المجموع : 34
وَافَى وَأَرْواحُ العُذَيْبِ نَواسِمُ
وَافَى وَأَرْواحُ العُذَيْبِ نَواسِمُ / وَاللَّيْلُ فِيهِ مِنَ الصَّبَاحِ مَباسِمُ
أَهْلاً بِمَنْ أَسْرَى بِهِ وَعْدٌ لَهُ / مُتَأخِّرٌ وَهَوَىً لَنَا مُتَقَادِمُ
قَدْ كُنْتُ أَقْنَعُ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ بِمَا / يَهْدِيهِ في التَّأْوِيبِ طَيْفٌ قَادِمُ
غِضّ الشَّبيبةِ وَالمَلاحَةِ يَعْذُرُ ال / مُضْنَى بِهِ وَيُلامُ فيهِ اللَّائِمُ
النَّضْرُ مِنْ أَعْطَافِهِ وَكِنَانَةٌ / بِلِحَاظِهِ وَلِمُهْجَتِي هُوَ هَاشِمُ
فَرْعٌ بِهِ أَصْلُ الصَّبَابَةِ هَلْ تَرَى / بِالقُرْبِ مِنْهُ لِجَمْعِ شَمْلٍ نَاظِمُ
وَنَواظِرٌ هُنّ الذَّوابِلُ لَوْ دَرَى / مَنْ قَالَ حِينَ فَتكْنَ هُنَّ صَوَارِمُ
أَمُعَنِّفِينَ عَلى الغَرَامِ وَقَلَّمَا / يُصْغِي لأَوْهَامِ العَوَاذِلِ هَائِمُ
هُوَ نَاظِرٌ مُتَعَشِّقٌ وَجَوَانِحٌ / فِيهَا مَواطِنُ لِلْجَوَى وَمَعَالِمُ
وَهَوَىً لِقَلْبِي غَارِمٌ أَنَا غَارِمٌ / صَبْرِي بِهِ وَأَخُو المَلامَةِ رَاغِمُ
هَيْهَاتَ أَن أَثْني عَنَانِي وَالصِّبَا / غَضٌّ وَغُصْنُ العُمْرِ رَطْبٌ نَاعِمُ
أَوْ أَشْتَكِي حَالِي وَمَنْ أَحْبَبْتُهُ / أَبَداً لإِخْلافِ القُبُولِ مُلازِمُ
أَوْ أَخْتَشِي خَطْباً أَراهُ بِبَلْدَةٍ / وَبِهَا بَهَاءُ الدينِ يُوسفُ حَاكِمُ
يا خَيْرَ مَنْ نِيطَتْ عَلَيْه لِلْعُلَى / وَمِنَ المَهَابَةِ وَالجَلالِ تَمَائِمُ
ما كَانَ قَبْلَكَ مِنْ كَرِيمٍ يُرْتَجى / مِنْهُ وَلاَ وُلِدَتْ سِوَاكَ أَكَارِمُ
لَكِنْ تَجَسَّمَ قَبْلَ خَلْقِكَ جُودُكَ ال / بَادِي وَسمَّاه البَرِيَّةُ حَاتِمُ
حَاشَا لِعَزْمِكَ أَنْ تَقُومَ لِهِمَّةٍ / وَالدَّهْرُ عَنْ إِتْمَامِهَا لَكَ نَائِمُ
أَوْ أَنْ تَلُوحَ وَلَيْسَ يَخْفَى عَاقِلٌ / أَوْ أَنْ تَقُولَ وَلَيْسَ يَخْرَسُ عَالِمُ
أَوْ أَنْ تَجُودَ وَلَيْس يَثْرَى مُمْلِقٌ / أَوْ أَنْ تُشِيرَ وَلَيْسَ يَعْدِلُ ظَالِمُ
أَبَني الزَّكِيِّ سُقِيتُم وَوُقِيتُمُ / وَبَقِيتُمُ وَالأَكْرَمُونَ فِدَاكُمُ
نَسَبٌ إِذَا ما قِيلَ مَنْ هُوَ أَعْرَبتْ / أَحْسَابُ أَعْرَابٍ لَكُمْ وَأَكَارِمُ
الدَّمْعُ هَامٍ وَالحَشا هَائِمْ
الدَّمْعُ هَامٍ وَالحَشا هَائِمْ / وَالجفنُ دَام وَالجوىَ دَائمْ
يا مَنْ خَلا مِنْ حُسْنهِمْ نَاظِري / في القَلْبِ مَغْناكُم وَمَعْنَاكُمْ
وَاللّه ما سارَتْ بأرضِ الحِمى / ركابنا إلّا ذَكرْناكُمْ
وَلا سَرتْ مِنْ نَحْوهِ نَسْمةٌ / إلّا عَرفْناها بِرَيَّاكُم
سَقَى لَيالينا على حَاجرٍ / غَيْثٌ وَحَيّاهَا وَحَيّاكُمْ
لَيالياً بالوَصْلِ قَضيْتُها / ما كان أَحْلاها وأَحْلاكُمْ
أَحْبابنا ما الجزْعُ ما المُنْحنَى / ما رَامَةُ ما الشِعب لَوْلاكُمْ
ما قامَ هذا الكَوْنُ إلّا بِكُمْ / وَلا الوُجودُ المَحْضُ إلَّاكُمْ
وَلي بِجَرْعَاءِ الحِمَى شَادِنٌ / بِقَتْلِ أَرْبابِ الهَوى عَالمُ
ما القَلْبُ عَنْه في الهَوى مائِلٌ / وَلا لَهُ في حُبِّه لائِمُ
يَصْرمُ حَبْلَ الودِّ مَنْ مُنْصِفي / مِنْ صارِمٍ في لَحْظِه صَارِمُ
أَشْكُو إليه مِنْهُ ما ألتقي / وَيْلاهُ مِنْ خصمٍ هُو الحاكمُ
إِذَا بَعُدوا وَافُوكَ أَسْرَى وَإِنْ دَنَوا
إِذَا بَعُدوا وَافُوكَ أَسْرَى وَإِنْ دَنَوا / لِغَزْوِكَ وَافَتْهُمُ قَناً وَصَوارِمُ
وَلا غائِبٌ إِلّا أَتى وَهْوَ تَائِبٌ / وَلا قَادِمٌ إلّا أَتَى وَهْوَ نَادِمُ
لأَعْنَاقِهِمْ بالبيضِ مِنْكَ مَعانِقٌ / لِغَيْرِ هَوىً فِيهِمْ وَبِالسُّمْرِ لاثِمُ
تَفتَّحُ مِنهُم بالسُّيوفِ شَقائقاً / عَلَيْهَا الدُّرُوعُ الضَّافِياتُ كَمائِمُ
بِحَرْبٍ تكونُ البِيضُ مِنْهَا بوَارِقاً / نَجِيعُهُم فيها الغُيُومُ السَّواجِمُ
قَتَلْتَهُمْ بِالذُّعْرِ حَتَّى كأَنَّمَا / تُحَارِبُهم فيهِ وَأَنْتَ مُسَالمُ
وَقَدْ عَلِمَ الأَعْداءُ أَنّكَ إِنْ تَقُمْ / بِقائِم سَيْفٍ فَهوَ بالنَّصْر قائِمُ
إِذَا رُمْتَ أَنْ تَرْقَى إِلى المَجْدِ سُلَّماً / صَعِدْتَ إِلَيْهِ وَصَعَا وَسَلالِمُ
وَحَفَّ بِكَ الجَيْشُ الَّذي بِكَ نَصْرُهُ / وَمِنْكَ لَهُ إِقْدامُهُ وَالعَزائِمُ
وَسارَ بِبَدْرٍ مِنْ سَنَا وَجْهِكَ الَّذي / بِهِ ظُلُماتٌ تَنْجَلي وَمَظالِمُ
عَلى الأَعْوَجِيّاتِ العِتَاقِ الَّتي لها / حَوافِرُ لِلهاماتِ مِنْهَا عَمَائِمُ
تَمدُّ بِهَا في السَّيْرِ أَجْيادُهَا الَّتي / كَأَنَّ لِحَى الأَعْداءِ فيها بَراجِمُ
سِهَامٌ عَلَى مثلِ السِّهَامِ تَبسَّمَتْ / سُيُوفُهُمْ حَيْثُ الوُجُوهُ سَواهِمُ
وَلَيْسَ بِناجٍ مِنْكَ جَانٍ بِجُرْمِهِ / إِذَا أَعْوَزتْهُ مِنْ يَدَيْكَ المَرَاحِمُ
يَكِرُّ بِمَا تَهْوى الجَدِيدانِ فِي الوَرَى / وَتَسْرِي بِمَا تَرْضَى الرِّيَاحُ النَّواسِمُ
وَتَحْتَقِرُ الفُرْسَانَ حَتَّى كَأَنَّهُمْ / وَهُمْ بُهَمٌ يَوْمَ الهِياجِ بَهائِمُ
وَتُعْطِي أَيادِيكَ الَّتي يَدَكَ احْتَوَتْ / وَلَوْ جُمِعَتْ في رَاحَتَيْكَ الأَقالِمُ
كَأَنَّكَ أُمٌّ والأَنَامُ بِأَسْرِهِمْ / يَتَامى وَبَعْلٌ والأنامُ أَيائِمُ
تَؤُمُّ رِماحُ الخَطِّ بِيضَكَ في الوَغَى / كما قَابَلتْ بِيضَ الوُجُوهِ المَعاصِمُ
وَتُغْضِي عَنِ الفَحْشاءِ لا عَنْ جَهالةٍ / وَلكنْ لِمَعْنىً آثَرَتْهُ المَكَارِمُ
ولي مِدَحٌ بَالَغْتُ فِيهَا بَلاغَةً / وَأَثْنيتُ فِيها بالَّذي أَنَا عالِمُ
وَلي فيكَ آمالٌ عَلَيْك بُلوغُها / فَلا دافِعٌ دُون الَّذي أَنْتَ حَاكِمُ
أَبَعْدَك يَحْوِي المَجْدَ مَنْ هُو فاخِرٌ / وَبَعْدِي يقولُ الشِّعْرَ مَنْ هُوَ نَاظِمُ
وَإِنَّ لِساني ذو الفِقَارِ عَلِيُّهُ / عُلاكَ فَمَنْ مِثْلي وَمثْلُكَ غانِمُ
أَجِرْ وأَجِزْ وَاعْطِفْ وَأَعْطِ فَإِنَّما / يَخُصُّ كَرِيماً بِالنَّوالِ الأَكَارِمُ
ما ذابَ سُقاماً في الهَوَى لَوْلاكُمُ
ما ذابَ سُقاماً في الهَوَى لَوْلاكُمُ / ما أَتْلَفَ قَلْبَهُ جَوىً إِلَّاكُمُ
ما أَعْتَبَكُمْ ما الذَّنْبُ وَاللّه لَكُمُ / الذَّنْبُ لإِنْسانٍ غَدا يَهْواكُمُ
يَا مَنْ دَعَوْتَ لَهُ غَداةَ دَعَوْتُهُ
يَا مَنْ دَعَوْتَ لَهُ غَداةَ دَعَوْتُهُ / فَأَبى يُجيبُ ولِلصُّدودِ عَلائِمُ
قَصْدِي أَراكَ فَإِنْ أَبيْتَ فَإِنَّما / قَصْدِي أُخَبِّرُ عَنْكَ أَنَّكَ سَالِمُ
أَحْلى الهَوى أَنْ يَطُولَ الوَجْدُ والسَّقَمُ
أَحْلى الهَوى أَنْ يَطُولَ الوَجْدُ والسَّقَمُ / وأَصْدَقُ الحُبِّ ما جَلَّتْ بِهِ التُّهَمُ
لَيْتَ اللَّياليَ أَحْلاماً تَعُودُ لَنا / فَرُبَّما قَدْ شَفَى دَاءَ الهَوَى الحُلُمُ
لا آخذَ اللَّهُ جِيرانَ النَّقا بِدَمِي / هُمْ أَسْلَمُونِي لِوَجْدٍ مِنْهُ قَدْ سَلِمُوا
وَحَرَّمُوا في الهَوَى وَصْلِي وَمَا عَطَفُوا / وَحَلَّلُوا بِالنَّوى قَتْلِي وَمَا رَحمُوا
وَفَّيْتُهُمْ حَقَّ حِفْظِ العَهْدِ مُغْتَبطاً / بِهِمْ وما رُعِيَت لي عِنْدَهُمْ ذِمَمُ
يَا غَائبينَ وَوَجْدي حَاضِرٌ بِهِم / وَعَاتِبينَ وَذَنْبي في الغَرامِ هُمُ
لا أَوْحَشَتْ مِنْكُمُ دارٌ بِكُمْ شَرُفَتْ / ولا خَلَتْ مِنْ مَغَانِي حُسْنِكُمْ خِيَمُ
بِنتُمْ فلا طَرْفَ إلّا وَهْو مُضْطرِبٌ / شَوْقاً ولا قَلْبَ إِلّا وَهْوَ مُضْطَرِمُ
فكُلُّ أَرْضٍ وَطِئْتُمْ تُرْبَها فَلَكٌ / وَكُلُّ وادٍ حَلَلْتُمْ رَبْعَهُ حَرَمُ
هل عائدٌ والأماني قَلَّما صَدقتْ / دَهْرٌ مَضَى وَمغاني حُسْنِكُمْ أُمَمُ
فَالجِسْمُ مُذْ غِبْتُمُ بِالسّفْحِ مُتّشِحٌ / وَالقلبُ مُضْطَرِبٌ بالشَّوْقِ مُضْطَرِمُ
لم يُنْسِنا سَالِفاً مِنْ عَهْدِكُم قِدَمٌ / وَلا سَعَتْ بِالتَّسَلّي نَحْوَنا قَدَمُ
أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ رَكْباً في هَوادِجِهِمْ / مُحجَّبٌ لَيْسَ تُرْعَى عِنْدَهُ الذممُ
لَهُ مِنَ الغُصْنِ قَدٌّ زَانَهُ هَيَفٌ / وَمِنْ غزالِ الحِمَى طَرْفٌ بِهِ سَقَمُ
يَبيتُ قَلْبي عَلَيْهِ حُرْقَةً وَجَوىً / وَقَلبُهُ بَارِدٌ مِنْ لَوْعَتِي شَبِمُ
ظَلِلْتُ فِيهِ وَأَمْسَى قَلْبُهُ حَجَراً / لَمْ يَشْفِ قَطّ مُحِبّاً شَفَّهُ أَلَمُ
فَوا الّذي زَانَهُ مِنْ طَرْفِهِ سَقَمٌ / وَأَودَعَ السِّحْرَ فيهِ أَنَّهُ قَسَمُ
لَوْلا تَثنِّي رُدَيْنِيِّ القَوامِ بِهِ / حَلفْتُ أَلْفَ يَمِينٍ أَنَّه صَنَمُ
حَدِيثُ غَرامِي فِي هَواكَ قَديمُ
حَدِيثُ غَرامِي فِي هَواكَ قَديمُ / وَفَرْطُ عَذابِي في هَواكَ نَعيمُ
بِمَا شِئْتَ عَذِّبْ غَيْرَ سُخْطِكَ إِنَّهُ / وَصدِّق ولائي في هَواكَ أليمُ
تُمَثِّلُكَ الأَشْواقُ وَهْماً لِخاطِري / فَيُدْرِكني بالخَوْفِ مِنْكَ وُجُومُ
وَتَقْنَعُ مِنْكَ الرُّوحُ لَمْحَ تَوَهُّمٍ / فَتَحْيا بِهَا الأَعضَاءُ وَهْيَ رَمِيمُ
هَنِيئاً لِطَرْفٍ فِيكَ لا يَعْرِفُ الكَرَى / وَتَبّاً لِقَلْبٍ فِيكَ لَيْسَ يَهيمُ
وَلمَّا جَلاكَ الفِكْرُ يا غَايةَ المُنَى / فَظلَّ بِقَلْبِي مُقْعِدٌ ومُقيمُ
وَمَا الكَوْنُ إلّا صُورةً أنْتَ رُوحُهَا / وَجِسْمٌ بِغَيْرِ الرُّوحِ كَيْفَ يَقُومُ
تَوَّهَم صَحْبي أَنَّ بي مَسُّ جِنَّةٍ / وأَنْكَرَ حَالي صَاحِبٌ وَحَميمُ
فَبُحْتُ بِما ألقاهُ مِنْكَ مُصَرِّحاً / وَمَا نالَ لَذّاتِ الغَرامِ كَتُومُ
أَغُصْنَ النَّقا إنّي أَغارُ إِذَا غَدَا / يُلاعِبُ عِطْفيْكَ الرّشاقَ نَسِيمُ
وَلَمّا بَدَتْ في طَوْرِ خَدِّكَ جَذْوَةٌ / وَلاحتْ لِقلبي عادَ وهُوَ كَليمُ
يَلذُّ لِقلْبي في هَوَاكَ عَذابُهُ / وَلِمْ لا وَبِالأحْوالِ أَنْتَ عَليمُ
يَميناً بِأَصْواتِ الحَجيجِ على مِنىً / وَصَحْبٍ لَهُمْ بِالمَأْزمينِ زَميمُ
لأَنْتَ وَإنْ أَصْبَحْتَ بِالوَصْلِ باخِلاً / عَليَّ احْتِقاراً بِي لَديَّ كَرِيمُ
وَيَا شَرَفي لَمَّا غَدَوْتَ وَلِلْهَوى / عَلى جَسَدِي المُضْنى النَّحيل رُسُومُ
وَيَا سائِقاً يُضْنِي الرّكائِبَ طُلَّحاً / لَهَا في الرُّسوم المُقْفراتِ رَسيمُ
إِذَا عايَنَتْ عَيْنَاكَ بَارِقَ أَبْرَقٍ / يَلوحُ كما في الأُفقِ لاح نُجومُ
وَباحتْ بأسْرارِ الرُّبا نَسْمَةُ الصَّبا / وَعطَّر أَقْطارَ القفارِ شَميمُ
وَعايَنْتَ سَلْعاً قِفْ وَسائِلْ أَحِبَّتِي / فَهَذا الّذي أَصْبَحْتُ مِنْكَ أَرومُ
فَثمَّ رَشاً شَوْقي إليه مُبَرِّحٌ / وَريم فُؤادي عَنْهُ لَيْسَ يَريمُ
أُغالِطُ عَنْهُ بِالكَلام مُجالِسي / وَفِي القَلْبِ مِنْ ذِكْري سِواه كُلُومُ
لَهُ مِنْ سُوَيْداءِ الفُؤادِ مَعاهِدٌ / وَبَيْنَ سَوادِ المُقْلَتَيْنِ رُسُومُ
وَقُلْ يا غَرِيبَ الحُسْنِ رِقّ لِنازِحٍ / غَريبٍ لَهُ قَلْبٌ لَدَيْكَ مُقيمُ
تَرحَّلَ عَنْهُ مُذْ تَرَحَّلْتَ نافِراً / فَلَيْس لَهُ حَتّى القُدوم قُدومُ
عَلَيْكَ سَلامٌ مِنْ كَئيبٍ مُتيَّمٍ / تَظَلُّ سليماً وَهْوَ مِنْكَ سَلِيمُ
عَفَا اللَّه عَنْ قَوْمٍ عَفا الصَّبْرُ مِنْهُمُ
عَفَا اللَّه عَنْ قَوْمٍ عَفا الصَّبْرُ مِنْهُمُ / فَلَوْ رُمْت ذِكْرى غَيْرِهِمْ خَانني الفَمُ
تَجَنُّوا كَأَنْ لا وُدَّ بَيْني وَبَيْنَهُمْ / قَديماً وَحَتَّى ما كأَنَّهُمُ هُمُ
فأَعْظَمُ وَصْلاً مَنْ يُشيرُ بِطَرْفِهِ / إِليَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً مَنْ يُسَلِّمُ
وَبالجزْعِ أَحْبابٌ إذا ما ذكرْتُهُم / شَرِقْتُ بِدَمْعٍ في أَوَاخِرِهِ دَمُ
ألمَّ وَمَا في الرَّكْبِ مِنَّا مُتيّمٌ / وعادَ وما في الرَّكْبِ إلّا مُتيَّمُ
وَلَيْسَ الهَوَى إِلّا التِفَاتَةُ طَامِحٍ / يَرُوقُ لِعَيْنَيْهِ الجَمَالُ المُنَعَّمُ
خَليليَّ مَا لِلْقَلْب هَاجَتْ شُجُونُهُ / وَعَاوَدَهُ داءٌ مِنَ الشَّوْقِ مُؤْلِمُ
وَمَا رَاعَهُ إِلَّا لأَمْرٍ غَرامُه / وَلا اعْتَادَهُ إِلّا هَوىً مُتقَدِّمُ
أظنُّ دِيارَ الحيِّ مِنّا قَريبةً / وَإِلّا فَمِنْهَا نَفْحَةٌ تَتَنَسَّمُ
أَيُرْعَى في مَحَبَّتِكُمْ ذِمَامُ / وَيَعْدِلُ في رَعِيَّتِهِ الغَرامُ
وَيُنْصِفُ ظَالِمٌ مِنّا وَمِنْكُمْ / وَلا قُلْنا وَلا سَمِعَ الأَنامُ
وَيَرْجِعُ عَيْشُنا الماضي وَتَدْنو / خِيامٌ لِلوصالِ لها خِتامُ
وَيَصْدُقُ مِنْكُمُ وَعْدٌ مَقالاً / وَيَحْوي مَنْ له مقامُ
وَيُسْفِرُ عَنْ ثَنَايا الدُرِّ ظَلْمٌ / يُرى حِسّاً وحُبكمُ المدامُ
فإِنّا خَبَّرَتْنَا عَنْ رِضَاكُم / أمانينا بِأَنَّكُمُ كِرامُ
وَأَقمارٌ تُضيء لِكلِّ سارٍ / لَهَا مِنْ نُورِ حُسْنِكُمُ تَمامُ
فَيَا شَعْرَهُ هَلْ فِيكَ لَيْلِيَ يَنْقَضِي
فَيَا شَعْرَهُ هَلْ فِيكَ لَيْلِيَ يَنْقَضِي / وَيَا صُبْحَهُ هَلْ فِيكَ صُبْحِي بَاسِمُ
وَيا طَرْفَهُ كَيْفَ السبيلُ لِمغْرَمٍ / عَلَيْكَ إلى وَصْلٍ وَسَيْفُكَ صارِمُ
تَحَكَّمْ بِما تَهْوَى فَمَا أَنا مائِلٌ / وَلا عَنْكَ يُثْنيني مِنَ الوَجْدِ لائمُ
وَلِي مُقْلَةٌ قَدْ أَمْطَر الشَّوْقُ سُحْبَهَا / فَفِي دَمْعِها حَتّى تَراكُمْ تَراكُمُ
أَفي مِثْلِ هَذَا الحُسْنِ يُعْذَلُ مُغْرَمُ
أَفي مِثْلِ هَذَا الحُسْنِ يُعْذَلُ مُغْرَمُ / لَقَدْ تَعِبَ اللَّاحِي بِهِ والمُتيَّمُ
أَعِدْ نَظراً فيهِ عَساكَ جَهِلْتهُ / تَجِدْ ما بِهِ تَشْقَى العُيونُ وتَنْعَمُ
أُعيذ مُحيَّاهُ إِذَا رُمْتُ إِنّني / أُعيد إِليهِ ناظِراً يتوسَّمُ
وَأَلقى سَناً لو كانَ قَلْبُ حُروفِهِ / لِعيْني بِهِ لم يَشْكُ وَحْشَته فَمُ
تُهَدّدني بِهِجْرانٍ وَبُعْدٍ
تُهَدّدني بِهِجْرانٍ وَبُعْدٍ / مَتَى كانَ اجْتماعٌ والتِئامُ
إِذَا أَنا لا أَراكَ وأَنْتَ جَارٌ / فَسيَّانَ التَّرحُّلُ وَالمقامُ
قُولوا لِرسَّامِكُم
قُولوا لِرسَّامِكُم / بِكَ الفُؤَادُ مُغْرَمُ
قالوا مَتى تُذِيبهُ / فَقُلْتُ حَتّى يَرْسُمُ
مَنْ لِلخلافِ وَللوفاقِ مَسائلاً
مَنْ لِلخلافِ وَللوفاقِ مَسائلاً / وَخَصائِلاً أَوْ لِلْعُلى لَوْلاكُمُ
حَسْبُ المُرجِّي في المعادِ شَفاعةٌ / مِنْكُمْ ومِنْ قَبْلِ المعادِ نَداكُمُ
لَوْ أُطْلقَ اسْمُ النيّراتِ لما سَرَى / ذِهْنُ الّذي هُوَ سامعٌ لِسِواكُمُ
أو كانَ وَحْيٌ بَعْدَ أَحْمَدَ مُرْسلٌ / لبدتْ لَكُمْ آيٌ بِهِ وَعَلائِمُ
تَتَسابقُ الأذهانُ في إدْراكِكُمْ / وَيفوتُ أَسْبَقُهَا أَقلَّ مَداكُمُ
عُثْمانُ جَدّكُم وَذَلِكَ حَسْبهُ / وَكَفى وَذَلِكَ حَسْبُكُم وَكَفاكُمُ
لا أوْحَشَتْ شَمْسُ الشَّرِيعَةِ مِنْكُمُ / فَبقاؤُها مُتعلِّقٌ بِبقاكُمُ
لَوْ أَنَّ قَلْبَكَ لِي يَرقّ ويَرْحَمُ
لَوْ أَنَّ قَلْبَكَ لِي يَرقّ ويَرْحَمُ / ما بِتُّ مِنْ خَوْفِ الهَوى أَتأَلَّمُ
وَمِنَ العَجَائِبِ أنّني والسُّهْمُ لي / مِنْ ناظِريْكَ وفي فُؤادِي أَسْهُمُ
دَارَيْتُ أَهْلَكَ في هَواكَ وَهُمْ عِدىً / وَلأَجْلِ عَيْنٍ ألفُ عَيْنٍ تُكْرَمُ
يَا جَامِعَ الضّدّينِ في وَجَناتِهِ / مَاءٌ يَشِفُّ عليه نارٌ تُضْرَمُ
عَجبي لِطَرْفِكَ وَهْوَ ماضٍ لَمْ يَزَلْ / فَعلامَ يُكْسَرُ عِنْدَمَا تَتَكَلَّمُ
أَمِنَ المروءَةِ والتَّواصُلُ مُمكِنٌ / وَالدَّهْرُ يَسمَحُ والحَوادِثُ نُوَّمُ
أنّي أروحُ وَسَلْبُ رَدِّي في الهَوَى / قَدْ حَلَّ والإيجابُ مِنْكَ مُحرَّمُ
وأَبيتُ مَبْذُولَ الدُّموعِ مُعذّباً / كَلِفاً وَأَنْتَ مُمنَّعٌ وَمُنعَّمُ
يا مُتْهِمَا قَلْبي بِسَلْوةِ حُبِّهِ / هَيْهَاتَ يُنْجِدُه وَأَنْتَ المُتْهِمُ
بِأَبي أَفْدِي حَبيباً
بِأَبي أَفْدِي حَبيباً / تَيَّمَ القَلْبَ غَرامَا
عَذَرَ العاذِلُ فيهِ / مُذْ رأَى العارِضَ لاما
للَّهِ كِفْتيٌّ أَطاعَ صَبَابَتي
للَّهِ كِفْتيٌّ أَطاعَ صَبَابَتي / فيه الفُؤادُ وَخَالَف اللُّوّاما
مَدَّ الشّريطَ على الحَديدِ فَخِلْتُهُ / قَمراً يُطرِّزُ بِالبُروقِ غَمامَا
لَيْتَ شِعْري مَنْ قَدْ أَحَلَّ الخِياما
لَيْتَ شِعْري مَنْ قَدْ أَحَلَّ الخِياما / حَفِظَ العَهْدَ أَمْ أَضَاعَ الذِّمامَا
عَرَبٌ بِالحِمَى حَموْا أَنْ يُسامَ ال / وَصْلُ مِنْهُمْ وَعِزُّهُم أَنْ يُسامَى
رَحلوا بِالفُؤادِ وَالطَّرْفِ لكنْ / رَجَعَ الطّرْفُ وَالفُؤَادُ أَقاما
حَملوا بِالبُعادِ إِثْماً وَزُوراً / وَحَمَلْنا صَبَابَةً وهِيَامَا
وَرَأَيْنَا تِلْكَ الخُدُودَ رِياضاً / فَجَعَلْنا لَها الجُفُونَ غَمامَا
وَأَطَعْنَا دَواعِي الوَجْدِ فِيهِم / وَعَصَيْنا الوُشَاةَ واللُّوّاما
أَيُّ صَبٍّ قَدْ غَادَرَ الوَجْدُ مِنْهُ / مُسْتَقَرّاً بِقَلْبِهِ وَمُقَامَا
رَشَقَتْهُ العُيونُ مِنْ أَسْهُم السِّحْ / رِ فَأَصْمَت فُؤادَهُ المُسْتَهَامَا
فَهُوَ مِنْهُنَّ بِابنِ مُصْعَبٍ أَضْحَى / مُسْتَجِيراً بِعَدْلِهِ أَنْ يُضَامَا
وَافى وَوَاصَل عِنْدَمَا / أَجْرَى المَدامِعَ عِنْدمَا
وَرَنَا إِليّ فَسلَّما / لِلْوَجْدِ قَلْبِي سَلَّما
وَثنَى القَوامَ فَهَزَّما / لجيُوشِ صَبْرِي هَزَّما
وَحَمَى مَراشِفَ ثَغْرِهِ / أَرأَيْتُمُ بَرْقَ الحِمَى
وُلي وَاحِدٌ ما زَالَ باثْنَيْنِ مُغْرَما / على واحدٍ ما زالَ باثنَينِ مُغْرَما
رَأَى جَسَدِي وَالدَّمْعَ وَالقَلْبَ والحَشَى / فَأَضْنَى وَأَفْنَى واسْتَمَال وَتيَّما
لا تَطْلُبنَّ القُوتَ مِنْ مَعْشَرٍ
لا تَطْلُبنَّ القُوتَ مِنْ مَعْشَرٍ / مَا عِنْدَهُمْ لُطْفٌ ولا رَحْمَهْ
مَنْ لَيْسَ في لُحْمهُمُ فَضْلةً / فَلَيْسَ فِي فَضْلِهِمُ لَحْمَه
يا ذَا الَّذي يَرْوي الحَدِي
يا ذَا الَّذي يَرْوي الحَدِي / ثَ وَلَيْسَ يُرْوَى بالقديمِ
عِنْدي مُدامُ نَهارِهَا / عِنْدِي كَجَنَّاتِ النَّعيمِ
وَلقدْ شَربْتُ حَبابَها / في عِقْدِ كَاسَاتِ النَّظيمِ
فَانْهَضْ إِليّ بِهِمَّةٍ / نُخْلي حَشَاكَ مِنَ الهُمُومِ
أَحلى مُدامٍ قَدْ طلبْ / تُ لِشُرْبها أَحْلى نَديمِ
صَبوْتُ إلى الصَّبابةِ وَالغَرامِ / وَوَدَّعَ نَاظِري طِيبَ المنامِ
وَسامَ القَلْبَ مِنْ أولادِ سَامٍ / غَزالٌ طَرْفهُ مِنْ آلِ حَامِ
يُريني المَوْتَ في سَيْفٍ وَرُمْحٍ / مُقيمٍ في اللَّواحِظِ والقَوامِ
جَعلتُ تَصبُّري عَنْهُ وَرائي / وَصيّرتُ الغَرامَ بِهِ أمامي
فَهَلْ لِي مُسْعِدٌ في الحُبِّ يَرْثي / لِما أَلقاهُ مِنْ ألمِ السّقامِ
يا مَنْ شَغَلْتُ بِهِ سِرِّي وَأَوْهَامِي / وَمَنْ لِمَغنْاهُ إنْجادِي وَإِتْهامِي
وَمَنْ أَلِفْتُ رِضاهُ الرَّحْبَ جَانِبَهُ / وَفُزْتُ مِنْهُ بِإِحْسانٍ وَإِنْعامِ
لَمْ أَنْسَ أَقْدامَكَ اللّاتي سَعتْ وَمَشَتْ / بِهِنَّ حِيناً على العلياءِ أَقْدامي
وَحُسْنَ أَيّامِكَ الغُرِّ الّتي حَسُنَتْ / بِهَا لَياليَّ مِنْ دَهْرِي وَأَيّامي
فما المدارسُ حَتَّى كَدَّرتْ نَهلاً / وَرَدَتهُ صَافياً مِنْ بَحْرِكَ الطامي
وغيّرتَ خَلُقاً ما زالَ يَمْنَحُني / بِضاحكٍ مِنْ ثنايا الودِّ بَسّامِ
كنْ كَيْفَ شِئْتَ فِداكَ الناسُ كُلُّهُمُ / فَالنّاسُ كُلُّهُمُ في ظِلّكَ السَّامي
إِمنعْ جُفونَكَ أَنْ تُريقَ دَمي / إِنَّ الجُفُونَ مَظِنَّةُ التُّهَمِ
وأبِنْ جَبينكَ تَتَّضِحْ طُرُقي / وَأَمِطْ لِثامَكَ تَنْكَشِفْ ظُلَمي
يا رَوْضَةً أَجْنِي أزاهِرَها / باللَّحْظِ لا بِيَدي وَلا بِفَمِي
ما لي حُرمْتُ لذيذَ وَصْلِكَ في / أَيّامِ هَذي الأَشْهُرِ الحُرُمِ
لو أَنَّ قُرْبَكَ يُبْتَغى بِشِرا / بالغتُ فيهِ بِأَنْفَسِ القِيَمِ
هَذا الَّذي أَنَا قَدْ سَمحْتُ لِحبّهِ
هَذا الَّذي أَنَا قَدْ سَمحْتُ لِحبّهِ / كَرماً بِلُؤْلُؤِ دَمْعِيَ المُتنَظّمِ
لا تَحْرِمُوني ضَمَّ أَسْمرَ قَدِّه / لَيْسَ الكَريمُ على القَنَا بِمُحَرَّمِ