القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 71
عَشِقتُ العُلا لا أَبتغي بَدَلاً لها
عَشِقتُ العُلا لا أَبتغي بَدَلاً لها / ولا عوضاً والعاشقون ضروبُ
فَما لي بِغَيرِ المأثُرَات صَبابةٌ / وما لِيَ إلّا المَأثراتُ حبيبُ
وَأَخطأتُ لمّا أن جَعلتكَ صاحِبي / وَذو الحَزمِ يُخطِي مرّةً ويصيبُ
وَأَنتَ بَعيدٌ مِن مَكانِ مَودّتي / وَإِنَّ مَزاراً بَينَنا لَقَريبُ
وَما هيَ إلّا زَلّةٌ أنَا بَعدها / أَعوجُ عَلَيها نادِماً فَأَتوبُ
فَيا مَنْ لِعَينِي كلَّ يومٍ وليلةٍ / قَذاةٌ بِها أَو لِلفُؤادِ كروبُ
وَلَولاهُ ما كانَت لِدَهري جِنايَةٌ / عَليَّ وَلا منه إليّ ذنوبُ
وَلا مَزّقتْ جلدي الغداة أظافرٌ / وَلا خَرَقْتهُ للزّمان نيوبُ
أَجبْتُك لَمّا أَن دَعوتَ اِغترارةً / وهيهات أُدعى بعدها فأُجيبُ
تُطالِبُنِي نَفسي بِما غَيرُهُ الرّضا
تُطالِبُنِي نَفسي بِما غَيرُهُ الرّضا / وَأَيُّ الرّجالِ نَفسُهُ لا تطالبُهْ
وَما زلتُ مغلوبَ الهوى وسفاهةٌ / على عاقلٍ أَنّ الهوى منه غالبُهْ
وَلم تكُ إِلّا في جَميلٍ مآربي / ومن ذا الذي لا تُستَزلُّ مآربُهْ
وَأَعلَم أَنّ المرءَ يَطويه لَحْدُهُ / ومنشورةٌ سقْطاتُه ومعايبُه
وَلَيسَ بِمَيْتٍ من مضى لسبيلهِ / ولمّا تَمُتْ آثاره ومناقبُه
وَمَن لَم تُهذّبْه تَجاريب دهرهِ / فَما ضرَّه أَلّا تَكون تجاربُهْ
وَأَقنعُ مِن خِلّي بِظاهرِ وُدّه / وَلَيسَ بِحْليٍ ما تضمّ ترائبُهْ
وَإنِّيَ مِمَّنْ إِنْ نَبا عَنهُ مَنزلٌ / نَبا وَنَجتْ عَنهُ عِجالاً ركائبُهْ
وَلَستُ بِمُستَبِق صديقاً تجهّمتْ / نواحي مُحيّاهُ أَوِ اِزوَرَّ جانبُهْ
وَلا عاتِبٌ يَوماً عليهِ فَإنّما / صَديقُك مَنْ صاحَبتَه لا تُعاتِبُهْ
وَلا خَيرَ في مولىً يُعاطيكَ بِشْرَه / وَفي صَدرهِ غِلٌّ تدبّ عقاربُهْ
وَلا صاحبٌ لي إنْ كشفتُ ضميرَه / ودِدْتُ وِداداً أنّنِي لا أُصاحبُهْ
وَفَضلُ الفَتى ما كان منه وفضلةٌ / عَلى مَجدهِ آباؤه ومناسبُهْ
خَلصتُ خلوصَ التِّبرِ ضوعفَ سبكُهُ / وَطاحَتْ بهِ أَقذاؤُه وشوائبُهْ
لِيَ الشاهِقاتُ الباسقاتُ من الذُّرا / وَفي مَحتِدِي هاماتُه وغواربُهْ
وَكَم طالِبٍ لِي فُتُّه وَسَبقتُهُ / وَلَم يَنجُ منّي هاربٌ أنَا طالِبُهْ
وَراقبني كُلُّ الرّجالِ بسالةً / وما فيهمُ مَنْ بتُّ يوماً أُراقبُهْ
وَقَد علم الأقوام لمّا عراهُمُ / مِنَ الدّهر خطبٌ لا تُرَدُّ مخالبُهْ
وَضَلّتْ وُجوه الرّأي عنه فلم تَبِنْ / لِراكبه بالرّغم أين مذاهبُهْ
بِأنّي فيهِ الرّمحُ بل كسنانِهِ / أو السّيفُ لا تنبو عليه مضاربُهْ
وكم مَوقفٍ في نَصرهم قمتُ وسْطَه / وما زال مسدوداً عليَّ مهاربُهْ
وَسَيلٍ منَ الموتِ الزُّؤامِ حميتُهمْ / شَذاه وَقَد سالَتْ عَليهم مذانبُهْ
شُدَّ غُروضَ المطيّ مُغترِبا
شُدَّ غُروضَ المطيّ مُغترِبا / فلم يَفُزْ طالبٌ وما دَأَبا
لا درَّ في النّاس دَرُّ مقتصدٍ / يَأخذ مِن رزقهِ الّذي اِقتربا
يَترك أَن يحمِيَ الذِّمارَ إِذا / ضِيمَ وَيَحمِي اللُّجَيْنَ والذَّهبا
للّهِ دَرُّ الإِباء أعوزه / في جانِبِ الذُّلِّ عزّه فنبا
وَما مُقامُ الكَريمِ في بلدٍ / يُنفق فيه الحياءَ والأَدبا
ما لِي أَرى المَكرُماتِ عاطلةً / وَالفَضلَ خِلْوَ الفناءِ مُجتَنَبا
تفرّقٌ دائمٌ فإنْ عرضتْ / دَنيّةٌ طير نَحوها عُصبا
هَل لِيَ في الدّهرِ مِن أَخي ثِقَةٍ / يَحتَقِرُ الحادثاتِ والنُّوبا
مُمتَعِضِ الأَنفِ إِنْ أهَبْتَ بهِ / شَنَنْتَ في صَحنِ وَجهِهِ الغَضَبا
ربّ مقامٍ دَحْضٍ ثبتُّ بهِ / وَلَو خَطاه غَيرُ الجواد كَبا
وَساعَةٍ لِلعيوبِ كاسيةٍ / نَفَضتُ فيها مِن بُرْدِيَ الرِّيبَا
وَحالِك الجانِبين مُلتبسٍ / أطلعتُ فيه كواكباً شُهُبا
وَأَزْمَةٍ لِلّحومِ عارقةٍ / عَقرتُ في عُقرِ دارِها السَّغبَا
وَمُقْتِرٍ بَرّحَ الزّمانُ بِهِ / سَبَقتُ فيهِ إِلى اللُّها الطّلبَا
وَصاحِبٍ يَمتَرِي النّوافلَ في / ودّي وَلَم يَقتضِني الّذي وجبا
يَرضى بِسُخطِي على الزّمان فإنْ / رضيتُ يوماً عن صرفه غَضِبا
كَأنَّما الضِّغنُ بَينَ أَضلُعِهِ / يُضرّمُ ناراً إِذا أَقولُ خَبا
لايَنْتُهُ كَي يرى الجميلَ ولَمْ / أَنْحَتْ بكفّي من عودِه النَّجَبا
وَكنتُ إمَّا مثقِّفاً خَطلاً / منهُ وَإمّا مُداوياً جَرَبا
وَكَم سَقاني الطَّرْقَ الأُجاج فجا / زيتُ زُلالاً تخاله ضَرَبا
لا تعطنِي بالزّمان معرفةً / قد ضاق بِي مرّةً وقد رَحُبا
أيُّ خطوبٍ لم تشفِنِي عِظَةً / وأَيُّ دهرٍ لم أفنِهِ عَجَبا
ساعاتُ لهوٍ تمرّ مسرعةً / عنّا وتُبقي العناءَ والتَّعبَا
لا تطمعُ النّفسُ أنْ تمتَّعَ بال / آتي ولا تستردَّ ما ذهبا
وَكلّ حَيٍّ منّا يجاذب حَبْ / ل العمرِ أيّامَه لوِ اِنجَذبا
وَكَيفَ يَرجو الحياةَ مقتنصٌ / يُغرم منها ضِعفَ الذي كسبا
إنِّيَ من معشرٍ إذا نُسِبوا / طابوا فروعاً وأَنجبوا حَسَبا
لا يجد الذّمّ في حريمهمُ / مسعىً ولا العائبون مُضطَرَبا
إذا رضوا أوسعوا الورى نعماً / أو سَخِطوا أوْسعوهُمُ نُوَبا
أَو رَكِبوا الهولَ قالَ قائِلهم / أَكرمُنا مَن حياتَه وَهبا
كُلّ جَريءِ الجَنان إنْ هتفتْ / يَوماً بهِ حَومةُ الوغى وثبا
وَمَدّ فيها ذِراعَ قَسْوَرَةً / تَردّ صدرَ القناةِ مُختَضَبا
إِلى مَتى أَحمِلُ الهُمومَ وَلا / أُلفى مَدَى الدّهر بالغاً أَرَبا
تَزْوَرُّ عنّي الحقوقُ مُعرِضةً / مَتى أرُمْهُنَّ فُتْنني هَرَبا
نَهضاً إِلَيها إِمّا علوتُ لها / دَفّىْ ركوبٍ أو مركبا حَدِبا
إنْ لم أثِرْها مثل القطا الكُدْريّ لا / تَعرف إِلّا الرّسيمَ والخَببا
تَنصاعُ مثلَ النّعام جافلةً / تَترك أَقصى مُرادها كَثِبا
فَلا دَعوت الحسينَ يُحرز لِي / حُرَّ المَعالي يَومَ الفخارِ أَبا
قِرْمٌ إِذا حفّت الخطوبُ بهِ / نَزَعْن عن آخذٍ لها أُهبَا
مُجتَمع الرّأيِ بَينَهُنَّ وكَمْ / شعبنَ آراءَ غيره شُعَبا
يَأْبى وَتَأبى له حَفيظتُهُ / يَركَبُ أَمراً إِلّا إذا صَعُبا
أَو يَبتَغي في نَجاحِ حاجَتِهِ / إِلّا ظُبا البيضِ وَالقَنا سَببَا
وَكَم لَهُ مِن غَريب مَأثُرَةٍ / تُعجب من ليسَ يألفُ العَجبا
يَكونُ قَولُ الّذي تأمَّلها / لَيسَ المَعالي ونيلُها لَعِبا
مَكارِمٌ لا تَزالُ غالِبةً / عَلى مَحلّ الفَخارِ من غَلَبا
لا يَرهبُ الواصفُ البَليغ وإنْ / أَفرَط فيها عَيباً ولا كَذِبا
وَأَنتَ في كلّ يومِ معركةٍ / تُمطِر من سُحب نقعها العَطَبا
إِمّا جبيناً بالتُّرب منعفراً / أو وَدَجاً بالنَّجيع مُنسكبا
أَو لِمَّةً نشَّرَتْ غدائرُها / على نواحِي قناتها عَذَبا
لَولاك كانت جدّاءَ حائلةً / تُمسحُ أخلافُها ولا حَلَبا
وَمِن عَجيبِ الزّمان أَن يدّعي / شَأْوَك فَسْلٌ لم يعدُ أن كَذِبا
لَم يَدرِ وَالجهلُ من سجيّتِهِ / أَنَّكَ أَحرزتَ قبله القَصَبا
وَأَنَّهُ لا يَكون رَأساً على ال / أَقوامِ مَن كانَ فيهمُ ذَنَبا
وَوصمةٌ في الرّجال أن يطأوا / عَقْبَ اِمرِئٍ كان بينهم عَقِبا
أَو يَتبعوا ساعةً مِنَ الدّهرِ مَن / كانَ لِمَن شئتَ تابعاً حَقِبا
وَإِنْ جرَوْا كنتَ أَنت غُرّتَهم / سَبْقاً وَكان الحِزام واللّبَبَا
وَقَد دَرى كلُّ مَن لَهُ بصَرٌ / أَنّك سُدتَ العجيم والعَرَبا
وَقُدتهمْ ناشئاً ومنتهياً / ونُبْتَ عنهم تكهّلاً وصِبا
وإنْ دَجَوْا كنت فيهمُ قبساً / أَو خَمدوا كنتَ فيهمُ لَهَبا
وَإِن عَلا بَينهم تَشاجُرهمْ / سَللتَ لِلقولِ مِقْوَلاً ذَرِبا
يَأتي بِفَصلٍ مِنَ الخِطابِ لَهمْ / يَقطعُ ذاكَ اللّجاجَ والللّجَبا
كَلَهْذَمِ الرّمحِ عِندَ طَعنَتِهِ / وَالسّهم أصْمى والسّيف إن ضربا
وَكُنت فيهم ممّن يحاوِلهمْ / حِصناً حصيناً ومَعْقِلاً أَشِبا
أُحِبُّ ثَرى نجدٍ ونجدٌ بعيدةٌ
أُحِبُّ ثَرى نجدٍ ونجدٌ بعيدةٌ / أَلا حبّذا نجدٌ إن لم تُفِدْ قُربا
يَقولونَ نَجدٌ لستَ من شعبِ أَهلها / وَقد صَدقوا لكنّني منهُمُ حُبّا
كَأنّي وقَد فارَقت نجداً شقاوةً / فتىً ضلَّ عنهُ قلبُه يَبتغي قلبا
أَما آنَ لِلسّلوانِ أَن يَردَعَ الصَّبّا
أَما آنَ لِلسّلوانِ أَن يَردَعَ الصَّبّا / وَلا لِدنوّ الهَجرِ أن يُبعد الحبّا
لَقد أنكرَ الدّهر العَثور صَبابتي / وَقَد كانَ أَلقى مُهجَتي للهوى خربا
وَلَمّا وَقَفنا لِلوَداعِ اِنتَضَتْ لَنا / يَدُ البَينِ بَدراً مزّقت دونَهُ السُّحْبا
فَأَبصرتُ عرساً بَينَ بُردَيهِ مأْتمٌ / وَأَوليت بِرّاً عادَ عِندَ النّوى ذنبا
وَقُد كنتُ أَخشى وَثبَةَ الدّهرِ بَينَنا / وَنَحنُ مِنَ الإِشفاقِ نَستَوعرُ العَتْبا
فَكَيفَ وَقَد خاضَ الوشاةُ حَديثنا / وَأَضحَوْا لَنا مِن دونِ أَترابِنا صَحبا
سَقى اللَّه أَكنافَ اللّوى مُرْجَحِنَّةً / سَحاباً يَظلّ الهَضبُ مِن جودِهِ خَضْبا
وَأَطلقَ أَنفاسَ النّسيم بجوّهِ / فَكَم كَبِدٍ حَرّى تَهَشُّ إذا هبّا
فَعَهدي بهِ لا يهتدِي البين طُرْقَه / وَلا تَطرق الأحزانُ مِن أَهلهِ قلبا
حَمَتْهُ اللّيالي عَن مُطالَبةِ الرّدى / وَلَم أَدرِ أَنَّ الدّهرَ يَجعلهُ نَهبْا
وَمن ذا الّذي لا يَفتق الدّهر رَتْقَه / وَلا تُنزل الدنيا بِساحتهِ خَطبا
بِرَبِّك ما مَزجي المَطيّة هل رَعتْ / رِكابُك في سفح الحِمى ذلك الرّطْبا
وَهَل كَرِعتْ مِن ذلك الحيّ كرعةً / فَقَد طالما شرّدت عنّي به كَرْبا
وَهَل لَعِبت أَيدي السيول بِحَزْنه / وَهَل سَفَت الأَرواح مِن سهلهِ التُّربا
غَرامي بِأَهلِ الجِزْع منك بنجوةٍ / وَلَو جُزته أَعيا الرّكائب والرّكْبا
وَكَم لائِمٍ في المَجدِ لا نُصحَ عِندَهُ / جَعلتُ جَوابي عَن مَلامَتِه تبّا
يَلوم عَلى أنّي أحِنّ إلى النّدى / وَلَيسَ لِمَن عابَ النّدى عندِيَ العُتبى
وَما المالُ إلّا ما سَبقت به ردىً / فَأَعطيته أَو ما شفيت به صبّا
وَعِندي لِمَنْ رامَ اِبتِلائِيَ همَّةٌ / تُرى بعْدَ طُرْقِ المَكْرُماتِ هو القربا
مُهذِّمَةٌ لا يخطب الهزلَ جِدُّها / ولا تملأُ الرّوعاتُ ساحتها رُعبا
لَها شَفرة لا يَكْهَمُ الدّهرُ غربها / وَلَن تَترك الأيامُ في شفرةٍ غَرْبا
وَلَيلٍ كَأنَّ البدرَ في جنَبَاتهِ / أَخو خَفَرٍ يُدْنِي إِلى وَجهِهِ سِبّا
خَرقتُ حَواشيهِ بِخَرقاءَ جَسْرةٍ / تَرى الصّدقَ في عَينيك ما وجدتْ كِذْبا
مُسهّدَةٌ لا يطعمُ النومَ جَفنُها / وَلا تَبلغ الغايات مِن صَبرها العُقبى
إِذا ما اِستَمرّتْ في الشّكيم تَلوكه / كَسا مِشفراها عارِيات الرُّبا عُطْبا
أَقول إِذا أَفنى الدُّؤوب تجلّدي / أَلا ربّ تصديعٍ ملكت به الشّعبا
وَلا بدَّ لي مِن نَهضةٍ في لُبانةٍ / أُميتُ القنا فيها وأُحْيي به النّحْبا
فَإِن أَبلغِ القُصوى فشيمةُ ماجدٍ / وَإِن تَنبُ أَسيافِي فَلَن أَدع الضّربا
يا سَقى اللَّه لَيلتي لَيلة السّبْ
يا سَقى اللَّه لَيلتي لَيلة السّبْ / تِ زُلالاً لا بل سقاها شرابا
لَيلةٌ قرّبت بعيداً وأعطتْ / مُتَمَنّىً وأقدمتْ غُيّابا
وَاِرتَجَعنا زَمانَنا وكأنّا / بَعد شَيبٍ منّا اِرتَجَعنا الشّبابا
إِياباً أَيّها المَولى إيابا
إِياباً أَيّها المَولى إيابا / فعبدٌ إنْ أَساء فَقد أَنابا
أَطاعكَ وَالشّبابُ له رداءٌ / فَكيفَ تَراه إِذ خلَع الشّبابا
وَكانَ على الهُدى حَدَثاً فإنّي / تظنّ بِه الضّلالة حينَ شابا
أبَعْدَ نَصيحَةٍ في الغَيب غِشّ / أَحَوْراً بعد كَوْرٍ وَاِنقلابا
أَلا قُل للأُلى زمّوا المَطايا / وَعالوها الهَوادجَ والقِبابا
وَقادوا الخيلَ عارِية الهَوادِي / وما أوْكوْا منَ العَجَلِ العِيابا
خُذوا مِنّا التحيّة وَاِقرَؤوها / وَإِن لَم تَسمَعوا عَنها جَوابا
عَلى ملكٍ تنَزّه أَن يحابِي / وَأَغنَتْه المَحامِدُ أَن يُحابى
وَلَمّا أَن تَحَجَّب بِالمَعالي / عَلى أَعدائِهِ رفع الحِجابا
وَقولوا لِلَّذينَ رَضوا زماناً / فَردَّهمُ الوشاةُ بِنا غِضابا
عَدَتنا عَن دِياركم العَوادي / وَرابَ مِنَ الزّيارَةِ ما أَرابا
فَلا جَوٌّ نَشيم بهِ بروقاً / وَلا أَرضٌ نشمّ لَها تُرابا
وَما كُنّا نَخافُ وَإِن جَنَينا / بِأَنَّ الهَجرَ كانَ لَنا عِقابا
أَقيلونا الذّنوبَ فَإِنَّ فيكُمْ / وَعِندَكُمُ لِمُجرِمِكُمْ متابا
وَلا تَستَبدِعوا خَطأَ المَوالي / فَإِنَّ العَبدَ يُبدع إِنْ أَصابا
بَعُدنا عَنكُمُ وَلَنا أعادٍ / يَزيدُهُمُ تَباعُدنا اِقتِرابا
فَرَوْنا بِالشِّفارِ فَما أكلّوا / لَهُم في فَرْينا ظُفْراً ونابا
وَكُنّا إِذ أَمِنّاهُمْ عَلَينا / رُعاةَ البهْمِ إِذْ أَمِنوا الذّئابا
أَيا ملكَ المُلوكِ أَصِخْ لقولٍ / أُجِلّكَ أَن يَكونَ لَكُمْ عِتابا
تُسَكّنُنِي المَهابَةُ عَنهُ طَوراً / وَيُؤمِنني وَفاؤُك أَن أَهابا
وَلَولا أَنَّ حِلمَك عِدْلُ رَضْوى / فَرَقْتُكَ أَن أُراجِعكَ الخِطابا
خَدمتك حينَ أَسلمكَ الأَداني / وَخلّى الجارُ نُصرَتنا وَهابا
وَكُنتُ أَخوضُ فيما تَرتَضيهِ / عَلى الأَعداءِ أَيّاماً صِعابا
أَخافُ الموتَ قدّاماً وخلفاً / وَأَرقُبُه مَجيئاً أَو ذَهابا
وَأَكرع مِن عدوّكَ كلَّ يومٍ / وَما اِستَسقيتُه صَبراً وصابا
وَكَم جَذب السُّعاة عَلَيكَ ضَبْعِي / فَما أَوسَعتُهم إلّا جِذابا
أَلا لا تَغبُننّ الحلمَ رأياً / صَواباً في اِمرِئٍ غبِنَ الصّوابا
وَقُلْ لِلمُجلِبينَ علَيَّ مهْلاً / فَقَد أَدركتُمُ فيهِ الطِّلابا
أَسُخطاً بَعدَ سُخطٍ وَاِزوِراراً / وَنأياً بَعد نأيٍ وَاِجتِنابا
وَأَنتَ أَرَيتَنا في كلِّ باغٍ / غَفرتَ ذنوبَهُ العَجَبَ العُجابا
فَما لِي لا تُسوّيني بِقَومٍ / رَقَوْا في كيدِ دَولَتك الهِضابا
وَدَرّوا بَعد ما رشحوا فَأَضحَوا / وَقَد مَلأوا مِنَ الشرّ الجِرابا
هَنيئاً يا مُلوكَ بَني بُويهٍ / بِأنّ بهاءَكُمْ ملك الرّقابا
وَحازَ المُلكَ لا إِرثاً وَلَكِنْ / بِحَدّ السيفِ قَسْراً وَاِغتِصابا
وَلَمّا أَن عَوى بِالسيفِ كَلبٌ / وَجَرَّ إِلى ضَلالَتهِ كِلابا
وَظنّكَ لاهياً عَنه ويُرمى / قَديماً بِالغَباوةِ مَن تَغابى
رَأى لِيناً عَليهِ فَظَنَّ خَيراً / وَيَلقَى اللّينَ من لَمس الحُبابا
دَلَفتَ إِلَيهِ في عُصَبِ المَنايا / إِذا أَمّوا طِعاناً أَو ضِرابا
وجوهاً مِن ندىً تُلفى رِقاقاً / وَعِندَ ردىً تُلاقيها صِلابا
وَأبصرها عَلى الأهوازِ شُعثاً / تَخال بِهنَّ مِن كَلَبٍ ذآبا
عَلَيها كُلّ أَروعَ شمّريٍّ / يهاب من الحميَّة أن يَهابا
فولّى في رهيطٍ كان دهراً / يُمنِّيهم فَأَورَدَهم شَرابا
وَتَحسَبُهم وَقَد زَحفوا لُيوثاً / فَلَمّا أَجفَلوا حسِبوا ذِئابا
أَعدّهُم لهُ صحباً فَكانوا / هُنالكَ في مَنيّتهِ صِحابا
فَأَصبَح لا يرى إِلّا اِبتِساماً / وَأَمسى لا يَرى إِلّا اِنتِحابا
وَباتَ معلّقاً في رَأسِ جذعٍ / إِهاباً لَو تركتَ لهُ إِهابا
وَحَلَّق شاحب الأَوصالِ حتّى / عُقابُ الجوّ تحسبهُ عُقابا
تعافُ الطّير جيفتَه وَتَأبى / عراقَتَه وإن كانت سِغابا
وَما تَرَكَ اِنتِقامُك فيه لمّا / سَطوتَ بِهِ طَعاماً أو شرابا
فَدُم يا تاجَ مُلكِ بَني بُويهٍ / تَخَطّاك المقادِرُ أن تُصابا
وَلا ملك الأَنامَ سِواك مولَى / وَلا قَصدوا سِوى نُعماكَ بابا
وَضلّتْ نائِبات الدّهر جَمْعاً / شِعابكَ أَن تلمّ بها شعابا
وَطابَت لي حَياتُكَ ثُمَّ طالَتْ / فَخَيرُ العَيشِ ما إِن طالَ طابا
إِذا لَم تَستطعْ للرزءِ دَفْعاً
إِذا لَم تَستطعْ للرزءِ دَفْعاً / فَصَبراً للرزيّةِ وَاِحتِسابا
فَما نالَ المُنى في العَيشِ إِلّا / غَبِيُّ القَومِ أَو فطنٌ تغابى
هِيَ الدّنيا نُغَرُّ بها خَدوعاً / ونُورَدُها على ظمأٍ سرابا
وَهَذا الدَّهر يُصبِحُ ثُمَّ يُمسي / يَقودُ إِلى الرَّدى مِنّا صِعابا
وَهَل أَحياؤُنا إِلّا تُرابٌ / بِظَهرِ الأرضِ يَنتظرُ التّرابا
صَدَعتَ بِما كَتبتَ صَميمَ قلبي / عَلى عَجلٍ فلم أُطِقِ الجوابا
فَلَو أَنّي اِستَطَعت حَمَلتُ وَحدي / وَلَم أهب الأَذى عنكَ المصابا
وَغَيرك من نعلّمهُ التعزّي / ونُذكره وقد ذَهَل الثَّوابا
فَلَو حابى الزّمان سِواك خَلْقاً / لَكانَ سَبيل مِثلك أَن يُحابى
عَلى شَجَرِ الأراكِ بَكيتُ لمّا
عَلى شَجَرِ الأراكِ بَكيتُ لمّا / مَررتُ بِهِ فَجاودتُ السّحابا
وَكَم نادَيتُ فيهِ مِن حَبيبٍ / عَهِدتُ بِهِ فَلَم أَسمَع جَوابا
فَواهاً لِلأَراكِ مَقيلَ صَبٍّ / فَقَدتُ بِهِ الأَحبّةَ والشّبابا
وَأَكنافاً لِغانِيَةٍ رِحاباً / وأفناناً لناعمةٍ رطابا
وَسَقياً لِلأَراكِ مَساءَ يَومٍ / نَزَلتُ بِهِ فَطبتُ لَه وَطابا
إِذا ساءَلْتَنِي فَخُذِ الجَوابا
إِذا ساءَلْتَنِي فَخُذِ الجَوابا / فَكَم فَتَحَ الكَلامُ عَليَّ بابا
عَتبتَ وَما اِجتَرمتُ إِلَيكَ جُرماً / فَأَحمِلُ فيهِ منكَ لِيَ العتابا
وَما كُنتُ اِستَرَبْتُ وَإِنْ أَرَتني / صُروفَ الدّهرِ عِندَكَ ما أَرابا
فُجِعت وَقَد تَخِذتكَ لي خليلاً / بِجرمي أَو حُرمت بِكَ الصّوابا
وَلَو أَنّي قَطَعتكَ لَم أُعنَّفْ / وَلم أقرع لِقربي منكَ نابا
وَلَمّا أَن ظَمِئت إِلَيك يوماً / وَردتُ ولَم أَرِدْ إِلّا سَرابا
فَإِنْ تَشحَط فَما أَهوى اِقتِراباً / وَإِن تَرحل فَما أَرجو إِيابا
وَلَستَ بِمُبصرٍ منّي رسولاً / وَلَستَ بِقارِئٍ عَنّي كِتابا
أَلا قَبحَ الإِلهُ وُجوهَ قومٍ / أَذلّوا في طِلابهمُ الرّقابا
أَراقوا مِن وجوهِهم حياءً / وَما أَخذوا بهِ إِلّا تُرابا
وَهُمْ مِن لُؤمِهم في قَعرِ وهدٍ / وَإِن رفعوا بدورِهم القِبابا
وَمَن يَكُ عارِياً مِن كُلِّ خَيرٍ / فَما يُغنيهِ أَن لَبِسَ الثيابا
في كُلِّ يَومٍ أَرى عجيباً
في كُلِّ يَومٍ أَرى عجيباً / جَرّ عَلى مِفْرقي المَشيبا
وَمِن خطوبٍ يَزرنَ قَلبي / شِبتُ وَما آنَ أَن أَشيبا
أُرى بَغيضاً إِذا تَمَنَّتْ / عَينايَ أَن تُبصِرَ الحَبيبا
ما لِيَ يا قومُ وَاللّيالي / يَغمُزْن لي عودِيَ الصّليبا
يُرحِلنَني عَن قرا أَمونٍ / أَردت وَحدي لَها الرّكوبا
وَلَم أعَفْ سلمها فَلم ذي / تَشِبُّ ما بَينَنا الحُروبا
وَكُلّما تُبنَ مِن ذُنوبٍ / إِليَّ جَدّدنها ذنوبا
كَأنَّني مُخطئٌ بِشيءٍ / ما كُنتُ إِلاّ بِهِ مُصيبا
مَن عَذيري مِن سَقامٍ
مَن عَذيري مِن سَقامٍ / لَم أَجدْ مِنهُ طبيبا
وَهُمومٍ كأُوارِ ال / نارِ يسكنّ القُلوبا
وَكروبٍ لَيتَهنَّ ال / يَومَ أَشبهْنَ الكروبا
وَخطوبٍ مُعضلاتٍ / بِتن يُنسين الخُطوبا
شيّبتْ منّيَ فَوْدَي / يَ ولم آتِ المشيبا
وَرَمتْ في غصنِيَ اليَبْ / سَ وَقَد كانَ رَطيبا
بانَ عَنّي وَتَناءى / كُلّ مَن كانَ قَريبا
وَتَعرَّيتُ مِنَ الأَحْ / بابِ في الدّنيا عُزوبا
وَسَقاني الدّهرُ مِن فُر / قَةِ مَن أَهوى ذَنوبا
إِنَّ يومَ الطفِّ يومٌ / كانَ لِلدّينِ عَصيبا
لَم يَدعْ في القَلب منّي / لِلمَسرّاتِ نَصيبا
إِنّه يَومُ نحيبٍ / فَاِلتَزِمْ فيهِ النّحيبا
عُطَّ تامورَك وَاِتركْ / معشراً عطّوا الجيوبا
وَاِهجر الطيبَ فَلم يت / رُك لَنا عاشور طيبا
لَعَنَ اللَّه رجالاً / أترعوا الدّنيا غُصوبا
سالموا عَجزاً فلمّا / قَدروا شنّوا الحروبا
في المَعرّات يهبّو / نَ شمالاً وجنوبا
كُلّما لِيموا عَلى عَي / بِهمُ اِزدادوا عُيوبا
رَكِبوا أَعوادَنا ظُل / ماً وَمازِلنا رُكوبا
وَدَعونا فَرأوا من / نا عَلى البُعد مُجيبا
يَقطع الحَزْن وَيطوِي / في الدّياجيرِ السُّهوبا
بِمَطِيٍّ لا يُبالي / نَ عَلى الأَيْنِ الدُّؤوبا
لا وَلا ذُقنَ عَلى البُع / دِ كَلالاً ولُغوبا
وَخُيولٍ كَرِئالِ ال / دوِّ يَهززنَ السّبيبا
فَأَتَوْنا بِجُموعٍ / خالَها الراؤونَ رُوبا
بِوجوهِ بَعدَ إسْفا / رٍ تَبرقعنَ العُطوبا
فَنَشِبْنا فيهم كُرْ / هاً وَما نَهوى النُّشوبا
بِقُلوبٍ لَيسَ يعْرف / نَ خفوقاً ووجيبا
وَلَقَد كانَ طَويلُ ال / باعِ طَعّاناً ضَروبا
بِالظُّبا ثمّ القَنا يَفْ / ري وَريداً وَتَريبا
لا يرى وَالحربُ تُغلى / قدرُها مِنها هَيوبا
فَجَرى مِنّا وَمِنهم / عَنْدمُ الطّعن صَبيبا
وَصَلِينا مِن حَريق ال / طَعنِ وَالضّربِ لَهيبا
كانَ مَرعانا خَصيباً / فَبِهمْ عادَ جَديبا
لَم نَكُنْ نَألف لَولا / جورُهم فينا خُطوبا
لا وَلا تُبصرُ عَينٌ / في ضَواحينا نُدوبا
طَلَبوا أَوْتارَ بَدْرٍ / عِندَنا ظُلماً وحُوبا
وَرَأوا في ساحَةِ الطّف / فِ وَقَد فاتَ القليبا
قَد رَأَيتمْ فَأَرونا / مِنكمُ فَرداً نَجيبا
أَو تَقيَّاً لا يُرائى / بِتُقاهُ أَو لَبيبا
كُلَّما كُنّا رُؤوساً / لِلوَرى كُنتُم عُجوبا
ما رَأَينا مِنكُم بِال / حقِّ إِلّا مُستريبا
وَصَدوقاً فَإِذا فت / تَشتَهُ كان كَذوبا
وَخَليعاً خالِياً عنْ / مَطمَعِ الخَير عَزوبا
وَبَعيداً بِمَخازي / هِ وَإِن كانَ نَسيبا
لَيتَ عُوداً مِن غشومٍ / حقَّنا كانَ صَليبا
وَبِودّي أَنَّ منْ يأْ / صلُنا كان ضريبا
في غَدٍ ينضُبُ تيّا / رٌ لكم فينا نُضوبا
وَيَقيءُ البارِدَ السَّلْ / سالَ من كان عَبوبا
ويعودُ الخَلَقُ الرّث / ثُ مِنَ الأمرِ قَشيبا
وَالّذي أَضحى وَأَمسى / ناشِباً يُضحِي نكيبا
آل ياسين وَمَنْ فَض / لُهُم أَعيا اللّبيبا
أنتُمُ أمْنِي لدَى الحش / رِ إِذا كنتُ نَخيبا
أنتُمُ كشّفتُمُ لِي / بِالتّباشيرِ الغُيوبا
كَم رَدَدتمْ مِخلَباً عن / ني حديداً ونيوبا
وَبكم أَنجو إِذا عُو / جِلتُ موتاً أن أَنوبا
وَإِلَيكم جَمَحاني / ما حَدا الحادونَ نيبا
وَعَلَيكُم صلَواتي / مشهداً لِي ومغيبا
يا سَقَى اللَّهُ قُبوراً / لكمُ زِنَّ الكثيبا
حُزنَ خير الناسِ جَدّاً / وَأَباً ضَخْماً حسيبا
لَقِي اللَّهَ وَظنَّ ال / ناسُ أَن لاقى شعوبا
وَهوَ في الفِرْدَوسِ لَمّا / قيلَ قَد حَلَّ الجُبوبا
لَيسَ المَشيبُ بذنبٍ
لَيسَ المَشيبُ بذنبٍ / فَلا تعُدّيهِ ذَنبا
غُصِبتُ شَرخَ شَبابي / بِالليلِ والصُّبح غَصْبا
فَشَبّ شَيبُ عِذاري / كَما اِشتَهى الدَّهر شبّا
إِنْ كُنتُ بُدِّلت لَوناً / فَما تَبَدّلت حبّا
أَو كنتُ بوعِدتُ جسماً / فَما تَباعدتُ قلبا
فَكُلّما شابَ رَأسي / نَما غَرامي وشبّا
يا مُرّةَ الظُّلمِ طَعماً / وَحُلْوَةَ الظَّلمِ شِرْبا
رضِي مُحبُّكِ قَسْراً / بِأَنْ تَزوريهِ غِبّا
وَما يُبالِي وَسِلْمٌ / واديكِ مَنْ كانَ حَربا
أَسْخَطْتَنِي فَرضيتُ من كَلَفٍ
أَسْخَطْتَنِي فَرضيتُ من كَلَفٍ / ولربّما رضِيَ الّذي غَضِبا
وبَسَمْتَ يومَ البين من عَجَبٍ / فأريتَ من بَرْدِ اللَّمى شَنَبا
وَظَلمتَ في هجري بلا سببٍ / وَلَقد طَلبتَ فَلَم تَجِد سَببا
وَلَقد وَهبتُ فَما رَجعتُ لَكم / قَلبي وَكَم رجع الّذي وَهَبا
وَبَلَغتُمُ عِندِي مآربكم / عفواً ولم أبلغ بكم أَرَبا
وَأَعَنْتُمُ عَمداً وَعَن خطأٍ / غِيَرَ الزّمان عليَّ والنُّوَبا
وَوصِبْتُ مِنكم ثمَّ مِن يَدكمْ / طولَ الزّمانِ وَلَم أَكن وَصِبا
وَإِذا اِلتفَتّ إِلى سمائِكُمُ / تَهْمِي عليَّ وتُمطِرُ العَجَبا
أَلفيتُ صفوي كلَّه كَدِراً / وَوجدتُ جِدّي كلَّه لَعِبا
صدّ عنّي كارهاً قُر
صدّ عنّي كارهاً قُر / بي وَإِن كانَ حَبيبا
وَرَأى في الفاحِم الجَعْ / دِ من الرّأسِ مشيبا
كَشِهابٍ غابتِ الشُّه / بُ وَيَأبى أَن يَغيبا
أَو كَنارٍ تخمُد النّا / رُ وَيَزدادُ لَهيبا
كُنتُ عُرياناً بِلا عي / بٍ فَأَهدى لي عيوبا
قُلتُ ما أذْنَبتُ بالشّي / بِ إِلَيكُم فَأتوبا
هُوَ داءٌ حَلَّ جِسمي / لَم أَجِدْ مِنهُ طَبيبا
لَم تَجِدْ ذَنباً وَلَكِنْ / أنتَ لفَّقتَ ذنوبا
عادَت إِليَّ بَغيضةٌ فَتَودَّدت
عادَت إِليَّ بَغيضةٌ فَتَودَّدت / هَيهاتَ مَن جَعلَ البَغيضَ حَبيبا
عادَت إِليَّ فَخلت أَنّ شيبتِي / خُلِستْ وَأَبدلها الزَّمان مشيبا
فَكَأنَّني أَبصَرتُ منها بغتةً / يَومَ الوِصالِ مِنَ الحبيبِ رَقيبا
وَوَددت أَنّ طلوعَها مقليّةً / مشنيّةً في الناسِ كانَ غروبا
قَد كنتِ لي داءً وَلَكِن لَم أَجِدْ / مِن داءِ سُقْمِك في الرّجال طبيبا
وَلَحبّذا زَمنٌ مَضى ما كانَ لي / قًربٌ إِليكِ وكنتُ منكِ سليبا
يا لَيتَ من قَدَرَ التّلاقي بيننا / جَعَلَ الفراقَ مِنَ اللّقاءِ قَريبا
زَمَنٌ إِذا قاطَعتِنا مُتَبَسِّمٌ / ضافٍ وإِن واصلتِ كان قَطوبا
وَكأَنّ قَلبي وَهوَ غَيرُ مُقَلْقَلٍ / مُلئتْ بقُربك حافَتاهُ وَجيبا
لَو لَم تَكوني في الزّمانِ عجيبةً / ما أَبصَرتْ عَينايَ فيهِ عَجيبا
وَخَلوتُ عُمري كلَّه مِن ذَنبهِ / فَجَعلتُ مِنكِ لَهُ إِلَيَّ ذنوبا
وخَلَفْتِ في جلدي وَلَم يكُ دهرَه / إِلّا السّليمَ جَرائحاً ونُدوبا
وَلَقيتُ فيكِ مِنَ العناءِ غَرائباً / وَأَخذتُ مِن أَدهى البلاءِ ضروبا
وَتَركتِ قَلبي لا يُفيقُ كآبةً / وَجُفونَ عَيني لا تملّ نحيبا
وَكأنَّني لمّا أخذتُكِ كارهاً / قَسمي حُرمتُ وما أخذت نصيبا
لَو كُنتِ عيباً واحداً صَبرتْ له / نَفسي وَلكِن كنتِ أنتِ عيوبا
لا تَسَلْنِي عَمّا أَراهُ فإنّي
لا تَسَلْنِي عَمّا أَراهُ فإنّي / كُلَّ يومٍ أَرى بِعَيني عَجيبا
كُلّ داءٍ في القَلبِ منّي وَفي الجِس / مِ عَلى أَنَّني عَدِمتُ الطَّبيبا
أَتَمنّى لَو باتَ مِنّي بعيداً / كلُّ مَن كانَ في جِواري قَريبا
يا خَليلي عَلى الرّخاءِ في البؤْ / سِ أَصِخْ لي أشكو إليك الخطوبا
وَسِهاماً أَصَبْنَ جِسمي فلمّا / لم تضِرْني أَصبن منّا القلوبا
لا أَرى إِذْ رأيت إلّا مَعيباً / وَهْوَ مَعْ ذاكَ طالبٌ لي عيوبا
وَمِلاءٌ مِنَ الذُّنوب سَجاياهُ / وَيَنعى بُطلاً عليّ الذُّنوبا
قَرنتك بِي واللَّه يَعلَمُ أَنّني
قَرنتك بِي واللَّه يَعلَمُ أَنّني / أَرَدْتُ بِكَ الحُسنى فعدتُ المُخيّبا
وَما كُنتُ فيما جِئتُ أَوّلَ صادق / أَساؤوا بهِ ظنَّاً فكانَ المكذَّبا
فَلا تَطمَعوا مِن ذي حِجىً بِنَظيرها / فَكُلُّ اِمرِئٍ يُدعى إِلى مِثلِها أَبى
قولوا لِمَن غَلط الزّمان بِهِ
قولوا لِمَن غَلط الزّمان بِهِ / فَأَنالَه ما لم يَكنْ حَسِبَهْ
لا تَفرحنَّ بِما أَتاكَ بِهِ / فَالدّهرُ يَسلُبُ كلَّ مَا وَهَبَهْ
إِنَّ الزّمانَ أَرادَ طُرفَتَنا / فَأرى بِما أَعطَاكَهُ عجَبَهْ
بِأَبِي زائراً أتانِيَ لَيْلاً
بِأَبِي زائراً أتانِيَ لَيْلاً / سارِقاً نَفسَه منَ البوّابِ
ما ثَناه عنِّي تَقَضِّي شَبابِي / وهْوَ في وجْنتيه ماءُ الشّبابِ
باتَ بيني وبينه خَشيَةُ الل / هِ وخوفُ العذابِ يومَ العذابِ
لَم أَزِدْهُ شيئاً وَبينَ ضُلوعي / كلُّ شَوقٍ على مَليحِ العتابِ
ثمَّ ولَّى كَما أَتى أَرِجَ الأخ / بارِ في النّاسِ طيّبَ الأثوابِ
عالماً أنّنِي وإنْ كنتُ أهوا / هُ فغيرُ الحَرامِ منه طِلابي
وَلَقد جاءني وَما كانَ في نفْ / سِيَ إسعافُهُ ولا في حِسابي
غَيرَ أَنّي عَفَفْتُ حتّى كأنّي / لا أُباليهِ أو بغَيْرِيَ ما بِي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025