القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الساعاتي الكل
المجموع : 32
ظُهور التَرَقي في الكَمالات أَظهَرا
ظُهور التَرَقي في الكَمالات أَظهَرا / سَعوداً وَتَوفيقاً وَعِزّاً وَمَظهَرا
وَجَدد أَنسي بِالمَسَرة نَظمها / عُقوداً سَمَت بِالطَبع جَيِداً وَجَوهَرا
وَجَدت بِبُشراها المَطايا جَوائِباً / فَجاجاً فَجاراها النَسيم مُبَشِرا
وَلَو كانَ مَطلوق العَنان بَريدها / لَجابَ بِها سَهلاً وَوَعراً وَأَبحُرا
وَلَكِنَّهُ يَمشي الهوينا لَعَله / بِحُسن التَرَقي لِلعُلا يَحمَد السَرى
أَجابَ لَها الأَمر المُطاع وَإِنَّما / لَهُ العُذر مِن جاري البُروق فَقَصَرا
حَديقة أَخبار وَرَوضة مخبر / بِها الشَرق أَضحى كَالجِنان منوّرا
إِذا عَبَقت في الأَرض نَفحة طيبها / رَأيت بِها مَجرى القُبول مُعَطَرا
بَراعة لَفظ طرزتها يَراعة / تَدر عَلى القُرطاس مِسكاً وَعَنبَرا
تَنافس أَنفاس الصِبا بَعَبيرها / فَتَغدو بِطيب النَشر أَذكى وَأَذفَرا
تَحَلَت بِأَوصاف الخِديوي فَاِرتَقَت / لِزَهر الدَراري تنظم الدُر أَسطُرا
مَليك بِحُسن الرَأي دبر ملكه / وَقَد يَبلغ المَأمول شَهم تَدَبَرا
لَهُ قَد بَدا مِن طالع السَعد كَوكَب / هُوَ الشَمس إَشراقاً وَإِن كانَ أَظهَرا
أَذَل لَهُ التَدبير عِزة مِن طَغى / وَحاول أَن يَسمو العُلا فَتَحَدرا
كَذا فَلَيك الرَأي الملوكي إِن بَدا / تَستر وَجه الظُلم وَالعَدل أَسفَرا
وَتَبدو مِن الأَفكار كُلُ بَديعة / تَثَنَت كَدَوح بِالشَمائل أَنضَرا
رَوَت بازدياد النيل مَصر وَأَخضبت / فَأَجرى بِها مِن نيل جَدواه كَوثَرا
وَكَم ناظر شَذراً لَها فَتَمَنَعت / وَزَفَت إِلى من كان أَحسَن مَنظَرا
وَفي حلل مِن عَدلِهِ قَد تَبَرَجَت / وَحاكَت بشها وَشياً مِن الخَضب أَخضَرا
بَلَغَت بِتَوفيق العَزيز مَآربي / فَبالَغت في حُسن الثَناء تَشَكَرا
وَلَولا اِشتِغال الفكر أَجرَيت سَبقاً / تَجر لَتَجريد الوَقائع عَسكَرا
فَجارَت مَصابيح السَماء وَصيرت / ظُهور التَرَقي في الكَمالات أَظهَرا
إِقبالُ إِقبال وَنَجم مُزهر
إِقبالُ إِقبال وَنَجم مُزهر / بِسعودو وَصعودو مستظهر
في طالع بَعلاً المَنازل قَد سَما / وَسَناه مِن أَوج المَجَرة يَظهَر
وَأَنارَ مِن شَهر الرَبيع هِلالَهُ / وَبَدا كَبَدر مِنهُ أَشرَق نير
وَمِن السَعادة قَد تَجَلَت غرة / أَبهى مِن الفَجر الأَغَر وَأَبهَر
وَبِها جَلا النُور المُبين عيوننا / وَقُلوبَنا وَعَلا الصَباح المُسفر
وَاِخضَلَت الأَقطار وَاِبتَسَم الحَيا / عَن ثَغر بَرق وَالسَحائب تُمطر
وَالأَرض تَرفُل في إِزار زانه / ثَوب بِأَزهار الرَبيع مزرر
فَنظمت مِن غرر البَديع قَلائِداً / وَهِيَ الثُرَيا نَظمَها لا يَنثر
وَإِذا البَلاغة مَثل بَحر راكد / لَكِن بِتَوفيق العَزيز سَيَزخر
فَأَغوص في لجج البَراعة لاقِطاً / مِن لَفظِها ما اِنحَطَ عَنهُ الجَوهَر
وَأَرى الجَواري المُنشِآت مَتى جَرَت / مَشحونة بِالحَمد لا تَتَأَخر
تَهدى إِلى الملك المُطاع فَرائِداً / عَزت فَلم تَلفظ سِواها الأَبحُر
أَحيت مَراسِمه الرُسوم وَجَدَدت / بِالعَدل ما مَرَت عَلَيهِ الأَعصُر
ملك الوجود بِجودة الرَأي الَّذي / قَد كادَ أَن يُحيي بِهِ الإِسكَندر
لَو تَبّع قَد رامَ يَتبع ما أَتى / لرآه صَعباً عَنهُ أَحجَم حَمير
سَل سيل مَأرب وَالمآرب نيلها / كَالنيل أَيَهما الَّذي تَتَخَير
هَل مَصر إِلّا رَوضة بَل جَنة / وَالنيل نَهر وَالحَقيقة كَوثَر
وَبِها المَواكب كَالكَواكب حَوله / وَمِن الأَسِنَة أَنجُم لا تُحصَر
تُمسي وَتُصبح تَحتَ ظِل مملك / كَالبَدر دارته المُنيرة عَسكَر
زَهر مَصابيح بِدَوح مَسَرة / رَقَصَت خِمائله وَغَرَد مزهر
في كُل آن مَهرَجان لِلعُلا / تَأتي بَشائرُه وَما تَتَأَخر
رَفع القَواعد مِن دَعائم دَولة / عَزَت بِهِ فَنَظيرُها لا ينظر
قَد طاوَلَت بِالعَدل كِسرى وَاِعتَلَت / شَرَفاً وَقَصر عَن مَدَها قَيصَر
وَلَقَد أَقامَ بِحكمة قسطاسها / وَتَناول الميزان مَن لا يَخسَر
فَالأَرض تَرفل في حُلىً أَلوانُها / شَتى وَزينها الطِراز الأَخضَرُ
عَزَت بِتَوفيق العَزيز مُحَمَد / مَصر فَود الكَون لَو يَتَمَصَر
تَرَكَت مَنائحه المَدائح شردا / كَالغادِيات بِكُل قُطر تَقَطَر
زَفَت لَهُ غُرر تَزين نَحورها / دُرر بِها الزَهر الدَراري تزهر
سَيارة تَجري الكَواكب دونَها / تَطوي المَنازل بِالثَناء وَتُنشَر
قَرَت قُرى مَصر فَكُلُ قطينها / لَلّهِ ثَم لِفَضلِهِ يَتَشَكَر
انظر أَحسَن البدء في تَمجيده / بَينَ الأَنام أَم الخِتام الأَظهَر
مَدح جَعَلَت بَراعة اِستهلاله / سَبباً لِغايَتِهِ الَّتي أَتَصَور
كُن بِالإِله عَلى عُداتِكَ مَظهَرا
كُن بِالإِله عَلى عُداتِكَ مَظهَرا / بَأساً تَنالُ بِهِ عَلَيهُم مَظهَرا
وَاِستَعمل الصَبر الجَميل فَرُبَما / لَقِيَ العَسير بِهِ الفَتى فَتَيسَرا
وَإِذا عَزَمتُ عَلى نَجاح الأَمر لا / تَعجَل بِهِ وَاِجعَل لَوَردِكَ مَصَدرا
وَتَدَبر الاقبال وَالأَدبار من / حاليكَ تَغنَم فيهما مُتَدَبِرا
وَتصدر الأَشياء قَبلَ حُصولَها / فَالمَرء يَدرك أَمرَهُ متصورا
وَإِذا أَرَتكَ بَنو اللِئام إِساءَة / لذ بِالكِرام وَلا يَسوءك ما تَرى
فَلَقَد بَليت مِن العِدا بِأَشَدهم / لُؤماً وَعُدواناً وَبَغياً وَاِفتِرا
وَإِلى الكِرام لَجَأت لا مُستَعظِماً / خَطَرَ العَدو وَإِنَّما مُتَخيِرا
وَضَرَبتُ هام عِناده بِمُهَند / مِن جاهِهم يَبري الحَديد إِذا اِنبَرى
مُستَمسِكاً مِنهُم بِأَكرَم ذمة / شَرفت وَجل وَفاؤُها أَن تَخَفرا
وَلَقَد وَصَلت إِلى مَحل دونَهُ / تَكبو الكَواكب وَالمَواكب في السَرى
وَرَفعتُ في تِلكَ الرِحاب سَرادِقي / وَبَلَغتُ بِالأَسباب هامات الذُرى
فَرَأيتُ أَعلام الأَمان خَوافِقاً / يَمشي الزَمان بِظِلِها مُتبَختِرا
فَأَخَذتُ في طَلَب العُلو وَلَم أَخَف / شَرَ العَدو وَلَم أَهَب أُسُد الشَرى
مترقياً درج المَفاخر راكِباً / لِبَني المَعالي وَالعَوالي قُسورا
لِبَني الَّذي قادَ الجُيوش إِلى العِدا / بِالعادِيات عَلَيهُم مُستَظهِرا
أَسباط مِن بعطائه وَبِبَأسِهِ / بِالعَدل قَد أُحيي النُفوس وَدمرا
البالغ الغايات بِالهمم الَّتي / بَعَثَت مَآثر بَعضَها الاسكَندَرا
وَبُنوده وَجُنوده لعلوها / وَنموها فَوقَ الثريا وَالثَرى
امته أَملاك البِلاد فَأَبصَرَت / ملكاً لِحَد حسامه مستوزِرا
حشو الشآم وَأَرض نَجد جَيشه / مُستَسهِلاً طَلَب العُلى مُستَوعِرا
ضَرب الزُنوج بِكُل أَبيض صارم / في الروم قد كَسي النَجيع الأَحمَرا
فَتح الحِجاز بِجَحفَل جراره / وَطئ الجَماجم واستَظَل العَثيرا
جَعل الكَتائب لِلمُلوك كِتابة / وَالأَرض رِقّاً وَالعَساكر أَسطُرا
أَحيَت مَراسمه الرُسوم وَشَيَدَت / عَزَماته في الكَون ملكاً أَكبَرا
فَكَأن دار المُلك رَوض جاده / صَوب السَحائب إِذ بهم قَد أَزهَرا
أَصل عَريق في السَماء فُروعه / بِذَوي المَكارم وَالأَكارم أَثمَرا
يا مَن بِهُم مِنهُم تَلوذ وَتَلتَجي / لِحِماهُم أَهل المَدائن وَالقُرى
إِني رَفَعتُ اِلَيكُم الشَكوى عَلى / كَوني اليكُم بِالعَجائب مخبرا
وَمِن العَجائب أَن أَساءَ وَظلَكُم / يَسع الزَمان وَمَن يَضُم مِن الوَرى
وَمَعي لِسان لا يُطاق كَمُرهف / ماضي المَضارب بِالكَلام تَجَوهَرا
قَد حَذروه وَأَنذَروه فَلَم يَحل / عَني وَلَيسَ لِمثلِهِ أَن ينذِرا
فَضَربتهُ في غَير مُقتلهِ بِهِ / صَفحاً وَآن لِجرحه ان ينفرا
وَإِذا أَذنت فَإِن في اِعدامِهِ / بِالهَجو خَيراً إِذ طَغى وَتَجَبرا
فَأَتيتُكُم مُستَوهِباً مِن عَرضِهِ / ما كانَ غادره اللِسان موفرا
مَنوا بِهِ إِن كانَ فيهِ بَقية / ذكرت وَيَصغر قَدره أَن يُذكَرا
لا زلتم حرماً لِكُل مُؤمل / يَسعى لِكَعبة عَفوِكُم مُستَغفِرا
لِمَظهر عز قَد سَما سَعد طالع
لِمَظهر عز قَد سَما سَعد طالع / بِمَولده يمناً تَسر العَشائر
فَبُشراكَ يا عَون الرَفيق مُؤرِخاً / بَدَت لَكَ مِن عَبد العَزيز البَشائر
تَبَسم ثَغر الصُبح فَالنور أَزهَر
تَبَسم ثَغر الصُبح فَالنور أَزهَر / وَشَمس الضُحى في الكَون لا البَدر أَظهَر
تَجَلى مَعَ الإِشراق لألاءُ غُرة / بِها الملك عَن وَجه السَعادة يُسفر
فَبينا تَرى الإِقبال أَقبَل رافِعاً / بُنوداً إِذا طيب المَسَرة يُنشَر
وَقَد أَشرَقَت في أَرض مصر كَواكب / لِطالِعِها فَوق المَنازل مَظهَر
وَقَد زَين المَجد السَني مملك / كَما زَين الملكين كِسرى وَقَيصَر
فَلا تَذكروا لي ما حَوى ملك تَبع / وَما أَحرزاه عَبد شَمس وَحَمير
فَقَد أَشرَقَ الدست الجَليل بِمَن سَما / سُروراً لَهُ اِرتاحا سَرير وَمَنبَر
تَعالى عَلى مَن طاولَ النسر وَاِرتَقى / وَلَن يَستَوي في المَجد ظلف وَمنسر
لَنا بازدياد النيل وَرد وَمَرتَع / وَمِن نيلهِ الفَياض نيل وَكَوثَر
فَلا تَعدلوا قَطر النَدى بِنَواله / فَإِنَّ النَدى مِن فَيض جَدواه يَقطر
لَقَد شَرف الدست الخديوي قائم / عَظيم عَلا شَأناً وَشانيه أَبتَر
تَقَلَد بِالنَصر العَزيز مُتَوج / وَبِالشَرَف الأَعلى تَختم خنصر
فَسِرنا إِلى أَعتابِهِ سَير وَفده / عَلى سَبق مِن رَفدِهِ نَتَشَكَر
إِلى كَعبة الآمال تَسعى رِكابُنا / عَلى الخَج مِن آمالنا تَتَخَطر
أَناخَت عَلى أَبوابِهِ ثِقَةً بِما / تَرجته وَالمَرعى زَكا وَهُوَ أَخضَر
فَأَرسَل سُحُباً بَرقها غَير خلب / وَفي الغَيث غَوث أَن أَتى وَهُوَ مُمطر
لَهُ بِوَفاء الوَعد في الخَير عادة / لِأَن وَفاءَ الوَعد بِالحُر أَجدَر
فَيا نَسمة قَد طابَ مَسرى هَبوبها / وَصارَت بِبُشراها الربى تَتَعَطر
وَقَد ماسَت الأَغصان وَالطَير فَوقَها / تَرجع وَالأَفنان في الخصب تَخطر
وَأَيدي التَهاني بِالمَسَرات لِلعُلا / تُشير عَلى أَن السُرور المخبر
كَما أَسفَر الإِصباح عَن غُرة الهُدى / وَقَد لاحَ وَجه مِنهُ أَبهى وَأَبهَر
وَقَد أَرسَل الباري إَلَينا مُحَمَداً / وَفي وَجهِهِ نور الهِداية يَظهَر
وَفاء بِبُشرى الوَعد وافى مُؤرخاً / نجاز بِتَوفيق العَزيز يبشر
عَلَوت كَما شاءَ العَزيز وَأَظهَرا
عَلَوت كَما شاءَ العَزيز وَأَظهَرا / وَأَحرَزتُ عزاً زادَ عَلياكَ مَظهَرا
وَما كَلف الأَقمار إِلّا لِأَنَّها / رَأَت منكَ صُبحاً قَد مَحاها وَأَسفَرا
إِذا الشَمس حَلَت مَنزِلاً تَبتَغي بِهِ / عُلاكَ اِكتَسَت ثَوبَ الغُروب معصفرا
تَمَنى مَصابيح السَماء لَو أَنني / أَتيت بِها في نَظم مَدحك أَسطُرا
لِأَنك بَحر لَو أَرَدت اِمتِداحه / أَفاضَت مَعانيه البَديعة أَبحُرا
مُحيط هُوَ العَذب الفُرات وَإِنَّما / أَرى عَجَباً أَن يَلفظ العَذب جَوهَرا
تَخَيرت مِن تلكَ الفَرائد وَصفه / وَغاية جُهد المَرء أَن يَتَخَيرا
لَجَأت إِلَيهِ وَاِعتَصَمت بِجاهه / وَوَكَلت بِالوَادي الخَصيب الغَضَنفَرا
فَلَو حارَبَتني الحادِثات لَأَحجَمَت / ذِئاب رَأَت في ذَلِكَ الغيل حَيدَرا
همام دَعته لِلشَهامة همة / بِذي يَزن سارَت فَطاول قَيصَرا
نمته إِلى الجدين سام وَيافث / فُروع أُصول دَوحِها الغَض أَثمَرا
سَقَتها شَآبيب المَعالي فَأَنضَرَت / وَلَكن عَليّ كانَ أَعلا وَأَنضَرا
وَأَورثه الإِسكَندر العَزم فَاِرتَقى / وَلَم يَقتَصر حَتى تَرقى لحميرا
فَفي العرب العرباء قَد طابَ مغرساً / وَعنصره السامي تَناول كَومَرا
مَكارم أَخلاق وَحُسن طَوية / وَرقة لَفظ كَالنَسيم إِذا سَرى
تَرفع عَن مَجرى الثُريا مَحَلَه / وَلَكن شُعاع الشَمس قَد يَطَأ الثَرى
عَلا وَاِستَفادَ الخَلق مِن فَيض فَضله / وَرَب سَحاب قَد سَما الأَرض أَمطَرا
بَلَغت مَن المَولى رَجائي وَإِنَّما / جَميل إِذا أَولى جَميلاً لَأَشكُرا
فَما العز مَقصور وَلا العز قاصر / وَلا المُرتَقى صَعب إِذا اللَه يَسَرا
وَإِني وَإِن لَم أَعطِ قَدرَك حَقَهُ / مِنَ الحَمد فَالمَولى مَتى شاءَ أَقدَرا
بَقيت بَقاء الدَهر لِلمَجد كُلَما / مَضى مِنهُ عَصر دُمت تَطويه أَعصرا
بِالعيدِ قَد ظَهَر الهِلال الأَزهَر
بِالعيدِ قَد ظَهَر الهِلال الأَزهَر / وَضِياءُ وَجهك لا سَناه الأَظهَرا
وَلَئن تَعالى في المَنازل نوره ال / أَبهى فَطالعك العليّ الأَبهَر
وَإِذا تَكَلَف بِالكَمال بَدا لَهُ / مِن نور غرتك الصَباح المُسفر
عيد سَعيد في علا تَاريخه / شَرف بِهِ شهد المَواسم حَيدَر
يَسمو إِلى سام بِن نوح وَيَنتَمي / لِأَخيه يافث أَصله وَالعُنصر
تَتَشَرَف العَلياء لَما حازَها / مِنهُ عَليّ بِالمَعالي أَجدَر
تَتَحير الأَفكار في تَمجيده / كَالنَجم إِن سَطَع السَنا يَتَحَير
متطول وَالطول مِن عاداتِهِ / فَلِذاكَ كُل في الثَناء مُقَصر
يَرقى بِهِ الشَرَف الرَفيع إِلى العُلا / فَيَطيب مَورده لَهُ وَالمَصدَر
أَعملت في جَمع المَناقب فكرَتي / فَإِذا الكَواكب إِن بَدَت لا تُحصَر
وَرَكبت مِن بَحر البَديهة زاخِراً / فَإِذا نَداه بِهِ تَمد الأَبحُر
فَهُوَ المُشير إِلى العُلا فَعَنَت لَهُ / فَسَما كَما شاءَ العليّ الأَكبَر
أَحيي الأَكارم بِالمَكارم مثبتاً / كَذب الذينَ لنشرِهم قَد أَنكَرَوا
قَصَبات سَبق أَحرَزتها همة / إِن رامَ مُجراها الصِبا يَتَعَثَر
أَلقَت أَزمتها إَلَيهِ مَآربي / عِلماً بِأَن ذمامه لا يَخفر
رَفَعَ العَزيز مَحَله فَرَقى إِلى / هِمَم بِها بَلَغ العُلا الإِسكَندَر
وَأَنالَهُ ما لَم يَنَله تَبع / في الغابِرين وَعَنهُ قَصر قَيصَر
مَجداً أَثيلاً مِن جَلالَتِهِ اِمتَطى / صَهَوات تَبجيل بِهِ يَستَظهر
وَلَّتهُ آراء الخديوي مَنصِباً / فَالدين وَالدُنيا لَهُ تَتَشَكَر
وَجَرَت عَلى أَيدي عليّ بِالنَدى / سُحب عَلى أَن السَحاب مُسَخَر
إِن جئته لَم تَلقَ إِلّا كَوكَباً / وَتَرى مُحيطاً بِالسَماحة يَزخَر
يَسمو بِهِ أَهنى المَواسم مُعلِناً / بِالبُشر حَتّى دهره يَستَبشر
لا زالَ ذا عز وَمَجد باذخ / عَن أَول في الحَمد لا يَتَأَخر
وَكَذاكَ لا بَرِحَت غَوادي الفَضل مِن / جَدوى يَدَيهِ بِكُل قُطرٍ تَقَطَر
ما سابق اللَيل النَهار لِمُنتَهى ال / غايات أَو ظهر الهِلال الأَزهَر
أَراكَ تَرى فكري عَلى الحَمد أَقدَرا
أَراكَ تَرى فكري عَلى الحَمد أَقدَرا / وَقَدرك أَجدى بِالمَديح وَأَجدَرا
وَقَصر عَنك الوَبل وَالقَطر في النَدى / فَجارَيت بِالآلاء كِسرى وَقَيصَرا
لِأَنك باريت السَموات رفعة / وَبرّك قَد أَجرى عَلى البَر أَبحُرا
وَإِني أَراكَ البَدر وَالشَمس في الضُحى / بِمَكة أَو كَالغَيث وَاللَيث في السَرى
وَكَيفَ تَباريك المُلوك وَمَن بَرا / أَحلك بِالبَيت المُحَرَم مَنبَرا
يؤمك مِن شَرق البِلاد وَغَربِها / مِن الوَفد راجي الرَفد أَشعَث أَغبَرا
وَذي ظِماءٍ وافى إِلى وَرد زَمزَم / فَأَورَده جَدوى يَمينك كَوثَرا
وَجَيش لهام يَضرب الهام في الوَغى / تَرَكتُ عَلَيهِ النسر قَد مَدّ منسرا
وَبيض بِبيض المُرهفات فَلقتها / وَسُمر جَلَت كَأس المَنية أَحمَرا
وَأَنعلت بِالتيجان خيلكَ فَاِنثَنَت / وَقَد صارَ مِنها أَخضَر اللَون أَشقَرا
إِذا أَصبَحت نَجداً أَظَل غُبارَها / هَذيلاً وَداسَ الهول دَوساً وَحَميرا
تَسير بِها مثل الجِبال كَتائِباً / تَخط بِسُمر الخَط في الأَرض أَسطُرا
فَتوردها صَدر الرَدى وَتردها / وَما كُل هاد أَورَد الخَيل أَصدَرا
بِذي لجب لَف السَباسب بِالرُبا / وَلَثَّم وَجه الأَرض حَتّى تَسَتَرا
تَعَرّض بَينَ الشَرق وَالغَرب وَاِرتَقى / لِنَجم الثُريا حينَ غَصَ بِهِ الثَرى
إِذا لَم تُطاولك المُلوك بِطولها / فَقَد بَسَطَت عُذراً لِمَن كانَ قَصرّا
وَمَن ذا الَّذي أَحرى بِمَجدك مِنهُمُ / وَمَدحك في التَنزيل جاءَ مُحَرَرا
وَأَعلى مُلوك الأَرض كِسرى وَلَم يَكُن / لَهُ نَسَب داني البُتول وَحَيدَرا
وَإِن كانَ بِالإِيوان أَظهَر فَخرَه / فَحَسبُك بِالمحراب وَالبَيت مَظهَرا
إِلى خَير خَلق اللَه تَنَمى أُصولَكُم / فَكُنتُم بِهِ في الناس أَكرَم عُنصُرا
وَقَد جاءَ مِنهُ لِلنَبيين خاتم / فَلَم يَرَ قَدرَ الكَون يَبلغ خُنصُرا
وَأَنتُم بَنوه وَالَّذين بِفَضلِهم / أَتى الروح بِالذكر المُبين مخبرا
وَمَن ذا الَّذي بِالشعر يَبلغ مَدحكم / وَفي هَل أَتى ما قَد أَتى وَتَصَدرا
فَيا اِبن الَّذ قَد سادَ في الحلم أَحنَفا / وَبَذل اللها معناً وَفي اليَأس عَنتَرا
أَتاني كِتاب مِنكَ بِالعَتب أَشرَعَت / أَسِنة مِن أَملى الكِتاب وَحبرا
أَتَحسَب أَني قَد تنصلت في الَّذي / بَعَثت بِهِ كَي لا أُلام
بَرئت مِن الإِسلام إِن كُنتَ كاذِباً / عَلَيكُم بِما قالَ الطَبيب وَحذرا
فَخُذها لِجَيش الحَمد فيكُم طَليعَةٌ / تَريكَ نَظاماً قَد تَقَدَم عَسكَرا
سَأَجري عَلَيكُم بِالقَوافي سَوابِقاً / إِذا رامَ مَجراها النَسيم تَعَثَرا
وَأَنظُر مِن شَكوى الملال لِفكرتي / وَآتي الَّذي أَملى العِتاب فَأَثرا
فَلا زلت مَقصوداً وَلا زلت قاصِداً / أَراكَ تَرى فكري عَلى الحَمد أَقدَرا
إِذا وَردت بي العيس مَورد حاجر
إِذا وَردت بي العيس مَورد حاجر / رَعَت في خَضيب بَينَ تلكَ المَحاجر
وَحَلَت مِن البَيت المُحَرَم في حِمى / تَحط بِهِ الأَوزارعَن كُلِ زائر
هُنالك لا أَرضى سِوى أَرض مَعشَر / لَهُم يَعتَزي شَطري فَيَعتَز سائِري
لَهُم قَصَبات السَبق مِن قَبل يَعرُب / إِلى المَجد وَالعَلياء مِن قَبل عابر
إِذا ماجَ بي بَحر البَديهة في الدُجى / فَمَدح بَني الزَهراء مِثل الزَواهر
بِهُم يَهتَدي فكري إِلى ذكر حمدهم / عَلى أَنَّهُ فَرض عَلى كُل ذاكر
وَلي في مَعاليهم مَدائح ناظم / لَهُ مِن أَياديهم مَنائح ناثر
إِذا لَم أَكُن أَثني عَلَيهُم فَإِنَّني / كَمَن قالَ باستحلال تَرك الشَعائر
أَلَم تَنظُر الآمال ما بَينَ وارد / مَكارم عَبد اللَه شَوقاً وَصادر
مَليك تَحَدى الدَهر بِالمَدح فَاِنبَرى / يماتنه فيهِ لِسان المَنابر
مَتى خَطَرت بي الأَريحية لَم يَكُن / إِلى خاطِري يَوماً سِواه بِخاطر
سَما بي إِلى أَوج البَلاغة وَصفه / عَلى أَنَّني لا أَرتَضي باسم شاعر
فَكُدت أُباري البَدر تيهاً وَقَد بَدَت / أَهلة شعري بَينَ أَهل المَشاعر
وَهامَت بِها في كُلِ واد رَواتها / وَأَترابها مَقصورة في السَرائر
نَوابغ لا تَهدي لِغَير مَملك / لَهُ الشَرف المَعالي كَريم العَناصر
شَريف بَعيد الصيت لا الذكر خامل / وَلا الفَضل مَقصور رَهين البَوادر
لَهُ الجود طبع لا التجشم مَوجب / نَداه وَلَن تَلقى الجهام بِماطر
لَهُ الكَرَم الفَياض ساغَ لِوارد / أَرى كُل حَوض دونَهُ حَوض مادر
وَأَقصَر مِن عَمر العِدى عُمر وَعده / وَفاءً وَأَمضى مِن مَواضي البَواتر
وَيَبدَأ بِالآلاءِ وَهِيَ أَدلة / عَلى حَمدِهِ ما بَينَ بادٍ وَحاضر
وَتَستَبق الآمال فيهِ وَإِن نَأى / إِلى غاية مِن جوده المُتبادر
وَتَحذر أَسد الغيل في الغَيل بَأسه / فَخادرها في غابه مثل خاذر
يَنفذ بَينَ البيض وَالبيض حُكمه / وَيفرق ما بَينَ الطَلا وَالمَغافر
كَميٌّ إِذا اِلتَفَ الوَشيج عَلى العِدا / رَمى كُلُ هام مِن همام بِطائر
مِتّى عَقَد الرايات رَوّى حُسامه / وَإِن حَلَّ أَرضاً غَصَها بِالعَساكر
يَزف كَما زَف العِقاب لِواؤه / عَلى كُل نسر مِن كماة المَناسر
تَعَمم أَياديه أَعاديه رَحمة / وَأَحسَن ما في الوجود رَحمة قادر
أَجل بَني مَن جاءَ لِلرُسل خاتِماً / وَشاهده بِالمَجد عَقد الخَناصر
لَهُ النعم العُظمى الَّتي قَبل أَوجبَت / لَهُ الشُكر مني بَعدَ أَول فاطر
هُوَ الغَيث فَاِحذَر أَن تَدفق وَبله / وَقُم عَن مَجاري سَيلِهِ غَير صاغر
نَدى يَفضح الأَنداء وَاللَفظ لُؤلؤٌ / وَمِن عادة الدَأماءِ لَفظ الجَواهر
وَبَيني وَبَين المَجد وَالحَمد وَالعُلا / وَعَون ابن عَون مِثل لمحة ناظر
وَعَنهُ وَمِنهُ سَوفَ أَروي وَأَرتَوي / إِذا وَرَدَت بي العيس مَورد حاجر
صيرت بِالعَزم العَسير يَسيرا
صيرت بِالعَزم العَسير يَسيرا / وَكَثير مَن يَرجو سِواك يَسيرا
وَجَعلت للملك الهلال مهنداً / وَالشَمس تاجاً والسماك سَريرا
وَقَد اِتَخَذت مِن الكَواكب عَسكَراً / لَجبا وَمِن شُهب السَماء سَفيرا
وَرَفعتُ مِن نَجم الثُريا فَوقَهُم / علماً وَمِن سَعد السُعود أَميرا
وَرَميت قَحطاناً بِجُند قاده / ذو قُدرة يَستَصحب المَقدورا
فَإِذا الَّذي تَهوى عَسير كاسمها / أَهدى إِلَيها فَيلَقاً مَنصورا
يممتهم في اليُم ضاقَ بمثله / وَنَظيره في البر كانَ نَذيرا
جر الحُسين عَلَيهُم كَجِبالَهُم / جَيشاً تَصير بِهِ السُهول وَعورا
كانوا بمثل الخُلد إِلا أَنهُم / سَمِعوا شَهيقاً مِن لَظى وَزَفيرا
دلفوا إَليهِ طائِعين فَأَبصَروا / دونَ الأَريكة جَنةً وَحَريرا
وَبصدرها الأسد الغَضَنفر رابض / مَلأ الجِبال وَما أَهيج زَئيرا
مِن عَزم عَبد اللَه جَرَد صارِماً / في مَتنِهِ نَظرت عَسير سَعيرا
خَلَعَت قُلوبَهُم الصُدور فَأَيّما / وَرَدوا تَمَنوا بِالحَياة صُدورا
فَلَو إِنَّهُم نَظَروا البروق تَأَلَقَت / حَسِبوا حُسام العَبدَلي شَهيرا
وَهُم هُم القَوم الأُلى مِن بَأسِهُم / أَضحى الزَمان عَلى بَنيه حذورا
يَستَبشِرون إِذا المَنية كَشَرَت / عَن ناب ذي ظَفر يَكون ظَفورا
لَكِنَّهُم نَظَروا سَليل مُحَمد / قَد سَلَّ سَيفاً لِلحمام نَظيرا
قَد كانَ عِزرائيل قارب حيهم / لَكن إِسرافيل كانَ نَفيرا
حَسِبوا وَقَد لاقوا جُنودَك أَنَّهُم / لاقوا الحمام وَمُنكَراً وَنَكيرا
لَو لَم تَكُن براً وَبرك واكف / أَجريت أَدمية النُحور بُحورا
لكنهم مِن رَجفة نَظَروا الرَدى / بِعيونَهُم فَتَفَجَرَت تَفجيرا
كانوا مِن الأَرجاس إِلّا أَنَّهُم / وَرَدوا شَرابَ العَفو مِنهُ طَهورا
قَد أَملوا فيمَن يمنّ عَلَيهُم / وَدَعوا سَميعاً في المُلوك بَصيرا
ما أَبصَروا لَما رَأوا أَعلامه / إِلّا عَليماً بِالحُروب خَبيرا
شَرِبوا بِفَضلك إِذ مَنَنت عَلَيهُم / كَأساً وَكانَ مَزاجُها كافورا
لَم تَبقِ لَولا العَفو في أَطلالهم / إِلّا يَتيماً قَد بَكى وَأَسيرا
لَما رَدَدت عَلى الجَميع نُفوسَهُم / وَجَدوا بِما وَهَبت يَداك نُشورا
قَد عدتمُ عَنهُم وَأَمسى فَضلَكُم / فيهُم وَأَضحى سَعيَكُم مَشكورا
هَتَفَت بِذكركم المَنابر بِينَهُم / قَبلَ اللِقاء وَكَبِروا تَكبيرا
أَبني الَّذي نَطَق الكِتاب بَفضلِهِ / وَأَتى لِكُل المُؤمنين بَشيرا
إِن قُلت فيكُم ما علمت قَليله / نظماً لفظتم لُؤلُؤاً مَنثورا
أَيقال فيكُم بَيت شعر بَعدَما / جاءَ الكِتاب بِحَمدِكُم مَسطورا
أَولاكُم مَولاكُم مِن منّه ال / بيت الحَرام وَبَيتِهِ المَعمورا
قَد أَذهَب الرَجس المُهيمن عَنكُم / كَرَماً وَطَهر بَيتَكُم تَطهيرا
وَلِذالكم لَو أَستَمد مِن الحَيا / مَدحاً وَأَتَخذ الغَضا مَنشورا
ما كُنتُ إِلّا قاصِراً وَمُقَصِرا / وَلَو أَنَّني جاريت فيهِ جَريرا
خُذها إِلَيك وَإِن نَأَيت يَتيمة / كَالدُر نَظماً وَالدَراري نورا
سَهلت وَما عَسَرت لِأَنك مالك / صَيّرت بِالعَزم العَسير يَسيرا
ظَهَرَ الهِلال فَكانَ سَعدك أَزهَرا
ظَهَرَ الهِلال فَكانَ سَعدك أَزهَرا / وَجَلال مَجدك في المَعالي أَظهَرا
وَبَدا وَبَدر عُلاك في إِقباله / يَغشى الهِلال بِنور ما قَد أَظهَرا
قَد حَلَ في بدء المحرم مَنزِلاً / مِن دون طالعك الَّذي قَد أَسفَرا
ما لاحَ مِن غَرب وَيمنك مُشرق / إِلّا وَكانَ الفَرق أَسنى مَنظَرا
وَرَآك فَوقَ صُعوده وَسُعوده / قَدراً وَأَجدَر بِالسُمو وَأَقدَرا
يَتَكَلف البَدر الكَمال وَينثَني / صُفر اليَدين يُدير وَجهاً أَصفَرا
يَبدو وَقَد سَحَبَ السَحاب لِنوره / ذَيلاً تَضمخ حينَ أَسفَر عصفرا
وَعلاك تَتَخذ الثُرَيا مَوطِئاً / وَتَجل قَدراً ان تَحل عَلى الثَرى
وَلَقَد هَمَمت بِأَن أَصوغ قَلائِداً / تَروي الصحاح فَتستَقل الجَوهَرا
لِلّه سُؤددك المُحيط كَماله / بِالوَصف حَتّى نَستَمد الأَبحُرا
فاهنأ بِعام أَنتَ غُرة يمنه / بِالعز أَيمَن كَيفَ شئت وَأَيسَرا
جَعَلَ الهِلال طَليعة لِقدومه / وَالجَو رقاً وَالكَواكب أَسطَرا
وَهِيَ المَواقيت الَّتي قَد أَوضَحَت / لِلناس ما شاءَ الإِله وقَدَرا
لازلت في أَسنى المَعالي كَعبة / طافَ السُرور بِرُكنِها مُستَغفِرا
يا بَدر تَم في سَماء جَلاله / يَسمو عَلى بَدر السَماء إِذا سَرى
أَبشر فَإِن عَلا كَمالك أَرخَت / بُشراي عام العز جاءَ مُبَشِرا
بِكَ العلم في كُل المَعالم أَزهرا / وَأَشرَق أَنواراً وَأَظهَر أَزهُرا
يَعوذ بِكَ الإِسلام في كُلِ حادث / جَليل رَأى هَذا الجَلال فَكَبّرا
وَلَو جاءَكَ البَحر المُحيط مَكاثِراً / لَقُلت لَهُ لاقَيت للعلم كَوثَرا
فَأَينَ العَروسي وَهُوَ بالعلم ناطق / وَخَيرَهُما مَن كانَ يَلفظ جَوهَرا
خَضم إِذا يَممت نَحوَ رِحابِهِ / وَجَدت شَريفاً أَكرَم الخَلق عُنصِرا
تَأَلق في التبيان مِصباح نورِهِ / وَأَوضح مَعناه البَديع فَنَوّرا
مَتى رمت مِن عَلياه تَفسير آية / وَجَدت خَبيراً بِالبَيان مُفَسِرا
وَإِن جالَ في النُطق الفَصيح تَجد لَهُ / لِساناً قريشياً بَليغاً مقررا
وَإِن كُنتَ في علم العُروض مُعرِّضاً / بعلم القَوافي مِنهُ جاريت أَبحُرا
هُوَ البَحر في كُل العُلوم مَتى طَما / رَوَت مِنهُ بَل عَنهُ المَدائن وَالقُرى
تَمَهل إِذا ما جئت ناديه سائِلاً / كَما شئت وَاِحذَر سَيله إِن تَحَدّرا
لَهُم همم لا تَرتَضي النجم مَوطِئاً / وَلا البَدر كُرسياً وَلا الشَمس مَظهَرا
كَذلك أَفعال الكَريم الَّذي إِذا / تَقَدَم فيما شاءَ لِمَن يَتَأَخَرا
إِذا ما اِصطَفاه اللَه الناس مَلجأ / بِهِ أَورَد الفَضل العَميم وَأَصدَرا
فَلا زالَ ذا جاه جَليل مُؤمل / نَرى طالِباً مِن غَيرِهِ الخَير لَن يَرى
سَأشكُره شُكراً جَميلاً عَلى المَدى / يَفوق شَذاه المسك إِذ كانَ أَعطَرا
بُشرى بِشَمس نورَها لَما زَهى
بُشرى بِشَمس نورَها لَما زَهى / وَنَما بِها نور السَعادة أَسفَرا
هِيَ طَلعة النَجل السَعيد نَجابة / لَما تَبَدّت لاحَ صُبح مُزهِرا
نادَت بِبُشراه العُلا في عزّه / بوركت مِن وَلد نَراه مطهرا
وَأَتى الهَنا ليجرّ حلة عَهدِهِ / بِمحمد فدنا السُرور مُبَشِرا
لا زالَ في عزّ بِفَضل سامك / يَسمو بِهِ أَمل إِلى أَعلى الذرى
أَلزهر مُبتَسِمٌ عَن لؤلؤ المَطَر
أَلزهر مُبتَسِمٌ عَن لؤلؤ المَطَر / وَفي النَسيم شَذا مِن نَشرِهِ العطر
فيمَ التَواني وَثَغر الصُبح يَضحكَ مَن / نَجم عَلى اللَيل أَضحى ذاهب البَصَر
وَطابَت الراح وَاِرتاحَت لِنفحتها / أَرواحُنا وَتَهادَت نَسمة السحر
فَبادر الحان وَالأَلحان مُطرِبَة / فَإِن لي وَطراً في نَغمة الوَتَر
قَد صَفّق الماء وَالأَغصان راقصة / وَالريح تَسحَب أَذيالاً عَلى النَهر
وَالنَرجس الغَض في أَجفانه سَقم / عَن اللَواحظ يَروي صحة الخَبَر
وَالوَرد يَستر بِالأَكمام وَجنَته / عَن العُيون حَياء مثل ذي خَفَر
وَالوَرق تَرفع أَصوات الثَناء عَلى / رَوض السَماح اِبن عَون يانع الثَمَر
يَريك تَلحينها بِالمَدح كَيف غَدا / حسّان في يَعرُب يَثني عَلى مَضر
حَتّى تَلعمت سَجعاً حينَ أَنشره / يَطوي مَناقب طَيٍّ طَي مَقتَدر
وَإِن نظمت عُقوداً في مَدائحه / سارَت إِليَّ القَوافي سَير مُعتَذر
وَهَكَذا شيم الشَهم الَّذي اِبتَسَمَت / مَباسم الحَمد عَن أَوصافِهِ الغرر
يَريك نَثر الدَراري سحر منطقه / بَراعة وَيَريك النَظم في الدرر
بِكُل لَفظ رَقيق لَو يُجرّده / كَالسَيف جالَ عَلَيهِ جَوهر الفكر
في كَفِّهِ قَلم فَوقَ الطُروس جَرى / هَذا السماك وَهَذي صَفحة القَمَر
ذي غُرة تَمنح البَدر المُنير سَنا / وَراحة لا تُراعي حُرمة البَدر
مَناقب تارِكات الشَمس حائرة / وَمُشخصات عُيون الأَنجُم الزُهر
يا شامل الجَمع مِن جود وَمِن كَرَم / وَجامع الشَمل بَين النَصر وَالظَفر
أَضحَت لِصارمك الأَبطال صاغرة / وَاذعنت لَكَ أَهل البَدو وَالحَضَر
كَأَنَّهُ صولجان وَهُوَ مُنصَلت / مِن غَمدِهِ وَرُؤس القَوم كَالأَكر
قَومت سُمر القَنا وَالعَين هاجِعَة / فَايقَظَت بِظباها راقد السمر
حَتّى إِذا وَردت مِن صَدرِهِ وَرَوت / لَم تشك حَرّ الصَدى في الوَرد وَالصَدر
ظَلَت عَلى ريشها الأَعداء طائرة / إِن الطُيور بِغَير الريش لَم تَطر
فَرّقت شَمل العِدا وَالمال مَقتَدرِاً / حَتّى جَمَعَت بِهِ فَضلاً عَلى البَشَر
جادَت يَداك فَجارَت بِالنَوال عَلى ال / أَموال لَكِن عَلى الأَيتام لَم تَجر
إِنَّ المُلوك حسام أَنتَ جَوهَره / وَالسَيف مِن غَيرِ ماء غَير مُشتَهر
وَهَذِهِ دَولة كَالجسم صُرتَ لَها / روحاً وَكالعَين فيها صُرت كَالحور
فَإِن زَهَت كَسَماء كُنت كَوكَبها / وَإِن ذكت كَرِياض كُنت كَالمَطر
كَم بَينَ مِن مدحهم جاءَت بِهِ سور / تُتلى وَمِن مَدحِهُم يُروى مَع السير
لَو بَعض نورَكُم لِلشَمس ما اِحتَجَبَت / أَو لِلبُدور بَدَت في أَكمَل الصور
أَو بَعض جودَكُم مِن نور جدّكم / لَكانَ فَجر المَعالي غَير مُنفَجر
لَولا اِشتهار مَواضيكم بملَّته / لَكانَ طيّ المَواضي غَير مُنتَشر
لَولا أَسنتكم قامَت بسنته / لَكانَ طَعن القَنا كالوَخز بِالإِبر
يَفنى الزَمان وَلا تَفنى مآثركم / فَلا محا اللَه مِنكُم طيّب الأَثَر
إِن جزتم بِمَحلّ المَحل صارَ بِكُم / خَصب المَراعي وَيَجري الماء في الحَجَر
يَممتمُ أَرض نَجد فَاِكتَسَت بِكُم / مِنها الرِياض بِثَوب أَخضَر نَضر
وَطَئتُم في جَمادى قَفرها فَغَدَت / بِكُم رَبيعاً لِمَن أَضحى عَلى سَفَر
حَرثتم بِحَوامي الخَيل مهمهها / فَاِزرَع رِماحَك تَحصد يانع الجزر
وَاكسُ الربى حللاً حَمراء قانية / بَعدَ اِخضِرار وَلا تبقي وَلا تذر
وَخَض بِحار الوَغى بِالصافِنات فَقَد / تَغني الخُيول عَن الأَلواح وَالدَثر
هُم أَهل نَجد الأُلى اِعتَزَت أَوائِلَهُم / بِالدَهر حَتّى دَهاهم حادث الغَير
قوم عموا فَبَغوا جَهلاً وَما عَلِموا / إِن الحسام إِليهُم شاخص النَظَر
عارين عَن حلل التَقوى قَد اِندَرَجَت / شيوخَهُم في ثِياب العار مِن صغر
فَامحق بِماضيك ما تَحوي قَبائِلَهُم / يَحيى بِفضلك فينا خالد الشعر
يا كَعبة المَجد يا ذا الحَمد يا حَرم ال / لاجي إِليهِ وَأمن الخائف الحَذر
خُذها لآلئ مَدح في عُلاك غَدَت / تَسمو عِلى الدرّ في نظم وَمُنتَثر
مِن كُلِ بَيت بِهِ خود لَكُم رَفعت / طَرفاً كَحيلاً وَلَكن غَير مُنكَسر
تَحكي الرِياض بَهاءً حينَ تبصرها / وَالزَهر مُبتَسم عَن لؤلؤ المَطَر
وَليَ اِبن عَون المُلك يا بَيتَ ابشر
وَليَ اِبن عَون المُلك يا بَيتَ ابشر / وَاهتُف بِأَمن الطائِفين وَبَشر
فَلَقَد حَمى المَولى حِماك بضيغم / ضار بِأَطراف الرِماح مُظفر
يَأتي وَآية ملكه إِقباله / بِالجَيش تَحمله مُتون الضمرّ
وَتَرى لِواء العَدل يَخفق فَوقَهُ / شَوقاً لِمَركزه تِجاه المنبر
وَإِذا تَجَرَد سَيفَهُ بِالمُنحَنى / تَسري أَشعة وَمضهِ في شمر
في فتية كادَ الحَمام عَلى الوَرى / يَوماً بِغَير سيوفَهُم لَم يَجتَر
مُتعودي بِذُل النُفوس صِيانة / لِلعَرض مُستَبقى طلاب المَفخَر
ما هَمَهُم إِلّا إِجابة صارخ / فَوقَ السَوابق تَحتَ ظل العَثير
أَخلاقَهُم جبُلت عَلى حُب التُقى / وَإِعانة العاني وَيسر المعسر
تَخذوا الوَفاء بِما أَذموا خلة / وَكَذا الكِرام بَعهدها لَم تغدر
تَسري إِرادته السَنية فيهُم / مَسرى عَدالته وَحد الأَبتَر
ملك يَجلُّ إِذا بَدا في هاشم / عَن أن يُقاس بتبّع في حَمير
كَالشَمس ما بَينَ الكَواكب أَشرَقَت / في الأُفق مِن تَحت العَجاج الأَكدَر
يَلقى الرِجال فَلَم يَقل يَوماً لَها / عَجَباً وَيَعجَب مِنهُ كُل غَضَنفر
طَبعت عَلى غَوث العِباد سيوفه / وَبِذا تَعوّد كُل رُمح سَمهري
تَأبى الجُفون بِأَن تَضم شفارها / ما لَم تَحلّ بِهامة أَو مغفر
يا مَن يَفرّج كُل وَقت كُربة / عَن جيرة البَيت الحَرام الأَطهَر
تاللَهِ ما جَهِلوا عُلاك فعوقبوا / بِسواك لَكن حكمة لَم تَظهَر
سر غَير مَأمور وَدارك فتنة / تَأبى السُكون بِغَير جحجاح سَرى
بشعاب مَكة قَد تَشعب أَمرها / حَتّى نَسينا أَمر آل الأَصفَر
فَاطلق أَعنتها وَشَتت معشَرا / جارَت عَلى جيران ذاكَ المَشعر
قَد عوّد اللَه الحَطيم بِعَودكم / أَمناً وَما أَجراه لَم يَتَغَير
أَقم الشَعائر بِالمَشاعر وَاستَبق / حُسن المَعاد إِلى الجِهاد الأَكبَر
وَاِبن المَكارم بِالصَوارم فَوق ما / كانَت مُشَيَدة بِأَشرَف مَظهَر
علمت ألسنة الأسنة في الوَغى / تَكليم أَطراف الكَمي القسور
أَنظر شفار البيض كَيفَ تَشَوَقَت / لِلوَرد مِن علق النَجيع الأَحمَر
وَعيون أَودية الحِجازِ شَواخص / لِيَروق ناظِرُها بَهيّ المَنظَر
وَالساكِنو تلكَ الدِيار تَعَطَشَت / ليد نَداها كَالسَحاب المُمطر
وَتَشوّقت أَقطارها لمُمَلَّك / كانَت بِهِ في نعمة لَم تَكفر
نَثر النَوال عَلى الثَناء فَجاءَهُ / كَالدُر في أَسلاكِهِ لَم يَنثر
وَتَناسَقَت أَوصافه فَتَلألَأت / كَالثَغر يبسم عَن نَقيّ الجَوهَر
رقت كَأَخلاق لَهُ فَكَأنَّما / أَلفاظُها مِن سحر لَحظي جؤذر
فَبَعَثت مِن فكري لَهُ بِقَصيدة / كَاللؤلؤ المَنظوم فَوقَ المَنحر
لَما اِشترى حسن الثَناء جلوتها / وَعُقودها تَزهو كَنَجم المُشتَري
خَلبت لَباقتها القُلوب لَطافة / مُذ وَشحت بحلى كريم العنصر
فلتهنإِ العَلياء بِالملك الَّذي / بِسواه أَرباب العُلى لَم تَفخَر
وَلتَسعَد الدُنيا بِهِ فَلَقَد بَدا / سَعد الهمام بِطالع مُستَظهر
وَقَد اِنجَلى نَجم السُرور وَأَشرَقَت / شَمس التَهانيءِ بَعدَ طول تَستر
وَالعز بِالإِقبال يَجلو غُرّة / يَزهو بِها وَجه الهَناء المُسفر
قرَت بِهِ أُم القُرى وَصفا الصَفا / وَتَهلَلَت أَهل المَقام الأَنور
وَبَشير مقدمه أَشار مُؤرِخاً / وَليَ ابن عَون الملك يا بيت ابشر
بُشرى بِنَصر بِالفُتوح ميسّر
بُشرى بِنَصر بِالفُتوح ميسّر / وَدَوام عز حَيث سرت مَسير
نَشرت لَكَ الأَعلام مِن فَوق العُلى / فَطَويت ذِكرى كُل باغ مفتر
وَجه البَسيطة ضاقَ عَن جَيشٍ بِهِ / رُمتَ العِدى فركبت هَول الأَبحر
سرتم وَمَوج البَحر يَلطم وَجهه / أَسَفاً عَلى الأَعداءِ كَالمُتَحَسَّر
وَالسُحب تُرسل أَدمُعاً مِن حُزنِها / وَالرَعد يَندُب في قَبائل حمير
وَالجَوّ مسودّ الجَوانب عابس / وَالبَرق يَضحَك مِنهُ كَالمُستَبشر
وَالجاريات تَأَزرت بقلوعها / وَالريح قَد لَعِبَت بِفَضل المئزر
رقصت عَلى نَقر النَسيم بدفها / وَتمايلَت بالتيه كَالمُستَكبر
طارَت بِنا نَحو الحَديدة سرعة / مِثل السَوابق في العَجاج الأَكدَر
حملت لَها جَيشاً مُذ اِنتَبَذَت بِهِ / غَربيها وَضعت أَسود العَسكَر
من كُلِ مَولوج لَدَيها لَم يَزَل / في النَقع يَلعب بِالحسام الأَبتَر
وَلَدوا عَلى مَهد العُلى وَقد اِغتَدوا / بَدَم العِدى وَتَكَحلوا بِالعَثير
رَفَعوا الخِيام عَلى النُجوم وَأَوقَدوا / في الأَرض ناراً بِالقَنا المُتَكَسَر
وَلَقَد أَقاموا بِالأَسنة سَوقها / في يَوم حَرب بِالسُيوف مسعّر
فَقَضَت بِبيع المُعتَدين سُيوفَهُم / لِلنسر لما غابَ عَنها المُشتَري
وَتَواثَبوا نَحوَ الحُصون فَزَلزَلَت / وَالقَوم بَينَ مُجَندل وَمعفر
حَتّى إِذا اِقتَلَعوا القِلاع وَأَسبَلوا / ذَيل العَفاف رَأَيت كُل مشمر
أَسد إِذا نَزَعوا الدُروع لِرَغبة / في حَتفهم لَبِسوا دُروع تَصبّر
قَوم عَصوا إِلّا لِأَمر أَميرَهُم / ملك بَفعل خَطيئة لَم يَأمر
فَضحت مَناقِبُه المُلوك وَأَظهَرَت / تَقصير كِسرى عَن عُلاه وَقَيصر
فَتح المَمالك لا لِكَثرة رَغبة / فيها وَلَكن رَغبة في المَفخر
وَلَقَد نَحاها وَالبُنود خَوافق / وَالرُعب في قَلب الحُسين وَحَيدَر
طَلَبوا السَلامة مِن سطاه وَسالَموا / ملكاً عَلَيهِ عَسيرَهُم لَم يَعسر
وَقَد اِستَقالوا عَثرة الحَسَن الَّذي / زَلَت بِهِ قَدَم الضَرير المُبصر
وَتَزاحَموا حَولَ البِساط لِيَنظُروا / حَرَم الوفود وَكَعبَةَ المُستَغفر
حَتّى إِذا ثَبَتت بِهَم أَقدامَهُم / نَكَسوا الرُؤوس لذي المَقام الأَكبَر
نَظَروا إِلى ملك لَديهِ كُلُ ذي / ملك كَبير كَالأَقَل الأَصغَر
وَلَو أَن مَن قادَ الجُيوش إِلَيهُم / غَير ابن عون عاد غَير مظفر
إِن كُنتُ تَجهَل فعله فَاسأل بِهِ / مِن شئتهُ مِن أَبيض أَو أَسمَر
وَسَل الحِجاز وَأَرض نَجد وَالمُخا / عَمّن دَحاها بِالخُيول الضمّر
ذلّت لَهُ أُسد الوَغى مِن حَمير / مُذ أَيقَنَت مِنهُ بِمَوت أَحمَر
حَتّى إِذا ما أَذّنوا بِقدومه / هَبط الإِمام وَكانَ فوقَ المنبر
وَتَسابَقوا طَوعاً لَهُ في مَشهَد / وَالكُل بينَ مُهلل وَمكبر
سَجَدوا وَقَد نَظَروه شُكراً لِلّذي / خَلَقَ العِباد وَخابَ من لَم يَشكر
دَهشوا لَدَيهِ وَفل صارم ملكهم / سَيف الخِلافة دَهشة المُتَحير
فَكَأَنَّهُم لَما غَدوا في حيرة / أَهل العِراق أَتاهُم ابن المُنذر
كادَ ابن يحيى أَن يَموت لرعبه / لَولا تَبسمه وَحُسن المَنظَر
أَمّ الحَديدة آملاً لَما رَأى / غَوث اللَهيف بِها وَكَهف المعسر
جاءَ الحِمى فَرَوى بِفَضل وَاِنثَنى / يَروي الحَديث عَن الرَبيع وَجَعفَر
رَويت بِجَدوى آل مُحسن أَرضَهُم / حَتّى اِكتَسَت زَهواً بِثَوبٍ أَخضَر
لِلّه قَوم لَم يَزَل مِن دَأبِهُم / خَوض البِحار وَكُل برّ مقفر
حَرثت رُبى نَجد حَوافر خَيلَهم / قَدماً وَكَم زَرَعوا بِها مِن سَمهري
وَسَقوا الرِياض بجودهم فَتَزاهرت / وَغَدَت بِغَير مَديحهم لَم تثمر
آلت رِماحهم وَقَد خاضوا الوَغى / إِن لَم تَرد صَدر العِدى لَم تَصدر
وَسُيوفَهُم رَأَت القراب محرماً / إِلّا الرِقاب وَرَأس كُلُ غَضَنفَر
فسلوا المَمالك عَن نَداهُم وَاَخبَروا / في أَي قطر جودَهُم لَم يَقطر
ما رَوضة ماسَت حَدائق زَهرها / طَرَباً وَتَيهاً بِالرَبيع المُزهر
غَنى الحَمام عَلى قُدود غُصونِها / سحراً فَأَغنى عَن سَماع المزهر
يَوماً بِأَحسَن مِن مَديح صغتهُ / فيهُم بنظم قَلائد لَم تنثر
فَإِذا شَدَت وَرق الحمى ناديتها / يا ورق في ورق الغُصون تَستري
وَإِذا رَأَيت الجَوّ مِني قَد خَلا / وَهَممت بِالترحال بيضي وَأَصفَري
أني لِقاموس العُروض وَنظمه / أَروي الفَرائد عَن صحاح الجَوهَر
لا تعدلوا في الشعر كل معمم / كَالثَور ذي القرنين بِالاسكندر
ما كُل مَن يُملي القَصيدة ناظم / قَد يَنتَمي للشعر مَن لَم يَشعر
لَو كانَ فيهُم شاعر لوقَفَت في / ديوانِهِ أَدَباً وَلَم أَتَكَبَر
لَكنهم جَهِلوا بِهِ ثَمَ اِدَعوا / ما قَصَرَت عَنهُ شُيوخ زمخشر
حَجوا وَلَكن بَيت كُل قَصيدة / وَسَعوا وَلَكن في اِستراق مُنكر
وَحبوتموهم لا لِشائب غَفلة / لَكن لحلمكم وَطيب العُنصر
يا آل مُحسن لَم يَزل اِحسانَكُم / يَدع الدَنيء عَلى حِماكم يَجتري
وَلَقَد جَلَوت عَلَيكُم مَنظومة / في فكر غَيري مثلها لَم يَخطر
بكراً عروباً بِالبَديع تَقَلَدَت / لَما بَدَت وَتَخَتمَت بِالبُحتري
بِزَهو لَيالي الصَفو جاءَ بَشير
بِزَهو لَيالي الصَفو جاءَ بَشير / وَأَيدي التَهاني بِالسُرور تُشير
مَواكب عزٍّ أَشرَقَت حينَ أَشرَقَت / كَواكب سَعد قَد بَدَت وَبدور
وَقَد نَشَرَت لِلنَصر فَوقَ رُؤوسِنا / مَع السُؤدد الأَعلام أَينَ نَسير
وَطارَت بِنا تلك المطي كَأَنَّها / وَقَد أَسرَعَت يَوم الرَحيل طُيور
قسيّ صَناديد الوَغى بمتونها / سِهام وَأَقطار الفَلاة نَحور
مَدَدنا عَلى أَعناقِها السوط فَاِعتَدَت / وَكادَت عَلى هام السماك تَسير
وَرَدنا بِها ماء العَروس فعرّجت / إِلى مَورد العَرجاء وَهِيَ تَغير
وَكَحلت الأَجفان بالميل مُذ هَوَت / كَما قَد هَوَت نَحوَ الحَمام صُقور
قَطَعنا المَروري فَدفداً بَعد فَدفَدٍ / إِلى ان وَصَلنا وَاِستَمَر مَرير
فيمَّمت المَرعى فَقُلنا لَها اِرجَعي / فَربع المَعالي مخصب وَنَضير
وَدونَك مَرعى الجود راعي رُبوعه / فَثم غَدير المكرمات غَزيز
فَحَنت لَما قُلنا وَأَلقَت رِحالها / وَذلل مِنها الصَعب وَهُوَ عَسير
ضَرَبنا خِيام المَجد شَرق عَنيزة / وَكُلٌّ لَهُ فَوقَ النُجوم سَرير
لَثمنا بِها كف ابن عَون محمد / فَفاضَت عَلَينا بِالنَوال بُحور
كميّ كَريم أَريحي غَضَنفر / يَكاد عَلى جور الزَمان يُجير
لَهُ همم في المَجد تَسمو كَأَنَّها / قَد اِرتَفَعَت فَوقَ النُسور نُسور
يُنادي مُنادي المَوت عِندَ مَجاله / وَخَيل المَنايا بِالعِداة تَدور
بِأَي النَواحي تَنزلون وَقَد غَدا / عَلَيكُم نَواح الصارِخات يَثير
وَأَسمَر مَثل الغُصن بِالمَوت مُثمر / عَلَيهِ قُلوب المُعتَدين تَطير
وَسَيف بِكَأس الحَتف طافَ عَلَيكُم / فَذوقوا فَما لِلظالمين نَصير
وَأَني لنجد نَجدة وَسيوفنا / لَها المَوت حَدّ وَالرِقاب جَفير
إِذا لَمَعَت كَالنجم في غَسق الوَغى / يَلوح لَها فَوق المَجَرة نور
وَأَرماحنا مِن صَدر كَل غَضَنفَر / لَها أَين كُنا مَورد وَصَدور
فَيا ملك الدُنيا وَمن حُسن ذكره / كَصارمه بَين الأَنام شَهير
أَطاعَكَ خَوفاً فَيصَل مِن سميه / وَذلّ وَما كُل السُيوف ذُكور
وَأَبصر في كَف ابن عَون مُهنداً / يَرويه قرم بِالضراب خَبير
فَظَل يَذود النَوم عَنهُ لرعبه / وَمِن حَولِهِ لِلثاكلات زَفير
وَأَطفَأ نيران الحُروب بِدَمعه / وَما أَطفَئت بِالدَمع قَبل سَعير
رَآها وَما شَبَت فَشابَت قُرونه / وَما اتقدمت فَانقاد وَهُوَ صَغير
وَيا طالَما أَفنى الجموع بِسَيفه / وَمِن حَولِهِ لِلأعوجية سور
كَتائب أَبطال يَبدد شَملها / هَزبر عَلى هَول الحُروب جُسور
وَما كُل مَن وافاه مثل مُحمد / خَبير بِتَدبير الجُيوش بَصير
رَأى ملكاً في الحكم كَالرُمح عادِلاً / وَفي الحَرب كَالسَيف الصَقيل يَجور
مَنون بِهِ طَرف العَدو مُسهد / أَمانٌ بِهِ طَرف الصَديق قَرير
رَأتهُ الأَعادي كَالقُبول إِذا سَرى / فَوَلّت عَلى الأَعقاب وَهِي دبور
لِهَذا قَد اِندَقَت مَفاصل فَيصَل / وَكادَت عَلَيهِ الدائِرات تَدور
وَلَكنهُ لِلحادِثات مُجَربٌ / وَيَعلم عُقبى ما إِلَيهِ يَصير
تُلافي أُمور الملك قَبل تلافه / وَمِن غَير رأي لا تَتم أُمور
وَلما رَأى عَبد العَزيز بَريدة / أَتاها نَذير مِنهُ جاءَ يَزور
وَوافى يَقود القود وَالخَيل مُسرِعاً / عَلى الرأَس يَمشي وَالفُؤاد يَطير
يُبَشِرُنا عَقد اللِواء بِنَصرة / بِها ابن لُؤيّ لِلعَدو نَذير
سَمونا عَلى هام السماك تَرفعاً / فَلَيسَ لَنا في ذا الزَمان نَظير
بِبيض رِقاب القَوم أَضحَت قرابها / وَسمر لَها صَدر الخَميس سَمير
وَكَم مِن أَغَرٍّ بِالسِنان محجل / بِأَدمية لا يَعتريه فتور
إِذا ما عَدا صُبحاً وَغارَ عَلى العِدى / تَرى موريات القَدح كَيف تَغير
تَرَكنا مَطيراً في الفَدافد شردا / فَمنهم قَتيل في الوَغى وَأَسير
طَويناهُم طَيّ السجل بِأَرضهم / فَلَيسَ سِوى يَوم النُشور نُشور
نَهَبنا نُفوس القَوم وَهِيَ عَسيرة / وَعَفنا نَفيس المال وَهُوَ يَسير
رَميناهُم بِالشُهب وَالصُبح واضح / فَأظلم مِن لَيل العَجاجة نير
كَأَنَّهُم فَوقَ السَوابق خَرّد / لَهُنَّ مُتون الصافِنات خُدور
فَما فيهم قُرم يُمانع عَنهُم / وَقَد هُزموا أَو بِالثَبات يَشير
وَلِلبيض في الأَعناق عِندَ اِعتِناقَهم / صَليل وَللسمر الدقاق صَرير
فَكانَ دَمار القَوم بَعدَ حَياتَهُم / دَليلاً عَلى أَن الحَياةَ غُرور
وَلَم يَبقَ مِنهُم مَن يُواري مجندلاً / فَلَيسَ سِوى جَوف الطيور قُبور
وَكَم عُرباً مِن شدة الرعب غادَرَت / لهيبتنا الغدران حينَ نثور
يَرون إِذا ناموا كَأَنّا نَدوسَهُم / وَلِلخَيل في تلك الرُؤوس عَثير
يَروعَهُم سَيف ابن عَون بِن مُحسن / فَتى مِنهُ تَصريف الزَمان حذور
كَذا يَطرد الأَعداء مَن يَطلب العُلى / وَيَرقى مَراقي المَجد وَهُوَ جَدير
فَيا مَن سَما فَوق السَماكين قَدره / فَلا سُؤدد إِلّا إَلَيهِ يَصير
وَيا فالق الهامات مِن دون جُنده / وَللأَسد مِن تَحت العَجاج زَئير
قَطَعت إَلَيكَ البيد في طَلب العُلى / وَذاكَ بِفَضل مِن نداك يَصير
وَلَيسَت يَدي عَما أَروم قَصيرة / وَلَكِنَّما باعَ الزَمان قَصير
لَعَلّي بِفَضل منك أَبلَغ خطة / يَقصر عَنها أَول وَأَخير
أَهوّن بِذُل النَفس مِن دون عزّها / وَكَيف يَهون الأَمر وَهُوَ عَسير
سَتصحب مني يا ابن عَون غَضَنفَراً / وَإِن كُلّ مِنهُ الظَفر فَهُوَ ظَفور
وَإِن ضَعفت أَعضاؤه إِنّ قلبه / قويّ عَلى ما يَعتريه صَبور
وَسَوف تَرى مني اللَيالي عَجائِباً / وَتَحَدَث مِن بَعد الأُمور أُمور
لحى اللَه دَهراً ساوَرَتني صُروفه / ليعظم في عَينيّ وَهُوَ حَقير
رَأى صَغري فَاِستَصغَر الدَهر همتي / وَلي همم لَو صادمته يَمور
فَلا تَعذلوه إِنّ مِنهُ تَعجبي / قَليل وَلَكن مِن بَنيه كَثير
إِذا ما اِستَقام المَرء فيهُم تَعَوَجوا / كَأَن سُرور المخلفين شُرور
قَد اِتَفَقوا لَكن عَلى الخَلف بَينَهُم / وَكُل امرئٍ يَهوى الخِلاف غَدور
عَسى وَلَعَل اللَه يَرغم أَنفَهُم / بِسَيف اِبن عَون وَالإِله قَدير
وَدونَك يا نَسل الكِرام قَصيدة / لَها البَدر طرس وَالنُجوم سُطور
بَلاغة قَول ما لَها مِن مُطاول / يَقصّر عَنها عَنتر وَجَرير
بِحَمدك قَد سادَت وَما كُل شاعر / لَهُ بِاِمتِداح الأَكرَمين شُعور
أَتاكَ بِها كَالشَمس في الحُسن وَالبَها / مُحبٌّ لَما أَسدَت يَداك شُكور
إِذا ما اِستَهَلَّت في بَراعة مَدحَكُم / تفاوح مِن مسك الخِتام عَبير
طف بِالسَلاف عَلى رَنين المُزهر
طف بِالسَلاف عَلى رَنين المُزهر / ما بَينَ أَزهار الرَبيع المُزهرِ
وَاِخطر بِها كَالغُصن يَحمل زَهرة / كَالتاج يُشرق فَوق هامة قَيصَر
وَاِنظُر إِلى الأَكمام كَيفَ تُشير لي / وَكَأَنَّها قَد ضَمَخَت في مسكر
في رَوضة كَالزَهر يُشرق زَهرُها / نوراً وَوَجهك مُسفر عَن نيّر
فَإِذا تَباهى الوَرد فيها جئته / مِن وَرد خَدك بِالشَقيق الأَحمَر
وَإِذا إِزدَهى ريحانها بِنَباتِهِ / جاءتهُ رَوضة عارضيك بِأَنضر
وَإِذا رأَتك الأُقحوانة أَبسَمَت / وَاِفتَر ثَغرَك عَن نَظيم الجَوهَر
وَعُيون نرجسها عَلَيك تَغامَزَت / فَأَريتها لَحظات عَين الجُؤذر
نَثَرت يَد المَنثور فيها لُؤلُؤاً / مِن دُرّ أَنديَة الصَباح المُسفر
وَتَرى الغُصون إِذا اِنثنينَ عَلى الرُبى / كَالعَين مسنَ عَلى بِساط أَخضَر
وَتَرى الخَميلة كَالخَريدة قلدت / بِالياسمين وَوَشحَت بِالعصفر
تَتيه عَلَينا مُذ رزقت مَلاحة
تَتيه عَلَينا مُذ رزقت مَلاحة / وَتسبل طرفاً مِنكَ لمحتهُ سحر
وَتَمشي تَجُرّ الذَيل تيهاً إِلى مَتى / رُوَيدَك يَكفي بَعض تَيهك يا بَدر
فَيا طالَما كُنا ملاحاً وَطالَما / هَجَرنا وَكُنا لا يُطاق لَنا هَجر
تَشببت العُشاق فينا وَعَنهُم / صَدَدنا وَتهنا ثُم غَيرنا الدَهر
أَيا بَدر تَم صار قَلبي مَنزِلاً
أَيا بَدر تَم صار قَلبي مَنزِلاً / إَلَيهِ وَطَرفي في الدَياجي سَميره
أَجب دَعوة المُشتاق مِنكَ بزورة / لِتحيي قَتيل الهَجر حينَ تَزوره
وَخود تَجَلَت لَنا لَيلة
وَخود تَجَلَت لَنا لَيلة / بِوَجه كَصُبح وَطَرف سحر
فَأَمسيت مَغرى بِها مُغرِماً / حَليف السُهاد أَليف السهر
فَمن سقم جسمي وَمِن وَجهِها / أَريها السُهى وَتَريني القَمر

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025