المجموع : 47
مَن يَمنَعُ اللَيثَ أَن يَعتَزَّ أَو يَثِبا
مَن يَمنَعُ اللَيثَ أَن يَعتَزَّ أَو يَثِبا / ما قيمَةُ السَيفِ إِن جَرَّدتَهُ فَنَبا
مَن يُمسِكُ العَرشَ إِن هَزَّت دَعائِمَهُ / هوجُ العَظائِمِ وَالأَهوالِ فَاِنقَلَبا
مَن يَحفَظُ التاجَ إِن أَلوى بِهِ قَدَرٌ / يَرمي بِهِ صُعُداً في الجَوِّ أَو صَبَبا
مَن يَحرُسُ المُلكَ إِن هَمَّت بِحَوزَتِهِ / سَوالِبُ المَلِكِ الجَبّارِ ما سَلَبا
يا آلَ عُثمانَ مِن تُركٍ وَمِن عَرَبٍ / وَأَيُّ شَعبٍ يُساوي التُركَ وَالعَرَبا
سوسوا الخِلافَةَ بِالشورى وَلا تَدَعوا / لِفِتنَةٍ في نَواحي المُلكِ مُضطَرِبا
وَالمُلكُ إِن رَفَعَ الدُستورُ حائِطَهُ / فَغايَةُ العَجزِ أَلّا يَبلُغَ الشُهُبا
إِنَّ الَّذي كانَ مِن عَدلٍ وَمِن شَطَطٍ / أَمسى تَوارى وَراءَ الدَهرِ وَاِحتَجَبا
لا تَذكُروا ما مَضى مِن أَمرِكُم وَدَعوا / ما جَرَّ بِالأَمسِ حُكمُ الفَردِ أَو جَلَبا
لا تَكتُموا الحَقَّ وَاِرضوا عَن خَليفَتِكُم / وَاِقضوا لَهُ مِن حُقوقِ البِرِّ ما وَجَبا
لَولا مَواضيهِ وَالأَهوالُ مُحدِقَةٌ / بِالمُلكِ أَصبَحَ في أَيدي العِدى سَلَبا
تَأَلَّبوا يَحسَبونَ اللَيثَ قَد وَهَنَت / مِنهُ القُوى فَرَأَوها قُوَّةً عَجَبا
لا يَملِكونَ لَها رَدّاً إِذا اِنبَعَثَت / وَلا يُطيقونَ إِلّا المَوتَ وَالهَرَبا
صونوا الهِلالَ وَزيدوا مَجدَهُ عَلَماً / لا مَجدَ مِن بَعدِهِ إِن ضاعَ أَو ذَهَبا
أَعَزَّهُ الفاتِحُ الغازي وَأَورَثَهُ / بَأساً يَرُدُّ عَلى أَعقابِها النُوَبا
أَبو الخَلائِفِ ذو النورَينِ مورِثُنا / مُلكَ الهِلالِ وَهَذا المَجدَ وَالحَسَبا
نَومُ القَواضِبِ في أَغمادِها سَفَهٌ / وَإِنَّما يُحذَرُ الرِئبالُ إِن وَثَبا
يا تاجَ عُثمانَ إِنَّ اليَومَ مَوعِدُنا / فَجَدِّدِ العَهدَ وَالقَ الحُبَّ وَالرَغَبا
لَو ضاعَ عَهدُكَ أَو حامَ الرَجاءُ بِنا / عَلى سِواكَ لَقينا الحَينَ وَالعَطَبا
لَكِن أَلَذُّ عُهودِ القَومِ أَحدَثُها / وَأَصدَقُ الحُبِّ حُبٌّ يَصدَعُ الرِيَبا
طالَ المَدى وَتَمَشَّت بَينَنا تُهَمٌ / لَولا الهَوى لَم تَدَع قُربى وَلا نَسَبا
اليَومَ نَنسَخُ ما قالَ الوُشاةُ لَنا / وَنَترُكُ الظَنَّ إِن صِدقاً وَإِن كَذِبا
مَنِ البَواسِلُ هَزَّ الأَرضَ ما صَنَعوا / وَغادَرَ الفَلَكَ الدَوّارَ مُرتَعِبا
تَأَلَّبوا كَأُسودِ الغابِ وَاِنطَلَقوا / تَدمى القَواضِبُ في أَيمانِهِم غَضِبا
هَبّوا سِراعاً وَشَبّوها مُؤَجَّجَةً / يَزيدُها بِأسُهُم في يَلدَزٍ لَهَبا
هُم أَحكَموا الرَأيَ وَالتَدبيرَ وَاِتَّخَذوا / لِكُلِّ ما اِعتَزَموا مِن مَطلَبٍ سَبَبا
صانوا الدِماءَ فَلَولا اللَهُ لَاِنبَجَسَت / تَعلو اليَفاعَ وَتَروي القاعَ وَالكُثُبا
حَيِّ الغَطارِفَةَ الأَبرارَ مُحتَفِلاً / وَرَدِّدِ الحَمدَ مُختاراً وَمُنتَخَبا
وَناجِ واضِحَةَ اللَّبَّاتِ حاسِرَةً / عَن مُشرِقاتٍ تَرُدُّ البَدرَ مُنتَقِبا
الناهِضاتِ إِلى الأَبطالِ هاتِفَةً / وَالطائِفاتِ عَلى آثارِهِم عُصَبا
مُحَجَّباتٌ دَعاها المَجدُ فَاِبتَدَرَت / وَلِلجَلالِ حِجابٌ فَوقَها ضُرِبا
بَناتُ قَومِيَ ما يَغفَلنَ مَفخَرَةً / وَلا يَدَعنَ سَبيلَ الحَمدِ مُجتَنِبا
المُنجِباتُ حُماةَ المُلكِ يَندُبُهُم / لِلنّائِباتِ فَيَلقى النَصرَ مُنتَدِبا
بُشرى المَشارِقِ إِنَّ البَعثَ مُدرِكُها / وَبارَكَ اللَهُ في النُعمى الَّتي وَهَبا
هُوَ الخَطبُ حَتّى يُنكِرَ التاجَ صاحِبُهْ
هُوَ الخَطبُ حَتّى يُنكِرَ التاجَ صاحِبُهْ / وَحَتّى يَظُنَّ العَرشَ حَتفاً يُراقِبُهْ
لَئِن مادَ عَرشُ الفاتِحينَ بِرَبِّهِ / لَقَد زُلزِلَت مِن كُلِّ عَرشٍ جَوانِبُه
وَباتَ عَلى التيجانِ إِذ ريعَ تاجُه / نَذيرٌ يَروعُ المُستَبِدّينَ ناعِبُه
تَكَشَّفَ ظِلُّ المُلكِ عَنهُ وَأَقلَعَت / مَواسِمُهُ عَن بابِهِ وَمَواكِبُه
وَعُطِّلَ مِن نورِ الخِلافَةِ أُفقُهُ / فَأَمسى وَما تَنجابُ عَنهُ غَياهِبُه
ثَوى عاثِرَ الآمالِ يونِسُهُ الأَسى / وَتُوحِشُهُ أَوطارُهُ وَمَآرِبُه
كَأَنَّ جَلالَ المُلكِ لَم يَبدُ حَولَهُ / مَهيباً وَلَم تضرب عَلَيهِ مَضارِبُه
كَأَنَّ السَرايا وَالفَيالِقَ لَم تَسِر / إِلى المَوتِ تَثني دونَهُ مَن يُحارِبُه
كَأَنَّ رُؤوسَ الصِيدِ لم تكُ خشَّعاً / لدى بابه المرجوِّ بالأمس حاجبُه
كأنَّ بغاةَ الجودِ وَالمَجدِ لَم تَفِد / عَلَيهِ وَلَم تَهطِل عَلَيهِم مَواهِبُه
كَأَنَّ بُناةَ الشِعرِ لَم تَغشَ بابَهُ / بِمُستَعلِياتٍ تَزدَهيها مَناقِبُه
كَأَنَّ الأُلى زانوا المَنابِرَ بِاِسمِهِ / أَحَلّوا بِدينَ اللَهِ ما لا يُناسِبُه
طَوَوا ذِكرَهُ وَاِستَودَعوا اللَهَ عَهدَهُ / وَكُلُّ اِمرِئٍ رَهنٌ بِما هُوَ كاسِبُه
أَرى الناسَ مَن يَقعُد بِهِ الدَهرُ يَنقُموا / عَلَيهِ وَإِن كانَت قَليلاً مَعايِبُه
أَلَم يَكُ ظِلَّ اللَهِ بِالأَمسِ بَينَنا / نَلوذُ بِهِ وَالخَطبُ ضَنكٌ مَذاهِبُه
أَنُطريهِ قَهّاراً وَنُؤذيهِ مُرهَقاً / كَفى اللَيثَ شَرّاً أَن تُفَلَّ مَخالِبُه
أَما في الثَلاثينَ اللَواتي تَصَرَّمَت / ذِمامٌ لِمَنكوبٍ تَوالَت نَوائِبُه
أَلَم يَقضِ مِنها لَيلَةً نازعَ الكَرى / مَخافَةَ عادٍ يُفزِعُ المُلكَ واثِبُه
أَلَم يَستَطِر يَوماً لِخَطبٍ مُساوِرٍ / مُحافَظَةً مِن أَن تَسوءَ عَواقِبُه
أَلا راحِمٌ هَل مِن شَفيعٍ أَما كَفى / أَكُلُّ بَني الدُنيا عَدُوٌّ يُغاضِبُه
أَكانَ يُريدُ السوءَ بِالمُلكِ أَم يَرى / مَسَرَّتَهُ في أَن تَرِنَّ نَوادِبُه
أَكُلُّ مَآتيهِ ذُنوبٌ أَكُلُّهُ / عُيوبٌ أَلا مِن مُنصِفٍ إِذ نُحاسِبُه
أَكُلُّ ذَوي التيجانِ بِالعَدلِ قائِمٌ / أَما فيهِمو ما لا تُعَدُّ مَثالِبُه
أَلَيسَ الأُلى غَشّوهُ أَجدَرَ بِالأَذى / وَأَولى الوَرى بِالشَرِّ مَن هُوَ جالِبُه
هُمُ اِكتَنَفوهُ بِالدَسائِسِ وَاِفتَروا / مِنَ القَولِ ما يَعمى عَنِ الرُشدِ كاذِبُه
وَهُم خَوَّفوهُ المَوتَ حَتّى كَأَنَّما / يُلاقيهِ في الماءِ الَّذي هُوَ شارِبُه
يَظُنُّ ثَنايا التاجِ تُضمِرُ ثائِراً / يُناوِشُهُ مِن فَوقِهِ وَيُشاغِبُه
وَأَنَّ سَريرَ المُلكِ راصِدُ حَتفِهِ / يُخاتِلُهُ عَن نَفسِهِ وَيُوارِبُه
عُنوا بِوُلاةِ السوءِ فَالشَعبُ سِلعَةٌ / بِأَيديهمو وَالمُلكُ فَوضى مَناصِبُه
يُقَرَّبُ ذو الزُلفى وَيُقصى أَخو الحِجى / وَيُظلَمُ ذو الحَقِّ المُؤَكَّدِ صاحِبُه
وَرُبَّ شَهيدٍ يَضحَكُ الحوتُ حَولَهُ / وَيندِبُهُ أَخدانُهُ وَأَقارِبُه
مَساوِئُ لَو يَدري الإِمامُ خَفِيَّها / لَظَلَّ وَما يَرقا مِنَ الدَمعِ ساكِبُه
بِأَيِّ مِجَنٍّ يَمنَعُ المُلكَ رَبُّهُ / وَمانِعُهُ عادٍ عَلَيهِ فَسالِبُه
رَعى اللَهُ قَوماً أَنهَضوا عاثِرَ المُنى / وَصانوا حِمى عُثمانَ فَاِرتَدَّ طالِبُه
وَحَيّا الإِمامَ المُرتَضى وَأَعَزَّهُ / وَلا زالَ أُفقُ المُلكِ تَزهى كَواكِبُه
يا دَولَةً مِنَ بَقايا الظُلمِ طافَ بِها
يا دَولَةً مِنَ بَقايا الظُلمِ طافَ بِها / عادي الفناءِ فَأَمسى نَجمُها غَرَبا
زولي فَما كُنتِ إِلّا غَمرَةً كُشِفَت / عَنِ النُفوسِ وَإِلّا مَأتَماً حُجُبا
زولي إِلى مُغرِقٍ في البُعدِ مُنقَطِعٍ / لا يَستَطيعُ لَهُ مُستَعتبٌ طلبا
عِنايَةُ اللَهِ لا تُبقي عَلى دُوَلٍ / يَلقى الخَلائِقُ مِنها الوَيلَ وَالحَرَبا
تَرى الشُعوبَ عَبيداً لا ذمامَ لَها / وَتَحسَبُ الحَقَّ في الدُنيا لِمَن غَلَبا
لا بُدَّ لِلشَعبِ وَالأَحداثُ تَأخُذُهُ / مِن غَضبَةٍ تُفزِعُ الأَفلاكَ وَالشُهُبا
ما أَيَّدَ المُلكَ وَاِستَبقى نَضارَتَهُ / كَالرِفقِ وَالعَدلِ ماداما وَما اِصطَحَبا
ما أَضيعَ التاجَ يَرمي الشَعبَ صاحِبُهُ / بِالمُحفظاتِ وَيُؤذيهِ بِما كَسَبا
يَبني المَعاقِلَ مُغتَرّاً بِمَنعَتِها / وَيَحشُدُ القُذَّفَ الفَوهاءَ وَالقَضبا
وَيَجلِبُ الصافِناتِ الجُردِ يُطرِبُهُ / صَهيلُها وَيُعدُّ الجَحفَلَ اللَجِبا
حَتّى إِذا اِنتَفَضَت بِالشَعبِ سَورَتُهُ / أَذَلَّهُ ما اِحتَوى مِنها وَما جَلَبا
أَهْيَ الشُعوبُ تَسوسُ الأَرضَ أَم نَعَمٌ / يَسوسُها النَحرُ لا يَرجو لَها عَقِبا
اليَومَ يَنعمُ بِالأَوطانِ مُغتَرِبٌ / ما هَزَّهُ الشَوقُ إِلّا أَنَّ وَاِنتَحَبا
يُفَرِّقُ النَفسَ في شَتّى مُفَرَّقَةٍ / مِنَ البِقاعِ وَيَطوي العَيشَ مُرتَقبا
وَرُبَّ ناشِئَةٍ في الحَيِّ باكِيَةٍ / أَخاً تَرامَت بِهِ أَيدي النَوى وَأَبا
مَهلاً فَما ثَمَّ لِلباكينَ مِن شَجَنٍ / زالَ الشَقاءُ وَأَمسى الضُرُّ قَد ذَهَبا
يا مُنهِضَ المُلكِ إِذ ريعَت لِكَبوَتِهِ / نُفوسُنا وَمُجيرَ الشَعبِ إِذ نُكِبا
أَدرَكتَ مِن مَجدِهِ ما كانَ مُستَلَباً / وَصُنتَ مِن عِزِّهِ ما كانَ مُنتَهَبا
إِنَّ الجَماهيرَ في الآفاقِ هاتِفَةٌ / تُثني عَلَيكَ وَتَرجو عِندَكَ القُربا
جَزاكَ رَبُّكَ خَيراً إِنَّها ليدٌ / مَن ظَنَّ أَن سَوفَ يجزيها فَقد كَذَبا
عَلَمَ الجِهادِ لَكَ التَحِيَّةُ مِن فَتىً
عَلَمَ الجِهادِ لَكَ التَحِيَّةُ مِن فَتىً / بِكَ يَستَظِلُّ إِذا تَقَدَّمَ يَضرِبُ
اخفُق عَلى الجُندِ الَّذي بِسِلاحِهِ / يُحمى الذِمارُ وَيُدفَعُ المُتَوَثِّبُ
أَشرَقتَ في ظُلَمِ الحَوادِثِ كَوكَباً / وَضَحُ السَبيلُ بِهِ وَبانَ المَذهَبُ
لَمَحَتكَ مِصرُ فَأَبصَرتَ آمالَها / تَمشي عَلى السَنَنِ السَوِيِّ وَتَدأَبُ
وَرَأَتكَ تَطلُعُ في الوَغى فَتَطَلَّعَت / فَرَحاً إِلَيكَ وَأَقبَلَت تَتَرَقَّبُ
لَكَ في قَضِيَّتِها مَواقِفُ باسِلٍ / لا الخَصمُ يَخدَعُهُ وَلا هُوَ يُغلَبُ
حُرٌّ يَصونُ لَها الذِمامَ وَلا يَرى / مِن دونِ مَطلَبِها مَراماً يُطلَبُ
فَرَضَ الجَلاءَ عَلى العَدُوِّ فَما لَهُ / مُتَزَحزِحٌ عَنهُ وَلا مُتَقَلِّبُ
أَمِنَ الحَمِيَّةِ أَن نَذِلَّ لِغاصِبٍ / تَشقى البِلادُ عَلى يَدَيهِ وَتُنكَبُ
نَبغي الحَياةَ فَيَستَطيرُ مَخافَةً / وَنَئِنُّ مِن أَلَمِ الجِراحِ فَيَغضَبُ
إِنَّ الَّذي زَعَمَ الحَضارَةَ نَقمَةً / يَرمي القَوِيُّ بِها الضَعيفَ لَيَكذِبُ
الناسُ مِن سَعَةٍ وَمِن حُرِّيَّةٍ / كَالطَيرِ مُطلَقَةً تَجيءُ وَتَذهَبُ
هِيَ فِطرَةُ اللَهِ الكَريمِ لِخَلقِهِ / لا النَفسُ تَنزِعُها وَلا هِيَ تُسلَبُ
اللَهُ حَرَّمَ كُلَّ فاحِشَةٍ فَلا / شَعبٌ يُباعُ وَلا بِلادٌ توهَبُ
أَفتى العَوارِفِ وَالعَواطِفِ حاضِراً
أَفتى العَوارِفِ وَالعَواطِفِ حاضِراً / وَفَتى العَزائِمِ وَالعَظائِمِ غائِبا
أَرضَيتَ قَومَكَ وَالهِلالَ وَدَولَةً / عَزَّت بِهِمَّتِكَ الكَبيرَةِ جانِبا
فَكَأَنَّما كُنتَ الخَميسَ عَرَمرَماً / وَكَأَنَّما كانت قَناً وَقَواضِبا
عَظَّمتَ حُرمَتَها وَصُنتَ ذِمامَها / وَقَضَيتَ مِن تِلكَ الحُقوقِ الواجِبا
وَدَّعتَنا وَمَضيتَ لا مُتَمَهِّلاً / تَلقى شَدائِدَ جَمَّةً وَمَصاعِبا
وَأَقَمتَ مُغتَرِباً وَما اِغتَرَبَ اِمرُؤٌ / يَنأى فَيَتَّخِذ العَزائِمَ صاحِبا
تَأسو جِراحَ الباسِلينَ مُسالِماً / وَكَأَنَّما تَغشى الجِلادَ مُحارِبا
وَكَأَنَّما جِئنا نُعَظِّمُ غازِياً / مَلَأَ المَسالِكَ وَالدُروبَ كَتائِبا
هَزَّ المَنيعَ مِنَ الحُصونِ فَهَدَّهُ / وَمَضى البَلاءُ بِهِ فَبَزَّ الغالبا
لَيسَ الثَناءُ لِخامِلٍ أَو جاهِلٍ / يُمسي عَلى جِدِّ الحَوادِثِ لاعِبا
كَم دونَ مَيَّةَ مِن عَينٍ أُحاذِرُها
كَم دونَ مَيَّةَ مِن عَينٍ أُحاذِرُها / مَخوفَةٍ وَلِسانٍ رائِعٍ ذَرِبِ
أَمّا الخَيالُ فَما يَنفَكُّ يَطرُقُني / بَعدَ الهُجوعِ وَما يَنفَكُّ في طَلَبي
قُل لِلعَواذِلِ في ماوِيَةَ اِتَّئِبوا / فَلَستُ في حُبِّها يَوماً بِمُتَّئِبِ
أَمسى الوَفاءُ لَها في قَومِها خُلُقاً / يَنأى بِها عَن مَقالِ الزورِ وَالكَذِبِ
فَما تَغُرُّ أَخاها إِذ تُحَدِّثُهُ / وَلا تُقارِفُ يَوماً مَوطِنَ الرِيَبِ
خالَفتُ في حُبِّها قَومي الأُلى عَلِمَت / واحَيرَتي اليَومَ بَينَ التُركِ وَالعَرَبِ
قالوا هُبِلتَ أَتَبغي بَينَهُم نَسَباً / هَيهاتَ ما لَكَ في الأَعرابِ مِن نَسَبِ
فَقُلتُ وَالشِعرُ تُنميني رَوائِعُهُ / لَولا الأَعاريبُ قَد عُرّيتُ مِن أَدَبي
إِذَن لَما اِنبَعَثَت عَنّي مُغَلغَلَةٌ / مِنَ القَوافي تَهُزُّ الأَرضَ بِاللَجَبِ
مِنَ المُسَوَّمَةِ اللاتي رَمَيتُ بِها / صَيدَ المُلوكِ فَلَم تُخطِئ وَلَم تَخِبِ
يا اِبنَ الخَلائِفِ أَبقوا كُلَّ مَنقَبَةٍ / شَمّاءَ باذِخَةً غابوا وَلَم تَغِبِ
لَقُمتَ فينا بِأَمرِ اللَهِ مُرتَقِباً / تَرُدُّ عَنّا العِدى مِن كُلِّ مُرتَقِبِ
وَرُبَّ ذي عِلَّةٍ داوَيتَ عِلَّتَهُ / بِالمَشرَفِيِّ فَلَم تَظلِم وَلَم تَحُبِ
إِنَّ الخَليفَةَ لَو صَكَّت عَزائِمُهُ / نَوائِبَ الدَهرِ ذي الحِدثانِ لَم تَنُبِ
بُشرى الحَجيجِ إِذا سارَ البُخارُ بِهِ / غَداً فَأَنساهُ سَيرَ الأَينُقِ النُجُبِ
تَشكو الوَنى وَالوَجى إِن كُلِّفَت خَبَباً / وَمَن لِواهِنَةِ الأَعضادِ بِالخَبَبِ
هَذي الخِلافَةُ طابَت نَفسُها وَغَدَت / فَرحى وَلَولاكَ لَم تَفرَح وَلَم تَطِبِ
مَن لي بِأَجنِحَةِ العَواصِفِ مَركَبا
مَن لي بِأَجنِحَةِ العَواصِفِ مَركَبا / وَأَرى مَطايا الهَمِّ أَبعَدَ مَطلَبا
يا بَرقُ حَيِّ عَلى السَحابِ مَنازِلاً / تَسقي حَيا البَينِ الرِفاقَ الغُيَّبا
أَنتَ الرِسالَةُ وَالرَسولُ فَكُن لَهُم / مِنّا عَلى النَأيِ الكِتابَ المُذهَبا
أَلِفوا الوُجومَ وَلِلجَوانِحِ ضَجَّةٌ / سَمعَ السِماكُ هَزيمَها فَتَهَيَّبا
هَل يَذكُرونَ لِمِصرَ واجِبَ حَقِّها / أَم يَحفَظونَ لَها الذِمامَ الأَقرَبا
وَيَرَونَ غَمرَتَها وَمَوقِفَ أَهلِها / يَتَنازَعونَ سَبيلَها وَالمَذهَبا
تَجري الأُمورُ بِها عَلى أَهوائِهِم / كُلٌّ يَرى رَأياً وَيَطلُبُ مَأرَبا
أَأَرى بِلاداً تَستَقِلُّ وَأُمَّةً / تَأبى الحِمايَةَ أَم أُشاهِدُ مَلعَبا
لَولا الحِفاظُ لَراحَ كُلُّ مُجاهِدٍ / يُلقي السِلاحَ وَيَستَبيحُ المَهرَبا
لا عَذَّبَ اللَهُ الكِنانَةَ إِنَّها / لَتُغادِرُ الحُرَّ الكَريمَ مُعَذَّبا
لَيسَ الَّذي جَعَلَ الوَفاءَ جَزاءَها / كَمَنِ اِستَهانَ بِعَهدِها فَتَقَلَّبا
إِنَّ الَّذي وَهَبَ النُفوسَ خِلالَها / جَعَلَ الوَفاءَ إِلى الكِرامِ مُحَبَّبا
لِلحَقِّ جُندٌ إِن مَشى بِلِوائِهِ / غَلَبَ الأَعَزَّ مِنَ الجُنودِ الأَغلَبا
لَيتَ الأُلى شَهِدوا الكَريهَةَ حَدَّثوا / أَيَّ القَواضِبِ كانَ أَصدَقَ مَضرَبا
حَجَبوا المَقاتِلَ بِالدُروعِ حَصينَةً / وَالحَتفُ يَهتِكُ حاسِراً وَمُحَجَّبا
عَصَفَ الهَوى بِالجامِحينَ وَرُبَّما / صَدَعَ العِمايَةَ مَن أَهابَ وَثَوَّبا
ما عُذرُ مَن تَرَكَ المَنارَ وَراءَهُ / وَمَضى يَخوضُ مِنَ الضَلالَةِ غَيهَبا
اللَهَ في وَطَنٍ يَظَلُّ مُصابُهُ / يَقضي عَلى أَعقابِكُم أَن تُنكَبا
ما لِلحُلومِ ذَهَبنَ أَبعدَ مَذهَبٍ / أَعلِقنَ مِن عَنقاءَ مُغرِبَ مَخلَبا
أَرى الدَمَ يَجري في الكِنانَةِ دائِباً
أَرى الدَمَ يَجري في الكِنانَةِ دائِباً / وَما اِنفَكَّ داعي الشَرِّ يَجري وَيَدأَبُ
لَعَمري لَقَد جَلَّت مُصيبَةُ أُمَّةٍ / يَخونُ بَنوها عَهدَها حينَ تُنكَبُ
وَما كُنتُ أَخشى أَن تَرى العَينُ فِتيَةً / عُكوفاً عَلى اللَذّاتِ تَلهو وَتَطرَبُ
كَأَن لَم يَكُن في مِصرَ شَيءٌ يَروعُها / وَلَم يَعرُها يَومٌ مِنَ النَحسِ أَشهَبُ
حَنانَكَ رَبَّ الناسِ بِالأَنفُسِ الَّتي / تَبيتُ مِنَ المَكروهِ حَيرى تَقَلَّبُ
عَناها مِنَ الحِدثانِ ما رُوِّعَت بِهِ / وَمِن هائِلِ المَقدورِ ما تَتَرَقَّبُ
حَنانَكَ إِنَّ العَيشَ غُمَّت وُجوهُهُ / وَراحَت وُجوهُ المَوتِ حُمراً تَلَهَّبُ
إِلَيكَ أَنبَنا لائِذينَ بِرَحمَةٍ / هِيَ العِصمَةُ الكُبرى إِذا ريعَ مُذنِبُ
تَدافَعَتِ الأَهوالُ مِن كُلِّ جانِبٍ / وَجاءَت خُطوبُ الدَهرِ تَتَرى تَأَلَّبُ
وَوَلّى بشيرُ الخَيرِ بِالخَيرِ مُعرِضاً / وَقامَ نَذيرُ الشَرِّ بِالشَرِّ يَنعَبُ
وَأَقبَلَ مِنّا ذو البَنينِ مُوَدِّعاً / بَنيهِ يَخافُ المَوتَ وَالدَمعُ يُسكَبُ
بَكوا لِأَناشيدِ الوَداعِ وَما دَروا / أَجَدَّ أَبوهُم أَم تَطَرَّبَ يَلعَبُ
وَمَذعورَةٍ لَم تَدرِ مِمّا أَصابَها / أَيهلِكُ أَم يَبقى لِأَبنائِهِ الأَبُ
يَبيتانِ طَوعَ السُهدِ مِن تَعَبِ النَوى / وَلَكِنَّهُ مِمّا دَها مِصرَ أَتعَبُ
يَخافُ عَلَيها شَرَّ قَومٍ تَنَمَّروا / يُريدونَها بِالسوءِ لَمّا تَوَثَّبوا
يَجوبونَ أَطرافَ البِلادِ وَما بِهِم / سِوى الصَيدِ يُرمى وَالفَريسَةِ تُطلَبُ
رَمانا بِهِم قَومٌ يُريدونَ مَأرِباً / وَلِلخائِنِ المَخدوعِ في السوءِ مَأرِبُ
يَخافونَ يَومَ العَدلِ وَالعَدلُ مُقبِلٌ / بِأَيّامِهِ وَالدَهرُ بِالناسِ قُلَّبُ
فَذَلِكَ يَومٌ لا مَحالَةَ واقِعٌ / وَإِن سَفَهَت أَحلامُهُم فَتَرَيَّبوا
أَرى الناسَ في مِصرَ شَتّى القُلوبِ
أَرى الناسَ في مِصرَ شَتّى القُلوبِ / وَإِن جَمَعَتهُم عَوادي النُوَبْ
فَكُلُّ لَهُ وِجهَةٌ تُستَرادُ / وَكُلٌّ لَهُ شَأنُهُ وَالأَرَبْ
وَبَعضٌ يَمُدُّ حِبالَ الرَجاءِ / وَبَعضٌ يَرى اليَأسَ حَقّاً وَجَبْ
وَهَذا يَنامُ عَلى فِضَّةٍ / وَهَذا يَبيتُ ضَجيعَ الذَهَبْ
وَهَذا يَطوفُ بِأَوراقِهِ / مُعَنّى الأَماني حَثيثَ الطَلَبْ
يُريدُ الضِياعَ بِأَقصى البِقاعِ / وَلَو خالَطَ الشَوكُ فيها الحَطَبْ
وَباتَ الفَقيرُ يُريدُ الرَغيفَ / فَيُمعِنُ مِن خيفَةٍ في الهَرَبْ
إِذا سَأَلَ القوتَ قالوا أَساءَ / وَإن وَصَفَ الفَقرَ قالوا كَذِبْ
وَإِن قالَ يا رَبِّ أَينَ القُلوبَ / أَجابَ الوَعيدُ وَهاجَ الغَضَبْ
وَقالوا فَقيرٌ يَصُكُّ الوُجوهَ / بِفُحشِ المَقالِ وَسوءِ الأَدَبْ
أُمورٌ تَشِقُّ عَلى العارِفينَ / وَتَترُكُ جُمهورَهُم في تَعَبْ
لَقَد أعوَزَ الحَبُّ كُلَّ النُفوسِ / وَلَم يَدرِ حُكّامُنا ما السَبَبْ
يَطوفُ الرِجالُ مَعاً وَالنِسا / ءُ آناً فُرادى وَآناً عُصَبْ
فَيَرمي التِجارُ بَراميلَهُم / بِأَبصارِ جِنٍّ تَمُجُّ اللَهَبْ
وَيُقسِمُ دَهقانُهُم أَنَّهُ / أَبادَ المَطِيَّ وَأَفنى الكُتُبْ
فَلَم يَرَ سُنبُلَةً تُقتَنى / وَلا حَبَّةً في القُرى تُجتَلَبْ
تَواصى أَكابِرُهُم وَالصِغارُ / بِدَهياءَ تَأخُذُكُم مِن كَثَبْ
فَشُدّوا البُطونَ وَغُضّوا العُيونَ / وَروضوا الشُؤونَ وَكُفّوا الشَغَبْ
وَلوذوا بِرُكنٍ شَديدِ القُوى / مِنَ الصَبرِ عِندَ اِشتِدادِ الكُرَبْ
فَما اِستَفحَلَ الشَرُّ إِلّا اِرعَوى / وَلا اِضطَرَب الأَمرُ إِلّا اِستَتَبْ
وَلَقَد عَجِبتُ مِنَ الغُواةِ وَقَولِهُم
وَلَقَد عَجِبتُ مِنَ الغُواةِ وَقَولِهُم / جَدَّ البَلاءُ فَما لَنا لا نَلعَبُ
شَرِبوا مُعَتَّقَةَ الخُمورِ وَغَيرُهُم / شَرِبوا المَنِيَّةَ حينَ سالَ الأُسرُبُ
فَرِحينَ بِالزَيتونِ يُنهَبُ غُدوَةً / وَالقَتلُ يَستَلِبُ النُفوسَ وَيَنهَبُ
إِن يَعجَبوا لِلقاتِلينَ فَأَمرُهُم / إِذ يَعكِفونَ عَلى الغِوايَةِ أَعجَبُ
أَودى الرُماةُ بِوادِعينَ تَتابَعوا / في غَيرِ ما ذَنبٍ يُعَدُّ وَيُحسَبُ
مِن ذاهِبٍ في شَأنِهِ وَمُسَبِّحٍ / بَعدَ الصَلاةِ لِربِّهِ يَتَقَرَّبُ
كَبَّرتُ إِذا قالوا رَماهُم مُسلِمٌ / اللَهُ أَكبَرُ أَيَّ عَهدٍ نَرقُبُ
مِنّا نُساءُ إِذا الخُطوبُ تَحَفَّزَت / وَبِنا إِذا وَثَبَت نُصابُ وَنُنكَبُ
نَرتادُ أَسبابَ النَجاةِ مِنَ العِدى / فَيَرُدُّنا الأَدنى إِلَينا الأَقرَبُ
أُولاءِ أَعداءُ البِلادِ بَدا لَهُم / قَصدُ السَبيلِ فَأَعرَضوا وَتَنَكَّبوا
نَصَروا العَدُوَّ فَهانَ جانِبُ أُمَّةٍ / غُلِبَت وَكانَ قَديمُها لا يُغلَبُ
كُتِبَ العُقوقُ لِمِصرَ مِن أَبنائِها / وَأَرى الوَفاءَ لِكُلِّ أُمٍّ يُكتَبُ
إِنّي أَى الرومِيَّ في حانوتِهِ / يَرضى لِأَشباهِ الشُعوبِ وَيَغضَبُ
وَيُعِزُّهُم في العالَمينَ وَيَدَّعي / لَهُمُ المَفاخِرَ كُلَّها يَتَعَصَّبُ
وَيَجودُ في الأَزَماتِ تَحُزبُهم بِما / يَبتَزُّ مِن مالِ الغُواةِ وَيَسلِبُ
وَإِذا المَنِيَّةُ أَدرَكَتهُ قَضى لَهُم / بِالوَفرِ يُمنَحُ وَالذَخائِرِ توهَبُ
كُلٌّ لَنا سَلَبٌ وَكُلٌّ قُوَّةٌ / نُرمى بِها إِن حُمَّ يَومٌ أَشهَبُ
هُم يَزعُمونَ فروقَ لاحِقَةً بِهِم / وَيَرَونَها الحَقَّ الَّذي لا يَذهَبُ
كَذَبوا فَإِنَّ اللَهَ مانِعُ رُكنِها / وَمُعِزُّها بِضَراغِمٍ لا تَكذِبُ
الأُسدُ رابِضَةٌ عَلى أَسوارِها / وَالبَأسُ يَهدِرُ وَالرَدى يَتَوَثَّبُ
أَإِلى حِمى عُثمانَ في عَليائِهِ / يَتَطَلَّعُ القَومُ الضِعافُ الهُيَّبُ
فَبِأَيِّ شَيءٍ يَتَّقونَ حُماتَهُ / وَيُدافِعونَ جُموعَهُم إِن أُلِّبوا
أَبوثبةِ البَقّالِ بَينَ سلالِهِ / أَم نَزوَةِ الخَمّارِ ساعَةَ يَشرَبُ
هُم يَخطِبونَ عَلى المَقاعِدِ ما دَروا / أَنَّ السُيوفَ عَلى الجَماجِمِ أَخطَبُ
ذاقوا الوَبالَ فَما اِستَفاقَ غُواتُهُم / وَالناسُ يَكشِفُ غَيَّهُم ما جَرَّبوا
إِن يَجمَحوا فَالسَيفُ مِن أَخلاقِهِ / رَدُّ الجَموحِ وَقَودُ مَن لا يُصحَبُ
إِنَّ الخَلائِفَ لا يُفارِقُ مُلكَهُم / لَيثٌ يَصولُ وَلا حُسامٌ يَضرِبُ
مَن عَلَّمَ الرومِيَّ حينَ يَرومُهُ / أَنَّ العَرينَ يَعيثُ فيهِ الثَعلَبُ
اللَهُ أَكبَرُ هَل بِنا مِن ريبَةٍ / أَم نَحنُ إِن كَذَبوا الخَلائِقَ غُيَّبُ
بَعدَ التَحِيَّةِ وَالكَرامَةِ كُلِّها
بَعدَ التَحِيَّةِ وَالكَرامَةِ كُلِّها / أَقضي النَصيحَةَ وَالنَصيحَةُ أَوجَبُ
العَدلُ إِن طَلَبَ المُتَوَّجُ جُندَهُ / جُندٌ أَعَزُّ وَقُوَّةٌ ما تُغلَبُ
وَالرِفقُ مِن خَيرِ الأَزمَّةِ لِلفَتى / فيما يَروضُ مِنَ الأُمورِ وَيُركَبُ
فَإِذا مَدَدتَ قُواكَ في أَسبابِهِ / جَذَبَ الجِبالَ إِلَيكَ فيما يَجذُبُ
وإِذا طَلَبتَ رِضى النُفوسِ بِغَيرِهِ / جَمَحَ الإِباءُ بِها وَعَزَّ المَطلَبُ
احكُم بِما شَرَعَ الكِتابُ وَلا تَخَف / خَصماً يَلومُ وَلا صَديقاً يَعتَبُ
وَأَقِم لَنا الحَقَّ المُعَطَّلَ وَاِستَقِم / إِن مالَ أَزوَرُ في الحُكومَةِ أَنكَبُ
الحَقُّ حِصنٌ يَتَّقيهِ وَيَحتَمي / فيهِ الأَشَمُّ مِنَ الحُصونِ الأَهيَبُ
إِنَّ البِلادَ لَها حُقوقٌ جَمَّةٌ / ما لِاِمرِئٍ مِنها وَلا لَكَ مَهرَبُ
الحُكمُ أَيّامٌ تَمُرُّ حَثيثَةً / وَالذِكرُ يُنشَرُ وَالمُؤَرِّخُ يَكتُبُ
فَاِذكُر سَبيلَكَ إِن تَصَرَّمَ عَهدُهُ / وَجَرى لِغايَتِهِ الزَمانُ القُلَّبُ
وَأَرى مَوازينَ الرِجالِ كَثيرَةً / وَأَجَلُّ ما وَزنَ الرِجالَ المَنصِبُ
فَاِختَر لِنَفسِكَ أَيَّ صَوبٍ تَنتحي / وَبِأَيِّ مُضطَرَبٍ تَسيرُ وَتَذهَبُ
ما الحُكمُ يَرفَعُ لِلبِلادِ بِناءَها / كَالحُكمُ يَهدِمُ رُكنَها وَيُخَرِّبُ
اللَهُ يَنظُرُ مِن جَوانِبِ عَرشِهِ / ما أَنتَ فاعِلُهُ وَطَهَ يَرقُبُ
تِلكَ النَصيحَةُ صاغَها لَكَ شاعِرٌ / حُرُّ المَقالَةِ صادِقٌ لا يَكذِبُ
الحَقُّ مَذهَبُهُ وَمَطلَبُ نَفسِهِ / يَرضى لَهُ في الكاتِبينَ وَيَغضَبُ
لا يَتَّقي بَطشَ الظَلومِ إِذا اِنتَحى / وَأَشاحَ في هَبَواتِهِ يَتَوَثَّبُ
ما المَرءُ يُرزَأُ في الحَياةِ وَيُبتَلى / كَالشَعبِ يُرزَأُ بِالوُلاةِ وَيُنكَبُ
رَكَدَ الرَجاءُ فَما يَهُزُّكَ مَأرِبُ
رَكَدَ الرَجاءُ فَما يَهُزُّكَ مَأرِبُ / وَمَضى المِراحُ فَما يهيجُكَ مُطرِبُ
شَمسَ الزَمانُ فَما يَلينُ وَرُبَّما / أَخَذَ الصَبِيُّ عِنانَهُ يَتَلَعَّبُ
وَأَرى الحَوادِثَ جامِحاتٍ بَعدَما / غَنِيَت نَزائِعُها تُقادُ وَتُجنَبُ
في الجانِبِ الوَحشِيِّ مِنها مُرتَقىً / ما يستطاع وَسُورَةٌ ما تُغلَبُ
أَلقَت جَوافِلها بِشَعبٍ رازِحٍ / أَلِفَ الهَوانَ يُجَرُّ فيهِ وَيُسحَبُ
عَرَفَ النَوائِبَ ناشِئاً وَعَرَفنَهُ / كَهلاً يَكُبُّ عَلى اليَدَينِ وَيَحدَبُ
وَلَئِن نَضا بُردَ الشَبابِ فَما نَضا / مِن جَهلِ ذي العِشرينَ ما يَتَجَلبَبُ
وَيحَ الكِنانَةِ كَيفَ تَلعَبُ أُمَّةٌ / شَمطاءُ واهِنَةٌ وَشَعبٌ أَشيَبُ
يَرجو وَيَأمُلُ وَالحَياةُ صَريمَةٌ / تَمضي نَوافِذُها وَعَزمٌ يَدأَبُ
ادفَع بِنَفسِكَ لا تَكُن مُتَهَيِّباً / ما اِعتَزَّ في الأَقوامِ مَن يَتَهَيَّبُ
عَجزُ الفَتى في ظَنِّهِ وَرَجائِهِ / الظَنُّ يُخلِفُ وَالرَجاءُ يُخَيَّبُ
شَرَفُ الحَياةِ وَعِزُّها لِمُغامِرٍ / يَمضي فَلا يَلوي وَلا يَتَنَكَّبُ
اشرَع لِأُمَّتِكَ الحَياةَ وَلا يَكُن / لَكَ في حَياتِكَ غَيرُ ذَلِكَ مَأَرِبُ
لَم يَعرِفِ الأَقوامُ حَقّاً واجِباً / إِلّا وَخدمتُها أَحَقُّ وَأَوجَبُ
لَو شِئتَ لَم تَعتَب عَلَيكَ وَلَم يَلُم / وَطَنٌ أَسَأتَ بِهِ الصَنيعَ مُعَذَّبُ
تَعِبُ المَطالِبِ وَالرَجاءِ مُفَجَّعٌ / ما اِنفَكَّ يُرزَأُ بِالخُطوبِ وَيُنكَبُ
ترمي يَدُ الحِدثانِ مِنهُ مُرَوَّعاً / حَلَّ العِقابُ بِهِ وَأَنتَ المُذنِبُ
هَل عِندَ نَفسِكَ لِلحِفاظِ بَقِيَّةٌ / تَحمي البَقِيَّةَ مِن حَياةٍ تُسلَبُ
ذَهَبَ الأُلى كانوا الغِياثَ لِأُمَّةٍ / حاقَ البَلاءُ بِها وَضاقَ المَذهَبُ
صَدَعَت تَصاريفُ الخُطوبِ رَجاءَها / فَهَوى وَطاحَ بِها الزَمانُ القُلَّبُ
بَطَشَت أَنامِلُها فَأَعوَزَ ساعِدٌ / وَأَعانَ ساعِدُها فَخانَ المَنكِبُ
ذَهَبَت مُلِمّاتُ الزَمانِ بِنورِها / مِمّا تَكُرُّ عَلى الهُداةِ وَتَجلِبُ
في كُلِّ مَطلَعِ شارِقٍ وَمَغيبِهِ / قَمَرٌ يَزولُ وَفَرقَدٌ يَتَغَيَّبُ
رُزِئَت بنيها الصالِحينَ وَغودِرَت / وَلهَى مُرَوَّعَةً تَرِنُّ وَتَندُبُ
تَلِغُ العَوادي في نَقيعِ دِمائِها / فَيَطيبُ مِن فَرطِ الغَليلِ وَيَعذُبُ
لَم يَبقَ مِنها غَيرُ شِلوٍ مُسلَمٍ / عَكَفَت عَلَيهِ ضِباعُها وَالأَذؤُبُ
يَدعو الحُماةَ الناصِرينَ وَدونَهُم / نابٌ يَهالُ النَصرُ مِنهُ وَمَخلَبُ
نامَ الخَلِيُّ فَما يُحِسُّ مُصابَها / وَأَبى عَلَيَّ النَومَ قَلبٌ مُتعَبٌ
تَجِدُ القُلوبُ عَزاءَها وَعَزاؤُهُ / أَعيا وَأَعوزُ ما يُرامُ وَيُطلَبُ
عَزَّيتُهُ فَأَبى وَما مِن ريبَةٍ / غَيري يَخونُ وَغَيرُهُ يَتَرَيَّبُ
وَأَنا الوَفِيُّ إِذا تَقَلَّبَ خائِنٌ / شَرُّ الرِجالِ الخائِنُ المُتَقَلِّبُ
لَم أَدرِ إِذ جُنَّ الظَلامُ أَلَوعَةٌ / بَينَ الحَشا أَم ذاتُ سُمٍّ تَلسَبُ
في القَلبِ مِن مَضَضِ الهُمومِ مُثَقَّفٌ / ماضٍ وَمَكروهُ الضَريبَةِ أَشطَبُ
قُل لِلفَوارِسِ وَالأَسِنَّةِ وَالظُبى / الهَمُّ أَطعَنُ في القُلوبِ وَأَضرَبُ
لَو طارَ في الهَيجاءِ عَن يَدِ قاذِفٍ / ذابَ الحَديدُ لَهُ وَريعَ الأُسرُبُ
حَربٌ يَصُدُّ البَأسُ عَن هَبَواتِها / وَيَهابُ غَمرَتَها الكَمِيُّ المِحرَبُ
ما الحَربُ مَوقِعَةٌ يَطيحُ بِها الفَتى / الحَربُ ما يُشقي النُفوسَ وَيُنصِبُ
كَذَبَت ظِلالُ السِلمِ كَم مِن وادِعٍ / فيهِنَّ يَرجو لَو يُصابُ فَيُعطَبُ
ما العَيشُ في ظِلِّ الهُمومِ بِنافِعٍ / المَوتُ أَنفَعُ لِلحَزينِ وَأَطيَبُ
رَيبُ المنونِ إِذا الحَياةُ تَنَكَّرَت / أَدنى لِآمالِ النُفوسِ وَأَقرَبُ
مِصرُ الحَياةُ وَحُبُّها الشَرَفُ الَّذي / بِطِرازِهِ العالي أُدِلُّ وَأُعجَبُ
نَفسي وَما مَلَكتَ يَدايَ لِأُمَّتي / وَسَراةُ آبائي وَمَن أَنا مُنجِبُ
عَلَّمتُهُم حُبَّ البِلادِ أَجِنَّةً / وَذَوي تَمائِمَ يُنصِتونَ وَأَخطُبُ
يَقضي سُلَيمانُ المُبارَكُ حَقَّها / وَتَصونُ حُرمَتَها الرَضِيَّةُ زَينَبُ
أَبُنَيَّ إِنَّكَ لِلبِلادِ وَإِنَّها / لَكَ بَعدَ والِدَكَ التُراثُ الطَيِّبُ
شَمِّر إِزارَكَ إِن نُدِبتَ لِنَصرِها / إِنَّ الكَريمَ لِمِثلِ ذَلِكَ يُندَبُ
وَإِذا بُليتَ بِجاهِلٍ يَستامُها / فَقُلِ المَنِيَّةُ دونَ ذَلِكَ مَركَبُ
مَهلاً فَما وَطَني الأَعَزُّ بِضاعَةٌ / تُزجى وَلا قَومي مَتاعٌ يُجلَبُ
أَمسِك يَدَيكَ فَإِنَما هِيَ صَفقَةٌ / سوأى يُسَبُّ بِها الكَريمُ وَيُثلَبُ
ما شَقَّ مَكروهُ الأُمورِ عَلى اِمرِئٍ / إِلّا وَتِلكَ أَشَقُّ مِنهُ وَأَصعَبُ
وَلَقَد رَأَيتُ مِنَ العَجائِبِ ما كَفى / فَإِذا الَّذي مَنَّيتَ نَفسَكَ أَعجَبُ
أَأَبيعُ عَظمَ أَبي وَلحمَ عَشيرَتي / المَجدُ يَغضَبُ وَالمَروءَةُ تَعتِبُ
وَإِذا الفَتى المَغرورُ باعَ بِلادَهُ / فَالمالُ مِن أَعدائِهِ وَالمَنصِبُ
ما المَرءُ إِلّا قَومُهُ وَبِلادُهُ / فَاِنظُر إِلى أَيِّ المَواطِنِ تُنسَبُ
وَاِستَفتِ أَصداءَ القُبورِ فَإِنَّها / لَتَبينُ عَن مَعنى الحَياةِ وَتُعرِبُ
إِنَّ الرُفاتَ لَتَستَعِزُّ بِأَرضِها / وَثَرى البِلادِ إِلى النُفوسِ مُحَبَّبُ
لَيسَ التَعَصُّبُ لِلرِجالِ مَعَرَّةً / إِنَّ الكَريمَ لِقَومِهِ يَتَعَصَّبُ
عَوِّد بَنيكَ الخَيرَ إِنَّ نُفوسَهُم / صُحُفٌ بِما شاءَت يَمينُكَ تُكتَبُ
ما لِلبَنينِ مِنَ الخِلالِ سِوى الَّذي / سَنَّت لَهُم أُمٌّ وَأَورَثَهُم أَبُ
لِلمَرءِ مِن شَرَفِ العَشيرَةِ زاجِرٌ / وَمِنَ الخِلالِ الصالِحاتِ مُؤَدِّبُ
وَلِكُلِّ نَفسٍ في الحَياةِ سَبيلُها / وَنَصيبُها مِمّا تَجُرُّ وَتَكسِبُ
مِن أَنعُمِ التاريخِ أَنَّ حِسابَهُ / حَقٌّ وَأَن قَضاءَهُ لا يُشجَبُ
تَقِفُ الخَلائِقُ تَحتَ رايَةِ عَدلِهِ / فَيُقامُ ميزانُ الحُقوقِ وَيُنصَبُ
في مَوقِفٍ جَلَلٍ تَجيشُ جُموعُهُ / فَيُداسُ فيهِ مُتَوَّجٌ وَمُعَصَّبُ
مَلَكَ الزَمانَ فَما لِعَصرٍ موئِلٌ / يَحميهِ مِنهُ وَما لِجيلٍ مَهرَبُ
دَجَتِ الحَقائِقُ حِقبَةً ثُمَّ اِنبَرى / فَتَبَلَّجَت وَاِنجابَ عَنها الغَيهَبُ
يا نيلُ وَالموفونَ فيكَ قَلائِلٌ / لَيتَ الذُعافَ لِمَن يَخونُكَ مَشرَبُ
أَيَخونُ عَهدَكَ غادِرٌ فَيَضُمُّهُ / ما بَينَ جانِحَتَيكَ وادٍ مُخصِبُ
قَتَلَ الوَفاءَ فَما غَضِبتَ وَإِنَّما / يَحمي الحَقيقَةَ مَن يَغارُ وَيَغضَبُ
تَهَبُ الحَياةَ لَهُ وَلَيسَ لِقاتِلٍ / في غَيرِ حُكمِكَ مِن حَياةٍ توهَبُ
أَولَعتَ بِالغَدرِ النُفوسَ وَغَرَّها / أَمَلٌ يُخادِعُها وَبَرقٌ خُلَّبُ
ما لِلحَقيقَةِ مَن يُحامي بَعدَ ما / وَهنَ الأَشَدُّ مِنَ الحُماةِ الأَصلَبُ
سَلني بِأَدواءِ الشُعوبِ فَإِنَّني / طَبٌّ بِأَدواءِ الشُعوبِ مُجَرِّبُ
إِنَّ الشُعوبَ إِذا اِستَمَرَّ جُثومُها / جَثَمَ الرَدى مِن حَولِها يَتَرَقَّبُ
لَيسَ الشِفاءُ بِزائِلٍ عَن أُمَّةٍ / حَتّى يَزولَ تَفَرُّقٌ وَتَحَزُّبُ
مَن لي بِشَعبٍ في الكِنانَةِ لا القُوى / تَنشَقُّ مِنهُ وَلا الهَوى يَتَشَعَّبُ
مُتَأَلِّبٌ يَبغي الحَياةَ كَأَنَّهُ / جَيشٌ عَلى أَعدائِهِ يَتَأَلَّبُ
اللَهُ يقدِرُ لِلشُعوبِ حَياتَها / وَيُجيرُها مِمّا تَخافُ وَتَرهَبُ
وَإِذا قَضى أَمراً فَلَيسَ لِحُكمِهِ / بَينَ المَمالِكِ وَالشُعوبِ مُعَقَّبُ
أَينَ الرِجالُ العامِلونَ فَإِنَّما / تَبقى المَمالِكُ بِالرِجالِ وَتَذهَبُ
يا مَعشَرَ الإِنسِ جِئتُم كُلَّ رائِعَةٍ
يا مَعشَرَ الإِنسِ جِئتُم كُلَّ رائِعَةٍ / بِمَعشَرِ الجِنِّ مِن أَهوالِها عَجَبُ
أَلا تَخافونَ رَبّاً لا يَخافُ لَكُم / بَأساً إِذا اِنطَلَقَت أَقدارُهُ تَثِبُ
لا تَزعُموا هَذِهِ الهَيجاءَ مُعجِزَةً / أَلا لَهُ البَأسُ وَالهَيجاءُ وَالغَلَبُ
السَيفُ وَالنارُ وَالأَجنادُ قُوَّتُهُ / وَالنَصرُ وَالفَتحُ ما يُؤتي وَما يَهَبُ
ما زالَتِ الحَربُ تَمحو كُلَّ مَفسَدَةٍ / حَتّى قَضَت مِن حُقوقِ اللَهِ ما يَجِبُ
قامَت تُثَبِّتُ أَمراً ظَلَّ مُضطَرِباً / لا يَثبُتُ الأَمرُ وَالأَقطارُ تَضطَرِبُ
إِنَّ المَظالِمَ وَالأَطماعَ ضامِنَةٌ / أَلّا تَزالُ شُعوبُ الأَرضِ تَصطَخِبُ
بورِكتَ عَهداً يَذُلُّ الغاصبونَ بِهِ / وَيَستَعِزُّ الأُلى سادوا فَما غَصَبوا
لا يَحمِلُ الظُلمُ يَوماً عَرشَ مَملَكَةٍ / وَإِن تَطاوَلَ إِلّا سَوفَ يَنقَلِبُ
مَلَلنا وَما مَلَّ العَدُوُّ المُغاضِبُ
مَلَلنا وَما مَلَّ العَدُوُّ المُغاضِبُ / وَلِنّا وَما لانَ الزَمانُ المُشاغِبُ
يُعاجِلُنا ما لا نُريدُ مِنَ الأَذى / وَيُبطِئُ مِن آمالِنا ما نُراقِبُ
حَمَلنا قُلوباً يَعصِفُ الدَهرُ حَولَها / وَتَهفو بِها أَحداثُهُ وَالنَوائِبُ
نُريدُ سَبيلَ الأَمنِ وَالأَرضُ كُلُّها / مَشارِقُها مَذعورَةٌ وَالمَغارِبُ
تَثورُ شُعوبُ العالَمينَ وَيَنطَوي / عَلى الذُلِّ شَعبٌ في السَكينَةِ راغِبُ
رُمينا بِأَقوامٍ مِراضٍ قُلوبُهُم / يَسومُونَنا ما لا يُسامُ المُحارِبُ
فَلا الدَمُ مَمنوعٌ وَلا العِرضُ سالِمٌ / وَلا العَسفُ مَحظورٌ وَلا الرِفقُ واجِبُ
يُقادُ إِلى الهَيجاءِ مَن لا يُريدُها / فَيَمشي إِلَيها وَهوَ طَيّانُ ساغِبُ
أَطاعَ العِدى لا أَنَّهُ خانَ قَومَهُ / وَلَكِنَّما ضاقَت عليه المذاهبُ
هُمو سَلَبوهُ المالَ وَالآلَ وَاِحتَوَوا / مِنَ الحَبِّ وَالأَنعامِ ما هُوَ كاسِبُ
فَأَصبَحَ لا يَدري أَفي الأَرضِ مَذهَبٌ / أَمِ اِنطَبَقَت أَطرافُها وَالمَناكِبُ
تَطَوَّعَ يَلقى المَوتَ لا مِن شَجاعَةٍ / وَلِكِنَّهُ مِن خيفَةِ المَوتِ هارِبُ
رَماهُ مِنَ الجوعِ المُبَرِّحِ مِقنَبٌ / تَدينُ لَهُ الهَيجا وَتَعنو المَقانِبُ
إِذا كَرَّ لاقَتهُ الأَسِنَّةُ خُضَّعاً / وَجاءَتهُ في زِيِّ العِصِيِّ القَواضِبُ
أَسِفتُ لِشَعبٍ مُستَباحٍ وَأُمَّةٍ / أَحاطَ بِها جَيشٌ مِنَ الظُلمِ غالِبُ
تُمارِسُ مِنهُ غارَةً بَعدَ غارَةٍ / وَتَرقُبُ فيهِ ما تَجيءُ العَواقِبُ
تَروحُ وَتَغدو وَالنُفوسُ نَوازِعٌ / تُدافِعُها آمالها وَتُجاذِبُ
طَوَت حِجَجاً سوداً كَأَنَّ شُهورَها / بَناتُ الدُجى أَهوالُها وَالغَياهِبُ
تَسيرُ بِطاءً وَالمَكارِهُ رُكَّضٌ / بِأَرجائِها وَالمُزعِجاتُ دوائِبُ
نَشُدُّ القُلوبَ الخافِقاتِ تَهُزُّها / خُطوبُ اللَيالي وَالهُمومُ النَواصِبُ
وَأَهلَكنا غَدرُ الوُلاةِ وَقَولُهُم / هَنيئاً لِشَعبٍ اَخطَأَتهُ المَعاطِبُ
أَرونا بِلاداً فاتَها ما أَصابَكُم / وَتَمَّت لَها حاجاتُها وَالمَطالِبُ
أُبيدَت شُعوبٌ جَدَّ في الحَربِ جِدُّها / وَغودِرَ شَعبٌ في الكِنانَةِ لاعِبُ
لَبِستُم رِداءَ السِلمِ إِذ كُلُّ أُمَّةٍ / لَها مِن دِماءِ الهالِكينَ جَلابِبُ
فَلا تَكفُروها يا بَني مِصرَ نِعمَةً / وَلا يَجلِبَنَّ الشَرَّ في مِصرَ جالِبُ
لَعَمري لَقَد غالَ النُفوسَ فَسادُها / وَلا كَنُفوسٍ أَفسَدَتها المَناصِبُ
تَطيبُ سَجايا المَرءِ حَتّى إِذا سَما / بِهِ مَنصِبٌ دَبَّت إِلَيهِ المَعائِبُ
أَخَذنا عَلى القَومِ العُهودَ فَما وَفوا / وَلا صَدَقَت أَخلاقُهُم وَالضَرائِبُ
كَأَنّا وَإِيّاهُم عَلى مُستَكِنَّةٍ / مِنَ الحِقدِ نُخفيها مَعاً وَنُوارِبُ
يَخافونَ بَعضَ اللائِمينَ وَنَتَّقي / بَوادِرَهُم فَالشَرُّ حَيرانُ هائِبُ
كِلانا عَلى ما يَسلِبُ النَفسَ حِلمَها / مِنَ الأَمرِ لا راضٍ وَلا هُو غاضِبُ
وَإِنَّ بِلاداً سامَها الضَيمَ أَهلُها / لَأَجدَرُ أَن يَقضي عَلَيها الأَجانِبُ
يُصيبونَ مِنها كُلَّ يَومٍ فَريسَةً / تُمَزِّقُها أَنيابُهُم وَالمَخالِبُ
أُسودٌ عَلى المُستَضعَفينَ ثَعالِبٌ / تَروغُ إِذا هَبَّ القَوِيُّ المُواثِبُ
سَئِمنا حَياةَ الذُلِّ وَالذُلُّ مَركَبٌ / يُسايِرُ فيهِ المَوتَ مَن هُوَ راكِبُ
نُريدُ فَيَأبى الظالِمونَ وَنَشتَكي / فَيَحجِبُنا مِنهُم عَنِ العَدلِ حاجِبُ
دَهانا مِنَ الأَقوامِ ما لَو دَها الصَفا / لَفاضَت دَماً عَن جانِبَيهِ المَذانِبُ
وَلَو أَنَّ بِالشُمِّ الشَوامِخِ ما بِنا / لَما ثَبُتَت مِنها الذُرى وَالجَوانِبُ
أَما تُحسِنُ الأَيّامُ صُنعاً بِأُمَّةٍ / أَساءَت بِها الصُنعَ اللَيالي الذَواهِبُ
صَبَرنا وَهَذا مُنتَهى الصَبرِ كُلِّهِ / فَأَينَ أَمانينا وَأَينَ المَآرِبُ
فَلا مَجدَ لِلأَوطانِ حَتّى يَزورَها / كَتائِبُ تُزجيها لِقَومي كَتائِبُ
يا غادِياً بِبَريدِ الشامِ يَنتَحِبُ
يا غادِياً بِبَريدِ الشامِ يَنتَحِبُ / ماذا دَهاكَ وَماذا أَنتَ مُحتَقِبُ
ما لِلحَقائِبِ وَلهى لا قَرارَ لَها / ماذا تَمُجُّ بِها الأَنباءُ وَالكُتُبُ
إِنّي أَرى الدَمَ يجري من جَوانِبِها / فالأرضُ حولك مخضلٌّ ومختضبُ
أنصت لتسمعَ ما ضمَّت جَوانِحُها / إِنّي لَأَسمَعُ فيها الحُزنَ يَصطَخِبُ
أَفرِغ غَليلَ الأَسى ناراً عَلى كَبِدي / وَخَلِّ قَلبي لِأُخرى فيهِ تَلتَهِبُ
هَذي لِمِصرَ تُؤَدّي الحَقَّ ناحِيَةً / وَتِلكَ لِلشامِ تَقضي مِنهُ ما يَجِبُ
هَمّانَ في كُلِّ جَنبٍ مِنهُما ضَرَمٌ / عالٍ وَفي كُلِّ عَينٍ واكِفٌ سَرِبُ
عاثَت يَدُ الشَرِّ بِالقُطرَينِ وَاِنطَلَقَت / في الأُمَّتَينِ عَوادي الدهرِ وَالنُوَبُ
تَغشاهُما زُمَراً تَحتَثُّها زُمَرٌ / تَرمي بِها عُصَبٌ تَقتادُها عُصَبُ
ضاقَ الفَضاءُ فَما يَمشي بِهِ نَفَسٌ / إِلّا يَكادُ عَلى الأَعقابِ يَنقَلِبُ
كَأَنَّ لِلمَرءَ مِن أَعضائِهِ رَصَداً / يَكادُ يَنقَضُّ مِن عَينَيهِ أَو يَثِبُ
ما يَرهَبُ المَرءُ أَو يَرجو وَقَد نُكِبَت / مِنّا النُفوسُ بِعَيشٍ كُلُّهُ رَهَبُ
أَعدى عَلى الشَرِّ يَومٌ مِنهُ مُحتَضَرٌ / لا خَيرَ فيهِ وَيَومٌ بَعدُ مُرتَقَبُ
يا أُمَّةً في رُبوعِ الشامِ يوحِشُها / عَيشٌ جَديبٌ وَرَبعٌ لِلمُنى خَرِبُ
طاحَت بِآمالِها الخُضرِ اللِدانِ يَدٌ / خُضرُ الحَدائِقِ في إِعصارِها حَطَبُ
عَسراءُ سَوداءُ يَجري مِن أَنامِلِها / حَتفُ الشُعوبِ وَيَهمي الوَيلُ وَالحَرَبُ
لا تَلمِسُ الأَرضَ إِلّا اِسوَدَّ جانِبُها / بَعدَ الضِياءِ وَجَفَّ الماءُ وَالعُشُبُ
ماذا لَقيتِ مِنَ القَومِ الأُلى كَفَرَت / مِمالِكُ الشَرقِ ما مَنّوا وَما وَهَبوا
ظَنّوا الحَضارَةَ لا تَعدو مَنازِلَهُم / وَلا تُجاوِزَهُم أَيّانَ تَنتسِبُ
وَأَنَّنا أُمَمٌ فَوضى مُضَلَّلَةٌ / تَظَلُّ في غَمَراتِ الجَهلِ تَضطَرِبُ
ضَجَّ الزَمانُ اِرتِياعاً مِن جَرائِرِها / وَذاقَتِ المُرَّ مِن أَخلاقِها الحِقَبُ
رَموا بِعَهدِكِ في هَوجاءَ عاصِفَةٍ / ما تُستَطاعُ وَلا يُرجى لَها طَلَبُ
طارَت فَما عَلِقَت مِنها بِأَجنِحَةٍ / نُكبُ الرِياحِ وَلا هَمَّت بِها السُحُبُ
ضاعَ الحِمى وَاِستَباحَ الضَيمُ جانِبُكُم / أَينَ الحُماةُ وَأَينَ العَطفُ وَالحَدَبُ
أَينَ المَواعيدُ تَستَهوي رَوائِعُها / مِنكُم نُفوساً أَبِيّاتٍ وَتَختَلِبُ
لا تَعجَبوا إِن رَأَيتُم مَوعِداً كَذِباً / إِنَّ السِياسَةَ مِن أَسمائِها الكَذِبُ
ماذا تُرَجّونَ مِن أَمنٍ وَمِن دَعَةٍ / المالُ يُسلَبُ وَالأَرواحُ تُنتَهَبُ
يا أُمَّةَ البَأسِ أَينَ البَأسُ يَمنَعُكُم / يا أُمَّةَ المَجدِ أَينَ المَجدُ وَالحَسَبُ
لا تَقبَلوا الضَيمَ وَاِحموا مِن مَحارِمِكُم / إِنَّ المَحارِمَ مِمّا تَمنَعُ العَرَبُ
إِنّي أَرى أُمَمَ الغَبراءِ يَشغَلُها / جِدُّ الأُمورِ فَلا لَهوٌ وَلا لَعِبُ
إِمّا الحَياةُ يَصونُ العِزُّ جانِبَها / عَنِ الهَوانِ وَإِمّا الحَتفُ وَالعَطَبُ
وَيلي عَلى الجيرَةِ الغالينَ يَأخُذُهُم / مِن طارِقِ البُؤسِ حَتّى العُريُ وَالسَغَبُ
أَزرى بِهِم مِن خُطوبِ الدَهرِ ما طَعِموا / وَغالَهُم مِن هُمومِ العَيشِ ما شَرِبوا
لَو أَنصَفوا البَأسَ لَم يَنزِل بِساحَتِهِم / ظُلمٌ وَلا شَفَّهُم هَمٌّ وَلا نَصَبُ
لا يَعجَبِ الفاتِحُ المُغتَرُّ إِن غَضِبوا / إِنَّ الضَراغِمَ مِن أَخلاقِها الغَضَبُ
كَأَنَّني لِلأَيامى الجازِعاتِ أَخٌ / وَلِليَتامى الأُلى مَلّوا الحَياةَ أَبُ
أَحنو وَأَعطِفُ لا مالٌ وَلا وَلَدٌ / لي بِالشَآمِ وَلا قُربى وَلا نَسَبُ
ماهاجَني شَجَنٌ بِالشامِ أَطلُبُهُ / وَإِنَّما هاجَني الإِسلامُ وَالأَدَبُ
إِنَّ الحَضارَةَ دينُ اللَهِ نَعرِفُها / في مُحكَمِ الذِكرِ لا ظُلمٌ وَلا شَغَبُ
الناسُ أَهلٌ وَإِخوانٌ سَواسِيَةٌ / في كُلِّ شَيءٍ فَلا رَأسٌ وَلا ذَنبُ
العَدلُ إِن حَكَموا وَالحَقُّ إِن طَلَبوا / وَالخَيرُ إِن عَمِلوا وَالبِرُّ إِن رَغِبوا
حَتّى لَو اِعوَجَّ في أَحكامِهِ عُمرٌ / هَبَّت تُقَوِّمُهُ الهِندِيَّةُ القُضُبُ
الحُكمُ لِلَهِ فَرداً لا شَريكَ لَهُ / أَلا لَهُ المُلكُ وَالسُلطانُ وَالغَلَبُ
أَقامَ لِلناسِ ديناً مِن جَلالَتِهِ / تَهوي التَماثيلُ عَن رُكنَيهِ وَالنُصُبُ
قُل لِلمُلوكِ أَفيقوا مِن وَساوِسِكُم / زالَت غَواشي العَمى وَاِنشَقَّتِ الحُجبُ
فَلا الشُعوبُ تُسامُ الخَسفَ مِن ضَعَةٍ / وَلا الحُقوقُ بِأَيدي العَسفِ تُغتَصَبُ
أَشعَلتُمُ الحَربَ مِلءَ الأَرضِ ظالِمَةً / فَوضى المَذاهِبِ حَمقى ما لَها سَبَبُ
إِذا تَدافَعَ فيها جَحفَلٌ لَجِبٌ / خاضَ الحُتوفَ إِلَيهِ جَحفَلٌ لَجِبُ
زَجّوا المَلايينَ في أَعماقِها أُمَماً / يوفونَ بِالنذرِ إِن عُدّوا وَإِن حُسِبوا
مِن كُلِّ أَهوَجَ قَذّافٍ بِأُمَّتهِ / في جَوفِ جَأواءِ يُذكيها وَيَجتَنِبُ
تَدَفَّقَ الدَمُ لَم يَمدُد إِلَيهِ يَداً / وَلَم يَرُعهُ رُعافٌ مِنهُ يَنسَكِبُ
أَقوَت خَزائِنُهُم فَاِستَحدَثوا وَرَقاً / يَهفو مَعَ الريحِ إِلّا أَنَّهُ نَشَبُ
زادوا بِهِ الحَربَ مِن جَهلٍ وَمِن نَزَقٍ / ما كَفَّ مِن مِثلِهِ وَاِستَنكَفَ الذَهَبُ
ظَلَّت تَهونُ عَلى الأَيّامِ قيمَتُهُ / حَتّى تَرَفَّعَ عَنهُ التُربُ وَالخَشَبُ
يَبتاعُ ذو الأَلفِ مِنهُ حينَ يَملِكُها / أَدنى وَأَهوَنَ ما يُشرَى وَيُجتَلَبُ
لَو فارَقَ الناسَ أَو طاحَ الزَوالُ بِهِ / إِذَن لَزالَ عَناءُ العَيشِ وَالتَعَبُ
يا أُمَّةَ الشامِ هَل بِالشامِ مُبتَهِجٌ / وَالنيلُ مِن أَجلِكُم حَرّانُ مُكتَئِبُ
صونوا البِلادَ وَكونوا مَعشَراً صُبُراً / لا يَخطِفونَ جَناحَ الذُلِّ إِن نُكِبوا
دَعوا لِفَيصَلَ ما تُملي مَشيئَتُهُ / لا فَيصَلَ اليَومَ إِلّا المُرهَفُ الذَرِبُ
أَمسى مُعَنّى الأَماني ما تُصانُ لَهُ / تِلكَ العُهودُ وَلا يُقضى لَهُ أَرَبُ
لَم يَلبِسِ التاجَ حَتّى راحَ يَخلَعُهُ / مُشَرَّداً في فِجاجِ الأَرضِ يَغتَرِبُ
كانَت أَمانِيَ أَو أَحلامَ ذي سِنَةٍ / طارَت فَلا أَمَمٌ مِنهُ وَلا كَثَبُ
إِن يُفزِعِ النيلَ وَالأُردُنَّ ما بِهِما / فَبِالفُراتِ وَشَطَّي دِجلَةَ العَجَبُ
وَيحَ العِراقِ وَقَومٍ بِالعِراقِ عَلا / ضَجيجُهُم وَتَمادى مِنهُمُ الصَخَبُ
طاشَ الرَجاءُ بِهِم فَالأَمرُ مُضطربٌ / فَوضى بِأَرجائِهِ وَالصَدعُ مُنشَعِبُ
بَغدادُ تَنظُرُ وَالأَحشاءُ خافِقَةٌ / وَالعَينُ دافِقَةٌ وَالقَلبُ مُرتَقِبُ
أَينَ الرَشيدُ وَأَيّامٌ لَهُ سَلَفَت / أَينَ الحُماةُ وَأَينَ الفِتيَةُ النُجُبُ
دارَ السَلامِ أَهَزَّتكِ الخُطوبُ أَسىً / لَمَّا فُجِعتِ بِهِم أَم هَزَّكِ الطَرَبُ
أَينَ الحَضارَةُ يَحميها وَيَرفَعُها / لِلبَأسِ وَالعَدلِ مِنهُم مَعقِلٌ أَشِبُ
جاءوا بِغَربِيَّةٍ ما لاحَ طالِعُها / في الشَرقِ حَتّى هَوَت عَن أُفقِهِ الشُهُبُ
وَحشِيَّةِ الدارِ وَالأَنسابِ ما بَرَحَت / خَلفَ الطَرائِدِ في الآفاقِ تَنسَرِبُ
كُلُّ الشُعوبِ لَها في أَرضِهِ قَنَصٌ / وَكُلُّ ما مَلَكَت أَيمانُهُم سَلَبُ
تَمشي الضَرّاءَ تُصادينا وَآوِنَةً / تَنقَضُّ ضاحِيَةً يَعدو بِها الكَلَبُ
هُبّوا بَني الشَرقِ لا نَومٌ وَلا لَعِبٌ / حَتّى تُعَدَّ القُوى أَو تُؤخَذَ الأُهَبُ
ماذا تَظُنّونَ إِلّا أَن يُحاطَ بِكُم / فَلا يَكونُ لَكُم مَنجىً وَلا هَرَبُ
كونوا بِهِ أُمَّةً في الدَهرِ واحِدَةً / لا يَنظُرُ الغَربُ يَوماً كَيفَ تَحتَرِبُ
الدينُ لِلَهِ لا الإِسلامُ يَصرِفُها / عَنِ الحَياةِ وَلا الأَوثانُ وَالصُلُبُ
ما لِلسِياسَةِ تُؤذينا وَتُبعِدُنا / عَمّا يَضُمُّ قُوانا حينَ نَقتَرِبُ
أغرَت بِنا الخُلفَ حَتّى اِجتَاحَ قُوَّتَنا / وَطاحَ بِالشَرقِ ما تَجني وَتَرتَكِبُ
تَقتادُ شَعباً إِلى شَعبٍ وَمَملَكَةً / في إِثرِ مَملَكَةٍ أُخرى وَتَجتَذِبُ
أَغارَةً جَدَّ رُوّادُ السَلامِ بِها / لَولا الفَريسَةُ ما جَدّوا وَلا دَأَبوا
تَكَشَّفَ الغَربُ وَاِنصاحَت مَآرِبُهُ / فَلا الشُكوكُ تُواريها وَلا الرَيبُ
لا عُذرَ لِلقَومِ إِن قُلتُ اِنفِروا فَأَبَوا / الحَزمُ مُستَنفِرٌ وَالرَأيُ مُنتَدَبُ
سيروا بَني الشَرقِ في ظِلِّ الإِخاءِ عَسى / أَن تُفلِحوا وَلَعَلَّ الصَدعَ يَرتَئِبُ
أَأَفاقَ ظالِمُ نَفسِهِ فَأَنابا
أَأَفاقَ ظالِمُ نَفسِهِ فَأَنابا / وَرَأى المَحَجَّةَ مُخطِئٌ فَأَصابا
إِنَّ الَّذي وَسِعَ الخَلائِقَ رَحمَةً / غَمَرَ المَمالِكَ وَالشُعوبَ عَذابا
لَمّا جَرى في الأَرضِ طوفانُ الأَذى / أَجرى بِهِ الدَمَ وَالحَديدَ عُبابا
وَالناسُ إِن عَمَروا الزَمانَ بِظُلمِهِم / تَرَكو المَدائِنَ وَالبِلادَ خَرابا
انظُر إِلى الدُنيا يُريكَ مَشيبُها / دُنيا تُريكَ نَضارَةً وَشَبابا
هَذي تُطِلُّ عَلى الشُعوبِ وَهَذِهِ / تُزجي الرَكائِبَ لا تُريدُ مَآبا
اللَهُ قَدَّرَها حَياةً غَضَّةً / وَأَعَدَّها لِلصالِحينَ ثَوابا
قُل لِلمُلوكِ أَتَتبَعونَ زَمانَكُم / أَم تَأخُذونَ لِغَيرِهِ الأَسبابا
ما المُلكُ يُؤخَذُ بَيعَةً وَمَشورَةً / كَالمُلكِ يُؤخَذُ عَنوَةً وَغِلابا
الصاعِدينَ عَلى العروشِ جَماجِماً / الرافِعينَ ذُرى القُصورِ رِقابا
المُنكِرينَ عَلى المَمالِكِ حَقَّها / الزاعِمينَ شُعوبَهُنَّ ذُبابا
مِن كُلِّ فَردٍ في الأَريكَةِ مالِكٍ / أُمَماً تَهولُ بَني الزَمانِ حِسابا
فَخمِ المَواكِبِ ما يُبالي أَصبَحوا / راضينَ أَم باتوا عَلَيهِ غِضابا
المالُ يُجبى وَالبِلادُ مُطيعَةٌ / وَالجُندُ يَخطُرُ جيئَةً وَذَهابا
وَالجَمعُ مُحتَفِلٌ يَطوفُ بِسُدَّةٍ / تُلقي عَلَيهِ مِنَ الجَلالِ حِجابا
تَتَوَثَّبُ الأَقدارُ في عَليائِها / تَحمي السُتورَ وَتَمنَعُ الأَبوابا
يَرضى فَيُرسِلُها لِقَومٍ نِعمَةً / وَتَكونُ مِنهُ لِآخِرينَ عِقابا
حَتّى إِذا جَمَعَ القَياصِرَ مَوعِدٌ / بَعَثَ الإِلَهُ قَضاءَهُ فَاِنسابا
لَمّا أَغارَ عَلى المَمالِكِ جُندَهُ / أَخَذَ العُروشَ وَأَهلَها أَسلابا
وَأَرى لِرَبِّكَ كُلَّ حينٍ آيَةً / تَعِظُ العَبيدَ وَتردَعُ الأَربابا
تَطغى الجُنودُ فَإِن تَدافَعَ بَأسُهُ / هَزَمَ الجُنودَ وَأَهلَكَ الأَحزابا
وَإِذا رَمى شُمَّ المَعاقِلِ مِن عَلٍ / طارَت بِمُختَرِقِ الرِياحِ تُرابا
إِنَّ الَّذي جَعَلَ الزَمانَ مُؤَدِّباً / جَعَلَ الحَوادِثَ لِلشُعوبِ كِتابا
وَالناسُ تُعوِزُها العُقولُ فَيَستَوي / في الجَهلِ مَن شَهِدَ العِظاتِ وَغابا
العَبقَرِيَّةُ في الحَياةِ لِأُمَّةِ / تَلِدُ العُقولَ وَتُنجِبُ الأَلبابا
مِن كُلِّ جَبّارِ القُوى مُتَمَرِّدٍ / يَعلو الخُطوبَ مُساوِراً وَثّابا
وَمُثَقَّبٍ وارٍ يُريكَ مُضيئُهُ / في الداجِياتِ مِنَ الأُمورِ شِهابا
وَضَحِ الغُيوبِ يَدُبُّ في أَوكارِها / وَيَشُقُّ عَن أَسرارِها الأَنقابا
سَلَبُ الشُعوبِ لِمَن يُقَلِّبُ حَولَها / ظُفراً مِنَ العِلمِ العَتيدِ وَنابا
العِلمُ إِن حَمَتِ الضَراغِمُ مُلكَها / مُلكٌ أَعَزُّ حِمىً وَأَمنَعُ غابا
طُف بِالمَشارِقِ هَل تُصادِفُ جاحِداً / وَجُبِ المغَارِبَ هَل تَرى مُرتابا
أَرَأَيتَ مَن أَخَذَ الحَياةَ بِحَقِّها / وَسَعى لَها سَعيَ الرِجالِ فَخابا
جَنِّد لِقَومِكَ إِن هَمَمتَ بِغارَةٍ / جُندَ المَعارِفِ وَاِحشُدِ الآدابا
نُبِّئتُ ما صَنَعَ الَّذينَ تَأَلَّفوا
نُبِّئتُ ما صَنَعَ الَّذينَ تَأَلَّفوا / يَتَذاكَرونَ مَواطِنَ الأَحسابِ
يَدعونَ مِصر وَمِصرُ مَجدُ أُبُوَّةٍ / عالٍ وَعِزُّ عَشيرَةٍ وَصِحابِ
فَرَضيتُ ثُمَّ عَلِمتُ ما لَم يَصنَعوا / فَغَضِبتُ ثُمَّ رَضيتُ غَيرَ مُحابِ
نَفَضوا الأَكُفَّ مِنَ الأُلى جَمَحَت بِهِم / شُرُدُ النُهى وَعوازِبُ الأَلبابِ
وَرَعوا ذِمامَ بِلادِهِم بِوَصِيَّةٍ / نَكَصَ الغَوِيُّ لَها عَلى الأَعقابِ
يا عُدَّةَ الوادي لِيَومِ رَجائِهِ / وَعَتادِهِ لِلحادِثِ المُنتابِ
روضوا المَطالِبِ بِالرَوِيَّةِ وَاِعلَموا / أَنَّ السَكينَةَ أَنجَحُ الأَسبابِ
إِن شيبَ حَقُّ العالَمينَ بِباطِلٍ / أَعيَت وَسائِلُهُ عَلى الطُلّابِ
إِن الأَناةَ لِذي الشَجاعَةِ عِصمَةٌ / وَالحَزمُ دِرعُ الأَغلَبِ الوَثّابِ
وَالأَمرُ إِن حَجَبَ الظَلامُ وُجوهَهُ / فَالرَأيُ أَسطَعُ كَوكَبٍ وَشِهابِ
مَن ذا يُجادِلُ في الحُقوقِ وُلاتَها / وَيُصيبُهُم بِمَلامَةٍ وَعِتابِ
وَيَقولُ لِلصادي المُصَفِّقِ وِردُهُ / أَتَموتُ أَم تَحيا بِغَيرِ شَرابِ
يَرِدُ المَنِيَّةَ إِذ يَفيضُ ذُعافُها / وَيَرى الزُلالَ يَغيضُ في الأَكوابِ
مَن ذا يَرُدُّ عَنِ الحَياةِ دُعاتَها / وَيُريدُها لِلناسِ سَوطَ عَذابِ
مَن ذا يُماري الناسَ في شَمسِ الضُحى / مَن ذا يُقَنِّعُ وَجهَها بِنِقابِ
لا تُشمِتوا الأَعداءَ إِنَّ عُيونَهُم / نُصِبَت لَكُم في جَيئَةٍ وَذَهابِ
لا شَيءَ أَبهَجُ مَنظَراً فيما تَرى / مِن نَكبَةٍ تَجتاحُكُم وَمُصابُ
سُدّوا سَبيلَ الشَرِّ وَاِجتَنِبوا الأَذى / وَخُذوا الأُمورَ بِحِكمَةٍ وَصَوابِ
ذو العَقلِ إِن سَنَّ الوُلاةُ وَأَدَّبوا / في سُنَّةٍ مِن عَقلِهِ وَكِتابِ
أَنتُم وُلاةُ الحَقِّ في أَوطانِكُم / وَالحَقُّ يَصدَعُ شُبهَةَ المُرتابِ
اللَهُ أَكبَرُ هَل لَكُم مِن دونِها / وَطَنٌ يُرامُ لِغابِرِ الأَحقابِ
اللَهَ في أَمَلٍ لِمِصرَ مُحَبَّبٍ / هَتَفَ البَشيرُ بِهِ عَلى الأَبوابِ
رُدّوا التَحِيّةَ هادِئينَ وَعالِجوا / بِالرِفقِ كُلَّ سِتارَةٍ وَحِجابِ
وَتَيَمَّنوا بِالطَيرِ سَعداً وَاِحذَروا / لِلنَحسِ طَيراً دائِمَ التَنعابِ
لوذوا بِآدابِ الحَياةِ وَراقِبوا / نَزَواتِ قَومٍ ناقِمينَ غِضابِ
دُعاةَ الخَيرِ وَالإِصلاحِ مَرحى
دُعاةَ الخَيرِ وَالإِصلاحِ مَرحى / رَضيناكُم وَإِن كُنتُم غِضابا
رَضيناكُم عَلى أَن تُنصِفونا / وَأَلّا تَظلِموا الشَعبَ المُصابا
أَفي الإِنصافِ أَلّا تورِدوهُ / عَلى طولِ الصَدى إِلّا سَرابا
أَفي الإِنصافِ أَن تَتَلَقَّفوهُ / كَما تَتَلَقَّفُ الريحُ الذُبابا
أَفي الإِنصافِ أَن تَتَكَنَّفوهُ / تُريدونَ الخَديعَةَ وَالخِلابا
أَفي اِستِقلالِكُم يا قَومُ شَيءٌ / سِوى تِلكَ الَّتي تَلوي الرِقابا
دُعاةَ الخَيرِ وَالإِصلاحِ إِنّا / لَنَغفِرُ لِلمُسيءِ إِذا أَنابا
زَعَمتُم أَنَّنا حُسّادُ سَعدٍ / وَقُلتُم قَولَ مَن جَهِلَ الصَوابا
وَلَو رَكِبَ الجِواءَ بِمصرَ سَعدٌ / لَقُلنا لَيتَهُ رَكِبَ السَحابا
كَفى يا قَومُ بُهتاناً وَزوراً / فَقولوا الحَقَّ وَاِجتَنِبوا السِبابا
لَأَنتُم خَيرُ مَن يُرجى لِمِصرٍ / وَلَكِنّا نَرى العَجَبَ العُجابا
وَفي اِستِقلالِكُم بَعضُ المَزايا / وَلَكِنّا لَمَسناهُ فَذابا
ما لي دعوتُ فلم أجِدْ
ما لي دعوتُ فلم أجِدْ / في الشّعبِ أجمعَ من مُجيبْ
ذَنبي إليه أَمانةٌ / هي عنده شرُّ الذنوبْ
الحقُّ أنّ سَبيلَنا / خَطِرُ المطامعِ والدُّروبْ
عَقَرَ المطيَّ وطَاحَ بال / رُكبانِ من فرطِ اللُّغوبْ
تتساقط الشُّهداءُ في / هِ تَساقُطَ الزَّهرِ الرّطيبْ
يَرثُونَ ما في الحورِ وال / ولدانِ من حُسْنٍ وطيبْ
لكنّه دينُ الرّئي / سِ وحُكمُ كلِّ فتىً مصيبْ
حُبُّ الرئيسِ وحزبِه / مِلءُ الجوانحِ والقُلوبْ
هو عُدَّةُ الشَعبِ الأبي / يِ وعِصمةُ الوادي الخصيبْ
نَرمِي بهِ غِيَرَ الزّما / نِ ونتّقِي شرَّ الخُطوبْ
بَطلُ المفاوضةِ المخو / فُ ولَيْثُها الخَطِرُ النَيوبْ
لا بالصَّدوفِ إذا تحا / جزتِ الكُماةُ ولا الهَيُوبْ
ما للخيالِيّين في / تلكَ المناقبِ مِن نَصيبْ
مَن عَلَّمَ الشُّعراءَ تَدْ / بيرَ الممالكِ والشُّعوبْ
هُمْ عُصبةُ الطَّمعِ الخَدو / عِ وشِيعَةُ الأَمَلِ الكَذُوبْ
زَعَموا الجلاءَ مُحقَّقاً / واللهُ عَلّامُ الغُيوبْ
نَحنُ الضِّعافُ وللِعَدُو / وِ صرامةُ الأسَدِ الغَضُوبْ
الجيشُ صَعبُ البأس وال / أسطولُ مَرهوبُ الوُثوبْ
أين البوارجُ والكتا / ئبُ للمعاركِ والحروبْ
صَدَق الرّئيسُ وجَاءَ في ال / إقناعِ بالعجبِ العَجيبْ
يا سُوءَ مُنقلَبِ الرّئي / سِ وحِزبِه الفَرحِ الطّروبْ
اليومَ تهنئةُ العرو / سِ وفي غدٍ شَقُّ الجيوبْ
لَهانَ على نُعاتِكَ أن نُصابا
لَهانَ على نُعاتِكَ أن نُصابا / وإن فزِعوا لخطبك حين نابا
رموا بصواعقِ الأنباءِ تهوي / فتلتهبُ البلادُ لها التهابا
إذا غمرت فِجاجَ الأرضِ ناراً / تَدافعَ موجُها فطوى العُبابا
أَبعدَ الأربعين يُجيب ثاوٍ / فيحمل عاصفُ الرّيحِ الجوابا
أبا شادي سكتَّ وكنتَ صوتاً / شديدَ القصفِ يخترقُ السَّحابا
ونْمِتَ عن الحوادثِ وهي يقظى / تُنازِعُنا المضاجعَ والثّيابا
أحِينَ رَمى السّبيلُ بكلّ سارٍ / رمى عزريلُ فاخترمَ الشّهابا
طلبنا كلَّ أروعَ ذي نصابٍ / فكنتَ أعزَّ مَن ملكَ النّصابا
إذا جئتَ الجِنانَ فَحيِّ عنِّي / منازلَ فتيةٍ رفعوا القِبابا
حُماةُ النّيلِ ما عرفوه إلا / حياةً في الممالكِ أو ثوابا
أبَوْا أن يُعبَدَ الطّاغوتُ فيه / وأن يتخطّفَ الأرضَ اغتصابا
رموا ورمى فما جزعوا لخِطبٍ / ولا وضعوا الجِبِاهَ ولا الرّقابا
مضى عبدُ اللطيفِ فلم تَدَعْهُ / ولم تَدَعِ الحُداةَ ولا الرِّكابا
فليتكَ إذ لحقتَ به وشيكاً / حملتَ إليه من قِبَليِ كتابا
بكيتُك للبلادِ تذودُ عنها / إذا الحَدَثُ الجليلُ بها أهابا
وعندي عَبْرةٌ لك لن تراها / تَخونُ العِلمَ والأدبَ اللُّبابا
وأًخرى يمتريها الوُدُّ صفواً / كماءِ المُزنِ تَكرهُ أن يُشابا
وأنكدُ ما لبِستَ من الليالي / مودّةَ معشرٍ لَبِسوا الخِلابا
بأرضٍ تترك الآسادَ صَرْعَى / وتستبقى الثعالبَ والذئابا
لقد أنكرتُ دهري منذُ حينٍ / ونفسي والعشيرةَ والصَّحابا
أَمَنْ عَرَفَ اليقينَ فَصحَّ رأياً / كمن جَهِل الحقائقَ فاسترابا
وكيف تزيدُني عِلماً حياةٌ / قرأت كتابها باباً فبابا
بلادٌ بيعَ سُؤْدُدُها فضاعت / وشعبٌ هيضَ جانبُه فذابا
فمن يَأْبَ السرَّابَ فقد أَراني / أَمُدُّ يديَّ أغترِفُ السّرابا
ولو أنّي سوايَ ذهبتُ أَبغِي / إلى وطنٍ سوى مصرَ انتسابا
ومن حملَ الأمانةَ في بلادٍ / تَدينُ بغيرها حَملَ العذابا
رُزِئْنا في البقيَّةِ من بنيها / فصبراً للنّوائبِ واحتسابا
أيبقى من نُصابُ على يديهِ / ويُمعِنُ مِدْرَهُ القومِ الذَّهابا
أَسَيْتُ له وما بالموتِ نُكرٌ / إذا نشرَ الأسَى وطوى العِتابا
فإن يذهبْ بنا وبه اختلافٌ / فإنَّ لنا إلى الحُسَنى مآبا
إذا ما المرءُ كانَ على يقينٍ / فقد أرضاكَ أخَطأَ أم أصابا
وللأحزابِ وِجْهتُها فدعها / إلى أن يقشعَ النُّورُ الضَّبابا
سنذكرُه إذا النكباءُ هبَّتْ / تلفُّ الشّيبَ منّا والشّبابا
ونَعرفُه إذا الأَجماتُ ريعَتْ / فَرُحْنا ننشدُ الأُسْدَ الغِضابا
وكان على العدوِّ أشدَّ ظُفراً / إذا شَهِدَ الوغى وأحدَّ نابا
أأحمدُ هل رأيتَ الموتَ إلا / أحقَّ الطّبِ بالمرضى رِحابا
إذا كَرِهوا المضاجعَ من حريرٍ / أحبّوا في مَضاجعهِ التُّرابا
وإن نَقَموا المشاربَ سائغاتٍ / رضوا بالصَّابِ من يده شرابا
إذا بات الهُجوعُ أعزَّ شيءٍ / أصابوه بِساحتِه نِهابا
وكم من غفوةٍ لو قوَّموها / بملء الأرضِ جاوزتِ الحسابا
رأيتُ السَّعْيَ أكثرُه ضلالٌ / ولم أرَ كالطّبيبِ سعَى فخابا
عقابُ الدّاءِ من طِبِّ المنايا / إذا لم يَخْشَ من طبٍّ عقابا
إليك فتى القريض رثاءَ عانٍ / يزيدُ الدّاءُ منطقَهُ اضطرابا
كأنَّ ثيابَ قيصرَ أدركتني / فتلك قُروحُها تَعِدُ التَّبابا
وما أنا وامرؤُ القيس بن حجرٍ / رعى الحُرُماتِ أم هَتَكَ الحِجابا