المجموع : 33
العمر أكثره سدى وأقله
العمر أكثره سدى وأقله / صفو يتاح كأنه عمرانِ
كم لحظة قصرت ومدت ظلها / بعد الذهاب كدوحة البستان
وتمر في الذكرى خيال شبابها / فكأن يقظتها شباب ثانِ
مَن ذلك الطيف الرقيقِ بجانبي / كفّاه في كفيّ هاجعتان
لكأننا والأرض تُطوى تحتنا / نجمان في الظلماء منفردان
لكأننا والريح دون مسارنا / خطان في الأقدار منطلقان
إني التفت إلى مكانك بعدما / خليته فبكيت سوء مكاني
هل كان ذاك القرب إلا لوعة / ونداء مسغبةٍ إلى حرمان
حمى مقدرة على الإنسان / تبقى بقاء الأرض في الدوران
وكأنما هذي الحياة بناسها / وضجيجها ضرب من الهذيان
غيث على القفر حيّانا وأحيانا
غيث على القفر حيّانا وأحيانا / يا شاعر الجيل كان الجيل ظمآنا
كنا نعيش من الدنيا على عدة / نبني من الأمل الموعود دنيانا
فالآن قد حققت ما كان منتظراً / منها وإن لمعت بالوعد أحيانا
جاءت بأروع من هز البيان ومن / أعاد مجد القوافي مثل ما كانا
ريحانة النيل هزت نفسها طرباً / وقدمت لأمير الشعر ريحانا
ماذا نقول ونبدي بعدما سبقت / لك الشهادة من تكريم مولانا
أقمت من عبقري الشعري برهانا / وقبلها كنت للأخلاق عنوانا
بآيتين وفاء للتي ذهبت / وأنت مَن حفظ الذكرى ومن صانا
إن التي نضَّرت عيشاً نعمت به / وصيرت بيتك المعمور بستانا
لو لحظة نحو ذياك الضريح رنت / عيناك تلق الهوى لم يختلف شانا
وآية من وفاء للألى سحبت / عليهم حادثات الدهر نسيانا
عهد الرشيد وعهد المجد في زمن / به توطد ملك العرب سلطانا
وعهد بغداد حيث العيش مؤتلقٌ / يهفو خمائل أو يهتز أفنانا
جلوته وهو فتاك بجعفره / والسيف يقطر بغضاءً وعدوانا
يا للطلاء الذي يكسو النفوس لكم / كسا النفوس من التزييف ألوانا
تلك الطبيعة لا شيء يغيرها / ينام فيها خيال الفتك وسنانا
الحرص يوقظه والمجد يوقظه / والويل إن وثب الوسنان يقظانا
جوزيت عن لغة الفصحى وأمتها / عمراً مديداً وتكريماً وإحسانا
أنتِ إن تؤمني بحبي كفاني
أنتِ إن تؤمني بحبي كفاني / لا غرامي ولا جمالك فاني
أجدب الهجرُ خاطري وخيالي / وأجف النوى دمي ولساني
فتعالي روّي الظما في عيوني / واجنوني لقطرة من حنانِ
طال والله في تنائيك ذلي / ووقوفي على ديار الهوانِ
أي روح أحسه أي سر / في جناحيك كلما ظللاني
أي روح أحسه أي سحر / سكبت فيّ هاته العينان
لكأن الرميم ما تبعثان / وكأن النشور ما تسكبان
وكأني محلق في سماء / ومطل منها على الأكوان
مستعز بما منحت قوي / أجمع الكون كله في عنان
منىً نلتها كانت لأنفسنا منى
منىً نلتها كانت لأنفسنا منى / تلفت تجد مصرا بأجمعها هنا
وما بعجيب موطن البدر في العلى / وما بجديد أن يرى الأفق مسكنا
ولكن قلب الحر تعروه نشوة / فيثني على الآلاء وضاحة السنا
إذا أخذ البدر المنير مكانه / وملك آفاق السما وتمكنا
إذا الملك المحبوب قدر سيداً / وعن رأيه في الفضل والنبل أعلنا
فعن ثقة ممن يحب ويحتبي / وإيمان قلب بات بالحق مؤمنا
سلاماً مليك النيل أنت ربيعه / وأنت مغنيه وفي ذاتك الغنى
فذلك تكريم الربيع لروضة / جلاها الأباظيون وارفة الجنى
أجل روضة صارت لكل عظيمة / وللفضل والآداب والعلم موطنا
وميدان سباقين للمجد والعلى / إذا اشتجرت أخرى الميادين بالقنا
من الأدب العالي إذا راح سيد / غدا آخر نحو اللواء فما ونى
عصي القوافي سار نحوك مسرعاً / ولبَّاك من أقصى الفؤاد وأذعنا
وأنت الذي فك القيود جميعها / عن الشعر تأبى أن يهان فيسجنا
إذا المعدن الصافي دعا الشعر مرة / بذلنا له من أجود الشعر معدنا
دسوقي إذا أقللت فاقبل تحيتي / فما أنا شاديهم ولا خيرهم أنا
ولكنني صوت المحبين كلهم / ومن روضك الغالي وبستانهم جنى
فراشٌ على مصباح مجدك حائم / وأي فراش من جلالك ما دنا
وإني صدى الهمس الذي في قلوبهم / فدعني أقم عما يكنّون معلنا
قدر أراد شقاءنا
قدر أراد شقاءنا / لا أنتِ شئت ولا أنا
عزَّ التلاقي والحظو / ظ السود حالت بيننا
قد كدت أكفر بالهوى / لو لم أكن بك مؤمنا
ضحكت لعينيَّ المصابيح التي
ضحكت لعينيَّ المصابيح التي / تعلو رؤوس الليل كالتيجان
ورأيت أنوار المدينة بعدما / طال المسير وكلت القدمان
وحسبت إن طاب القرار لمتعب / في ظل تحنان وركن أمان
فإذا المدينة كالضباب تبخرت / وتكشفت لي عن كذوب أماني
قدر جرى لم يجر في الحسبان / لا أنت ظالمة ولا أنا جاني
يا صفوة الأحباب والخلان
يا صفوة الأحباب والخلان / عفواً إذا استعصى عليَّ بياني
الشعرُ ليس بمسعفٍ في ساعةٍ / هي فوق آي الحمد والشكران
وأنا الذي قضّى الحياة معبراً / ومرجعاً لخوالج الوجدانِ
أقف العشية بالرفاق مقصراً / حيران قد عقد الجميل لساني
يا أيها الشعر الذي نطقت به / روحي وفاض كما يشاء جناني
يا سلوتي في الدهر يا قيثارتي / ما لي أراك حبيسة الألحان
أين البيان وأين ما علمتني / أيام تنطلقين دون عنان
نجواك في الزمن العصيب مخدر / نامت عليه يواقظ الأشجان
والناس تسأل والهواجس جمة / طب وشعر كيف يتفقان
الشعر مرحمة النفوس وسره / هبة السماء ومنحة الديان
والطب مرحمة الجسوم ونبعه / من ذلك الفيض العلي الشان
ومن الغمام ومن معين خلفه / يجدان إلهاما ويستقيان
يا أيها الحب المطهر للقلوب وغاسل الأرجاس والأدران /
ما أعظم النجوى الرفيعة كلما / يشدو بها روحان يحترقان
أنفا من الدنيا وفي جسديهما / ذل السجين وقسوة السجان
فتطلعا نحو السماء وحلقا / صعدا إلى الآفاق يرتقيان
وتعانقا خلف الغمام وأترعا / كأسيهما من نشوة وحنان
اكتب لوجه الفن لا تعدل به / عرض الحياة ولا الحطام الفاني
واستلهم الأم الطبيعة وحدها / كم في الطبيعة من سري معاني
الشعر مملكة وأنت أميرها / ما حاجة الشعراء للتيجان
هومير أمَّره الزمان بنفسه / وقضت له الأجيال بالسلطان
اهبط على الأزهار وامسح جفنها / واسكب نداك لظامئ صديان
في كل أيك نفحة وبكل روض طاقة من عاطر الريحان /
إني على كاسي أُعيد السنين
إني على كاسي أُعيد السنين / وأبعث الماضي البعيدَ الدفين
وحدي وقد أقسمتُ لن تعرفي / وما الذي يجديك لو تعرفين
وما الذي يُجدي طعينَ الهوى / لَمسُكِ يا هند جراحَ الطعين
أصبحتُ لا أدري شربتُ الطِّلَى / عند بكائي أم شربتُ الأنين
كم أزرع السّلوان في خاطري / وكيف ينمو في مَحيلٍ جديب
بالخمر أسقيه وفي مسمعي / إرنانُ باكٍ وتشاكي حبيب
الجامُ يبكي لوعةً أم أنا / جامي غريبٌ وفؤادي غريب
واحيرتي تُرى أصُبُّ الطِّلى / أم أنني فيه أصبّ النحيب
يا إِلفَ نفسي لم يكن ها هنا / همٌّ لإِلف وسلوٌّ هناك
لم يَجرِ همسٌ لك في خاطرٍ / إلا جرى عندي كأني صداك
ولم أكن أعرفُ لي مدمعاً / إلا الذي تذرفُه مقلتاك
أصونُ حزني لك حتى اللقا / وأحبِسُ الفرحَةَ حتى أراك
إن كنت غنّيتُ فإِني الذي / وقفتُ ألحاني على سَرحَتك
حَبَستُ هذا الصوتَ لم ينطلق / إِلا على حزنكِ أو فرحتك
خمائلُ الروض بأعطارها / لم تَشجُني إلا على نفحتك
أنكرتُها طُرّاً ولم أعترف / إلا بطيبٍ جاء من جنّتك
وَافَرَحِي اليومَ بحريَّتي / بأيِّ ليل مدلهمٍّ أطير
رُدِّي على قلبي قيودَ الأسير / وذلك الصبحَ الوضيء المنير
كم شُعَبٍ لاحت فلم تختلف / لأيِّها نغدو وأنَّى نسير
بعد سني الأنوار خلَّفتِ لي / جَهمَ المساعي وخَفِيَّ المصير
علمتِ حالي لا وحقِّ الذي / صيَّرني أُشفِقُ أن تعلمي
هيهات تَدرين انطلاقَ الهوى / كجمرةٍ نضَّاحةٍ بالدم
هيهات تَدرين وإِن خِلتِه / وَثبَ الهوى الضاري وفتكَ الظَّمِي
وصارخاً كَبَحتُه في فمي / وطاغياً كبَّلتهُ في دمي
لا أنت تدرين وما من أحَد / بواصفٍ حسنَك مهما اجتهد
أو بالغٍ سرَّ الذكاء الذي / يكادُ في لحظك أن يَتَّقِد
أو مدركٍ عمقَ المعانِي التي / في لمحةٍ عابرةٍ تحتشد
أو فاهمٍ فنَّ الصَّناعِ الذي / أبدَع الاثنين الحِجا والجسد
قالت لميكي سِر بنا
قالت لميكي سِر بنا / نمشي لحاجتنا الهُوَينَى
فأطاع مسروراً كعا / دته ولم يسأَل لأَينا
فيم السؤال وكل شَي / ءٍ طيّبٌ من أجلها
وبنفسه حبٌّ قُصارا / هُ الحياةُ بظلها
ماذا تغيّر عزّة / أو ذلّة في حبها
سارت وكلُّ متاعه / في أن يسير بقربها
يستاف نعلَيهَا ويأ / بى في الوجود مُنافسا
فإذا تخيَّل دانياً / من تربِها أو لامسا
يختال مِلءَ نُباحه / زَهواً ويخطر حارسا
عجباً له ولزهوه / ما يصنع الواهي الصغير
ما يصنع الناب الضعي / ف وما يُخيف ولا يُجير
لكن ميكي لا يبا / لي أن يموت فداءها
في وثبه هيهات يس / أل ما يكون وراءها
الأمر كلُّ الأمر أن / يغدو يدافع دونها
والنفس تُنكر في الضحي / يَة عقلها وجنونها
من ذلك الظلُّ الملا / زِم في الحياة وفي الطريق
المخلصُ الوافي إذا / عَزَّ المنادم والرفيق
من قلبُه صافٍ ودي / دنهُ الولاءُ المطلق
فكأنما فيه الولا / ء سجيَّةٌ تتدفق
وإذا أُسِيءَ فإن أس / مى الحبّ أن يُبدي رضاءه
والصفح عند ذوي القلو / بِ البيض من قبل الإِساءه
مهما نظرت له نظر / تُ إلى مَعِينٍ من حنان
يُفضي إليك بسرّه الذ / ذَنبُ الصغير ومقلتان
لا بأس إن هند جفت / وقست أليست ربَّتَه
أقصَتهُ ثم تلفَّتت / ترجو إلَيها أوبته
زجَرته أو نهرته أو / كفَّت على جُرمٍ يده
فهي التي لم تَنسَهُ / والأكل ملءُ المائده
وهو الذي في بعدها / لم يَألُهَا طولَ ارتقاب
يقظان ينتظر المآب / وَثَوَى يُرَاقب خَلفَ باب
هند التي اتَّخذته من / دون الخلائق إلفَها
بحثت عن الإِلف الصغي / ر فلم تجده خلفها
ميكي وما ميكي ومص / رعُه على الدنيا جديد
نفسٌ تذوب وصرخةٌ / تدوي هنالك من بعيد
وتلفَّتَت هندٌ لمو / ضعه تغالب وَجدهَا
لا شيءَ قد سارت برف / قته وترجعُ وحدها
خرجت به جذلانَ يض / حك مثلما ضحك الصباح
فكأنما خرجت به / ليُلاقيَ القَدَر المُتاح
سارت به صبحاً وعا / دت بالمواجع والدموع
يغدو الحزينُ على الأسى / وأشقُّ شَطرَيه الرجوع
ما حيلتي يا هند وجهك لاح لي
ما حيلتي يا هند وجهك لاح لي / بأنوثةٍ جبَّارة الطغيان
يا هند أين رجولتي وعزيمتي / في قرب وجه ساحرٍ فتَّان
وأنا حزينٌ ظامئٌ قد جدَّ لي / ورِدٌ وراء مَعِينه شفتان
بين سهدٍ وعذابٍ وضنى
بين سهدٍ وعذابٍ وضنى / مرّ ليلي ذاك حالي وأنا
أسأل الأنجم عن حال المنى / يا حبيبي كيف صارت بيننا
كيف أمسى يا حبيبي عهدنا / بعد ما طاب هوانا ودنا
كلُّ ما كان بعيداً ورنا / كلُّ نجمٍ من سماوات السنا
آه لو ينظر حالي الآن آه / حينما ضاقت بآلامي الحياه
ندم النجمُ على غالي سناه / ورأى كيف انطوينا فطواه
أمسي يعذبني ويضنيني
أمسي يعذبني ويضنيني / شوقٌ طغى طغيان مجنون
أين الشفاء ولم يعد بيدي / إلا أضاليل تُداويني
أبغي الهدوء ولا هدوء وفي / صدري عبابٌ غير مأمون
يهتاج أن لَجَّ الحنين به / ويئن فيه أنينَ مطعون
ويظل يضرب في أضالعه / وكأنها قضبان مسجون
ويحَ الحنين وما يجرعني / من مُرِّه ويبيت يسقيني
ربيته طفلاً بذلت له / ما شاء من خفضٍ ومن لينِ
فاليوم لمّا اشتدّ ساعده / وربا كنوار البساتينِ
لَم يرض غير شبيبتي ودمي / زاداً يعيش به ويفنيني
كم ليلةٍ ليلاء لازمني / لا يرتضي خلاً له دوني
ألفي له همساً يخاطبني / وأرى له ظلاً يماشيني
متنفساً لهباً يهبُّ على / وجهي كأنفاس البراكينِ
ويضمنا الليل العظيم وما / كالليل مأوى للمساكينِ
ولما التقينا بعد نأي وغربة
ولما التقينا بعد نأي وغربة / شجيين فاضا من أسىً وحنينِ
تسائلني عيناك عن سالف الهوى / بقلبي وتستقضي قديم ديونِ
فقمت وقد ضجَّ الهوى في جوانحي / وأنَّ من الكتمان أيّ أنينِ
يبث فمي سرّ لهوى لمقبّل / أجود له بالروح غير ضنين
إذا كنت في شك سلي القبلة التي / أذاعت من الأسرار كل دفين
مناجاة أشواق وتجديد موثق / وتبديد أوهامٍ وفض ظنون
وشكوى جوى قاس وسقمٍ مبرحٍ / وتسهيد أجفانٍ وصبر سنين
لعينيكَ احتملنا ما احتملنا
لعينيكَ احتملنا ما احتملنا / وبالحرمانِ والذلِّ ارتضينا
وهان إذا عطفت ولو خيالاً / وأين خيالك المعبود أينا
تعالَ فلم يعد في الحي سارٍ / وهوَّمتِ المنازلُ بعد وهنِ
وران على نوافذها ظلامٌ / وقد كانت تطلّ كألف عينِ
تعالَ فقد رأيتُ الكون يحنو / عليّ ويدرك الكرب الملمَّا
ويجلو لي النجوم فأزدريها / وأغمض لا أريد سواك نجما
ومنتظرٌ بأبصاري وسمعي / كما انتظرتكَ أيامي جميعا
وهل كان الهوى إلا انتظاراً / شتائي فيك ينتظر الربيعا
أرى الآباد تغمرني كبحرٍ / سحيقِ الغور مجهولِ القرار
ويأتمر الظلام عليَّ حتى / كأني هابط أعماق غارِ
وتصطخبُ العواصف ساخرات / وتطعنني بأطراف الحرابِ
وتشفق بعد ما تقسو فتمضي / لتقرع كل نافذةٍ وبابِ
فصحت بها إلى أن جف حلقي / فحين سكتُّ كلمني إِبائي
وأشعرني العذاب بعمق جرحي / وأعمق منه جرح الكبرياءِ
ولمّا لَم تفز بلقاك عيني / لمحتك آتياً بضمير قلبي
فأسمع وقع أقدامٍ دوانِ / وأنصت مصغياً لحفيف ثوبِ
وأخلق مثلما أهوى خيالاً / وأستدني الأماني والحبيبا
وأُبدع مثلما أهوى حديثاً / لناءٍ صار من قلبي قريبا
أمدّ يديَّ في لهف إليه / أشاكيه بمحتبس الدموعِ
فيسبقني إلى لقياه قلبي / وثوباً ثم يبرد في ضلوعي
فتصطخب العواطف ساخرات / وتطعنني بأطراف الحرابِ
وتشفق بعد ما تقسو فتمضي / لتقرع كل نافذةٍ وبابِ
أهاب بنا فلبّينا
أهاب بنا فلبّينا / منادٍ ضمّ روحينا
كأنا إذ تصافحنا / تعانقنا بكفينا
كأن الحب تيار / سرى ما بين جسمينا
يؤجج في نواظرنا / ويشعل في دماءينا
يا أميري أزف البي
يا أميري أزف البي / ن وما زلت ضنينا
أصغ لي وانظر ودع كف / فك في كفيَ حينا
آهِ من يمناك هذي / والذي منها سقينا
عللتنا بالأماني / فشربنا ظامئينا
ثم دارت بالمنايا / فوردنا طائعينا
آه من قاسية ريا / نةٍ ضعفاً ولينا
يا بناناً ساحراً قد حك / كَم الأقدار فينا
شفتي موتورة ظم / آنة جنت جنونا
وكأن الآن كفي / حملت ثأراً دفينا
تتمناك حبيساً / عندها العمر سجينا
طائراً ألفى على را / حتها وكراً أمينا
وشعاعاً قدسياً / هادي النور مبينا
كم تجرّعنا هوانا
كم تجرّعنا هوانا / ولقينا في هوانا
وبلونا نار حب / لم نذق فيها أمانا
وإذا حلّ الهوى هي / هات تدري كيف كانا
فإذا ما ملك الأن / فس أصلاها عوانا
فهو نصل مستقر / ولهيب لا يدانى
يا حبيبي هدأ اللي / ل ولم يسهر سوانا
لا الدجى ضمَّد جرحي / نا ولا الصّبح شفانا
لا الهوى رقّ على الش / شاكي ولا قاسيه لانا
قد غدونا غرض الر / رامي كما شاء رمانا
وافني بالله نَطرق / هيكل الحب كلانا
ساعة نبكي على الكأس / ونشكو من سقانا
يا أمتي كم دموع في مآقينا
يا أمتي كم دموع في مآقينا / نبكي شهيديك أم نبكي أمانينا
يا أمتي إن بكينا اليوم معذرةً / في الضعف بعض المآسي فوق أيدينا
واهاً على السرب مختالاً بموكبه / وللنسور على الأوكار غادينا
قالوا الضباب فلم يعبأ جبابرة / لا يدركون العلا إلا مضحينا
والمانش يعجب منهم حينما طلعوا / على غواربه الحيرى مطلّينا
فاستقبلتهم فرنسا في بشاشتها / تجزي البسالة ورداً أو رياحينا
قالوا النسور فهبَّ القوم وادَّكروا / نسرا لهم ملأ الدنيا ميادينا
وهلل السين إذ هلَّت طلائعنا / طلائع المجد من أبناء وادينا
حان الأمان ووافَى السربُ فافتقدوا / نسرين ظنوهما قد أبطآ حينا
لكنه كان إبطاء الردّى فهما / لمّا دعا المجد قد خَفَّا ملبينا
فليبك من شاء وليُشبع محاجره / ولينتحب ما يشاءُ الحزن باكينا
يبكي الحبيب وتبكي فقد واحدها / من لا ترى بعده دنيا ولا دينا
هُنيهة ثم يسلو الدمعَ ساكبُه / لا يدفع الدمعُ شيئاً من عوادينا
فكلما حلَّ رزءٌ صاحَ صائحنا / فداك يا مصر لا زلنا قرابينا
فداك يا مصر هذا النجم منطفئاً / والنسر محترقاً واللليث مطعونا
هجرتِ فلم نجد ظلاً يقينا
هجرتِ فلم نجد ظلاً يقينا / أحُلماً كان عطفُكِ أم يقينا
أهجراً في الصبابة بعد هجرٍ / أرى أيامَهُ لا ينتهينا
لقد أسرفتِ فيه وجُرتِ حتى / على الرَّمق الذي أبقيتِ فينا
كأن قلوبنا خُلِقَت لأمرٍ / فمذ أبصرنَ من نهوى نسينا
شُغِلنَ عن الحياة ونِمنَ عنها / وبِتن بمن نحبُّ موكلينا
فإن مُلِئت عروق من دماءٍ / فإنَّا قد ملأناها حنينَا
هل أنتِ سامعةٌ أنيني
هل أنتِ سامعةٌ أنيني / يا غايةَ القلب الحزين
يا قِبلة الحب الخفي / وكعبة الأمل الدفين
إني ذكرتك باكياً / والأفق مُغبر الجبينِ
والشمس تبدو وهي تغ / رب شبه دامعة العيون
أمسيت أرقبها على / صخر وموج البحر دوني
والبحر مجنون العبا / ب يهيج ثائره جنوني
ورضاكِ أنتِ وقايتي / فإذا غضبتِ فمَنَ يقيني