المجموع : 78
بعزمك أيها الملك العظيم
بعزمك أيها الملك العظيم / تذل لك الصعاب وتستقيم
رآك الدهر منه أشد بأساً / وشح بمثلك الزمن الكريم
إذا خطرت سيوفك في نفوسٍ / فأول ما يفارقها الجسوم
ولو أضمرت للأنواء حرباً / لما طلعت لهيبتك الغيوم
أيلتمس الفرنج لديك عفواً / وأنت بقطع دابرها زعيم
وكم جرعتها غصص المنايا / بيومٍ فيه يكتهل الفطيم
فسيفك في مفارقهم خضيبٌ / وذكرك في مواطنهم عظيم
وكل محصنٍ منهم أخيدٌ / وكل محصنٍ منهم يتيم
ولما أن طلبتهم تمنى ال / منية جو سلينهم اللئيم
أقام يطوف الآفاق حيناً / وأنت على معاقلهم مقيم
فسار وما يعادله مليكٌ / وعاد وما يعادله سقيم
يحاول أن يحاربك اختلاساً / كما رام اختلاس الليث ريم
ألم تر أن كلب الروم لما / تبين أنك الملك الرحيم
فجاء فطبق الفلوات خيلاً / كأن الجحفل الليل البهيم
وقد نزل الزمان على رضاه / فكان لخطبه الخطب الجسيم
فحين رميته بك في خميسٍ / تيقن أن ذلك لا يدوم
وأبصر في المفاضة منك جيشاً / فأحرن لا يسير ولا يقيم
كأنك في العجاج شهاب نورٍ / توقد وهو شيطانٌ رجيم
أراد بقاء مهجته فولى / وليس سوى الحمام له حميم
يؤمل أن تجود بها عليه / وأنت بها وبالدنيا كريم
رأيتك والملوك لها ازدحامٌ / ببابك لا تزول ولا تريم
تقبل من ركابك كل وقتٍ / مكاناً ليس تبلغه النجوم
تود الشمس لو وصلت إليه / وأين من الغزالة ما تروم
أردت فليس في الدنيا منيعٌ / وجدت فليس في الدنيا عديم
وما أحييت فينا العدل حتى / أميت بسيفك الزمن الظلوم
وصرت إلى الممالك في زمانٍ / به وبملكك الدنيا عقيم
تزخرف للأمير جنان عدنٍ / كما لعداه تستعر الجحيم
أقر الله عينك من مليكٍ / تخامر غب همته الهموم
ولا برحت لك الدنيا فداءً / وملكك من حوادثها سليم
وإن تك في سبيل الله تشقى / فعند الله أجرك والنعيم
أهلاً بطيف خيال زارني سحراً
أهلاً بطيف خيال زارني سحراً / فقمت والليل قد شابت ذوائبه
أقبل الأرض إجلالاً لزورته / كأنما صدقت عندي كواذبه
وكدت لولا وشاة الصبح تزعجه / بالبين أصغي لما قالت خوالبه
ومودع القلب من نار الجوى حرقاً / قضى بها قبل أن تقضي مآربه
تكاد من ذكر يوم البين تحرقه / لولا المدامع أنفاسٌ تغالبه
وصار من فرط ما أضناه يحذر / فرط الضنا فهو بالي الجسم ذائبه
فللمدامع ما تخفى ضمائره / وللضنا منه ما تخفى جلاببه
عابوا الرقيب ولولاه لما حمدت / عواقب الحب وانساغت مشاربه
ولست أعذله فيما يحاول من / حفظ الأحبة بل لا كان عائبه
إني لأعشق عذالي على كلفي / به ويحسن في عيني مراقبه
لم تبق عندي النوى لباً أحار به / يوم الفراق ولا قلباً أحاربه
ومنتضٍ صارماً من لحظ مقلته / على مضاربه تخشى مضاربه
بدرٌ كأن الثريا في مقلده / نيطت بأحسن ما ضمت ذوائبه
يا ويحه أنجوم الليل تعشقه / أم قلدت مدحي فيكم ترائبه
أغر يبصر منه الناس في رجلٍ
أغر يبصر منه الناس في رجلٍ / ولليث في بشر والبدر في غصن
سما بهمته في المكرمات إلى / علياء يقصر عنها همة الزمن
يلقاك واضح ليل الفكر راجح ني / ل الكف طاهر ذيل السر والعلن
ماضي العزيمة ميمون النقيبة رئب / ال الكتيبة عين القائل اللسن
إذا تكلم واستحليت غرته / في محفلٍ رحت حالي العين والأذن
كأن في الدست منه حين تنظره / شمس النهار وصوب العارض الهتن
وما جاء كلب الروم إلا ليحتوي
وما جاء كلب الروم إلا ليحتوي / حماة وما يسطو على الأسد الكلب
أراد بها أن يملك الشام عنوةً / وقد غلبت عنه الضراغمة الغلب
وما ذم فيها العيش حتى صدمته / فمال جناح الجيش وانكسر القلب
فولى وأطراف الرماح كأنها / نجوم عليه بالمنية تنصب
وقفت مع العشاق في كل موقفٍ
وقفت مع العشاق في كل موقفٍ / بوصل خيط الدمع بعد انسجامِهِ
فلم أر إلا جائداً بحياته / على باخلٍ في طيفه بمنامه
سقاني على عينيه كأس رُضابه / فأسكرني أضعاف سكر مدامه
يعللني بالوصل طيف خياله / ويطربني في الأيك نوحُ حمامه
ومن عجبٍ أن يحدث البعد بيننا / سلواً وطرف الشوق مني حرامه
وأحسست من قلبي بداراً إلى الهوى / فقلت له كن منهما في ذمامه
وما كنت أدري أن خمار طرفه / يروق لي ما خلف در لثامه
هبوه أعار الشمس ضوء جبينه / فمن أين للخطي حسن قوامه
وإن أنتم أنكرتم أن قده / تقلد من عينيه مثل حسامه
فلا تنكروه إن حلية جيده / مفصلةٌ من ثغره وكلامه
كأن العيون النجل قاسمنه الهوى / لأن عليها مسحةً من سقامه
فتىً لم تزل أمواله وعداته / على خطرٍ من بذله وانتقامه
ولو خاف من يسري إلى ظل مجده / ضلالاً لناداه الندى من أمامه
ولم أكسه در المديح وإنما / أعرت نجوم الليل بدر تمامه
يا من سلب الفؤاد أين العوض
يا من سلب الفؤاد أين العوض / أصميت وقلما أصيب الغرض
إن كان بكيده لك المعترض / فالجوهر أنت والأنام العرض
أما والذي أهدى الغرام إلى القلب
أما والذي أهدى الغرام إلى القلب / لقد فتنتني بالحمى أعين السرب
رمتنا ولكن عن جفونٍ مريضةٍ / عرفن مكان الحب من كبد الصب
وأطلعن من سجف الخدور أهلةً / جعلن سماء الحسن أسنمة النجب
وما كنت أدري أن غزلان عالجٍ / مراتعها بين الأكلة والحجب
لقد أخذوا بالبين من كل عاشقٍ / بقية نفسٍ لا تفيق من الحب
رأتهن من حمل السهام عوارياً / وما عندها أن الكنائن في النقب
ولو علم المشتاق أن حمامه / مع الركب لم يقرأ سلاماً على الركب
ولما رأين القرب عوناً على الجفا / لذي الحب سلطن البعاد على القرب
فيا قرب ما بين الصبابة والحشى / ويا بعد ما بين المسرة والقلب
وما صد عني النوم مثل مهفهفٍ / كأن به معنىً من الغصن الرطب
ثنى عن نفيس الدر فضل لثامه / كما افتر بدرٌ في الدجنة عن شهب
تقلد من ألحاظه مثل عضبه / فأصبح يعتد الجفون من القرب
وقد كنت أخشى السيف والسيف واحدٌ / فما حيلتي إذ قلد العضب بالعضب
خليلي هل ألقى من الدهر مسعداً / يعرفني مر الزمان من العذب
ومجدرٍ عذبت مراشف ثغره
ومجدرٍ عذبت مراشف ثغره / فغدوت ألثمها ولست بآثم
مترقرقٌ ماء الجمال بوجهه / أندى وأكرم راحةً من حاتم
يبدو فتمحقه الأكف تناولاً / وهو الحبيب إلى النفوس العالم
قسماً به وبما تجن ضلوعه / يا خير من جذبت إليه عزائمي
ما كنت قبل نداك ألمح شخصه / إلا بأعيادٍ لنا ومواسم
ورأيت في دار الحبيب وصيفةً / كالشمس تحمل وهي ذات قوائم
وكثيرة الأحداق تحت وشاحها / شمس الظهيرة في عقود الناظم
ولربما جاءتك بين وصائفٍ / نقطن دائر وجهها بدراهم
بكت الخطوب وثغر مجدك ضاحك
بكت الخطوب وثغر مجدك ضاحك / ونبا الحسام وسيف غربك باتك
يا ابن الأولي غصبوا الممالِكَ بالقنا / وإلى العلى لهم الطريق السالك
شرفاً بذا اليوم السعيد فإنه / يومٌ علي وإن خفيت مبارك
ولقد عجزت عن الهناء بدولةٍ / نحن العبيد لها وأنت المالك
عربية الأوصاف ذات مكارمٍ / جبر الكسير بها وعاش الهالك
عجميةٌ قرنت بخير متوجٍ / زفت إليه مدائحٌ وممالك
ملكٌ إذا برقت أسرة وجهه / ضحك المقطب واستنار الحالك
فكأنه فوق الحشية جالساً / أسدٌ على متن الفريسة بارك
فيغار منه البدر وهو سميه / ويخاف فتكته الشجاع الفاتك
ويجود من كرمٍ بنفسه / فنعود والمملوك منا مالك
فاسلم فمالك في الشجاعة والندى / مثلٌ ولا لك في الجمال مشارك
وسقتك غادية الشباب كما سقى / راجيك صوب نوالك المتدارك
فنداك مبذولٌ ومدحك سائر / وحماك ممنوعٌ وطيبك صائك
سرى طيف الأحبة من بعيد
سرى طيف الأحبة من بعيد / فعوضنا السهاد من الهجود
أتى طوع الهبوط بكل وادٍ / إلي كما انثنى طوع الصعود
وقد لعبت به زفرات شوقٍ / تجسره على الخطر الشديد
أساكنة الأراك أراك / ترمي بطرفك في مخارم كل بيد
رحلت عن الشأم بنا / فشيمي وميض البرق من حبلي زرود
أحبك في البعاد وفي التداني / وأذكرك القديم من العهود
وأحسد بالخيال عليك طرفي / فلي كمد المتيم والحسود
وأين البيض من لحظات بيضٍ / قطعت بها الليالي غير سود
وما كنا بغير سنا جبينٍ / نسير إلى الغواير والنجود
وفي الحي الممنع من عقيلٍ / عقائل كالصوارم في الغمود
نواعم مثل أيام التداني / قرن بمثل أيام الصدود
تذب عن اللحاظ بكل عضبٍ / وتدني للقلائد كل جيد
فجلأن المواطيء بالمواضي / وقبلن المباسم بالخدود
ولولا ما عهدن من العوالي / لحجبن الذوابل بالقدود
نكبن عن الطريق بكل نهدٍ / أقب وكل سابحةٍ عنود
ودون مها الخدور أسود حربٍ / ثوابت في الكريهة كالأسود
فوارس تجتني ثمر المعالي / بأيدي النصر من ورق الحديد
وما وادٍ كأن يد الغوادي / كسته قلائد الدر النضيد
حللن فما حللن به نظاماً / وقد غادرنه أرج الصعيد
يصوغ نرابه مسكاً إذا ما / سحبن عليه أذيال البرود
فبتن وما حططن به لثاماً / يخلن حصاه من در العقود
بأحسن من صفاتك في كتابٍ / وأنفس من كلامك في قصيد
يا صاح هل لك في احتمال تحيةٍ
يا صاح هل لك في احتمال تحيةٍ / تهدى إلى الملك الأغر جبينه
قف حيث تختلس النفوس مهابةً / ويغيض من ماء الوجوه معينه
فهنالك الأسد الذي امتنعت به / وبسيفه دنيا الإله ودينه
فمن المهندة الرقاق لباسه / ومن المثقفة الدقاق عرينه
تبدو الشجاعة من طلاقة وجهه / كالرمح دل على القساوة لينه
ووراء يقظته أناة مجربٍ / لله سطوة بأسه وسكونه
هذا الذي في الله صح جهاده / هذا الذي في الله صح يقينه
هذا الذي بخل الزمان بمثله / والمشمخر إلى العلى عرينه
هذا عماد الدين وابن عماده / نسباً كما انشق الوشيج رصينه
هذا الذي يقف الملوك ببابه / هذا الذي تهب الألوف يمينه
ملك الورى ملكٌ أغر متوجٌ / لا غدره يخشى ولا تلوينه
إن حل فالشرف التليد أنيسه / أو سار فالظفر العزيز قرينه
فالدهر خاذل من أراد عناده / أبداً وجبار السماء معينه
والدين يشهد أنه لمعزه / والشرك يعلم أنه لمهينه
ما زال يقسم أن يبدد شمله / والله يكره أن تمين يمينه
حتى رمى بالأعوجية ركنه / فانهد شامخه وحض ركينه
فتح الرها بالامس فانفتحت له / أبواب ملكٍ لا يذال مصونه
دلف الأمير لها فهب لنصره / منها مباركٌ طائرٌ ميمونه
وغداً يكون له بأنطاكية / مشهور فتحٍ في الزمان مبينه
طعن الجيوش برأيه وسنانه / يوم اللقاء فما أبل طعينه
لا تجزعن بقلبك المفتونِ
لا تجزعن بقلبك المفتونِ / وتوق من حدق الظباء العينِ
إِيّاكهنّ فكل موقع لحظةٍ / تنبيك أن وراه ريبَ منون
ألزمت طرفك حفظ قلبك ضلةً / لقد ائتمنت عليه غير أمين
ورأى الغرام قتيل من قتل الهوى / فلذاك أقعد عن طلاب ديوني
لا تنكرن علي فيض مدامعي / فالدمع ينقع غلة المحزون
بخل الغمام وما حللت بمعهدٍ / إلا حللت عليه عقد جفوني
وبمهجتي يا صاحبي مدللٌ / أنا بالحياة عليه غير ضنين
وأبيك لو تسقى المدام وريقه / لجهلت أيهما ابنة الزرجون
ولو أن باديةً برملة عالجٍ / تعد الوصال لزال فرط جنوني
بيضٌ إذا هز الدلال قدودها / سكنت غصون البان في نيرين
ما أن برحت أزورهن أوانساً / مثل الكواكب في الليالي الجون
حتى سمعت خدورهن تقول لي / أرأيت مثل أهلتي وغصوني
أوما كفاني أن أراني واقفاً / أملي ببابك يا صلاح الدين
أتلو صفات مجدك ناظماً لك / مثل عقد اللؤلؤ المكنون
إني لأعجز عن مدائحك التي / جلت عن التكييف والتكوين
لك دان هذا الملك بعد إيابه / وانقاد طوع يديك غير حرون
ولأنت أول من أقر عموده / وأجاب دعوة ملكه الميمون
يا مالك القلب أنت أعلم من
يا مالك القلب أنت أعلم من / كل طبيبٍ بعلة القلب
إن كنت أذنبت في هواك فقد / أصبح هجري عقوبة الذنب
إني لأرضى البعاد منك إذا / كنت له مؤثراً على القرب
وهجرك المر إن رضيت به / أطيب عندي من وصلك العذب
ولائمٍ في هواك قلت له / قبل سماع الكلام والعتب
قم يا عذولي فإن قلبك لا / تخطر فيه وساوس الحب
جسمك أبلى السقام أم جسدي / وقلبك المستهام أم قلبي
دعني بداء الهوى أموت فما / أطيب في الحب ميتة الصب
متى نجعت في لوعتي وبلابلي
متى نجعت في لوعتي وبلابلي / نميمة واشٍ أو نصيحة عاذل
وحسب الهوى أني إذا رمت نصرةً / من القلب لباني بنية خاذل
كأن نسيماً من صباً وشمائل / ألم بمعشوق الصبا والشمائل
فرنح في ثوب الملاحة قده / ترنح خوط البانة المتمايل
ولما رمى باللحظ قلت لجفنه / أخلفك طرفٌ أم كنانة نابل
وما هي إلا مقلةٌ رشئيةٌ / أصاب بها طرفي خفي مقاتلي
وإن بقاء النفس بعد فراقه / دليلٌ على أن الهوى غير قاتل
وكم قائلٍ لما فضضت حقائبي / لديك وسارت في علاك عقائلي
أأنت الذي صغت النجوم قلادةً / ليلبسها في الحفل شمس الأفاضل
والله أخلاقٌ إذا شئت أنتجت / فصاحة قسٍ من فهاهة باقل
سعى الدهر في هضمي فلما كفلتني / إليك تناهي في نمو فضائلي
فها أنا منه بين شاكٍ وشاكرٍ / وجودك فيه خير كافٍ وكافل
وقد زارك العيد الذي أنت عيده / بأبلج في بيت السعادة نازل
براه إليك الشوق حتى أصاره / بفضلة جسمٍ كالقلامة ناحل
وجائلة الوشاح تريك وجهاً
وجائلة الوشاح تريك وجهاً / جنانياً تكون في الجحيم
فتاة السن صاحبها كثيراً / سراة الناس في الزمن القديم
وكم جعل النطاق لها عناناً / تقاد به إلى دار النعيم
حياةٌ في البعاد وفي التداني / وأنسٌ للمجالس والنديم
تجيء إليك مفعمة النواحي / وترجع وهي ذات حشاً هضيم
وأحسن ما تكون إذا أتتنا / أناة الخطو حالية الأديم
وقد كتبت أناملنا عليها / أساطيراً ملونة الرقوم
إذا هي أقبلت تسعى إلينا / رأيت الشمس تحمل بالنجوم
مدامي من مقبله
مدامي من مقبله / ومن صدغيه ريحاني
تكاد الراح تطلعه / على سري وإعلاني
ألا لله ليلة با / ت يأمرني وينهاني
وواظمأي للذة ما / قبيل الصبح سقاني
وذي مرضٍ بمقلته / صحيح اللحظ وسنان
أقربه فيبعدني / وأطلبه فيأباني
وكم يجني فأعذره / ويزعم أني الجاني
سعى دمعي بسفك دمي / وهتكي سر كتماني
فلا والله ليس الغد / ر في حبك من شاني
ومرتدٍ بقناع الشيب جاذبه
ومرتدٍ بقناع الشيب جاذبه / من أطيبيه عنان اللذة القدم
قضى ولم يقض من عصر الصبا أرباً / كأنما هو في أجفانه حلم
لو كنت أعلم أن الدهر يعقبني / بؤسي لما اخترت أن تهدى لي النعم
وحاسدٍ سره أني ابتدأت به / لما تيقن أني منه منتقم
لقد سعى طالباً نقصي فزدت به / فضلاً وكان دليل الصحة السقم
حتام أنت عن الذي بك ساه
حتام أنت عن الذي بك ساه / وإلام قلبك بالصبابة لاهي
لله أيام الوصال فإنها / أمل النفوس وطيب لهو اللاهي
أيام صحبتنا الملاح ودأبنا / فيها اعتناق ظبا ورشف شفاه
ومهاً تضاحكها البدور ملاحةً / معدومة الأمثال والأشباه
من كل فتكه اللحاظ إذا انثنت / فتكت بقلب الخاشع الأواه
وتعمدتني النائبات ولم تزل / حتى انتصرت بنصر الله
ما زلت تلهو بالمكارم واللهى / حتى ظننا أنهن ملاهي
كم من ندىً خلفي الغداة نبذته / وأري نوالك لا يزال تجاهي
يا من إذا أمطرت سحائب جوده / جاءت بلا مطلٍ ولا استكراه
مازلت أفتك بالزمان بعز ما / أوليتنيه وللكرام أباهي
فاقبل به دعوى ابنة الفكر التي / جاءتك في ثوبي حجىً وتناهي
لا تشتمن بها الحسود فإنها / ذهب القلوب وجوهر الأفواه
ألبستها در الملايح قلادةً / فاضمن لها بلباس ثوب الجاه
يا من يعيب علي حب مدللٍ
يا من يعيب علي حب مدللٍ / ترفٍ بأردية الجمال نفيس
لا در درك هل أصابك عارضٌ / حتى رجعت بصورة المنكوس
قمرٌ عصيت الله من كلفي به / وتبعت طاعة شيخنا إبليس
ونقضت توبتي التي أبرمتها / نقضاً أباح محرمات كؤوسي
يسطو وتفرسه المدامة بغتةً / ففديته من فارسٍ مفروس
قد كان يعتقد المسيح ويرتضي / عند الصباح بضجة الناقوس
ولطالما حمل الصليب وعظم / اللاهوت بالتسبيح والتقديس
وأتى على مهلٍ يقص طرائق ال / إنجيل بين شمامسٍ وقسوس
كالبدر كالطاووس إلا أنه / في الحسن فوق البدر والطاووس
وبسين طرته من التعويج ما / في نون حاجبه من القويس
يرضى ويغضب فهو في حالاته / حلو التبسم قاتل التعبيس
إن زار نلت به المراد وإن يغب / فالذكر منه مضاجعي وجليسي
وإذا رمى باللحظ قال قتيله / والدمع في الوجنات غير حبيس
لولاك يا سقم النواظر لم يكن / ظبي الكناس يصيد ليث الخيس
وحق نصف اسمه الأخير لقد
وحق نصف اسمه الأخير لقد / كنت قديماً له كأولِهِ
لا تولني من نداك فوق مدى / شكري فتوهي قوى محمله