المجموع : 29
تصرّمت الأيام دون وصالكِ
تصرّمت الأيام دون وصالكِ / فمن شافعي في الحب يا ابنة مالكِ
فكان الكرى يدني خيالك وانقضى / فلا منك تنويلٌ ولا من خيالكِ
رويدك قد أوثقت بالهمِّ مهجتي / عليك فماذا يُبتغى بملالك
أفي كلّ يوم لي إليكِ مطالبٌ / ولكنها محفوفةٌ بمهالك
وغيرانَ قد مدّ الحجب من الظبا / وقد كان يكفيه حجابُ دلالك
فتنت بخالٍ فوق خدِّكِ صانه / أبوك فويلي من أبيكِ وخالك
وعاينت منك الشمس بعداً وبهجةً / فيا عجباً من واثقٍ بحبالك
هجرتِ وما فاز المحبّ بزورةٍ / فديتك زُوري واهجري بعد ذلك
لك الله قلباً كلما جرّ طرفه / إلى الحسن ألقى عروة المتماسك
تأبط شراً من أذى الوجد وانثنى / كثير الهوى شتى النوى والمسالك
قفي تنظريه في لظى البيد تابعاً / سراك وإلا في رماد ديارك
سقى الله أكناف الديار هوامعاً / تبيت بها الأزهار غرّ المضاحك
كأنَّ ندى الملك المؤيد جادها / فأسفر نوَّار الربى عن سبائك
مليكٌ إلى مغناه تستبق المنى / مسابقة الحجاج نحو المناسك
له شيمٌ تحصي المدائح وصفها / إذا أحصيت زهر النجوم الشوابك
وفي الأرض أخبار له ومآثرٌ / تسير سرَى الأسماء بين الملائك
حمى الأرض من آرائه وسيوفه / بكل مضيءٍ في دجى الخطب فاتك
وسكّنها حتى لو اختار لم تمس / غصون النقا تحت الرياح السواهك
ولما جلا الملك المؤيد رأيه / جلا ظله الممدود وهج الممالك
مهيب السطا هامي العطا سابق العلى / جليّ الحلا كشَّاف ليل المعارك
تولى فيا عجز الأكاسرة الأولى / وجادَ فقلنا يا حياء البرامك
وشاركه العافون في ذات ماله / وليس له في مجدِه من مشارك
كريمٌ يجيل الرأي فعلاً ومنطقاً / فلا يرتضي غير الدراري السوامك
كعوب القنا عجباً براحته التي / يروِّي نداها مشرعات طوالك
إذا هزَّ منها الملك كعباً مثقفاً / فيا لك من كعبٍ عليه مبارك
وإن جرَّ في صوبِ الثغور رؤوسها / جلت قلح الأعدا جلاء المساوك
ولله من أقلام علمٍ بكفِّه / سوالب ألباب الرجال سوَالك
كأنَّ معانيها كواعب تنجلي / على حبكِ الإدراج فوق آرائك
كأنَّ بياض الطرس بين سطورها / أياديه في طيِّ السنين الحوالك
أمسدي الأيادي البيض دعوة ظافر / لديك على رغم الزمان المماحك
عطفت على حالي بنظرة سائرٍ / وقد مدَّ فيها الدهر راحة هاتك
فدونك من مدحِي اجتهاد مقصر / تداركت من أحواله شلوَها لك
تملكه الهمّ المبرح برهةً / إلى أن محى رضوان صولة مالك
لثمت ثغر عذولي حين سماك
لثمت ثغر عذولي حين سماك / فلذّ حتَّى كأني لاثم فاك
حبًّا لذكراك في سمعي وفي خلدي / هذا وإن جرحت في القلب ذكراك
تيهي وصدِّي إذا ما شئت واحْتكمي / على النفوسِ فإن الحسن ولاَّك
وطولي من عذابي في هواك عسى / يطول في الحشرِ إيقافي وإياك
في فيكِ خمرٌ وفي عطف الصبا ميد / فما تثنيك إلاَّ من ثناياك
وما بكيت لكوني فيك ذا تلفٍ / إلاَّ لكون سعير القلب مأواك
بالرغم إن لم أقل يا أصل حرقته / ليهنك اليوم إنَّ القلب مرعاك
يا أدمعاً ليَ قد أنفقتها سرَفاً / ما كانَ عن ذا الوفا والبرّ أغناك
ويا مديرة صدغيها لقبلتها / لقد غدت أوجهُ العشَّاق ترضاك
مهما سلونا فلا نسلو ليالينا / ومهما نسينا فلا والله ننساك
نكادُ نلقاك بالذكرى إذا خطرت / كأنما اسمك يا سُعدى مسمَّاك
ونشتكي الطير نعَّاباً بفرقتنا / وما طيور النوى إلاَّ مطاياك
لقد عرفناك أياماً وداومنا / شجو فيا ليت أنَّا ما عرفناك
نرعى عهودك في حلٍّ ومرتحلٍ / رعيَ ابن أيوب حال اللائذ الشاكي
العالم الملك السيَّار سؤددهُ / في الأرضِ سير الدراري بين أفلاك
ذاك الذي قالت العليا لأنعمه / لا أصغر الله في الأحوال ممساك
له أحاديثٌ تغني كلّ مجدبةٍ / عن الحياء وتجلي كلّ أحلاك
ما بين خيط الدجى والفجر واضحةً / كأنها دُرَرٌ من بين أسلاك
كافاك يا دولة الملك المؤيد عن / برُّ البريَّة من للفضل أعطاك
لك الفتوَّة والفتوى محرَّرة / لله ماذا على الحالين أفتاك
أحييتِ ما ماتَ من علمٍ ومن كرمٍ / فزادك الله من فضلٍ وحيَّاك
من ذا يجمِّع ما جمَّعت من شرفٍ / في الخافقين ومن يسعى كمسعاك
أنسى المؤيد أخبار الأولى سلفوا / في الملكِ ما بينَ وهَّابٍ وفتَّاك
ذي الرأي يشكي السلاح الجمّ حدّته / لذاك يسمَّى السلاح الجمّ بالشاكي
والمكرمات التي افترَّت مباسمها / والغيث بالرعدِ يُبدِي شهقةَ الباكي
قلْ للبدور استجني في الغمام فقد / محا سنا ابن عليّ حسنَ مرآك
إن ادّعيت من البشرِ المصيف بهِ / غيظاً فقد ثبتت في الوجهِ دعواك
يا أيُّها الملك المدلول قاصده / وضدّه نحو ستَّار وهتَّاك
لو أدركتك بنو العبَّاس لانتصرت / بمقدمٍ في ظلامِ الخطب ضحَّاك
مظفر الجدّ من حظٍّ ومن نسبٍ / مبصرٌ بخفيّ الرشد مِدْراك
وحَّدته في الورى بالقصدِ وارتفعت / وسائلي فيه عن زيغٍ وإشراك
ما عارضت يدُ أمداحِي مواهبهُ / إلاَّ رجعت بصفوِ المغنم الزاكي
إنَّ الكرام إذا حاولت صيدهمُ / كانت بيوت المعالي مثل إشراك
سقياً لدنياك لا كفّ بخائبةٍ / فيها لديك ولا وصفٌ بأفَّاك
من كان في خيفةِ الإنفاق يمسكها / فأنت تنفقها من خوف إمساك
طيفٌ تصيدته والليل محتبك
طيفٌ تصيدته والليل محتبك / من حلية الشهب أو من شعره الحبك
بين الذوائب تمشي في حبائلها / يا حبَّذا الظبي أو يا حبَّذا الشرك
عجبت من لائمٍ هتكي على قمر / الشمس منه على الحيطان تنهتك
محجب لا يراه العاذلون ولا / أصغى إليهم وإن برُّوا وإن أفكوا
فليتهم نظروه واستمعت لهم / وخلَّصونيَ من جفنيه واشتبكوا
أبكي وعاذليَ التعبان يطلبني / أسلو فيأخذني من عقلِهِ الضحك
وكيف أسلو هوى بدرٍ رضيت بأن / أشقى به وهو في اللّذَّات منهمك
لو يعلم الترك أهلوه بأنيَ قد / شبَّهته البدر ما أبقوا ولا تركوا
أمير حسنٍ كما قلنا أمير تقىً / في الشامِ وهو على شهبائه ملك
سيف الملوك وكافيهم إذا منحوا / يوم العطاء ويوم البؤس إن فتكوا
نحن بلقياه إن نفنى بفرقته / كأنما نحنُ يا بحر الندى سمك
قالوا امتدحه فقلت العيّ معذرة / قالوا فخذ من حلاه الدرّ ينسلك
أمداحه من عطاه أو فضائله / كأنَّ أمداحه من تبره سبكوا
ذو الجود والبأس كم يحيى ببيِّنةٍ / من حيٍّ أو يهلك الأعدا بما هلكوا
يظنُّ من طار خوفاً من مهابته / أنَّ النجوم عليه في الدجى شبك
وفي النهار يرى خيلاً يضاعفها / كأنَّ ظلّ المذاكي خلفها رمك
فالشام كالحرم المأمون طائره / فيه الأماني وفيه البرّ والنسك
نعمٌ وفي حلبٍ فاضت مراضعها / جدوى خوارزم كالأنواء تعترك
والغيث يهمل لا محلٌ ولا سغبٌ / والأمن يشمل لا خوفٌ ولا دَرَك
إن جادَ فالمزن في العافين منسفحٌ / أو جالَ فالدَّمُ في العادين منسفك
ودولة الناصر السلطان زاهرةٌ / وللسعودِ على أمصارِها برك
كانت عدى الملك كالثعبان فاصطَلحوا / وبعضهم كان كالبرغوث فانْفركوا
إذا تفرزنَ في الطاغين بندقهم / فرأسه بتراب الحتف ينمعك
كسرى من الدولة الشهباء منكسرٌ / قِدماً وقيصر بالتقصير مرتبك
فالأمن يعمر منها فوقَ ما تعبوا / والرُّعب يردع عنها فوقَ ما فتكوا
وأنت نجل ذوي ملك لخدمته / قد قدَّموا منه في الأرواح ما ملكوا
أنت البداوة في التركِ الأولى نشأوا / مع الضراغم في الأغيال تشترك
خيولهم في الوغى للبيض راكضةٌ / وفي جفان القِرى كالبُدنِ تبترك
محمرَّة في العطا آلاف ما وهبوا / كأنهم لدمِ الأكياس قد سفكوا
يا من بحبلِ ولاه أو مواهبه / ومن بمسكِ ثناه فاز ممتسك
جبراً لها مدحة لولاك ما انسلكت / نظماً به سار قوم أية سلكوا
كم مثلها قلت في روض الشباب وكم / قد قال غيري فبانَ الزهر والحسك
قصرت نظميَ إلا أنه نخبٌ / وطوَّل الناس إلاَّ أنهم لبكوا
وما تقضت لبانات لطائفةٍ / قالت حلاوة ألفاظي لقد علكوا
فليعذر الآن مغلوب بعائلةٍ / ليس السكوت بمجديهم ولا الحراك
تدور في أحرف الألفاظ هامتهُ / وما يدور على حرفٍ لهم حنك
أموتُ حزناً إذا عاينت حالهمُ / وما بيَ الموت إلا هذه الترك
خلَّصت رزقهم من كيدِ كائدهم / وغبت عنهم فلا والله ما تركوا
ولي خصومٌ ولست الآن شاكيهم / لكنهم في غدٍ يدرون أينَ شكوا
لا زالَ حظُّك من دنيا وآخرةٍ / ميسراً وحظوظ الناس تعترك
يجرِي بسؤددك الوضَّاح كلّ ثنا / كأنما هو نجمٌ والثنا فلك
أمنزلَ سعدى بالعذيب سقاكا
أمنزلَ سعدى بالعذيب سقاكا / مُلثُّ الحيا حتى يبلّ صداكا
صدىً كلما أدعو أجابَ كأننا / خلقنا على أطلالها نتشاكى
وربع محا ركض الجنائب رسمه / وجوم غوادي المرزمين دِرَاكا
وقفت أنادي الصبر في جنباته / ألا أينَ مغناها وأين غناكا
كأني بكثرِ الهمِّ أختم في الثرى / رهينة قلبٍ لا يحشّ فكاكا
يعزُّ على المشتاق يا طلل النقا / بلاه على حكم النوى وبلاكا
وما عن رضىً خفَّ القطين ثنيَّة / فأثبت في جسمي الضنا ومحاكا
وطيفٌ سرى للشامِ من أرضِ بابل / لأبعدت يا طيف الحبيب مدَاكا
وذكرتني العهد القديم على الحمى / رعى الله أيام الحمى ورَعاكا
فديتك طيفاً لا يذكر ناسياً / ولكن يزيد المستهام هلاكا
تصيَّدته والأفق مقتبل الدجى / تخال النجوم الزهر فيه شباكا
إلى أن تيقَّظنا على أرجٍ كما / بذكر شهاب الدين يفتح فاكا
إمامٌ إذا هزَّ اليراع مفاخراً / به الدهر قال الدهر لست هناكا
وقالت له العليا فداك ذوو العلى / وإن قلَّ شيء أن يكون فداكا
وقال زماني ما تضرُّ إساءتي / إذا استغفرت لي في الآثام يداكا
لكَ الله ما أزكَى وأشرف همَّةً / وأنجح في كسب العلوم سراكا
علوتَ فأدركتَ النجوم فصغتها / كلاماً ففقت القائلين بذاكا
وحزتَ معاني القول من كلِّ وجهةٍ / فأبق علينا نبذةً لثناكا
وحكتَ رقيق اللفظ منفرداً به / وقد قيل إن الروض حاكَ فحاكى
وجاوزت صوب الغيث في حلية الندى / فعبس لما جزته وتباكى
ولو لم تكن للجودِ في الناس آية / لما كانَ منهلّ الغمام تلاكا
متى تتميَّز مادحوك ولم تقل / من الوصفِ إلا ما تقول عداكا
تجاوزت أشتات المساعي إلى العلى / وزدت فأعيى الواصفين سناكا
وحقّك ما فوقَ البسيطة لاحقٌ / فقصر رعاكَ الله بعض خطاكا
مدحتكَ لا أبغي ثراءً بذلته / إليَّ ولكن رفعة بثراكا
بعيشك إلا ما تأمَّلت صفو ما / منحتك من ودِّي بعين رضاكا
فأقسمُ ما ضمَّت كحبّك أضلعي / ولا اسْتنشقت روحي كنشر هواكا
أكاد أطيق السيل أدفع صدره / ولا أدَّعي أني أطيق جفاكا
ومن ذا الذي يدري حُلا ما أقوله / سواكَ ومن يدري سوايَ حلاكا
تخذتك أنساً حين أوحشتْني الورى / وقلت لراءي المستقيم هناكا
يجدّد لي ذكرى كمالك نقصهم / كأنيَ من كلِّ الأنام أراكا
فلا وحماكَ الرَّحم لا بتّ مهدياً / حقائق أمداحِي لغير حماكا
بلى ربَّما آنست في الفكر فترةً / فجرَّبت فكري في مديحِ سواكا
خليليّ من مصر قفا نبك في السَّبك
خليليّ من مصر قفا نبك في السَّبك / على عيشنا بالنيلِ في فلك الفلك
على مصر والهفي على مصر لهفة / يصحُّ بها قلبي المشوق على السبك
ويا طربي فيها إلى سود أعينٍ / على مثلها في كلِّ داجيةٍ أبكي
أعاذلتي ما أنت منِّيَ في الهوى / ولا أنا في أنساب هذا الهوى منك
تشكُّ سهام اللحظ قلبي بالأسى / وقلبك خالٍ من سهامٍ بلا شكّ
بكم آل فضل الله طافت مقاصدِي / وتمَّ على نجح الرجا بكمُ نسكي
رفضت الورى لمَّا علقت حبالكم / ونزَّهت دين الحبّ فيكم عن الشرك
وستر فؤادِي أن أقلام بدركم / سرورٌ لذي ودٍّ وغيظٌ لذي محك
لأقلام مولانا ثناً متضوّعٌ / فهل هي في الكافور تكتب بالمسك
وما هي إلا القضب إمَّا موائساً / وإمَّا مواضي الحدّ تحمي حمى الملك
إذا ما دعاها الدهر يا عزَّة الهدى / بذا فدعاها السطو يا ذلَّة الشرك
إذا أتبعت ألفاظها بصريرها / طربنا لأقوال البلاغة في هنك
إذا ما اليدُ البيضاء ألقت عضالها / تلقف صنع الحقّ صنع ذوي الإفك
وإن لم تكن موسى فإنَّ محمداً / كثير الأيادِي البيض في الظلم الحلك
نعمٌ إنَّها في كفِّه قصب العلى / بسفنٍ وتحملن العلى ضخمة السمك
دقاق تحملن الجليل وتشتكي / إليها فلا تشكو ولكنها تشكي
تربَّت بآكام الأسود ترابها / مواقع سحب ما نداها بمنفكّ
فجاءت تحاكي الأسد والسحب سطوة / وجوداً وللحاكي فحار على المحكي
مسخَّرةٌ تجري بما ينفع الورى / على يدِه فانظر إلى البحرِ والفلك
مؤمَّرةٌ تسري إلى حومة الوغى / ومن أسودٍ في أبيضٍ علم الرّنك
مسدَّدة الأفعال والبأس والندى / مثقفة الآراء في الأخذِ والترك
فأحسن بها في الطرس هيفا كحيلة / تريك قدود العرب مع ثقل الترك
وأعجب لها كالنبل تنكي وتارةً / تحصّن من وقع النبال التي تنكي
وبالظلِّ منها وهو ظلُّ يراعةٍ / تمرُّ على الدنيا ستوراً من الهتك
هي الألفات المائلات بكفِّه / على أنها اللامات في المعرك الضنك
قصار تحاماها الرماح طويلةٌ / نواحل يستشفى بها الحال من وعك
وأقسم ما الشهب المنيرة في السما / إذا كتبت يمناه أرفع من تلك
يدكُّ الحيا دوراً وفي سحبها حياً / ينجِّي ديار المقترين من الدَّكّ
ويعلو على تبر السبائك حظّها / فإن شئت حاكي بالسبائك أو احكي
وكم قلمٍ ما مرَّ تلوَ دواته / وهنَّ لتدبير الممالك في دنك
أمامك يا ممتازها ومشيرها / طريقان شتى من نجاةٍ ومن هلك
تلاعب بالأبطال إن قصدوا الفنا / كأنَّ الوغى منها يلاعب بالدّك
فلا برحت بدرية النصر والعلى / مؤملة النعماء مرهوبة الفتك
لها أسطرٌ مثل السيوف لدى الوغى / وترميلها في صحفها من دم السفك
ولو نوزعت في فخرها قال ربها / نعم في يدي هذا الفخار وفي ملكي
ولو أنَّ سيفاً فاتحاً فكّ غمده / يصور عليها عاجل الفكّ بالفكّ
عوارفها كالمزن دائمة البكا / وأدراجها كالزّهر دائمة الضحك
أنظّم درّ الوصف من نظمها لها / وليس لألفاظي سوى رقّة السلك
يا بارقاً من نحو بشر باسمه
يا بارقاً من نحو بشر باسمه / أذكرتني عهد الهوى المتروكا
وحكيت إيماض الثغور فلا تسل / عن خافقٍ من أضلعٍ تحكيكا
خذ من دموع العين جارية فقد / خلفت قلبي للأسى مملوكا
وعهدته للحبّ بيتاً سالماً / فعلامَ يتركه الأسى منهوكا
إيهاً فقد شفيَ ابن خضر فلم يدع / قلباً ولا جداً لنا موعوكا
تاج العلى والعلم والكرم الذي / أضحى له تبر الثنا مسبوكا
والواضح الفضل الذي لم يلق في / علياه لا لبساً ولا تشكيكا
والطاهر النسب العريق فحبذا / أصلٌ وفرعٌ في العلى يرضيكا
أبناء بيتٍ ما رأت عين الثنا / شيئاً لهم في الفضل لا وأبيكا
يا ابن العلى أحيا مقام علائهم / متوحّداً لا يقبل التشريكا
يا من بكفي جاههِ ونوالهِ / أحبا وأحيا الخامل الصعلوكا
الله بالبرِّ المعجّل والشفا / ستر الزمان وحالنا المهتوكا
لا زال مثلي كلّ شاكر نعمةٍ / يدعو بطول بقاك أو يدعوكا
لك في الأولى حظّ وفي طرق العلى / قدَمٌ وكفٌّ يحسنان سلوكا
يا طالب الجود لا تتعب أمانيكا
يا طالب الجود لا تتعب أمانيكا / فقد تغيب نجمٌ كان يهديكا
ويا فتى القصد يروي عن غمام يدٍ / فلك الذي كان ترويه ويرويكا
إنا إلى الله من دهياء قد جعلت / معنى التصبر بين الناس متروكا
وحسرة ثنت الأجفان جارية / والقلب تحت أسار الحزن مملوكا
آهاً لفقدك نجم الدين من رجلٍ / لو أن آهاً تروّي غلّتي فيكا
أرعى النجوم لعلي أن أراك بها / لا بالثراء وقبل أن أراعيكا
وأسكب الدّمع محمرًّا كأنيَ قد / أجريت ذائب ما أعطيت مسبوكا
من لي بنفسٍ يكون الخطب قابلها / فكنت أفدي حمى العليا وأفديكا
مالي أناديك والنعمآء صامتة / وما عهدتك تلقي من يناديكا
هذا الغياب الذي قد كنت أحسبه / حتى أكاد قبيل الفقد أبكيكا
لهفي عليك لفضل ما تركت به / في القول فضلاً ولا في الخلق صعلوكا
لهفي عليك لبيت قد تحيّفه / عروض دهر فأضحى البيت منهوكا
لهفي عليك لأحكام مسدّدة / تدني إلى الغرض الأقصى مراميكا
لهفي عليك لآداب مهذبة / لحظاً يراعيك أو لفظاً يناجيكا
إن يفقد المستفيد العلم من كلم / ملكاً فقد فقدَ الصوفيّ تسليكا
من للفضائل تحلوها لهاك لنا / وللفواصل تجلوها مساعيكا
من للقصائد يستوفي موازنها / فيض الندى وهو من جدوى معانيكا
من للمعاني التي صيرت غايتها / للأسر عتقاً وللأحرار تمليكا
فمن يجاريك يعرف قدر ما فقدت / منك الأنام وقل لي من يجاريكا
قالوا السراة كثير حين تخبرهم / الآن يبصر من يسري مساريكا
ما كان ضرّ المنايا في تقلبها / لو تستبيح بني الدنيا وتخطيكا
يا غائباً ولُهى كفّيه حاضرة / مهما سلوت فلا والله أسلوكا
إني لأذكر للإحسان مرّ يدٍ / فكيف أنسى وقد حلّت أياديكا
وا خجلتا لمقامٍ قد حضرتُ به / وما سقاني بكاس الموت ساقيكا
وفى لك الجود لما صحّ ذيْنكما / نعم وما الخلّ إلا من يوافيكا
وأصبحت قضب الإسلام ناسكةً / شعثاً محاسنها تحكي مساويكا
كانت عواليَ يستكفي الزمان بها / ثم انقضت فروينا عن عواليكا
ما كنتَ إلا غماماً زال عن أفقٍ / من بعد ما كفّت الدنيا غواديكا
وطوْد حلم الهوى من بعد ما زحمت / وَكرُ السماء ونسريها معاليكا
تلقى أعاديك بالإحسان مبتسماً / حتى يكاد وليٌ أن يعاديكا
وتحمل الأمر قد أنضت فوادحه / صمّ الجبال ولكن ليس ينضيكا
لو شكّ طرف امرئٍ في الشمس طالعة / لم يبقَ في فضلك الوضَّاح تشكيكا
ولو حمى المرءَ من موت صنائعه / لأقبلت من فجاج الأرض تحميكا
هذي وفودك قد أمّت ثراك كما / أمّت بعين الندى قدماً معانيكا
قاموا يعزون فيك اليوم أنفسهم / وقمتُ في الجود والعليا أعزّيكا
أمرّ بالرّبع والأجفان تنشده / بليت يا ربع حتى كدت أبكيكا
كأنَّ بابك لم تحفل مواكبه / وبرق بشرك لم يحلب عزَاليكا
بعداً ليومك ما أبكى نواك وما / أحلى لمطّلب النعمى مجانيكا
حسّت دمشق وفاضت نفسها أسفاً / أما ترى محلها بالمحلِ مسفوكا
كانت أياديك من بين البلاد بها / ستراً فأصبح ذاك الستر مهتوكا
إذا شدا الطير شقَّ الزهر من أسفٍ / ثيابه فكأنَّ الطير يرثيكا
لا تبعدنَّ فلا لاقيت مغربةً / ولا سلكت طريقاً ليس مسلوكا
ولا انثنيت قصيّ الدار محتجناً / إلا وشخص بنيكَ الطهر يدنيكا
جادت ضريحك أخلاف الغمام ولا / زالت تجرّ ذيولاً فوق ناديكا
ما أنت ميتٌ وهذا الذكر منتشرٌ / وإنما نحن موتى من تناسيكا
قالوا أمير فقال العدل بل ملِك
قالوا أمير فقال العدل بل ملِك / قالت مخافته لله بل ملَك
نعم عليّ العلى دنيا وآخرة / والعقل يشهد والآثار والفلك
لو تسأل البدر أنبا عن سناه بلا / تكلُّفٍ وتجلى باسمه الحلك
فليهنَ شامٌ له من دأبه حلبٌ / حماه بأساً فلا بأس ولا دَرَك
كم آمن فيه أمنَ الطيرِ في حرمٍ / وكان مثل قطاةٍ غرَّها شرَك
لا تذكرنَّ بحاراً عند أنعمه / إنَّ البحار لدى نعمائه برَك
واسمع مدائح كالأسلاك من دُرَرٍ / غنَّى بها مادحوه أيّة سلكوا
نقلوا أنني سلوت هواك
نقلوا أنني سلوت هواك / آه من نقل آثمٍ أفَّاك
حاش الله لو سليت على النا / ر فؤادِي ما كنتُ ممن سلاك
سائلي سائلَ الدموع بخدِّي / عن جوى القلب وانظري مغناك
ولقد لام في ضنا الجسم لاهٍ / ما قضى ما قضيته في حماك
لائمي إنَّ في الضنا ليَ عذراً / كلَّما اشتقت أهل وادِي الأراك
فسقى الغيث بالأراكِ حبيباً / صارَ جسمي عليهِ كالمسواك
ومليكاً قد ماتَ بعد مليكٍ / بحماة يا حرّ قلبي لذاك
تصول بأسياف الجفون وتسفك
تصول بأسياف الجفون وتسفك / فيا لدمٍ من جفنِ عينيّ يسفك
حلت ليَ منها نسبة قاهريَّة / على أنَّ قلبي في هواها مشبك
إن استعبدت قلبي فنظمي على الورى / بمدح الإمام المالكيّ مملك
أقاضي القضاة العلم فرداً وسؤدداً / أيا فرد ودِّي إنه فيك يشرك
ملكت ولائي بالندى وشرطت لي / فكان الندى بالجاهِ والشرط أملك
فهنئت بالأعيادِ سالكة الهنا / إليكَ بمنظومِ الثناء يسلك
ولا برح العافي بذلك أو شذا / مديحك ما بين الورى يتمسك
إذا وصف الإنسان بالبرِّ والتقى
إذا وصف الإنسان بالبرِّ والتقى / يقولون هذا من عديد الملائكه
وأقسم يا جبريل ما لك في الورى / مثيلٌ فأيد يا إلهي مسالكه
وبالناصر السلطان زده مكانةً / وعمّر به أملاكه وممالكه
وعجَّل لراجي بابه كلّ ساعة / مطالبه أو للشقيّ مهالكه
هنئت يا أكرم العباد به
هنئت يا أكرم العباد به / عاماً سعيداً على معاليكا
يخدم علياك بالهلال أما / تراه كيف انْحنى يحييكا
كأنه منجلٌ حباك بهِ / يحصد أعمار من يعاديكا
ومولعٌ بفخاخٍ
ومولعٌ بفخاخٍ / يمدُّها وشباك
قالت لي العين ماذا / يصيد قلتُ كراك
لي صديقٌ سيدٌ سندٌ
لي صديقٌ سيدٌ سندٌ / بيننا الآداب مشتركه
كلما قابلت طلعته / قيل لي يا سعدها بركه
كان لي عبدُ يسمَّى فرجا
كان لي عبدُ يسمَّى فرجا / نصب الغير عليه الشَّبكا
وأنا اليوم كما تبصرني / ليس عندِي فرجٌ إلاَّ البكا
قالت خزائن علمٍ إن شكا ألماً
قالت خزائن علمٍ إن شكا ألماً / وزيرنا فلنعم الأخوَّة الشركه
هذا أخوه الذي بالسعدِ أنعته / الله يبقي لنا في عمرِه البركه
حبَّذا للدين والدنيا فتًى
حبَّذا للدين والدنيا فتًى / حيثما كان سعيد الحركه
كل أفقٍ سار فيه ذكره / يا له سعدٌ ثنته بركه
أنا في خيرٍ وميرٍ بحمى
أنا في خيرٍ وميرٍ بحمى / صاحب سلك قصدي مسلكه
أصل ذا سعد من الله أتى / ولعمري كلّ هذا بركه
يا معتق المذنبين ممّا
يا معتق المذنبين ممّا / خافوا من النار والمهالك
أعتق من المهلكات رقي / ولا تحكّم عليّ مالك
مولايَ رفقاً بقلبٍ
مولايَ رفقاً بقلبٍ / صدّعته بجفائك
لا تكسرنّ إناءً / ملآنةً بوَلائك