القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعصُوم المَدَني الكل
المجموع : 307
إِلهي أَنتَ ذو فَضلٍ ومنِّ
إِلهي أَنتَ ذو فَضلٍ ومنِّ / وإِحسانٍ يزيدُ على التَمنّي
وَعفوك شاملٌ أَهلَ الخَطايا / وإِنّي ذو خَطاءٍ فاِعفُ عنّي
وظنّي فيك يا ربّي جَميلٌ / وَعادتك الجَميلُ بغير ضَنِّ
وَها أَنا فيك قد أَحسنت ظنّاً / فحقِّق يا إلهي حُسنَ ظَنّي
أَيا سُحبَ نيسانَ روّي الكروم
أَيا سُحبَ نيسانَ روّي الكروم / لترويَ خمرتها الأَكرَمينا
إذا القَطرُ أَمكنَه أَن يَكون / سُلافاً فَلا كان دُرّاً ثَمينا
وَاللَّه لَو رمتُ في غَرامي
وَاللَّه لَو رمتُ في غَرامي / إِلزامَ من عنه قد نَهاني
أَقمتُ من حاجبَي حبيبي / عليه بُرهانا اِقتراني
يَقول تفّاحُنا الزاهي بنضرته
يَقول تفّاحُنا الزاهي بنضرته / وَقَد جنته يَدُ الجاني من الفَنَنِ
وَقلَّدته يدُ الحسناءِ عاتقَها / ما أبتُ من غُصنٍ إلّا إلى غصنِ
لمّا جَنى الطرفُ وردَ وجنتِهِ
لمّا جَنى الطرفُ وردَ وجنتِهِ / عذَّب قَلبي بنارِ هجرانِ
فَقُلتُ قد جرتَ يا فديتُك بي / عذَّبتَ قَلبي وطرفيَ الجاني
ذهبت فنونُ مسرَّتي فتنوَّعت
ذهبت فنونُ مسرَّتي فتنوَّعت / في القَلب من وَجدٍ فنونُ شجونِ
يا من بُكاه لفقد فنٍّ واحدٍ / إنّي اِمرؤ أَبكي لفقد فنونِ
أَيا بانياً عُليا القُصور مؤمّلاً
أَيا بانياً عُليا القُصور مؤمّلاً / أَماناً من الدنيا ونيلَ أَمانِ
أَقلَّ البنا فالدَهرُ يومٌ وَلَيلَةٌ / عجولانِ للأَعمار ينتهبانِ
وَقُل للَّذي لا يَنتَهي عن بنائِها / مَتى يأتِ أَمرُ اللَه ينتهِ بانِ
قِف بالعُذيب وحيِّ حيَّ قطينِه
قِف بالعُذيب وحيِّ حيَّ قطينِه / واِستسق عَينَك في مراتع عينِهِ
واِحذر هنالكَ من ظِباءِ كناسِه / إِن كنتَ لا تخشى أسودَ عَرينِهِ
وإِن اِدَّعيتَ خلوَّ قلبك في الهَوى / فمن اِبتَلاهُ بوجدِه وحنينِهِ
هَيهات لا يُغني الحذارُ إذا بَدَت / تلك الدُمى بين الحِمى وحجونِهِ
ومحجَّبٍ إِن لاح تحت ردائِه / أَبصرتَ بدرَ التمِّ فوق جَبينِهِ
ما هزَّ ذابلَ قدِّه إلّا غدت / شغفاً تسيل عليه نفسُ طعينِهِ
لا يخدعنَّكَ منه لينُ قوامه / هَذا الَّذي صَدَع القُلوبَ بلينِهِ
قد أَخجل المرّانَ حالي قدِّهِ / وَالبيضَ في الأَجفان سود جفونِهِ
لَولا تلوّنُ ودِّه ما كانَ لي / طَرفٌ يَحار الدَمعُ في تَلوينِهِ
عابَ الكواشحُ مَينَه في وعده / هبهُ يَمينُ أَلَستُ ملكَ يمينهِ
ما هيَّمت قَلبي فنونُ هيامه / حتّى رأى في الحسن حسنَ فنونِهِ
وَكتمتُ عَن نَفسي حَديثَ غرامه / حذراً عليه ولَم أفُه بمصونِهِ
فالقَلبُ لا يَدري بعلَّة وجده / وَالعَقلُ يَجهَلُ من قَضى بجنونِهِ
وَمؤنِّبٍ لي في البكاءِ كأَنَّني / أَبكي إذا جدَّ الأَسى بعيونِهِ
ظنَّ الهَوى سهلَ المرام وما درى / أنَّ المنى في الحُبِّ دون منونِهِ
ماذا عليه وما شجاه ولوعُهُ / إِن باتَ قَلبي مولَعاً بشجونِهِ
زعم النصيحةَ حين أَرشَدني إلى / ترك الهوى من جدِّه ومُجونِهِ
كلّا وعيشِك لو أَراد نصيحتي / لَم يَرضَ لي أَني أَعيشُ بدونِهِ
لِلَّه مدرسةٌ علا بنيانُها
لِلَّه مدرسةٌ علا بنيانُها / وَسَما على فَرق السماء مكانُها
قد شادها ملكُ المُلوك بهمَّةٍ / عَليا فأَصبح في علوٍّ شانُها
سلطانُ شاهِ حسينٍ الملك الَّذي / طابَت به الدُنيا وطاب زَمانُها
فغدت تنافسها السَماوات العُلى / إِذ زاحمت أَفلاكها أَركانُها
آوى بها كلَّ العلوم فأَصبحت / وَطناً لها إذ أَقفرت أَوطانُها
فَلِذا أَتى تاريخُ عامِ تمامها / مغنى هدىً فحوى الهدى بنيانُها
لا زالَ بانيها المَليكُ مؤيَّداً / باللَه ما أَحيا العلومَ بيانُها
وعليٌّ بن نظامٍ الداعي له / بدوام دولته السَعيدِ قِرانُها
هو ناظم الأَبيات يُزري نظمُها / بلآلئ الجيد البهيِّ جُمانُها
ذاكَ الحجازُ وهذه كثبانُهُ
ذاكَ الحجازُ وهذه كثبانُهُ / فاِحفظ فؤادَك إِن رَنَت غزلانُهُ
واِسفَح دموعَك إِن مررتَ بسفحه / شغفاً به إِنَّ الدموعَ جمانُهُ
وَسلِ المنازلَ عن هوىً قضّيتَه / هل عائدٌ ذاكَ الهوى وزمانُهُ
لَهفي على ذاك الزَمانِ وأَهلهِ / وَسَقاهُ من صَوب الحَيا هتّانُهُ
إِذ كانَ حبلُ الوصل متّصلاً بنا / وَالعيشُ مورقةٌ به أَغصانُهُ
وإذِ المعاهدُ مشرقاتٌ بالمنى / وَالسفحُ مَغنىً لم يبن سكّانُهُ
يا عاذليَّ دَعا فؤادي والجَوى / لا تعذُلاه فإنَّه دَيدانُهُ
وارحمتا لمتيَّمٍ قذفَت به / أَيدي النوى وَتباعدَت أَوطانُهُ
هبَّت له من نحو نجدٍ نسمةٌ / فتزايدَت لهبوبها أَشجانُهُ
يُمسي وَيُصبحُ بالفراق موجَّعاً / تَبكي عليه من الضَنى أَخدانُهُ
ما إِن تذكَّر بالحجاز زمانَهُ / إلّا وشبَّت في الحشا نيرانُهُ
فسَقى الحجازَ ومن بذيّاكَ الحِمى / صوبُ المدامع هاطِلاً هملانُهُ
لا كفَّ للدَمع الهتون تَقاطرٌ / بعد الحجاز ولا رَقت أَجفانُهُ
أَصابَت نواظرُه مُهجَتي
أَصابَت نواظرُه مُهجَتي / وَزادَت فؤادي نواه جَوى
فَقُلتُ وقد أَكثر العاذلون / دَعوني فإنّي قَتيلُ النَوا
هجرَ الحبائبُ جانبي
هجرَ الحبائبُ جانبي / ونزلنَ مُنعرَجَ اللوى
فَظللتُ أَعسِفُ في الهَوا / جرِ سائِراً النَوى
وَصَلى الهوى قَلبي فَوا / كرباهُ مِن حرِّ الهَوا
ما بالُ قَلبِك لا يَزالُ مُولَّها
ما بالُ قَلبِك لا يَزالُ مُولَّها / لا الحلمُ يردعُه الغداةَ ولا النُهى
أَأَعادَ عيدَ غرامه طيرٌ شَدا / فَغَدا يحنُّ إِلى زَمانٍ قد زَها
ما زادَه اللاحون عذلاً في الهَوى / إِلّا وَزادَ تولُّعاً وتولُّها
وتوجُّعاً وتحزُّناً وتَملمُلاً / وَتشوُّقاً وتحرُّقاً وتأَوُّها
ما أَنتَ أَوَّل من نأى عن دارِه / وَرَمَت به أَيدي النَوى فتدلَّها
قد آن أَن تَثني غرامَك سلوةٌ / فَتُفيقَ منه طائعاً أَو مُكرَها
أَصَفا لدمعِكَ أَن يَبيتَ مُرقرقاً / وَحَلا لِقَلبكَ أَن يظلَّ مولَّها
عبثت صروفُ النائبات به فَلا / جزع يأَوِّبُه ولا صَبرٌ وهى
ما إِن شَدت ورقاءُ فوق أَراكة / إلّا وَكانَ له حَنينٌ مثلَها
وَلَقَد نَهاهُ الناصحون عَن الهَوى / فأَبى وَكان هو الرَشيدَ لو اِنتَهى
سَفهاً لرأيكَ أَن رجوتَ لما مَضى / رَجعاً وقد وزَعَ المشيبُ ونهنا
هَيهات أَيّامُ الشَباب وعهدُه / إِذ كنتَ في ظلِّ الشَبابِ مُرفَّها
لا تحسبَن أَنَّ المعاهدَ بالحِمى / تلكَ المعاهدِ والمها تلك المَها
قد أَقفرَت تلك الربوعُ وفُرِّقَت / تلك الجموعُ فلا البهيُّ ولا البَها
أَقصِر فَقَد خَلَت الديارُ فَلا هَوىً / يُصبى إليه ولا مَليحٌ يُشتَهى
لَم تبق إِلّا لَوعَةٌ أَو حَسرَةٌ / يُمسي بها الصَخرُ الأَصَمُّ مدلّها
برئتُ من حَولي ومن قوَّتي
برئتُ من حَولي ومن قوَّتي / الحولُ والقوَّةُ لِلَّهِ
يا نَفسُ جدّي في سَبيل الهُدى / جدّي وخلّي اللَهوَ للاهي
عَجباً لمن منَّ الحَبيبُ عليه
عَجباً لمن منَّ الحَبيبُ عليه / وَحَباهُ بالتَقبيل وهو لَديهِ
كَيفَ اشتَكى ضعفَ الفؤاد من الجوى / ومفرِّحُ الياقوتِ في شَفتَيهِ
تَفديك لو قبِلَ المنونُ فِداها
تَفديك لو قبِلَ المنونُ فِداها / نَفسٌ عليكَ تقطَّعت بأساها
يا كوكباً قد خرَّ من أفق العُلى / في لَيلَةٍ كَسَت الصباحَ دُجاها
كانَت حياتُك للنواظر قرَّةً / وَاليومَ موتُك للعيون قَذاها
يا لَيتَني غُيّبتُ قبلَك في الثَرى / وَسُقيتُ كاسَ الموت قبل تَراها
أَو ليتَ عيني قبلَ تبصرُ يومَك ال / محتوم كحَّلها الردى بعَماها
لَم لا تَمنّى الموتَ دونك مهجةٌ / قد كنتَ تجهدُ طالباً لرضاها
أَم كَيفَ لا تَهوى العَمى لك مقلةٌ / قد كنتَ قرَّتها وكنت سَناها
آهٍ ليومكَ ما أَمضَّ مُصابَه / وأَحرَّ نارَ مصيبةٍ أَوراها
لا وَالَّذي أَبكى وأضحكَ والَّذي / أَفنى نفوساً بعدما أَحياها
لَم يَبقَ لي في العيش بعدَك رغبةٌ / ما لي وللدنيا وطولِ عَناها
هَيهات ترغبُ في الحياة حشاشةٌ / قد كنتَ أَنتَ حياتَها وَمُناها
كانَت تؤمِّل أَن تَكونَ لك الفِدا / فأَبيتَ إلّا أَن تَكونَ فداها
وَبررتَها حتّى كأَنَّك رأفَةٌ / وَتعطُّفاً كنتَ اِبنها وأَباها
أفٍّ لها إِذ لم تشاطِركَ الرَدى / ما كانَ أَغلظَها وما أَقساها
قسماً بربِّ العاكفين بمكّةٍ / والطائفين بِحجرها وَصفاها
لَولا يقيني أَنَّني بك لاحقٌ / لقهرتُها حتّى تذوقَ رداها
تاللَّه خابَ السعيُ واِنفصمت عُرى ال / آمال مِمّا نابَها وَعَراها
لا مُتِّعَت بالعيش بعدَكَ أَنفسٌ / كانَت حياتُك روضَها وَجَناها
بَل لا هَنا للقَلب غيرُ غليله / أَبَداً ولا للعين غيرُ بُكاها
يا دوحةً للمجد مثمرةَ العُلى / ذَهبت نَضارتُها وجفَّ نَداها
قد كنتَ ساعديَ الَّذي أَسطو به / وَيدي الَّتي يَخشى الزَمانُ سُطاها
تَنفي الأَسى عنّي وتحمي جانبي / من كُلِّ كارثةٍ يعمُّ أَذاها
وَاليومَ قد هجمت عليَّ حوادثٌ / ما كُنتُ أَحذرُها ولا أَخشاها
طوبى لأَيّام الوصال وطيبها / ما كانَ أَحلاها وما أَهناها
أَيّام لي من حسنِ وجهك بَهجةٌ / بجمالها بين الوَرى أَتَباهى
فإذا جلستَ بجانبي فكأَنَّني / قارنتُ من شمس النهار ضُحاها
وإذا رأَيتُك بين آل المُصطَفى / عوَّذتُ منظَرك الجَميل بطاها
كانَت بقُربكَ في الزَمان مواردي / تَصفو ويعذُبُ وردُها ورواها
فمُنيتُ من حرِّ الفِراق بغلَّةٍ / حكم الرَدى أَن لا يبلَّ صَداها
وَبُليتُ من أَرزائِه برزيَّةٍ / عظُمت مصيبتُها وَطالَ جَواها
إنّي ليملكني التأَسُّفُ والأَسى / فيعزُّ من نَفسي عليكَ عزاها
فإذا ذكرتُ فناءَ دُنيانا الَّتي / لا لفظها يَبقى ولا مَعناها
خفَّ الأَسى عنّي وهان عليَّ ما / أَلقاه من أَهوالها وَبَلاها
كَيفَ البَقاءُ بهذه الدار الَّتي / من قد بَناها للفَناءِ بناها
دارٌ قَضَت أَن لا يَدومَ نعيمُها / لا كانَ مسكنُها ولا سُكناها
لا يُسرُها باقٍ ولا إِعسارُها / سيّانَ حالا فقرها وغناها
مقرونةٌ خَيراتُها بشرورِها / وَنَعيمُها بعنائِها وَشَقاها
إِن أَضحكت أَبكت وإِن برَّت بَرَت / وإِذا شَفَت شفَّت عليلَ ضَناها
أَينَ المُلوكُ المالكون لأَمرها / والعامِرو أَمصارِها وقُراها
أَينَ القياصرُ والأَكاسرةُ الألى / شادوا مَباني عزِّها وَعُلاها
أَينَ الخواقينُ الَّذي تمسَّكوا / بعهودِها واِستمسَكوا بعُراها
غَرَّتهم بشَرابها وَسَرابها / حتّى اِنتشوا من كأسِها وطلاها
بطشت بهم بطشَ الكمين بِغرَّةٍ / اللَه أَكبَرُ ما أَقلَّ وَفاها
قَد ضَلَّ رشدُ من اِطّباه جمالُها / فَصَبا إِليها واِزدَهاهُ زُهاها
يَهوى الأَنامُ بها البقاءَ وإنَّما / شاءَ الإلهُ بقاءَهم بِسواها
ما هذه الأَيّامُ غيرُ مراحلٍ / تُطوى وأَنفاسُ النفوس خُطاها
حتّى إِذا بلغت نهايةَ سَيرها / أَلقَت عَصاها واِستقرَّ نَواها
يا قُرَّةً للعين أَسخَنها الرَدى / وعزيمةً للقَلب فَلَّ شَباها
تَبكي عليكَ النفسُ من فرط الأَسى / وَتَنوحُ وجداً من عظيم شَجاها
وَتَقولُ حقّاً حين يَنكشفُ العَمى / عنها وَتبصرُ رشدَها وَهُداها
وُفِّقتَ حين رَفضتَ ألأَمَ منزلٍ / ورقيتَ من عُليا الجنان ذُراها
جارَيتَني فبلغتَ قَبلي غايةً / للحقِّ لم يبلغ أَبوكَ مَداها
ما زلتَ تسهر كلَّ لَيلَةِ جمعةٍ / لِلَّه إِذ يَغشى العيونَ كَراها
حَتىّ دَعاكَ اللَهُ فيها راضياً / لِتَنالَ منه مثوبةً تَرضاها
لِلَّه همّتُك الَّتي فاقَت عَلى / هِمم الأَعاظِم شيخِها وَفَتاها
سعت الرجالُ لنيل دُنياها الَّتي / قد دُنِّست فعزفت عن دُنياها
وَسعيتَ للأخرى المقدَّسة الَّتي / لَم يرعَ غيرُ الطاهرين حِماها
فحويتَها وَالعمرُ مُقتَبل الصِبا / واهاً لهمَّتك العليَّة واها
إِن كنتَ أحلِلتَ الجنانَ منعَّماً / فأَبوكَ حلَّ من الهموم لَظاها
حزِنت لموتك طيبةٌ وبقيعُها / وَبكت لفوتِكَ مكَّةٌ ومِناها
وَغَدا الغريُّ عليك يُغري بالأَسى / طُوساً وبغداداً وسامرّاها
أَقررتَ أَعينَ من بها بنزاهَةٍ / حلَّتكَ في سنِّ الصِبا بحُلاها
صَلّى عليكَ اللَهُ من مُستودَعٍ / في رَوضَةٍ ضمَّ الكمالَ ثَراها
وَتواتَرت رحماتُ ربِّك بُكرةً / وَعشيَّةً يَسقي ثَراك حَياها
ما حنَّ مُشتاقٌ إِلى أَحبابِه / وتذكّرت نفسٌ أهَيلَ هَواها
صاحِ إِن جزتَ بذي الأثل فَحي
صاحِ إِن جزتَ بذي الأثل فَحي / ساكني تلكَ الرُبى حيّاً فحَي
وقِفِ الركبَ بشرقيّ الحِمى / بين حُزوى وَثنيّاتِ اللِوي
وإذا اِستَسقَيتَ فاِستَسقِ له / بدل السُحب الغوادي مُقلتَي
يا رعى اللَه بسفحِ المنحنى / رشأً تحميه آسادُ لؤي
كَم معنّىً بهواه لم يَزَل / سائراً يَطوي إِليهِ البيدَ طَي
إنَّ غيّي في هواه رشدٌ / وَرَشادي في سلوّي عنه غَي
لا تَلُمني إِن أَمت وجداً به / كُلُّ ميتٍ هو في الأَحباب حَي
وَبِنَفسي غادَةٌ مقصورةٌ / باللوى تَلوي ديونَ الصَبِّ لي
إِن تُشِر للشَمس والبَدر تقُل / هذه أُختي وذيّاك أخي
إِن بذلتُ الروحَ في حبّي لها / فَلَها المنَّةُ في البذل عَلي
كُلُّ صَبٍّ في الهَوى ما لَم يكن / سَمِحاً بالروح لم يَسمَح بشَي
وإِليه يَنتَهي البخلُ ولو / أَنَّه في جوده حاتِمُ طَي
ساقَني الحُبُّ كما قادَني / فَهو من خَلفي ومن بين يدَي
يا نَدامايَ بجمعٍ ومنىً / هَل لِعَهدي بهما عَودٌ إِلي
حَيث عَيشي بالتَداني رَغدٌ / وَالهَوى طوعي ومن أَهوى لَدي
لا أَغبَّ المزنُ مَن أَمِّ القرى / منزلاً كانَ لأَسماءَ ومَي
لَو دَعاني الدَهرُ يَوماً دعوةً / نحوه أَو قالَت الأَقدارُ هَي
جئتُه أَسعى علىالرأَس وَلَم / أَرضَ للسَعي إِليه قدمي
يا حُداةَ العيس أَقصى أَملي / وَقفَةٌ بين كَداءٍ وكُدي
وقفةٌ يَروى بها من زَمزَم / قَلبيَ الظمآن لا من ثغر رَي
لَك الخير إِن جزتَ اللِوى وَالمطاليا
لَك الخير إِن جزتَ اللِوى وَالمطاليا / فَحيِّ ربوعاً منذُ دهرٍ خواليا
وقف سائِلاً عن أَهلها أَين يَمَّموا / وإِن لَم تجد فيها مجيباً وداعيا
وَعج أَوّلاً نحو المعاهد ثانياً / زمامَ المَطايا واِسأل العهدَ ثانيا
فإن تَلفَها من ساكنيها عواطِلا / فَعَهدي بها مَرَّ اللَيالي حَواليا
تحلُّ بها غيدٌ غوانٍ كأَنَّما / نظمنَ على جيد الزَمان لآليا
يرنِّحنَ من هيف القدود ذوابلاً / وَيُنضين من دُعج اللِحاظ مواضيا
وَيُبدينَ من غرِّ الوجوه أَهلَّةً / وَينشُرنَ من سود الفروع لَياليا
تحكَّمن قسراً في القلوب فلَن تَرى / فؤادَ محبٍّ من هواهنَّ خاليا
قضت بهواهنَّ اللَيالي وما قَضَت / ديونَ الهوى حتّى سَئمنا التَقاضيا
أَطَعتُ الصِبا في حبِّهنَّ مَدى الصِبا / فَلَمّا اِنقَضى اِستبدلتُ عنه التَصابيا
نعم قد حلا ذاكَ الزَمانُ وَقَد خَلا / على مثله فليبكِ من كانَ باكيا
وَثَمَّ صباباتٌ من الشوق لم تزل / تأجِّجُ وجداً بين جنبيَّ واريا
وَلكنَّني أبدي التجلُّدَ في الهَوى / وأظهرُ سلواناً وما كُنتُ ساليا
قُصارى النوى وَالهجر أَن يتصرَّما / فَيُمسي قصيُّ الدار والودِّ دانيا
صَبرتُ على حكم الزَمان وذو الحجا / ينالُ بعون الصَبر ما كانَ راجيا
وَقُلتُ لعلَّ الدهرَ يَثني عنانه / فأثنيَ عن لوم الزَمان عنانيا
وَلَو أَجدَت الشَكوى شكوتُ وإنَّما / رأَيتُ صروفَ الدهر لم تشك شاكيا
فَلَيتَ رجالاً كُنتُ أَمَّلتُ نفعَهم / تولّوا كفافاً لا عليَّ ولا ليا
وَلَو أَنَّني يومَ الصفاء اِتَّقيتُهم / تُقاة الأَعادي ما خشيتُ الأَعاديا
ولكنَّهم أَبدوا وِفاقاً وأَضمَروا / نفاقاً وجرّوا للبلاء الدواهيا
فأَغضَيتُ عنهم لا أُريد عتابَهم / لِيَقضيَ أَمرُ اللَه ما كانَ قاضيا
وَلي شيمَةٌ في وَجنة الدهر شامةٌ / تُنيرُ على رغم الصَباح الدياجيا
تؤازرُها من هاشمٍ ومحمَّدٍ / مفاخرُ لا تُبقي من الفخر باقيا
سبقتُ إلى غاياتِ مَجدٍ تقطَّعت / رِقابُ أناسٍ دونَها من وَرائيا
وزدتُ على دهري وسنّيَ لم تكن / تَزيدُ عَلى العشرينَ إلّا ثمانيا
وَما وَثِقَت نَفسي بخلٍّ من الوَرى / أَكانَ صَديقاً أَم عدوّاً مُداجيا
ولا خانَني صبري ولا خفَّ حادِثٌ / بِعَزمي إِذا ما الخَطبُ أَلقى المراسيا
وَلَيسَ الفَتى ذو الحزم من باتَ مولعاً / بِشَكوى اللَيالي وَاللَيالي كما هِيا
ولكن فَتى الفتيان من راحَ مُعرضاً / عَن الدهر لا يَخشى قَريباً وَنائيا
وإنّي لأخفي الوجدَ صبراً على الأَسى / وَيُبدي ضَعيفُ الرأي ما كانَ خافيا
وأَطوي الحشى طيَّ السجلِّ على الجوى / فَما علمت قَومٌ من الوجدِ ما بيا
أَصول بِقَلبٍ لوذعيٍّ ومِقوَلٍ / يفلُّ شَباه المشرفيَّ اليمانيا
وأَنظمُ من حُرِّ الكلام قوافياً / تَكون لآثار المَعالي قوافيا
ونزَّهت شعري عن هجاءٍ ومدحةٍ / وَلَولا الهوى ما كنت أطري الغوانيا
ولست أَعدُّ الشعر فخراً وإِنَّني / لأَنظمُ منه ما يَفوقُ الدراريا
وَلكنّني أَحمي حمايَ وأَتَّقي / عدايَ وأَرمي قاصداً من رمانيا
وإِن رمت لي فخراً عددتُ من العُلى / مزايا عظاماً لا عظاماً بواليا
على أَنَّني من هاشِمٍ في صميمها / وحسبُك بيتاً في ذُرى المجد ساميا
بك في ملَّة الغَرام اِقتديتُ
بك في ملَّة الغَرام اِقتديتُ / أَتُراني إلى سواكَ اِنتميتُ
وَهَواكُ الَّذي عليه اِنطويتُ / لك طَرفي حمىً وَقَلبي بيتُ
فيهما عهدك القَديم خَبيتُ /
تحسبُ القَلبَ عنك مال وملّا / وَصحا بعد سُكره وتخلّى
لا وَعينيكَ لَستُ مِمَّن تسلّى / ومن السُكر ما صحوتُ وكلّا
كَيفَ أَصحو ومِن هواك اِنتشيتُ /
ما كَتمتُ الهوى وَفرطَ الهُيام / بك إلّا وزادَ حرُّ أوامي
وإذا فهتُ للوَرى بغَرامي / بسطَ العاذلون فيك مَلامي
وَبساطَ القبول عنهم طويتُ /
زعم اللائمُ الَّذي قد تعنّى / أَنَّني قد سَلوتُ وهماً وظنّا
وَفؤادي أَدرى بما قد أَجنّا / كَيفَ يَنوي السلوَّ عنك المُعنى
يا مُنى القلب وهو في الحَيِّ مَيتُ /
قَد أَطالَ الفراقُ والبين أَسري / وَقَضى لي عنكَ البعادُ بهجرِ
وَهَداني للصَبرِ من ليس يَدري / وَضلالٌ عن مثل حسنكَ صَبري
فَلِقَلبي الهَنا بأَنّي اِهتديتُ /
هامَ قَلبي عَلى حماك ولُبّي / وَغدا العَقلُ في هَواكَ يُلبّي
رمتُ قرباً فمذ خطيت بقرب / بك يا كعبةَ الوفا طافَ قَلبي
وَبدا بارقُ الصَفا فَسَعيتُ /
لِلَّه مهجةُ والهٍ لم يَثنِها
لِلَّه مهجةُ والهٍ لم يَثنِها / عَذلُ العواذل من لواعج حُزنها
ذكرت صبابَتها وَمَعهد فنِّها / وَمليحةً تَسبي الأَنام بحسنها
وَمهفهفاً عبثَ الدلالُ بقدِّهِ /
لَمّا رأَته من المحاسِن فردَها / أَورَت عليه من الصَبابة وقدها
حتّى إِذا ما جرَّعته صدَّها / أَهوى يقبِّلُها وَيلثم خدَّها
حنِقَت عليه وأَسرعت في ردِّهِ /
فاِزداد إِذ ردَّته عظمَ نِكايةٍ / فأَباحَ ما أَخفاه دون كناية
لَمّا رأَت لا يَنتَهي عن غايَةٍ / لطمت عوارضَه بغير جناية
منه فأَثَّر كفُّها في خَدِّهِ /
فبدت محاسنُ للجمال ببطشِها / وَفشت سرائرُ للهوى لم يُفشِها
إِذ أَثَّرت في وجنتيه بخدشِها / فاِخضرَّ آسُ عذاره من نقشِها
واِحمرَّ باطنُ كفِّها من وردِهِ /

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025