المجموع : 33
يا كانياً عن دمعِهِ
يا كانياً عن دمعِهِ / بمَسحت عن خدّي خلوقا
هلاّ أذعتَ هواك إذْ / كنتَ المتيَّمَ والمشوقا
وأَبَنْتَ أنك ما زجٌ / بدم الحشا دمعاً دَفوقا
وقطفتَ من خدّ الحبي / ب بلحظ عينيك الشقِيقا
ولثمت لؤلؤَ ثَغْره / مترشّفاً خمراً وريقا
وتركت قولك في الدمو / ع عبد الله نثرت من عيني عقيقا
إنّ الهوى عذبٌ فَكُنْ / فيه اللجوجَ المستفيقا
انظر إلى النيلِ قد عبّا عساكِره
انظر إلى النيلِ قد عبّا عساكِره / من المِياهِ فجاءت وهْيَ تَسْتَبِقُ
كأنّ خلجانه والماءُ يأخذُها / مدائنٌ فتحت فاحتازها الغرق
كأن تياره مَلْك رأى ظفَرا / فكّر إِثْرَ الأعادي محنق نزِق
كأن ماء سواقيه لناظِرِها / شهب الخيولِ إذا ما حثَّها العَنَق
فاشرب مُغَنَّى فإن اللهو مُنْبَسِطٌ / واطرب مُهَنَّا فهذا منظر أنِق
قالوا الفراق فآذنت بفراقِ
قالوا الفراق فآذنت بفراقِ / نفسِي وكيف تَصَبُّر المُشْتاق
لولا النوى والبين ما قطع الهوى / بيدِ الصبابةِ أنفس العشاقِ
أترى الخطوب تسرّنا من بعدِما / حكمت بفرقتِنا بِطيبِ تلاقِي
لا تعذِل الصبَّ المشوقا
لا تعذِل الصبَّ المشوقا / حَكَم الهَوى أنْ لن يُفيقا
إني مزجت مدامِعي / بدمِ الحشا فجرت خَلوقا
ورأيت من خَدّيك في / دمعِي على خدي عقِيقا
قد أشبهتك مدامعي / لو لم أكن فيها غريقا
وحكى أَدِيمُك رقّة / وبضاضَةً شِعرِي الرقيقا
قد كنت أَحْسَبُ أنني جَلْدُ القُوَى
قد كنت أَحْسَبُ أنني جَلْدُ القُوَى / حتى وقفت مواقِفَ العُشّاق
وشرِبت من كأسِ الوداعِ صُبابة / ممزوجةً بلواحِظِ الأحداق
كذَب الذي كتم الهوى مُتَصَبّراً / الصبرُ لا يَبْقَى مع الأشواقِ
ما ذاق مُرَّ معيشةٍ من لم يَذُقْ / مُرَّ التَّفرَّقِ بعد طِيب تلاق
صلّى الإله على العزِيز فإنه / محي النعيم وقاتل الإملاقِ
ملِك لقِيت به الزمان مسالِماً / والعيشَ عَذْباً نَيِّرَ الإِشراقِ
يا ربّ أدعو مخلصاً لك هَبْ له / ما يَشْتهيه وشَطْرَ عُمْرِي الباقي
يومُنا ليّن الحواشِي رقيق
يومُنا ليّن الحواشِي رقيق / ليس فيه لغيرها مستفيق
جاوب الناي فيه زيراً وبَمًّا / وأطاع الصدِيق فيه الصديق
فكأنّ الغِناءَ روضةُ خَدٍّ / وضروبُ الأوتارِ فيها شقِيق
قُضِيت فِهِ كلُّ لَذَة نَفْسٍ / وانتهَتْ للحقوق فيهِ الحقوق
عِدِيني بوعد تستريح صَبابتي
عِدِيني بوعد تستريح صَبابتي / إِلَيْهِ وأرجوه وإن لم يكن حقّا
أعلّل نفسِي بانتظار وفائه / وأَشفِي به وَسْواسَ قلبي وما أَلْقَى
فإني رأيت الغيثَ يَبْعَثُ رَعْدُه / سَحَاباً وبَرْقاً ثم يتلوهما دَفْقا
وهَلْ طُرْفة أحلَى وأَلْطَفُ مَوقِعاً / مِن الوَعْدِ يُحْيي العاشِقون به العِشقا
دليلٌ عَلى أن سوف يُرْدِيه ما لَقِي
دليلٌ عَلى أن سوف يُرْدِيه ما لَقِي / بأنَّك لو قد شئْتَ بُقْياه ما بقي
ومُنبِئهُ أن التّصابِي والهوى / أتاه بكُرْهٍ لا بطبعِ تَخَلّق
محاجِرك القاضي لهَا الحسنُ أَنّها / مَتَى يَرها خَالٍ من العشق يَعْشقِ
أَمَا والخدودِ النّاعمات أَلِيَّةً / ونَبْلِ العيون الفاترات الْمُفَوَّقِ
وبرقِ الثنايا البيضِ في حُوَّة اللّمى / وَصِحَّةِ رُمّان الصُّدور المُعَلَّقِ
لقد هاجَ لي وشكُ الوَداع صَبابةً / تُمَزّقُ عنّي الصبرَ كُلَّ مُمزَّقِ
ولما اسْتَحَرَّ البينُ وانشقت العصا / وأَيقن أُلاَّف الهوى بالتفرّق
وشطّ بمن نهواه بَيْنٌ وأَصبحوا / ضَمائِرَ أحداج وأَثقالَ أَينقِ
وقفنا ندارِي الكاشِحين ولحظُنا / رسائلُ بَثٍّ بَيننا وتشوّقِ
وقد برزت من جانب الخِدر غادةٌ / كأنّ الضحى مِنها استعان برونقِ
فداؤكِ مقتولٌ بلحظٍ خلطتِهِ / بِشِبه كَرىً في مقلتيك مُرَنَّقِ
وإن كنتِ ما أبقيتِ مِني بقيّة / سوى كبِدٍ حَرّىً وطَرْفٍ مُؤَرَّقِ
كأن الليالي لم تكن سمحت لنا / بِجِدّة عيشٍ في ذراهنّ مُؤنِقِ
ولم نك نَسْتَسْقِي الصِّبا ماءَ مُزْنِهِ / ونفتح مِن أبوابِهِ كلّ مغلقِ
وابيضَ من خَمرِ الثّغورِ جعلته / غبوقِي مكان البابِليّ المعتّقِ
وصفارَ لم تُطْبخْ بنارٍ شرِبتها / على وجهِ معشوق السجايا مُقَرْطق
كأنّ حَباب الكأسِ من نظم ثغرِهِ / وإشراقها مِن خدّهِ المتألّقِ
ونَدْمان صِدقٍ ليس تنبو طِباعه / بحيث صفا صَفْوَ الشّرابِ المُرَوّقِ
بذلت له كَأْسَي ندامى تَعُلُّهُ / ورِفِدِي وإيناسي وحسن تملقي
مِن البؤس والنعماءِ نلتُ فما انْحَنَتْ / قناتِي ولا أَبديت فرط تضيّقِ
سَأَثْنِي خطوبَ الدّهرِ عني بماجدٍ / تخاف خطوبُ الدّهرِ منه وتَتّقِي
إمام إذا حنَّتْ يداه إلى النَّدَى / تَفَجَّرتا كالعارِض الْمُتَدَفِّقِ
هَدَى بِسَنا بُرْهانِهِ كُلَّ حائِرٍ / وأغنى بجَدْوَى كفّه كُلَّ مُمْلِق
وصَلَّتْ لعَلْياه العُلا وتَنَزَّلت / بتفضِيلِه آيُ الكتابِ الْمُصَدَّقِ
عزيزٌ بِهِ عَزًَّتْ خلافُة هاشم / وأَوْرَقَ مِن أغصانِها كُلُّ مُورِقِ
تجاوزَ غاياتِ المديح لغايةٍ / يُقَصِّرُ عنها كُلُّ فِكْرٍ ومَنْطِقِ
بإفضالِ كَفٍّ دونها كُلّ مُفْضِلٍ / وإِشراقِ وجهٍ دونَه كُلُّ مُشْرِق
ولولا مداراةُ الأنامِ لأنني / من الناسِ أَدْرَى بالذِي أَنت مرتقِي
مدحْتُك بالمدحِ الذي أنت أهلُه / وعدّيت عن هذا الكلامِ المنمَّقِ
لأنك مَعْنَى كلِّ ما تَقْتَضِي الْعُلاَ / ومن لم يَقُلْ ما قُلته يَتَزَنْدَقِ
تُحَقّقُ ما تَحْوِيهِ من كلّ سؤددٍ / وكم سؤددٍ بالقولِ لم يَتَحَقّق
ظلَمناك إذ قسناك بالبحرِ في الندى / ومهما يخَض تَيَّارَكَ البحرُ يَغْرقِ
ومن قاس بَدْرَ التّمّ عند كمالِه / بنجم السها يَضْلِلْ قياساً ويَزْهَقِ
ومن ذا الذي ناداك للجودِ واعتفى / نَداك فلم يَظْفَرْ بنُجْح ويُرْزَقِ
ألستَ ابنَ خيرِ النّاسِ جداً ووالداً / إذا عَلَتِ الأنساب من كل مُعْرِقِ
وأَشْبَهَهم في المجد فَرعا وعُنصراً / إذا ركبوا مِنه على كل مُخْلَق
ففاضِلْ ملوكَ الأَرض تَفْضُلْهُم عُلاً / وسابقْهُمُ في الفخرِ تَظْفَر وتَسْبِقِ
وحاربْهُمُ تَغنم ويَمِّمْهُمُ تُعَنْ / وطالِبْهُمُ بالثأر تُدْرِكْ وتَلْحَقِ
فقد علم الأعداء أنك زرتهم / ولاقَوك حرباً زَرْدَقاً بعد زَرْدَقِ
ولم تَرمِ إلا بالحِمامِ أَسِنّةً / ولم تمشِ إلا فوق هامٍ مُفَلّقِ
ولو زرتَهم فرداً لأَخمَدت نارَهم / بنارٍ متَى يَصْلَوْا بها مِنك تُحْرِقِ
لأنك من إقبالِ سعدِك في قَناً / ومن رأيك المعصومِ في ظِلِّ فيلقِ
فقلْ لملوكِ الأرضِ خافوه إِنه / متى ما اتقيتم حادِثاً غيرُ متّقِي
كَذَا أولياءُ اللهِ إن رام غيرهم / مرامَهُمُ يَظْفَرْ بخِزيٍ ويَزلَقِ
نعم وتراه الطّير في صدق صيدها / ويشدو بها غَيْرَ الحمامِ المُطَوَّقِ
فيا أرضَ بغدادٍ أصِيخِي لوقعة / تكون له بين الفراتِ وجلّقِ
تغنِّي السيوفُ البِيضُ فيها بنصرِه / وتُروِي الثرى من دمعِهِ المترقرقِ
إذا رامتِ الأقدار غَدراً بخائنٍ / رماك بِهِ بَغْيٌ وغِرّةُ أَحمقِ
ليهنَ سعودَ العيد أَنّ نجومها / ببرجِك ما زالت على السعد تلتقِي
وأَنك عيدٌ يَغْمُرُ العيدَ حُسْنُه / ويلقَى عُفاةَ الجودِ في زِيّ شَيِّقِ
سأكْسُوك من طِيبِ الثناءِ قوافياً / متى ما تَقَعْ فيها معاليك تَعْبَقِ
بك أَستزين إذا فخرت فاسبِق
بك أَستزين إذا فخرت فاسبِق / وبنظم مدحِك في البريةِ أنطِقُ
يا من بدولته وصِحةِ عدلِهِ / أَمسى جديداً ذا الزمانُ المخلقُ
إني بعثت بنفسَجاً نمّت به / ريحٌ كريح المِسكِ ظلّت تُفْتَقُ
ونباتَ وردٍ كالخدودِ إذا بدت / وعقيقُ ماءِ الحسنِ فِيه يُشْرِقُ
وكأنّ ذا ياقوتُ عِقدٍ أحمرٍ / وكأنّ ذا ياقوتُ عِقدٍ أَزرقُ
فانعَمْ هنيئاً إنّ سعدك طالع / فينا وملكك كلَّ يومٍ مورِقُ
لما وقفتُ مواقِفَ العُشّاقِ
لما وقفتُ مواقِفَ العُشّاقِ / وتعلَّق المشتاقُ بالمشتاقِ
وتَبَرْقَعتْ عِند الوَداعِ بصُفْرةٍ / سَتَرَتْ محاسنَها عن الأَحداقِ
ورأتْ عيونَ الكاشحين وأَقبلت / تَصِفُ الهوى بتَخَالُسِ الآماق
قالت أَتهْوَى العَيشَ بعد فِراقنا / قلت اهجِري من عاش بعد فِراقِ
يوم الفراقِ لَقَدْ فَرَّقْت من جَلَدِي
يوم الفراقِ لَقَدْ فَرَّقْت من جَلَدِي / ما لم يكن قبل وَشْكِ البينِ مفترِقا
شَتَّتَّ صَبْرِي وظاهرت الشجونَ على / قلبِي وَسُقْتَ إلى أَجْفانِي الأَرَقا
إذا تَذَكَّرْتُ فاضت مُقْلَتي بدَمٍ / وإن تَأوَّهْت ذابت مهجتي حُرَقا
وإن رَجَعْتُ إلى قلبي لأعذِله / وجدته باختياري ذاب واحترقا
فَمَن مُجِيريَ ممّا قد جَنَيتُ على / قلبي وخِذلان رأيي زادَني قلقا
خَدُّها روضَةٌ ولكنْ للصُّدْ
خَدُّها روضَةٌ ولكنْ للصُّدْ / غ بها عَقْرباً يَصُون الشقيقا
ما لمعشوقها شِفاءٌ سوى اللثْ / م لها والعناق حتى يُفيقا
أرى الدهر مختاراً لقصدي بِجَوْرِهِ
أرى الدهر مختاراً لقصدي بِجَوْرِهِ / مُصراً على حَرْبِي وطولِ عُقوقي
إذا ساءني في مهجتي كَرَّ مُتْلفاً / لِحظِّي وأحوالي بكلّ طريق
وإن روّحتني حادثات خطوبه / دهتني بِإلْفٍ أو بضرّ صديق
ونُبِّئْتُ أن الشكو عادك عِيدُه / بموجِع آلامٍ وشدةٍ ضِيقِ
فلا وجلالِ اللهِ ما بِتُّ وادِعاً / ولا ساغ لي مذ صحَّ شَكْوُك رِيقي
ولو صار حكمي في جوامع صحّتي / أَعَرْتك منها حِصّتي وحقوقي
لِتَغْدُو مُفِيقاً سالماً بإفاقتي / وأُصبِح من شكواك غير مُفِيقِ
كفانيَ فيك الله ما أنا مُتّقٍ / عليك من البأساءِ كُلَّ شروقِ
وصامتةٍ ناطقَهْ
وصامتةٍ ناطقَهْ / بألفاظِها شائِقهْ
تئنّ بلا زفةِ / ولا كبدٍ خافقه
كأنّ قواديسها / لها أبداً وامقه
فَأَجْسَامُها وُتَّبٌ / وأدمعها دافقهْ
تردِّدُ مِن صوتها / لحون لها رائقة
مُغَنّيةٌ تارة / وزامرةٌ حاذقهْ
يأيُّها المعشوقُ لا فارقَتْ
يأيُّها المعشوقُ لا فارقَتْ / رُباك أنوارٌ وإشراقُ
فكلّ معشوقٍ له عاشقٌ / والناسُ طُرّاً لك عُشّاقُ
كأنّما الحسنُ بلأْلائه / عَلَى ثَرَى أَرْضك مُهْراق
وكلّ عَيْنٍ بكَ مَفْتونَةٌ / وكُلُّ قلب لك مُشْتاقُ
إذا رنا نرجسُك المشتهي / بأعين فيهن إطراق
كأنّما فاجَأَها كاشح / بكل ما تكره سبّاق
فابيضّ منها لمفاجاته / مَحاجرٌ واصفرّ أحداق
وابتسم النِّسرين من حولها / فهو صقيل الثغر برّاق
واستيأس الآس من المُلْتَقى / فَهْوَ من الرِعدة خفّاق
مختلف الأغصان في مَيْسه / إذا انثنى ساقٌ علا ساق
يحفّه نَيْلَوْفَرٌ سابح / في الماء لا يُرْديه إغراق
كأنما زُرَّت على روسه / من دَخَن الكِبريت أطواق
تخدمه في السَّقْي ناعورةٌ / مَرْهاء لا يَرْقا لها ماق
وناعم الخضرة قد اُلْبِسَتْ / منه حِداق العينِ أوراق
كأنما جَمّشه عاشق / أو ناله للدهر إرهاق
وأحْجل الوردَ بكاءُ النَّدى / فاحمرّ والحمرةُ تُسْتاقُ
كُلُّكَ يا معشوقُ مما غدا / إليه كُلُّ اللّحظ تَوّاقُ
كأنما زَوَّق ما فيك من / بدائع الأنوار زَوّاق
ساويتَ بين الزَّهْرِ في نَبْتِه / كأنّما لحظك ورّاق
من أعان الْهُمُوم والدهرَ وَالبَيْ
من أعان الْهُمُوم والدهرَ وَالبَيْ / نَ على نفسِهِ بحزنٍ وضيقِ
فأَنا أدفع الثلاثَة عنّي / بثلاثٍ رواتِقِ للفُتوق
والرزايا ليستْ تُداوَى بشيء / كمدام وقَينةٍ وصديقِ
فاسقِنيها على سنا وجهك الغَضْ / ضِ فإني إليه عين المشوقِ
ما ترى كيف زيّن الحسن خدّي / ك بليلٍ على بساطِ عقيقِ
من شقيقٍ مطرّزٍ بِعذارٍ / وعِذار موشّح بشقيق
إن أفاق الفؤاد منك فلا أَصْ / بَحَ مما يَسُوءه بمُفِيق
شرِبنا على نوحِ المُطَوّقةِ الْوُرْقِ
شرِبنا على نوحِ المُطَوّقةِ الْوُرْقِ / وأَرديةِ الروضِ المفوّفة البُلْقِ
مُعَتَّقَةً أَفْنى الزمانَ وجودُها / فجاءت كفَوتِ اللحظِ أورِقَةِ العشقِ
كأنّ السحاب الغُرَّ اصبحن أَكؤساً / لنا وكأنّ الراح فيها سنا البرق
فبتْنا نحث الكأس حَثَّا وإِنّنا / لنشربها بالحثّ صِرفا ويَسْتَسْقِي
إلى أن رأيتُ النجمَ وهو مُغَرّب / وأَقبل رايات الصباحِ من الشرق
كأنّ سواد الليلِ والصبح طالع / بقايا مجالِ الكحلِ في الأعين الزرق
قلبي لحبِّك دون الخلقِ مخلوق
قلبي لحبِّك دون الخلقِ مخلوق / وشكره لندى كفّيك مرقوقُ
لأنك الحقّ والأملاك باطلَةٌ / وأنك البدر والدنيا أغاسيق
فِداك يا بن معد من غدا وبِه / عن اتّساعك في أرض العلا ضِيق
كَفَّاكَ لِلرزقِ مِفتاحانِ قد خُلِقا / وهُمْ له عن بَني الدّنيا مَغاليقُ
لولاك لم تجِدِ العلياءُ مُنْتَصِراً / ولم تَقُمْ للنَّدى بينَ الورى سوق
لا تزدهِيك ثيابُ الكِبرِياءِ ولا / يعتاد حلمَك تشتيتٌ وتفريق
تُبَلّ رِيقاً ونارُ الحرب مُسْعَرَةٌ / فيها إذا جفّتِ الأفواه والرِيق
في البَأْسِ أنت من المنصورِ مخترَع / وفي العلا من معز الدين مشقوق
فالفخر عندك موروث ومُكْتَسَب / وعند غيرك مكذوب ومسروق
ومدحُك الصِدقُ لازورٌ ولا خُدَعٌ / وعند غيرِك تلفيق وتمليق
لم يعطِك الله إذ أعطاك حِكمته / إلا وأنت بما أعطاك محقوق
فانظر قصائد من أعلاه مجدُك هل / في مدحِهِ لك عيب أو تفاريق
يا عِنَب المعشوق باللهِ هل
يا عِنَب المعشوق باللهِ هل / سقاك حتى طِبتَ من رِيقِهِ
أم فيك ما يُحمَد مِن ضَمّه / ولَثْمِ خَدّيه وتعنيقه
أم أنت ذاك اللؤلؤُ المجتَنَى / من ثغره العذْبِ وتطويقه
أم لَحَظَ البستانَ في زورة / طابت بها أثمارُ تورِيقه
ووردٍ أعارته الغواني خدودَها
ووردٍ أعارته الغواني خدودَها / وأهدى إليه المسكُ أنفاسَ مَفْتوقِهْ
كأنّ الندى فيه مدامعُ عاشقٍ / أريقت غداةَ البينِ في خدّ معشوقِهْ
يحف به من تَوْءم الروض نرجِس / تناهَى سنا مُبْيضِّهِ فوق تَخْليقه
رأى الوردَ غضَّاً فاستهامَ بحبّه / وأطرقَ مبهوتاً وقام على سوقِه
أَدَرْنا كؤوس الراح في جَنباته / على حسنِ مرآه ورِقّة تورِيقِه
وقام علِيلُ الطرفِ والوعدِ مُتْرَفٌ / عليمٌ بتصريف الكلامِ وتشقِيقِه
فتوّجَ يُمناه بكأسٍ رَوِيّةٍ / وقَرّط يُسْرى راحتيه بإبرِيقِه
وصَبَّ وسقّاني مداماً كأنّها / تَلَهُّبُ خَدَّيْهِ وطيبُ جَنَى رِيقِه
وبات يُعاطِيني حدِيثاً كأَنّما / جَنَى من جَنى الرّوضِ زَهْرَةَ تَنْمِيقه
حدِيثاً حَشاه بالوعيدِ وإِنه / لَيَعْذُب لِي والموتُ حَشْوُ تفارِيقِه