المجموع : 23
فرارُكما بالأمس بغَّضني أمسي
فرارُكما بالأمس بغَّضني أمسي / ولو قلتما لي كان أطيبَ للنفسِ
وما جازَ ما جاوزتماه ولم يكن / ليذهب تلبيسٌ على معدن اللُّبسِ
توحشتما مني لأنسي إليكما / فلم تُنصفاني في التوحُّش من أنسي
ولولا انبساطي لم تكونا انقبضتما / فكافأتُماني في المودة بالعكس
ومن يبخس الإخوانَ بعض حقوقهم / فذاك حقيق أن يكافوه بالبخس
ولولا حيائي منكما كنتُ واصفاً / فعالكما وصفاً يُخلَّد في الطرس
ولكن إذا جيشٌ من الكيد راعني / جثوت له من محكم الصبر في تُرسِ
فقل لحبيبٍ لا أُحب جفاءه / عين الشمس يا مُشبه الشمس
إنني ذاكرٌ لما أنت ناسِ
إنني ذاكرٌ لما أنت ناسِ / ومقاسٍ في الحبِّ ما لا تقاسي
فإذا أنت لم تُوَاسِ محبّاً / مخلصاً في الهوى فمن ذا يواسي
أيها اللابس الجمال أتستح / سنُ أن تجعل السقامَ لباسي
أنت في رقَّة الشمائل والنع / مة بِدعٌ فما لقلبك قاسي
فبحسن الدلال أسَّرت قلبي / وبسوء الفعال شيبت راسي
لم أزل أحرز اللسان على الكت / مان حتّى تكلَّمت أنفاسي
هام قلبي بمعدن الحسن حتى / صار فيه معادنُ الوسواس
أنا كاسٍ من الصبابة والوج / دِ لظبي من الملاحة كاسِ
بين أجفانه إذا مرض اللح / ظُ سيوفٌ لا تتقَى بتراس
مطمعٌ مخلفٌ قريب بعيدٌ / مازجٌ في الهوى رجاءً بياسِ
فجزى اللَه أهله كل خيرٍ / إنهم أحسنوا اشتقاقَ القياسِ
أيُقاس قَدُّك يا أبا العبّاسِ
أيُقاس قَدُّك يا أبا العبّاسِ / بقضيب آسٍ ليس ذا بقياسِ
جسمٌ شمائله تضاهي لؤلؤاً / رطباً يقاس إلى قضيب الآسِ
بدرٌ يكاد يذوب من تمريعه / لولا تماسكه وقلبٌ قاسِ
ذكراك أسلمني إلى الوسواسِ / يا سيدي وهواك شيّبَ راسي
وحديثك الحَسَنُ المُقَطّع إنه / أهدى إليَّ تقطُّعَ الأنفاسِ
ماذا يضرُّك لو رثيتَ لعاشقٍ / متحيِّرٍ بين الرَّجا والياس
مولاي عبدك صار مذ فارقته / ممّا به أحدوثةً للناسِ
لو مات كان الموتُ أيسرَ عنده / مما يكابد في الهوى ويقاسي
ما إن يقضِّي ليلَه ونهاره / إلا بذكرك يا أبا العباسِ
قد طوينا عهد الرجاء بياسِ
قد طوينا عهد الرجاء بياسِ / بعدما غرَّني بكم وسواسي
خدعتني أبوَّةٌ لك سارت / وظننتُ الفروعَ كالآساس
فرجونا بك القياسَ ولكن / فسد النسجُ من فساد القياسِ
ما توهمتُ أنَّ معدنَ تبرٍ / كائنٌ منه بُرَّة من نحاس
إن نسبنا إلى الكرام سجايا / ك رَقَعنا الحريرَ بالكِرباس
قد غرسنا لك المَلامة في الأن / فُس إذ حُلتَ عن كريم الغِراسِ
إن تناسيتَ أو نسيتَ فلا عُذ / ر فإنَّ المُهتمَّ ليس بناسِ
إذا ما أطعتَ لأهل الحبيبِ
إذا ما أطعتَ لأهل الحبيبِ / بنيتَ البناءَ بآساسِه
ولو لم تُرِد وصلَه لم تَذِلَّ / لأخدانِهِ أو لحُلاسِهِ
وممّا تمثّله الفارسيُّ / وأودَعَه بطنَ قرطاسِهِ
اذا كنتَ تطلب عفوَ الأميرِ / فخُذ في مداراة جُلّاسِهِ
وزائرٍ زارَ بعد ياسِ
وزائرٍ زارَ بعد ياسِ / في مقلتَيه سيما النعاسِ
فقلت يا منتهى مناي / ومَن به كان إلتماسي
أزُرتَ شوقاً فقال كلا / لكن بروحي لكم مُوَاسِ
ولقد دخلتُ الدير أطلب شخصه
ولقد دخلتُ الدير أطلب شخصه / فرأيتُ ثمَّ أهِلَّةً وشموسا
ورأيتُه فحسبتُه من بينهم / لما بدا لجماله بلقيسا
فشهقت ثم صعقت ثم سألتُه / ما الاسم قال وقد تبسم موسى
قلتُ استمع منّي بحرمة من مضى / أعني أخاك أبا المكارم عيسى
قُل لي فإني مذ عشقتُكَ سيدي / قد ظَلتُ في شَرَك الهوى محبوسا
فأجابني أو ما علمتَ بأنّني / ذوَّبتُ قبلك في هواي نفوسا
اذهب فلستَ بنائلٍ ما رمتَه / حتى تُغَيَّب في الثرى مرموسا
ثم انثنى يتلو الزبور تشاغُلاً / عنّي وخافَ رَهابِناً وقُسُوسا
واللَهِ لولا اللَهُ أحذرُ سخطَهُ / حقاً لصرتُ لأجله قسيِّسا
قد كنتُ فزتُ بمن أهوى وآنَسَني
قد كنتُ فزتُ بمن أهوى وآنَسَني / طيبُ الحياة وطيبُ العيش إذ أنسا
حتّى تعرَّض لي واشٍ فنغّصني / فصار لي مأتماً ما كان لي عُرُسا
بمجلسٍ كان مُلتَذّاً فنغَّصَه / ما كان من طَفِسٍ لا كان ذا جَلَسا
في مجلسٍ غَرَسَ اللَهوَ الكرامُ به / أكرِم بهم غارساً لهواً ومُغتَرَسا
فلو بدا حسنُهم في حسن مجلسهم / لشاربٍ مُرقِداً دهراً لما نعسا
والكأس كالثلج لكن وسطها قبس / هل كنتَ تعرف ثلجاً يألف القبسا
فالشمس في فم ذا تجري وفي يد ذا / تبدو إذن خلت مشروباً وملتمسا
حتى اذا احتثت الأسماع من ظُرُف ال / ألفاظ نعَّس سوءُ الطبع من نعسا
كانت له مِعدةٌ قد سورحت زمناً / اذا عرست بدَنَّينِ المدامَ حَسَا
وإنما السُّكر أفراس الصِّبا جمحت / فكيف يضبط مرهونُ الحجا فرَسا
ألم ترَ الكأسَ فيما أنبتت طُرَفاً / من السرور وفيما أنبتت طَفِسا
وروضةٍ عَرسُنا مُعَرَّسُها
وروضةٍ عَرسُنا مُعَرَّسُها / حريرُها مشرقٌ وسُندسُها
يحكي خدودَ الملاح ثامِرُها / وأعينَ الغانيات نرجسُها
اذا نسيم الرياح قابَلَها / طيَّب ما بيننا تنفُّسُها
تزداد طيباً بمن يحرِّكها / وعارف حقَّها منكسها
يالك من معركةٍ بالحاسي
يالك من معركةٍ بالحاسي /
مع ابن لاوي شاخص الأضراسِ /
مُكَلثَم الوجه صغير الراسِ /
عِضٍّ أبي شبلٍ لدى افتراسِ /
ومخلبٍ ضخم وقلب قاسِ /
ومقلة تلمع كالمِقباسِ /
يكرُّ كرَّ الأسد الفرّاسِ /
على الكلاب أو على الأفراسِ /
لولا لحاقي في الشديد الباسِ /
الأسود السعديِّ ذي المراسِ /
لمَا أخَذناه وربِّ الناسِ /
بالمكر والخَتر بُعَيدَ الياسِ /
إذ لانَ في الوقعة كالقرطاسِ /
حتى ضربنا رأسَه بالفاسِ /
تبدَّت لنا حوراء في صورة الإنسِ
تبدَّت لنا حوراء في صورة الإنسِ / تُشَبَّه شمساً وهي أبهى من الشمسِ
أرى شخصَها أُنساً لغيري فديتُها / وذكري لذاك الشخص في خلوتي أُنسي
لنا في وجهه بستان حسنٍ
لنا في وجهه بستان حسنٍ / متاح للعيون بلا مساسِ
سقاني الراحَ من يده سُحَيراً / وفي عينيه من مرض النعاسِ
فيُمناه مُقَرَّطة بكوبٍ / ويسراه متوَّجة بكاسِ
أُقاسي في الهوى ما لا تقاسي
أُقاسي في الهوى ما لا تقاسي / وأذكر عهدنا إذ كنتَ ناسِ
فعهدك في الغرور كعهد وردٍ / وعهديَ في الإسار كعهد آسِ
وما أنسى إشارات المعاني / أُسارِقُها وألحظ باختلاسِ
وغرَّتني محاسنُ منك رقَّت / ولم أعلم بأن القلب قاسِ
مالي قليل وكسبي ليس ينفعني
مالي قليل وكسبي ليس ينفعني / وقد بُليتُ بأقوام مفاليسِ
ما منهمُ أحدٌ يُرجى لنائله / وكيف ترجى عظامٌ في النَّواويسِ
رد بدر تميم في عطيتِهم / وفي السفاهة هم اخوان ابليسِ
الخبز عندهُمُ في وقت بيدرهم / أعزُّ من نَورَةٍ في عهد بلقيسِ
جمال عينيك عَطَّل النَّرجسْ
جمال عينيك عَطَّل النَّرجسْ / حتى تقاضى ودار في المجلِسْ
أبصر عينيك فانثنى خجلاً / فهو لفرط الحياء قد نكِّسْ
لو استطاع الكلامَ قال كذا / كان ولكن لسانه أُخرِسْ
كأنَّه والكأس في كفِّه
كأنَّه والكأس في كفِّه / متصلاً بالأنمل الخَمسِ
ياقوتة حمراء قد صُيِّرت / واسطةً للبدر والشمسِ
بنفسي حبيب سوف يثكلني نفسي
بنفسي حبيب سوف يثكلني نفسي / ويجعل جسمي تحفة اللحد والرَّمسِ
لقد ضاقت الدنيا عَليَّ بأسرها / بإعراضِه عنّي كأنيَ في حَبسِ
جحدتُ الهوى إذ كنتُ مذ جعل الهوى / محاسنَه شمساً نظرتُ الى الشمسِ
لأُسكِنَ قلباً فيه قد صار مأتم / من الشوق إلا أنَّ عينيَّ في عرسِ
سقيتَني كأساً فأسكرتَني
سقيتَني كأساً فأسكرتَني / ومنك سكري لا من الكاسِ
أوقعتَني في قعر بحر الهوى / في لجَّةٍ تقطع أنفاسي
أنا غريب والهوى قاتلي / والقلب مملوء من الياسِ
حتى متى أُخفي عليك الهوى / يا دولتي عُودي من الراسِ
بديع مَلاحاتٍ يذوب من اللَّمسِ
بديع مَلاحاتٍ يذوب من اللَّمسِ / تكبَّر أن يُدعى الى صورة الإنسِ
فلما رأته الشمس منه تعجَّبت / وقالت له باللَهِ أنت من الإنسِ
وقالت له ما الاسم قال محمدٌ / فقالت فقِس في الحسن نفسَك مَع نفسي
فأُغضبَ حتى كاد يلطم وجهها / وحَدَّرَ بالكفِّ المليح على الشمسِ
وقال لها غِيبي فإنيَ طالعٌ / على الناسِ بالنور الذي كان بالأمسِ
فؤادي على عهد الحبيب حبيسُ
فؤادي على عهد الحبيب حبيسُ / وبين ضلوعي للحنين رسيسُ
فإن توحش الأيام بيني وبينه / فما لي سوى شوقي إليه أنيسُ
يؤانسني ذكراه في كلِّ خلوةٍ / بلى منه إن غاب الجليس جليسُ
عجبتُ لمن يكفى النفوس عن الهوى / وقَدرُ الهوى عند النفيس نفيسُ