المجموع : 37
لَيْسَ ابْنُ آدَمَ ذا جَهْلٍ بِمَصْرَعِهِ
لَيْسَ ابْنُ آدَمَ ذا جَهْلٍ بِمَصْرَعِهِ / لَكِنَّهُ يَتَنَاسَى الْجِدَّ بِاللَّعِبِ
تَراهُ يَلْهُو وَلا يَنْفَكُّ في حَذَرٍ / وَرَاحَةُ النَّفْسِ لا تَخْلُو مِنَ التَّعَبِ
تَرَفَّقْ فَإِنَّ الرِّفْقَ زَيْنٌ وَقَلَّمَا
تَرَفَّقْ فَإِنَّ الرِّفْقَ زَيْنٌ وَقَلَّمَا / يَنالُ الْفَتَى بِالْعُنْفِ ما كانَ طالِبَا
إِذَا لم يَكُنْ لِلْمَرْءِ عَقْلٌ يَرُدُّهُ / إِلَى الْحِلْمِ لَم يَبْرَحْ مَدَى الدَّهْرِ عاتِبَا
وَإِنْ هُوَ لَمْ يَصْفَحْ عَنِ الْخِلِّ إِنْ هَفَا / أَقَامَ وَحِيداً أَوْ قَضَى الْعُمْرَ غَاضِبَا
إِنِّي إِذَا ما الْخِلُّ خَاسَ بِعَهْدِهِ
إِنِّي إِذَا ما الْخِلُّ خَاسَ بِعَهْدِهِ / بَعدَ الوِدادِ فَلَسْتُ مِنْ أَصْحَابِهِ
وإِذَا عَتَبْتُ عَلَيْهِ ثُمَّتَ لَمْ يَعُدْ / عَنْ غَيِّهِ لَمْ أَكْتَرِثْ لعِتَابِهِ
بَلَوْتُ سَرائِرَ الإِخْوَانِ حَتَّى
بَلَوْتُ سَرائِرَ الإِخْوَانِ حَتَّى / رَأَيْتُ عَدُوَّ نَفْسِي مِنْ حَبِيبِي
فَلا تَأْمَنْ عَلَى سِرٍّ صِحاباً / فَإِنَّهُمُ جَواسِيسُ الْعُيُوبِ
أَلَمْ تَعْلَمْ وَخَيْرُ الْقَوْلِ أَبْقَى
أَلَمْ تَعْلَمْ وَخَيْرُ الْقَوْلِ أَبْقَى / بِأَنَّ الصَّمْتَ مَنْجَاةُ الأَرِيبِ
فَلا تَأْمَنْ عَلَى سِرٍّ حَبِيباً / فَقَدْ يَأْتِي الْعَدُوُّ مِنَ الْحَبِيبِ
لا تَرْكَنَنَّ إِلَى الِعَدُوِّ فَإِنَّهُ
لا تَرْكَنَنَّ إِلَى الِعَدُوِّ فَإِنَّهُ / يَبْغِي سِقَاطَكَ بِالحَدِيثِ الْمُعْجِبِ
كَالنَّارِ تَخْتَدِعُ الْفَراشَ بِحُسْنِهَا / فَيَنَالُ مِنْهُ الْبُؤْسُ إِنْ لَمْ يَعْطَبِ
أَرَى كُلَّ حَيٍّ يَظْلِمُ الدَّهْرَ جُهْدَهُ
أَرَى كُلَّ حَيٍّ يَظْلِمُ الدَّهْرَ جُهْدَهُ / وَلَسْتُ أَرَى لِلدَّهْرِ فِي عَمَلٍ ذَنْبَا
إِذا سَاءَ صُنْعُ الْمَرْءِ سَاءَتْ حَيَاتُهُ / فَمَا لِصُرُوفِ الدَّهْرِ يُوسِعُها سَبَّا
لا أُجازِيكَ بِالَّذِي خُضْتَ فِيهِ
لا أُجازِيكَ بِالَّذِي خُضْتَ فِيهِ / مِنْ حَدِيثٍ وَلا أَمُضُّكَ عَتْبَا
غَفَرَ اللهُ لِي إِذَا كَانَ صِدْقاً / وَعَفَا اللهُ عَنْكَ إِنْ كَانَ كِذْبَا
وَذِي جَبَرُوتٍ لا يَرَى غَيْرَ نَفْسِهِ
وَذِي جَبَرُوتٍ لا يَرَى غَيْرَ نَفْسِهِ / عَظِيماً وَلا يُصْغِي إِلى قَوْل مُصْحِبِ
نَظَرْتُ إِلَيْهِ نَظْرَةً فَتَطامَنَتْ / غَوارِبُهُ وانْقادَ بَعْدَ التَّجَنُّبِ
وَمَا كُنْتُ لَوْلا أَنْ رَأَى كِبْرَ شَأْنِهِ / لأُصْدِرَهُ إِلَّا بِأَهْلٍ وَمَرْحَبِ
وَلَكِنَّنِي سَهْلٌ لِمَنْ رَامَ خُلَّتِي / وَصَعْبٌ عَلَى ذِي الْكِبْرِياءِ الْمُغَلَّبِ
وَلَوْ أَنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ شَقَاؤُهُ / لَطَارَتْ بِهِ في الناسِ عَنْقَاءُ مُغْرِبِ
وَلَكِنَّهُ أَلْقَى إِلَيَّ زِمَامَهُ / فَسِرْتُ بِهِ سَيْرَ الذَّلُولِ الْمُهَذَّبِ
وَلَيْسَ يَسُودُ المَرْءُ إِلَّا بِحِلْمِهِ / عَلَى قَوْمِهِ وَالصَّفْحِ عَنْ كُلِّ مُذْنِبِ
أَتُخْفِرُ ذِمَّتِي وَتَرُومُ عَطْفِي
أَتُخْفِرُ ذِمَّتِي وَتَرُومُ عَطْفِي / لَقَدْ مَنَّتْكَ نَفْسُكَ بِالْكِذابِ
فَمَا بَعْدَ الْقَطِيعَةِ مِنْ تَلاقٍ / وَلا بَعْدَ الْخَديعَةِ مِنْ عِتَابِ
وَكَيْفَ يَصِحُّ بَعْدَ الْغَدْرِ وُدٌّ / وَتَسْلَمُ نِيَّةٌ بَعْدَ ارْتِيَابِ
رُوَيْدَكَ إِنَّنِي صَعْبٌ أَبِيٌّ / عَلَى الأَقْرَانِ مَرْهُوبُ الْجَنَابِ
أُجَاهِرُ بِالْعِدَاءِ وَلا أُبَالِي / وأَنْطِقُ بِالصَّوَابِ ولا أُحَابِي
فَمَا زَنْدِي لَدَى الْعَوْصَاءِ كَابٍ / وَلا سَيْفِي غَدَاةَ الْحَرْبِ نابِي
يَهَابُ الْقِرْنُ بَادِرَتِي فَيَمْضِي / ومَا جَرَّدْتُ سَيْفِي مِنْ قِرابِ
فَإِنْ رُمْتَ السَّلامَةَ فَاجْتَنِبْنِي / عَدُوَّاً فَالسَّلامَةُ فِي اجْتِنابِي
فَقَدْ عَادَيْتُ أَعْظَمَ مِنْكَ قَدْراً / ومَا ضَاقَتْ عَلَى بَدَنِي ثِيَابِي
فإِنْ تَنْزَعْ فَأَنْتَ طَلِيقُ عَفْوِي / وإِنْ تَطْمَعْ فَسَوْفَ تَرَى عِقَابِي
لا تَبْهَتِ الشَّيْطَانَ فِي فِعْلِهِ
لا تَبْهَتِ الشَّيْطَانَ فِي فِعْلِهِ / فَقَدْ كَفَى أَنَّكَ مِنْ حِزْبِهِ
فَاخْسَأْ فَمَا الْخِنْزِيرُ فِي نَوْعِهِ / أَخَسَّ طَبْعاً مِنْكَ فِي كَسْبِهِ
لَوْ لَمْ تَكُنْ فِي الدَّهْرِ مُسْتَوْزَراً / مَا سَارَعَ النَّاسُ إِلى سَبِّهِ
ذَاكَ الَّذِي لَوْلا خُمُولُ الْوَرَى / مَا نامَ مِنْ أَمْنٍ عَلَى جَنْبِهِ
يَفْعَلُ بِالنَّاسِ أَفَاعِيلَهُ / وَلا يَخَافُ الله مِنْ ذَنْبِهِ
فَالْخَيْرُ وَالنِّعْمَةُ فِي بُعْدِهِ / والشَرُّ وَالنِقْمَةُ فِي قُرْبِهِ
أَشَدُّ خَلْقِ اللهِ كِبْراً فَإِنْ / فَاجَأْتَهُ كَرَّ عَلَى عَقْبِهِ
هَجَوْتُهُ لا بَالِغَاً لُؤْمَهُ / لَكِنَّنِي كَفْكَفْتُ مِنْ غَرْبِهِ
فَإِنْ أَكُنْ قَدْ نِلْتُ مِنْ عِرْضِهِ / فَإِنَّنِي دَنَّسْتُ شِعْرِي بِهِ
فَلا يَلُومَنَّ سِوَى نَفْسِهِ / مَنْ سَلَّطَ النَّاسَ عَلَى ثَلْبِهِ
وَغْدٌ تَكَوَّنَ مِنْ لُؤْمٍ ومِنْ دَنَسٍ
وَغْدٌ تَكَوَّنَ مِنْ لُؤْمٍ ومِنْ دَنَسٍ / فَمَا يَغَارُ عَلَى عِرْضٍ وَلا حَسَبِ
يَلْتَذُّ بِالطَّعْنِ فِيهِ وَالْهِجَاءِ كَمَا / يَلْتَذُّ بِالْحَكِّ والتَّظْفِيرِ ذو الْجَرَبِ
كَيْفَ أَهْجُوكَ والدَّنَاءَةُ سُورٌ
كَيْفَ أَهْجُوكَ والدَّنَاءَةُ سُورٌ / مِنْ حَدِيدٍ يَقِيكَ طَعْنِي وَضَرْبِي
لَكَ عِرْضٌ أَرَقُّ نَسْجَاً مِنَ الرِّي / حِ وَأَوْهَى مِنْ طَيْلَسانِ ابْنِ حَرْبِ
وَذِي خِلالٍ كَأَنَّ اللهَ صَوَّرَهَا
وَذِي خِلالٍ كَأَنَّ اللهَ صَوَّرَهَا / مِنْ صِبْغَة اللُّؤْمِ أَوْ مِنْ حَمْأَةِ الرَّيَبِ
نَالَ الْعَلاءَ وَلَكِنْ خَابَ رَاِئدُهُ / عَنْ نُجْعَةِ الْفَضْلِ والآدابِ والْحَسَبِ
هَجَوْتُهُ رَغْبَةً في الصِّدْقِ إِذْ نَفَرَتْ / شَمَائِلِي عَنْ مَقَالِ الْمَدْحِ فِي الْكَذِبِ
عَدِمْتَ حَمِيَّةً وَسَقِمْتَ وُدَّاً
عَدِمْتَ حَمِيَّةً وَسَقِمْتَ وُدَّاً / فَلَمْ تُدْرِكْ لِمَكْرُمَةٍ نَصِيبَا
فَمَا أَحْزَنْتَ في حَرْبٍ عَدُوَّاً / وَلا أَفْرَحْتَ فِي سِلْمٍ حَبِيبَا
أُعَزِّيكَ لا أَنِّي أَظُنُّكَ جَازِعاً
أُعَزِّيكَ لا أَنِّي أَظُنُّكَ جَازِعاً / لِخَطْبٍ وَلَكِنِّي عَمَدْتُ لِوَاجِبِ
وَكَيْفَ أُعَزِّي مَنْ فَرَى الدَّهْرَ خِبْرَةً / وَأَدْرَكَ مَا فِي طَيِّهِ مِنْ عَجَائِبِ
فَيَا صَاحِبِي مَهْلاً فَلَسْتَ بِوَاجِدٍ / سِوَى حَاضِرٍ يَبْكِي فَجِيعَةَ غَائِبِ
وَصَبْرَاً فَإِنَّ الصَّبْرَ أَكْرَمُ صاحِبٍ / لِمَنْ بَانَ عَنْ مَثْوَاهُ أَكْرَمَ صَاحِبِ
وَلا تَأْسَ مِنْ وَقْعِ الْخُطُوبِ وَإِنْ جَفَتْ / عَلَيْكَ فَإِنَّ النَّاسَ مَرْعَى النَّوائِبِ
إِذَا مَا الرَّدَى أَوْدَى بِآدَمَ قَبْلَنَا / فَهَلْ أَحَدٌ مِنْ نَسْلِهِ غَيْرُ ذَاهِبِ
فَإِنْ تَكُ قَدْ فَارَقْتَ شَهْمَاً مُهَذَّباً / فَكُلُّ ابْنِ أُنْثَى عُرْضَةٌ لِلْمَصَائِبِ
وَمَا مَاتَ مَنْ أَبْقَاكَ تَهْتِفُ بِاسْمِهِ / وَتُذْكَرُ عَنْهُ صَالِحَاتُ الْمَنَاقِبِ
إِلامَ يَهْفُو بِحِلْمِكَ الطَّرَبُ
إِلامَ يَهْفُو بِحِلْمِكَ الطَّرَبُ / أَبَعْدَ خَمْسِينَ في الصِّبَا أَرَبُ
هَيْهَاتَ وَلَّى الشَّبابُ واقْتَرَبَتْ / سَاعَةُ وِرْدٍ دَنَا بِها الْقَرَبُ
فَلَيْسَ دُونَ الْحِمامِ مُبْتَعَدٌ / وَلَيْسَ نَحْوَ الْحَياةِ مُقْتَرَبُ
كُلُّ امْرِئٍ سائِرٌ لِمَنْزِلَةٍ / لَيْسَ لَهُ عَنْ فِنائِها هَرَبُ
وسَاكِنٌ بَيْنَ جِيرَةٍ قَذَفٍ / لا نَسَبٌ بَيْنَهُمْ ولا قُرَبُ
فِي قَفْرَةٍ لِلصِّلالِ مُزْدحَفٌ / فِيها ولِلضّارِياتِ مُضْطَرَبُ
وَشَاهِدٌ مَوْقِفاً يُدَانُ بِهِ / فَالْوَيْلُ لِلظَّالِمِينَ والْحَرَبُ
فَارْبَأْ يَفاعاً أَوِ اتَّخِذْ سَرَباً / إِنْ كَانَ يُغْنِي الْيَفَاعُ وَالسَّرَبُ
لا الْبَازُ يَنْجُو مِنَ الْحِمَامِ وَلا / يَخْلُصُ مِنْهُ الْحَمَامُ والْخَربُ
مُسَلَّطٌ في الْوَرَى فَلا عَجَمٌ / يَبْقَى عَلَى فَتْكِهِ وَلا عَرَبُ
فَكَمْ قُصُورٍ خَلَتْ وَكَمْ أُمَمٍ / بَادَتْ فَغَصَّتْ بِجَمْعِهَا التُّرَبُ
فَمَنْزِلٌ عَامِرٌ بِقَاطِنِهِ / وَمَنْزِلٌ بَعْدَ أَهْلِهِ خَربُ
يَغْدُو الْفَتَى لا هِياً بِعِيشَتِهِ / وَلَيْسَ يَدْرِي مَا الصَّابُ والضَرَبُ
وَيَقْتَنِي نَبْعَةً يَصِيدُ بِهَا / ونَبْعُ مَنْ حَارَبَ الرَّدَى غَرَبُ
لا يَبْلُغُ الرِّبْحَ أَوْ يُفارِقُهُ / كَمَاتحٍ خَانَ كَفَّهُ الْكَرَبُ
يا وارِدَاً لا يَمَلُّ مَوْرِدَهُ / حَذارِ مِنْ أَنْ يُصِيبَكَ الشَّرَبُ
تَصْبُو إِلَى اللَّهْوِ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ / واللَّهْوُ فِيهِ الْبَوارُ والتَّرَبُ
وَتَتْرُكُ الْبِرَّ غَيْرَ مُحْتَسِبٍ / أَجْرَاً وَبِالْبِرِّ تُفْتَحُ الأُرَبُ
دَعِ الْحُمَيَّا فَلِابْنِ حانَتِها / مِنْ صَدْمَةِ الْكَأْسِ لَهْذَمٌ ذَرِبُ
تَرَاهُ نُصْبَ الْعُيُونِ مُتَّكِئاً / وَعَقْلُهُ في الضَّلالِ مُغْتَرِبُ
فَبِئْسَتِ الْخَمْرُ مِنْ مُخَادِعَةٍ / لِسَلْمِها فِي الْقُلُوبِ مُحْتَرَبُ
إِذا تَفَشَّتْ بِمُهْجَةٍ قَتَلَتْ / كَمَا تَفَشَّى فِي الْمَبْرَكِ الْجَرَبُ
فَتُبْ إِلى اللهِ قَبْلَ مَنْدَمَةٍ / تَكْثُرُ فِيها الْهُمُومُ والْكُرَبُ
واعْتَدْ عَلَى الْخَيْرِ فَالْمُوَفَّقُ مَنْ / هَذَّبَهُ الاعْتِيَادُ والدَّرَبُ
وَجُدْ بِمَا قَدْ حَوَتْ يَدَاكَ فَمَا / يَنْفَعُ ثَمَّ اللُّجَيْنُ والْغَرَبُ
فَإِنَّ لِلدَّهْرِ لَوْ فَطَنْتَ لَهُ / قَوْسَاً مِنَ الْمَوْتِ سَهْمُهَا غَرَبُ