القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِبْراهيم ناجِي الكل
المجموع : 33
العمر أكثره سدى وأقله
العمر أكثره سدى وأقله / صفو يتاح كأنه عمرانِ
كم لحظة قصرت ومدت ظلها / بعد الذهاب كدوحة البستان
وتمر في الذكرى خيال شبابها / فكأن يقظتها شباب ثانِ
مَن ذلك الطيف الرقيقِ بجانبي / كفّاه في كفيّ هاجعتان
لكأننا والأرض تُطوى تحتنا / نجمان في الظلماء منفردان
لكأننا والريح دون مسارنا / خطان في الأقدار منطلقان
إني التفت إلى مكانك بعدما / خليته فبكيت سوء مكاني
هل كان ذاك القرب إلا لوعة / ونداء مسغبةٍ إلى حرمان
حمى مقدرة على الإنسان / تبقى بقاء الأرض في الدوران
وكأنما هذي الحياة بناسها / وضجيجها ضرب من الهذيان
غيث على القفر حيّانا وأحيانا
غيث على القفر حيّانا وأحيانا / يا شاعر الجيل كان الجيل ظمآنا
كنا نعيش من الدنيا على عدة / نبني من الأمل الموعود دنيانا
فالآن قد حققت ما كان منتظراً / منها وإن لمعت بالوعد أحيانا
جاءت بأروع من هز البيان ومن / أعاد مجد القوافي مثل ما كانا
ريحانة النيل هزت نفسها طرباً / وقدمت لأمير الشعر ريحانا
ماذا نقول ونبدي بعدما سبقت / لك الشهادة من تكريم مولانا
أقمت من عبقري الشعري برهانا / وقبلها كنت للأخلاق عنوانا
بآيتين وفاء للتي ذهبت / وأنت مَن حفظ الذكرى ومن صانا
إن التي نضَّرت عيشاً نعمت به / وصيرت بيتك المعمور بستانا
لو لحظة نحو ذياك الضريح رنت / عيناك تلق الهوى لم يختلف شانا
وآية من وفاء للألى سحبت / عليهم حادثات الدهر نسيانا
عهد الرشيد وعهد المجد في زمن / به توطد ملك العرب سلطانا
وعهد بغداد حيث العيش مؤتلقٌ / يهفو خمائل أو يهتز أفنانا
جلوته وهو فتاك بجعفره / والسيف يقطر بغضاءً وعدوانا
يا للطلاء الذي يكسو النفوس لكم / كسا النفوس من التزييف ألوانا
تلك الطبيعة لا شيء يغيرها / ينام فيها خيال الفتك وسنانا
الحرص يوقظه والمجد يوقظه / والويل إن وثب الوسنان يقظانا
جوزيت عن لغة الفصحى وأمتها / عمراً مديداً وتكريماً وإحسانا
أنتِ إن تؤمني بحبي كفاني
أنتِ إن تؤمني بحبي كفاني / لا غرامي ولا جمالك فاني
أجدب الهجرُ خاطري وخيالي / وأجف النوى دمي ولساني
فتعالي روّي الظما في عيوني / واجنوني لقطرة من حنانِ
طال والله في تنائيك ذلي / ووقوفي على ديار الهوانِ
أي روح أحسه أي سر / في جناحيك كلما ظللاني
أي روح أحسه أي سحر / سكبت فيّ هاته العينان
لكأن الرميم ما تبعثان / وكأن النشور ما تسكبان
وكأني محلق في سماء / ومطل منها على الأكوان
مستعز بما منحت قوي / أجمع الكون كله في عنان
منىً نلتها كانت لأنفسنا منى
منىً نلتها كانت لأنفسنا منى / تلفت تجد مصرا بأجمعها هنا
وما بعجيب موطن البدر في العلى / وما بجديد أن يرى الأفق مسكنا
ولكن قلب الحر تعروه نشوة / فيثني على الآلاء وضاحة السنا
إذا أخذ البدر المنير مكانه / وملك آفاق السما وتمكنا
إذا الملك المحبوب قدر سيداً / وعن رأيه في الفضل والنبل أعلنا
فعن ثقة ممن يحب ويحتبي / وإيمان قلب بات بالحق مؤمنا
سلاماً مليك النيل أنت ربيعه / وأنت مغنيه وفي ذاتك الغنى
فذلك تكريم الربيع لروضة / جلاها الأباظيون وارفة الجنى
أجل روضة صارت لكل عظيمة / وللفضل والآداب والعلم موطنا
وميدان سباقين للمجد والعلى / إذا اشتجرت أخرى الميادين بالقنا
من الأدب العالي إذا راح سيد / غدا آخر نحو اللواء فما ونى
عصي القوافي سار نحوك مسرعاً / ولبَّاك من أقصى الفؤاد وأذعنا
وأنت الذي فك القيود جميعها / عن الشعر تأبى أن يهان فيسجنا
إذا المعدن الصافي دعا الشعر مرة / بذلنا له من أجود الشعر معدنا
دسوقي إذا أقللت فاقبل تحيتي / فما أنا شاديهم ولا خيرهم أنا
ولكنني صوت المحبين كلهم / ومن روضك الغالي وبستانهم جنى
فراشٌ على مصباح مجدك حائم / وأي فراش من جلالك ما دنا
وإني صدى الهمس الذي في قلوبهم / فدعني أقم عما يكنّون معلنا
قدر أراد شقاءنا
قدر أراد شقاءنا / لا أنتِ شئت ولا أنا
عزَّ التلاقي والحظو / ظ السود حالت بيننا
قد كدت أكفر بالهوى / لو لم أكن بك مؤمنا
ضحكت لعينيَّ المصابيح التي
ضحكت لعينيَّ المصابيح التي / تعلو رؤوس الليل كالتيجان
ورأيت أنوار المدينة بعدما / طال المسير وكلت القدمان
وحسبت إن طاب القرار لمتعب / في ظل تحنان وركن أمان
فإذا المدينة كالضباب تبخرت / وتكشفت لي عن كذوب أماني
قدر جرى لم يجر في الحسبان / لا أنت ظالمة ولا أنا جاني
يا صفوة الأحباب والخلان
يا صفوة الأحباب والخلان / عفواً إذا استعصى عليَّ بياني
الشعرُ ليس بمسعفٍ في ساعةٍ / هي فوق آي الحمد والشكران
وأنا الذي قضّى الحياة معبراً / ومرجعاً لخوالج الوجدانِ
أقف العشية بالرفاق مقصراً / حيران قد عقد الجميل لساني
يا أيها الشعر الذي نطقت به / روحي وفاض كما يشاء جناني
يا سلوتي في الدهر يا قيثارتي / ما لي أراك حبيسة الألحان
أين البيان وأين ما علمتني / أيام تنطلقين دون عنان
نجواك في الزمن العصيب مخدر / نامت عليه يواقظ الأشجان
والناس تسأل والهواجس جمة / طب وشعر كيف يتفقان
الشعر مرحمة النفوس وسره / هبة السماء ومنحة الديان
والطب مرحمة الجسوم ونبعه / من ذلك الفيض العلي الشان
ومن الغمام ومن معين خلفه / يجدان إلهاما ويستقيان
يا أيها الحب المطهر للقلوب وغاسل الأرجاس والأدران /
ما أعظم النجوى الرفيعة كلما / يشدو بها روحان يحترقان
أنفا من الدنيا وفي جسديهما / ذل السجين وقسوة السجان
فتطلعا نحو السماء وحلقا / صعدا إلى الآفاق يرتقيان
وتعانقا خلف الغمام وأترعا / كأسيهما من نشوة وحنان
اكتب لوجه الفن لا تعدل به / عرض الحياة ولا الحطام الفاني
واستلهم الأم الطبيعة وحدها / كم في الطبيعة من سري معاني
الشعر مملكة وأنت أميرها / ما حاجة الشعراء للتيجان
هومير أمَّره الزمان بنفسه / وقضت له الأجيال بالسلطان
اهبط على الأزهار وامسح جفنها / واسكب نداك لظامئ صديان
في كل أيك نفحة وبكل روض طاقة من عاطر الريحان /
إني على كاسي أُعيد السنين
إني على كاسي أُعيد السنين / وأبعث الماضي البعيدَ الدفين
وحدي وقد أقسمتُ لن تعرفي / وما الذي يجديك لو تعرفين
وما الذي يُجدي طعينَ الهوى / لَمسُكِ يا هند جراحَ الطعين
أصبحتُ لا أدري شربتُ الطِّلَى / عند بكائي أم شربتُ الأنين
كم أزرع السّلوان في خاطري / وكيف ينمو في مَحيلٍ جديب
بالخمر أسقيه وفي مسمعي / إرنانُ باكٍ وتشاكي حبيب
الجامُ يبكي لوعةً أم أنا / جامي غريبٌ وفؤادي غريب
واحيرتي تُرى أصُبُّ الطِّلى / أم أنني فيه أصبّ النحيب
يا إِلفَ نفسي لم يكن ها هنا / همٌّ لإِلف وسلوٌّ هناك
لم يَجرِ همسٌ لك في خاطرٍ / إلا جرى عندي كأني صداك
ولم أكن أعرفُ لي مدمعاً / إلا الذي تذرفُه مقلتاك
أصونُ حزني لك حتى اللقا / وأحبِسُ الفرحَةَ حتى أراك
إن كنت غنّيتُ فإِني الذي / وقفتُ ألحاني على سَرحَتك
حَبَستُ هذا الصوتَ لم ينطلق / إِلا على حزنكِ أو فرحتك
خمائلُ الروض بأعطارها / لم تَشجُني إلا على نفحتك
أنكرتُها طُرّاً ولم أعترف / إلا بطيبٍ جاء من جنّتك
وَافَرَحِي اليومَ بحريَّتي / بأيِّ ليل مدلهمٍّ أطير
رُدِّي على قلبي قيودَ الأسير / وذلك الصبحَ الوضيء المنير
كم شُعَبٍ لاحت فلم تختلف / لأيِّها نغدو وأنَّى نسير
بعد سني الأنوار خلَّفتِ لي / جَهمَ المساعي وخَفِيَّ المصير
علمتِ حالي لا وحقِّ الذي / صيَّرني أُشفِقُ أن تعلمي
هيهات تَدرين انطلاقَ الهوى / كجمرةٍ نضَّاحةٍ بالدم
هيهات تَدرين وإِن خِلتِه / وَثبَ الهوى الضاري وفتكَ الظَّمِي
وصارخاً كَبَحتُه في فمي / وطاغياً كبَّلتهُ في دمي
لا أنت تدرين وما من أحَد / بواصفٍ حسنَك مهما اجتهد
أو بالغٍ سرَّ الذكاء الذي / يكادُ في لحظك أن يَتَّقِد
أو مدركٍ عمقَ المعانِي التي / في لمحةٍ عابرةٍ تحتشد
أو فاهمٍ فنَّ الصَّناعِ الذي / أبدَع الاثنين الحِجا والجسد
قالت لميكي سِر بنا
قالت لميكي سِر بنا / نمشي لحاجتنا الهُوَينَى
فأطاع مسروراً كعا / دته ولم يسأَل لأَينا
فيم السؤال وكل شَي / ءٍ طيّبٌ من أجلها
وبنفسه حبٌّ قُصارا / هُ الحياةُ بظلها
ماذا تغيّر عزّة / أو ذلّة في حبها
سارت وكلُّ متاعه / في أن يسير بقربها
يستاف نعلَيهَا ويأ / بى في الوجود مُنافسا
فإذا تخيَّل دانياً / من تربِها أو لامسا
يختال مِلءَ نُباحه / زَهواً ويخطر حارسا
عجباً له ولزهوه / ما يصنع الواهي الصغير
ما يصنع الناب الضعي / ف وما يُخيف ولا يُجير
لكن ميكي لا يبا / لي أن يموت فداءها
في وثبه هيهات يس / أل ما يكون وراءها
الأمر كلُّ الأمر أن / يغدو يدافع دونها
والنفس تُنكر في الضحي / يَة عقلها وجنونها
من ذلك الظلُّ الملا / زِم في الحياة وفي الطريق
المخلصُ الوافي إذا / عَزَّ المنادم والرفيق
من قلبُه صافٍ ودي / دنهُ الولاءُ المطلق
فكأنما فيه الولا / ء سجيَّةٌ تتدفق
وإذا أُسِيءَ فإن أس / مى الحبّ أن يُبدي رضاءه
والصفح عند ذوي القلو / بِ البيض من قبل الإِساءه
مهما نظرت له نظر / تُ إلى مَعِينٍ من حنان
يُفضي إليك بسرّه الذ / ذَنبُ الصغير ومقلتان
لا بأس إن هند جفت / وقست أليست ربَّتَه
أقصَتهُ ثم تلفَّتت / ترجو إلَيها أوبته
زجَرته أو نهرته أو / كفَّت على جُرمٍ يده
فهي التي لم تَنسَهُ / والأكل ملءُ المائده
وهو الذي في بعدها / لم يَألُهَا طولَ ارتقاب
يقظان ينتظر المآب / وَثَوَى يُرَاقب خَلفَ باب
هند التي اتَّخذته من / دون الخلائق إلفَها
بحثت عن الإِلف الصغي / ر فلم تجده خلفها
ميكي وما ميكي ومص / رعُه على الدنيا جديد
نفسٌ تذوب وصرخةٌ / تدوي هنالك من بعيد
وتلفَّتَت هندٌ لمو / ضعه تغالب وَجدهَا
لا شيءَ قد سارت برف / قته وترجعُ وحدها
خرجت به جذلانَ يض / حك مثلما ضحك الصباح
فكأنما خرجت به / ليُلاقيَ القَدَر المُتاح
سارت به صبحاً وعا / دت بالمواجع والدموع
يغدو الحزينُ على الأسى / وأشقُّ شَطرَيه الرجوع
ما حيلتي يا هند وجهك لاح لي
ما حيلتي يا هند وجهك لاح لي / بأنوثةٍ جبَّارة الطغيان
يا هند أين رجولتي وعزيمتي / في قرب وجه ساحرٍ فتَّان
وأنا حزينٌ ظامئٌ قد جدَّ لي / ورِدٌ وراء مَعِينه شفتان
بين سهدٍ وعذابٍ وضنى
بين سهدٍ وعذابٍ وضنى / مرّ ليلي ذاك حالي وأنا
أسأل الأنجم عن حال المنى / يا حبيبي كيف صارت بيننا
كيف أمسى يا حبيبي عهدنا / بعد ما طاب هوانا ودنا
كلُّ ما كان بعيداً ورنا / كلُّ نجمٍ من سماوات السنا
آه لو ينظر حالي الآن آه / حينما ضاقت بآلامي الحياه
ندم النجمُ على غالي سناه / ورأى كيف انطوينا فطواه
أمسي يعذبني ويضنيني
أمسي يعذبني ويضنيني / شوقٌ طغى طغيان مجنون
أين الشفاء ولم يعد بيدي / إلا أضاليل تُداويني
أبغي الهدوء ولا هدوء وفي / صدري عبابٌ غير مأمون
يهتاج أن لَجَّ الحنين به / ويئن فيه أنينَ مطعون
ويظل يضرب في أضالعه / وكأنها قضبان مسجون
ويحَ الحنين وما يجرعني / من مُرِّه ويبيت يسقيني
ربيته طفلاً بذلت له / ما شاء من خفضٍ ومن لينِ
فاليوم لمّا اشتدّ ساعده / وربا كنوار البساتينِ
لَم يرض غير شبيبتي ودمي / زاداً يعيش به ويفنيني
كم ليلةٍ ليلاء لازمني / لا يرتضي خلاً له دوني
ألفي له همساً يخاطبني / وأرى له ظلاً يماشيني
متنفساً لهباً يهبُّ على / وجهي كأنفاس البراكينِ
ويضمنا الليل العظيم وما / كالليل مأوى للمساكينِ
ولما التقينا بعد نأي وغربة
ولما التقينا بعد نأي وغربة / شجيين فاضا من أسىً وحنينِ
تسائلني عيناك عن سالف الهوى / بقلبي وتستقضي قديم ديونِ
فقمت وقد ضجَّ الهوى في جوانحي / وأنَّ من الكتمان أيّ أنينِ
يبث فمي سرّ لهوى لمقبّل / أجود له بالروح غير ضنين
إذا كنت في شك سلي القبلة التي / أذاعت من الأسرار كل دفين
مناجاة أشواق وتجديد موثق / وتبديد أوهامٍ وفض ظنون
وشكوى جوى قاس وسقمٍ مبرحٍ / وتسهيد أجفانٍ وصبر سنين
لعينيكَ احتملنا ما احتملنا
لعينيكَ احتملنا ما احتملنا / وبالحرمانِ والذلِّ ارتضينا
وهان إذا عطفت ولو خيالاً / وأين خيالك المعبود أينا
تعالَ فلم يعد في الحي سارٍ / وهوَّمتِ المنازلُ بعد وهنِ
وران على نوافذها ظلامٌ / وقد كانت تطلّ كألف عينِ
تعالَ فقد رأيتُ الكون يحنو / عليّ ويدرك الكرب الملمَّا
ويجلو لي النجوم فأزدريها / وأغمض لا أريد سواك نجما
ومنتظرٌ بأبصاري وسمعي / كما انتظرتكَ أيامي جميعا
وهل كان الهوى إلا انتظاراً / شتائي فيك ينتظر الربيعا
أرى الآباد تغمرني كبحرٍ / سحيقِ الغور مجهولِ القرار
ويأتمر الظلام عليَّ حتى / كأني هابط أعماق غارِ
وتصطخبُ العواصف ساخرات / وتطعنني بأطراف الحرابِ
وتشفق بعد ما تقسو فتمضي / لتقرع كل نافذةٍ وبابِ
فصحت بها إلى أن جف حلقي / فحين سكتُّ كلمني إِبائي
وأشعرني العذاب بعمق جرحي / وأعمق منه جرح الكبرياءِ
ولمّا لَم تفز بلقاك عيني / لمحتك آتياً بضمير قلبي
فأسمع وقع أقدامٍ دوانِ / وأنصت مصغياً لحفيف ثوبِ
وأخلق مثلما أهوى خيالاً / وأستدني الأماني والحبيبا
وأُبدع مثلما أهوى حديثاً / لناءٍ صار من قلبي قريبا
أمدّ يديَّ في لهف إليه / أشاكيه بمحتبس الدموعِ
فيسبقني إلى لقياه قلبي / وثوباً ثم يبرد في ضلوعي
فتصطخب العواطف ساخرات / وتطعنني بأطراف الحرابِ
وتشفق بعد ما تقسو فتمضي / لتقرع كل نافذةٍ وبابِ
أهاب بنا فلبّينا
أهاب بنا فلبّينا / منادٍ ضمّ روحينا
كأنا إذ تصافحنا / تعانقنا بكفينا
كأن الحب تيار / سرى ما بين جسمينا
يؤجج في نواظرنا / ويشعل في دماءينا
يا أميري أزف البي
يا أميري أزف البي / ن وما زلت ضنينا
أصغ لي وانظر ودع كف / فك في كفيَ حينا
آهِ من يمناك هذي / والذي منها سقينا
عللتنا بالأماني / فشربنا ظامئينا
ثم دارت بالمنايا / فوردنا طائعينا
آه من قاسية ريا / نةٍ ضعفاً ولينا
يا بناناً ساحراً قد حك / كَم الأقدار فينا
شفتي موتورة ظم / آنة جنت جنونا
وكأن الآن كفي / حملت ثأراً دفينا
تتمناك حبيساً / عندها العمر سجينا
طائراً ألفى على را / حتها وكراً أمينا
وشعاعاً قدسياً / هادي النور مبينا
كم تجرّعنا هوانا
كم تجرّعنا هوانا / ولقينا في هوانا
وبلونا نار حب / لم نذق فيها أمانا
وإذا حلّ الهوى هي / هات تدري كيف كانا
فإذا ما ملك الأن / فس أصلاها عوانا
فهو نصل مستقر / ولهيب لا يدانى
يا حبيبي هدأ اللي / ل ولم يسهر سوانا
لا الدجى ضمَّد جرحي / نا ولا الصّبح شفانا
لا الهوى رقّ على الش / شاكي ولا قاسيه لانا
قد غدونا غرض الر / رامي كما شاء رمانا
وافني بالله نَطرق / هيكل الحب كلانا
ساعة نبكي على الكأس / ونشكو من سقانا
يا أمتي كم دموع في مآقينا
يا أمتي كم دموع في مآقينا / نبكي شهيديك أم نبكي أمانينا
يا أمتي إن بكينا اليوم معذرةً / في الضعف بعض المآسي فوق أيدينا
واهاً على السرب مختالاً بموكبه / وللنسور على الأوكار غادينا
قالوا الضباب فلم يعبأ جبابرة / لا يدركون العلا إلا مضحينا
والمانش يعجب منهم حينما طلعوا / على غواربه الحيرى مطلّينا
فاستقبلتهم فرنسا في بشاشتها / تجزي البسالة ورداً أو رياحينا
قالوا النسور فهبَّ القوم وادَّكروا / نسرا لهم ملأ الدنيا ميادينا
وهلل السين إذ هلَّت طلائعنا / طلائع المجد من أبناء وادينا
حان الأمان ووافَى السربُ فافتقدوا / نسرين ظنوهما قد أبطآ حينا
لكنه كان إبطاء الردّى فهما / لمّا دعا المجد قد خَفَّا ملبينا
فليبك من شاء وليُشبع محاجره / ولينتحب ما يشاءُ الحزن باكينا
يبكي الحبيب وتبكي فقد واحدها / من لا ترى بعده دنيا ولا دينا
هُنيهة ثم يسلو الدمعَ ساكبُه / لا يدفع الدمعُ شيئاً من عوادينا
فكلما حلَّ رزءٌ صاحَ صائحنا / فداك يا مصر لا زلنا قرابينا
فداك يا مصر هذا النجم منطفئاً / والنسر محترقاً واللليث مطعونا
هجرتِ فلم نجد ظلاً يقينا
هجرتِ فلم نجد ظلاً يقينا / أحُلماً كان عطفُكِ أم يقينا
أهجراً في الصبابة بعد هجرٍ / أرى أيامَهُ لا ينتهينا
لقد أسرفتِ فيه وجُرتِ حتى / على الرَّمق الذي أبقيتِ فينا
كأن قلوبنا خُلِقَت لأمرٍ / فمذ أبصرنَ من نهوى نسينا
شُغِلنَ عن الحياة ونِمنَ عنها / وبِتن بمن نحبُّ موكلينا
فإن مُلِئت عروق من دماءٍ / فإنَّا قد ملأناها حنينَا
هل أنتِ سامعةٌ أنيني
هل أنتِ سامعةٌ أنيني / يا غايةَ القلب الحزين
يا قِبلة الحب الخفي / وكعبة الأمل الدفين
إني ذكرتك باكياً / والأفق مُغبر الجبينِ
والشمس تبدو وهي تغ / رب شبه دامعة العيون
أمسيت أرقبها على / صخر وموج البحر دوني
والبحر مجنون العبا / ب يهيج ثائره جنوني
ورضاكِ أنتِ وقايتي / فإذا غضبتِ فمَنَ يقيني

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025