المجموع : 53
العلمُ أفضلُ ما يُقنى ويكتَسَبُ
العلمُ أفضلُ ما يُقنى ويكتَسَبُ / والعلمُ أزيَن ما على النفوس به
بالعلمِ يَطبعُ ربُّ العالمين على / قلبِ العبيد فلا كبر يحلُّ به
لأنه يجدُ الأبواب مغلقةً / بفِطرةٍ هو فيها أو بمكسبه
قلْ كيف شئتَ فإنَّ الأمر يقلبه / ولا تخفْ من غويٍّ في تطلُّبه
وكيفَ يدخل كبرٌ من حقيقته / فقر وعجزٌ وموتٌ عند منتبه
شخص يرى قرصةَ البرغوثِ تؤلمه / إلى مكارهَ يلقى في تقلبه
فالحسُّ يعلمُ هذا من يقوم به / لدى إقامته أو حال مذهبه
إذا كان عين الحب ما ينتج الحب
إذا كان عين الحب ما ينتج الحب / فما ثَم من يهوى ولا مَن له حُبُّ
فإن التباسَ الأمر في ذاك بين / وقد ينتج البغضاءَ ما ينتج الحبُّ
ولكنه معنى لطيفٌ محققٌ / يقوم بسرِّ العبد يجهله القلبُ
لأنَّ له التقليب في كلِّ حالة / به فتراه حيثُ يحمله الركبُ
وذو الحب لم يبرحْ مع الحب ثابتاً / على كلِّ حال يرتضيها له الحب
فإنْ كان في وصل فذاك مرادُه / وإنْ كان في هجر فنارُ الهوى تخبو
شكورٌ لما يهواه منه حبيبُه / فليس له بُعدٌ وليس له قُربُ
ولكنه يهوى التقرُّبَ للذي / أتته به الآمالُ إذ تُسدل الحُجب
فيهوى شهودَ العين في كل نظرة / وما هو مستورٌ ويجهله الصَّب
فلو ذاقه علماً به وعلامة / له فيه لم يبرح له الأكلُ والشُّرب
ولكنه بالجهلِ خابت ظنونُه / فليس له فيما أفوه به شرب
فيطلبه من خارج وهو ذاته / وينتظر الإتيان إنْ جادتِ السُّحبُ
فلا خارجٌ عني ولا فيّ داخل / كذاتي من ذاتي كذا حكمه فاصبوا
إليه فلا علم سوى ما ذكرته / ولكنَّ صغير القومِ في بيته يحبو
فلو كان يمشي في الأمور منفذاً / لما كان يعميه عن إدراكه الذَّنب
الكسب منه ما أنا كاسبٌ
الكسب منه ما أنا كاسبٌ / فرهن نفسي ما الذي أوجبه
ما أعجب الأمر الذي قلته / على صحيح العلم ما أعجبه
وقد يقول الحقُّ من عنده / من أقدر الخلقِ ومن أكسبه
إلا أنا فالفعل مني به / فلا تقل في العبد ما أكذبه
يصدق في الفعل إذا قال لي / برهاننا الكاتب ما أكتبه
تتابعت الأرسال من كلِّ جانبٍ
تتابعت الأرسال من كلِّ جانبٍ / فضاقت بما جاءت عليّ مذاهبي
سررتُ بها لما علمت وجودها / من الله ذي العَرشِ المجيد المطالبِ
بما كلف الإنسان مما أتت به / شرائعه والحقُّ عينُ المخاطب
سمعنا أجبنا طاعةً لإلهنا / وما الشان إلا في صَدوقٍ وكاذبِ
إذا جاءت الأملاك تحملُ عرشَه / وتعضدها أمثالها في السحائبِ
وتأتي بما يقضيه بين عباده / لينتصفَ المظلومُ من ظلم غاضبِ
إن سيرت صمّ الجبال سراباً
إن سيرت صمّ الجبال سراباً / وتفتحت أفلاكها أبوابا
يبدو لنا من لم تزل سبحاته / تفني الحجابَ وتحرقُ الحجابا
فعرفته بالنفي لم أعرفه بالإ / ثبات ما إنْ لم أكن مرتابا
فأذاقني من حيرة قامتْ بنا / لشهودِه في الأكثرين عَذابا
فلبثت في نار الطبيعة عنده / من أجل هذا مدَّةً أحقابا
لما خصصت الأكثرين ولم أقل / عم الوجودَ مظاهر أكبابا
إني طمعت من الشهودِ مطاعما / وشربتُ ماءَ المعصراتِ شرابا
وشهدته في غيرِ صورةِ عقدنا / فرأيتُ أمراً في الشهود عجابا
فوددت اني لم أزل في غيبة / في غيبِه أو لا أزالُ تُرابا
فدعا بديوانِ الوجودِ ورأسه / عند التقي وأرادَ منه حسابا
فأجابه لما دعاه ملبِّياً / سَمعاً وطوعاً ثم قال صَوابا
أوحى إليه أن اتخذ دارَ الشقا / للمسرفينَ المجرمين مآبا
جلَّ الإله الحقُّ إجلاله / قدساً وتعظيماً وعزَّ جنابا
فإذا أتته من المهيمنِ تحفةٌ / قطع الثيابَ وقطعَ الأسبابا
إني لأعلم أن شيئاً ما هنا
إني لأعلم أن شيئاً ما هنا / ويقالُ لي ما أنت عنه بغائبِ
وتحقق الأمرين عبدٌ مؤمنٌ / بمغيبة عنا وقولُ الصاحبِ
فتراه في هذا وذاك مقلِّداً / والقولُ بالحكمين ضربةُ لازبِ
كالنفي في الرمي الذي شهدوا له / ثبتاً من الرامي الإمام النائب
لا يمترون ولا يشك بأنه / لم يرمِ إلا الحق في يد حاجب
فالحكم في هذا وذاك كمثله / في قصة المغصوب مع يد غاضب
دور غريب ليس يعرف سرَّه / إلا الذي يأتي بصورة ذاهب
إنَّ التقرَّش تأليفٌ والفته
إنَّ التقرَّش تأليفٌ والفته / بربه فلهذا إلا مَن يصحبه
من أجلِ أهلٍ له بالبيتِ آمَنَهم / من المخاوفِ إذ تأتي فتركبه
لذاك أطعمهم من جوعٍ طبعهمُ / فالجوعُ يرهقه والطعمُ يذهبه
فلا تتعبْ ولا تتعبْ
فلا تتعبْ ولا تتعبْ / وكُنْ كالحوّل القلبِ
إذا ما لم تكن هذا / فلم تعثرْ على المطلبِ
يا صاحٍ إنَّ القلوبَ
يا صاحٍ إنَّ القلوبَ / أضحتْ بسرِّ الغيوبِ
في نعيم /
ما عندي إلاّ الذي /
قد قاله التَّرمذي /
للعالم الجِهبذِي /
إني إذا ما أتوب / إليه لا من ذنوبٍ
لا أقيم /
لم يدر ما قالها /
إلا الذي نالها /
فلا تقل ما لها /
فيها لسرِّ الحبيبِ / معنى بديعٍ عجيبٍ
مستقيم /
بالله يا ظلتي /
إنْ كنتِ لي قبلتي /
فأنت من جملتي /
فاعمل عليه تصيبُ / فأنت فيه المصيبُ
في العموم /
إنّ الصيودَ ترى /
في جوفِ هذا الفرا /
ما فيه مِن افترا /
فإنه ما يخيب / عند اللبيبِ الأريبِ
القويم /
لو أنَّ بدراً بدا /
لم يتركني سُدا /
وجاءني ابتدا /
بكل معنى غريبِ / فيه غذاءُ الأديبِ
والنديم /
إنَّ القلوبَ التي /
عن الهدى دلّت /
ما هي من ملتي /
تروحُ عند الغروبِ / لما دعاه القريب
بالقيم /
لله نورٌ بدا /
في المرتدي والردا /
به الوليُّ اهتدى /
شبابه كالمشيبِ / إذا دعاه الحبيبُ
القديم /
فما له من شبيه /
عند العليم النبيه /
قد حِرت فيّ وفيه /
أراه عند الكثيب / من غير شك مريب
كالحميم /
تضلعتُ من شرب رويّ بلا شُربِ
تضلعتُ من شرب رويّ بلا شُربِ / كما أنني أشتهي إلى القلبِ من قلبي
فإنَّ لمقلوبي جمالاً يخصُّه / أهيم به وجداً على البعد والقربِ
أبيتُ أناجيه بنومي ممثلاً / وإني إذا استيقظتُ عدت إلى صحبي
فإنْ كان عن بَينٍ فشوقٌ مجدَّدٌ / وإنْ كان عن وصلٍ فحسبي إذا حسبي
فإنْ جادَ بالتمثيلِ في حالِ يقظتي / فذلك أحلى لي من المورِد العذبِ
إذا ما رأيتُ الدارَ أهوى دخولها / ولكن على الأبوابِ أردية أعجب
ومن خلفها البوّابُ يسمع وطأتي / فيغفل عني للذي بي من عُجْب
كعتبة يزهو بالعبودة عندما / تحقق فيها من مساكنةِ القُرب
هي الأمّ سماها ذَلولاً لخلقه / وقد أعرضت عني كإعراض ذي ذنب
حياءً وأعطتنا مناكبَ نظمها / فنمشي بها عن أمر خالقها الربِّ
إذا كان حالُ الأمِّ هذا فإنني / لأولى به منها إلى انقضا نحبي
تمنيتُ منه أنْ أكونَ بحالها / مع الله في عيشٍ هنيء بلا كَرب
فياتي وجودي للدعاوى بصورةٍ / تنزله مني كمنزلةِ الربِّ
وهيهاتِ أينَ الحقُّ من حالِ خلقه / بذا جاءتِ الأرسال منه مع الكتبِ
لقد أوردتْ نفسي حديثاً مُعنعناً / عن الرُّوحِ عن سري عنِ الله عنِ قلبي
بأنَّ وجودي عينه وهويتي / هويته فاركبْ على مركبٍ صَعب
فلم يبق فينا مفصَلٌ فيه قوّةٌ / أشاهدها وإلا وعينها ربي
فكيفَ لنا وقد صحَّ مُخلصٌ / ويعتبني وقتاً فأعجبُ من عتبي
وإنَّ له حدَّث المبرءُ نفسَه / دليلاً له فيما ذكرتُ من العُتْبِ
ألا إنني عبدٌ لمن أنا ربُّه / فضى بالذي قد قلته في الهوى حبي
بالذي قلت إنه عين ما بي
بالذي قلت إنه عين ما بي / من سؤالٍ ومنطقٍ وجوابِ
برّد اليوم عن فؤادي غليلا / فقبولي عليه عينُ انقلابي
بوجودي عرفته وبنفسي / فهو منها بنا كحشو إهابِ
بانَ عني فقلتُ بان حبيبي / فأراني في البعد عين اقترابي
بنتم قال لا ولكن جهلنا / فلذا ما يقول ما بي وما بي
بالهوى فزتمُ وشاركتموني / في اسم حبيّ والشوقُ للغيابِ
بعتم الرشد بالغَواية فينا / وهو رُشد الهداةِ والأحباب
بدرة أنت بالكمال فما لي / قلت بالنقصِ إنني في حجاب
بحجابي علمت أني لما / جئتكم جئتكم بأمرٍ عُجاب
بينوا أمرنا لكل لبيبٍ / في كلامٍ إن شئتم أو كتاب
أيا خير مصحوبٍ ويا خير صاحب
أيا خير مصحوبٍ ويا خير صاحب / عليكَ اتكالي في جميعِ مطالبي
عليك اتكالي ثم أنت وسيلتي / إليك فحُل بيني وبين مطالبي
وكن عند ظني لا تخيبه إنه / من أكرمِ مطلوبٍ وأفقر طالبِ
لقد ترجم الإيمان عنكم بأنكم / ضمنتم لأمثالي جميع المطالب
طلبت ذَلولُ عزيزها لتزيله
طلبت ذَلولُ عزيزها لتزيله / عن ظهرها كرماً به فأجابا
عن إذن خالقها دعتْه لنفسها / فلذاك لبى طائعاً وأنابا
قد ألبسته من الترابِ لغيرة / قامت بها حباً له جلبابا
مما تحب مقامه في بطنها / ألقتْ عليه جنادلاً وترابا
حتى يقيم بها إلى اليوم الذي / يُدعى ليحضر موقفاً وحسابا
فيفوز بالخير الأعم ويعتلى / نحو الكثيب ليبصر الأحبابا
عجبتُ من أمر دارٍ كلُّها عجبٌ
عجبتُ من أمر دارٍ كلُّها عجبٌ / فيها النقيضان فيها الفوزُ والعَطَبُ
يلتذ شخصٌ بما يشقى سواه به / لذاكَ جئتُ بقولي كلها عجب
نعمتْ مطيتنا إن كنتَ ذا نظرٍ / فيها يُشال وفيها تسدلُ الحجب
الشيء مختلفُ الأحكام والنسب
الشيء مختلفُ الأحكام والنسب / والعينُ واحدةٌ فانظر إلى السبب
واحكم عليه به إن كنتَ ذا نَصَفٍ / فإنما العلمُ والتحقيق في النسب
ألا ترى الله لا شيء يماثله / وقد تنزل للمخلوق بالنسب
فقل إن له في خلقه نسَباً / وهو التقي فأنا في الكدِّ والنَصَب
عسى أفوز به حتى يورثني / أسماءه كلها الحسنى بلا تَعَب
فلا يرى الحق عيناً في مشاهدة / من لا يرى الحقَّ في الأزلام والنصب
فما رأيت مسمى في الوجودِ سوى / ربّ البرية بالحاجات والطلب
وكلما قلت خلق قال خالقه / ما ثَمَّ إلا أنا فاحذر من الرَّهَب
الخلق حقٌ وعينُ الخلقِِ خالقه / فاثبت ولا تهرب إنَّ الجهلَ في الهرب
إنّي أُقمت لدينِ الله أنصره
إنّي أُقمت لدينِ الله أنصره / والنصرُ منه كما قد جاء في الكتبِ
لأنني حاتميُّ الأصلِ ذو كرمٍ / من طيء عربيِّ عن أبٍ فأبِ
ورتبتي في الإلاهيات يعلمها / ما نالها أحدٌ قبلي من العربِ
إلا النبيُّ رسولُ الله سيدُنا / وراثة للذي عندي من الأدب
وإنني خاتم الأتباعِ أجمعهم / أتباعة رتبة تسمو على الرتب
من جملة القومِ عيسى وهو خاتم من / قد كان من قبله حياً بلا كذب
وفي شريعتنا كانت ولايته / دون الرسالةِ لما جاء في العقب
فنحن من كونه في الأمر تابعه / بمنزلِ العالمِ العلويّ كالأشهبِ
أحبُّ إذا أحببتَ من يدري ما
أحبُّ إذا أحببتَ من يدري ما / جئت به من شرَفِ الحب
ولا تضيع حقه إنه / في غاية البعد مع القربِ
واحن عليه كالضلوعِ التي / قد انحنت خوفاً على القلبِ
عاصمته من كلِّ سوءٍ كما / قد عصم الساعدُ بالقلب
الأمر لله والمأمور في عدم
الأمر لله والمأمور في عدم / فإن أضيف له التكوين يكذبه
بل كن لربك والتكوين ليس له / وإنما هو للمأمور يصحبُه
كذا أتاك به نص الكتابِ وما / أتى له ناسخٌ في الحال يعقبه
سيحانه من غنيّ لا افتقارَ له / لعالمِ الكونِ والأسماء تطلبه
وهو المسمى بها والعين واحدةٌ / وليس تدركه إذ عز مطلبه
قد كنت عبداً والهوى حاكمي
قد كنت عبداً والهوى حاكمي / فاليومَ أولى أن أسمى به
لأنني عبدٌ لربٍّ يرى / وما له في الخلق من مشبه
أصبحت منه فلكاً حاوياً / يدورُ بالحكمِ على قطبه
لأنه قال لنا مخبراً / بأنه في العبد في قلبه
فمن يردْ يشهدْ خلاقه / شهوده المربوب من ربه
فليقلب العين الذي قد بدا / فإنه المشهود في قلبه
سبحانه عزَّ وعزتْ به / أنفسنا والكلُّ منه به
هو الذي يعبد في عرشه / كمثلِ ما يعبد في تربه
أشهدنا من ذاتِنا ذاته
أشهدنا من ذاتِنا ذاته / وذاك في موقفنا الأنبهْ
لو أنه يدركه خلقه / لكان مخلوقاً وأعزِز به
مذهبنا مذهب أمٍّ لنا / مذهبُ ابنِ العم اذهب به