القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : حَسَن القَيِّم الحِلّي الكل
المجموع : 37
إِن تكن جازِعاً لَها أَو صبورا
إِن تكن جازِعاً لَها أَو صبورا / فَلَياليك حكمها أَن تجورا
تصحبنك الضدين ما دمت حيّاً / نوباً تارة وطوراً سرورا
ربما استكثر القليل فَقيرٌ / وَغَني بها استقلَّ الكثيرا
فكأَنَّ الفَقير كان غنياً / وكأَن الغَني كان فَقيرا
فَحذاراً من مكرها في مقامٍ / لست فيه تحاذر المحذورا
نذرت أَن تسيء فعلا فأَمسَت / في بني المُصطَفى تقضّي النذورا
يوم عاشور الَّذي قد أَرانا / كل يوم مصابه عاشورا
يوم حفت بابن النبي رجالٌ / يملأون الدروع بأَساً وَخيرا
عمروها في اللَه أَبيات قدس / جاورت فيه بيته المعمورا
ما تمرَّت بالطف حتىّ كَساها / اللَه في الخلد سندساً وَحَريرا
لم تعثر أَقدامها يوم أَمسى / قدم الموت بالنفوس عثورا
بِقُلوبٍ كأَنَّما البأس يدعو / ها بقرع الخطوب كوني صخورا
رفعت جرد خيلهم سقف نقعٍ / أَلف الطير في ذراه الوكورا
حاليات يرشحن بالدم مرجا / ناً ويعرقن لؤلؤاً منثورا
حلق الزغف والوجوه بليل / النقع يطلعن أَنجماً وبدورا
عشقوا الغادة الَّتي أَنشقتهم / من شذاها النقع المثار عبيرا
قَد تَلقوا سهامها بصدورٍ / جعلوهن للسهام جفيراً
لازموا الوقفة الَّتي قطرتهم / تحت ظل القنا عفيراً عفيرا
فخبوا أَنجماً وَغابوا بدوراً / وهووا أَجبلاً وغاضوا بحورا
من صَريع مرمل غسَّلته / من دماه السيوف ماءً طهورا
ومعرّى على الثرى كفنته / أَمه الحرب نقعها المُستَثيرا
عفَّر الترب منهم كلَّ وَجهٍ / علَّم البدر في الدجا أَن ينيرا
وَنِساءٍ كادَت باجنحة الرعب / شَظايا قلوبها أَن تطيرا
كَم مدير بسوطه فلك الضرب / عليهن فاِغتدى مستديرا
صرن في حيث لو طلبن مجيراً / بسوى السوط لم يجدن مجيرا
لو يَروم القطا المثار جناحاً / لأَعارته قلبها المذعورا
يا لحسرى القناع لم تلق إِلّا / آثماً من أُميَّةٍ أَو كفورا
أَوقفوها على الجسوم اللواتي / صرن للبيض روضة وغديرا
فَغَمرن النحور دمعاً ولو لَم / يك قانٍ غسلن فيه النحورا
علَّ مستطرقاً يرى الليل درعاً / وَعَلى نسجها النجوم قتيرا
إِن أَتى سر من رأى فليعرّج / نحو غاب قد ضم ليثاً هصورا
يبلغن المهدي عني شكوى / قلَّ في أَنَّها تضيق الصدورا
قل له إِن شممت تربة أَرض / وَطأت نعله ثراها العطيرا
وتزودت نظرة من محياً / تَكتَسي من بهائه الشمس نورا
قم فانذر عداك وهو الخطاب / الفصل أَن تجعل الحسام نذيرا
كائناً للمنون هارون في البعث / لموسى عوناً له وَوَزيرا
قد دجا في صدورهم ليل غيٍ / فيه يَهوى نجم القنا أَن يغورا
أَو ما هزَّ طود حلمك يَومٌ / كان للحشر شرُّه مستطيرا
يوم أَمسى الحيسن منعفر الخدَّ / ين فيه ونحره منحورا
أَفتَدي منه مخدراً صار يحمي / بشبا السيف عَن نساه الخدورا
ليس تدري محبوكة الدر ضمَّت / شخصه في ثباته أَم ثبيرا
أَعدت السيف كفه في قراها / فَغَدا في الوغى يضيف النسورا
يوم طارَت أَعناقها بحسام / عَن شباه طير الردى لن يَطيرا
صار موسى وآل فرعون حرب / وَالعَصا السيف والجواد الطورا
واصريعاً بثوب هيجاه مدرو / جاً وفي درع صبره مقبورا
كَيفَ قرَّت في فقد ممسكها الا / رض وقد آن بعده أَن تمورا
قَد قَضى في الهجير ظامٍ ولكن / بحشى حرُّها يشب الهجيرا
صار سدراً لجسمه ورق البي / ض ونقع الهيجا له كافورا
أَحسين تقضي بغير نصير / مستضاماً فلا عدمت النصيرا
بأَبي رأَسك المشهر أَمسى / يحمل الرمح منه بدراً منيرا
بأَيِّ حمى قلب الخَليط مولع
بأَيِّ حمى قلب الخَليط مولع / وفي أيّ دارٍ كاد صبرك ينزع
إِذا أَنكرت منك الديار صبابة / فقد عرَفتها أَدمعٌ منك همَّع
وقفنا بها لكنها أَي وقفَةٍ / وجدنا قُلوباً قد جرت وهي أَدمع
ترجع ورقاء الصدى في عراصها / فَتُنسيك من في الأَيك باتَت ترجع
مضَت وَمَضى قَلب المشوق يؤمُّها / فَلا نأيها يَدنو ولا القَلب يرجع
فأَرسلت دَمعي فيهم حيث أَسرعوا / وودعت قَلبي فيهم حيث ودعوا
كأَنَّ حَنيني وانصباب مدامعي / زلازل إِرعادٍ به الغيث يهمع
جزعت ولكن لا لمن بان ركبهم / وَلَولاك يوم الطف ما كنت أَجزع
قَضَت فيك عطشى من بَني الوحي فتية / سقتها العدى كأس الردى وهو مترع
بيوم أَهاجوا بالهياج عجاجة / تقنع وجه الشمس من حيث تطلع
يَفيض نَجيع الطعن والسمر شرَّع / وَيسود ليل النقع والبيض لمَّع
بَخيلٍ سوى فرسانها ليس تَبتَغي / وقوم سوى الهيجاء لا تتوقع
تجرد فوق الجرد في كل غارَةٍ / حداد سيوف بينها الموت مودع
عليها من الأَقران كل ابن نجدَةٍ / يردُّ مريع الموت وهو مروَّع
أَحب اليها في الوَغى ما يضرها / إِذا كانَ مِمّا للمفاخر ينفع
وَما خسرت تلك النفوس بموقفٍ / يحافظ فيها المجد وهي تضيَّع
تدفِّع من تحت السوابق للقنا / نفوساً بغير الطعن لا تتدفع
وَلما أَبَت إِلّا المَعالي بمعرك / به البيض لا تحمي ولا الدرع تمنع
هوت في ثرى الغبرا ولكن سَما لها / على ذروة العلياء عز مرفع
فبين جَريح وهو للبيض أَكلةٌ / وبين طريح وهو للسمر مرتع
ثَوَت حيث لا يَدري بيوم ثوائها / أصيبت اسود أَم بنو الوحي صرعوا
فمنعفر خد وصدرُ مرضضٌ / وَمختضب نحرٌ وجسم مبضع
كأَني بها في كربلا وهي كعبةٌ / سجود عليها البيض والسمر ركَّع
فَيا لوجوه في ثرى الطف غيَّبت / ومن نورها ما في الأَهلة يسطع
وَلما تعرَّت بالعراء جسومها / كَساها ثياباً مجدها ليس تنزع
وظمآنة كادَت تروي غليلها / بأدمعها لو كان يروي وينقع
فذا جفنها قد سال دمعا وَقلبها / بكف الرَزايا بات وهو موزع
تبيت رَزايا الطف تأسر قلبها / وَتطلقه أَجفانها وهو أَدمع
هوت فوق أَجسادٍ رأَت في هوِّيها / حشاشاتها من قبلها وهي وقَّع
فَيا منجد الاسلام إِذ عَزَّ منجدٌ / وَيا مفزع الداعي إِذا عزَّ مفزع
حسامك من ضرب الرقاب مثلَّم / وَرمحك من طعن الصدور مصدَّع
فَما خضت بحر الحتف إِلّا وقد طَغى / بهام الأَعادي موجه المتدفع
إِذا حسرت سود المَنايا لثامها / فَللشمس وجه بالغبار مقنع
وَلَم أَدرِ يوم الطعن في كل فارس / قناتك أَم طير الردى فيك أَطمع
فجمعت شمل الدين وهو مفرَّق / وَفرَّقت شمل الشرك وهو مجمَّع
إِذا لم تفدهم خطبة سيفك اغتدى / خَطيباً على هاماتهم وهو مصقع
له شملة لو يطلب الافق ضوءها / لأَبصرت شمساً لم تغب حين تطلع
وَلَو كانَ سمع للصوارم لاغتدى / مجيباً إِلى داعي الوغى وهو مسرع
بِنَفسي جسماً قد حمى جانب الهدى / عشية لا تحمى سيوف وأَدرع
وقفت وقد حمَّلت ما لو حملنه / الجبال الرواسي أَصبحت تتصدع
ترِّحب صدراً في امورٍ لو أَنَّها / سرَّت بين رحب ضاق وهو موسع
بحيث الرماح السمهريات تَلتَوي / عليك وبيض المشرفيات تلمع
فَلا عَجَبٌ من هاشم حيث لَم تكن / تذب بيوم الطف عنك وتدفع
إِذا ضيَّعت حق الوصي ولم تقم / بنصرته فاليوم حقك أَضيع
تشيّع ذكر الطف وقفتك الَّتي / بقيت لديها عافراً لا تشيّع
لَقَد طحنت أَضلاعك الخيل والقنا / بجنبيك يوم الطف منهن أَضلع
فنحرك منحور وصدرك موطأ / وَرأَسك مشهور وجسمك مودع
إِذا لم تضيِّع عهد دَمعي جفوننا / عليك فعهد الصبر منّا مضيّع
وَإِن جفَّ صوب الدمع باتَت قلوبنا / لهن عيون في مصابك تدمع
وإِن أَدركت بالطف وترك هاشم / فَلا المجد منحط ولا الأَنف اجدع
تروي القنا الخطار وهي عواطش / وَتشبع ذؤبان الفلا وهي جوَّع
تدافع عن خدر الَّتي قد تقنعت / بسوط العدى إِذ لا خمار يقنع
أَموقع يوم الطف أَبقيت حرقة / لها كل آن بين جنبي موضع
سأبكيك دَهري ما حييت وإِن أَمت / فَلي مقلة عبرى وقلب مفجع
بِنَفسي أَوصال المكارم واصلت / سيوف العدى ثم اِنثَنَت تتقطع
مصارعها في كربلا غير أَنَّها / لها كلَّ آنٍ نصب عيني مصرع
عطن بذات الرمل وهو قديم
عطن بذات الرمل وهو قديم / حنت بواديه الخماص الهيم
وَتذكرت بالأنعمين مرابعاً / خضر الأَديم ونبتهن عميم
أَيام مرتبع الركائب باللوى / خضل وماء الواديين جميم
ومن العذيب تخب فيغلس الدجى / بالمدلجين مسومات كوم
وَالركب يتبع ومضة من حاجز / فكأَنَّه بزمامها مخطوم
سل أَبرق الحنان عن جيراننا / هل حيهم بالأَجرعين مقيم
والثم ثرى الدار الَّتي بجفوننا / يَوم الوداع ترابها ملثوم
واحلب جفونك ان طفل نباتها / عن ضرع غادية الحيا مفطوم
عجباً لدار الحي انتجع الحيا / وَأَخو الغوادي جفني المسجوم
وَمولع باللوم ما عرف الجوى / سفهاً يعنف واجداً وَيَلوم
فاجبته والنار بين جوانحي / دعني فرزئي بالحسين عظيم
انعاه مفطور الفؤاد من الظما / وَبنحره شجر القنا محطوم
جم المناقب منه يضرب للعلى / عرق بأَعياص الفخار كَريم
فَلَقَد تَعاطى وَالدماء مدامة / وَلَقَد تنادم والحسام نديم
في حيث أَودية النجيع يمدها / بطل بخيل الدارعين يعوم
لباس محكمة القتير مفاضة / يندق فيها الرمح وهو قويم
يَعدو وحَبّات القلوب كأَنَّها / عقد بسلك قناته منظوم
يَغشى الطَريد شبا الحسام وَرأَسه / قبل الفرار امامه مهزوم
وَمَضى يريد الحرب حتىّ انه / تحت اللواء يموت وهو كَريم
واختار ان يقضى وعمته الضبا / فيها وأَضلعه القنا المحطوم
وَمَضى بيوم حيث في سمر القنا / قصدو في بيض الضبا تثليم
وَقَضى وسيم الوجه فوق جبينه / للعز من أثر الضبا توسيم
ثاوٍ بظل السمر يشكر فعله / في الحرب مصرعه بها المعلوم
عَجَباً رأى النيران بابن قسيمها / برداً خَليل اللَه ابراهيم
وابن النَبي قَضى بجمرة غلة / منها يذيب الجامدات سموم
فَدماؤه مسفوكة وَنساؤُهُ / مهتوكة وتراثه مقسوم
تَاللَه عند ضئيل تيم فيؤه / أَودى به التَوزيع وَالتَقسيم
يوم تطرق فتنة لَولاه لَم / تنتج رَزايا كربلاء عقيم
هم قدموه لامرة بضلالها / أَمسى لَه يتمهد التقديم
هجموا على حرم أُميَّة بعدهم / بالطف ساغ لها عليه هجوم
وَكريمة الحسبين باسم زعيمها / هتفت عشية لا يجيب زعيم
هتَكوا الحَريم وأَنت أَمنع جانباً / بحمية فيها يصان حريم
تَرتاع من فزع العدو يتيمة / وَيحن من أَلم السياط يتيم
تَطوي الضلوع على لوافح زفرة / خرساء تقعد بالحشا وَتَقوم
في حيث قِدرُ الوجد توقد نارها / ملأ الجوانح زفرة وهموم
فتمج بالحادي ومن احشائها / جمعت شظاياً ملؤهن كلوم
اما مررت على جسوم بني أَبي / دَعني وَلَو لوث الأَزار أقيم
وأَروح الثم كل نحر منهم / قبلي بافواه الضبا ملثوم
واشم من تلك النحور لطائماً / فيهن خفاق النسيم نموم
وَبرغمهم أَسبى وأَترك عندهم / كبداً ترف عليهم وتحوم
أَنمى بدوراً تحت داجية الوَغى / يطلعن منها للرماح نجوم
أَكل الحديد جسومهم ومن القنا / صارَت لأرؤسهم تنوب جسوم
فقضوا حقوق المجد دون مواقف / رعفت بهنَّ أَسنة وَكلوم
ماتوا ضراباً والسيوف بوقفة / فيها لأظفار القنا تقليم
ومشوا لها قدماً وحائمة الردى / لهم باجنحة السيوف تحوم
بِلادنا الحلة الفيحا قد اِعتصمت
بِلادنا الحلة الفيحا قد اِعتصمت / بالمُصطَفى وَبَني الزهراء تحميها
وَكلما استعَرَت نار الوباء بها / فاننا بعزاء السبط نطفيها
للعسكريين رحلنا وَفي
للعسكريين رحلنا وَفي / حَماهما لذنا بكهفين
وَقَد كسبنا الاجر في منهج / أَمن رجعنا للجوادين
ان فاز من زار إِماماً فقد / فزنا من الأَجر بضعفين
لأَنَّنا من عترة المُصطَفى / زرنا إِمامين إِمامين
قَد حملت نشرك يا معطاره
قَد حملت نشرك يا معطاره / صباً بنجد طيَّبت عراره
سرت بريّاك فظن صاحبي / قَد فَضَّ دارِيٌّ لنا عطاره
خمرت وَجهاً لو رأَته لبست / شمس الضحى من خجلٍ خماره
رأَت نساء الحي برق حاجرٍ / يزجى الى خبت النقا عشاره
حسبنه خلف البيوت ضرماً / فرحن وهنا يقتبسن ناره
زرَّ على السحب بنجدٍ جيبه / وحلَّ في تهامةٍ أَزراره
ياهل طرقت طنباً لغلمةٍ / تحرس في نجم القنا أَقماره
فبالخبا ريّاالشباب سجفها / تمنع عنه قومها من زاره
تشير لي خلف القنا بمعصم / فعمته قد فصمت سواره
لَو ينتَضي موتورهم من جفنها / سيفاً لرد مدركاً أَو تاره
أَو أَدركوا في الطعن رمح قدّها / عافوا القنا واِعتقلوا خطاره
احبب بليل ميَّةٍ وقد غدا / يَقضي أَخو اللهو بها أَوطاره
يَستاف طوراً فيه ورد خدها / وَتارة يلثم جلّناره
حتىّ إِذا كف الصباح لطمت / وَجه الدجي ومزقت أَطماره
وَصار بالصبح كعبد محرم / بات يشد بالصفا أَزاره
أَرخت عن الواشي لها غدائراً / سوداً أَحال ليلها نهاره
وانصرفت تستاف من أردانها / لطيم مسك يسحقون فاره
قلت اِستعرت لحظ ظبي رامةٍ / قالت بها لحظي هو اِستعاره
يا من رأَى لي بالكناس ناشئاً / يعقد فوق بانة زنّاره
عاقرني وردية مازجها / خداً أَرى في كأسها احمراره
يدير كأساً قد غدت تصبغه / حمرتها عن خد من أَداره
على رياض حاك ريعان الصبا / فيه رداء لبست بهاره
اعرس منها النور في مفّوف / كانَت دنانير الحيا نثاره
ذو عبقٍ كأَنَّما قد عطرت / نفحة عرس حسن أَزهاره
لاحَ بناد البشر منه قَمَرٌ / قال الورى سبحان من أَناره
بورك في أُفق السماح طالعاً / بدر ندى لا نَختَشي سراره
إِذا تَصَدَّت لندى بنانه / أَجرت عباب كرم تياره
يا رائدي الأَفراح إِنَّ غصنها / أَينع قوموا فاِجتَنوا ثماره
بشراكم في فرحةٍ لمثلها / محمد قد أَكثر اِستبشاره
يا خير زاكٍ غرست كف العلا / من قبل في طينتها نجاره
قلت لمرتاد الندى مغلّساً / في السير يمم في الركاب داره
حيّ بممدود الرواق أَغلبا / يلبس عن شد الحبا وقاره
لَو تَستَطيع هاشم لمجدها / لفَّت على رؤوسها فخاره
وَغلمة منه على نار القرى / بانت تقص بالندى أَخباره
فَما دَجَت ليلة سار وهم / لخابطيها يوقدون ناره
يفديك سبط الراحتين ذويد / قد قبضت من لؤمها ديناره
لَو كان ضرع ديمة بنانه / ما بلَّ قسبا حالبٌ قطاره
أَو عصرت راحته ما سمحت / بقطرة يغسل فيها عاره
تَقول لي في مدحكم قرائحي / هَذا أَوان الشعر يا مهياره
فَقامَ مني للثناء أَفوهٌ / يحكم في مديحكم أَشعاره
سرت له من نحوكم صنائعٌ / نبهن بعد رقدةٍ افكاره
مثل الحسام حلَّ فيه صدأ / ثم القيون صقلت غراره
يا مُستَشاراً يوم أعوز الورى / فيه حصيف الرأي مستشاره
لَقَد بنت قومك بيت سؤددٍ / أَضحى عليك مرخيا ستاره
فاِشتَركت في المجد قدما ونرى / عندك يا واحدها انحصاره
حملت عبأ منه لَو ناء بهِ / سوى الحسين لاشتكى أَوقاره
فَتى سرى من رأيه بكوكب / لو ساير النجم غدا سيّاره
يا من به قد أَودع الفضل الَّذي / ما بلغت كل الورى معشاره
يضم منك الليل خير ناسك / عاقد في خشوعه أَسحاره
كَم ذي لِسانٍ طالع عن شدقه / كالصل جاء نازعا وجاره
إِذا الكَلام جاش يوما بحره / قال سواي لم يعم غماره
يعقده بالعي منك فيصل / أَضحى فنيق كلم هداره
وَيَغتَدي لسانه من صمته / ميتا يَرى في فمه إِقباره
يا من رأت منه بمضمار العلا / سبقا فظنت تَقتَفي آثاره
خلفك عجزاً عَن بلوغ سابقٍ / إِلى العلا لن تلحقي غباره
تقاصري عن العلا عاجزةً / بوعك فيها لم تطل أَشباره
أَدرك مجد قومه موطداً / موسى فاعلى بعدها مناره
ما اِنتسبت لقومه أَكرومة / إِلّا وزرَّ فوقها أَطماره
ظلَّ السماح خابطا عن مبركٍ / حتىّ أَناخَ بهم عشاره
هم أَعتقوا رق الزَمان وغدوا / يَستَعبِدون بالنَدى أَحراره
فأَسروا بمنّهم طليقه / وأَطلقوا بمنِّهم أَساره
قد نبت يا بن المُصطَفى
قد نبت يا بن المُصطَفى / عن خير مفقود منابه
لمصابه التهب الفؤاد / وأَنت أَخمدت التهابه
لَو لَم تكن بمكانه / لم يسل ذو وجد مصابه
إِن يضطرب ركن الفخار / فأَنت أَمسكت اضطرابه
دم والمُلوك تخرُّ سا / جدةً بحضرتك المهابه
واسبر لغور الدهر يا / من رأَيه عين الاصابة
وافخر بمجدٍ فوق ها / م النجم منشور الذوابه
حيث الرجاء ينيخ في / أَبيات مجدكم ركابه
لك راحة درَّت لها / عن كل أَنملة سحابه
دم فاتِحاً باب الندى / إِن أَغلق الكرماء بابه
فلك النقابة أَصبحت / يا ليثها المرهوب غابه
فاعقد ردائيها على / محض السيادة والنجابه
إِن زينت أَحداً سواك / فانت زينت النقابه
عمَّ الأَجانب يمنها / بشراً وخص ذوي القراب
لحبيبكم سرَّت فؤاداً / رزؤكم قطعاً أَذابه
قد رشحته طينةٌ / للمجد منكم مستطابه
إِن يَنتَسِب لكم فقد / كرَّمتم بكم اِنتسابه
منكم تَهادَت نفحَةٌ / عادَت معطَّرة ثيابه
لا زلتم والمجد يبقى / ضارِباً فيكم قبابه
بمناقب لم يحصيها / بكتابة قلم الكتابه
أحييت بالديمتين الفضل والكرم
أحييت بالديمتين الفضل والكرم / أمنية المعدمين العرب والعجم
فَلِلرَعيَّة كم اسبغتها نعماً / أعطاكها مستزيداً سابغ النعم
لَقَد حمَت حوزة الإسلام منك يد / عادت بها حوزة الإسلام في حرم
عادَت بدولتك الدنيا ممهدة / بآية المصلحين السيف وَالقَلَم
عقدت في مشرق الدنيا ومغربها / لواء عدلك منشوراً عَلى الأمم
حيث المَساعي بوجه الهر ضاحكة / ضحك الكواكب في داج من الظلم
ارخيت ضرع بنان من حلوبته / أَمسى رضيع الاماني غير منفطم
ان المُلوك وان جلوا وان كرموا / هاماتهم لك أَمست موطئ القدم
بنيت دار شفاء ان شكت أَلَماً / قوم فيمنك يشفيها من الأَلَم
دار خلعت عليها ثوب أَبهةٍ / فاضحت اليوم في شأن وفي عظم
لَو طاوَلَت ارما ذات العماد اذاً / لطال سمك مبانيها على أرم
أَحييت ناحلة الابدان من فئةٍ / قد كادَ يقضي عليها السقم بالعدم
اخلاقك الغر هبت بالشفاء لهم / فاصبحت تنعش المرضى من السقم
ارقدتها مقلا قرت بساحتها / نوماً عيون البرايا وهي لم تنم
قدم حساماً على الأَعداء منصلتاً / ماضي المضارب بالأَعناق والقمم
فَلَقَت هام العدى في فيلق لجب / منها بحد شبا الأَسياف منتقم
كل ابن حرب ببرد الصبر مشتمل / بأَساً وفي مستشار النقع ملتثم
مجرداً للأَعادي مخذماً بيد / كانَت لدى الفتك امضى من شبا الخذم
حيث السوابق في غمر الوغي سفن / تعوم من جثث القَتلى ببحر دم
لم يوردوها وغي إِلّا وقد صدروا / من الدماء بها محمرة اللجم
هابَت سيوفك يَقضي وهي لو رقدت / لروعت من شباها وهي في الحلم
قَد غمها ملتقى الهيجا ولو جنحت / للسلم الفتك عنها كاشف الغمم
من حامل لي موفور الثناء الى / عبد الحميد حميد الفضل والشيم
ملك بحضرته صيد الملوك سمت / بغاية الفخر مذ عدت من الخدم
يا من معانيه جلت عن مديح فتى / نامي المقال بمنثور ومنتظم
ان ضاق للدهر في أَوصافهم فم / فَعاذر في ثناها ان يضيق فمي
لكن مجدك في نظم القريض لَقَد / أَمد باعي وأَعلى في الثنا هممي
يا من لنعماه أَهل الأَرض شاكرة / شكر الرياض لهطال من الديم
مذ توجتك العلى اكليل مفخرها / رصعته بالثنا من جوهر الكلم
فاسلم الينا رئيس المسلمين ودم / غوثاً لمستصرخ كهفاً لمعتصم
ولا تَزال بنور اللَه مبتهجاً / تجلو لنا شبهات الظلم والظلم
درت ان منها العيون النجل
درت ان منها العيون النجل / على العاشقين سيوف تسل
أَخو الحب خالسها نظرة / فامسى صريع سيوف المقل
بعذب اللمى عللت والهاً / درى بلماها شفاء العلل
مهفهفة قدها بالنهوض / يخف ويثقل منها الكفل
اقول لمن هام بالغانيات / وامسى بخمر التصابي ثمل
دَع الغانيات وخذ في ثناء / إِمام الهدى وابن خير الرسل
اخو الفضل يَبيض وجه الرجاء / لديه ويخضر روض الامل
اخو الحلم ان حل صدر الندي / تظن بضمن حباه جبل
مليك تود جفون الورى / بثربة اقدامه تكتحل
أَيابن الاولى لم تزل في الندى / اكفهم قاتلات المحل
هم الاكرمون ومن جدهم / كتاب المجيد عليه نزل
بعلمك فقت علوم الورى / وَما طافح البحر مثل الوشل
وَبالفضل أَنت عديم المثيل / ومجدك يضرب فيه المثل
فَيا ماجِداً نالها رفعة / من المجد ينحط عنها زحل
تَفرعت من دوحة عرقها / بخير الورى احمد يتصل
لان غاب شخصك عن ناظري / فذكرك في القلب لم يرتحل
ظفرت على رغم انف الحسود / بها انعما ليس عنها حول
تَهوى الثريا ان تكون فرائد
تَهوى الثريا ان تكون فرائد / العقد النظيم بنحرها يتعلق
وَتود أَزهار الرَبيع بنشره / لا بالعَبير نسيمها يتفتق
هو روضة الأَدب الَّتي ما بينها / ماء الفصاحة لم يزل يترقرق
قالوا بطيب المسك يعبق نفحهُ / اني وطيب المسك منه يعبق
أَوَ لَم يكن ينمى لحيدر الَّذي / لَولاه ما عرف الفصاحة منطق
من أَفوه لو كان حد لسانه / سيفا لراعك من شباه مذلق
في حيث لا وادي القريض بمائه / وشل ولا بصفائه مترنق
ضرب الكواكب ثم سار فقلت قف / جاوزت أَعلاها فاين تحلق
باغر من آل النبي يضمه / بيت باطراف الاباء مسردق
عجبا لانمله الرطيبة لم يكن / يخضر فيهن اليراع ويورق
ان تعل شقشقة العتاب فانه / علم على جيش القوافي يخفق
ما انفك يسقي الطرس منه مرعدٌ / بسجال شؤبوب البلاغة مبرق
يهتز من تحت البنان كأَنه / نشوان يصبح بالمدام ويغبق
أَبا حسن بشراك في دارك الَّتي
أَبا حسن بشراك في دارك الَّتي / نضارتها فيها العقول تحيرت
هي الدار يندى بالسماح ترابها / كأَن أَرضها من طينة المجد صورت
كست تربها أَخلاقك الغر نفحة / فَطابَت بريّا المسك نشراً وعطرت
فعمرتها والسعد فيها مقارن / فسعدك أَرخنا بدار تعمرت
لَو كانَ ينطق صامت
لَو كانَ ينطق صامت / وله لسان غير قاصر
لغدت تطيل من الثناء / عليك أَلسنة المنابر
فَلَو كانَ ينمى جيد الشعر لانتمى
فَلَو كانَ ينمى جيد الشعر لانتمى / الى شاعر من آل نوح مهذب
وَلَو كانَ ينمى جيد الشعر لانتمى / إِلى مبدع في كل فنِّ ومغرب
إِذا دامَ لا تهوى من الناس صاحباً / فَفي الشمس ما يغنيك عن ضوء كوكب
أَيعذر من كان لم يسعد
أَيعذر من كان لم يسعد / عَلى ما اذاب حشى المكمد
أَفي كل يوم خيول الردى / تصول على سيد سيد
وَفي كل يوم خطوب الزَمان / تَعود باعظم مِمّا بدى
لمن اصبحت هذه الكائنات / بغير ردا الوجد لا نَرتَدي
فكم ليل انس به أَبيض / وصبح لفقدانه أسود
فمحرابه اليوم من بعده / ينوح عليه مع المسجد
وَللبيت نوح واركانه / عليه مع الحجَر الأَسود
فيا لِفَقيد مضى شخصه / وَبيض مساعيه لم تفقد
وَنوح الملائك فوق السما / على حيدر الطهر أَم أَحمد
ومن سار بالصبر من بعد ما / أَتى بالمفاخر وَالسؤدد
ومن حط من هاشم شاهقا / تسامَت ذراه عَلى الفرقد
يَقول لساني وماذا يَقول / ببحر الندى وَضياء النَدي
فَلَيتَ قنا الدين لم تنصدع / وَسيف الهداية لم يغمد
أَبا صالح فبمن تهتَدي / جَميع الوَرى وبمن تَقتَدي
فَكَم ناظر سال في دمعه / عليك وَكَم ناظر أَرمد
أَيعذر جفني بترك البكاء / وَيعذر ان هو لم يرقد
فَداؤُكَ نَفسي ومن لي بِذاك / لَو ان مولى بعبد فدى
بجيش أَتاك الردى أَم أَتى / حماك بعزمة مستنجد
أَو استعلم الموت أَنت الكَريم / فَجاءَك في صورة المجتدي
ام السهم حيث رَماه رماك / فبلغه غاية المقصد
فَكفك والجود في حفرة / وَصَدرك والعلم في ملحد
فَكَم بنعائك من منشئ / وَكَم برثائك من منشد
وَحمر المدامع لم تنسكب / بغير النواظر والاكبد
وَيوم اِرتحالك لم ينصرف / وَنار افتقادك لم تخمد
وان تَبقَ ملقى بلا حفرة / وَقَد نلت ما نلت من محتد
فجدك قدما ثلاثاً ثوى / بارض الطفوف ولم يلحد
فَحيّا ثراك سحاب الرضا / يَروح عليه كَما يَغتَدي
بَني المجد ضلت صروف الزَمان / رواق حماكم فَلَم تَهتَدِ
ولا الدهر عاد عليكم بما / أَتى من عوائده العود
فانتم لِذي العرش آياته / وَلَولاكم اللَه لَم يعبد
أَعلى البرق بالغوير تراءى
أَعلى البرق بالغوير تراءى / باتَ بالكف يجمع الأحشاء
أَم شجته عشية لحنة الورق / فامسى يطارح الورقاء
أَم بذات الغضا ركائب نجد / عارضته فهيجت منه داءا
يوم ضمَّ الصَعيد منا هماماً / ملء برديه عفة واباءا
خلياني وزفرة خرساء / رب داء في النفس اعيا الدواءا
افرغت اضلعي من القلب لكن / ملأت ناظريِّ منه دماءا
كلما ثقف الزَفير ضلوعي / قلت زيدي على الزَفير انحناءا
لا تَسري لجسمك الداء يا من / لَيسَ طب سواه يبري الداءا
لَو أَتاه أَبو الاطباء لقمان / سقيما لقال صف لي دواء
ان خبا كوكب فذا من حسين / بسما المجد كوكب قد اضاءا
ان يكن بالعلاء يفخر ذو الفضل / فَقَد كانَ للعلاء علاءا
قد ترقى في حيث صار / باذيال علاها يعمم الجوزاءا
لا عدمت العزاء يا صفوة / المجد برزء يهوّن الأرزاءا
كل شهم منكم يرينا كَريماً / يَلبس الصبر نثرة حصداءا
بِقُلوب رقت وفي الصبر منها / يقرع الخطب صخرة صماءا
فَلَو أَن الكمي بالطعن والضرب / عن الماجدين ردَّ القضاءا
لوَقاك الحمام كل طَويل الباع / في رمحه يحك السماءا
قعقع الرعد في سحابة مزن / لثراكم يسوقها عشراءا
فاريحت بجانب الترب من / قبرك تشكو من ثقلها الاعياءا
فرأَته يندى سماحاً فَكادَت / من ثراه الرَطيب تحمل ماءا
أفيدري ثراك يا خير رمس
أفيدري ثراك يا خير رمس / أودع اللَه عنده أَي نفس
كنت تدعى بالأَمس حفرة لحد / وَبه اليوم صرت دارة قدس
فيه أَصبحت عامراً ولكم من / بيت مجد بعد ابن أَحمد درس
فهو في ظلمة وأَنت بنور / وهو في وحشة وأَنت بأَنس
واذا ما دجا فغير عجيب / أَي يوم يضيء من غير شمس
هو دهر به اِستَقامَت بنوه / بيدى حالتين نعمى وبؤس
فَبنحس نساء في يوم سعد / وَبسعد نسر في يوم نحس
لي قَلب أَطلقته فيك دَمعاً / بعد ما كان من جواه بحبس
ما جرت ادمعي عليك ولكن / هي نفس اسلتها فوق نَفسي
لَو أَعارت أَخلاقك الغر قَوماً / لألانت من الوَرى كل جبس
أَو تنال الأَيام منك اللسان / الطلق كانَت أَيامنا غير خرس
أَو تكون الآراء منك ضياء / لم نبت نَلتَجي الى ضوء شمس
أَو تكون الأَحلام منك جبالا / لاستخفت بثقل رضوى وقدس
ذو يراع ان سارَ يملي برق / كان مستحقراً فصاحة قس
افعوان اذا سرى بمداد / وَجواد اذا جرى فوق طرس
أَيُّها الخابط الظلام مجداً / بسراه في ظهر كوماء عنس
يهب النوم للنجوم فينعسن / وَعَيناه في السرى غير نعس
حيث نجم السما سيوف بليل / يتقيهن من دجاه بترس
فاذا جئت مهبط الوحي فاندب / من لوي جحا جحاً غير نكس
نزل الضيم في حماكم فغضوا / كل طرف وطأطئوا كل رأس
ان تململتم فغير عجيب / نهستكم أَفعى الردى أَي نهس
حملت منكم ركاب المنايا / جبلا في قواعد المجد مرسي
ساحباً فوق هامة النسر ثوباً / حاكه من علاه لا من دمقس
ان رقى منبر الثنا فلسان القوم / من هيبة اشارات خرس
أَوَلَستم ضربتم بيت مجد / قالَت الشمس ليتَني فيه أمسي
ان أَتى غيركم يروض المعالي / شمست وهي عنك غير شمس
كل ساس بوقفة المجد منكم / هو في وقفة الردى غير سلس
كَم أَمات الحسود في يوم مجد / وأَضاف الوحوش في يوم دعس
فمرى في النزال بأَساً يجود / ومرى في النزال جوداً ببأس
فَالمَنايا بفيه أَعذب ورد / وَلباس العجاج أَحسن لبس
وَقف المجد حيث يطلب كفواً / وَلَقَد مازج الرجاء بيأس
قلت يكفيك في الصنيع حسين / فرع مجد نماه أَطيب غرس
فتأسوا صبراً وان كنت أَدري / رزؤكم جل عن مقام التأسي
بادرا في بردة النسك ادرجاه
بادرا في بردة النسك ادرجاه / واعقدا اليوم على التقوى رداه
لي بقايا كبد بينكما / بالبكا يا ناظريَّ اِقتسماه
أُعاتب دهري مذ أَتى بالعجائب
أُعاتب دهري مذ أَتى بالعجائب / وأنى يفيد الدهر قول المعاتب
فَيا بؤس أَيام دهت أَطيب الوَرى / وَذا شأنها بالأَكرمين الأَطايب
ذهبن بمأوى الوافدين اذا بدت / ركائبهم تأَتيه من كل جانب
لَقَد كانَ سوراً آمناً كل خائف / وَبحر سخاء فيضه غير ناضب
وَسَيفاً صَقيلاً لا يفل بمعرك / اذا فلّ عند الروع حدَّ القواضب
سرى نعشه وَالروح قد كان حامِلا / مع الغرّ منه النعش فوق الكواكب
وَلَم تلو مني الصبر كل مصيبة / فها قد لوته اليوم ام المصائب
بِنَفسي من قد أَودع الوجد والأَسى / قلوب الوَرى في شرقها وَالمنارب
وَمَهما كتمت الوجد تبديه اعيني / أَسىً كل عين بالدموع السواكب
وَكادَت تَروي عاطش الأَرض مقلتي / بادمعها لَولا لَهيب ترائبي
فَيا غائباً قد أَودع القلب لوعة / وَجرعني كأس النوى والنوائب
ومن بعده ربع التقى راح مقفرا / غداة خَلَت منه عراص المحارب
أَلا من يعزي الغر من آل هاشم / برزء جليل من أَجل المصائب
دَهى صرفه قلب الهدى فاباده / ومن بعد ذا أَوهى احتكام الشناخب
غداة نعى الاسلام يندب جعفراً / فطبق كل الأَرض صوت النوادب
أَبا صالح صبراً لوقع رزية / وان أَصبحت في الدين ام المصائب
صبراً وان طرقت عظيمه
صبراً وان طرقت عظيمه / فالمَرء قد يَسلو همومه
وَيَروح يحلم عن امور / وهي قد هدت حلومه
نادمه بالسلوان عن / تلك الرزية يا نديمه
أَمسى أَبو حسن فقيد / نظيره فيها عديمه
فيهِ المَكارم كلها / تمت وما شدوا تميمه
من أفوه لسن يصيب / بحد مقوله خصيمه
وَيريك في برديه واري / الزند وقاد العزيمه
هجم الردى بحمى أَبيه / حيث لم نحذر هجومه
واستلّ نفساً نزَّهت / عن كل حالات ذميمه
درت اللَيالي لا درت / عن مثله أَمست عقيمه
يا ثاوياً والصالحات / بجنبه باتَت مقيمه
عاقدت دهرك لا تلاقي / فيه يوماً أَو تصومه
متململا ليل التمام / يخالك الرائي سليمه
وُسّدتَ قبراً قد غدا / صدفاً ودّرته يتيمه
يا بن الَّذي عقد الردا / منه على شيم كريمه
منه ورثتم مَنبَراً / فيكم تزّين يا نجومه
من كل وَجهٍ فيه تجلى / ظلمة الليل البهيمه
فَكأَنَّ بالأَقمار لثمتم / وجوهكم الوسيمه
تخطى الردى في فيلق منه جرّار
تخطى الردى في فيلق منه جرّار / اليه فأَخلى أَجمة الأَسد الضاري
وفل شبا عضب يصمّم في العدا / بأَقطع من ماضي الغرارين بتار
أَبا أَحمد جاورت في ذلك الحمى / أَخا المُصطَفى غوث الندا حامي الجار
فحسبك نيل الامن في كل رائع / وَفوز نجاة في ولاه من النار
لَقَد حملوا بالامس نعشك والتقى / فَيالَك نعشاً وَالتقى معه ساري
ووسدّت فيها حفرة جاء نشرها / بمسكية من نافح الطيب معطار
أَبا حسن صبراً وإِن مض داؤُها / رَزايا سقاكم صرفها رنق اكدار
فَكَم حازم في الخطب يبدي تجلداً / وَزند الجوى عن نار مهجته واري
تسىء اللَيالي للكرام كأَنَّما / تطالبهم في النائبات بأَوتار
بقيت برغم الحاسدين بنعمةٍ / يوفرها عمر الزَمان لك الباري
فَكَم أَفوه أَخرسن منك لسانه / شقاشق فحل بالفصاحة هدار
دعوه وَغايات الفخار فانه / جرى سابقاً لم يكب قط بمضمار
يكل لسان المدح عنها مكارم / لك اِنتشرت ما بين نجد واغوار
تطيب بك الافواه ذكراً كأَنَّما / بكل فم أَودعت جونة عطار
فَلا زالَ نوء اللطف يسقي ضريحه / بمنسكب من هاطل العفو مدرار

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025