المجموع : 34
بِمَن العَزا يا ناظِري فَصوبا
بِمَن العَزا يا ناظِري فَصوبا / وَلتقطرا كَبدي دَماً مَسكوبا
فلأحلبنك يا جُفون كَأَنَّني اِس / تدررت مِن ضرع الحَيا شؤبوبا
وَعَليك يا حرق الجَوى فَتصاعدي / وَلتملَئي صَدر الفَضاء لَهيبا
جفت قُلوب بَني الرَجا فَتساقطت / وَالكُل يَشبه بِالحَنين النِيبا
رّفت كَأَجنحة الطُيور لِأَنَّها / قَد ضَيَّعت تَحتَ التُراب حَبيبا
لِلّه بَدر الجعفريين الَّذي / أَبدى برغم المكرمات غُروبا
سُرعان ما سرَّ الشَريعة مَطلعا / حَتّى تَبوَّأ في التُراب مَغيبا
قَد كانَ وَجه العلم مُبتَسِماً بِهِ / وَمُذ اِستَقَلَّ ضُحى دجى تَقطيبا
أَودى فَأَبناء الشَريعة بَعده / شَقَّت لَهُ بَدل الجُيوب قُلوبا
أَدعوك يا غَوث الصَريخ فَلم تَجب / وَلَقد عَهدتك لِلصَريخ مُجيبا
إِن كُنت أَزمعت الرَحيل مقوضا / مِن بَيننا فَقُد القُلوب جَنيبا
ضَيقت نادي العلم لا في حشده / بَل بَعد صَدرك لا أَراه رَحيبا
أَطيبه أَخطأت كامن دائه / لا أَخطأتك النائِبات طَبيبا
داو السَقيم بِكُل ما يعتاده / لِتعدّ عِندَ الحاذقين مصيبا
وَاتل الكِتاب عَلى حَبيب يَنتَعش / بِسماعه التَرغيب وَالتَرهيبا
وَاذكُر لَديهِ عُلوم آل محمد / سَيَقوم فيها سائِلاً وَمُجيبا
وَاجهر بحيّ عَلى الصَلاة تَرح لَهُ / بَدَنا بِطاعة رَبه مَتعوبا
وَدَع العفاة تصل لَهُ فَنشاطه / أَن يَملك العافون مِنهُ نَصيبا
هذي عَوائده وَهنَّ دَواؤه / لَو كُنت تَدفَع يا طَبيب شُعوبا
بِمَن البَرية تَلتَجي إِن أَقبَلَت / متراكمات ينهمرن خُطوبا
وَبِوَجه مِن نَستدفع البَلوى إِذا / شاءَ الإِلَه بِخَلقه تَعذيبا
قَد كانَ وَجهك يا حَبيب ذَريعة / مَن باتَ يَدعو اللَه فيكَ أَجيبا
وَبِهِ نحلُّ عرى المحول فَإِن بَدا / لَم يَبقَ وَجه سَحابة مَحجوبا
أَبكي لِوَجهك وَالكِتاب كِلاهُما / يَتشاكَيان مِن الثَرى تَتريبا
وَلشخصك النائي وَعلمك بَيننا / كُلّ بِعالمه أَراه غَريبا
صَبراً أَبا الهادي وَإِن يَك رزؤكم / بِسهامه الدين الحَنيف أصيبا
صوّب وَصعّد مقلتيك مكرّرا / مِن عَينك التَصعيد وَالتَصويبا
أَفهل تَرى وَجه امرئ ما غادرت / لَطمات نائبة عَليه ندوبا
كَتب الفَناء عَلى الجِباه فَأَن تسل / مقل الفَتى لَن تَمحو المَكتوبا
أَن تخلق الأَيام جدة عالم / مِن بَيتكم فَقَد اِرتَدَيت قَشيبا
لَكَ فكرة في العلم إِن وَجهتها / أَبدَت بِمنة ذي الجَلال غُيوبا
هَل كَيف تَحجب عَنكُم وَأَبوكُم / كشف الغِطاء فَبَّين المَحجوبا
لَكَ طيب أَنفاس يَرق هُبوبها / كَنَسيم نَجد إِذ يَرق هُبوبا
لَو بَعض خلقك في الخَلائق كُلها / لَغَدت شِفاه الأسد تنفح طيبا
تَحكي فَتضرب مِن سَماع عَبائر / لَو كُنَّ قافية لَكنَّ نَسيبا
فَإِذا سَمعت بَديع لَفظك شاقَني / حَتّى كَأَنّي أَسمع التَشبيبا
لَو يَنظر السرحان مِنكَ مَهابة / ما راعَ خَشفا بِالفلاة رَبيبا
وَاستأسد الظَبي الأتيلع جيده / فَتَراه تذعر مُقلتاه الذيبا
تَزهو المَحارب إِذ تَقوم مَصليا / بِكَ وَالمَنابر إِذ تَقوم خَطيبا
وَتَعد نافلة العَطاء فَريضة / وَالعُذر في آثارِها تَعقيبا
بِكَ قَد تَشرفت العراق وفاخرت / مصراً لِأَنك ما بَرحت خَصيبا
أَسقى الإِلَه ثَرى أَخيك سَحائِباً / يَنهل عارضها عَلَيكَ سُكوبا
وَقفت كَوقفة كاعب عذرية / لَمحت بِأَكناف السجاف حَبيبا
ألذُلي مِن أَباريق وَأَكواب
ألذُلي مِن أَباريق وَأَكواب / وَمِن تَشعشع راحٍ بَينَ أَحباب
وَمِن فَتاة يَزين الدل قامتها / جاءَت إِلي تهادي بَينَ أَتراب
وَمِن ترنم وَرقاء إِذا سجعت / عَلى الغُصون بِتَغريد وَأَطراب
وَمِن رِياض سقيط الطل باكرها / فَأرسلت نَسماتٍ ذات أَطياب
وَمِن لحاظ فَتاة نصل أسهمها / قَد ريشته بِأَجفان وَأَهداب
وَمِن محيّا حَبيب زارَني سحراً / مِن بَعد هجعة سمارٍ وَحجاب
آيات صدق أَتى المَولى الشَريف بِها / تَزري بِكُل أَخي إِفكٍ وَكَذّاب
صبَّت عَلى قِمَم الأَعداء صاعقة / تَشوي الوُجوه بِإِحراق وَإلهاب
مثل الكَتائب قَد صالَت كَتابتها / فذللت كُل ذي كبر وَإِعجاب
وَكُل سَطر عَلى جَيش العَدوّ غَدا / أَشَدَّ مِن أَلف طعّان وَضراب
فقشَّعت غبرة القَوم الأُولى جَهلوا / فَالحَمد لِلّه ما في الأَرض وَهابي
فَدونَكُم يا أَولي الأَلباب فَاعتبروا / ما ضمنت مِن تَفاصيل وَأَبواب
تَريكم عَن يَقين أن صاحبها / بِفتكه لَيث غاب غَير هَيّاب
قَد جاهد النَفس وَالأَعداء مُنتَصِراً / بَرّبه فَأَراه نَصر غلاب
وَمِن تجرده لِلّه كانَ لَهُ / حَق التَقدم في حَرب وَمحراب
لِلّه مِن قَلم أَضحى يَسدده / لَيث بِهِ اِعتاض عَن ظِفر وَعَن ناب
فَهَل تَراه مداداً بِاليراع جَرى / أم ريق صلٍ عَلى القرطاس منساب
مصباح رشد بمشكاة العُلوم غَدا / يَهدي إِلى الحَق فيها كُل مرتاب
كَأَنَّهُ بِجهاد المارقين شَبا / سَيف الوَصي أَبيه لَيسَ بِالنابي
طَريقة عبد وَهاب أَشاع بِها / وَاليَوم عَفّى ثَراها عَبد وَهاب
أَرجو الوَسيلة لِلباري بِسيدنا ال / هادي النَبي وفي آل وَأَصحاب
بَأَن يَرينا وَإِياه شفاعتهم / بِهِم بهم لا بِأَعمال وَأَنساب
جَرى ماؤنا مِن لُطف سُلطاننا عَذباً
جَرى ماؤنا مِن لُطف سُلطاننا عَذباً / فَلذَّ لَنا طَعماً وَطابَ لَنا شُربا
شَممنا شَذا أَنفاسه حينَ جَريه / فَانشقنا الرِيحان وَالمندل الرَطبا
حَبانا إمام العَصر مِن صدقاته / مَراحم فيها اِزدادَ مِن رَبه قُربا
إمام الوَرى عَبد الحَميد الَّذي جَرت / أَياديهِ حَتّى عَمَّت الشَرق وَالغَربا
يُحبُّ الرَعايا قَلبه وَجَميعهم / يَفدُّونه مِن طيب أَنفسهم حُباً
وَمَحفوفة الهَدبين مِن كُل مُسلم / تَودُّ لَهُ لَو أَنَّها تفرش الهدبا
دَعوناه مستسقين أَيام لَم نَجد / قَليبا وَلا عَيناً تُذاق وَلا سُحبا
فَأَجرى لَنا ماء الفُرات بعزمه / وَكُنا ظِماء لا نبلُّ بِهِ قَلبا
وَكُنا كَأعراب المَفاوز حقبة / مِن الدَهر في دَيمومة تعطش الضَبا
إِذا عَبَّ مِنّا عاطش في مَنامه / بِماء حَسدناه عَلَيهِ وَما عَبّا
وَأَن قالَ مِنا مخبر سَوف نَحتَسي / فُراتاً عَدَدنا كُلما قالَهُ كذبا
إِلى أَن أَغاثتنا الحَميدية الَّتي / عَلا ماؤها سَهل الغَريين وَالهَضا
وَشَقَت جِبالاً لَو تُقاس صِغارُها / بِرَضوى لَكانَت في ترفعها أَربى
نَرى شَقها صَعباً وَلَكن همة / لِسلطاننا ما غادرت مَطلَباً صَعبا
هُوَ اليَوم حامي بَيضة الدين عِن عِدىً / تَمَنت جهاراً لَو تَصيح بِهِ نَهبا
حسام هدى قَد أَرهف اللَه حَده / فَأَحكَمه مَتنا وَحدده غَربا
غَزا المُشركين الناكثين لِعهدهم / فجاهَدَهُم حَرباً وَناجَزَهُم ضَربا
وَعَبّا جُيوش المُسلِمين وَرَبهم / مُسومة الأَملاك في نَصرهم عَبّا
فَأَبعد عَن دار الهُدى كُل مُشرك / كَصاحب ذود ذاد مِن حَوضه الجَربا
بِسَيف بِأَمر اللَه يَخترم العِدى / وَرَأي بِعون اللَه يَخترق الحجبا
تَدور رَحى الإِسلام تِلقاء ساحة / بِها المَلك الغازي وَكانَ لَها قُطبا
رَعانا عَلى بُعد فَبتنا بِأَمنه / وَما ذعرت مِنا بزاة العِدى سربا
لَقَد كَفل الأَرض البَسيطة عَدله / وَأَكفَلَها مِنهُ العَواسل وَالقَضبا
بِحَيث بغاث الطَير لَم تَخش أَجدَلا / وَشاة الفَلا في القَفر لَم تحذر الذئبا
نَرى عِشر كَفيَّهِ كَعشر سَحائب / بِناحية الإِسلام ما تَركت جدبا
تَزيد عَلى أَمواله نَفقاته / وَلَو كُل ما تَحتَ السَماء لَهُ يجبى
وَلَيسَ يَبيت اللَيل إِلا مُفَكِراً / بِأَمر بِهِ يَرضي الرَعيّة وَالربا
فَمن مبلغ عَبد الحَميد تَشكراً / لِأَلطافه وَاللطف كان لَهُ دَأبا
بَنو النَجف الأَعلى غَدوا عتقاءه / مِن الكَرب لَمّا عَنهم فَرَّج الكربا
بِنهرين قَد أَصغى لَهُم ماء واحد / وَآخر قَد صَفوا حَدايقه الغَلبا
وَقَد عَلمت بَغداد أَن وَزيرها
وَقَد عَلمت بَغداد أَن وَزيرها / غَدا لإِمام العَصر أَسرَع مِن لَبّا
بِهِ مَهدت أَرض العِراق كَأَنَّما / يَد المُلك مِنهُ جَردت صارما عَضبا
وَأخصب واديها وآمن أَهلَها / فَطبَّقها عَدلاً وَأغدقها خصبا
وَضيَّق في أَهل الشَقا واسع الفَضا / فَما طَرَحوا إِلّا عَلى رَيبة جَنبا
لَقَد شَحن القَطر العراقي جُنده / فَكانَ كَغاب يَجمَع الأسد الغلبا
لِأَن فاتَهُ سن الشَباب فَطالَما / أَعيد لَهُ إِن أَوقدت يَدهُ حَربا
لَو أنَّ سُليمان الزَمان أَصاره / أَميراً بِوادي النمل ما نمله دَبّا
خُذوها وَلم أَبلغ عَلى مَن مدحته / وَلو كُنت نَظّمت الكَواكب وِالشُهبا
قُريشية في وَحي فكري أَرسلت / وَما سؤلها إِلّا المَودة في القُربى
لَقد صدّقت أَبياتها وَهِيَ عَذبة / إِذ الناس في تاريخها شَرِبوا العَذبا
سر حَيث شئت فأن حظك غالب
سر حَيث شئت فأن حظك غالب / وَالنَصر مِن رَب السَما لَك صاحب
وَاركَب عَلى اسم اللَه إِنكَ راجع / بعداك أَسرى وَالخُيول جَنائب
حاشاك مالك في الغَنائم رَغبة / بَل أَنتَ في عز العَشيرة راغب
هب إِن سَيفك أَلف ذود ناهب / فندا يَمينك ضعف ذَلِكَ واهب
وَجه بوجهك حَيث شئت فَما بَقى / مِن دُون وَجهك في القَبائل خاضب
وَبِكُل واد قَد صنعت وَليمة / لِلطَير يَحضرها العقاب الغائب
وَاليَوم حائمة الطُيور تَباشَرَت / بِالخَصب مُذ عَرفتك إِنكَ راكب
إِن قابلتك قبيلة وقع الرَدى / فيها وَداس عَلى القَتيل الهارب
لم لا تذلُّ لَكَ القَبائل كُلَها / وَتراع مِنكَ مَشارق وَمَغارب
وَاللَه عَونك وَالسُيوف قَواطع / وَالجُند شمَّر وَالخُيول نَجائب
خَيل إِذا تَنساب فَهِيَ أَراقم / أَو شالت الأَذناب فَهيَ عَقارب
مَهما جَرَت حجب السَماء عجاجها / فَكأنَّما هِيَ عارض متراكب
أَحلى لَديك مِن السَرير تحلُّه / لِلحَرب أَمّا صَهوة أَو غارب
وَألذُّ عِندك مِن سَماح وَمائه / هَيجاء مِنها كُل ريق ذائب
لَكَ مذهب حب الكفاح وَإِنَّما / لِلناس فيما يَعشَقون مَذاهب
إِن أَنتَ صبَّحت العَدو بِغارة / قامَت عَلَيهِ مَع العشيّ نَوادب
مَن قالَ إِنكَ خَير مَن نَزل الفَلا / عزاً وَمكرمة فَما هُو كاذب
وَاديك يسقي وَالوهاد عَواطش / وَحماك يَضحك وَالسُنون قَواطب
بالراسيات كَأَنَّهن أَجارع / وَالمشرقات كَأَنهن كَواكب
لا أَختشي زَمَني وَوَجهك سالم / وليّ الفَتى عَبد العَزيز مصاحب
قرَّت بِهِ عَين الأَمير فَأَنَّهُ / لِيمينه مثل المهند صائب
عشق العُلى قَبل البُلوغ وَماله / بِسوى العلى وَالمكرمات مآرب
يَصطاد بِالسَيف الأَسود وَإِنَّما / صَيد المُلوك أَرانب وَثَعالب
يا مَن يُحاول ثانياً لمحمد / إِن كُنت في سند فطيفك كاذب
ما البَدر في الأَفلاك إِلا واحد / إِن رُمت ثانية فَعقلك ذاهب
كُل امرء يَعني بِكسب مَعيشة / وَرجال شمَّر بِالرِماح كَواسب
اللَه صَيَّر رزقهم بِرماحهم / لَم يَسألوا مِن غَيرِها وَيطالبوا
مثل الأُسود مَتى تَجُوع تكفلت / بِالقُوت أظفار لَها وَمخالب
أَنا يا محمد بِالمديح مواظب / فاسلم وَأَنتَ عَلى الجَميل تَواظب
لازلت تَمنحني العَطاء وَإِنَّني / شُكر الجَميل عليَّ فَرض واجب
الحَمد لِلّه كَم لِلشَرع نُواب
الحَمد لِلّه كَم لِلشَرع نُواب / إِن سدَّ باب لَه يَفتحن أَبواب
فَكَم بِهِ قاطن بَعد الأولى ظعنوا / وَكَم بِهِ نائب بَعد الأَولى غابوا
وَكَيفَ لَم يَلقَ لِلباقين مقوده / وَهُم بخدمته شبُّوا كَما شابوا
ملكت فكرتي بكار المَعاني
ملكت فكرتي بكار المَعاني / وَإِلى الآن ما ملكت كِتابا
هب زمان الصبا استقل وَغابا
هب زمان الصبا استقل وَغابا / أَعلى المَرء سبَّة أَن تصابي
إِنَّ في القَلب أَريحية حبّ / لزمتني مِن يَوم كُنت شَبابا
شاب صَفو الوداد كُل خَليل / لي لَما رَأى قذالي شابا
عبن مني المشيب وَهوَ وَقار / لا تَرى المَرء في سِواه مهابا
إِن لَون البزاة يَنفر مِنهُ الر / ريم خَوفاً وَلَيسَ يَخشى الغَرابا
وَحَقكُم ما ازورَّ لي عَنكُم جَنب
وَحَقكُم ما ازورَّ لي عَنكُم جَنب / وَلا حلن أَحوالي وَلا انقلب القَلب
صَبَوت إِلَيكُم قَبل أَن أَعرف الصبا / وَما كُنت لَولا طَيب إِحسانكُم أَصبو
رايتَكُم أَحنى وَاعطف مِن أَبي / عليّ وأوفى الصَحب إِن خانني الصحب
فَقُلت لِنَفسي ههنا وَيحك احبسي / فَهذا المَكان الرَحب وَالمنزل الخصب
صَبَرت عَلى ما فيكُم مِن شَراسة / وَقُلت بِطُول العتب قَد يُفسد الحُب
وَلا عَجب مِنكُم فَفي الراح سُورة / وَمَن كَدر لا يسلم البارد العَذب
وَيَعجبك السَيف الصَقيل وَقَد يَنبو / وَيَجري بِكَ الطرف الجَواد وَقَد يَكبو
عَلى كُل حال لا أَحول وَأَنتُم / أَحبَّة قَلبي لِأَملال وَلا عَتب
دَع كَثير الجَوى وَخلِّ الوَجيبا
دَع كَثير الجَوى وَخلِّ الوَجيبا / وَانتشق مِن نَسيب حَيدر طيبا
فَجَميل إِلى إلهنا أَن تَجيبا / نَفحات السُرور أَحيت حَبيبا
فَحبتنا مِن النَسيب نَصيبا /
باكرتنا بَشيرة بالتهاني / نسمات سرت مِن النعمان
أنعشت مِن ذوي الهَوى كُل فاني / وَأَعادَت لَنا صَريع الغَواني
يَستَرقُّ الغَرام وَالتَشبيبا /
أنشقتنا بِالخيف نشر رَبيع / يَشتَفي فيهِ كُل صَب وَجيع
وَحَمام الحِمى بِسجع بَديع / غادرتنا نجرُّ رجل خَليع
غَزل كَالصبا يَعد المشيبا /
حَبَّذا أَنسنا بِأَطيب أَرض / بَينَ آس زَهى وَنَرجس رَوض
حَيث عَين الزَمان مِن بَعد غَضِّ / نعمتنا بناعم القَد غَض
قَد كَساه الشَباب بَردا قَشيبا /
كَم نَشَرنا مطويَّ شَوق إِلَيه / فَثَنى عَن وَصالنا عارضيه
وَمُذ العَتب رَقَّ مِنا لَديه / زارَنا وَالنَسيم نمّ عَلَيه
فَكَأن النَسيم كانَ رَقيبا /
جاءَنا في الدُجى وَأَبدى المحيّا / فَحسبنا الشُموس ضاءَت عَشيّا
وَسَعى مِنهُ بَيننا بِالحميا / رَشأ عاطش الموشح ريا
إن بماء الصبا يَميس قَضيبا /
أخجل النيرين لما تَجلى / بِمحيا قَد راق حُسناً وَشَكلا
بَدر حسن لَم يَحكه البَدر كُلا / ما نَضى برقع المحاسن إِلّا
لَبس البَدر لِلحَياء الغُروبا /
صَبغت خدَّه الطلا فاستنارا / مِثلما أَوقدت يَد البَرق نارا
أَي وَخد بِوصفه الفكر حارا / لِو رَأَت نار وَجنَتيهِ النَصارى
عبدت كَالمَجوس مِنها اللَهيبا /
لا وَلا لِليَهود يُعرف سَبت / وَلنار المَجوس لَم يَبق بَيت
إن يَقل راهب لَها لا سَجدت /
أَولحاها قسسها لأَتت تو / قَد فيها ناقوسها وَالصَليبا
أَغيد يَعذب الهَوى بلقاه / شَهدة النَحل تَجتَني مِن لماه
بأَن عذري مَهما أَزد في هَواه / كَم لحاني العَذول ثُم رآه
فَغدا شَيّقا إِلَيهِ طروبا /
وَدَعى مَن يُحب تِلكَ الخُدودا / عاش في لذة الهَوى مَسعودا
فَتَولى صَبا وَزادَ وُقودا / جاءَني لائِماً فَعادَ حَسودا
ربّ داء سَرى فَأعدى الطَبيبا /
فاعد يا مُدير صَرف الحَميا / أَنت نَبهت لِلتَصابي وَعيّا
ذكر ريم قَد أَهلت كَثب رَيا /
يا نَديمي أطرَبت سَمعي بلميا / ء وَيا رَب زدتَني تَعذيبا
زنت خَلق السَما بِكَف خضيب / لَيسَ يَحمى عَن شاحط وَقَريب
وَإِنا لي أَن تُومي كَف حَبيب / لي فيها جَعلت أَلف رَقيب
وَلشهب السَما جَعلت رَقيبا /
ذات خَد يَزهو وَإِن لَم تَزنه / ذات وَرد تَحكي الشَقائق عَنه
ذات عَهد لشق لَم تَخنهُ / ذات قَد تَكاد تَقصف مِنهُ
نَسمات الدَلال غُصناً رَطيبا /
حُبُّ ذات الوِشاح خامر لبي / وَبِها قَد شجبت مِن دُون صحبي
يا نَديمي وَحُب لَمياء دَأبي / فَأعد ذكرها لِسَمعي وَقَلبي
كادَ شَوقاً لذكرها أَن يَذوبا /
كَم رَشفنا يَوم اللقا سَلسَبيلا / وَشَفينا بِالغانيات غَليلا
حَيث لا نَبتَغي بلميا بَديلا / كَفلا ناعِماً وَطَرفا كَحيلا
وَحشاً مخطفا وَكفّاً خَضيبا /
أَخجل الياسمين مايس قَدٍّ / مثمر لِلهَوى أَعاجيب وَرد
فكزهر الأَكمام بَهجة نَهد / وَكوشي الرِياض وَجَنة خَد
يَقطف اللَثم مِنهُ وَرداً عَجيبا /
كُلَّما همَّ عاشق بِجناه / أَرسل الصَدغ عَقرَبا فحماه
وَرد خَد طابَ الهَوى بِشَذاه / كُلَّما طلَّه الحَيا بِنداه
رش ماء فبلَّ فيهِ القُلوبا /
يا شَهيّ الرِضاب أَضنيت حالي / حينَ أَحرَمتَني نَعيم الوِصال
يا قَريباً لَولا اشتباك العَوالي / يا بَعيداً أثمرن مِنهُ أَعالي
غُصن القَدّ لي عَناقا قَريبا /
لم تَزل وَالظبا بِأَطيَب كَثب / مُستلذا مِن النَسيم بِعَذب
يا غَزالاً زَهى بِهِ كُل سرب / لَم تَزل تَألف الكَثيب وَقَلبي
يَتمنّى بِأَن يَكُون الكَثيبا /
صاحَ داعي هَواك وَالنَفس لَبَّت / وَلَظى الشَوق في الجَوانح شَبَّت
فَأَنا الصب كُلَّما الريح هَبَّت / أَو بَخديك عقرب الصدغ دَبت
بِفُؤادي لَها وَجدت دَبيبا /
قَد وَجَدت الهَوى قَليل المعاون / فَتخلصت يا بَديع المَحاسن
وَأَنا فيكَ لَستُ بِالمُتهاون / أَنتَ رَيحانة المشوق وَلَكن
جاءَنا ما يَفوق ريّاك طيبا /
ما تَرى الكَون يَزدَهي جانباه / وإمام الهُدى يرفّ لِواه
إِن تَكدر خَواطر لعداه / فَلَنا عَن محمد بشذاه
نَسمات الإقبال طابَت هَبوبا /
جاءَ يَعدو بَشيره فاستبقنا / لِفَتى مِنهُ بَرق قدس رمقنا
لفَّنا شَوقه فَلمّا اعتنقنا / نفحتنا أعطافه فانتشقنا
أرجا عطَّر الصِبا وَالجُنوبا /
رحب البَيت مُذ سَعى وَهُوَ حافي / وَاقتفته الأَملاك عِندَ الطَوافِ
وَهُوَ مُذ جاءَ فَوقَ بَدن خفاف / أَكثرت شَوقَها إِلَيهِ القَوافي
فَأَقلَّت لِلمَدح فيهِ النَسيبا /
علم الدين إِنكم حَيث كُنتُم / أَشرَف الخَلق سرتم أَم قطنتم
لم يَخف مهتدٍ بِما قَد سننتم / لحظات الإِله في الخَلق أَنتُم
وابن رَيب مِن رَدَّ ذا مستريبا /
كَم سَبقتُم إِلى العُلا وَرهنتم / وَانفردتم بقصبة الفَخر أَنتُم
خفَّ لِلصَيد جانِباً إن وَزنتم / وَمتى تنتظم قنا الفَخر كُنتُم
صَدرَها وَالكِرام كانوا كعوبا /
أَصبَح المَجد وَهُوَ داني الظلال / وَهمى في البِلاد غَيث النَوال
وَتَداعوا عَلى رِياض الكَمال / بَردت بِالهَنا ثُغور المَعالي
فَجَلى الابتسام مِنهُ الغُروبا /
شَبَّ دَهر مِن بَعد ما قَد تشيخ / وَبِطيب الإقبال زَهواً تضمخ
أَصبَح الكَون وَهُو يدعو بخٍ بخ / وَوُجوه الأَيام قَد أَصبَحَت تَخ
طب زَهواً وَكُنَّ قبل خطوبا /
فَغَدا الدين وَهُوَ باسم ثغرٍ / بِقدوم الهداة سادات فَهر
وَوُجوه الكِرام مِن كُل قُطرٍ / ضحكت بَهجة بِلامع بشر
لَم يَدع لِلتَقطيب فيهِ نَصيبا /
نَزلوا في حِمى الوصي فأَوحش / مَنزل كَم زَهى ببشرهم الهش
بشرهم شَمسنا إِذا الدَهر أغطش /
لَيت شعري أَكانَ للنجف الأَش / رف أَم لِلفَيحاء أَجلى شحوبا
زَهَت الأَرض وَالغياث أَتاها / وَالغريُّ اِزدَهى بقرة طَه
أَدرَكت فيهم المُلوك مُناها / فَتَعاطَت عَلى اِختِلاف هَواها
ضَربا هذه وَتلكَ ضَريبا /
ما دَعَوناك يا أَنيس التَوحش / لِمدام مِنها المَفاصل ترعش
فَبصفوٍ ما فيهِ شائِبة الغُش /
فِأَدر لي يا صاحِبي حلب البش / ر المصفى وَاترك لِغَيري الحَليبا
يا أَبا صالح وَفيك تَهنىَّ / قُبَّة الفَخر إذ لَها كُنت رُكنا
وَسعت كَفك الخَلائق مِنّا / أَيُّها القارم الَّذي تَتَمنى
كُل عَين رَأَته أَن لا يَغيبا /
لَم تَزل في الحِجاز كَهفاً وَظلا / فَجَبلا تَدني وَتؤوي جَبَلا
هَكَذا أَنتَ محرما أَو محلا / كُل فَج لَم تَرتَحل عَنهُ الا
وأقمت السَماح فيهِ خَطيبا /
لَكَ خيّم لَها الرَكائب تَأوي / كُل فَج يَروق فيها وَدوى
لَم يَطق جحد ما ادعيت عَدوي / قَد شَهدن الفجاج أَن بِتَقوي
ضك للجود في الفَلا تَطنيبا /
فَبِكَ الكَعبة انبرت تَتَباهى / إذ خَليل الرَحمان فيكَ بَناها
فَرحت فيكَ مُذ نَزلت حِماها / قَد بَذَلت القرى بِها وَسَقاها
بِكَ رَبُّ السَماء غَيثاً سَكوبا /
فَاهنأ اليَوم إِنَّما الأَمر أَمرك / يَفعل الدَهر ما يَشاء وَيَترك
كُل ملك كَالعبد حَولك يَبرك /
يا اِبن قَوم يَكاد يُمسكها الرك / ن كَما يَمسك الحَبيب حَبيبا
جئته وَالحَجيج خَلفك تَتَرى / فَغَدَت تَستَطيل مَكة فَخرا
يا كَريماً سَمى بِهِ البَيت قَدرا /
بِكَ باهى مَقام جَدك إِبرا / هيم لَما إِن قُمت فيهِ مُنيبا
جاوَبتك البِقاع غَرباً وَشَرقا / حينَ نادَيت رَبي لَبيكَ حَقا
لَو تَطيق التِلاع حَيَّتك شَوقا / وَلَو أَنَّ البِطاح تَملك نطقا
لَسمعت التَأهيل وَالتَرحيبا /
كادَ بَيت الخَليل شَوقاً يؤمك / حينَ أَهدى لَهُ شَذا الطَيب جسمك
وَالرُبوع التي بِها كان قَومك /
مِنكَ حيَّت عمر العلا ذَلِكَ المك / ثر للضيف زادَهُ وَالمَطيبا
يا بَهياً مِنهُ الشَمائل شاقَت / وَلَهُ طَلعة عَلى الشَمس فاقَت
كُل نَفس بِالبَيت نَحوَك تاقَت / وَارتها شَمائل لَكَ راقَت
إِن شَيخ البَطحاء قام مُهيبا /
أيقن الناس مِن هبات تَوالَت / عاد ذو الرحلَتين وَالأَرض سالَت
فَلذا مَكة سَمت وَاِستَطالَت / وَاستهلت طَير السَماء وَقالَت
مشبع الطَير جاءَ يَطوي السُهوبا /
أَنتَ فيها مِن شَيبة الحَمد أَولى / إِذ تَعديت فيهِ فَضلاً وَطُولا
وَلِهَذا مِن ذاكَ أَنشأ قَولا / إِن هَذا لَشيبة الحَمد أَولا
فابن من سادَها شَباباً وَشيبا /
رجع الدين مثل ما كانَ أوَّل / بابي صالح الإِمام المؤمل
فَكَأن الإِسلام لم يتبدل /
شَرَفاً يا بَني الإِمامة قَد أل / لَف مهديُّها عَليها القُلوبا
كَم دَعى الشرك ملة فَأَجابَت / وَعَلى دَكة القَضاء اِستَنابَت
خَسرت صَفقة العتاة وَخابَت / وَإِلَيهِ رِياسة الدين آبت
وَقصارى اِنتِظارها أَن تُؤوبا /
عَرفته الأَيام مُذ جَربته / ثاقب العَزم فَترة ما عَرته
جُودة الرَأي في الوَرى سَددته / كُلما عن مشكل حضرته
فكرة فيهِ أَطلعته الغُيوبا /
ذو جلاد عَلى الرَدى لَيسَ يَلوى / مِن خَطوب يَسيخ مِنهن رَضوى
أَفضل العالمين علماً وَتَقوى /
أَحزم العالمين رَأياً وَأَقوا / هُم عَلى العاجمين عوداً صَليبا
كُل سام لِشان وَلدك يَنحَط / وَهُم اليَوم قطب دائرة الخَط
ما اِستَنارَت شَمس عَلى مثلهم قَط /
يا أَبا الأَنجُم الزَواهر في الخَط / ب بِقَلب الحَسود أَبقوا ثقوبا
فَهُم لِلصَريخ أَبناء شَده / وَلقلب الضَعيف كنز وَعدَّه
كُل سَمح اليدين يَسعف وَفده /
حلف المَجد فيكَ لا يَلد الده / ر لَهُم في بَني المَعالي ضَريبا
زعماء الوَرى أَولو العقد وَالحل / وَبحور النَدى إِذا العام أَمحَل
وَبِهُم يَقطَع الخِطاب وَيفصل /
لَيتَ شعري هَل الصَوارم أَم ال / سنهم في الخِصام أَمضى غُروبا
لَو ت تَدلى إِلى قراهم اخوطيّ / لانثنى باهِتاً وَادرَكَهُ العي
لَيت شعري في الوَرى مثلهم حَي /
وَالغَوادي للعام أَضحك أَم أي / ديهم البيض إِن دجت تَقطيبا
أَنتَ حَقا أَورثَتهُم خَير فهم / صائب رَأيهم بظنّ وَوَهم
لا تَخف مِن آرائهم طَيش سَهم / إِن مِن عَن قسي رَأيك يَرمي
لجدير سهامه أَن تصيبا /
يا مَجداً قَد راحَ بِالقَفر يَنجو / إِن رَماه قَفر تَلَّقاه فَجُّ
فَزت إِن كُنت جَعفر الجُود تَرجو /
خَير ما اِستغزر الرَجا جَعفر الجُو / د وَناهيك أَن ترود وَهوبا
راحتاه حَوَت سَحائب عَشرا / لَم تَصلها البُحور صغرى وَكُبرى
أَي وَكفيهِ وَهِيَ بِالجُود أَحرى / لَو بصغرى البَنان ساجل بَحرا
لَأَرى البَحر أَن فيهِ نُضوبا /
وَقِرٌ وَالمَديح قَد يَستفزه / وَنَسيم الإِطراء دَوما يَهزه
شَيب في رقة الظَرافة عزه /
أَريحي أَرق طَبعاً مِن الزَه / ر المندى باكرته مستطيبا
أَنشأ الفكر في علاه اِمتِداحاً / فَثَنى التيه مِنهُ غُصناً رداحا
هُوَ طود رزانة وَرجاجا / عَجَباً هَزهُ المَديح اِرتِياحا
وَاهتِزاز الأَطواد كانَ عَجيبا /
هُوَ لِلجُود صالح لم يُساجل / وَجَميع الكَمال فيهِ تَكامل
هُوَ في مجلس الكِرام إِذا حَل /
أَطيب الناس مئزراً وَوراء ال / غَيب أَنقى عَلى العَفاف جُيوبا
تاجه يَستَنير مِن فَوق صَدغ / لَو رَأى الشَمس لَم تعاود لبزغ
يا نَديمي إِني دَعوتك فَاصغي / قُل لِمَن رامَ شَأوه أَينَ تَبغي
قَد تَعلقت ظَنَّك المَكذوبا /
كَم تَطيلون غَيَّكُم وَعماكم / فَإِلَيكُم عَن صالح وَوَراكم
أَو ما في الحسين ما قَد نَهاكُم / وَتَرمون نَيراً قَد سَماكُم
إِن تَطيلوا وَراءه التَقريبا /
كُلَهُم ذو مَآثر تَتَبلج / وَسَجايا مِن طيبها الكَون يَأرج
أَهل بَيت فيهِ الشدائد تُفرج /
سادة لِلعُلا يرشحها المج / د وَليداً وَناشِئاً وَرَبيبا
رَكبو أَغارب السُعود وَجدوا / وَنَحوَها لِغاية لا تُحدُّ
فَهُم حَيثما المَعالي تَود / سَمروا في قباب مَجد أَعدُّوا
حارسيها التَرغيب وَالتَرهيبا /
كَم أَشادوا بِوافر الجُود مَجداً / وَسِواهُم أَعطى فَتيلاً وَأكدى
لا تحيّ الَّذي عَن الوَفد صَدا / حَي بسّامة العَشي تَفدّى
بوجوه كَم قَد دَجَت تَقطيبا /
مِن رآها أرته شؤماً وَنحسا / وَاستردت مِن يَأمل الخَير نَكسا
شهن تِلكَ الوُجوه تَبّاً وَتَعسا / كَم دَعاها الرَجا فَأَنشد يأَسا
مِن سَجايا الطُلول أَن لا تُجيبا /
قَد أَضعنا في مَدحهم قُرطاسا / فَأَدر لي وَاهج الأَعاجم كاسا
كان وَسم المَديح فيهم غَريبا / لا عدا ميسم الهجاء أُناسا
فَكَسونا مِن التَشكي لِباسا /
أَنا عِندي مِن غَير حَظ تَعسف / وَالغِنى بِالجُدود لا بِالتَكَلف
كُل قَلب بِالمال يَقوى وَيَضعف /
صبغ اللَه أَوجه البيض وَالصف / ر بِحَظ الَّذي يَكون أَديبا
كَم لَئيم بِها تَنعم دَوماً / وَكَريم لَم يُلفِها الدَهر يَوما
نَحنُ لمنا لَو تَسمع الصفر لَوما / كَم أَعارت مَحاسن الدَهر قَوما
مَلأوا عَيبة الزَمان عُيوبا /
لا تَفيق الحُظوظ مِن طُول نَوم / فَجُفون الجفاة يَوماً بِيَوم
يا مجيلا خَيل المَديح لسوم / فَأَعدلي وَدَعهم ذكر قَوم
لَكَ مَهما نَشرته اِزدادَ طِيبا /
ما بَلغنا وَفاء صدق الإِخاء / بِثَناكُم يا عترة الأمناء
جئت في عذر مفلق الشعراء / عترة الوَحي ما أَقلَّ ثَنائي
إنَّ ظهر الإِنشاد لَيسَ رَكوبا /
لا وَإيمانَكُم وَحسن السَجايا / وَاكف عودتموها العَطايا
ما تلجلجت مُنشداً في البَرايا / بَل بصدر القَول ازدحمن مَزايا
كَيف ضيَّقنه وَكانَ رَحيبا /
بلَّ رَوض الكَمال وَبَل نَداكُم / وَاِزدَهى قَولَنا بِنُور عُلاكُم
جئتكم ناسِجاً لِبَرد ثَناكُم / فَبثوب الزَمان لَيسَ سِواكُم
فَالبسوه عَلى الدَوام قَشيبا /
عَلامَ دُموع أَعيننا تَصوب
عَلامَ دُموع أَعيننا تَصوب / إِذا لِحَبيبه اِشتاقَ الحَبيب
وَفيمَ نَضيق بِالأَزراء ذرعا / وَفي الجَنات مَنزله رَحيب
أَصابَكَ يا حَبيب اللَه حَتف / أَصيب بِهِ القَبائل وَالشُعوب
وَحادَكَ لِلرَدى سَفر بَعيد / يُؤوب القارضان وَلا يؤوب
أَقم وَاللَه جارَك في ضَريح / موسدة بهِ مَعك القُلوب
وَأَبناء العُلوم عَليك لابَت / كَسرب قَطا عَلى وَرد يَلوب
ألا لا حانَ يَومك فَهُوَ يَوم / عَلى دين الهُدى يَوم عَصيب
بُكاك المنبر السامي علاء / كَأَنَّك فَوقَ ذروته خَطيب
وَتَلتقف الأَفاضل مِنكَ وَحياً / بِهِ لَكَ يَهبط الفكر المصيب
نَظرت بِنور رَبك كُل غَيب / فَكانَت نَصب عَينيك الغيوب
تَرى العلماء حشدا وَاحتفالاً / لِتَعرف كَيفَ تَسأل أَو تُجيب
كَأَنَّهُم لَديك رِفاق شُرب / تُدار عَلَيهُم مِن فيك كُوب
إمام زماننا مذ نبت عَنهُ / حَسبنا أَنَّهُ ظهر المَنوب
ولو لَم تحرس الإِسلام أَضحى / يَعلّق بَينَ أَعيُنِنا الصَليب
لَئن شقت عَلى المَوتى جُيوب / فَحَق بِأَن تَشق لَكُ القُلوب
سَترت عُيوب هذا الدَهر حيناً / فبعدك ملء عَيبته عُيوب
وَكُنت بَقية الحَسنات مِنهُ / فَبعدك كُلما فيهِ ذُنوب
نَشرت العلم في الآفاق حَتّى / طَوى أَضلاع شانئك الوَجيب
تَساقط حكمة فَتطير فيها / إِلى الناس الشَمائل وَالجنُوب
قَضيت العُمر في تَعب وَجُهد / وَما نالَ المُنى إِلا التعوب
فلم يَرقدك عَن علم شَباب / وَلم يقعدك عَن نفل مشيب
وَتَترك ما يَريبك كُل حين / مجاوزة إِلى مالا يريب
لَوَ أنَّ شَعوب يِدفعها عِلاج / لَما ذهبت بِبقراط شعوب
إِذا الأَجل المتاح أَصابَ شَخصاً / فَلا عَجب إِذا أَخطا الطَبيب
أروّاد العُلوم ألا أقيموا / بِيأس إن مرتعه جَديب
فَقَد وَاللَه قشَّع مِن سماه / ضَحوك البَرق وَكَّاف سَكوب
وَإِن خَصيب هذا المصراودي / فَلا مَصر هُناك وَلا خَصيب
ألا يا دهر مِنكَ خَطب / عَلَينا فيهِ هَونت الخُطوب
فَبعد صَنيعك ارم لا نبالي / اتخطئنا سِهامك أَم تُصيب
فَيا صَبراً أمام الناس صَبرا / فَكُل الناس مِثلك قَد أصيبوا
بلاء عمَّ وَالأَمثال قالَت / إِذا ما عَمَت البَلوى تَطيب
إِلَيكَ الدَهر قَد أَلقى زِماماً / فَقُد يَنقد كَما اِنقادَ الجَنيب
لَقَد صَدق المخيلة مِنكَ بشر / يَلوح وَراءه كَرم وَطيب
وَبشر سِواك كان لَهُ شَبيهاً / سَراب القاع وَالبَرق الخَلوب
لَقَد كَرمت طِباعك في زَمان / بِهِ كَرم الطِباع هُوَ العَجيب
وَما أَعداك هذا الجيل بُخلاً / كَأَنَّك بَينَ أظَهرهم غَريب
فَما أَسفَرت في اللأواء إِلا / وَجاءَ بِوجهك الفَرج القَريب
تَخاف وَتَرتَجي دَوماً فَأَنتَ ال / فُرات العَذب وَالنار الشَبوب
فَفي بَذل النَدى غَيث ضَحوك / وَفي يَوم الوَغى لَيث قَطوب
أَغيرك تَطلب العَلياء كَفوا / وَمُنذُ وَلدت أَنتَ لَها رَبيب
أَقول لِمَن يُحاول أَن يُباري / علاك وَغره الأَمل الكَذوب
نعم سَتنال ما تبغي وَلَكن / إِذا ما عادَ للضرع الحَليب
سَقى جَدث الحبيب سحاب عفو / مِن الرضوان تلفحه الهَبوب
أَخي إِن الزَّمان لَهُ صُروف
أَخي إِن الزَّمان لَهُ صُروف / وَأَعظمها مفارقة الأَحبه
فَها أَنا بِالغريين وَلَكن / إِلى بَغداد نَفسي مشرئبة
حلفت بِمن أَترك وَهُم حَجيج / وَفي عتبات دارك وَهِيَ كعبه
كَأَنّي بَينَ إِخواني غَريب / وَدار لَست فيها دار غربه
ذكرت لَياليا قَد كُنت فيها / بقربك أَجتلي كاس المَحبه
لَقد شبَّهت وَجهك بَدر تمّ / وَلَكن الفَضيلة للمُشبه
أَقَمت وَقَلبي يَقتَفي أَثر الرَكب
أَقَمت وَقَلبي يَقتَفي أَثر الرَكب / فَما حال جسم قَد أَقامَ بِلا قَلب
سَروا والكعاب الرود بين رحالهم / كَأَنَّهُم ساروا مِن العَين في سرب
محجبة بَينَ الظُعون شُموسهم / بِغيم مِن السمر العَواسل وَالقضب
فَحامَت عَلى تِلكَ الثُغور حَشاشَتي / كَما حامَ حَران إِلى البارد العَذب
وَنَحت عَلى تِلكَ المَعاطف باكياً / كَما ناحَت الوَرقا عَلى الغُصن الرَطب
سَلام عَلى تِلكَ الظِباء وَإِن أَبَت / جآذرها الا النفار عَن الصَب
وَجازَينني عَن فرط حبيَ بِالجَفا / وَما العَدل أَن يُعطي الجفا بدل الحُب
يا مُنَى النَّفس أَنتَ بَهجة أَنس
يا مُنَى النَّفس أَنتَ بَهجة أَنس / لي في حالَتي حُضور وَغَيبه
لَو رَأى البَدر حسن وَجهك لَيلاً / عادَ مُستَخفياً ليستر عَيبه
صَدرك الرَحب يَشهد اللَه فيهِ / أَنَّهُ لِلنهى وعاء وَعَيبه
أَنا اَرجو الدنوَّ مِنكَ وَدهري / لَم يَزَل معقبا رَجائي خَيبه
فَهَنيئاً لَكَ المَقام بِأَرض / شَملتها مِن نُور جَدي هَيبه
فَعَلى أَحمَد التَحيات مِني / طَيبات ما دامَ مَأواه طَيبه