المجموع : 33
كانَ لِبَعضِ الناسِ بَبَّغاءُ
كانَ لِبَعضِ الناسِ بَبَّغاءُ / ما مَلَّ يَوماً نُطقَها الإِصغاءُ
رَفيعَةُ القَدرِ لَدى مَولاها / وَكُلُّ مَن في بَيتِهِ يَهواها
وَكانَ في المَنزِلِ كَلبٌ عالي / أَرخَصَهُ وُجودُ هَذا الغالي
كَذا القَليلُ بِالكَثيرِ يَنقُصُ / وَالفَضلُ بَعضُهُ لِبَعضٍ مُرخِصُ
فَجاءَها يَوماً عَلى غِرارِ / وَقَلبُهُ مِن بُغضِها في نارِ
وَقالَ يا مَليكَةَ الطُيورِ / وَيا حَياةَ الأُنسِ وَالسُرورِ
بِحُسنِ نُطقِكِ الَّذي قَد أَصبى / إِلّا أَرَيتِني اللِسانَ العَذبا
لِأَنَّني قَد حِرتُ في التَفَكُّرِ / لَمّا سَمِعتُ أَنَّهُ مِن سُكَّرِ
فَأَخرَجَت مِن طَيشِها لِسانَها / فَعَضَّهُ بِنابِهِ فَشانَها
ثُمَّ مَضى مِن فَورِهِ يَصيحُ / قَطَعتُهُ لِأَنَّهُ فَصيحُ
وَما لَها عِندِيَ مِن ثَأرٍ يُعَدُّ / غَيرَ الَّذي سَمَّوهُ قِدماً بِالحَسَد
لِدودَةِ القَزِّ عِندي
لِدودَةِ القَزِّ عِندي / وَدودَةِ الأَضواءِ
حِكايَةٌ تَشتَهيها / مَسامِعُ الأَذكِياءِ
لَمّا رَأَت تِلكَ هَذي / تُنيرُ في الظَلماءِ
سَعَت إِلَيها وَقالَت / تَعيشُ ذاتُ الضِياءِ
أَنا المُومَّلُ نَفعي / أَنا الشَهيرُ وَفائي
حَلا لِيَ النَفعُ حَتّى / رَضيتُ فيهِ فَنائي
وَقَد أَتَيتُ لِأَحظى / بِوَجهِكِ الوَضّاءِ
فَهَل لِنورِ الثُرى في / مَوَدَّتي وَإِخائي
قالَت عَرَضتِ عَلَينا / وَجهاً بِغَيرِ حَياءِ
مَن أَنتِ حَتّى تُداني / ذاتَ السَنا وَالسَناءِ
أَنا البَديعُ جَمالي / أَنا الرَفيعُ عَلائي
أَينَ الكَواكِبُ مِنّي / بَل أَينَ بَدرُ السَماءِ
فَاِمضي فَلا وُدَّ عِندي / إِذ لَستِ مِن أَكفائي
وَعِندَ ذَلِكَ مَرَّت / حَسناءُ مَع حَسناءِ
تَقولُ لِلَّهِ ثَوبي / في حُسنِه وَالبَهاءِ
كَم عِندَنا مِن أَيادٍ / لِلدودَةِ الغَراءِ
ثُمَّ اِنثَنَت فَأَتَت ذي / تَقولُ لِلحَمقاءِ
هَل عِندَكِ الآنَ شَكٌّ / في رُتبَتي القَعساءِ
وَقَد رَأَيتِ صَنيعي / وَقَد سَمِعتِ ثَنائي
إِن كانَ فيكَ ضِياءٌ / إِنَّ الثَناءَ ضِيائي
وَإِنَّهُ لَضِياءٌ / مُؤَيَّدٌ بِالبَقاءِ
بَيني وَبَينَ أَبي العَلاءِ قَضِيَّةٌ
بَيني وَبَينَ أَبي العَلاءِ قَضِيَّةٌ / في البِرِّ أَستَرعي لَها الحُكَماءَ
هُوَ قَد رَأى نُعمى أَبيهِ جِنايَةً / وَأَرى الجِنايَةَ مِن أَبي نَعماءَ
يوم أغر محجل الأنباء
يوم أغر محجل الأنباء / لعلاك تهنئتي به وهنائي
ظمأ البلاد غليك في هذى النوى / ظمأ النبات إلى الغمام النائى
شوّقتها حتى إذا أظمأتها / قام السراب بها مقام الماء
عيدان فيها حين ناجت ربها / قالت له ثَلِّثهما بلقاء
إيدسن ماذا ترى في الكهرباء
إيدسن ماذا ترى في الكهرباء / أنت في الأرض فمن ذا في السماء
إن تكن تحكم في أزرارها / إنه في يده زر القضاء
كلما حركه في خلقه / ذهب العقل وجنّ العقلاء
فتأمّل هل ترى من حيلة / في سلوك مرسلات من ذكاء
قد حكيت الشمس حتى غضبت / من نحاس تجعل الصيف شتاء
من رآها قال قد سخّرها / لك من سخرها للأنبياء
لُعبة الناظر في غرفته / أم أفاد العلم أم أجدى الثراء
يا ملوك المال فيما زعموا / هل ملكتم خطرات من هواء
ليت لي الريح فسامتكمو / وأخذت الملك بيعا وشراء
أُشرك البائس في نعمائه / وأسوِّى القسم بين الفقراء
صدق الواهم منكم إنها / لهي الدنيا خيال وهباء
كل ما ساء وما سرّ بها / ينقضى بين صباح ومساء
بين المقطم والمقطم نسبة
بين المقطم والمقطم نسبة / في الثقل لا تخفى العقلاء
فصخور ذا وسطور ذا وكلاهما / متألف من صخرة صماء
لكن بينهما اختلافا بَيِّناً / كتباين الأفعال والأسماء
هذا حجارته إذا ما قُطِّعت / صلحت بجملتها لكل بناء
لكن ذاك سطوره ما سُطرت / إلا لهدم فضائل العقلاء
شكرتك في أجداثها الشهداء
شكرتك في أجداثها الشهداء / وترنمت بثنائك الأحياء
إن كان في تلك الجماجم ألسن / لم تبل فهي تحية ودعاء
أو كان ينبت ف يالتراب محامد / نبت الثنا لك منه والإطراء
حبست يتامى دمعها وأرامل / لما تنقل في القرى البشراء
وتقول كل حزينة في خدرها / ذهب القاسة وجاءنا الرحماء
فَمَن البشير إلى عظام في الثرى / دُفنت وطاف بها بِلىً وعفاء
بكر القضاء مقرّبا آجالها / إن الحياة أو الممات قضاء
ما فات من بؤس البسوس وشؤمها / أحيت مساوئ عهده الورقاء
طاحت نفوس في سبيل حمامة / دخلت عليها أيكها الغرباء
كان الدفاع مذلة وجبانة / ليت المداره يوم ذاك نساء
سُرعان ما ختم الدفاع القول بل / سرعان ما قتلت به البراء
خلت العشية في السجون أسِرّة / يا ليتها للظالمين وِطاء
هانت عليهم في سبيل رقيهم / مهج مضت مظلومة ودماء
قد أسرفوا في حكمهم وتعسفوا / ما شاء ذلكمو العميد وشاءوا
زرق الجلاليب الذين يحبهم / هم منه في حفر القبور براء
فعلت رعايته بهم ووداده / ما ليس تفعل بعضه البغضاء
أمع المشانق رحمة ومودّة / ومع السياط صداقة ووفاء
أسفرتَ عن فرج البلاد وأهلها / صبحَ الجلوس لك النفوس فداء
العفو غُرتك السنية في الورى / والحلم شيمة ربك الغرّاء
لما بدت منك السعود تمزقت / تلك القيود وأُطلق السجناء
مولاى مصر تجملت وتزينت / لجلوسكم فكأنها الجوزاء
الكهرباء من القلوب سرت إلى / أرجائها فأضاءت الأرجاء
وإذا القلوب صفت لمالك رقها / شفّت ونوّرها هوى وولاء
في كل مغدى موكب ومراحه / للنصر والفتح المبين لواء
حيت محياك الكريم شبيبة / مما غرست كريمة زهراء
هي موئل الآمال ما إن جازها / للملك والوطن العزيز رجاء
علمت بأن حقوق عرشك ف يالورى / حصن لمصر وعصمة ووقاء
وبأن سعيك كان سعى مجاهد / قد خانه الأعوان والنصراء
ودّوا مكانك للغريب إمارة / يأبى الغريب ونفسه السمحاء
ورعية لك في الممالك بَرّة / غمرتهمومن بيتك الآلاء
فعلُ العرابيين فرّق بيننا / بئس الفَعال وقبِّح الزعماء
من كل مفقود الشعور مذبذب / في بردتيه نميمة ورياء
إن كان منهم في البلاد بقية / فعلى البقية لعنة وبلاء
يا دولة الأحرار ما جاملتنا / إلا وفيك مروءة وسخاء
الخير عند للسلام مؤمل / والعون منك يرومه الضعفاء
إن النفوس كما علمت حرائر / كذب الأولى قالوا النفوس إماء
والشعب إن مل الحياة ذليلة / هان الرجال عليه والأشياء
لو تقدرين على الحياة وردّها / قلنا عليك الرد والإحياء
فاستغفري الله العظيم فإنما / لذنوبهم يستغفر العظماء
عارٌ فظائع دنشواى وسُبّة / غسلتهما هذى اليد البيضاء
الحق حجته هي الغرّاء
الحق حجته هي الغرّاء / هيهات في فلق الصباح مراء
لا يطلبنّ الغاية الشعراء / لو نال كنه جلالك الكبراء
آبت به سيناء والإسراء /
الوهم يبعد في الظنون ويقرب / والعقل فيك مسافر متغرّب
والفكر يهرب حيث أنت المهرب / والنفس غايتها إليك تقرّب
وقصارها في عفوك استذراء /
العقل أنت عقلته وسرحته / وأحرت فيك دليله وأرحته
آتيته الحجر الأصم ونحته / والنجم يَعبد فوقه أو تحته
ما توهم الغبراء والخضراء /
بالهند هلكي في الهياكل سبح / وبمنف كهان لكُنهك سبحوا
والروم غرقى في المحبة سبح / سقراط مغدوّ عليه مصبح
فيك الزعاف ومنه الاستمراء /
حيران يذهب في السماء ويبحث / ويثير وجه الأرض عنك ويبحث
ويلوذ بالأنواء حين تحثحث / ويحس ما هالوا التراب وماحثوا
بيد تميت العالمين وراء /
سلك السماء إلى سنائك معرجا / والأرض نحو كريم سرك مدرجا
والوهم فيك إلى الحقيقة مخرجا / علمته أخذ الأمور تدرّجا
أصل الحقائق كلها استقراء /
في الدهر إذ هو ناهض لم يَشرُخ / وإذ القدامى في حلوم الأفرخ
لمح الشقى يد العناية والرخى / خَفَضا الجناح لمستغاثُ مُصرِخِ
يُشكَى البلاء إليه والضراء /
موسى على سينين أعشى أرمد / هو والجبال وأرض مَديَن همد
ودنا فخر إلى الجبين محمد / ومحمد سليمان ووجهك سرمد
يعنو له الأملاك والأمراء /
بجلاله أضحى الجمال تعوّذا / وعدا الجمال على الجلال استحوذا
يأوى إلى سُبُحاته هذا وذا / وتطيف أصناف المحامد لّوذا
ماذا ينال المدح والإطراء /
بيمينك الملك الذي لا يحصر / خلت الممالك دونه والأعصر
وصحا الملوك من الغرور وأقصروا / كسرى وهارون الرشيد وقيصر
تحت التراب أذلة فقراء /
ولك القضاء غراره ومحزّه / لا شيء في هذا الوجود يَعزه
ترمى به ركن الثرى فتفزّه / تتناثر التيجان حين تهزه
وتمزَّق الشهباء والخضراء /
أما الملائكة الكرام فقبس / لبسوا الحلى الحسنى وأنت المُلبِس
وعلى التحية والثناء تحبّسوا / خشعوا فلم يجروهما أو ينبسوا
إلا كما يتخافت القراء /
ينزون بين مجنَّح ومريّيش / نزو الفَراش وما همو بالطُيّش
حول الضياء الحاشد المتجيش / ويجرّرون من الغلائل ما يشى
سر النعيم وتنسج السراء /
عرش على أم العلى منصوصه / من جوهر الحق المبين فصوصه
جبريل وهو به القديم خصومه / ملقى الجناح إزاءه مقصوصه
والرسل من أن يدَّعوه براء /
في منزل فوق الحساب وفرضه / عال على مسرى الخيال وقرضه
في طوله يفنى المكان وعرضه / ما في سماء الكون أو في أرضه
مرداء تشبهه ولا شجراء /
وكأنه نون يراعك خطها / قد وُفِّيت من حسن صوغك قسطها
لما أراد لك ابتداعك نقطها / أعلاك في السمت الأتم وحطها
قلم فأنت النقطة الزهراء /
العلم ثَمَّ ضنائنا وحفائظا / والعز ثم حقائقا وحفائظا
مجد أمات بك المُكابر غائظا / فأتاك مبذول المقادة فائظا
حيران ليس لدائه إبراء /
عن هذه الأنوار يعشى يوشع / فمن الرئيس وعلمه المتشعشع
أو من أرسطو المشاة الخشع / عصفت بهم وريح البلى فتقشعوا
ورحت رحاها فيهم الغبراء /
لبسوا النبوغ من العناية مسبغا / فتخيَّلوا وزها الذكاء النُّبغا
ما مَن أَدَلَّ بما وهبت كمى بغى / والناس ذو رأى وآخر ببَّغا
تَحكى وتُنقل عندها الآراء /
يا ربَّ مدنيً من حماك مشنَّف / ورهين إذن دون بابك مدنف
حارا من السر الخفى بنفنف / سرٌّ جلالك صانه فالسين في
يمنى يديه وفي الشمال الراء /
بحر المحبة فوق باع الزورق / والفلك إن تذهب ذراعا تخرَق
فاجعل شراعك فيه عينك وافرق / كم في تراقى الموج من يد مغرق
قُبِلت وأخرى حظها الإعراء /
كم آية لم يجدها المشرك / غراء بالبصر المجرّد تدرك
فلكٌ منوط في الفضاء محرّك / هل ثار فيه من الثوابت مبرك
أم عىَّ سيَّار به سراء /
ذو الرزمح فيه على وداد الأعزل / والفرقدان عن اللَّداد بمعزل
ويد الغزالة فوق أشرِف مِغزل / والبدر كلَّ ملاوة في منزل
حتى تحل شراكه العفراء /
النمل ينجد في المعاش ويتهم / عن أى رأسٍ أو فؤادٍ يفهم
لب يضل مكانه المتوهم / لولا يد تحدو وهاد ملهم
لم يبد منه الحزم والنكراء /
والرزق سر لم يُنَل مكنونه / ضنت به كاف السماح ونونه
كذب الحريص وحرصه وفنونه / ستعوده سوداؤه وجنونه
ما دامت البيضاء والصفراء /
فرعون لم يخلد ولا اشباهه / لم يغن عنه من النباء نباهه
ملأ أتاك عِتيُّه وسَباهه / نزلت على حم التراب جباهه
وكذا يكون الحكم والإجراء /
بالموت أذللت النفوس وبالهوى / وقهرت من وطىء التراب ومن هوى
والنجم لو سرت الحياة به هوى / وانحط عن أوج الهواء إلى الهُوَى
يبكى عليه الأهل والعشراء /
لم يأل داود الصلاة مثانيا / ويسوع دمعا والبشير مثانيا
وتنوَّر الوادى ربىً ومثانيا / فسما الكليم فما توسم ثانيا
أنَّى لك الشركاء والنظراء /
ما زلت أنزل بالحدائق والربى
ما زلت أنزل بالحدائق والربى / حتى نزلت حديقة الإنشاء
فسلوت بالفردوس كل أنيقة / أُنُف وكلَّ مجوده غناء
العلم في ظل البيان حَيالها / مثل الأزاهر في ظلال الماء
بوركتما من صاحبين تعاونا / إن التعاون أس كل بناء
لولا التعاون في الحضارة لم تطر / بِعِنان ارض أو جَناح سماء
ما أنتما للنشء إلا صورة / من ألفة وتعاون وإخاء
وخلائق الكتاب يظهر حسنها / ولربما انتقلت إلى القرّاء
شأنك والدمع والبكاء
شأنك والدمع والبكاء / لا تدخر في الشؤون ماء
لا تذكر الصبر في مصاب / تجاوز الصبر والعزاء
لا خير في الصبر والتأسى / إذا هما عارضا الوفاء
أبكى الأخلاء في ديار / من أنسهم أصبحت خلاء
من حق إخوانك القدامى / إن تسقى العهد والإخاء
إن البكى فاسترح إليه / يصرف للراحة العناء
من خلق الحزن كان أحرى / أن يخلق الدمع والبكاء
تبارك الله من طبيب / قد خلق الداء والدواء
رب خليل بكيت أرجو / لحقه بالبكى قضاء
ولو يردّ القضاءَ دمع / لحولت أدمعي القضاء
ومثل عبد اللطيف يُبكى / ويتبع الذكر والثناء
فتى كلدن القنا اهتزازا / ومرهفات الظُبى مضاء
صوّره الله صالحات / وصاغ أجزاءه حياء
وزاده ما حبا أباه / متانة الدين والإباء
وأضلعا لا تقاس طهرا / بها الغوادي ولا نقاء
ما كان قسّا ولا زيادا / ولا بسحر البيان جاء
لكن إذا قام قال صدقا / وجانب الزور والرياء
سبحان من قاته غدوا / وكف عن قوته عشاء
ومن أتانا بالشمس صبحا / ومن تولى بها مساء
يالكِ دنيا لذّت نعيما / للقوم واستعذبت بلاء
إذا أنتهينا منها تساوى / ماسرّ من حالها وساء
الطفل يحبو إليك حبا / والشيخ يمشى لك انحناء
إليك عبداللطيف دمعا / ألَّفت منثوره رثاء
قوافيا كنت تشتهيها / واليوم تبدى لها جفاء
كم قمت من موقف لمصر / وكنت من دونها وقاء
ونبت عنها في مجلسيها / نيابة كانت الغناء
ألست من فتية شِهام / سنّوا المحاماة والرماء
فتاهم بالشباب ضحى / ما أعظم الذبح والفداء
ومات أبطالهم جياعا / في غير أوطانهم ظِماء
ولو أرادوا متاع دنيا / لأدركوا الحكم والثراء
قضية الحق منذ قامت / لم تأل أركانَها بناء
تحذو على مصطفى وتبنى / جيلا من الحق أقوياء
شرعتمو للشباب دينا / كدينهم بيِّنا سواء
لما أتيم به جعلتم / رأس تعاليمه الجلاء
جمعتم مصر ثم سرتم / فكنتم الجمع واللواء
وما عرفتم لغير مصر / وغير أحبابها ولاء
لم تمسحوا للعميد رأسا / ولا نفضتم له حذاء
وعابثٍ بالرفات يبنى / حوادث الأمس كيف شاء
يقول كنتم للترك حزبا / وعاهلِ الترك أولياء
ويشهد الله ما أتيتم / إلا هدى الرأى والدهاء
داريتمو في سبيل مصر / سيادة أصبحت هباء
سيروا إلى الله فهو أولى / بكم وأوفى لكم جزاء
لا غبن بالحق إن ذهبتم / فان للفكرة البقاء
هو مأتم الأخلاق فاتل رثاءها
هو مأتم الأخلاق فاتل رثاءها / وتول أسرتها ووال عزاءها
لا تنهين الثاكلات عن البكا / فلعل في ذرف الدموع شفاءها
خل الشؤون تفض غرب قصيدة / لم تغن في الرزء الجليل غناءها
ولمثل نار الثكل وهي شديدة / خلق الرحيم لنا الشئون وماءها
أوحى إلى الحزن اللجوج شُبوبها / وإلى الدموع سواكبا إطفاءها
ناع من الاسكندرية هاتف / راع الكنانة أرضها وسماءها
سُدّت مسامعها لأول وهلة / دون الرزية تتقى أنباءها
هيهات تلك رسالة محتومة / حَملت عن الموت الحياةُ أداءها
في عالم شد الرحال نزيله / وخيال دنيا ذاهب من جاءها
إن المروءة غودرت في حفرة / كالليل نور الصالحات أضاءها
ذهب على أثر الفقيد شهيدة / إن كنت في ريب فسل شهداءها
الرافعين إلى السماء سريرها / والساحبين على النجوم رداءها
والحاملين على الرقاب جلالها / والمنزلين إلى التراب سناءها
حطوا على الأرض السرير وغيبوا / قمر السماء ووسدوا جوزاءها
أموسَّد الصحراء م ابد الكرى / وأنس الحياة أو آذكر صحراءها
ما كان أفتن في الشروق صباحها / وألذ في ظل الغروب مساءها
أتراك كالماضين تبكى ظلها / تحت التراب وتشتهى رمضاءها
وتودّ لو ردّت عليك سرابها / وهجيرها وزئيرها وعواءها
إن التي جاورت صان الله عن / لوم الحياة أديمها وفضاءها
يدع الوفود لدى طهور صعيدها / حسد النفوس وحقدها ورياءها
يا أحمد الخيرات ما أنا بالغ / تلك الخلال وإن لمست رثاءها
لم لا أقيمك للشباب منارة / وسبيل خير يسلكون سواءها
إنى لأرثى كل خل ماجد / وأطيل ذكر خلله وبكاءها
وأحب ذكراه وأكره أن أرى / بيد السلو دثورها وعفاءها
ولربما حليتها بقصائدى / وجعلت أبيات الخلود وعاءها
في كل مفقود رثيت رواية / تهدى المكارم والعلا قرّاءها
ودِّع صديقك إن ملكت وداعه / واقض الحقوق إن استطعت قضاءها
وأرع الصداقة لا تَمِيل بعهودها / بعد الصديق ولا تضع أشياءها
وإذا وداد أخيك مات بموته / فاندب وفاء النفس وأنعَ إخاءها
رفقا ابا عُمر بأنفس صبية / قطعت عوادى اليتم منك رجاءها
نادتك فامتنع الجواب وطالما / لبيت من أقصى البلاد نداءها
نَشَأ أشد فؤادك في الهوى / وأعز من نفس لفظت ذَماءها
مالوا على نعمى الحياة وطيبها / حتى ذهبت فصابروا ضرَّاءها
كم لام فيهم لائم فدفعته / والنفس تتبع شحها وسخاءها
انظر وراءك هل تركت من الغنى / إلا المروءة ذكرها وثناءها
لك ذمة لم ينصر الحق آمرؤ / ألا تمنى برها ووفاءها
علمت مكانك حرفة أنهضتها / وجررت فوق الفرقدين قباءها
أنتم بنوها الأوّلون حذوتمو / في حلمهم وعفافهم آباءها
ملئت بكم خُلُقا وكانت لا ترى / خلق الرجال ولا تحس إباءها
يا رب يوم للمحاماة احتمت / فيك الحقوق به فكنت وفاءها
ناصرت فيه من تلفّت لم يجد / من حوله الدنيا ولا أُجراءها
وأخذت من عدل القضاء لفتية / ذاقوا السجون عذابها وبلاءها
نفس الكريم ترى العدالة حزبها / وترى الهضيمة والأذى أعداءها
وإذا رأيت النفس بالحق اعتلت / فاعرف لها إقدامها وحياءها
في ذمة الوطن الكريم عصابة / لم ينس في جد الجهاد بلاءها
حملت تكاليف الحقوق وأنهضت / شعب الرجال ليحملوا أعباءها
كانت إذا دعت الديار لخطة / لم نحص عِليتها ولا دهماءها
هي من قنا الحق المبين طليعة / عرفت جموع الظالمين مضاءها
خير الطلائع سيرَّت في نورها / خيرَ الكتائب جندها ولواءها
أسستموا وبنى رجال بعدكم / خططا يتمم آخرون بناءها
دول منقّلة وحق ثابت / دول السياسة ما أقل بقاءها
فمضى دعاة بالقضية نُهَّض / وأتى دعاة يحملون عناءها
بلغوا إلى الدستور في خطواتهم / تحدوه مصر لأن فيه دماءها
همم تؤدّى مصر واجب شكرها / للعاملين ولا تضيع جزاءها
وإذا البلاد تذكرت خدّامها / لم تنس موتاها ولا أحياءها
إن الشعوب كيانها حرية / تحيا عليها أو تموت فداءها
أمسى وأصبح من نجواك في كلف
أمسى وأصبح من نجواك في كلف / حتى ليعشق نطقي فيك إصغائي
الليل يُنهضني من حيث يقعدني / والنجم يملأ لي والنور صهباني
لك يا عشور مكارم
لك يا عشور مكارم / هن الغيوث المظمئه
قالوا وهبت ولم تهب / للعروة الوثقى مئه
من خير ما جَمَعت لك ال / بُهَمُ الغزاة من الفئه
فرأيت كل صحيفة / سارت بذلك منبئه
وسمعت كل جماعة / يتبادلون التهنئه
بَرِّئ نوالك يا عش / ور فذا أوان التبرئه
حسنات وعدك كلها / في جنب خُلفك سيئه