المجموع : 39
كَثُرَتْ لِكَثْرَةِ قَطْرهِ أطْبَاؤُهُ
كَثُرَتْ لِكَثْرَةِ قَطْرهِ أطْبَاؤُهُ / فإذا تَحَلَّبَ فَاضَتِ الأطْبَاءُ
وَضُروعَهُ عَدَدَ النُجومِ وَطَلُّهُ / أَخلافُهُ عَدَدَ النُجومِ رِواءُ
وَكَجَوْفِ َضَرَّتِهِ التي في جَوْفِهِ / جَوْفُ السَّماءِ سِبَحْلَةٌ جَوْفَاءُ
وَلَهُ رَبَابٌ هَيْدَبٌ لِرَفِيقِهِ / قَبْلَ التَّبَعُّقِ دِيمَةٌ وَطْفَاءُ
وكأنَّ بَارِقَهُ حَرِيقٌ يَلْتَقي / رِيحٌ عليه وعَرْفَجٌ وألاَءُ
وكأَنَّ رَيِّقَهُ ولمَّا يَحْتَفِلْ / دُونَ السَّماءِ عُجَاجَةٌ كَدْرَاءُ
مُسْتَضْحِكٌ بِلَوَامِعٍ مُسْتَعْبِرٌ / بِمَدامِعٍ لَمْ تَمْرِهَا الأَقْذَاءُ
فَلَهُ بِلاَ حُزْنٍ وَلاَ بِمَسَرَّةٍ / ضَحِكٌ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ وبُكَاءُ
حَيْرانُ متَّبِعٌ صَباهُ تَقُودُهُ / وَجَنُوبُه كِنْفٌ لَهُ وَوِعَاءُ
وَدَنَتْ لَهُ نَكْبَاؤُهُ حَتَّى إذَا / مِنْ طُولِ مَا لَعِبَتْ بِهِ النَّكْبَاءُ
ذَابَ السَّحَابُ فَهْوَ بَحْرٌ كُلُّهُ / وَعَلى البُحورِ مِنَ السَّحابِ سِجَاءُ
ثَقُلَتْ كُلاهُ فَأنْهِرَتْ أصْلابُهُ / وَتَبعَّجَتْ مِنْ مَائِهِ الأحْشَاءُ
غَدِقٌ يُنَتِّجُ بالأَبَاطِحِ فُرَّقاً / تَلِدُ السُّيُولَ وَما لَها أَسْلاءُ
غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ دَوَالِحُ ضًمِّنَتْ / حَمْلَ اللِّقَاحِ وكُلُّها عَذْراءُ
سُحْمٌ فَهُنَّ إذَا كَظَمْنَ فَوَاحِمٌ / سُودٌ وَهُنَّ إذا ضَحِكْنَ وِضَاءُ
لَوْ كَانَ مِنْ لُجَجِ السَّوَاحِلِ مَاؤُهُ / لَمْ يَبْقَ في لُجَجِ السَّوَاحِلِ مَاءُ
أَيْنَ أَهْلُ القِبَابِ بالدَّهْنَاءِ
أَيْنَ أَهْلُ القِبَابِ بالدَّهْنَاءِ / أَيْنَ جِيرَانُنَا عَلَى الأحْسَاءِ
فَارَقُونَا والأَرْضُ مُلبَسةٌ نَوْ / رَ الأَقَاحي تُجَادُ بالأنْوَاءِ
كل يوم بأقْحُوانٍ جديد / تضحك الأرضُ من بكاء السماءِ
وسطها جمةٌ من الشذر حُفّت / بثغورٍ من فضة بيضاء
طاب هذا الهواء وازداد حتى / ليس يزداد طيب هذا الهواء
ذَهَبٌ حَيْثُ مَا ذَهَبْنَا وَدُرٌّ / حَيْثُ دُرْنَا وَفِضَّةٌ في الفَضَاءِ
ذكرت شكاتُك لي وكاسي في يدي
ذكرت شكاتُك لي وكاسي في يدي / فمزجتها دمعاً مكان الماء
آتاك ربك صحة وسلامة / وفديت لي من سائر الأسواء
إليكَ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ تَعسَّفَتْ
إليكَ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ تَعسَّفَتْ / بِنَا البِيدُ هَوْجَاءُ النّجاءِ خَبُوبُ
وَلَوْ لَمْ يَكنْ قُدَّامَها ما تَقَاذفَتْ / جِبَالٌ بِهَا مُغْبَرَّةٌ وسُهُوبُ
فَتىً هُوَ مِنْ غَيْرِ التَّخَلُّقِ مَاجِدٌ / وَمِنْ غَيْرِ تَأدِيبِ الرِّجَالِ أَدِيبُ
عَلاَ خَلْقُه خَلْقَ الرِّجالِ وخُلْقُهُ / إذا ضَاقَ أخْلاَقُ الرِّجالِ رَحِيبُ
إذَا شَاهَدَ القوَّادَ سَارَ أَمَامَهُمْ / جَرِيءٌ عَلَى ما يَتَّقُونَ وَثُوبُ
وإنْ غَابَ عَنْهُمْ شَاهدَتْهُمْ مَهابَةٌ / بها يَقْهَرُ الأعْدَاءَ حِينَ يَغِيبُ
يَعِفُّ وَيسْتَحْيِي إذا كان خَالِياً / كما عَفَّ واسْتَحْيَا بِحَيْثُ رَقِيبُ
يا أيها القلب الحزين الكائبُ
يا أيها القلب الحزين الكائبُ /
بان الشباب والشباب ذاهبُ /
أَوْدَى فَلاَ يُثْنَى وَلاَ هُو آيبُ /
أَتَيْتُكَ إذْ لَمْ يَبْقَ غَيْرُكَ جَابِرٌ
أَتَيْتُكَ إذْ لَمْ يَبْقَ غَيْرُكَ جَابِرٌ / وَلاَ وَاهِبٌ يُعْطِي اللُّهَا والرَّغَائِبَا
أحب مكارم الأخلاق جهدي
أحب مكارم الأخلاق جهدي / وأكره أن أعيب وأن أعابا
وأصفح عن سباب الناس حلماً / وشر الناس من يهوى السبابا
وأترك قائل العوراء عمداً / لأهلكه وما أعيى الجوابا
ومن هاب الرجال تهيبوه / ومن حقر الرجال فلن يهابا
عَرَفْتُ مَنَازِلاً بِشِعَابِ شَرْجٍ
عَرَفْتُ مَنَازِلاً بِشِعَابِ شَرْجٍ / فَحَيَّيْتُ المَنازِلَ والشِّعَابَا
مَنَازِل هَيّجَتْ لِلْقَلْبِ شَوقاً / ولِلْعَيْنَيْنِ دَمْعاً واكْتِئابَا
خَلِيليَّ هذي زَفْرَةُ اليَوْمِ قَدْ مَضَتْ
خَلِيليَّ هذي زَفْرَةُ اليَوْمِ قَدْ مَضَتْ / فَمَا بَعْدَ مَيٍّ زَفْرَةٌ قَدْ أُطِلَّتِ
وَمِنْ زَفَرَاتٍ لَوْ قَصَدْنَ قَتَلْنني / تَقُضُّ التي تَأتي التي قَدْ تَوَلَّتِ
يَا صَاحِ هَلْ أَنْتَ بالتَّعْرِيجِ تَنْفَعُنَا
يَا صَاحِ هَلْ أَنْتَ بالتَّعْرِيجِ تَنْفَعُنَا / عَلَى مَنَازِلَ بالبَرْقَاءِ مُنْعَرَجُ
عَلَى مَنازِلَ بالطَّاوُوسِ قَدْ دَرَسَتْ / تُسْدِي الجَنُوبُ عليها ثُمَّ تَتْتَسِجُ
كَأنَّنَا يَا سُلَيْمَى لَمْ نُلِمَّ بِكُمْ
كَأنَّنَا يَا سُلَيْمَى لَمْ نُلِمَّ بِكُمْ / وتَحْتَنَا عَلَسِيَّاتٌ مَلاجِيجُ
وَلَمْ نُكَلِّمْكِ والحُسَّادُ قَدْ حَضَرُوا / وفي الكَلامِ عَنِ الحَاجَاتِ تَخْلِيجُ
وَلَمْ نَقُلْ يَوْمَ سَارَتْ عِيْسُكُمْ عَنَقاً / والدَّوْسَرِيُّ بِجَذْبِ السَّاجِ مَجْرُوجُ
سَقَى سَقَى اللّهُ جِيراناً لَنا ظَعَنُوا / لَمَّا دَنَا مِنْ رِيَاضِ الْحَزْنِ تَهْيِيجُ
لَمْ أخْشَ بَيْنَهُمُ حَتَّى غَدَوْا حِزَقاً / واسْتَوْسَقَتْ بِهِمُ البُزْلُ العَنَاجِيجُ
فَاحْتَثَّ مِنْ خَلْفِهِمْ حَادِيهُم غَرِداً / وَخُدِّرَتْ دُونَ مَنْ تَهْوَى الهَوَادِيجُ
وَأَصْبَحتْ مِنْهُمُ ضَبَّاءُ خَالِيَةً / كما خَلَتْ مِنْهُمُ الزَّوْرَاءُ فالعُوجُ
تِلكُمْ دِيَارُكُمُ بالقَفِّ دَارِسَةٌ / يَسْتَنُّ فيها عَجَاجُ الصَّيْفِ والهُوجُ
قَفْراً خَلاءً مَا يَظَلُّ بِهَا / إلاّ الظِّبَاءُ وَغِرْبَانٌ مَشَاحِيجُ
فيها أَوَارٍ وآثارٌ بِعَرْضتِهَا / وَمَاثِلٌ نَاحِلٌ في الدَّارِ مَشْجُوجُ
دارٌ لِنَاعِمَةٍ بَيْضَاءَ حُلَّتُها / عَصْبٌ يَمَان وَبُرْدٌ فِيهِ تَدْبِيجُ
وَمَوْرِدٍ آجِنٍ سُدْمٍ مَنَاهِلُهُ / كأنَّ رِيقَ الدُّبَى فِيهِنَّ مَلْجُوجُ
زَارَتْكَ سَلُمَةُ والظَّلْمَاءُ دَاجِيَةٌ / والعَيْنُ هَاجِعَةٌ والرُّوحُ مَعْرُوجُ
فَمَرْحَباً بِكَ مِنْ طَيْفٍ أَلَمَّ بِنَا / وَلَيْسَ يا سَلْمُ بي في السلم تحريج
هَلْ يُدْنِيَنَّكَ مِنْ سَلْمَى وَجِيرَتِها / قَلائِصٌ أَرْحَبيَّاتٌ حَرَاجِيجُ
هُدْلُ المَشَافِرِ أَيْدِيها مُوَثَّقَةٌ / زُجٌّ وأَرْجُلُهَا زُلٌّ هَزالِيجُ
لَمَّا لَقِحْنَ لِمَاءِ الفَحْلِ أعْجَلَهَا / وَقْت النِّكَاحِ فَلَمْ يُتْمِمْنَ تَخْدِيجُ
تفري السباع سلىً عنه تماشقهُ / كأنه بردُ عصبٍ فيه تضريجُ
قَالَتْ تَغيَّرْتَ عَنْ وُدِّي فَقُلْتُ لَهَا / لا والذي بَيتُهُ يَا سَلمُ مَحْجُوجُ
ما أَنْسَ لاَ أَنْسَ مِنْكُمْ نَظْرَةً سَلَفَتْ / في يَوْمِ عيدٍ وَيَوْمُ العِيدِ مَخْرُوجُ
إنَّ الخَلِيطَ أجَدُّوا البَيْنَ فَادَّلَجُوا
إنَّ الخَلِيطَ أجَدُّوا البَيْنَ فَادَّلَجُوا / بَانوا ولم يُنْظِرُوني أنَّهُمْ لَجِجُوا
نَزَلَ المَشِيبُ فَما يُرِيدُ بَرَاحَا
نَزَلَ المَشِيبُ فَما يُرِيدُ بَرَاحَا / وقَضَى لُبَانَتَهُ الشَّبَابُ فَراحَا
لا تَبعدَنْ مِنْ أَلْيَلٍ ذي لَذَّةٍ / وغَضَارَةٍ تَدَعُ المِراضَ صِحَاحَا
مَا كُنْتَ بَائِعَهُ بِشَيءٍ يُشْتَرَى / أَبداً وَلَوء أَنِّي أصَبْتُ رَبَاحَا
فَعَلى الشَّبابِ تَحِيَّةٌ مِنْ زَائِرٍ / يَغْدُو وَيَطْرُقُ لَيْلَةً وَصَبَاحَا
وَبِنَازِلٍ لَمَّا أَرَادَ إِقَامَةً / أَهْلاً أَرَادَ مُرُوءَةً وَصَلاحَا
فَدَعِ الشَّبَابَ فَقَدْ مَضَى لِسَبِيلِهِ / وانْظُرْ بِعَيْنَكَ بَارِقاً لَمَّاحَا
مَا زَالَ يَدْفَعُهُ الصَّبَا دَفْعَ الطَّلَى / مِنْ لَعْلَعٍ حَتَّى أَضاءَ وَلاَحَا
جَوْن الرَّبابِ عَصَى الرِّياحَ عَلَى الرُّبَا / مُتَبرِّكاً مِنْ فَوْقِها إلحاحَا
فَعَلاَ كُحَيْلَ بَني قَنانَ عَلَى الذُّرَا / حُوَّا ودُهْماً يَسْتَرِدْنَ بِطَاحَا
وكأَنَّ أَصْواتَ الحَجِيجِ عَشِيَّةً / يَبْغُونَ بالصّوْتِ الرَّفِيعِ فَلاَحَا
فِيهِ وأَصْوَاتَ الرَّوَائِمِ فَارَقَتْ / أَوْلاَدَها فَلَججنَ بَعٍدُ رَوَاحَا
يَغْشَى الوُحوشَ بِمُرْسَلٍ مِنْ مَائِهِ / مِثْلِ الزِّقَّاقِ مَلأْتَهُنَّ رِياحَا
وَتَرى صُفُوفَ الوَحْشِ في حَافَاتِهَا / كَشَمودَ يَوْمَ رَغَا الفَضِيلُ فَصَاحَا
وكأنَّ يَثْرِبَ إِذْ عَلاها وَبْلُهُ / بَلَدٌ تَغَوَّثَ أَهْلُها لِبَياحَا
سَلامٌ عَلَى البَيْتِ الذي لاَ نَزُورُه
سَلامٌ عَلَى البَيْتِ الذي لاَ نَزُورُه / مِنَ الخَوْفِ إِلاَّ بالعُيونِ اللَّوَامِحِ
وَلَوْلاَ حِذَارُ الكَاشِحينَ لَقَادَنِي / إليْهِ الهَوَى قَوْدَ الجَنِيبِ المُسامِحِ
وَلِي كبدٌ مَقْرُوحَةٌ مَنْ يَبيعُني
وَلِي كبدٌ مَقْرُوحَةٌ مَنْ يَبيعُني / بِهَا كَبِداً لَيْسَتْ بِذاتِ قُروحِ
أَبَى النَّاسُ وَيْبَ النَّاسِ أَنْ يشْتَرُونَها / وَمَنْ يشْتَرِي ذا عِلَّة بِصَحيحِ
أئنُّ من الشوق الذي في جوانحي / أنينَ غصيصٍ بالشراب قريحِ
لقد كنتُ جَلْداً قبْلَ أَنْ تُوقِدَ النَّوَى
لقد كنتُ جَلْداً قبْلَ أَنْ تُوقِدَ النَّوَى / على كبدي ناراً بطيئاً خُمودُها
ولو تُرِكَتْ نارُ الهَوى لَتَضرَّمَتْ / ولكنَّ شَوْقاً كلَّ يومٍ يَزِيدُها
فقدْ جَعَلتْ في حَبَّةِ القَلْبِ والحَشا / عِهادُ الهَوى تُولَى بِشَوْقٍ يُعِيدُها
وقد كنتُ أَرْجُو أنْ تموتَ صَبابَتي / إذا قَدُمَتْ أيَّامُها وعُهودُها
بِمُرْتَجةِ الأرْدافِ هِيفٌ خُصورُها / عِذابٌ ثَناياها لِطافٌ قُيودُها
وَصُفْرٌ تَراقِيها وحُمْرٌ أكُفُّها / وسُودٌ نَواصِيها وبِيضٌ خُدودُها
يُمَنِّينَنَا حَتَّى تَرِفَّ قُلُوبُنَا / رَفِيفَ الخُرَامَى بَاتَ طَلٌّ يَجُودُها
وَفِيهِنَّ مِقْلاقُ الوِشَاحِ كَأنَّها / مَهاة بتُرْبَانٍ طَويلٌ عَمُودُها
مُخَصَّرةُ الأوْسَاطِ زَانتْ عُقُودَها / بِأحْسَنَ مِمَّا زَيَّنَتْهَا عُقُودُها
مِنَ البِيضِ لا تَخْزَى إذا الرِّيحُ أَلْصَقَتْ / بِها مِرْطَها أَوْ زَايلَ الحَلْيَ جِيدُها
ألاَ لَيْتَ شِعري هَلْ تَغيَّرَ بَعْدَنا / مَلاَحَةُ عَيْنيْ أُمِّ عَمْرو وجِيدُها
وهل بَلِيَتْ أثْوَابُها بعدَ جِدَّةٍ / ألا حَبَّذا أخْلاَقُها وجَدِيدُها
وكنتُ أذُودُ العَيْنَ أَنْ تَرِدَ البُكا / فقد وَرَدَتْ ما كنتُ عَنْهُ أذُودُها
خَلِيليَّ ما في العيش عَيْبٌ لو انَّنا / وجدنا لأيامِ الصِّبا من يُعِيدُها
إذَا جِئْتُها بَيْنَ النِّساءِ مَنَحْتُها / صُدُوداً كأنَّ النَفْسَ لَيْسَ تُرِيدُها
ولِي نَظْرَةٌ بعد الصُّدودِ منَ الجَوى / كنظرة ثَكْلَى قد أُصِيبَ وَلِيدُها
هَل اللّهُ عافٍ عَنْ ذُنوبٍ تَسَلَّفَتْ / أمِ اللّهُ إن لم يَعْفُ عنها مُعِيدُها
لَوْ يَعْبُدُ النَّاسُ يَا مَهْديُّ أَفْضَلَهُمْ
لَوْ يَعْبُدُ النَّاسُ يَا مَهْديُّ أَفْضَلَهُمْ / مَا كانَ فِي النَّاسِ إِلاَّ أَنْتَ مَعْبُودُ
أضْحَتْ يَمِينُكَ مِنْ جُودٍ مُصَوَّرَةً / لاَ بَلْ يَمِينُكَ مِنْها صُوِّرَ الجُودُ
مِنْ حُسْنِ وَجْهِكَ تُضْحى الأرضُ مُشْرِقَةً / وَمِنْ بَنَانِكَ يَجْري المَاءُ في العُودِ
لَوْ أَنَّ مِنْ نُورِهِ مِثْقَالَ خَرْدَلَةٍ / فِي السُّودِ طُرّاً إذاً لاَبْيَضَّتِ السُّودُ
بَكَرَتْ عَلَيْكَ فَهَيَّجَتْ وَجْدَا
بَكَرَتْ عَلَيْكَ فَهَيَّجَتْ وَجْدَا / هُوجُ الرِّياحِ وأذْكَرَتْ نَجْدَا
أَتَحِنُّ مِنْ شَوْقٍ إذا ذُكِرَتْ / نَجْدٌ وأَنْتَ تَرَكْتَها عَمْدَا
قَضَى اللّهُ يَا سَمْراءُ مِنِّي لَكِ الهَوَى
قَضَى اللّهُ يَا سَمْراءُ مِنِّي لَكِ الهَوَى / بِعَزْمٍ فَلَمْ أَمْنَعْ وَلَمْ أُعْطِهِ عَمْدَا
وَكُلُّ أًَسِيرٍ غَيْرَ مَنْ قَدْ مَلَكْتِهِ / مُرجَّى لِقَتْلٍ أَوْ لِنَعْماءَ أَوْ مُفْدَى
لَعَمْرُكَ لَلْبَيْتُ الذي لا نَطُورُهُ
لَعَمْرُكَ لَلْبَيْتُ الذي لا نَطُورُهُ / أَحَبُّ إلينا مِنْ بِلادٍ نَطُورُها
أَقُولُ لِصَحْبي يَوْمَ أَشْرَفْتُ وَاجِفاً / ونفْسِيَ قَدْ كَادَ الهَوَى يَسْتَطيرُهَا
أَلاَ حَبَّذَا دَارُ السَّلامِ وَحبَّذَا / أَجَارِعُ وَعْسَاءِ التُّقَيِّ فَدُورُها
وَمِنْ مَرْقَبِ الزّوْرَاءِ دَارٌ حَبيبَةٌ / إلينا مَحاني مَتْنِها وظُهُورُها
وَسَقْياً لأعْلَى الوادِيَيْن وللرَّجَا / إذا ما بَدَتْ يَوْماً لِعَيْنَيْكَ نُورُها
وبالبرقِ أَطْلاَلٌ كأنَّ رُسُومَها / قَراطِيسُ رُهْبَانٍ تَلُوحُ سُطُورُها
تَحَمَّلَ منها الحَيُّ لمَّا تَلَهَّبَتْ / لهم وَغْرَةُ الشِّعْرَى وَهَبَّ حَرُورُها
وَفي الحَيِّ غَرَّاءُ الجَبينِ كأنَّها / غَمَامَةُ صَيْفٍ مُسْتَهلٌّ صَبِيرُها
وَلَمَّا رَأَيْنَا نِعْمَةَ اللَّهْوِ قَدْ مَضَتْ / بِطِيَّتِها أيَّامُها وشهُورُها
عَزَفْنا وَمَا كانَتْ بِأَوَّلِ نِعْمةٍ / مَحَتْهَا اللَّيالي كَرُّها ومُرُورُها
فكم قد رأينا من تكدر عيشة / وأخرى صغا بعد اكدرار غديرُها
وَقَدْ تَغْدِرُ الدُّنْيا فيُضْحى غَنِيُّها / فَقيراً وَيَغْنَى بَعْدَ بُؤْسٍ فَقيرُها
إذَا يَسَّرَ اللّهُ الأمُورَ تَيَسَّرَتْ / وَلانتْ قُواهَا واستَقَادَ عَسِيرُها
وَمَا الجُودُ مِنْ فَقْرِ الرِّجالِ وَلاَ الغِنَى / وَلكِنَّهُ خِيمُ الرِّجَالِ وَخِيرُها
فَكَمْ طَامِعٍ فِي حَاجَةٍ لا يَنالُها / وَكَمْ بَائِسٍ مِنْهَا أَتَاهُ بَشِيرُها
وَكَمْ خَائِفٍ صَارَ المَخُوفَ وَمُقْتِرٍ / تَمَوَّلَ والأحْدَاثُ يَحلُو مَرِيرُها
تَقَلَّبْتُ في الإخوانِ حَتَّى عَرَفْتُهُمْ / ولا يَعْرِفُ الإخوانَ إلاَّ خَبِيرُها
فَلاَ أَصْرِمُ الخِلاَّنَ حَتَّى يُصَارِمُوا / وحَتَّى يَسِيرُوا سِيرَةً لا أسِيرُها
فَإِنَّكَ بَعْدَ الشَّرِّ ما أَنْتَ وَاجِدٌ / خَلِيلاً مُدِيماً شِيمَةً لا يُديرُها
وإِنَّكَ في غَيْرِ الأخِلاَّءِ عَالِمٌ / بأَنَّ الذي يخْفَى عَلَيْكَ ضَمِيرُها
فَلا تَكُ مغْرُوراً بمَسْحةِ صَاحِبٍ / مِنَ الوُدِّ لاَ تَدْرِي عَلاَمَ مَصِيرُها
وَنَفْسَكَ أكْرِمْ عَنْ أُمُورٍ كَثِيرةٍ / فَما لَكَ نَفْسٌ بَعْدَها تَسْتَعِيرُها
وَكَمْ قَدْ رَأَيْنا مِنْ تَكدُّرِ عِيشَةٍ / وَحالٍ صَفَا بَعْدَ اكْدِرَارٍ غَدِيرُها
وَنَفْسَكَ فاحْفَظْهَا وَلاَ تُفْشِ للوَرَى / مِنَ السِّرِّ مَا يُطْوَى عَلَيْهِ ضَمِيرُها
فَمَنْ يَتَّبِعْ مَا يُعْجِبِ النَّفْسَ لاَ يَزَلْ / مُطِيعاً لها في فِعْلِ شَيْءٍ يضيرُها
وَلاَ تَقْرَبِ الأَمْرَ الحَرامَ فإنَّهُ / حَلاوَتُهُ تَفْنَى وَيَبْقَى مَرِيرُها
ولا تُلْهِكَ الدنيا عن الحق واعْتَمِلْ / لآخِرةٍ لابُدَّ أَنْ سَتَصِيرُها
فَمَا يَحْفَظُ المكْتُومَ مِنَ سِرّ أَهْلِهِ / إذا عُقَدُ الأسْرَارِ ضَاعَ كَثِيرُها
مِنَ القَوْمِ إلاَّ ذُو عَفافٍ يُعِينُهُ / عَلَى ذَاكَ مِنْهُ صِدْقُ نَفْسٍ وخِيرُها