القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 29
هلمّ إلى ذوق طعم الأدب
هلمّ إلى ذوق طعم الأدب / هلمّ إلى نيل أقصى الأرب
هلمّ إلى ذا الغناء الذي / منيرة منه أتت بالعجب
أليست منيرة في عصرنا / مليكة فنّ غناء العرب
ولا غرو أن ملّكت ي الغنا / ء وأن أحرزت فيه أعلى الرتب
فقد أدركته على رسلها / ونالت أقاصيه من كثب
وأيّدها اللّه من صوتها / بأكبر عون وأقوى سبب
أرى فمها صيغ من حكمةٍ / وأبخسه أن أقل من ذهب
تلوح فتبتزّ بدر الدجى / وتشدو فيعتزّ فنّ الأدب
بلحن إذا امتدّ هزّ القلو / ب وخدّر أبداننا والعصب
ترفوف أرواحنا تحته / كما رفرف الطير لما انقلب
وتخفق أحشاؤنا دونه / كما خفقت في الرياح العذب
نكاد إذا هي غنّت نطي / ر إليها بأجنحة من طرب
وإن هي قامت لانشادنا / جثونا لها وثنَينا الركب
فلو سمع القوم ألحانها / لشقّوا عمائمهم والجبب
أرى الهم يتعب قلب الفتى / وعنه الأغاني تزيل التعب
فبادر إليها ولا تكترِث / لما جاء من ذمّها في الكتب
إليك ما شاهدت عيني من العجب
إليك ما شاهدت عيني من العجب / في مسرح ماج بين الجدّ واللعب
خافوا به أن تقوم الأسد واثبةً / حتى بنَوا حاجزاً فيه من الخشب
وحصّنوه من الأعلى بمشتبك / من الحبال جديل غير منقضب
به الأسود تمطَى في مرابضها / والنمر يخطر بين الخوف والغضب
والذئب يبصر جدي المعز مقتربا / منه فيرجع عنه غير مقترب
أما الكلاب فجاءت وهي كاسيةٌ / يرقصن منتصباً في أثر منتصب
قامت على أرجلٍ تمشي معلّمةً / مشي المليحة في ابرادها القشب
تخشى مؤدّبها والصولجان له / في الكفّ فرقعةٌ كالرعد في السحب
ترنو إليه بعين الخوف فاعلةً / ما كان يصدر من أمرٍ ومن طلب
خضعن للسوط حتى أن أعقدها / لو يأمر السوط يغدو مرسل الذنب
وكانت الأسد تجري في اطاعتها / مجرى الكلاب بحكم الخوف والرهب
كأنما الليث لم يخلق أخا ظفر / محدّد الناب قذّافاً إلى العطب
شاهدته مشهداً بدعاً علمت به / أن الغرائز لم تطبع على الشغب
وأن خبث البرايا في طبائعها / لا بدّ فيه سوى الإطباع من سبب
وأن ليث الشرى ما صيغ مفترساً / لكن أحالته فرّاساً يد السغب
وكم من الناس من فد راح مندفعاً / بدافع الجوع نحو القتل والسلب
وإن تربية الإنسان يرجعه / أكسيرها وهو من تربٍ إلى الذهب
هذا إذا حسنت أما إذا قبحت / فالمندليّ بها يمسي من الحطب
فكل ما هو في الإنسان مكتسبٌ / فلا تقل فيه شئ غير مكتسب
إني أرى أسوأ الآباء تربية / للإبن أحرى بأن يدعى أعقّ أب
والمرء كالنبت ينمو حسب تبته / وليس ينبت نبع منبت الغرب
من عاش في الوسط الزاكي زكا خلقاً / حتى علا فيالمعالي أرفع الرتب
فاحرص على أدب تحيا النفوس به / فإنما قيمة الإنسان بالأدب
من جور مصر على العروبة أنها
من جور مصر على العروبة أنها / تتعمّد التمصير في آدابها
وتحيد عن آداب كلّ قبيلة / لم تنتحلها مصر في أنسابها
فترى بمصر تعصباً لأديبها / متحكّم النزغات في أعصابها
فأذكر أولي الآداب من غير الألى / في مصر يغضب منك أهل جنابها
وأشد بَمن في غير مصر منّوهاً / ما أن ترى فيها لقولك آبها
تحفى بمنشدها القريب وتدّعي / أن لن يكون له البعيد مشابها
فالشاعر المصري فيها فاضل / وسواه مفضول وأن يك نابها
وكأنما أمست مواهب ربّنا / مقصورة فيها على كتّابها
هذا لعمر اللَّه جور عدّه / من فرط ضلّتها اولو ألبابها
آداب كل معاشر كعلومهم / جلّت عن الأوطان في استنسابها
للعلم والآداب في كل الورى / دار محرّمة أجافة بابها
من أين كانت مصر في أقباطها / كمواطن الأعراب في أعرابها
أبت الجزيرة أن يفوق هزارها / صرد زقى في مصر زَقيَ غرابها
وقفت عليكنّ قلبي الذي
وقفت عليكنّ قلبي الذي / يمرّ به الحبّ مرّ السحاب
ومنكنّ أحببت هاتي وذي / وألفَيت عذباَ بكنّ العذاب
فمنكنّ بيضاء ما مثلها / عدا حمرة الخدّ إلا القمر
فتلك التي طاب لي وصلها / كما ليلة البدر طاب السمر
ومنكنّ حمراء جذّابةْ / حكى وجهها الشمس عند الطلوع
أرى عينها وهي خلاّبة / فأمسك بالكفّ منّي الضلوع
ومنكنّ صفراء في لونها / كأن قد تردّت شعاع الأصيل
إذا ما تمشّت على هونها / أصحّت هبوب النسيم العليل
ومنكنّ سمراء تحكي الدمى / وتبعث في القلب مَيت الهوى
على شفتَيها يلوح اللمى / فيضرم في الصبّ نار الجوى
ومنكنّ من هي مثل الرياح / لها في ذرى كل قلب هبوب
تريد غلاب جميع الملاح / وتبغي عذاب جميع القلوب
ومنكنّ من هي مثل النجوم / من البعد ناظرةً تبتسم
فتلك عليها فؤادي يحوم / وتلك إليها الردى أقتحم
ففيكنّ طرّاً بوادي الهوى / أهيم وأن لم تعد عائده
ألا أن حبّاً بقلبي انطوى / كثير فلم تكفه واحده
سمعت شعراً للعندليب
سمعت شعراً للعندليب / تلاه فوق الغصن الرطيب
إذ قال نفسي نفس رفيعه / لم تهو إلا حسن الطبيعة
عشقت منها حسن الربيع / أحسن بذاك الحسن البديع
فالعيش عندي فوق الغصون / لا في قصور ولا حصون
أطير فيها لفرط وجدي / من غصن ورد لغصن ورد
وفي فروع الأشجار بيتي / فالظل فوقي والزهر تحتي
فسل نسيم الأسحار عنّي / كم هزّ عطف الأغصان لحني
وسل يشدوي زهر الرياض / أني بحكم الأزهار راض
فكم زهور لِما أفوه / أصغت وقالت لا فضّ فوه
يا قوم إني خلقت حرّاً / لم أرض إلا الفضا مقرّا
فإن أردتم أن تؤنسوني / ففي المباني لا تحبسوني
وإن أردتم أن تنطقوني / فأطلقوني فأطلقوني
سيوف لحاظ أم قسيّ حواجب
سيوف لحاظ أم قسيّ حواجب / تريش إلى قلبي سهام المعاطب
وربّ كعاب أقبلت في غلائل / وقد لاح لي منها حليّ الترائب
لها جيد ظبيٍ واعتدال وشيجة / وعين مهاة وائتلاق الكواكب
ولا عيب فيها غير أن أولي الهوى / ينادونها في الحسن بنت العجائب
نضت عن محيّاها النقاب عشيّةً / فأسفر صبح الحسن من كل جانب
ومذ نشرت سود الذوائب أولجت / نهار محيّاها يليل الذوائب
تناسب فيها الحسن حتى رأيتها / تفوق الدمى في حسن ذاك التناسب
مفتّرة الأجفان تدمي بلحظها / قلوب أسود مدميات الكتائب
فلم أنسها واللهّ يوم تعّرضت / لنا بين هاتيك الظباء السوارب
وما كنت أدري ما الصبابة قبلها / ولاهمت يوماً في الحسان الكواعب
فأصبحت فيها ذا غرام ولوعة / ووجد وتهيام وهمّ مواظب
وما الصبر إلاّ غائب غير حاضر / وما الشوق إلا حاضر غير غائب
إلى كم تصبّ الدمع عيني وتسكب
إلى كم تصبّ الدمع عيني وتسكب / وحتّام نار البين في القلب تلهب
أبيتولي وجد يشبّ ضرامه / ودمع له في عارضيّ تصّبب
وهل لمشوق خانه الصبر عنكم / سوى دمعه فهو الدواء المجرّب
ألا أن يوماً جرّد البين سيفه / علي به يوم شديج عصبصب
فيا ليت شعري هل أفوز برؤيتي / محيّاً له كل المحاسن تنسب
وعينيك لا أسلوك أو يصبح السها / وشمس الضحا في ضوئه تتحجّب
فإني كما شاء الهوى بك مغرم / وأنت كما شاء الجمال محّبب
أحنّ إلى رؤياكم كلما سرى / نسيم وأبكي كلما لاح كوكب
وأذكركم للشمس عند طلوعها / ويعزب عني الصبر أيّان تغرب
لقد بان صبري يوم بينك إذ قضى / به صرف دهر لم يزل يتقلّب
تبصّر خليلي في الزمان فهل ترى / صفا فيه من وقع الشوائب مشرب
ومن نظر الدنيا وجرّب أهلها / رأى الغدر من أشداقّها يتحلّب
أتى من مصر طلعتها بن حرب
أتى من مصر طلعتها بن حرب / فأهلاً بالمذلَل كل صعب
وأهلاً بالذي اتخذته مصر / لدفع ملمّة ولقرع خطب
هو الرجل الذي في مصر قامت / له همم تنفّس كل كَرب
تعهّد بالمساعي الغر مصراً / فبدّل جدب تربتها بخصب
أحبّ بلاده فسمعت منها / له شكر الحبيبة للمحبّ
لقد شاهدت مبتهجاً بعيني / له في مصر آثاراً كبارا
ففي الكُبرىَ له متحرّكات / تخلّد في البلاد له الفخارا
معامل مارست غزلاً ونسجاً / فأغنت في صناعتها الديارا
وفي الأسكندرية باخرات / له في البحر تبتدر السفارا
وأما بنك مصر فذاك أمر / به قد جلّ طلعة أن يباري
إذا ما مصر في المال استقلّت / فلا تخشى التأخّر في السياسه
فإن المال أكبر ما يرجى / به نيل السيادة والرياسه
إذا ما الشعب كان أسير فقر / فما تجدي السياسة والحماسة
أيصبح في سياسته طليقاً / أسير أوجب الفقر احتباسه
ولكن من سعى سعيَ ابن حرب / فقد نال السيادة بالكياسة
رجال النيل حُيّيتم رجالاً / بما للعرب فيكم من سمات
بكم طرب الفرات وقال جهراً / لوادي النيل إنك من لداتي
كلانا جاريان على سهول / بأبناء العروبة آهلات
كلانا في الأخاء لنا مواضٍ / ضّمِنّ لنا النجاح بكل آت
وتجمعنا جوامع كبريات / وأكبرهنّ سيّدة اللغات
لقد زرناكم قبلاً فكنُا / على نشز التجلّة والكرامه
فمن بيت يمدّ به سماط / ومن وجه تضيء به ابتسامه
وما هذا لعمر الحق منكم / ببدع بل لكم فيه استقامه
وما زرناكم لكبير ملك / ولكن للأخوّة والشهامه
ألا فلتحي مصر فنحن نرجو / لكم فيها السعادة والسلامه
وكم في مصر من بطل همام / يسير بها على خطوات سعد
وكم راقٍ بها في جوّ علم / ليستهدي بأنجمه ويهدي
وكم ساع لها بخطا ابن حرب / ليسعدها بما يغني ويجدي
ولكن ابن حرب في دجاها / كبدر الأفق حلّ ببرح سعد
فكيف تكون مصر في اِسار / وفيها اليوم من يحمي ويفدي
متى تنقاد للعرب الليالي / فتفتر عن نوازلها النوازي
وترجعهم إلى ما كان قبلاً / لهم من دولة ومن اعتزاز
فيمسوا في العراق على أتحاد / ومصر والشآم وفي الحجاز
هنالك يضحك المجد ابتهاجاً / ويمسي الحق منصلت الجراز
ألا فلتسعدن بفؤاد مصرٌ / كما بغداد قد سعدت بغازي
تصور حدائق في بهجة
تصور حدائق في بهجة / تروق وفي نضرة تعجب
ترقرقُ فيها مياه العلوم / جداول تجري ولا تنضب
وهبّ عليها نسيم الفنون / يروح ويغدو بها يلعب
فأضحت وأرض كمالاتها / بنبت الحقائق تعشوشب
وأمست وأن ثمار العلاء / لأشجار عرفانها تنسب
وطار الفخار بأرجائها / بلابل تغريدها مطرب
فللمجد وجه طليق بها / وللسعد ثغر بها أشنب
غذاء النفوس وطب العقول / وحفظ الجسوم بها يطلب
فتلك إذا ما تصوّرتها / جليّاً لعمري هي المكتب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025