القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 53
العلمُ أفضلُ ما يُقنى ويكتَسَبُ
العلمُ أفضلُ ما يُقنى ويكتَسَبُ / والعلمُ أزيَن ما على النفوس به
بالعلمِ يَطبعُ ربُّ العالمين على / قلبِ العبيد فلا كبر يحلُّ به
لأنه يجدُ الأبواب مغلقةً / بفِطرةٍ هو فيها أو بمكسبه
قلْ كيف شئتَ فإنَّ الأمر يقلبه / ولا تخفْ من غويٍّ في تطلُّبه
وكيفَ يدخل كبرٌ من حقيقته / فقر وعجزٌ وموتٌ عند منتبه
شخص يرى قرصةَ البرغوثِ تؤلمه / إلى مكارهَ يلقى في تقلبه
فالحسُّ يعلمُ هذا من يقوم به / لدى إقامته أو حال مذهبه
إذا كان عين الحب ما ينتج الحب
إذا كان عين الحب ما ينتج الحب / فما ثَم من يهوى ولا مَن له حُبُّ
فإن التباسَ الأمر في ذاك بين / وقد ينتج البغضاءَ ما ينتج الحبُّ
ولكنه معنى لطيفٌ محققٌ / يقوم بسرِّ العبد يجهله القلبُ
لأنَّ له التقليب في كلِّ حالة / به فتراه حيثُ يحمله الركبُ
وذو الحب لم يبرحْ مع الحب ثابتاً / على كلِّ حال يرتضيها له الحب
فإنْ كان في وصل فذاك مرادُه / وإنْ كان في هجر فنارُ الهوى تخبو
شكورٌ لما يهواه منه حبيبُه / فليس له بُعدٌ وليس له قُربُ
ولكنه يهوى التقرُّبَ للذي / أتته به الآمالُ إذ تُسدل الحُجب
فيهوى شهودَ العين في كل نظرة / وما هو مستورٌ ويجهله الصَّب
فلو ذاقه علماً به وعلامة / له فيه لم يبرح له الأكلُ والشُّرب
ولكنه بالجهلِ خابت ظنونُه / فليس له فيما أفوه به شرب
فيطلبه من خارج وهو ذاته / وينتظر الإتيان إنْ جادتِ السُّحبُ
فلا خارجٌ عني ولا فيّ داخل / كذاتي من ذاتي كذا حكمه فاصبوا
إليه فلا علم سوى ما ذكرته / ولكنَّ صغير القومِ في بيته يحبو
فلو كان يمشي في الأمور منفذاً / لما كان يعميه عن إدراكه الذَّنب
الكسب منه ما أنا كاسبٌ
الكسب منه ما أنا كاسبٌ / فرهن نفسي ما الذي أوجبه
ما أعجب الأمر الذي قلته / على صحيح العلم ما أعجبه
وقد يقول الحقُّ من عنده / من أقدر الخلقِ ومن أكسبه
إلا أنا فالفعل مني به / فلا تقل في العبد ما أكذبه
يصدق في الفعل إذا قال لي / برهاننا الكاتب ما أكتبه
تتابعت الأرسال من كلِّ جانبٍ
تتابعت الأرسال من كلِّ جانبٍ / فضاقت بما جاءت عليّ مذاهبي
سررتُ بها لما علمت وجودها / من الله ذي العَرشِ المجيد المطالبِ
بما كلف الإنسان مما أتت به / شرائعه والحقُّ عينُ المخاطب
سمعنا أجبنا طاعةً لإلهنا / وما الشان إلا في صَدوقٍ وكاذبِ
إذا جاءت الأملاك تحملُ عرشَه / وتعضدها أمثالها في السحائبِ
وتأتي بما يقضيه بين عباده / لينتصفَ المظلومُ من ظلم غاضبِ
إن سيرت صمّ الجبال سراباً
إن سيرت صمّ الجبال سراباً / وتفتحت أفلاكها أبوابا
يبدو لنا من لم تزل سبحاته / تفني الحجابَ وتحرقُ الحجابا
فعرفته بالنفي لم أعرفه بالإ / ثبات ما إنْ لم أكن مرتابا
فأذاقني من حيرة قامتْ بنا / لشهودِه في الأكثرين عَذابا
فلبثت في نار الطبيعة عنده / من أجل هذا مدَّةً أحقابا
لما خصصت الأكثرين ولم أقل / عم الوجودَ مظاهر أكبابا
إني طمعت من الشهودِ مطاعما / وشربتُ ماءَ المعصراتِ شرابا
وشهدته في غيرِ صورةِ عقدنا / فرأيتُ أمراً في الشهود عجابا
فوددت اني لم أزل في غيبة / في غيبِه أو لا أزالُ تُرابا
فدعا بديوانِ الوجودِ ورأسه / عند التقي وأرادَ منه حسابا
فأجابه لما دعاه ملبِّياً / سَمعاً وطوعاً ثم قال صَوابا
أوحى إليه أن اتخذ دارَ الشقا / للمسرفينَ المجرمين مآبا
جلَّ الإله الحقُّ إجلاله / قدساً وتعظيماً وعزَّ جنابا
فإذا أتته من المهيمنِ تحفةٌ / قطع الثيابَ وقطعَ الأسبابا
إني لأعلم أن شيئاً ما هنا
إني لأعلم أن شيئاً ما هنا / ويقالُ لي ما أنت عنه بغائبِ
وتحقق الأمرين عبدٌ مؤمنٌ / بمغيبة عنا وقولُ الصاحبِ
فتراه في هذا وذاك مقلِّداً / والقولُ بالحكمين ضربةُ لازبِ
كالنفي في الرمي الذي شهدوا له / ثبتاً من الرامي الإمام النائب
لا يمترون ولا يشك بأنه / لم يرمِ إلا الحق في يد حاجب
فالحكم في هذا وذاك كمثله / في قصة المغصوب مع يد غاضب
دور غريب ليس يعرف سرَّه / إلا الذي يأتي بصورة ذاهب
إنَّ التقرَّش تأليفٌ والفته
إنَّ التقرَّش تأليفٌ والفته / بربه فلهذا إلا مَن يصحبه
من أجلِ أهلٍ له بالبيتِ آمَنَهم / من المخاوفِ إذ تأتي فتركبه
لذاك أطعمهم من جوعٍ طبعهمُ / فالجوعُ يرهقه والطعمُ يذهبه
فلا تتعبْ ولا تتعبْ
فلا تتعبْ ولا تتعبْ / وكُنْ كالحوّل القلبِ
إذا ما لم تكن هذا / فلم تعثرْ على المطلبِ
يا صاحٍ إنَّ القلوبَ
يا صاحٍ إنَّ القلوبَ / أضحتْ بسرِّ الغيوبِ
في نعيم /
ما عندي إلاّ الذي /
قد قاله التَّرمذي /
للعالم الجِهبذِي /
إني إذا ما أتوب / إليه لا من ذنوبٍ
لا أقيم /
لم يدر ما قالها /
إلا الذي نالها /
فلا تقل ما لها /
فيها لسرِّ الحبيبِ / معنى بديعٍ عجيبٍ
مستقيم /
بالله يا ظلتي /
إنْ كنتِ لي قبلتي /
فأنت من جملتي /
فاعمل عليه تصيبُ / فأنت فيه المصيبُ
في العموم /
إنّ الصيودَ ترى /
في جوفِ هذا الفرا /
ما فيه مِن افترا /
فإنه ما يخيب / عند اللبيبِ الأريبِ
القويم /
لو أنَّ بدراً بدا /
لم يتركني سُدا /
وجاءني ابتدا /
بكل معنى غريبِ / فيه غذاءُ الأديبِ
والنديم /
إنَّ القلوبَ التي /
عن الهدى دلّت /
ما هي من ملتي /
تروحُ عند الغروبِ / لما دعاه القريب
بالقيم /
لله نورٌ بدا /
في المرتدي والردا /
به الوليُّ اهتدى /
شبابه كالمشيبِ / إذا دعاه الحبيبُ
القديم /
فما له من شبيه /
عند العليم النبيه /
قد حِرت فيّ وفيه /
أراه عند الكثيب / من غير شك مريب
كالحميم /
تضلعتُ من شرب رويّ بلا شُربِ
تضلعتُ من شرب رويّ بلا شُربِ / كما أنني أشتهي إلى القلبِ من قلبي
فإنَّ لمقلوبي جمالاً يخصُّه / أهيم به وجداً على البعد والقربِ
أبيتُ أناجيه بنومي ممثلاً / وإني إذا استيقظتُ عدت إلى صحبي
فإنْ كان عن بَينٍ فشوقٌ مجدَّدٌ / وإنْ كان عن وصلٍ فحسبي إذا حسبي
فإنْ جادَ بالتمثيلِ في حالِ يقظتي / فذلك أحلى لي من المورِد العذبِ
إذا ما رأيتُ الدارَ أهوى دخولها / ولكن على الأبوابِ أردية أعجب
ومن خلفها البوّابُ يسمع وطأتي / فيغفل عني للذي بي من عُجْب
كعتبة يزهو بالعبودة عندما / تحقق فيها من مساكنةِ القُرب
هي الأمّ سماها ذَلولاً لخلقه / وقد أعرضت عني كإعراض ذي ذنب
حياءً وأعطتنا مناكبَ نظمها / فنمشي بها عن أمر خالقها الربِّ
إذا كان حالُ الأمِّ هذا فإنني / لأولى به منها إلى انقضا نحبي
تمنيتُ منه أنْ أكونَ بحالها / مع الله في عيشٍ هنيء بلا كَرب
فياتي وجودي للدعاوى بصورةٍ / تنزله مني كمنزلةِ الربِّ
وهيهاتِ أينَ الحقُّ من حالِ خلقه / بذا جاءتِ الأرسال منه مع الكتبِ
لقد أوردتْ نفسي حديثاً مُعنعناً / عن الرُّوحِ عن سري عنِ الله عنِ قلبي
بأنَّ وجودي عينه وهويتي / هويته فاركبْ على مركبٍ صَعب
فلم يبق فينا مفصَلٌ فيه قوّةٌ / أشاهدها وإلا وعينها ربي
فكيفَ لنا وقد صحَّ مُخلصٌ / ويعتبني وقتاً فأعجبُ من عتبي
وإنَّ له حدَّث المبرءُ نفسَه / دليلاً له فيما ذكرتُ من العُتْبِ
ألا إنني عبدٌ لمن أنا ربُّه / فضى بالذي قد قلته في الهوى حبي
بالذي قلت إنه عين ما بي
بالذي قلت إنه عين ما بي / من سؤالٍ ومنطقٍ وجوابِ
برّد اليوم عن فؤادي غليلا / فقبولي عليه عينُ انقلابي
بوجودي عرفته وبنفسي / فهو منها بنا كحشو إهابِ
بانَ عني فقلتُ بان حبيبي / فأراني في البعد عين اقترابي
بنتم قال لا ولكن جهلنا / فلذا ما يقول ما بي وما بي
بالهوى فزتمُ وشاركتموني / في اسم حبيّ والشوقُ للغيابِ
بعتم الرشد بالغَواية فينا / وهو رُشد الهداةِ والأحباب
بدرة أنت بالكمال فما لي / قلت بالنقصِ إنني في حجاب
بحجابي علمت أني لما / جئتكم جئتكم بأمرٍ عُجاب
بينوا أمرنا لكل لبيبٍ / في كلامٍ إن شئتم أو كتاب
أيا خير مصحوبٍ ويا خير صاحب
أيا خير مصحوبٍ ويا خير صاحب / عليكَ اتكالي في جميعِ مطالبي
عليك اتكالي ثم أنت وسيلتي / إليك فحُل بيني وبين مطالبي
وكن عند ظني لا تخيبه إنه / من أكرمِ مطلوبٍ وأفقر طالبِ
لقد ترجم الإيمان عنكم بأنكم / ضمنتم لأمثالي جميع المطالب
طلبت ذَلولُ عزيزها لتزيله
طلبت ذَلولُ عزيزها لتزيله / عن ظهرها كرماً به فأجابا
عن إذن خالقها دعتْه لنفسها / فلذاك لبى طائعاً وأنابا
قد ألبسته من الترابِ لغيرة / قامت بها حباً له جلبابا
مما تحب مقامه في بطنها / ألقتْ عليه جنادلاً وترابا
حتى يقيم بها إلى اليوم الذي / يُدعى ليحضر موقفاً وحسابا
فيفوز بالخير الأعم ويعتلى / نحو الكثيب ليبصر الأحبابا
عجبتُ من أمر دارٍ كلُّها عجبٌ
عجبتُ من أمر دارٍ كلُّها عجبٌ / فيها النقيضان فيها الفوزُ والعَطَبُ
يلتذ شخصٌ بما يشقى سواه به / لذاكَ جئتُ بقولي كلها عجب
نعمتْ مطيتنا إن كنتَ ذا نظرٍ / فيها يُشال وفيها تسدلُ الحجب
الشيء مختلفُ الأحكام والنسب
الشيء مختلفُ الأحكام والنسب / والعينُ واحدةٌ فانظر إلى السبب
واحكم عليه به إن كنتَ ذا نَصَفٍ / فإنما العلمُ والتحقيق في النسب
ألا ترى الله لا شيء يماثله / وقد تنزل للمخلوق بالنسب
فقل إن له في خلقه نسَباً / وهو التقي فأنا في الكدِّ والنَصَب
عسى أفوز به حتى يورثني / أسماءه كلها الحسنى بلا تَعَب
فلا يرى الحق عيناً في مشاهدة / من لا يرى الحقَّ في الأزلام والنصب
فما رأيت مسمى في الوجودِ سوى / ربّ البرية بالحاجات والطلب
وكلما قلت خلق قال خالقه / ما ثَمَّ إلا أنا فاحذر من الرَّهَب
الخلق حقٌ وعينُ الخلقِِ خالقه / فاثبت ولا تهرب إنَّ الجهلَ في الهرب
إنّي أُقمت لدينِ الله أنصره
إنّي أُقمت لدينِ الله أنصره / والنصرُ منه كما قد جاء في الكتبِ
لأنني حاتميُّ الأصلِ ذو كرمٍ / من طيء عربيِّ عن أبٍ فأبِ
ورتبتي في الإلاهيات يعلمها / ما نالها أحدٌ قبلي من العربِ
إلا النبيُّ رسولُ الله سيدُنا / وراثة للذي عندي من الأدب
وإنني خاتم الأتباعِ أجمعهم / أتباعة رتبة تسمو على الرتب
من جملة القومِ عيسى وهو خاتم من / قد كان من قبله حياً بلا كذب
وفي شريعتنا كانت ولايته / دون الرسالةِ لما جاء في العقب
فنحن من كونه في الأمر تابعه / بمنزلِ العالمِ العلويّ كالأشهبِ
أحبُّ إذا أحببتَ من يدري ما
أحبُّ إذا أحببتَ من يدري ما / جئت به من شرَفِ الحب
ولا تضيع حقه إنه / في غاية البعد مع القربِ
واحن عليه كالضلوعِ التي / قد انحنت خوفاً على القلبِ
عاصمته من كلِّ سوءٍ كما / قد عصم الساعدُ بالقلب
الأمر لله والمأمور في عدم
الأمر لله والمأمور في عدم / فإن أضيف له التكوين يكذبه
بل كن لربك والتكوين ليس له / وإنما هو للمأمور يصحبُه
كذا أتاك به نص الكتابِ وما / أتى له ناسخٌ في الحال يعقبه
سيحانه من غنيّ لا افتقارَ له / لعالمِ الكونِ والأسماء تطلبه
وهو المسمى بها والعين واحدةٌ / وليس تدركه إذ عز مطلبه
قد كنت عبداً والهوى حاكمي
قد كنت عبداً والهوى حاكمي / فاليومَ أولى أن أسمى به
لأنني عبدٌ لربٍّ يرى / وما له في الخلق من مشبه
أصبحت منه فلكاً حاوياً / يدورُ بالحكمِ على قطبه
لأنه قال لنا مخبراً / بأنه في العبد في قلبه
فمن يردْ يشهدْ خلاقه / شهوده المربوب من ربه
فليقلب العين الذي قد بدا / فإنه المشهود في قلبه
سبحانه عزَّ وعزتْ به / أنفسنا والكلُّ منه به
هو الذي يعبد في عرشه / كمثلِ ما يعبد في تربه
أشهدنا من ذاتِنا ذاته
أشهدنا من ذاتِنا ذاته / وذاك في موقفنا الأنبهْ
لو أنه يدركه خلقه / لكان مخلوقاً وأعزِز به
مذهبنا مذهب أمٍّ لنا / مذهبُ ابنِ العم اذهب به

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025