المجموع : 37
إِن تكن جازِعاً لَها أَو صبورا
إِن تكن جازِعاً لَها أَو صبورا / فَلَياليك حكمها أَن تجورا
تصحبنك الضدين ما دمت حيّاً / نوباً تارة وطوراً سرورا
ربما استكثر القليل فَقيرٌ / وَغَني بها استقلَّ الكثيرا
فكأَنَّ الفَقير كان غنياً / وكأَن الغَني كان فَقيرا
فَحذاراً من مكرها في مقامٍ / لست فيه تحاذر المحذورا
نذرت أَن تسيء فعلا فأَمسَت / في بني المُصطَفى تقضّي النذورا
يوم عاشور الَّذي قد أَرانا / كل يوم مصابه عاشورا
يوم حفت بابن النبي رجالٌ / يملأون الدروع بأَساً وَخيرا
عمروها في اللَه أَبيات قدس / جاورت فيه بيته المعمورا
ما تمرَّت بالطف حتىّ كَساها / اللَه في الخلد سندساً وَحَريرا
لم تعثر أَقدامها يوم أَمسى / قدم الموت بالنفوس عثورا
بِقُلوبٍ كأَنَّما البأس يدعو / ها بقرع الخطوب كوني صخورا
رفعت جرد خيلهم سقف نقعٍ / أَلف الطير في ذراه الوكورا
حاليات يرشحن بالدم مرجا / ناً ويعرقن لؤلؤاً منثورا
حلق الزغف والوجوه بليل / النقع يطلعن أَنجماً وبدورا
عشقوا الغادة الَّتي أَنشقتهم / من شذاها النقع المثار عبيرا
قَد تَلقوا سهامها بصدورٍ / جعلوهن للسهام جفيراً
لازموا الوقفة الَّتي قطرتهم / تحت ظل القنا عفيراً عفيرا
فخبوا أَنجماً وَغابوا بدوراً / وهووا أَجبلاً وغاضوا بحورا
من صَريع مرمل غسَّلته / من دماه السيوف ماءً طهورا
ومعرّى على الثرى كفنته / أَمه الحرب نقعها المُستَثيرا
عفَّر الترب منهم كلَّ وَجهٍ / علَّم البدر في الدجا أَن ينيرا
وَنِساءٍ كادَت باجنحة الرعب / شَظايا قلوبها أَن تطيرا
كَم مدير بسوطه فلك الضرب / عليهن فاِغتدى مستديرا
صرن في حيث لو طلبن مجيراً / بسوى السوط لم يجدن مجيرا
لو يَروم القطا المثار جناحاً / لأَعارته قلبها المذعورا
يا لحسرى القناع لم تلق إِلّا / آثماً من أُميَّةٍ أَو كفورا
أَوقفوها على الجسوم اللواتي / صرن للبيض روضة وغديرا
فَغَمرن النحور دمعاً ولو لَم / يك قانٍ غسلن فيه النحورا
علَّ مستطرقاً يرى الليل درعاً / وَعَلى نسجها النجوم قتيرا
إِن أَتى سر من رأى فليعرّج / نحو غاب قد ضم ليثاً هصورا
يبلغن المهدي عني شكوى / قلَّ في أَنَّها تضيق الصدورا
قل له إِن شممت تربة أَرض / وَطأت نعله ثراها العطيرا
وتزودت نظرة من محياً / تَكتَسي من بهائه الشمس نورا
قم فانذر عداك وهو الخطاب / الفصل أَن تجعل الحسام نذيرا
كائناً للمنون هارون في البعث / لموسى عوناً له وَوَزيرا
قد دجا في صدورهم ليل غيٍ / فيه يَهوى نجم القنا أَن يغورا
أَو ما هزَّ طود حلمك يَومٌ / كان للحشر شرُّه مستطيرا
يوم أَمسى الحيسن منعفر الخدَّ / ين فيه ونحره منحورا
أَفتَدي منه مخدراً صار يحمي / بشبا السيف عَن نساه الخدورا
ليس تدري محبوكة الدر ضمَّت / شخصه في ثباته أَم ثبيرا
أَعدت السيف كفه في قراها / فَغَدا في الوغى يضيف النسورا
يوم طارَت أَعناقها بحسام / عَن شباه طير الردى لن يَطيرا
صار موسى وآل فرعون حرب / وَالعَصا السيف والجواد الطورا
واصريعاً بثوب هيجاه مدرو / جاً وفي درع صبره مقبورا
كَيفَ قرَّت في فقد ممسكها الا / رض وقد آن بعده أَن تمورا
قَد قَضى في الهجير ظامٍ ولكن / بحشى حرُّها يشب الهجيرا
صار سدراً لجسمه ورق البي / ض ونقع الهيجا له كافورا
أَحسين تقضي بغير نصير / مستضاماً فلا عدمت النصيرا
بأَبي رأَسك المشهر أَمسى / يحمل الرمح منه بدراً منيرا
بأَيِّ حمى قلب الخَليط مولع
بأَيِّ حمى قلب الخَليط مولع / وفي أيّ دارٍ كاد صبرك ينزع
إِذا أَنكرت منك الديار صبابة / فقد عرَفتها أَدمعٌ منك همَّع
وقفنا بها لكنها أَي وقفَةٍ / وجدنا قُلوباً قد جرت وهي أَدمع
ترجع ورقاء الصدى في عراصها / فَتُنسيك من في الأَيك باتَت ترجع
مضَت وَمَضى قَلب المشوق يؤمُّها / فَلا نأيها يَدنو ولا القَلب يرجع
فأَرسلت دَمعي فيهم حيث أَسرعوا / وودعت قَلبي فيهم حيث ودعوا
كأَنَّ حَنيني وانصباب مدامعي / زلازل إِرعادٍ به الغيث يهمع
جزعت ولكن لا لمن بان ركبهم / وَلَولاك يوم الطف ما كنت أَجزع
قَضَت فيك عطشى من بَني الوحي فتية / سقتها العدى كأس الردى وهو مترع
بيوم أَهاجوا بالهياج عجاجة / تقنع وجه الشمس من حيث تطلع
يَفيض نَجيع الطعن والسمر شرَّع / وَيسود ليل النقع والبيض لمَّع
بَخيلٍ سوى فرسانها ليس تَبتَغي / وقوم سوى الهيجاء لا تتوقع
تجرد فوق الجرد في كل غارَةٍ / حداد سيوف بينها الموت مودع
عليها من الأَقران كل ابن نجدَةٍ / يردُّ مريع الموت وهو مروَّع
أَحب اليها في الوَغى ما يضرها / إِذا كانَ مِمّا للمفاخر ينفع
وَما خسرت تلك النفوس بموقفٍ / يحافظ فيها المجد وهي تضيَّع
تدفِّع من تحت السوابق للقنا / نفوساً بغير الطعن لا تتدفع
وَلما أَبَت إِلّا المَعالي بمعرك / به البيض لا تحمي ولا الدرع تمنع
هوت في ثرى الغبرا ولكن سَما لها / على ذروة العلياء عز مرفع
فبين جَريح وهو للبيض أَكلةٌ / وبين طريح وهو للسمر مرتع
ثَوَت حيث لا يَدري بيوم ثوائها / أصيبت اسود أَم بنو الوحي صرعوا
فمنعفر خد وصدرُ مرضضٌ / وَمختضب نحرٌ وجسم مبضع
كأَني بها في كربلا وهي كعبةٌ / سجود عليها البيض والسمر ركَّع
فَيا لوجوه في ثرى الطف غيَّبت / ومن نورها ما في الأَهلة يسطع
وَلما تعرَّت بالعراء جسومها / كَساها ثياباً مجدها ليس تنزع
وظمآنة كادَت تروي غليلها / بأدمعها لو كان يروي وينقع
فذا جفنها قد سال دمعا وَقلبها / بكف الرَزايا بات وهو موزع
تبيت رَزايا الطف تأسر قلبها / وَتطلقه أَجفانها وهو أَدمع
هوت فوق أَجسادٍ رأَت في هوِّيها / حشاشاتها من قبلها وهي وقَّع
فَيا منجد الاسلام إِذ عَزَّ منجدٌ / وَيا مفزع الداعي إِذا عزَّ مفزع
حسامك من ضرب الرقاب مثلَّم / وَرمحك من طعن الصدور مصدَّع
فَما خضت بحر الحتف إِلّا وقد طَغى / بهام الأَعادي موجه المتدفع
إِذا حسرت سود المَنايا لثامها / فَللشمس وجه بالغبار مقنع
وَلَم أَدرِ يوم الطعن في كل فارس / قناتك أَم طير الردى فيك أَطمع
فجمعت شمل الدين وهو مفرَّق / وَفرَّقت شمل الشرك وهو مجمَّع
إِذا لم تفدهم خطبة سيفك اغتدى / خَطيباً على هاماتهم وهو مصقع
له شملة لو يطلب الافق ضوءها / لأَبصرت شمساً لم تغب حين تطلع
وَلَو كانَ سمع للصوارم لاغتدى / مجيباً إِلى داعي الوغى وهو مسرع
بِنَفسي جسماً قد حمى جانب الهدى / عشية لا تحمى سيوف وأَدرع
وقفت وقد حمَّلت ما لو حملنه / الجبال الرواسي أَصبحت تتصدع
ترِّحب صدراً في امورٍ لو أَنَّها / سرَّت بين رحب ضاق وهو موسع
بحيث الرماح السمهريات تَلتَوي / عليك وبيض المشرفيات تلمع
فَلا عَجَبٌ من هاشم حيث لَم تكن / تذب بيوم الطف عنك وتدفع
إِذا ضيَّعت حق الوصي ولم تقم / بنصرته فاليوم حقك أَضيع
تشيّع ذكر الطف وقفتك الَّتي / بقيت لديها عافراً لا تشيّع
لَقَد طحنت أَضلاعك الخيل والقنا / بجنبيك يوم الطف منهن أَضلع
فنحرك منحور وصدرك موطأ / وَرأَسك مشهور وجسمك مودع
إِذا لم تضيِّع عهد دَمعي جفوننا / عليك فعهد الصبر منّا مضيّع
وَإِن جفَّ صوب الدمع باتَت قلوبنا / لهن عيون في مصابك تدمع
وإِن أَدركت بالطف وترك هاشم / فَلا المجد منحط ولا الأَنف اجدع
تروي القنا الخطار وهي عواطش / وَتشبع ذؤبان الفلا وهي جوَّع
تدافع عن خدر الَّتي قد تقنعت / بسوط العدى إِذ لا خمار يقنع
أَموقع يوم الطف أَبقيت حرقة / لها كل آن بين جنبي موضع
سأبكيك دَهري ما حييت وإِن أَمت / فَلي مقلة عبرى وقلب مفجع
بِنَفسي أَوصال المكارم واصلت / سيوف العدى ثم اِنثَنَت تتقطع
مصارعها في كربلا غير أَنَّها / لها كلَّ آنٍ نصب عيني مصرع
عطن بذات الرمل وهو قديم
عطن بذات الرمل وهو قديم / حنت بواديه الخماص الهيم
وَتذكرت بالأنعمين مرابعاً / خضر الأَديم ونبتهن عميم
أَيام مرتبع الركائب باللوى / خضل وماء الواديين جميم
ومن العذيب تخب فيغلس الدجى / بالمدلجين مسومات كوم
وَالركب يتبع ومضة من حاجز / فكأَنَّه بزمامها مخطوم
سل أَبرق الحنان عن جيراننا / هل حيهم بالأَجرعين مقيم
والثم ثرى الدار الَّتي بجفوننا / يَوم الوداع ترابها ملثوم
واحلب جفونك ان طفل نباتها / عن ضرع غادية الحيا مفطوم
عجباً لدار الحي انتجع الحيا / وَأَخو الغوادي جفني المسجوم
وَمولع باللوم ما عرف الجوى / سفهاً يعنف واجداً وَيَلوم
فاجبته والنار بين جوانحي / دعني فرزئي بالحسين عظيم
انعاه مفطور الفؤاد من الظما / وَبنحره شجر القنا محطوم
جم المناقب منه يضرب للعلى / عرق بأَعياص الفخار كَريم
فَلَقَد تَعاطى وَالدماء مدامة / وَلَقَد تنادم والحسام نديم
في حيث أَودية النجيع يمدها / بطل بخيل الدارعين يعوم
لباس محكمة القتير مفاضة / يندق فيها الرمح وهو قويم
يَعدو وحَبّات القلوب كأَنَّها / عقد بسلك قناته منظوم
يَغشى الطَريد شبا الحسام وَرأَسه / قبل الفرار امامه مهزوم
وَمَضى يريد الحرب حتىّ انه / تحت اللواء يموت وهو كَريم
واختار ان يقضى وعمته الضبا / فيها وأَضلعه القنا المحطوم
وَمَضى بيوم حيث في سمر القنا / قصدو في بيض الضبا تثليم
وَقَضى وسيم الوجه فوق جبينه / للعز من أثر الضبا توسيم
ثاوٍ بظل السمر يشكر فعله / في الحرب مصرعه بها المعلوم
عَجَباً رأى النيران بابن قسيمها / برداً خَليل اللَه ابراهيم
وابن النَبي قَضى بجمرة غلة / منها يذيب الجامدات سموم
فَدماؤه مسفوكة وَنساؤُهُ / مهتوكة وتراثه مقسوم
تَاللَه عند ضئيل تيم فيؤه / أَودى به التَوزيع وَالتَقسيم
يوم تطرق فتنة لَولاه لَم / تنتج رَزايا كربلاء عقيم
هم قدموه لامرة بضلالها / أَمسى لَه يتمهد التقديم
هجموا على حرم أُميَّة بعدهم / بالطف ساغ لها عليه هجوم
وَكريمة الحسبين باسم زعيمها / هتفت عشية لا يجيب زعيم
هتَكوا الحَريم وأَنت أَمنع جانباً / بحمية فيها يصان حريم
تَرتاع من فزع العدو يتيمة / وَيحن من أَلم السياط يتيم
تَطوي الضلوع على لوافح زفرة / خرساء تقعد بالحشا وَتَقوم
في حيث قِدرُ الوجد توقد نارها / ملأ الجوانح زفرة وهموم
فتمج بالحادي ومن احشائها / جمعت شظاياً ملؤهن كلوم
اما مررت على جسوم بني أَبي / دَعني وَلَو لوث الأَزار أقيم
وأَروح الثم كل نحر منهم / قبلي بافواه الضبا ملثوم
واشم من تلك النحور لطائماً / فيهن خفاق النسيم نموم
وَبرغمهم أَسبى وأَترك عندهم / كبداً ترف عليهم وتحوم
أَنمى بدوراً تحت داجية الوَغى / يطلعن منها للرماح نجوم
أَكل الحديد جسومهم ومن القنا / صارَت لأرؤسهم تنوب جسوم
فقضوا حقوق المجد دون مواقف / رعفت بهنَّ أَسنة وَكلوم
ماتوا ضراباً والسيوف بوقفة / فيها لأظفار القنا تقليم
ومشوا لها قدماً وحائمة الردى / لهم باجنحة السيوف تحوم
بِلادنا الحلة الفيحا قد اِعتصمت
بِلادنا الحلة الفيحا قد اِعتصمت / بالمُصطَفى وَبَني الزهراء تحميها
وَكلما استعَرَت نار الوباء بها / فاننا بعزاء السبط نطفيها
للعسكريين رحلنا وَفي
للعسكريين رحلنا وَفي / حَماهما لذنا بكهفين
وَقَد كسبنا الاجر في منهج / أَمن رجعنا للجوادين
ان فاز من زار إِماماً فقد / فزنا من الأَجر بضعفين
لأَنَّنا من عترة المُصطَفى / زرنا إِمامين إِمامين
قَد حملت نشرك يا معطاره
قَد حملت نشرك يا معطاره / صباً بنجد طيَّبت عراره
سرت بريّاك فظن صاحبي / قَد فَضَّ دارِيٌّ لنا عطاره
خمرت وَجهاً لو رأَته لبست / شمس الضحى من خجلٍ خماره
رأَت نساء الحي برق حاجرٍ / يزجى الى خبت النقا عشاره
حسبنه خلف البيوت ضرماً / فرحن وهنا يقتبسن ناره
زرَّ على السحب بنجدٍ جيبه / وحلَّ في تهامةٍ أَزراره
ياهل طرقت طنباً لغلمةٍ / تحرس في نجم القنا أَقماره
فبالخبا ريّاالشباب سجفها / تمنع عنه قومها من زاره
تشير لي خلف القنا بمعصم / فعمته قد فصمت سواره
لَو ينتَضي موتورهم من جفنها / سيفاً لرد مدركاً أَو تاره
أَو أَدركوا في الطعن رمح قدّها / عافوا القنا واِعتقلوا خطاره
احبب بليل ميَّةٍ وقد غدا / يَقضي أَخو اللهو بها أَوطاره
يَستاف طوراً فيه ورد خدها / وَتارة يلثم جلّناره
حتىّ إِذا كف الصباح لطمت / وَجه الدجي ومزقت أَطماره
وَصار بالصبح كعبد محرم / بات يشد بالصفا أَزاره
أَرخت عن الواشي لها غدائراً / سوداً أَحال ليلها نهاره
وانصرفت تستاف من أردانها / لطيم مسك يسحقون فاره
قلت اِستعرت لحظ ظبي رامةٍ / قالت بها لحظي هو اِستعاره
يا من رأَى لي بالكناس ناشئاً / يعقد فوق بانة زنّاره
عاقرني وردية مازجها / خداً أَرى في كأسها احمراره
يدير كأساً قد غدت تصبغه / حمرتها عن خد من أَداره
على رياض حاك ريعان الصبا / فيه رداء لبست بهاره
اعرس منها النور في مفّوف / كانَت دنانير الحيا نثاره
ذو عبقٍ كأَنَّما قد عطرت / نفحة عرس حسن أَزهاره
لاحَ بناد البشر منه قَمَرٌ / قال الورى سبحان من أَناره
بورك في أُفق السماح طالعاً / بدر ندى لا نَختَشي سراره
إِذا تَصَدَّت لندى بنانه / أَجرت عباب كرم تياره
يا رائدي الأَفراح إِنَّ غصنها / أَينع قوموا فاِجتَنوا ثماره
بشراكم في فرحةٍ لمثلها / محمد قد أَكثر اِستبشاره
يا خير زاكٍ غرست كف العلا / من قبل في طينتها نجاره
قلت لمرتاد الندى مغلّساً / في السير يمم في الركاب داره
حيّ بممدود الرواق أَغلبا / يلبس عن شد الحبا وقاره
لَو تَستَطيع هاشم لمجدها / لفَّت على رؤوسها فخاره
وَغلمة منه على نار القرى / بانت تقص بالندى أَخباره
فَما دَجَت ليلة سار وهم / لخابطيها يوقدون ناره
يفديك سبط الراحتين ذويد / قد قبضت من لؤمها ديناره
لَو كان ضرع ديمة بنانه / ما بلَّ قسبا حالبٌ قطاره
أَو عصرت راحته ما سمحت / بقطرة يغسل فيها عاره
تَقول لي في مدحكم قرائحي / هَذا أَوان الشعر يا مهياره
فَقامَ مني للثناء أَفوهٌ / يحكم في مديحكم أَشعاره
سرت له من نحوكم صنائعٌ / نبهن بعد رقدةٍ افكاره
مثل الحسام حلَّ فيه صدأ / ثم القيون صقلت غراره
يا مُستَشاراً يوم أعوز الورى / فيه حصيف الرأي مستشاره
لَقَد بنت قومك بيت سؤددٍ / أَضحى عليك مرخيا ستاره
فاِشتَركت في المجد قدما ونرى / عندك يا واحدها انحصاره
حملت عبأ منه لَو ناء بهِ / سوى الحسين لاشتكى أَوقاره
فَتى سرى من رأيه بكوكب / لو ساير النجم غدا سيّاره
يا من به قد أَودع الفضل الَّذي / ما بلغت كل الورى معشاره
يضم منك الليل خير ناسك / عاقد في خشوعه أَسحاره
كَم ذي لِسانٍ طالع عن شدقه / كالصل جاء نازعا وجاره
إِذا الكَلام جاش يوما بحره / قال سواي لم يعم غماره
يعقده بالعي منك فيصل / أَضحى فنيق كلم هداره
وَيَغتَدي لسانه من صمته / ميتا يَرى في فمه إِقباره
يا من رأت منه بمضمار العلا / سبقا فظنت تَقتَفي آثاره
خلفك عجزاً عَن بلوغ سابقٍ / إِلى العلا لن تلحقي غباره
تقاصري عن العلا عاجزةً / بوعك فيها لم تطل أَشباره
أَدرك مجد قومه موطداً / موسى فاعلى بعدها مناره
ما اِنتسبت لقومه أَكرومة / إِلّا وزرَّ فوقها أَطماره
ظلَّ السماح خابطا عن مبركٍ / حتىّ أَناخَ بهم عشاره
هم أَعتقوا رق الزَمان وغدوا / يَستَعبِدون بالنَدى أَحراره
فأَسروا بمنّهم طليقه / وأَطلقوا بمنِّهم أَساره
قد نبت يا بن المُصطَفى
قد نبت يا بن المُصطَفى / عن خير مفقود منابه
لمصابه التهب الفؤاد / وأَنت أَخمدت التهابه
لَو لَم تكن بمكانه / لم يسل ذو وجد مصابه
إِن يضطرب ركن الفخار / فأَنت أَمسكت اضطرابه
دم والمُلوك تخرُّ سا / جدةً بحضرتك المهابه
واسبر لغور الدهر يا / من رأَيه عين الاصابة
وافخر بمجدٍ فوق ها / م النجم منشور الذوابه
حيث الرجاء ينيخ في / أَبيات مجدكم ركابه
لك راحة درَّت لها / عن كل أَنملة سحابه
دم فاتِحاً باب الندى / إِن أَغلق الكرماء بابه
فلك النقابة أَصبحت / يا ليثها المرهوب غابه
فاعقد ردائيها على / محض السيادة والنجابه
إِن زينت أَحداً سواك / فانت زينت النقابه
عمَّ الأَجانب يمنها / بشراً وخص ذوي القراب
لحبيبكم سرَّت فؤاداً / رزؤكم قطعاً أَذابه
قد رشحته طينةٌ / للمجد منكم مستطابه
إِن يَنتَسِب لكم فقد / كرَّمتم بكم اِنتسابه
منكم تَهادَت نفحَةٌ / عادَت معطَّرة ثيابه
لا زلتم والمجد يبقى / ضارِباً فيكم قبابه
بمناقب لم يحصيها / بكتابة قلم الكتابه
أحييت بالديمتين الفضل والكرم
أحييت بالديمتين الفضل والكرم / أمنية المعدمين العرب والعجم
فَلِلرَعيَّة كم اسبغتها نعماً / أعطاكها مستزيداً سابغ النعم
لَقَد حمَت حوزة الإسلام منك يد / عادت بها حوزة الإسلام في حرم
عادَت بدولتك الدنيا ممهدة / بآية المصلحين السيف وَالقَلَم
عقدت في مشرق الدنيا ومغربها / لواء عدلك منشوراً عَلى الأمم
حيث المَساعي بوجه الهر ضاحكة / ضحك الكواكب في داج من الظلم
ارخيت ضرع بنان من حلوبته / أَمسى رضيع الاماني غير منفطم
ان المُلوك وان جلوا وان كرموا / هاماتهم لك أَمست موطئ القدم
بنيت دار شفاء ان شكت أَلَماً / قوم فيمنك يشفيها من الأَلَم
دار خلعت عليها ثوب أَبهةٍ / فاضحت اليوم في شأن وفي عظم
لَو طاوَلَت ارما ذات العماد اذاً / لطال سمك مبانيها على أرم
أَحييت ناحلة الابدان من فئةٍ / قد كادَ يقضي عليها السقم بالعدم
اخلاقك الغر هبت بالشفاء لهم / فاصبحت تنعش المرضى من السقم
ارقدتها مقلا قرت بساحتها / نوماً عيون البرايا وهي لم تنم
قدم حساماً على الأَعداء منصلتاً / ماضي المضارب بالأَعناق والقمم
فَلَقَت هام العدى في فيلق لجب / منها بحد شبا الأَسياف منتقم
كل ابن حرب ببرد الصبر مشتمل / بأَساً وفي مستشار النقع ملتثم
مجرداً للأَعادي مخذماً بيد / كانَت لدى الفتك امضى من شبا الخذم
حيث السوابق في غمر الوغي سفن / تعوم من جثث القَتلى ببحر دم
لم يوردوها وغي إِلّا وقد صدروا / من الدماء بها محمرة اللجم
هابَت سيوفك يَقضي وهي لو رقدت / لروعت من شباها وهي في الحلم
قَد غمها ملتقى الهيجا ولو جنحت / للسلم الفتك عنها كاشف الغمم
من حامل لي موفور الثناء الى / عبد الحميد حميد الفضل والشيم
ملك بحضرته صيد الملوك سمت / بغاية الفخر مذ عدت من الخدم
يا من معانيه جلت عن مديح فتى / نامي المقال بمنثور ومنتظم
ان ضاق للدهر في أَوصافهم فم / فَعاذر في ثناها ان يضيق فمي
لكن مجدك في نظم القريض لَقَد / أَمد باعي وأَعلى في الثنا هممي
يا من لنعماه أَهل الأَرض شاكرة / شكر الرياض لهطال من الديم
مذ توجتك العلى اكليل مفخرها / رصعته بالثنا من جوهر الكلم
فاسلم الينا رئيس المسلمين ودم / غوثاً لمستصرخ كهفاً لمعتصم
ولا تَزال بنور اللَه مبتهجاً / تجلو لنا شبهات الظلم والظلم
درت ان منها العيون النجل
درت ان منها العيون النجل / على العاشقين سيوف تسل
أَخو الحب خالسها نظرة / فامسى صريع سيوف المقل
بعذب اللمى عللت والهاً / درى بلماها شفاء العلل
مهفهفة قدها بالنهوض / يخف ويثقل منها الكفل
اقول لمن هام بالغانيات / وامسى بخمر التصابي ثمل
دَع الغانيات وخذ في ثناء / إِمام الهدى وابن خير الرسل
اخو الفضل يَبيض وجه الرجاء / لديه ويخضر روض الامل
اخو الحلم ان حل صدر الندي / تظن بضمن حباه جبل
مليك تود جفون الورى / بثربة اقدامه تكتحل
أَيابن الاولى لم تزل في الندى / اكفهم قاتلات المحل
هم الاكرمون ومن جدهم / كتاب المجيد عليه نزل
بعلمك فقت علوم الورى / وَما طافح البحر مثل الوشل
وَبالفضل أَنت عديم المثيل / ومجدك يضرب فيه المثل
فَيا ماجِداً نالها رفعة / من المجد ينحط عنها زحل
تَفرعت من دوحة عرقها / بخير الورى احمد يتصل
لان غاب شخصك عن ناظري / فذكرك في القلب لم يرتحل
ظفرت على رغم انف الحسود / بها انعما ليس عنها حول
تَهوى الثريا ان تكون فرائد
تَهوى الثريا ان تكون فرائد / العقد النظيم بنحرها يتعلق
وَتود أَزهار الرَبيع بنشره / لا بالعَبير نسيمها يتفتق
هو روضة الأَدب الَّتي ما بينها / ماء الفصاحة لم يزل يترقرق
قالوا بطيب المسك يعبق نفحهُ / اني وطيب المسك منه يعبق
أَوَ لَم يكن ينمى لحيدر الَّذي / لَولاه ما عرف الفصاحة منطق
من أَفوه لو كان حد لسانه / سيفا لراعك من شباه مذلق
في حيث لا وادي القريض بمائه / وشل ولا بصفائه مترنق
ضرب الكواكب ثم سار فقلت قف / جاوزت أَعلاها فاين تحلق
باغر من آل النبي يضمه / بيت باطراف الاباء مسردق
عجبا لانمله الرطيبة لم يكن / يخضر فيهن اليراع ويورق
ان تعل شقشقة العتاب فانه / علم على جيش القوافي يخفق
ما انفك يسقي الطرس منه مرعدٌ / بسجال شؤبوب البلاغة مبرق
يهتز من تحت البنان كأَنه / نشوان يصبح بالمدام ويغبق
أَبا حسن بشراك في دارك الَّتي
أَبا حسن بشراك في دارك الَّتي / نضارتها فيها العقول تحيرت
هي الدار يندى بالسماح ترابها / كأَن أَرضها من طينة المجد صورت
كست تربها أَخلاقك الغر نفحة / فَطابَت بريّا المسك نشراً وعطرت
فعمرتها والسعد فيها مقارن / فسعدك أَرخنا بدار تعمرت
لَو كانَ ينطق صامت
لَو كانَ ينطق صامت / وله لسان غير قاصر
لغدت تطيل من الثناء / عليك أَلسنة المنابر
فَلَو كانَ ينمى جيد الشعر لانتمى
فَلَو كانَ ينمى جيد الشعر لانتمى / الى شاعر من آل نوح مهذب
وَلَو كانَ ينمى جيد الشعر لانتمى / إِلى مبدع في كل فنِّ ومغرب
إِذا دامَ لا تهوى من الناس صاحباً / فَفي الشمس ما يغنيك عن ضوء كوكب
أَيعذر من كان لم يسعد
أَيعذر من كان لم يسعد / عَلى ما اذاب حشى المكمد
أَفي كل يوم خيول الردى / تصول على سيد سيد
وَفي كل يوم خطوب الزَمان / تَعود باعظم مِمّا بدى
لمن اصبحت هذه الكائنات / بغير ردا الوجد لا نَرتَدي
فكم ليل انس به أَبيض / وصبح لفقدانه أسود
فمحرابه اليوم من بعده / ينوح عليه مع المسجد
وَللبيت نوح واركانه / عليه مع الحجَر الأَسود
فيا لِفَقيد مضى شخصه / وَبيض مساعيه لم تفقد
وَنوح الملائك فوق السما / على حيدر الطهر أَم أَحمد
ومن سار بالصبر من بعد ما / أَتى بالمفاخر وَالسؤدد
ومن حط من هاشم شاهقا / تسامَت ذراه عَلى الفرقد
يَقول لساني وماذا يَقول / ببحر الندى وَضياء النَدي
فَلَيتَ قنا الدين لم تنصدع / وَسيف الهداية لم يغمد
أَبا صالح فبمن تهتَدي / جَميع الوَرى وبمن تَقتَدي
فَكَم ناظر سال في دمعه / عليك وَكَم ناظر أَرمد
أَيعذر جفني بترك البكاء / وَيعذر ان هو لم يرقد
فَداؤُكَ نَفسي ومن لي بِذاك / لَو ان مولى بعبد فدى
بجيش أَتاك الردى أَم أَتى / حماك بعزمة مستنجد
أَو استعلم الموت أَنت الكَريم / فَجاءَك في صورة المجتدي
ام السهم حيث رَماه رماك / فبلغه غاية المقصد
فَكفك والجود في حفرة / وَصَدرك والعلم في ملحد
فَكَم بنعائك من منشئ / وَكَم برثائك من منشد
وَحمر المدامع لم تنسكب / بغير النواظر والاكبد
وَيوم اِرتحالك لم ينصرف / وَنار افتقادك لم تخمد
وان تَبقَ ملقى بلا حفرة / وَقَد نلت ما نلت من محتد
فجدك قدما ثلاثاً ثوى / بارض الطفوف ولم يلحد
فَحيّا ثراك سحاب الرضا / يَروح عليه كَما يَغتَدي
بَني المجد ضلت صروف الزَمان / رواق حماكم فَلَم تَهتَدِ
ولا الدهر عاد عليكم بما / أَتى من عوائده العود
فانتم لِذي العرش آياته / وَلَولاكم اللَه لَم يعبد
أَعلى البرق بالغوير تراءى
أَعلى البرق بالغوير تراءى / باتَ بالكف يجمع الأحشاء
أَم شجته عشية لحنة الورق / فامسى يطارح الورقاء
أَم بذات الغضا ركائب نجد / عارضته فهيجت منه داءا
يوم ضمَّ الصَعيد منا هماماً / ملء برديه عفة واباءا
خلياني وزفرة خرساء / رب داء في النفس اعيا الدواءا
افرغت اضلعي من القلب لكن / ملأت ناظريِّ منه دماءا
كلما ثقف الزَفير ضلوعي / قلت زيدي على الزَفير انحناءا
لا تَسري لجسمك الداء يا من / لَيسَ طب سواه يبري الداءا
لَو أَتاه أَبو الاطباء لقمان / سقيما لقال صف لي دواء
ان خبا كوكب فذا من حسين / بسما المجد كوكب قد اضاءا
ان يكن بالعلاء يفخر ذو الفضل / فَقَد كانَ للعلاء علاءا
قد ترقى في حيث صار / باذيال علاها يعمم الجوزاءا
لا عدمت العزاء يا صفوة / المجد برزء يهوّن الأرزاءا
كل شهم منكم يرينا كَريماً / يَلبس الصبر نثرة حصداءا
بِقُلوب رقت وفي الصبر منها / يقرع الخطب صخرة صماءا
فَلَو أَن الكمي بالطعن والضرب / عن الماجدين ردَّ القضاءا
لوَقاك الحمام كل طَويل الباع / في رمحه يحك السماءا
قعقع الرعد في سحابة مزن / لثراكم يسوقها عشراءا
فاريحت بجانب الترب من / قبرك تشكو من ثقلها الاعياءا
فرأَته يندى سماحاً فَكادَت / من ثراه الرَطيب تحمل ماءا
أفيدري ثراك يا خير رمس
أفيدري ثراك يا خير رمس / أودع اللَه عنده أَي نفس
كنت تدعى بالأَمس حفرة لحد / وَبه اليوم صرت دارة قدس
فيه أَصبحت عامراً ولكم من / بيت مجد بعد ابن أَحمد درس
فهو في ظلمة وأَنت بنور / وهو في وحشة وأَنت بأَنس
واذا ما دجا فغير عجيب / أَي يوم يضيء من غير شمس
هو دهر به اِستَقامَت بنوه / بيدى حالتين نعمى وبؤس
فَبنحس نساء في يوم سعد / وَبسعد نسر في يوم نحس
لي قَلب أَطلقته فيك دَمعاً / بعد ما كان من جواه بحبس
ما جرت ادمعي عليك ولكن / هي نفس اسلتها فوق نَفسي
لَو أَعارت أَخلاقك الغر قَوماً / لألانت من الوَرى كل جبس
أَو تنال الأَيام منك اللسان / الطلق كانَت أَيامنا غير خرس
أَو تكون الآراء منك ضياء / لم نبت نَلتَجي الى ضوء شمس
أَو تكون الأَحلام منك جبالا / لاستخفت بثقل رضوى وقدس
ذو يراع ان سارَ يملي برق / كان مستحقراً فصاحة قس
افعوان اذا سرى بمداد / وَجواد اذا جرى فوق طرس
أَيُّها الخابط الظلام مجداً / بسراه في ظهر كوماء عنس
يهب النوم للنجوم فينعسن / وَعَيناه في السرى غير نعس
حيث نجم السما سيوف بليل / يتقيهن من دجاه بترس
فاذا جئت مهبط الوحي فاندب / من لوي جحا جحاً غير نكس
نزل الضيم في حماكم فغضوا / كل طرف وطأطئوا كل رأس
ان تململتم فغير عجيب / نهستكم أَفعى الردى أَي نهس
حملت منكم ركاب المنايا / جبلا في قواعد المجد مرسي
ساحباً فوق هامة النسر ثوباً / حاكه من علاه لا من دمقس
ان رقى منبر الثنا فلسان القوم / من هيبة اشارات خرس
أَوَلَستم ضربتم بيت مجد / قالَت الشمس ليتَني فيه أمسي
ان أَتى غيركم يروض المعالي / شمست وهي عنك غير شمس
كل ساس بوقفة المجد منكم / هو في وقفة الردى غير سلس
كَم أَمات الحسود في يوم مجد / وأَضاف الوحوش في يوم دعس
فمرى في النزال بأَساً يجود / ومرى في النزال جوداً ببأس
فَالمَنايا بفيه أَعذب ورد / وَلباس العجاج أَحسن لبس
وَقف المجد حيث يطلب كفواً / وَلَقَد مازج الرجاء بيأس
قلت يكفيك في الصنيع حسين / فرع مجد نماه أَطيب غرس
فتأسوا صبراً وان كنت أَدري / رزؤكم جل عن مقام التأسي
بادرا في بردة النسك ادرجاه
بادرا في بردة النسك ادرجاه / واعقدا اليوم على التقوى رداه
لي بقايا كبد بينكما / بالبكا يا ناظريَّ اِقتسماه
أُعاتب دهري مذ أَتى بالعجائب
أُعاتب دهري مذ أَتى بالعجائب / وأنى يفيد الدهر قول المعاتب
فَيا بؤس أَيام دهت أَطيب الوَرى / وَذا شأنها بالأَكرمين الأَطايب
ذهبن بمأوى الوافدين اذا بدت / ركائبهم تأَتيه من كل جانب
لَقَد كانَ سوراً آمناً كل خائف / وَبحر سخاء فيضه غير ناضب
وَسَيفاً صَقيلاً لا يفل بمعرك / اذا فلّ عند الروع حدَّ القواضب
سرى نعشه وَالروح قد كان حامِلا / مع الغرّ منه النعش فوق الكواكب
وَلَم تلو مني الصبر كل مصيبة / فها قد لوته اليوم ام المصائب
بِنَفسي من قد أَودع الوجد والأَسى / قلوب الوَرى في شرقها وَالمنارب
وَمَهما كتمت الوجد تبديه اعيني / أَسىً كل عين بالدموع السواكب
وَكادَت تَروي عاطش الأَرض مقلتي / بادمعها لَولا لَهيب ترائبي
فَيا غائباً قد أَودع القلب لوعة / وَجرعني كأس النوى والنوائب
ومن بعده ربع التقى راح مقفرا / غداة خَلَت منه عراص المحارب
أَلا من يعزي الغر من آل هاشم / برزء جليل من أَجل المصائب
دَهى صرفه قلب الهدى فاباده / ومن بعد ذا أَوهى احتكام الشناخب
غداة نعى الاسلام يندب جعفراً / فطبق كل الأَرض صوت النوادب
أَبا صالح صبراً لوقع رزية / وان أَصبحت في الدين ام المصائب
صبراً وان طرقت عظيمه
صبراً وان طرقت عظيمه / فالمَرء قد يَسلو همومه
وَيَروح يحلم عن امور / وهي قد هدت حلومه
نادمه بالسلوان عن / تلك الرزية يا نديمه
أَمسى أَبو حسن فقيد / نظيره فيها عديمه
فيهِ المَكارم كلها / تمت وما شدوا تميمه
من أفوه لسن يصيب / بحد مقوله خصيمه
وَيريك في برديه واري / الزند وقاد العزيمه
هجم الردى بحمى أَبيه / حيث لم نحذر هجومه
واستلّ نفساً نزَّهت / عن كل حالات ذميمه
درت اللَيالي لا درت / عن مثله أَمست عقيمه
يا ثاوياً والصالحات / بجنبه باتَت مقيمه
عاقدت دهرك لا تلاقي / فيه يوماً أَو تصومه
متململا ليل التمام / يخالك الرائي سليمه
وُسّدتَ قبراً قد غدا / صدفاً ودّرته يتيمه
يا بن الَّذي عقد الردا / منه على شيم كريمه
منه ورثتم مَنبَراً / فيكم تزّين يا نجومه
من كل وَجهٍ فيه تجلى / ظلمة الليل البهيمه
فَكأَنَّ بالأَقمار لثمتم / وجوهكم الوسيمه
تخطى الردى في فيلق منه جرّار
تخطى الردى في فيلق منه جرّار / اليه فأَخلى أَجمة الأَسد الضاري
وفل شبا عضب يصمّم في العدا / بأَقطع من ماضي الغرارين بتار
أَبا أَحمد جاورت في ذلك الحمى / أَخا المُصطَفى غوث الندا حامي الجار
فحسبك نيل الامن في كل رائع / وَفوز نجاة في ولاه من النار
لَقَد حملوا بالامس نعشك والتقى / فَيالَك نعشاً وَالتقى معه ساري
ووسدّت فيها حفرة جاء نشرها / بمسكية من نافح الطيب معطار
أَبا حسن صبراً وإِن مض داؤُها / رَزايا سقاكم صرفها رنق اكدار
فَكَم حازم في الخطب يبدي تجلداً / وَزند الجوى عن نار مهجته واري
تسىء اللَيالي للكرام كأَنَّما / تطالبهم في النائبات بأَوتار
بقيت برغم الحاسدين بنعمةٍ / يوفرها عمر الزَمان لك الباري
فَكَم أَفوه أَخرسن منك لسانه / شقاشق فحل بالفصاحة هدار
دعوه وَغايات الفخار فانه / جرى سابقاً لم يكب قط بمضمار
يكل لسان المدح عنها مكارم / لك اِنتشرت ما بين نجد واغوار
تطيب بك الافواه ذكراً كأَنَّما / بكل فم أَودعت جونة عطار
فَلا زالَ نوء اللطف يسقي ضريحه / بمنسكب من هاطل العفو مدرار