القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد شَوقي الكل
المجموع : 33
كانَ لِبَعضِ الناسِ بَبَّغاءُ
كانَ لِبَعضِ الناسِ بَبَّغاءُ / ما مَلَّ يَوماً نُطقَها الإِصغاءُ
رَفيعَةُ القَدرِ لَدى مَولاها / وَكُلُّ مَن في بَيتِهِ يَهواها
وَكانَ في المَنزِلِ كَلبٌ عالي / أَرخَصَهُ وُجودُ هَذا الغالي
كَذا القَليلُ بِالكَثيرِ يَنقُصُ / وَالفَضلُ بَعضُهُ لِبَعضٍ مُرخِصُ
فَجاءَها يَوماً عَلى غِرارِ / وَقَلبُهُ مِن بُغضِها في نارِ
وَقالَ يا مَليكَةَ الطُيورِ / وَيا حَياةَ الأُنسِ وَالسُرورِ
بِحُسنِ نُطقِكِ الَّذي قَد أَصبى / إِلّا أَرَيتِني اللِسانَ العَذبا
لِأَنَّني قَد حِرتُ في التَفَكُّرِ / لَمّا سَمِعتُ أَنَّهُ مِن سُكَّرِ
فَأَخرَجَت مِن طَيشِها لِسانَها / فَعَضَّهُ بِنابِهِ فَشانَها
ثُمَّ مَضى مِن فَورِهِ يَصيحُ / قَطَعتُهُ لِأَنَّهُ فَصيحُ
وَما لَها عِندِيَ مِن ثَأرٍ يُعَدُّ / غَيرَ الَّذي سَمَّوهُ قِدماً بِالحَسَد
لِدودَةِ القَزِّ عِندي
لِدودَةِ القَزِّ عِندي / وَدودَةِ الأَضواءِ
حِكايَةٌ تَشتَهيها / مَسامِعُ الأَذكِياءِ
لَمّا رَأَت تِلكَ هَذي / تُنيرُ في الظَلماءِ
سَعَت إِلَيها وَقالَت / تَعيشُ ذاتُ الضِياءِ
أَنا المُومَّلُ نَفعي / أَنا الشَهيرُ وَفائي
حَلا لِيَ النَفعُ حَتّى / رَضيتُ فيهِ فَنائي
وَقَد أَتَيتُ لِأَحظى / بِوَجهِكِ الوَضّاءِ
فَهَل لِنورِ الثُرى في / مَوَدَّتي وَإِخائي
قالَت عَرَضتِ عَلَينا / وَجهاً بِغَيرِ حَياءِ
مَن أَنتِ حَتّى تُداني / ذاتَ السَنا وَالسَناءِ
أَنا البَديعُ جَمالي / أَنا الرَفيعُ عَلائي
أَينَ الكَواكِبُ مِنّي / بَل أَينَ بَدرُ السَماءِ
فَاِمضي فَلا وُدَّ عِندي / إِذ لَستِ مِن أَكفائي
وَعِندَ ذَلِكَ مَرَّت / حَسناءُ مَع حَسناءِ
تَقولُ لِلَّهِ ثَوبي / في حُسنِه وَالبَهاءِ
كَم عِندَنا مِن أَيادٍ / لِلدودَةِ الغَراءِ
ثُمَّ اِنثَنَت فَأَتَت ذي / تَقولُ لِلحَمقاءِ
هَل عِندَكِ الآنَ شَكٌّ / في رُتبَتي القَعساءِ
وَقَد رَأَيتِ صَنيعي / وَقَد سَمِعتِ ثَنائي
إِن كانَ فيكَ ضِياءٌ / إِنَّ الثَناءَ ضِيائي
وَإِنَّهُ لَضِياءٌ / مُؤَيَّدٌ بِالبَقاءِ
بَيني وَبَينَ أَبي العَلاءِ قَضِيَّةٌ
بَيني وَبَينَ أَبي العَلاءِ قَضِيَّةٌ / في البِرِّ أَستَرعي لَها الحُكَماءَ
هُوَ قَد رَأى نُعمى أَبيهِ جِنايَةً / وَأَرى الجِنايَةَ مِن أَبي نَعماءَ
يوم أغر محجل الأنباء
يوم أغر محجل الأنباء / لعلاك تهنئتي به وهنائي
ظمأ البلاد غليك في هذى النوى / ظمأ النبات إلى الغمام النائى
شوّقتها حتى إذا أظمأتها / قام السراب بها مقام الماء
عيدان فيها حين ناجت ربها / قالت له ثَلِّثهما بلقاء
إيدسن ماذا ترى في الكهرباء
إيدسن ماذا ترى في الكهرباء / أنت في الأرض فمن ذا في السماء
إن تكن تحكم في أزرارها / إنه في يده زر القضاء
كلما حركه في خلقه / ذهب العقل وجنّ العقلاء
فتأمّل هل ترى من حيلة / في سلوك مرسلات من ذكاء
قد حكيت الشمس حتى غضبت / من نحاس تجعل الصيف شتاء
من رآها قال قد سخّرها / لك من سخرها للأنبياء
لُعبة الناظر في غرفته / أم أفاد العلم أم أجدى الثراء
يا ملوك المال فيما زعموا / هل ملكتم خطرات من هواء
ليت لي الريح فسامتكمو / وأخذت الملك بيعا وشراء
أُشرك البائس في نعمائه / وأسوِّى القسم بين الفقراء
صدق الواهم منكم إنها / لهي الدنيا خيال وهباء
كل ما ساء وما سرّ بها / ينقضى بين صباح ومساء
بين المقطم والمقطم نسبة
بين المقطم والمقطم نسبة / في الثقل لا تخفى العقلاء
فصخور ذا وسطور ذا وكلاهما / متألف من صخرة صماء
لكن بينهما اختلافا بَيِّناً / كتباين الأفعال والأسماء
هذا حجارته إذا ما قُطِّعت / صلحت بجملتها لكل بناء
لكن ذاك سطوره ما سُطرت / إلا لهدم فضائل العقلاء
شكرتك في أجداثها الشهداء
شكرتك في أجداثها الشهداء / وترنمت بثنائك الأحياء
إن كان في تلك الجماجم ألسن / لم تبل فهي تحية ودعاء
أو كان ينبت ف يالتراب محامد / نبت الثنا لك منه والإطراء
حبست يتامى دمعها وأرامل / لما تنقل في القرى البشراء
وتقول كل حزينة في خدرها / ذهب القاسة وجاءنا الرحماء
فَمَن البشير إلى عظام في الثرى / دُفنت وطاف بها بِلىً وعفاء
بكر القضاء مقرّبا آجالها / إن الحياة أو الممات قضاء
ما فات من بؤس البسوس وشؤمها / أحيت مساوئ عهده الورقاء
طاحت نفوس في سبيل حمامة / دخلت عليها أيكها الغرباء
كان الدفاع مذلة وجبانة / ليت المداره يوم ذاك نساء
سُرعان ما ختم الدفاع القول بل / سرعان ما قتلت به البراء
خلت العشية في السجون أسِرّة / يا ليتها للظالمين وِطاء
هانت عليهم في سبيل رقيهم / مهج مضت مظلومة ودماء
قد أسرفوا في حكمهم وتعسفوا / ما شاء ذلكمو العميد وشاءوا
زرق الجلاليب الذين يحبهم / هم منه في حفر القبور براء
فعلت رعايته بهم ووداده / ما ليس تفعل بعضه البغضاء
أمع المشانق رحمة ومودّة / ومع السياط صداقة ووفاء
أسفرتَ عن فرج البلاد وأهلها / صبحَ الجلوس لك النفوس فداء
العفو غُرتك السنية في الورى / والحلم شيمة ربك الغرّاء
لما بدت منك السعود تمزقت / تلك القيود وأُطلق السجناء
مولاى مصر تجملت وتزينت / لجلوسكم فكأنها الجوزاء
الكهرباء من القلوب سرت إلى / أرجائها فأضاءت الأرجاء
وإذا القلوب صفت لمالك رقها / شفّت ونوّرها هوى وولاء
في كل مغدى موكب ومراحه / للنصر والفتح المبين لواء
حيت محياك الكريم شبيبة / مما غرست كريمة زهراء
هي موئل الآمال ما إن جازها / للملك والوطن العزيز رجاء
علمت بأن حقوق عرشك ف يالورى / حصن لمصر وعصمة ووقاء
وبأن سعيك كان سعى مجاهد / قد خانه الأعوان والنصراء
ودّوا مكانك للغريب إمارة / يأبى الغريب ونفسه السمحاء
ورعية لك في الممالك بَرّة / غمرتهمومن بيتك الآلاء
فعلُ العرابيين فرّق بيننا / بئس الفَعال وقبِّح الزعماء
من كل مفقود الشعور مذبذب / في بردتيه نميمة ورياء
إن كان منهم في البلاد بقية / فعلى البقية لعنة وبلاء
يا دولة الأحرار ما جاملتنا / إلا وفيك مروءة وسخاء
الخير عند للسلام مؤمل / والعون منك يرومه الضعفاء
إن النفوس كما علمت حرائر / كذب الأولى قالوا النفوس إماء
والشعب إن مل الحياة ذليلة / هان الرجال عليه والأشياء
لو تقدرين على الحياة وردّها / قلنا عليك الرد والإحياء
فاستغفري الله العظيم فإنما / لذنوبهم يستغفر العظماء
عارٌ فظائع دنشواى وسُبّة / غسلتهما هذى اليد البيضاء
الحق حجته هي الغرّاء
الحق حجته هي الغرّاء / هيهات في فلق الصباح مراء
لا يطلبنّ الغاية الشعراء / لو نال كنه جلالك الكبراء
آبت به سيناء والإسراء /
الوهم يبعد في الظنون ويقرب / والعقل فيك مسافر متغرّب
والفكر يهرب حيث أنت المهرب / والنفس غايتها إليك تقرّب
وقصارها في عفوك استذراء /
العقل أنت عقلته وسرحته / وأحرت فيك دليله وأرحته
آتيته الحجر الأصم ونحته / والنجم يَعبد فوقه أو تحته
ما توهم الغبراء والخضراء /
بالهند هلكي في الهياكل سبح / وبمنف كهان لكُنهك سبحوا
والروم غرقى في المحبة سبح / سقراط مغدوّ عليه مصبح
فيك الزعاف ومنه الاستمراء /
حيران يذهب في السماء ويبحث / ويثير وجه الأرض عنك ويبحث
ويلوذ بالأنواء حين تحثحث / ويحس ما هالوا التراب وماحثوا
بيد تميت العالمين وراء /
سلك السماء إلى سنائك معرجا / والأرض نحو كريم سرك مدرجا
والوهم فيك إلى الحقيقة مخرجا / علمته أخذ الأمور تدرّجا
أصل الحقائق كلها استقراء /
في الدهر إذ هو ناهض لم يَشرُخ / وإذ القدامى في حلوم الأفرخ
لمح الشقى يد العناية والرخى / خَفَضا الجناح لمستغاثُ مُصرِخِ
يُشكَى البلاء إليه والضراء /
موسى على سينين أعشى أرمد / هو والجبال وأرض مَديَن همد
ودنا فخر إلى الجبين محمد / ومحمد سليمان ووجهك سرمد
يعنو له الأملاك والأمراء /
بجلاله أضحى الجمال تعوّذا / وعدا الجمال على الجلال استحوذا
يأوى إلى سُبُحاته هذا وذا / وتطيف أصناف المحامد لّوذا
ماذا ينال المدح والإطراء /
بيمينك الملك الذي لا يحصر / خلت الممالك دونه والأعصر
وصحا الملوك من الغرور وأقصروا / كسرى وهارون الرشيد وقيصر
تحت التراب أذلة فقراء /
ولك القضاء غراره ومحزّه / لا شيء في هذا الوجود يَعزه
ترمى به ركن الثرى فتفزّه / تتناثر التيجان حين تهزه
وتمزَّق الشهباء والخضراء /
أما الملائكة الكرام فقبس / لبسوا الحلى الحسنى وأنت المُلبِس
وعلى التحية والثناء تحبّسوا / خشعوا فلم يجروهما أو ينبسوا
إلا كما يتخافت القراء /
ينزون بين مجنَّح ومريّيش / نزو الفَراش وما همو بالطُيّش
حول الضياء الحاشد المتجيش / ويجرّرون من الغلائل ما يشى
سر النعيم وتنسج السراء /
عرش على أم العلى منصوصه / من جوهر الحق المبين فصوصه
جبريل وهو به القديم خصومه / ملقى الجناح إزاءه مقصوصه
والرسل من أن يدَّعوه براء /
في منزل فوق الحساب وفرضه / عال على مسرى الخيال وقرضه
في طوله يفنى المكان وعرضه / ما في سماء الكون أو في أرضه
مرداء تشبهه ولا شجراء /
وكأنه نون يراعك خطها / قد وُفِّيت من حسن صوغك قسطها
لما أراد لك ابتداعك نقطها / أعلاك في السمت الأتم وحطها
قلم فأنت النقطة الزهراء /
العلم ثَمَّ ضنائنا وحفائظا / والعز ثم حقائقا وحفائظا
مجد أمات بك المُكابر غائظا / فأتاك مبذول المقادة فائظا
حيران ليس لدائه إبراء /
عن هذه الأنوار يعشى يوشع / فمن الرئيس وعلمه المتشعشع
أو من أرسطو المشاة الخشع / عصفت بهم وريح البلى فتقشعوا
ورحت رحاها فيهم الغبراء /
لبسوا النبوغ من العناية مسبغا / فتخيَّلوا وزها الذكاء النُّبغا
ما مَن أَدَلَّ بما وهبت كمى بغى / والناس ذو رأى وآخر ببَّغا
تَحكى وتُنقل عندها الآراء /
يا ربَّ مدنيً من حماك مشنَّف / ورهين إذن دون بابك مدنف
حارا من السر الخفى بنفنف / سرٌّ جلالك صانه فالسين في
يمنى يديه وفي الشمال الراء /
بحر المحبة فوق باع الزورق / والفلك إن تذهب ذراعا تخرَق
فاجعل شراعك فيه عينك وافرق / كم في تراقى الموج من يد مغرق
قُبِلت وأخرى حظها الإعراء /
كم آية لم يجدها المشرك / غراء بالبصر المجرّد تدرك
فلكٌ منوط في الفضاء محرّك / هل ثار فيه من الثوابت مبرك
أم عىَّ سيَّار به سراء /
ذو الرزمح فيه على وداد الأعزل / والفرقدان عن اللَّداد بمعزل
ويد الغزالة فوق أشرِف مِغزل / والبدر كلَّ ملاوة في منزل
حتى تحل شراكه العفراء /
النمل ينجد في المعاش ويتهم / عن أى رأسٍ أو فؤادٍ يفهم
لب يضل مكانه المتوهم / لولا يد تحدو وهاد ملهم
لم يبد منه الحزم والنكراء /
والرزق سر لم يُنَل مكنونه / ضنت به كاف السماح ونونه
كذب الحريص وحرصه وفنونه / ستعوده سوداؤه وجنونه
ما دامت البيضاء والصفراء /
فرعون لم يخلد ولا اشباهه / لم يغن عنه من النباء نباهه
ملأ أتاك عِتيُّه وسَباهه / نزلت على حم التراب جباهه
وكذا يكون الحكم والإجراء /
بالموت أذللت النفوس وبالهوى / وقهرت من وطىء التراب ومن هوى
والنجم لو سرت الحياة به هوى / وانحط عن أوج الهواء إلى الهُوَى
يبكى عليه الأهل والعشراء /
لم يأل داود الصلاة مثانيا / ويسوع دمعا والبشير مثانيا
وتنوَّر الوادى ربىً ومثانيا / فسما الكليم فما توسم ثانيا
أنَّى لك الشركاء والنظراء /
ما زلت أنزل بالحدائق والربى
ما زلت أنزل بالحدائق والربى / حتى نزلت حديقة الإنشاء
فسلوت بالفردوس كل أنيقة / أُنُف وكلَّ مجوده غناء
العلم في ظل البيان حَيالها / مثل الأزاهر في ظلال الماء
بوركتما من صاحبين تعاونا / إن التعاون أس كل بناء
لولا التعاون في الحضارة لم تطر / بِعِنان ارض أو جَناح سماء
ما أنتما للنشء إلا صورة / من ألفة وتعاون وإخاء
وخلائق الكتاب يظهر حسنها / ولربما انتقلت إلى القرّاء
شأنك والدمع والبكاء
شأنك والدمع والبكاء / لا تدخر في الشؤون ماء
لا تذكر الصبر في مصاب / تجاوز الصبر والعزاء
لا خير في الصبر والتأسى / إذا هما عارضا الوفاء
أبكى الأخلاء في ديار / من أنسهم أصبحت خلاء
من حق إخوانك القدامى / إن تسقى العهد والإخاء
إن البكى فاسترح إليه / يصرف للراحة العناء
من خلق الحزن كان أحرى / أن يخلق الدمع والبكاء
تبارك الله من طبيب / قد خلق الداء والدواء
رب خليل بكيت أرجو / لحقه بالبكى قضاء
ولو يردّ القضاءَ دمع / لحولت أدمعي القضاء
ومثل عبد اللطيف يُبكى / ويتبع الذكر والثناء
فتى كلدن القنا اهتزازا / ومرهفات الظُبى مضاء
صوّره الله صالحات / وصاغ أجزاءه حياء
وزاده ما حبا أباه / متانة الدين والإباء
وأضلعا لا تقاس طهرا / بها الغوادي ولا نقاء
ما كان قسّا ولا زيادا / ولا بسحر البيان جاء
لكن إذا قام قال صدقا / وجانب الزور والرياء
سبحان من قاته غدوا / وكف عن قوته عشاء
ومن أتانا بالشمس صبحا / ومن تولى بها مساء
يالكِ دنيا لذّت نعيما / للقوم واستعذبت بلاء
إذا أنتهينا منها تساوى / ماسرّ من حالها وساء
الطفل يحبو إليك حبا / والشيخ يمشى لك انحناء
إليك عبداللطيف دمعا / ألَّفت منثوره رثاء
قوافيا كنت تشتهيها / واليوم تبدى لها جفاء
كم قمت من موقف لمصر / وكنت من دونها وقاء
ونبت عنها في مجلسيها / نيابة كانت الغناء
ألست من فتية شِهام / سنّوا المحاماة والرماء
فتاهم بالشباب ضحى / ما أعظم الذبح والفداء
ومات أبطالهم جياعا / في غير أوطانهم ظِماء
ولو أرادوا متاع دنيا / لأدركوا الحكم والثراء
قضية الحق منذ قامت / لم تأل أركانَها بناء
تحذو على مصطفى وتبنى / جيلا من الحق أقوياء
شرعتمو للشباب دينا / كدينهم بيِّنا سواء
لما أتيم به جعلتم / رأس تعاليمه الجلاء
جمعتم مصر ثم سرتم / فكنتم الجمع واللواء
وما عرفتم لغير مصر / وغير أحبابها ولاء
لم تمسحوا للعميد رأسا / ولا نفضتم له حذاء
وعابثٍ بالرفات يبنى / حوادث الأمس كيف شاء
يقول كنتم للترك حزبا / وعاهلِ الترك أولياء
ويشهد الله ما أتيتم / إلا هدى الرأى والدهاء
داريتمو في سبيل مصر / سيادة أصبحت هباء
سيروا إلى الله فهو أولى / بكم وأوفى لكم جزاء
لا غبن بالحق إن ذهبتم / فان للفكرة البقاء
هو مأتم الأخلاق فاتل رثاءها
هو مأتم الأخلاق فاتل رثاءها / وتول أسرتها ووال عزاءها
لا تنهين الثاكلات عن البكا / فلعل في ذرف الدموع شفاءها
خل الشؤون تفض غرب قصيدة / لم تغن في الرزء الجليل غناءها
ولمثل نار الثكل وهي شديدة / خلق الرحيم لنا الشئون وماءها
أوحى إلى الحزن اللجوج شُبوبها / وإلى الدموع سواكبا إطفاءها
ناع من الاسكندرية هاتف / راع الكنانة أرضها وسماءها
سُدّت مسامعها لأول وهلة / دون الرزية تتقى أنباءها
هيهات تلك رسالة محتومة / حَملت عن الموت الحياةُ أداءها
في عالم شد الرحال نزيله / وخيال دنيا ذاهب من جاءها
إن المروءة غودرت في حفرة / كالليل نور الصالحات أضاءها
ذهب على أثر الفقيد شهيدة / إن كنت في ريب فسل شهداءها
الرافعين إلى السماء سريرها / والساحبين على النجوم رداءها
والحاملين على الرقاب جلالها / والمنزلين إلى التراب سناءها
حطوا على الأرض السرير وغيبوا / قمر السماء ووسدوا جوزاءها
أموسَّد الصحراء م ابد الكرى / وأنس الحياة أو آذكر صحراءها
ما كان أفتن في الشروق صباحها / وألذ في ظل الغروب مساءها
أتراك كالماضين تبكى ظلها / تحت التراب وتشتهى رمضاءها
وتودّ لو ردّت عليك سرابها / وهجيرها وزئيرها وعواءها
إن التي جاورت صان الله عن / لوم الحياة أديمها وفضاءها
يدع الوفود لدى طهور صعيدها / حسد النفوس وحقدها ورياءها
يا أحمد الخيرات ما أنا بالغ / تلك الخلال وإن لمست رثاءها
لم لا أقيمك للشباب منارة / وسبيل خير يسلكون سواءها
إنى لأرثى كل خل ماجد / وأطيل ذكر خلله وبكاءها
وأحب ذكراه وأكره أن أرى / بيد السلو دثورها وعفاءها
ولربما حليتها بقصائدى / وجعلت أبيات الخلود وعاءها
في كل مفقود رثيت رواية / تهدى المكارم والعلا قرّاءها
ودِّع صديقك إن ملكت وداعه / واقض الحقوق إن استطعت قضاءها
وأرع الصداقة لا تَمِيل بعهودها / بعد الصديق ولا تضع أشياءها
وإذا وداد أخيك مات بموته / فاندب وفاء النفس وأنعَ إخاءها
رفقا ابا عُمر بأنفس صبية / قطعت عوادى اليتم منك رجاءها
نادتك فامتنع الجواب وطالما / لبيت من أقصى البلاد نداءها
نَشَأ أشد فؤادك في الهوى / وأعز من نفس لفظت ذَماءها
مالوا على نعمى الحياة وطيبها / حتى ذهبت فصابروا ضرَّاءها
كم لام فيهم لائم فدفعته / والنفس تتبع شحها وسخاءها
انظر وراءك هل تركت من الغنى / إلا المروءة ذكرها وثناءها
لك ذمة لم ينصر الحق آمرؤ / ألا تمنى برها ووفاءها
علمت مكانك حرفة أنهضتها / وجررت فوق الفرقدين قباءها
أنتم بنوها الأوّلون حذوتمو / في حلمهم وعفافهم آباءها
ملئت بكم خُلُقا وكانت لا ترى / خلق الرجال ولا تحس إباءها
يا رب يوم للمحاماة احتمت / فيك الحقوق به فكنت وفاءها
ناصرت فيه من تلفّت لم يجد / من حوله الدنيا ولا أُجراءها
وأخذت من عدل القضاء لفتية / ذاقوا السجون عذابها وبلاءها
نفس الكريم ترى العدالة حزبها / وترى الهضيمة والأذى أعداءها
وإذا رأيت النفس بالحق اعتلت / فاعرف لها إقدامها وحياءها
في ذمة الوطن الكريم عصابة / لم ينس في جد الجهاد بلاءها
حملت تكاليف الحقوق وأنهضت / شعب الرجال ليحملوا أعباءها
كانت إذا دعت الديار لخطة / لم نحص عِليتها ولا دهماءها
هي من قنا الحق المبين طليعة / عرفت جموع الظالمين مضاءها
خير الطلائع سيرَّت في نورها / خيرَ الكتائب جندها ولواءها
أسستموا وبنى رجال بعدكم / خططا يتمم آخرون بناءها
دول منقّلة وحق ثابت / دول السياسة ما أقل بقاءها
فمضى دعاة بالقضية نُهَّض / وأتى دعاة يحملون عناءها
بلغوا إلى الدستور في خطواتهم / تحدوه مصر لأن فيه دماءها
همم تؤدّى مصر واجب شكرها / للعاملين ولا تضيع جزاءها
وإذا البلاد تذكرت خدّامها / لم تنس موتاها ولا أحياءها
إن الشعوب كيانها حرية / تحيا عليها أو تموت فداءها
أمسى وأصبح من نجواك في كلف
أمسى وأصبح من نجواك في كلف / حتى ليعشق نطقي فيك إصغائي
الليل يُنهضني من حيث يقعدني / والنجم يملأ لي والنور صهباني
لك يا عشور مكارم
لك يا عشور مكارم / هن الغيوث المظمئه
قالوا وهبت ولم تهب / للعروة الوثقى مئه
من خير ما جَمَعت لك ال / بُهَمُ الغزاة من الفئه
فرأيت كل صحيفة / سارت بذلك منبئه
وسمعت كل جماعة / يتبادلون التهنئه
بَرِّئ نوالك يا عش / ور فذا أوان التبرئه
حسنات وعدك كلها / في جنب خُلفك سيئه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025