثار الإقامة والذي / أرجوه بين نواجذ الآساد
دعني أجب سهل البلاد ووعرها / أي السيوف بقد في الأغماد
أشكو إليه من زمان جائر / جعل القيود قلائد الأجياد
ومني يريني الصبر عاقبة المنى / فلقد صبرت وما قضيت مرادي
قد طال سقمي في المرام فهل أرى / فرج الزمان له من العواد
ذهبت بصافية النعيم الأرغد
ذهبت بصافية النعيم الأرغد / كدراء تعثر بالجواد الأمجد
إني يقال عثارة عائرة الردى / من بعد ما هشمت جبين السؤدد
واحسرة الأيام كيف تمكنت / من هيكل الضرغام راعشة اليد
لا أبيض وجه الدهر إن صروفه / تسعى إلى الاحرار سعي الأسود
في مثل عبد الله واصلت العلى / لبس الحداد ونوح كل معدد
اليوم جفّت من ينابيع الندى / عين الحياة فواغليل الورد
اليوم أعولت العلوم كأنها / ثكلى مروعة بفقد الأوحد
ولى فواعية الهدى من بعده / صمت وواعية الندى لم تنجد
ما للنوائب لا استهل قطارها / ذبلت بها ريحانة النادي الندي
من مبلغ العلياء إن مليكها / في قبضة الأيام أي مصفد
ذهبت بكلتى المعارف جوهر / ما كان للمعروف غير مجرد
لا تطلب الأيام مثل وجوده / فمن الضلال طلاب ما لم يوجد
هيهات إن تجد المعالي مثله / ما كل سهم يلتقى بمسدد
أسد شديد البأس إلا أنه / في غير ذات الله لم يستأسد
ما أظمأ الآمال بعد سميدع / قد كان غوث اللَه للأمل الصدي
من مبلغ أقمار حمير إنما / برج المكارم بعده لم يسعد
وأرحمتاه لانفس قدسية / وضعت يدا ملكية للأعبد
ومن العجائب أن تمس يد الردي / من عالم الأنوار كل مؤيد
هيهات من يبغي الخلود لنفسه / والعالم النوري غير مخلد
للَه ماذا أغمدت أيدي الردي / من صارم للمكرمات مجرد
يا أيها القطب الذي حركاته / في كل قطب إذ تروح وتغتدي
إن كنت لا تختار إلا مارقا / فالقطر في سبخ الثرى لم يجمد
مالي أراك تصد عن غرر الورى / وتدير في الأوغاد عين تودد
ما ذاك من عبث ولكن في الهوى / ميلان غصن البانة المتأود
لولا ذراعك ما استطال لهابد / كالنار لولا الربح لم تتوقد
مالي وللأيام كيف ألومها / والبرد في النيران ما لم يعهد
كم قهقهت قبلي على لوامها / ومن البلية عذل من لا يهتدي
يا راحلا والدهر بعد رحيله / يبكي بكاء الوالد المتوجد
أو ما ترى المعروف جن جنونه / فمشى على الأيام مشي مقيد
يهنيك نور شمائل لو لم يكن / للنار إلا بعضها لم تخمد
كم من حديث مكارم أبقيته / يرويه بعدك مسند عن مسند
هي نعمة أخذت بدائرة الثرى / كالبحر إلا أنها لم تنفد
عمت مناقبك البلاد كأنها / سيارة الفلك التي لم تجحد
وأراك محسود البرية كلها / لا خير في الرجل الذي لم يحسد
من ينشد الدنيا قصائد نائل / من بعد جودك مالها من منشد
من لليتامى بعد أكرم والد / غير المكارم منه لم تتولد
تغشى حماك ولا تنال وروده / ما الهف الظامي دوين المورد
أين الطبيب المستغاث أما يرى / مرضى المكارم ما لها من عود
ذهبت به الأيام غير كريمة / إن النوائب للكرام بمرصد
أو ما ترى الدنيا غداة رحيله / مخضوبة بدم العلى والسؤدد
ذهب الزمان الأريحي فلا حمى / للمستجير ولا ندى للمجتدي
لم تذكر الأيام يومك في الوغى / إلا بكتك بذابل ومهند
ووراء ثارك كل راكب همة / حلت به بين السها والفرقد
من كل منصوص الأمامة في الورى / يهدي إلى الأجل النفوس فتهتدي
من آل حمير الذين تخالهم / خالا يوجنتي الندى والسؤدد
للَه سعدك قد أطال لك العلى / والسعي دون السعد ليس بمسعد
خلدت بك الخيرات إذ أوردتها / من كوثر الكرم الذي لم يورد
أيام كنت وكل قطب دائر / بالنير الأعلى الذي بك يقتدي
أيام أعطيت المعالي حقها / إذ كل عارية أهابك ترتدي
يا غائبين عن العلى ومحلهم / منها محل الماء من قلب الصدي
إن كان ظعنكم تبدد شمله / فاليوم شمل المجد غير مبدد
سلي عن يعملاتي كل واد
سلي عن يعملاتي كل واد / فقد باتت تشكاها البوادي
وأوردني السرى هلكات خيلي / فلم أبخل بشقر أو وارد
تعودت السياحة في الفيافي / فلم أعبأ بلج أو ثماد
ذريني والهوى بظباء قيس / فخدع الخل أثلم للفؤاد
وقد تأتي الخديعة من صديق / كما تأتي النصيحة من معاد
سليني شرح ديوان التصابي / فخافيه عليّ اليوم باد
قرأت صحائف الأشواق حرفا / فحرفا واهتديت إلى الرشاد
علمت بأن روضك غير روضي / فمالك تسألين عن ارتيادي
وللدنيا أحاديث طوال / غرائب شيبت لمم المداد
فكم صاد إلى الأحباب يوما / وكم يوم إلى الأحباب صاد
ليالي لم تزل بالبيض بيضا / وكانت كالسهول بلا وهاد
أرقت لذكركم طرفا وقلبا / ولحظ النجم يكحل بالرقاد
فزد يا سهد في قلقي إليهم / وزل عن جفن عيني يا رقادي
وهل يجدي سهاد العين شيئا / إذا كان الفؤاد بلا سهاد
أبعد مليح وجرة من مليح / وبعد مراد وجرة من مراد
شريت هواكم بالروح نقدا / وما علقت يدي بيد التمادي
أطالت فرقة الأحباب غيظي / فهل يوم أغيظ به الأعادي
ستذكرني إذا افتقدوا وفاتي / رجال من طباعهم التمادي
حسبت اللبث عجزا وانحطاطا / وما هو غير تمهيد المهاد
ولم أبرح وأن رغمت أنوف / عزيزا حيث كنت من البلاد
سلاني من أحب وواصلتني / أناس كان قطعهم مرادي
بليت بخلة كانت كأرض / أضاع سباخها عهد العهاد
وأصبح جامحا فرس الليالي / وكنت عهدته سلس القياد
وكل تنعم عقباه بؤس / وهل نار تكون بلا رماد
تلاعبني الليالي كل يوم / ملاعبة الفوارس في الطراد
خرقت صحائف الأيام علما / وصافحت الروائح والغوادي
وجربت الرفاق وجربتني / فلم أر غير زرع في جماد
معاداة الرجال بغير داع / بناء للأمور على فساد
وكانت قرة فغدت قذاة / وعقبى النار كلس من رماد
ورميك بالقطيعة غير رام / خلاف للمروءة والسداد
ومن زرع العداوة في البرايا / فليس سوى الندامة من حصاد
إذا ما كان ود المرء طبعا / فليس يفيد تطبيع الوداد
وليس بنافع طول اقتداح / إذا ما كان وري في الزناد
وحساد أضعت بهم هجائي / وحسب الليل أردية السواد
رأوا قمري بدا فاستكتموه / وماذا للمصر على العناد
إذا فسدت طباع الدهر سادت / على نجبائه أهل الفساد
وما أسفي على الأيام إلا / على إبل حداها غير حاد
أرى ترف الصبا كالشيب عندي / إذا كان الجميع إلى نفاد
فويل للشبيبة كيف ولت / ولم أنل السعادة من سعاد
وحظ كلما تاجرت فيه / رمى تلك التجارة في كساد
وخل كان معتمدي عليه / فمنذ جفا عتبت على اعتمادي
تصبر أو فمت جزعا ووجدا / حدا بعقيلة الحيين حاد
حبست ركابهم لوداع أحوى / ضلالي في محبته رشادي
إذا لم تبل حدا في حسام / فلا يغررك طول في النجاد
وقال القلب ودعني فلسنا / بملتقيين إلا في المعاد
قريب ما إليه سبيل وصل / وقرب ذوي القطيعة كالبعاد
ذريني فيهم وفساد حالي / صلاح البابلية في الفساد
كبا في حبكم يا سلم صبري / وقد يكبو النجيب من الجياد
طربت وحق لي طربي بقوم / جرى ملء العنان بهم جوادي
ترى أرما ديارهم المعالي / وأن هي لم تكن ذات العماد
تحوم لهم على العافي هبات / كما ازدحمت على الماء الصوادي
يؤمهم سليمان المعالي / ولا قش بن ساعدة الأيادي
فتى كم قاد للدنيا حرونا / أبى جبروته ذل القياد
وكم ساق العظام إلى صغار / كأنهم بقايا قوم عاد
يمينا باقتحامك والمنايا / تصبح بكل مقتحم بداد
أراه الحزم مصدر كل حال / وموقع كل داهية ناد
متى يجنى الغنى ممن سواه / وأين الورد من شجر القتاد
كأن عطاء كلتا راحتيه / عطاء النيرين بلا نفاد
ليمناه ويسراه يسار / ويمن في الملمات الشداد
ظلوم للذخائر ليس يبقى / على رمق الطريف ولا التلاد
وكف منك بالعقيان تندى / وذكر عنك يملأ كل واد
وطيب من حديث لهاك تلهو / به الركبان عن ماء وزاد
إذا خفقت لك الرايات يوما / تركت الدهر خفاق الفؤاد
يسارك معقل من كل عسر / وبأسك عوذة من كل عاد
فأنت أبو الزمان فمن يفادي / وأنت ابن القضاء فمن يعادي
دهمتهم بطعن من منايا / تسمى بالمثقفة الحداد
وزرتهم بأقدار مواض / يقال لها ظبى البيض الحداد
وطعن لا يذم الكر منه / إذا ذم الفرار من الجلاد
وزرع قنا على خلجان زغف / كأن قتيرها حدق الجراد
وإن تسلل بوارقه لحرب / فإن البرق من سمة الغوادي
هززت عوالي المران منه / فعادت عن مكائدها العوادي
متى عبس الكرام تجده طلفا / وسل يوم الطراد عن الجواد
وقدمه السماح على بنيه / فكان دليله في كل واد
وبلق من جياد الله باتت / تجهزها يد الملك الجواد
هواد للرجال إلى مناها / تسوم بالفتوح لها هواد
يسير بسيرها مولى تمنت / مواطىء خيله مقل الأعادي
وعد الدنو وضنّ بالميعاد
وعد الدنو وضنّ بالميعاد / مذق الحديث مماطل متماد
ليت الخيال وفي لنا هيهات ذا / أعدام أيقاد فأين رقادي
نفروا فلم تترك نفورة عينهم / للعين غير مدامع وسهاد
يا طلعة الأقمار لا تتبرجي / فضحت سعودك نظرة لسعاد
والبان يعجبك انثناء غصونه / لولا اهتزاز قوامها المياد
يا دار من عقرت عليه مودتي / عقرت بعهدك كوم كل عهاد
وتمشت النسمات فيك عليلة / مشى الأسير بأثقل الأصفاد
يا ليت شعري هل ألم بساعة / تخلو من الرقباء والحساد
وأبل من نظري إليك جوارحا / أبدا إليك بكلهن صوادي
واشم من ذاك العذار بنفسجا / الند لبس له من الأنداد
وأضم من ريحانه وشقيقه / نزه النفوس ومتعة الأجساد
وأرى بوجنته سطور ملاحة / بدم القلوب تخط لا بمداد
ولقد نشطت ليوم دجن أدكن / خاط الغمام له مسوح حداد
وعلى المغاني للفواني والغنا / زهو يريك مواسم الأعياد
أعلمت ما أبدعت من أحدوثة
أعلمت ما أبدعت من أحدوثة / هي عقر كل جواد مجد أجود
وواحشتاه لظاعنين ترحلوا / بالطيبات وخلفوا اليوم الردى
إن كان يبلغهم سلامي فاقروا / عني السلام أهيل ذاك المعهد
فهناك من ريح السماح لواقح / تزجي سحائب مورقات الجلمد
يا آل عبد الله أن خطوبكم / سلبت من الأيام كل تجلد
إن غيبت شمس السعود فإنما / في البدر للثقلين أسعد مشهد
وإذا عشا نظر المكارم بعده / كنتم لتلك العين الأثمد
بشراكم بنزول فادحة أبت / لأبيكم إلا جوار محمد
أنّي أعزيكم بها لا والعلى / من ذا يعزّى بالنصيب الأسعد
لكم معاني المكرمات جميعها / والناس قائمة بمعنى مفرد
لو تهتدي الدنيا بغير هداكم / لم تحظ ناشدة السماح بمرشد
وأغنّ يفقدني ربيع شبيبتي
وأغنّ يفقدني ربيع شبيبتي / فأعيدها منه بشم ورود
وإذا أهالتك الرماح بفتكها / هانت عليك من الدمى بقدود
ريم الكناس لانت أعجب آية / تسبى الضراغم بالتفاتة جيد
هل حيلة تهدي إليك فاهتدي / ولو أن مسكنها شفار حديد
أو ساعة تطوي البعاد ونلتقي / فأفوز منك ولو بنيل وعيد
أهل العقيق من الخدود فدتكم / أهل الغضا من أضلع وكبود
لا تكثروا منّا عليّ بوصلكم / فلحاظكم لم تخل من تهديد
ذهبت بنا تلك العيون إلى اسى / مزج الوصال لنا بكاس صدود
إن كلفتني السقم سود محاجر / فلقد شفتني منه بيض خدود
إلى الحب أرشدني إذا كنت مرشدي
إلى الحب أرشدني إذا كنت مرشدي / فما أنا إلا للغرام بمهتد
ولا ترج سلواني فقد بعت لذتي / على يد من أهوى بهم منكد
فأصبحت بين الشمس من خد غادة / قتيلا وبين البدر من خد أغيد
وما أنس لا أنسى التي كم تعطفت / علي بتقبيل ورشف مردد
وضنت بوعد لا تطيق نجازه / وكم متلف في الدهر انجاز موعد
أقول لها يا ضرة الشمس هل لها / أجل مرادي من سبيل فأهتدي
مننت برشف ربما بل غلة / وصنت الذي أمسى نهاية مقصدي
حبيبة قلبي آه من لوعة النوى / وويلاه من بين على الصب معتد
فلا تنكري مني دما سال في الهوى / بحيث متى استشهدت خدك يشهد
خليلي إن أضمرتما لي مودة / فهذا محل الوامق المتودد
أتتني من الدنيا غوازي حوادث / ذوات يد تطوي النفوس ولاتد
كأني موقوف على الوجد والأسى / تروح عليّ النائبات وتغتدي
خليلي إن ساعفتماني هنيئة / بيومي هذا حزتما الأجر في غد
خذالي من ألحاظ ريم بذي النقا / أماناً فقد صالت بكل مهند
خليلي ما نفع الخليل لخله / إذا لم يعنه في الخطوب ويسعد
بنفسي التي في ثغرها البرق والندى / وفي خدها النوار والكلأ الندي
أما ورضاب الثغر تطفي ببرده / حشاشة وجد في الحشا متوقد
وطرف كطرف الريم لا والتفاتة / تردي المها ثوب الحياء فترتدي
ودهر تقضى بين حان وحانة / وجيداء تسبي الناظرين وأجيد
وكأس مدام لو تطعم ريقها / فم الدهر يوما مال ميل المعربد
وطول قلى يرضي الخليط وأهله / ويمسي به أهل الهوى في تنكد
وطيب وصال لو يباع ويشتري / بذلت به روحي وما ملكت يدي
وكافور خد فوقه خال عنبر / كأبيض ما في العين زين بأسود
لانت منى قلبي فلا تتباعدي / صليني بقرب يا أميمة أو عدي
ومنجدة في الركب لاشد رحلها / لبين ولا سارت بها ساق أوخد
وقفنا نجده الحزن من بعد هزله / وللحب عهد ليس بالمتجدد
ولما التقينا والمطايا مثارة / وللحب نهب في قلوب وأكبد
جرى العتب حتى ظلت العيس تلتوي / بأعناقها والخيل تكدم باليد
عشية ناوحت الحمام على الهوى / وأغريت بالتعديد كل معدد
عشية طال اللثم حتى رأيتها / وقد عوضت عن درها بالزبرجد
عشية أطلقنا البكاء على النوى / وكل بأصفاد الهوى كالمقيد
فديتك لا خل على البين مسعدي / وها ضاع من قبل بين تجلدي
دعيني عما لم أعوده من قلى / شديد على الإنسان ما لم يعود
أأحمد أنت أوفى الناس عهدا
أأحمد أنت أوفى الناس عهدا / ومجدا بعد والدك المجيد
عهدت لنا بأن تجدي مرار / وطبع الحر أنهى للعهود
فزودنا بمطلبنا وزدنا / فليس على عطائك من مزيد
وكم جيش يؤمك مستفيدا / سينعم منك بالكرم المفيد
وأنا كالرياض لها احتياج / لماء السحب من كرم وجود
وإن تسمح فإنك ذو سماح / تسهل شدة اليوم الشديد
وأين البخل عنك فررت منه / فرار الحسن من صور القرود
ومن لعبت بأنملة الغوادي / فليس يخاف اخلاف الوعود
كفي رويدك واقصري يا هذي
كفي رويدك واقصري يا هذي / هيهات ليس الفيلسوف بهاد
هلّا مررت على قباب سعاد
هلّا مررت على قباب سعاد / فرأيت كيف تفتت الأكباد
للَه هاتيك الكناس تكفلت / بحفاظهن مجاثم الآساد
قسما بها ما عنّ منجد برقها / إلا وبل بعبرتيّ نجادي
يا أيها الغلمان أن مهاكم / تركت صلاحي معلما بفساد
واستبدلت أنسي بأعظم وحشة / فالبيد فرشي والتلاع وسادي
ما مر بي آن وحق هواهم / إلا وزاد الوجد ملء مزادي
فضح النسيم حديث مية إذ سرى / بالمندلي مضمخ الأبراد
هات الرسائل يا نسيم فإننا / لم نكترث بعدي ولا بعواد
قالوا الرحيل غدا فويلي من غد / ماذا يريد غد بأهل ودادي
قالوا فؤادك لا تدعه للدمى / هدفا فقلت لهم وأين فؤادي
أخدوه مني يوم صاح بركبهم / ذاك النفير وجد ذاك الحادي
لا كان من يبغي الورود ويرعوي / حذرا من الأصدار والإيراد
يا دار لا بعدت قبابك من فتى / سد البعاد عليه كل سداد
أمن الدنو وليس يدري أنه / خبأت له الأيام خبء بعاد
فكأنه الساري الذي عرضت له / صماء شاهقة من الأطواد
لا العذل يغويه فيسليه ولا / هو عاثر من وصلكم برشاد
لم يدر كيف يكون آخر أمره / إلى شقاء أم إلى اسعاد
إن كنت تكره أن تطيب حياته / فالورد دون رضاك شوك قتاد
أو كان لا يرضيك إلا وجده / باع السرور بأبخس الأنكاد
يا سيدي ما كان أكثر حسدي / واليوم صرت شماتة الحساد
اللَه بي فلقد حمدت وئيدها / حتى كبا جلدي وعيل جلادي
إن لم تكن مما يروع آخذا / بيدي فحسبي أحمد الأمجاد
المنجد المرتاع من وقداتها / لأفضل فوق فضيلة الأنجاد
والتارك الأموال نهبة وافد / فكأنها وقف على الوفاد
والمصلح الأفساد بالقلم الذي / ليس المداد له سوى الأمداد
قالت له العلياء دع عنك العدى / ما للكرام سوى اللئام أعاد
أحسدوه إذ وجدوه رغم أنوفهم / مت يا جموح أسى على المقتاد
عمت منافعه فقل في والد / جاء الأنام بأنجب الأولاد
لا رفده وعد ولا أبعاده / فعل وبئس المرفد المتمادي
والجود قد يرضى بمن ميعاده / صدق وأين الصادق الميعاد
يا أيها الواري الزناد اليّة / بالفضل من مصباحك الوقاد
وبمطئن من حلومك راسخ / رجحت رزانته على الأطواد
وبحلبتي كرم وخوض ملاحم / أدركت شوطهما على الآماد
ومن الذي أولاك من حكم الندى / طبا يقوم مائل الأجساد
يا عود أحمد عد بكل جميلة / كالشمس جارية على المعتاد
بأبي الذي من زار باب رجائه / ألقى عصاه بباب كل مراد
أراك للدنيا عقدت الحبى
أراك للدنيا عقدت الحبى / ولم تنل من وصلها ما تريد
وتطلب الأخرى على تركها / لأن ما أنت الحليم الرشيد
يا رب هانفسي لديك ذليلة
يا رب هانفسي لديك ذليلة / وحمول آثامي عليّ ثقيلة
هل لي إلى نيل المفازة حيلة / مالي إذا وضعَ الحساب وسيلة
أنجو بها من حرِّ نار الموعد /
راعيت عفوك باعترافي فارعني / وجعلت كافية الولاية فاكفني
ولقد علمت بأنه لم ينجني / إلا اعترافي بالذنوب وأنني
متمسك بولاء آل محمد /
يقولون ما بال وجدك مضرماً
يقولون ما بال وجدك مضرماً / وأنت شجي الحال ولهان مكمد
أخانك حظ كنت ترجو وفاءه / فأشجاك أم حيّ الأحبة أبعدوا
فقلت بنفسي حاجة ما قضيتها / على مثلها أنفاس وجدي تردد
فقالوا ألم تسمع بأخبار أحمد / لها مسند في المكرمات فمسند
أنخ في مغانيه ورد من حياضه / ولا تعد إياه فأحمد أحمد
فتى حارت الفتيان منه بماجد / له في حجور المجد منشا ومولد
إذا اعترض البدر السماديّ طالعا / فأحمد أوفى منه حظاً وأسعد
له شجرات في منابتها النهى / ومن زهرها عزم وحزم وسؤدد
وحسبك منه همة أحمدية / به اللَه ينجي من يشاء وينجد
هي العزّة القعساء والرتبة التي / بسلمها فوق السماكين يصعد
فقلت جزيتم كلّ خير بنصحكم / أشرتم لعمري بالتي هي أرشد
فأرسلت آمالي غراثاً صوادياً / ومثلك للآمال مرعى ومورد
أتاك العيد مبتسم المبادي
أتاك العيد مبتسم المبادي / كبسام الرياض من الغوادي
يداعب بعضه بعضا فيزهو / كأن العيد يهزأ بالأعادي
وفيه الكون مبيض الحواشي / وفيك العز مرفوع العماد
ضربت من الجميل له طريقا / ومن بيت المفاخر منك نادي
فحفتك البشائر منه حتى / أضاءت من أشعتها البوادي
فمهلاً أحمد الأفعال مهلاً / فقد تاب الزمان من العناد
وأمسى كالعدوّ بقيد ذلّ / وألقى الدهر فاضلة القياد
فإن قطع الزمان فأنت وصل / وأن ضل الزمان فأنت هاد
وإن أخفت حوادثه بزعم / بيوت الأكرمين فأنت باد
فدس بالأخمصين رقاب قوم / تصدت للعلى من غير زاد
وبيضٍ لو ضربت بها ثبيراً / تزلزل جانباه إلى الوهاد
وشوس لا تكعكعها المنايا / تمج الموت من صم صعاد
تطير بها عوابس ضابحات / من القبّ المطهمة الجياد
بها الأرواح تنتهب انتهابا / ويغدو الشمل ان طلعت بدادِ
لأهون للعدى مما تراه / من المجد المؤثّل والأيادي
ومن لم يعشق الحسنى ولكن / طريق المجد صعب والجهاد
ولو كانت بنو الدنيا سواء / لما عرف الصلاح من الفساد
يرى البخلاء أن المال ذخر / وبذل الذخر أذخر للجواد
ورب مولع بالشح حتى / رأى طرق الضلالة كالرشاد
ويهجر بالمكارم وهو أحرى / بذاك الهجر ما بين العباد
يروم بجهله أخماد ذكر / سرى كالبرق مخترق البلاد
فذرهم لا أبالهم يقاسوا / حرارات الضغائن والسهاد
فطرف المجد ساه فيك شوقا / كطرفك فيه ممتنع الرقاد
ملكت المجد والعلياء طفلا / فلا بدع إذا هجر المعادي
تحرك للجميل طباع قوم / غيوث الجود آساد الجلاد
قروم لا يرون الموت ذمّاً / إذا نادى إلى شرف مناد
سيوفهم لها أبداً مجيج / وهن إلى العدى أبداً صواد
على العلياء كم بذلوا نفيساً / وأنفسهم على البيض الحداد
فلو فدت العلى قوماً لكانت / لهم يوم المنية خير فاد
ولا سيما سليمان المعالي / نكال العاديات على الأعادي
فتى روى القنا والسيف حتى / بنى في المجد كالهرمين نادي
من الذكر الخلود له عماد / تشين بحسنها ذات العماد
وكان الناس جسماً وهو روح / وعيناً وهو انسان السواد
مبادي الجود أذهب ما عفاها / وأنت اليوم خاتمة المبادي
ولم يمت الذي يتلوه شهم / يقرب للعلى نهج البعاد
محل المكرمات محل حرّ / عليه الدهر بالأزمات باد
له أيد لفرط العذل يشكو / عليهن الطريف إلى التلاد
وحلم لفظه كالدر ينسى / به قس الزمان وحلم عاد
فيا من أضحت الركبان فيه / إذا سارت تراقصت البوادي
وأمسى الدهر من طرب يغني / كأن القفر عيس وهو حاد
تورك منكب العلياء واصدع / بما تهوى السراة بلا تماد
فإن العيش والأيام تمضي / وحاشا ما تحب إلى النفاد
وما يأتي غد إلا كيوم / عليك مضى وليس بمستعاد
ويبقى للفتى ذكر جميل / إلى يوم التغابن والتناد
ومن لم يحو في الدنيا جميلا / فلن يلقى الجميلة في المعاد
نقدت بني الزمان وكان ظني / مصيبا فيهم قبل انتقادي
فما شاهدت إلا بعض ناس / كنجم والبواقي من جماد
ودونك من قديم الودّ بكراً / تترجم عنه خالصة الوداد
إذا ذكرت علاك تهيم شوقاً / وشوق البكر عن حسن اعتقاد
ومحض الودّ تبرزه القوافي / ولولا ذاك ما عرف انقيادي
محبك حيثما اتجهت ركابي / وضيفك حيث كنت من البلاد
أحمد أوحد المحامد طراً
أحمد أوحد المحامد طراً / علم العلم مورد الورّاد
مدرك للصلاح كل محل / ساطح للعلاء كل مهاد
واسع الحلم والمكارم ملك / حكمه حاطم حدود الحداد
كم محا أرسماً للؤم ومكرٍ / وكسا أهلها سواد السواد
أحمد العود عوده وسطاه / ماسح الهام حاسم الأعواد
لاح مرآه طالعاً كهلال / ولهاه للدهر كالأمداد
كرم هام كسّح ركام / أو كمهر معوّد للطراد
كرم معدم المحول محال / عده وهو أول الأعداد
كم وكم شدّ ساعداه حساما / صلدَ الحدّ صادعاً للصّلاد
أسعد مطلع السعود علاه / وحماه مسارح الروّاد
أودع اللَه صدره كل سر / هو للعلم مصدر الإمداد
حكم ما دعاه للسكر إلا / كأس راح لها وكاس وداد
حكم ملؤها مراد علوم / وسماح ممهد للمراد
كامل كله كمال وحلم / أسد وارد دم الآساد
داحر مارد المكارم رام / سهمه سهم سؤدد وسداد
عاكر للعدو كل مرام / وهو للملك طالع الاسعاد
درعه للملوك درع دلاص / ما أراها إلا عماد العماد
أروع أورع أمام همام / همه طال أطول الأطواد
سر مسراه للأمور ملاك / وهلاك للمال والحساد
معدم العدم مهلك كل عسر / أسد الأسد واحد الآحاد
شهرَ المحرّمَ سيفه من غمده
شهرَ المحرّمَ سيفه من غمده / ليقطع الأكياد صارم حده
وقد استهل كمنجل من أفقه / فذوت زروع الصبر خشية حصده
أنى يجيل الطرف فيه ناظراً / ودم الحسين يجول في افرنده
لبس العراق سواده حتى غدا / من يوم عاشوراء شامة خده
إن الحمام غداة من دمه اكتسى / برداً تعثر خجلة في برده
وكسا المنايا السود ثوباً احمراً / فزهت وأزرت بالشقيق وورده
نهر المجرّة قد تحير إذ يجري / ذاك العبيط بجزره وبمده
ودعائم العرش المجيد تزلزلت / وتمزقت غيظاً سرادق مجده
أيامه العشر استحالت عينها / حاءً لدى متأنق في نقده
وتواجد الفلك الأثير لواقد / وقد الوجود فوجده من وقده
وجميع أملاك السماوات العلى / عزّت أبا الزهرا بفلذة كبده
ولقد عرت مهد البسيطة هزّة / فاهتز طفل نباتها في مهده
والدهر شاب الفود منه لوقعة / قد أشعلت بالشيب فحمة فوده
وتقلصت شفة المنون من الظما / حنقاً فآثره الحسين بورده
فتجددت تلك المآتم واكتسب / جدد الحداد عليه أمة جدّه
شهر به الإيمان تاقت نفسه / للنزع والقرآن مات بجلده
فقضى ولكن للشهادة حقها / ومضى ولكن للنعيم بخلده
في جنة الفردوس ما من سيّد / إلا وقام له بخدمة عبده
والحور والولدان محدقة به / أضحت فسل جيد العلى عن عقده
ما عندنا هدي سوى أرواحنا / لا والذي أرواحنا من عنده
فانساق أبطؤها لعاجل حتفه / أسفاً فهل من حيلة في ردّه
والشوق يعلوه بدره برقه / والتوق يحدوه بنعرة رعده
زحفت جنود المارقين على ابن من / كانت ملائكة السما من جنده
قدر تمزق فيه درع تصبري / ووهي الذي قدّرته من سرده
قبر بساحة كربلا فاقت على / بحبوبة الفردوس ساحة لحده
ولقد غدا غاب النبوّة / والفتوّة والأبوّة خالياً من أسده
وجد الوجود بقاءه بفنائه / من بعد من فقد الوجود لفقده
سل عن مجرّده من القمم التي / قد زعزعت من تحت أرجل جرده
ما شام برقاً في يد يوم الوغى / من قبله أحد ولا من بعده
شمس الظهيرة ترسه في كفّه / بزغت فأطلعت النجوم لضده
عن جده وأبيه قد أخذ العلى / وسواه من عدنانه ومعدّه
لن يقبل الرحمن توبة مؤمن / عن نفسه بالروح إن لم يفده
من كفّ والده أمير النحل ما / في الحوض فوزاً ذاق لذّة شهده
فأبوه كان يمدّ إلا نفسَه / بقفيزه وبصاعه وبمده
الجدّ أحمد وألأب الكرّار / والأمّ البتول فهل تقاس بهنده
والأصل عبل والنجّار مطهّم / والفرع سبط خالص من جدّه
فورى زناد حفاظه شرراً به / حمي الوطيس وتلك عادة زنده
كافورة الصبح استحالت عنبرا / فاستنشق الملكوت نفحة ندّه
بجهاده الكفار حمّل عاتق الفك / المحدب فوق غاية جهده
منناً بها ملأ المقعر فاحتوى / منها على ما جاز غاية حدّه
أسل الدموع ولا تسل عما جرى / في غور حائر كربلاء ونجده
نهر النهار غداة فجرّ فجره / عن عمره انكشف الفجور وزيده
من لم يوال الخمس اصحاب العبا / إتيان خمس فروضه لم يجده
من لم ينم في حبهم عن مدحهم / للَه قام بشكره وبحمده
حياه رضواه الجنان من الرضا / بعراره وبشيحه وبرنده

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025