المجموع : 23
من شاعرٌ نسقَ الرياضَ ونظما
من شاعرٌ نسقَ الرياضَ ونظما / أكبرتُ فيه العبقريَ الملهَما
قالوا الربيع فقلت ما أنكرتهُ / رشف الدموع وردهنّ تبسُما
حمل المشاعل لا يمر بربوة / إلا وخضب باللهيب وضرما
فإذا الأريج سحائب وردية / لبس الهزار بها الطراز المعلما
ثم استقر على مخبإ وردة / فشكا وداعب لحظة وترنما
وإذا الفراش رسول كل حبيبية / لحبيبها بأبي الرسول الأبكما
بيت الحبيبة أم وساوس حالم؟ / أصعدت أم هبطت على أرضي السما
إن كنت أجهل أرضه وسماءهُ / ما كان يمنعني الهوى أن أحلما
طالعت وجهك والصباح فلم أكد / أتبين الصبح المنور منهما
تعب الربيع من الطواف فلم يجد / بيتا أعز ولا مقاماً أكرما
فرمى الأكاليل التي ضفرت له / وسعى إليك وقد تهلل وانتمى
وأنا الذي غذى الجمال بشعرهِ / وحنا عليه سافرا وملثما
أنا يا ربيع لا أمن قصائدي / لولاك ما طبعت على فمها فما
صغرت فهبها في اللآلي حبة / أو لا فهبها في الأزاهر برعما
وحسود لا يعطمُ الغمضَ عينيهِ
وحسود لا يعطمُ الغمضَ عينيهِ / كأنَ الكرى عليه حرام
يلطم الوجه حين يهتف باسمي / فكأنيفي عنقه آثام
ألتقيه بمهجة تذرف الحب / ووجه يحلو له الابتسام
مهجةٌ كالرياض يغمرُها النورُ / ويرتدُّ عن سماها الظلام
وترَ الشعرِ فيك ما ابتكرَ الله / نسيمٌ وجدولٌ تمتامُ
كم تهادى على رفارفك الخضر / وغنى الشباب والأحلامُ
نم إن قلبي فوق مهدك كلما
نم إن قلبي فوق مهدك كلما / ذكر الهوى صلى عليه وسلما
نم فالملائكة عينها يقظى فذا / يرعاك مبتسما وذا مترنما
نم واجتن الأحلام أزهار الصبا / واستنزل الزهرالنجوم من السما
نم ملئ عينك إن عيني ملؤها / دمع وان عنفتها امتلات دما
نم فالسلام على شفاهك سطرت / اياته فلثمتها ........ متوهما
نم فالهوى حزب علي لإنه / يقضي بأن اشقى وأن تنعما
نم وارع حبات القلوب ولاتكن / ترعى كعيني في الظلام الأنجما
نم فوق صدري إنه مهد الهوى / وعفافه ابدا يرف عليكما
نم إنت واتركني بلا نوم ودع / روحي وروحك في الهوى تتكلما
واذا الكرى لعبت بجفنك كفة / واذا السكون على سريرك خيما
واذا النسيم - وأنت في بحر الشذا / غرق - دنا من وجنتيك ليلثما
نبه جفونك لحظة تبصر فتى / لم يبق منه هواك الإ الأعظما
جاث على قدم السرير وعينه / عين المصور حاولت أن ترسما
لو أن بعض هواك تعبدا / وحياة عينيك ما دخلت جهنما
لبنان كم للحسن فيك قصيدة
لبنان كم للحسن فيك قصيدة / نثرت مباسمها عليها الأنجم
كيف التفت فجدول متأوّهٌ / تحت الغصونِ وربوةٌ تَتَبسَّمُ
وطنُ الجميع على خدود رياضهِ / تختال فاطمة وتنعم مريم
أكماته البيضاء تحت سمائه / الزرقاء أطفال تنام وتحلمُ
تتقاعد القبلات من أنفاسها / وتمر بالوادي الوديع وتلثِمُ
لبنان عيد ما أرى أم مأتم
لبنان عيد ما أرى أم مأتم / لله أنت وجرحك المبتسم
عصروا دموعك وهي جمر لاذع / يتنورون بها وصحبك مظلم
قل للرئيس إذا أتيت نعيمه / إن يشق رهطك فالنعيم جهنم
أيطوف الساقي هنا بكؤوسه / ويزمجر الجابي هناك ويرزم
تعرى الصدور هنا على قبل الهوى / وهناك عارية تنوح وتلطم
والكهرباء هنا تشع شموسها / وسراج أكثر من هناك الأنجم ..
لبنان يا بلد الذاجة والوفا / حلم .. وهل غير الطفولة يحلم
هذا حصيرك والحبيبات التي / كانت غذاءك واللحاف المبهم
بيعت لتهرق في الكؤوس مدامة / هي - لا روتهم - أنفس تتألم
لبنان يا بلد السذاجة والوفا / حلم .. وهل غير الطفولة يحلم
كبر الزمان ولا تزال كأمسه / فعساك تكبر أو لعلك تفطم
زمن به تشقي الفضائل أهلها / ألصدق يقتل والمرؤة تعدم
لبنان شاعرك الذي غاضبته / ترك العتاب وقد أتاك يسلم
صداحك الشادي على هضباته / كم معبد في عوده يترنم
هو في كلا حاليك أنت غرامهُ / وعلى كلا حاليه ذاك المغرمُ
يا عيوناً أوحَت إلينا الغَراما
يا عيوناً أوحَت إلينا الغَراما / أجنوناً سقيتنا ام مداما
آيةُ الحبّ أن تضلّي ربيعاً / لفؤادي وأن يظَلّ هُياما
أيها الدوح دوح دمّر إني / لستُ أنسى تلكَ الليالي اليتامى
يا بساطَ الهوى ويا وترَ الشعر / سلاماً ويا شقيق الندامى
سألتني وكفّها فوقَ قلبي / عمرَكَ الله هل تُحِبُّ الشآما؟
قلتُ حبّا زَقَّ الحمامَةِ للفَرخِ / فلم لا تكون ذاك الحماما
أنا ساهرٌ والكونُ نامَ
أنا ساهرٌ والكونُ نامَ / وكلّ ما في الكونِ نام
حتى نجوم الأفق / نامت فوق طيّات الغمام
نام الجميع ومقلتي / يقظى تجول مع الظلام
أنا ساهر وجبال لبنان / عليها الصمت حام
خلع الجلال على / مناكبها مواهبه الجسام
وتخالها إذ صعدت / في الجو مراداً عظام
صمتت لدن برَزَ الدجى / فكأن في فمها لجام
أنا ساهرق والسهل في / حضن الطبيعة كالغلام
وكأمّه فتحت ذراعيها / ليهنأ بالمنام
يغفو ويحرسُ ثغرهُ / روح البنفسج والخزام
السهل نام فلا حرامك / ولا هتاف ولا بغام
أنا ساهر والبحر أخرس / لا هدير ولا احتدام
كالمارد الجبار منطرح / على صدر الرغام
فكأنه والرمل إلفا / صبوَةٍ منذ الِطام
فتعانَقا عند المنام / وملء ثغرهما ابتسام
لاحس حتى خلت أن / ساد الحمامُ على الأنام
وحسبتَ أنفاسَ الورى / سجنت بأقفاص العظام
صمتٌ يقُزّك فيه خبّ / النمل في ملمس الرخام
ما أعظم الضوضاء يحدثها / فؤاد المستهام
إذ راح يخفق وحده / خفقان أجنحةِ الحمام
في ذلك الصمت الرهيب / وذلك الليلِ الجهام
جبلٌ من البُنيانِ زلزِلَ فوقَهُم
جبلٌ من البُنيانِ زلزِلَ فوقَهُم / وانقَضّ بعصفُ فيهم ويُدَمدِمُ
لله منظَرُهم وقد فغرَ الردى / فمهُ وقال استسلموا فاستسلموا
جُثَثٌ مطوّحةٌ ذراها عاصفٌ / وحمالقٌ ميلٌ وأشلاءٌ دمُ
بين انفلات الروح واستمساكها / تحت الجنادل والمعاولُ ترزمُ
أملٌ كخيط أبيض في قاتم / متلبد أو سكرةٌ وتوهّم
صُورٌ تطوفُ بهم مخضّبةَ الرؤى / اسدٌ يمضزِّقُهُم وينهَشُ أرقَمُ
وأمرّ من هذا وأوجعُ زوجةٌ / خطرة كومضِ البرقِ أو خطرَ ابنمُ
لاحا كأخيلَةٍ خلالَ غمامَةٍ / حمراء تشرَقُ بالضرام وتسجمُ
وحبيبةٍ في شملتي مجنونةٍ / وقفَت تحدّثٌ في الفضاء وترسمُ
وكأنها لما رأتهُ صفّقت / وتضاحكت في وجههِ تَتَهَكَّمُ
حمّى لها نهمُ السباع ويقظةٌ / تحت التراب هي الجحيمُ الأعظمُ
عُذرٌ لمن مات لا عرقٌ لمن سلما
عُذرٌ لمن مات لا عرقٌ لمن سلما / إذا تهدّم مجدٌ واستبيحَ حمى
شفاك داؤُكَ أشفى الداء أقتُلُه / للحرّ إن صدمَ الأحداث فانصدما
لبنان هل لي إلى أذنيك صاعقةٌ / يزيل تهدارها من أذنك الصمما
قضى على الأسد دهرٌ لا ذمامَ له / أن تركبَ الموتَ حتى تنقِذَ الأجما
هذا شبابكَ يشقى في ضراعتِهِ / وهو البراكينُ لكن يجهلُ الحُمَما
زجوا بكلّ أبي قعرَ موحِشَةٍ / وحكموا البومَةَ الشوهاءَ والقَزِما
يقول غاضر ماضيه لحاضرهِ / حملُ فيك الهوى والعذلَ والتهما
أكُلّما اكتسحَ الأوطان مكتسحٌ / طاطأت حتى يساوي رأسُكَ القدما
رب النشيد عزاء النفس في وطن / ما أنصف الحي حتى ينصف الرمما
لله قلبك ما أحنى كأن به / لكل ذي رقّة من عطفهِ رحِما
ترعى الهموم به حتى إذا عرضَت / لك الوجوهُ عرضتَ الوجهَ مبتسِما
كدوحة وسط الصحراء قائمةِ –صبّ الهجيرُ على أغصانها الضرما /
لكنها ترسل الأظلال وارفةً / على القوافلِ في الصحراءِ والنَسَما
يا ناشر الراية الخضراء ما خفقت / إلا وماج ربيعٌ تحتها ونما
تلك العشيات من وشي مطارفها / وذلك الرفرفُ الفينانُ من رسما
وهذه القبل السكرى التي التهمت / جيد الأزاهر من أوحى لها النهما
طوائف من تهاويل وأخيلة / أعملتَ سحركَ فيها فانبرت كلما
فتى الشوارد من خمر ومن زهر / عقد فريد على سلك يسيل دما
يسقي الهناء ولا يسقى فيا ألما / ما أن تحت الدجى إلا شفى ألما
سيان عند ابتناء المجد في وطن / من يحمل السيف أو من يحمل القلما
عشتَ فالعَب بشعرها يا نسيمُ
عشتَ فالعَب بشعرها يا نسيمُ / واضحكي في خدودها يا نجوم
من ملاكٌ في بردَتَيها مقيم / جسدٌ طاهرٌ وروحٌ كريم
سكب الله دمعةً فإذا هي / نفس ليلى بلطفها المتناهي
أيباهي بحسنه متباه / وهي ليلى وذاك قول الإله
شعرها قطعة من الليل والخد / قبلته شمس الضحى فتورّد
وعلى صدرها متى تتنهّد / موجة هزّت الصغيرين في المهد
إن مشت فالقلوب تحت خطاها / لا تبالي نعيمها من شقاها
إن قلبا تدوسه قدماها / ودماه تبلّ ذيلَ رداها
فدَتِ المنائِرُ كلُهُنّ منارةً
فدَتِ المنائِرُ كلُهُنّ منارةً / هي في فم الدنيا هدىً وتبسُمُ
ما جئتها إلا هداك معلّمٌ / فوق المنابر أو شجاك متيّمُ
بيروتُ هل ذرفت عيونك دمعة / إلا ترشّفها فؤادي المغرمُ
أنا من ثراك فهل أضِنُّ بأدمعي / في حالتيك ومن سمائك ألهمُ
كم ليلة عذراء جاذبها الهوى / أنا والعنادل والربى والأنجمُ
لهفي عليك أكُلّ يوم مصرعٌ / للحق فيك وكلّ عيد مأتَمُ
والأمر أمركِ لو رجعتِ إلى الهدى / ألحُبّ يبني والتباغُضُ يهدِمُ
رباه هل ترضى الشقاء لأمّة / ما اذنبت إلا لأنك تحلمُ
عدلٌ قصاصك كم نبيّ جاءهم / واراد أن يتجمعوا فتقسّموا
ضمنَ الثناء وَفَتّ في الأحقاد
ضمنَ الثناء وَفَتّ في الأحقاد / قدرٌ أخفُ من الحسود العادي
وهبوا نبوغكَ في الحياة لحفنةٍ / من أدمعٍ مجبولة برماد
كم صاحب أحرقت نفسك دونه / فهوى عليك بقسوة الوقاد
وأخي انكسار رحت ترأب صدعه / فعدى عليك مع الزمان العادي
ورضيع آداب أقلتَ عثارهُ / فإذا رمى الأعداء كان البادي
حسب الذكاء عليك دهر باخل / وضع القرائح في يدي نقاد
عصفورةَ الوادي أراك حزينة / أعلمت من حملوا على الأعواد
ألنسر ذا نَزَقِ على هضباتِهِ / والعضب ذا حنق على الأغماد
فتقطّعت مهجٌ وفاضت أعين / رمت الخدود بكل أوطَفَ صاد
مطَرٌ كما انتثر الجمان على اللظى / وتكسّر البلور في الأجياد
هجر الفراخ أبوهمُ لمفازضةِ / مجهولة ولعلّها لمعاد
فتجمعوا في الوكر حول حمامةٍ / بيضاء جللها الأسى بسواد
لهفي على تلك الهواتف في الدجى / أفعائدٌ غير الصدى لمُناد
الله في مهج تذوب وموطنٍ / حرب على المتَقَحّم الذّوادِ
يلقي على قدم الغريب بنفسه / ويشيح عن أبنائه الأنجاد
قلل للوديع أفي جوارك منزل / بين القبور لأمة وبلاد
فالقبر إن عق البلاد رجالها / وتبدلت بالأصدقاء أعادي
وهوت غلى الدرك السحيق وقادها / في الغي شرذمة من الأوغاد
أوفى وأكرضمُ فهو يشفِقُ أن ترى / عطف العذول ورحمةَ الأضداد
قالوا الصحافة قلتُ أيُّ حشاشة / سفِكَت على سنّ من الفولاذِ
وتخالها ما قد تجمّد من دم / خلل السنين على يدي جلاّد
ألله أي شهبدة عربيّة / تمشي على جيل من استشهاد
أدّى بها الظلم الحقوق لأهلها / حمرا ككُفر رعتَه بجهاد
قالوا الصحافةُ قلت أين عميدها؟ / إن الطراد بحاجة لجوادِ
طلق القوائمِ لا يعَضّ لجامَهُ / من غيظهِ ويخُبّ في الأصفاد
تتدحرجُ التيجانُ من ذرواتها / إن راح ينسِفُ أسّها بمِدادِ
تاللهِ ما معنى الوجود وحُكمُهُ / حكم الفناء وأمرهُ لنفادِ
إلا مشقّات الطريق إلى الثّرى / بينَ الأسى وتَفَتّتِ الأكباد
أنا كالمعَرّي لست أسأل رحمةً / إلا من الآباء للأولاد
ألعبقَرِيّةُ ما حيِيتَ جنايِةٌ / فخذ الذمام لها من الألحاد
تمشي على حسك الصدور وشوكها / وتُلَفُّ بعد الموت بالأورادِ
آلى الهدى أن لا يطِلّ على الورى / إلا على جبلٍ من الأجساد
أعرني بعضَ شجوكَ يا حمامُ
أعرني بعضَ شجوكَ يا حمامُ / فقد غلبَ الأسى وعصى الكلام
كلانا يا شقيقُ هوى الأغاني / قَلي عهدٌ عليك ولي ذمامُ
وأيّةُ بهجة للنفس تبقى / إذا ذهبت أحبتُها الكرامُ
فكُلّ خميلَةٍ قفرٌ يبابُ / وكلّ وميض بارقةٍ ظلام
وما ضرّ البنفسجَ إن توارى / حياءٌ والصدور له مقام
تقنّع بالحياء فلا نراه / وأولعَ بالوفاء فما يرامُ
جناحا طائرٍ لا الوكرُ دانٍ / إذا افترَقا ولا الداني الغمام
إذا جادَ الغمامُ فلَستَ تدري / أدمعٌ في الورود أم ابتسام
وبعضُ الجود مرحمَةٌ ورفقٌ / وبعضُ الجود منقصةٌ وذام
وعمرُ الورد ما يهمي شذاهُ / على دنياهُ لا شهرٌ وعام
قالوا دهت مصر دهياء فقلت لهم
قالوا دهت مصر دهياء فقلت لهم / هل غيض النيل أم زلزل الهرم
قالوا أشد وأدهى قلت ويحكم / إذن لقد مات سعد وانطوى العلم
لم لا تقولون إن العرب قاطبة / تيتموا كان زغلول أباً لهم
لم لاتقولون أن الغرب مضطرب / لم لاتقولون أن الشرق مضطرم
عذرتكم كان ملء الكون صاحبكم / فكيف تمل أذن السامع الكلمُ
للصمت أبلغُ منها وهو منسحقٌ / والدمع أفعل منها وهو منسجم
جاء النبيون من قبل فما لأموا / وجاء سعد فشمل الشرق ملتئم
ألقاتل الحق لا تثنى أعِنّتهُ / والواحد الفرد في أثوابهِ أُمَمُ
لطف المسيح مذاب في حناجره وعزم أحمد في جنبيه يحتدم /
صلى عليه النصارى في كنائسهم والمسلمون سعوا للقبر واستلموا /
ألمؤمنون بسعد أين أبصرهم / والمعجبون بسعد أين أين هم
أفري الطياليس عنهم لا أشاهدهم / أبري القلانسَ عنهم لا أحسهم
وأسأل الحفل عنهم لا يجاوبني / كأنما الحفل في آذانه صممُ
بلى شهدتهم والنقع معتكر / والحق مطلب والثغر مبتسم
وراية الوطن الغالي تظلهم / كأنما حضنت أفراخها الرخم
روح تسيل على القرطاس إن خطبوا / وقد تسيل على القرضاب إن فحموا
مصر وليس سوى مصر لهم أرب / إن تشق يشقوا وإن تنعم فقد نعموا
رجال مصر شفيعي إن عتبتكم / أن المحب لديكم ليس يتهم
إني أخاف عليكم في تحزبكم / أن تنصروا الخصم وهو الخصم والحكمُ
تخاصمون على ضعف وخصمكمُ / وهو القوي عليكم ليس يختصم
توحدوا باسم مصر في تجهمها / وطالعوا ثغرَ مصر كيف يتبسم
سعد أرادكم حلفا فلا قُسمَت / أجزاؤكم حب مصر ليس ينقسِمُ
سيروا لكل أخي دنيا لبانتهُ / حتى إذا ما ربحتم مصر فاقستموا
تاريخ مصر ولودٌ ما انتمى شممٌ / إلا إليه وحابى نفسه الشمم
أم الحضارة بل مجلى أشعتها / يوم الحضارة لم تعلق بها رحم
تقهقرت دونها الأيام واجفةً / فهي الشباب وتلك الشيب والهرمُ
من مبلغ مصر عنا ما نكابده / إن العروبة فيما بيننا ذمم
ركنان للضاد لم تفصم عرى لهما / هم نحن إن رزئت يوما ونحنُ همُ
لبستْ بعدكَ السوادَ العواصمْ
لبستْ بعدكَ السوادَ العواصمْ / واستقلّتْ لكَ الدموعَ المآتمْ
ودّ لو يفتديكَ صقرُ قريشٍ / بالخوافي، من الردى، والقوادم
دارَ هولُ المصابِ حتى احتوى / الكو نَ، كما دار بالأصابع خاتم
فإذا البحرُ مثقلُ الصدْرِ بالأَحْ / زانِ، والأفقُ شاحبُ الوجهِ ساهم
وإذا أنتَ ، لا ترى غيرَ رأسٍ / مُطرِقٍ وارمِ المحاجرِ واجم
أسْنِدوا «البيتَ» بالصدور، فقد ما / دَ، وخانتْ جدرانهنَّ الدَّعائم
وامنعوا «القبرَ» أن يلمَّ به النا / عي، فينعى إلى «الرسول» القاسم
عرفتْ قدركَ العيونُ فأغضتْ / واستعارتْ لها عيونَ الفواطم
فطغى مصرعُ «الحسينِ» على الشَّرْ / قِ، وشُدّتْ على الرماح العمائم
واكتسى مفرقُ الجهادِ جمالاً / بالأكاليل من ذؤابة هاشم
فيصلَ العُرْبِ، ما هززناكَ / إلا بالجفونِ المقرَّحات السواجم
بالمنى الذابلاتِ، بالأمل الدا / مي، بثُكل الهوى، بفقد المراهم
فهززنا، لما هززناكَ، دنيا من / جمالٍ وجنَّةٍ من مَراحم
قل لتلك العهودِ في رَهَج الحَرْ / بِ، وفي سكرة القنا والغلاصم
قد لمحناكَ في عيون الثعالي / ولمسناكَ في جلود الأراقم
َّثونا عن الحقوق فلمّا كبَّر / النصرُ ، أعوزتْنا التراجم
نفحتْنا بها الحروبُ سلاماً / ورمانا بها السلامُ أداهم
قُلْ - وقُيتَ العِثارَ - في ندوة القَوْ / مِ، متى أصبح الحليفُ مُخاصِم؟
أين ذاك الهيامُ في أول الحبْ / بِ، وتلك الموشّحاتُ النواعم؟...
كدتُ أخشى عليكمُ تلفَ النفْ / سِ ببان اللِّوى وظبْي الصرائم
علِّمونا كيف الشفاءُ من الحبْ / بِ، فما يستوي جهولٌ وعالمْ
واذكروا عهدَنا القديم، فقِدماً / بخل الدهرُ بالصديق الملائمْ..
إنَّ تحت الصدورِ جذوةَ مَوْتو / رٍ، وخلف الحدودِ زأْرَة ناقم
ليس في الدهر أوَّلٌ وأخيرٌ / فالبداياتُ كنَّ قبلاً خواتم
لو أفاد العتابُ، ملنا على النفْ / سِ بما لا تطيقهُ نفسُ نادم
أخذتنا الدنيا بما زيّنتْهُ من أمانٍ، / ونحن بعدُ براعمْ
وعلِقْتم من عهدهم بسرابٍ / كمْ سُمومٍ تحت الشفاهِ البواسم
هفوةٌ ، جرَّها الزمانُ علينا لا / ملومٌ أنا، ولا أنا لائم
ذلك الليلُ في السنين الخوالي / سوف يغدو فجرَ السنين القوادم
للتجاريب في الأمور يداها رُبَّ / بانٍ ما كان بالأمس هادم
رجَّةٌ ، أجفلَ الكواسرُ منها ورمى / الذُّعرُ في العرين الضراغم
واشرأبّ الوجودُ، ينظر للنَّسْ / رِ على ذروة العروبة جاثم
مدَّ فوق الثرى جناحاً وألقى / شامخاً ما له من الموت عاصم
حاملاً ملء ثوبه من جراحا / تِ الليالي، ومنْ غبار الملاحم
يُطبق الناظِرَيْن، إلا بقايا من / شعاعٍ حول المحاجر هائم
هكذا مصرعُ النسورِ: وِسادٌ / من جلالٍ وقبةٌ من طلاسم
قد حملنا الشآمَ من طرفيهِ / فوق بحرٍ من الأسى مُتلاطِم
وسفحنا في «دجلةٍ» قلبَ «لبنا / نَ»، وأجفانَه الهوامي الهوائم
خذْ بهمس القلوبِ في أذن الحُبْ / بِ، ودعْ عنكَ كاذباتِ المزاعمْ
نَسِيَتْ نوحَها الحمائمُ في الدَّوْ / حِ، فجاءت تُصغي إليَّ الحمائم
ومن النَّوْح ما يهزّكَ للعَطْ / فِ، ومنه المدمدِماتُ الهوادم
أينَ مِنْ مُقْلَتِي الكَرَى يا ظَلَام
أينَ مِنْ مُقْلَتِي الكَرَى يا ظَلَام / أَنْصَفَ الليل والخَلِيُّونَ نامُوا
مَسَحَتْ راحةُ الكَرَى أعيُنَ الناس / فَنَامَتْ وَنَامَ فيها الغرامُ
وأنا تذكرُ الضِّيَاءَ عُيُونِي / مثلما يَذْكُرُ الغُصُونَ الحَمامُ
يا نسيمَ الدُّجى اللطيفِ احتَمِلنِي / لِيَ عهدٌ عند النسيمِ لِزَامُ
كُلُّنا ناحِلٌ فأنت بَرَاكَ الله / لَكِنْ أنا بَرَانِي السَّقَامُ
اِحْتَمِلنِي وَلَا تَخَفْ بِي مَلَاماً / مَا عَلَى صَانِعِ الجَميلِ مَلامُ
اِحِتَمِلنِي تَحمِلْ بَقِيَّةَ رُوحٍ / تَرَكَتْهَا لِشَقْوَتِي الآلامُ
يا نسيم الدُّجُى الحَرِيرَ تَمَوَّجْ / أَطْيَبُ الماءِ ما سَقَاهُ الغَمَام
إسقنيها، بأبي أنت وأمي
إسقنيها، بأبي أنت وأمي / لا لتجلو الهم عني، أنت همي
إملإ الكأس ابتساما وغراما / فلقد نام الندامى و الخزامى
زحم الصبح الظلاما فإلاما.. / قم ننهنه شفتينا
ونذوب مهجتينا / رضي الحب علينا يا حبيبي
بابي أنت وأمي إسقنيها / لا لتجلو الهم عني، أنت همي
غني واسكب غناك ولماك / في فمي، فديت فاك، هل أراك
وعلى قلبي يداك ورضاك / هكذا أهل الغزل
كلما خافوا الملل / أنعشوه بالقبل يا حبيبي
إسقنيها، بأبي أنت وأمي / لا لتجلو الهم عني، أنت همي
صبها من شفتيك في شفتيا / ثم غرق ناظريك في ناظريا
واختصرها، ما عليك أو عليا / إن تكن أنت أنا،
وجعلنا الزمنا / قطر في كأسنا يا حبيبي
إسقنيها، بأبي أنت وأمي / لا لتجلو الهم عني، أنت همي
لا تخلق الأعذارَ أنت المجرمُ
لا تخلق الأعذارَ أنت المجرمُ / إن تسكت الزلفى فقد نطق الدم
أتضيق بالقتلى رحاب قبورها / والعدل مشلول السواعد أبكم
ضاعت أمانات النفوس لدى الألى / وُلّوا على هزل الزمان وحُكّموا
سقياً ورعياً للمنايا إنها / ظفرت بمن يسقى الدماء ويُولم
لا يخدعنك منه مظهرُ هادئ / فالبحر أهدؤه المخيفُ الأقتم
يرنو إليك ولا يرى وكأنه / ينسى محطّ يديه حين يسلّم
وكأنه سلب الضحايا لونها / أفلا تراه بصفرة يتلثّم؟
يتلقّف الهمس الخفيّ بأذنه / ويكاد يخطف ما يهم به الفمُ
ويخاف بادرة اللسان تخونه / فإذا تناوله الحديث يُجمجم
يسترفد الألحاظ نظرة مشفق / ويبارك الكف التي لا ترجم
ويواصل الضحك المرير تكلّفاً / ليغلّف القلب الذي يتألم
اثنان لا يتهادنان دقيقةً / شبحُ الضحية والضميرُ المجرم
بيروت هل ذرفت عيونك دمعة / إلا ترشفها فؤادي المغرم
أن من ثراك فهل أضنّ بأدمعي / في نكبتيك ومن سمائك أُلهم
كم ليلة عذراء جاذبها الهوى / أنا والعنادل والربى والأنجم
إن راح يُنكرني الجهول عذرته / ورحمته أيُلام من لا يفهم
لهفي عليك أكلّ يوم مصرع / للحق فيك وكلّ عيد مأتم
أرضيعة الآلام، كل مصيبة / ثدي وكلّ عصير ثدْي علقم
ما أظلم الأيام.. أي غمامة / لا تنجلي ورضيعة لا تُفطم
كثرت عليك الأمهات وما درت / أرحامهنّ فكل أم ضيغم
تتداول الأحداث فيك ولاتُها / الحبّ يَبني والتباغض يهدم
رباه هل ترضى الشقاء لأمة / ما أذنبت إلا لأنها تحلم
عدلٌ قصاصك كم نبيّ جاءهم / وأراد أن يتوحدوا فتقسّموا
عاشوا على أمل فكفّنهم به / من لست تذكرهم وتعلم من همُ
فدَيتُكِ ثورةً لفَحَت لظاها
فدَيتُكِ ثورةً لفَحَت لظاها / كما أشعلت في غابٍ ضراما
تمَوّج باللهيب فكان بحراً / وكان سفينهُ جثَثا وهاما
شبابٌ يقذِفُ الصيحات حمراً / ويُطعمُ صدرهُ السيف الحساما
لقد جنوا فعندهُمُ المنايا / مدامٌ والمديروها الندامى
وكم من ضامرِ الأحشاء ظامٍ / مشى يتأبّطُ الموتَ الزُّؤاما
تمرّد فجرُ نهضَتهِ عليه / فمزّق عن جوانبها الظلاما
وثوبُ الحسن أحمرُ وهو لمّا / تردّى ألبسَ الحسن التماما
يا غابةَ الصوتِ اللهيفِ كأنهُ
يا غابةَ الصوتِ اللهيفِ كأنهُ / تحت الظلامِ أشعّةٌ تتكلَمُ
تسعى الطيور فكُلُهُنّ حمائمٌ حمرٌ / على تلك المناهل حوّم
سكرى السماع فخافق / مترنح حول الغدير ومستقرُ يلثم
سبحان من جعلَ الغناءَ رسالةً / كالشعر أفتَنُ ما سباكَ التوأمُ
ثَمِلَت به الأزهارُ وهيَ أجنّةٌ / وتشوّقَت فانشقَ عنها البرعُمُ