المجموع : 54
رَمَتْ بِخُيُوطِ النُّورِ كَهْرَبَةُ الْفَجْرِ
رَمَتْ بِخُيُوطِ النُّورِ كَهْرَبَةُ الْفَجْرِ / ونَمَّتْ بِأَسْرَارِ النَّدَى شَفَةُ الزَّهْرِ
وَسَارَتْ بِأَنْفَاسِ الخَمَائِلِ نَسْمَةٌ / بَلِيْلَةُ مَهْوَى الذَّيْلِ عَاطِرَةُ النَّشْرِ
فَقُمْ نَغْتَنِمْ صَفْوَ الْبُكُورِ فَإِنَّهَا / غَدَاةُ رَبِيعٍ زَهْرُهَا بَاسِمُ الثَّغْرِ
تَرَى بَيْنَ سَطْحِ الأَرْضِ وَالْجَوِّ نِسْبَةً / تُشَاكِلُ مَا بَيْنَ السَّحَائِبِ وَالْغُدْرِ
فَفِي الْجَوِّ هَتَّانٌ يَسِيلُ وَفِي الثَّرَى / سُيُولٌ تَرَامَى بَيْنَ أَوْدِيَةٍ غُزْرِ
غَمَامَانِ فَيَّاضَانِ هَذَا بِأُفْقِهِ / يَسيرُ وَهَذا فِي طِبَاقِ الثَّرَى يَسْري
وَقَدْ مَاجَتِ الأَغْصَانُ بَيْنَ يَدِ الصَّبا / كَمَا رَفْرَفَتْ طَيْرٌ بِأَجْنِحَةٍ خُضْرِ
كَأَنَّ النَّدَى فَوْقَ الشَّقيقِ مَدَامِعٌ / تَجُولُ بِخَدٍّ أَوْ جُمَانٌ عَلَى تِبْرِ
إِذَا غَازَلَتْهَا لَمْعَةٌ ذَهَبِيَّةٌ / مِنَ الشَّمْسِ رَفَّتْ كالشَّرَارِ عَلَى الْجَمْرِ
فَفِي كُلِّ مَرْعَى لَحْظَةٍ وَشْيُ دِيمَةٍ / وَفِي كُلِّ مَرْمَى خَطْوَةٍ أَجْرَعٌ مُثْرِي
مُرُوجٌ جَلاهَا الزَّهْرُ حَتَّى كَأَنَّها / سَمَاءٌ تَرُوقُ الْعَيْنَ بِالأَنْجُمِ الزُّهْرِ
كَأَنَّ صِحَافَ النُّورِ والطَّلُّ جَامِدٌ / مَبَاسِمُ أَصْدَافٍ تَبَسَّمْنَ عَنْ دُرِّ
وَقَدْ شَاقَنِي وَالصُّبْحُ فِي خِدْرِ أُمِّهِ / حَنِينُ حَمَامَاتٍ تَجَاوَبْنَ فِي وَكْرِ
هَتَفْنَ فَأَطْرَبْنَ القُلُوبَ كَأَنَّمَا / تَعَلَّمْنَ أَلْحَانَ الصَّبَابَةِ مِنْ شِعْرِي
وَقَامَ عَلَى الْجُدْرَانِ أَعْرَفُ لَمْ يَزَلْ / يُبَدِّدُ أَحْلامَ النِّيَامِ وَلا يَدْرِي
تَخَايَلَ فِي مَوْشِيَّةٍ عَبْقَرِيَّةٍ / مُهَدَّلَةِ الأَرْدَانِ سَابِغَةِ الأَزْرِ
لَهُ كِبْرَةٌ تَبْدُو عَلَيْهِ كَأَنَّهُ / مَلِيكٌ عَلَيْهِ التَّاجُ يَنْظُرُ عَنْ شَزْرِ
فَسَارِعْ إِلى دَاعِي الصَّبُوحِ مَعَ النَّدَى / لِتَجْنِي بِأَيْدِي اللَّهْوِ بَاكُورَةَ الْعُمْرِ
فَقَدْ نَسَمَتْ رِيحُ الشَّمالِ فَنَبَّهَتْ / عُيُونَ الْقَمَارِي وَهْيَ فِي سِنَةِ الْفَجْرِ
وَنَادَى الْمُنَادِي لِلصَّلاةِ بِسُحْرَةٍ / فَأحْيَا الْوَرَى مِنْ بَعْدِ طَيٍّ إِلَى نَشْرِ
فَبَادِرْ لِمِيقَاتِ الصَّلاةِ وَمِلْ بِنَا / إِلى الْقَصْفِ مَا بَيْنَ الْجَزِيرَةِ والنَّهْرِ
إِذَا مَا قَضَيْنَا وَاجِبَ الدِّينِ حَقَّهُ / فَلَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْخَلاعَةِ مِنْ وِزْرِ
أَلا رُبَّ يَوْمٍ كَانَ تَارِيخَ صَبْوَةٍ / مَضَى غَيْرَ إِثْرٍ فِي الْمَخِيلَةِ أَوْ ذِكْرِ
عَصَيْتُ بِهِ سُلْطَانَ حِلْمِي وَقَادَني / إِلى اللَّهْوِ شَيْطَانُ الْخَلاعَةِ وَالسُّكْرِ
لَدَى رَوْضَةٍ رَيَّا الْغُصُونِ تَرَنَّحَتْ / مَعَاطِفُهَا رَقْصاً عَلَى نَغْمَةِ الْقُمْرِي
تَدُورُ عَلَيْنَا بِالْمُدَامَةِ بَيْنَها / تَمَاثِيلُ إِلَّا أَنَّها بَيْنَنَا تَجْرِي
تَرَى كُلَّ مَيْلاءِ الْخِمَارِ مِنَ الصِّبَا / هَضِيمَةِ مَجْرَى الْبَنْدِ نَاهِدَةِ الصَّدْرِ
إِذَا انْفَتَلَتْ فِي حَاجَةٍ خِلْتَ جُؤْذُرَاً / أَحَسَّ بِصَيَّادٍ فَأَتْلَعَ مِنْ ذُعْرِ
لَوَى قَدَّهَا سُكْرُ الْخَلاعَةِ وَالصِّبَا / فَمَالَتْ بِشَطْرٍ واسْتَقَامَتْ عَلَى شَطْرِ
وَعَلَّمَهَا وَحْيُ الدَّلالِ كَهَانَةً / فَإِنْ نَطَقَتْ جَاءَتْ بِشَيءٍ مِنَ السِّحْرِ
أَحَسَّتْ بِمَا فِي نَفْسِهَا مِنْ مَلاحَةٍ / فَتَاهَتْ عَلَيْنَا وَالْمَلاحَةُ قَدْ تُغْرِي
وَأَعْجَبَهَا وَجْدِي بِهَا فَتَكَبَّرَتْ / عَلَيَّ دَلالاً وَهْيَ تَصْدُرُ عَنْ أَمْرِي
فَتَاةٌ يَجُولُ السِّحْرُ فِي لَحَظَاتِهَا / مَجَالَ الْمَنَايَا فِي الْمُهَنَّدَةِ الْبُتْرِ
إِذَا نَظَرَتْ أَوْ أَقْبَلَتْ أَوْ تَهَلَّلَتْ / فَوَيْلُ مَهَاةِ الرَّمْلِ والْغُصْنِ وَالْبَدْرِ
فَمَا زِلْنَ يُغْرِينَ الطلا بِعُقُولِنَا / إِلَى أَنْ سَقَطْنَا لِلْيَدَيْنِ ولِلنَّحْرِ
فَمِنْ وَاقِعٍ يَهْذِي وَآخَرَ ذاهِلٍ / لَهُ جَسَدٌ مَا فِيهِ رُوحٌ سِوَى الْخَمْرِ
صَرِيعٌ يَظُنُّ الشُّهْبَ مِنْهُ قَرِيبَةً / فَيَسْدُو بِكَفَّيهِ إِلَى مَطْلَعِ النَّسْرِ
إِذَا مَا دَعَوْتَ الْمَرءَ دَارَ بِلَحْظِهِ / إِلَيْكَ وَغَشَّاهُ الذُّهُولُ عَنِ الْجَهْرِ
بَعِيدٌ عَنِ الدَّاعِي وَإِنْ كَانَ حَاضِرَاً / كَأَنَّ بِهِ بَعْضَ الْهَنَاتِ مِنَ الْوَقْرِ
تَحَكَّمَتِ الصَّهْبَاءُ فيهِمْ فَغَيَّرَتْ / شَمَائِلَ مَا يَأْتِي بِهِ الْجِدُّ بِالْهَذْرِ
فَيَا سَامَحَ اللهُ الشَّبَابَ وَإِنْ جَنَى / عَلَيَّ وَحَيَّا عَهْدَهُ سَبَلُ الْقَطْرِ
مَلَكْتُ بِهِ أَمْرِي وَجَارَيْتُ صَبْوَتِي / وَأَصْبَحْتُ مَرْهُوبَ الْحَمِيَّةِ وَالْكِبْرِ
إِذَا أَبْصَرُونِي فِي النَّدِيِّ تَحَاجَزُوا / عَنِ الْقَوْلِ وَاسْتَغْنَوا عَنِ الْعُرْفِ بِالنُّكْرِ
وَقَالُوا فَتَىً مَالَتْ بِهِ نَشْوَةُ الصِّبَا / وَلَيْسَ عَلَى الْفِتْيَانِ في اللَّهْوِ مِنْ حَجْرِ
يَخَافُونَ مِنِّي أَنْ تَثُورَ حَمِيَّتِي / فَيَبْغُونَ عَطْفِي بِالْخَدِيعَةِ والْمَكْرِ
أَلا لَيْتَ هَاتِيكَ اللَّيَالِي وَقَدْ مَضَتْ / تَعُودُ وَذَاكَ الْعَيْشُ يَأْتِي عَلَى قَدْرِ
مَواسِمُ لَذَّاتٍ تَقَضَّتْ وَلَمْ يَزَلْ / لَهَا أَثَرٌ يَطْوي الْفُؤَادَ عَلَى أُثْرِ
إِذَا اعْتَوَرَتْهَا ذُكْرَةُ النَّفْسِ أَبْصَرَتْ / لَهَا صُورَةٌ تَخْتَالُ فِي صَفْحَةِ الْفِكْرِ
فَذَلِكَ عَصْرٌ قَدْ مَضَى لِسَبِيلِهِ / وَخَلَّفَني أَرْعَى الْكَواكِبَ في عَصْرِ
لَعَمْرُكَ مَا في الدَّهْرِ أَطْيَبُ لَذَّةً / مِنَ اللَّهْوِ فِي ظِلِّ الشِّبِيبَةِ والْيُسْرِ
بِنَاظِرِكَ الْفَتَّانِ آمَنْتُ بِالسِّحْرِ
بِنَاظِرِكَ الْفَتَّانِ آمَنْتُ بِالسِّحْرِ / وَهَلْ بَعْدَ إِيمَانِ الصَّبَابَةِ مِنْ كُفْرِ
فَلا تَعْتَمِدْ بِالْهَجْرِ قَتْلَ مُتَيَّمٍ / فَإِنَّ الْمَنَايَا لا تَزِيدُ عَنِ الْهَجْرِ
فَلَوْلاكَ مَا حَلَّ الْهَوَى قَيْدَ مَدْمَعِي / وَلا شَبَّ نِيرَانَ اللَّواعِجِ فِي صَدْرِي
وَإِنِّي عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ لَصَابِرٌ / لعِلْمِيَ أَنَّ الْفَوْزَ مِنْ ثَمَرِ الصَّبْرِ
فَلَيْتَ الَّذي أَهْدَى الْمَلامَةَ فِي الْهَوى / تَوَسَّمَ خَيْرَاً أَوْ تَكَلَّمَ عَنْ خُبْرِ
رَأَى كَلَفِي لا يَسْتَفِيقُ فَظَنَّ بِي / هَنَاتٍ وَسُوءُ الظَّنِّ دَاعِيَةُ الْوِزْرِ
وَمَاذَا عَلَيْهِ وَهْوَ خَالٍ مِنَ الْجَوَى / إِذَا هِمْتُ شَوْقَاً أَوْ تَرَنَّمْتُ بِالشِّعْرِ
فَإِنْ أَكُ مَشْغُوفَاً فَذُوا الْحِلْمِ رُبَّمَا / أَطَاعَ الْهَوَى وَالْحُبُّ مِنْ عُقَدِ السِّحْرِ
وَأَيُّ امْرِئٍ يَقْوَى عَلى رَدِّ لَوْعَةٍ / إِذَا الْتَهَبَتْ أَرْبَتْ عَلَى وَهَجِ الْجَمْرِ
عَلَى أَنَّنِي لَمْ آتِ في الْحُبِّ زَلَّةً / تَغُضّ بِذِكْرِي فِي الْمَحَافِلِ أَوْ تُزْرِي
وَلَكِنَّنِي طَوَّفْتُ فِي عَالَمِ الصِّبَا / وَعُدْتُ وَلَمْ تَعْلَقْ بِفَاضِحَةٍ أُزْرِي
سَجِيَّةُ نَفْسٍ آثَرَتْ مَا يَسُرُّهَا / وَلِلنَّاسِ أَخْلاقٌ عَلَى وَفْقِها تَجْرِي
مَلَكْتُ يَدِي عَنْ كُلِّ سُوءٍ ومَنْطِقِي / فَعِشْتُ بَرِيءَ النَّفْسِ مِنْ دَنَسِ الْعُذْرِ
وَأَحْسَنْتُ ظَنِّي بِالصَّدِيقِ وَرُبَّمَا / لَقِيتُ عَدُوِّي بِالطَّلاقَةِ والْبِشْرِ
فَأَصْبَحْتُ مَأْثُورَ الْخِلالِ مُحَبَّبَاً / إِلَى النَّاسِ مَرْضِيَّ السَّرِيرَةِ والْهَجْرِ
فَمَا أَنَا مَطْلُوبٌ بِوَتْرٍ لِمَعْشَرٍ / وَلا أَنَا مَلْهُوفُ الْجَنَانِ عَلى وَتْرِ
رَضِيتُ مِنَ الدُّنْيَا وإِنْ كُنْتُ مثْرِياً / بِعِفَّةِ نَفْسٍ لا تَمِيلُ إِلَى الْوَفْرِ
وَأَخْلَصْتُ للِرَّحْمَنِ فِي مَا نَوَيْتُهُ / فَعَامَلَنِي بِاللُّطْفِ مِنْ حَيْثُ لا أَدْرِي
إِذَا مَا أَرادَ اللهُ خَيْرَاً بِعَبْدِهِ / هَدَاهُ بِنُورِ الْيُسْرِ فِي ظُلْمَةِ الْعُسْرِ
فَيا بْنَ أَبِي وَالنَّاسُ أَبْنَاءُ واحِدٍ / تَقَلَّدْ وَصَاتِي فَهْيَ لُؤْلُؤَةُ الْفِكْرِ
إِذَا شِئْتَ أَنْ تَحْيَا سَعِيدَاً فَلا تَكُنْ / لَدُوداً وَلا تَدْفَعْ يَدَ اللِّينِ بِالْقَسْرِ
وَلا تَحْتَقِرْ ذَا فَاقَةٍ فَلَرُبَّمَا / لَقِيتَ بِهِ شَهْمَاً يُبِرُّ عَلى الْمُثْرِي
فَرُبَّ فَقِيرٍ يَمْلأُ القَلْبَ حِكْمَةً / وَرُبَّ غَنِيٍّ لا يَرِيشُ وَلا يَبْرِي
وَكُنْ وَسَطاً لا مُشْرَئبَّاً إِلى السُّهَا / وَلا قَانِعَاً يَبْغِي التَّزَلُّفَ بِالصُّغْرِ
فَأَحْمَدُ أَخْلاقِ الْفَتَى مَا تَكَافَأَتْ / بِمَنْزِلَةٍ بَيْنَ التَّوَاضُعِ وَالْكِبْرِ
وَلا تَعْتَرِفْ بِالذُّلِّ فِي طَلَبِ الْغِنَى / فَإِنَّ الْغِنَى فِي الذُلِّ شَرٌّ مِنَ الْفَقْرِ
وَإِيَّاكَ وَالتَّسْلِيمَ بِالْغَيبِ قَبْلَ أَنْ / تَرَى حُجَّةً تَجْلُو بِهَا غَامِضَ الأَمْرِ
ودارِ الَّذي تَرْجُو وَتَخْشَى وِدَادَهُ / وَكُنْ مِنْ مَوَدَّاتِ الْقُلُوبِ عَلَى حِذْرِ
فَقَدْ يَغْدرُ الْخِلُّ الْوَفِيُّ لِهَفْوَةٍ / وَيَحْلُو الرِّضَا بَعْدَ الْعَدَاوَةِ والشَّرِّ
وَفِي النَّاسِ مَنْ تَلْقَاهُ فِي زِيِّ عَابِدٍ / وَلِلْغَدْرِ فِي أحْشَائِهِ عَقْرَبٌ تَسْرِي
إِذَا أَمْكَنَتْهُ فُرْصَةٌ نَزَعَتْ بِهِ / إِلَى الشَّرِّ أَخْلاقٌ نَبَتْنَ عَلى غِمْرِ
وَلا تَحْسَبَنَّ الْحِلْمَ يَمْنَعُ أَهْلَهُ / وُقُوع الأَذَى فَالْمَاءُ وَالنَّارُ مِنْ صَخْرِ
فَهَذِي وَصَاتِي فَاحْتَفِظْها تَفُزْ بِما / تَمَنَّيْتَ مِنْ نَيْلِ السَّعَادَةِ في الدَّهْرِ
فَإِنِّي امْرُؤٌ جَرَّبْتُ دَهْرِي وَزَادَنِي / بِهِ خِبْرَةً صَبْرِي عَلَى الْحُلْوِ وَالْمُرِّ
بَلَغْتُ مَدَى خَمْسِينَ وَازْدَدْتُ سَبْعَةً / جَعَلْتُ بِهَا أَمْشِي عَلى قَدَمِ الْخِضْرِ
فَكَيْفَ تَرَانِي الْيَوْمَ أَخْشَى ضَلالَةً / وَشَيْبِيَ مِصْباحٌ عَلَى نُورِهِ أَسْرِي
أَقُولُ بِطَبْعٍ لَسْتُ أَحْتَاجُ بَعْدَهُ / إِلى الْمَنْهَلِ الْمَطْرُوقِ وَالْمَنْهَجِ الْوَعْرِ
وَلِي مِنْ جَنانِي إِنْ عَزَمْتُ وَمِقْوَلي / سِرَاجٌ وَعَضْبٌ ذَا يُضيئُ وَذَا يَفْرِي
إِذَا جَاشَ طَبْعِي فَاضَ بِالدُّرِّ مَنْطِقِي / وَلا عَجَبٌ فَالدُّرُّ يَنْشَأُ فِي الْبَحْرِ
تَدَبَّرْ مَقَالِي إِنْ جَهِلْتَ خَلِيفَتِي / لِتَعْرِفَنِي فَالسَّيْفُ يُعْرَفُ بِالأَثْرِ
وَلا تَعْجَبَنْ مِنْ مَنْطِقِي إِنْ تَأَرَّجَتْ / بِهِ كُلُّ أَرْضٍ فَهْوَ رَيْحَانَةُ الْعَصْرِ
سَيَذْكُرُنِي بِالشِّعْرِ مَنْ لَمْ يُلاقِنِي / وَذِكْرُ الفَتَى بَعْدَ الْمَمَاتِ مِنَ الْعُمْرِ
أَبَى الشَّوْقُ إِلَّا أَنْ يَحِنَّ ضَمِيرُ
أَبَى الشَّوْقُ إِلَّا أَنْ يَحِنَّ ضَمِيرُ / وَكُلُّ مَشُوقٍ بِالْحَنِينِ جَدِيرُ
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَرءُ كِتْمَانَ لَوْعَةٍ / يَنِمُّ عَلَيْهَا مَدْمَعٌ وَزَفِيرُ
خَضَعْتُ لأَحْكَامِ الْهَوَى وَلَطَالَمَا / أَبَيْتُ فَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيَّ أَمِيرُ
أَفُلُّ شَبَاةَ اللَّيْثِ وَهْوَ مُنَاجِزٌ / وَأَرْهَبُ لَحْظَ الرِّئْمِ وَهْوَ غَريرُ
وَيَجْزَعُ قَلْبِي لِلصُّدودِ وَإِنَّنِي / لَدَى الْبَأْسِ إِنْ طَاشَ الْكَمِيُّ صَبُورُ
وَمَا كُلُّ مَنْ خَافَ الْعُيُونَ يَرَاعَةٌ / وَلا كُلُّ مَنْ خَاضَ الْحُتُوفَ جَسُورُ
وَلَكِنْ لأَحْكَامِ الْهَوَى جَبَرِيَّةٌ / تَبُوخُ لَهَا الأَنْفَاسُ وَهْيَ تَفُورُ
وَإِنِّي عَلَى مَا كَانَ مِنْ سَرَفِ الْهَوَى / لَذُو تُدْرَأ في النَّائِباتِ مُغِيرُ
يُرَافِقُنِي عِنْدَ الْخُطُوبِ إِذَا عَرَتْ / جَوَادٌ وَسَيفٌ صَارمٌ وَجَفِيرُ
وَيَصْحَبُنِي يَوْمَ الْخَلاعَةِ وَالصِّبَا / نَدِيمٌ وَكَأْسٌ رَيَّةٌ وَمُدِيرُ
فَطَوْرَاً لِفُرْسَانِ الصَّبَاحِ مُطَارِدٌ / وَطَوْرَاً لإِخْوَانِ الصَّفَاءِ سَمِيرُ
وَيَا رُبَّ حَيٍّ قَدْ صَبَحْتُ بِغَارَةٍ / تَكَادُ لَهَا شُمُّ الْجِبَالِ تَمُورُ
وَلَيْلٍ جَمَعْتُ اللَّهْوَ فِيهِ بِغادَةٍ / لَهَا نَظْرَةٌ تُسْدِي الْهَوَى وَتُنِيرُ
عَقَلْنَا بِهِ مَا نَدَّ مِنْ كُلِّ صَبْوَةٍ / وَطِرْنَا مَعَ اللَّذَّاتِ حَيْثُ تَطِيرُ
وَقُلْنَا لِسَاقِينَا أُدِرْهَا فَإِنَّمَا / بَقَاءُ الْفَتَى بَعْدَ الشَّبابِ يَسِيرُ
فَطَافَ بِهَا شَمْسِيَّةً ذَهَبِيَّةً / لَهَا عِنْدَ أَلْبَابِ الرِّجَالِ ثُؤُورُ
إِذَا مَا شَرِبْنَاهَا أَقَمْنَا مَكَانَنَا / وَظَلَّتْ بِنَا الأَرْضُ الْفَضَاءُ تَدُورُ
إِلَى أَنْ أَمَاطَ اللَّيْلُ ثِنْيَ لِثَامِهِ / وَكَادَتْ أَسَارِيرُ الصَّبَاحِ تُنِيرُ
وَنَبَّهَنَا وَقْعُ النَّدَى فِي خَمِيلَةٍ / لَهَا مِنْ نُجُومِ الأُقْحُوانِ ثُغُورُ
تَنَاغَتْ بِهَا الأَطْيَارُ حِينَ بَدَا لَهَا / مِنَ الْفَجْرِ خَيْطٌ كَالْحُسَامِ طَرِيرُ
فَهُنَّ إِلَى ضَوْءِ الصَّبَاحِ نَوَاظِرٌ / وَعَنْ سُدْفَةِ اللَّيْلِ الْمُجَنَّحِ زُورُ
خَوَارِجُ مِنْ أَيْكٍ دَوَاخِلُ غَيْرِهِ / زَهَاهُنَّ ظِلٌّ سَابِغٌ وَغَدِيرُ
تَوَسَّدُ هَامَاتٌ لَهُنَّ وَسَائِدَاً / مِنَ الرِّيشِ فِيهِ طائِلٌ وَشَكِيرُ
كَأَنَّ عَلَى أَعْطَافِهَا مِنْ حَبِيكِها / تَمَائِمَ لَمْ تُعْقَدْ لَهُنَّ سُيُورُ
إِذَا ضَاحَكَتْهَا الشَّمْسُ رَفَّتْ كَأَنَّما / عَلَى صَفْحَتَيْهَا سُنْدُسٌ وَحَرِيرُ
فَلَمَّا رَأَيْتُ اللَّيْلَ وَلَّى وَأَقْبَلَتْ / طَلائِعُ مِنْ خَيْلِ الصَّبَاحِ تُغِيرُ
ذَهَبْتُ أَجُرُّ الذَّيْلَ تِيهاً وإِنَّمَا / يَتِيهُ الْفَتَى إِنْ عَفَّ وَهْوَ قَدِيرُ
وَلِي شِيمَةٌ تَأْبَى الدَّنَايَا وَعَزْمَةٌ / تَفُلُّ شَباةَ الْخَطْبِ وَهْوَ عَسِيرُ
مُعَوَّدَةٌ أَلَّا تَكُفَّ عِنَانَهَا / عَنِ الْجِدِّ إِلَّا أَنْ تَتِمَّ أُمُورُ
لَهَا مِنْ وَرَاءِ الْغَيْبِ أُذْنٌ سَمِيعَةٌ / وَعَيْنٌ تَرَى ما لا يَرَاهُ بَصِيرُ
وإِنِّي امْرُؤٌ صَعْبُ الشَّكِيمَةِ بَالِغٌ / بِنَفْسِيَ شَأْواً لَيْسَ فِيهِ نَكِيرُ
وَفَيْتُ بِمَا ظَن الْكِرَامُ فِرَاسَةً / بِأَمْرِي وَمِثْلِي بِالْوَفَاءِ جَدِيرُ
فَمَا أَنَا عَمَّا يُكْسِبُ الْعِزَّ نَاكِبٌ / وَلا عِنْدَ وَقْعِ الْمُحْفِظَاتِ حَسِيرُ
إِذَا صُلْتُ كَفَّ الدَّهْرُ مِنْ غُلَوائِهِ / وَإِنْ قُلْتُ غَصَّتْ بِالْقُلُوبِ صُدُورُ
مَلَكْتُ مَقَالِيدَ الْكَلامِ وَحِكْمَةً / لَهَا كَوْكَبٌ فَخْمُ الضِّيَاءِ مُنِيرُ
فَلَوْ كُنْتُ في عَصْرِ الْكَلامِ الَّذِي انْقَضَى / لَبَاءَ بِفَضْلِي جَرْوَلٌ وَجَرِيرُ
وَلَوْ كُنْتُ أَدْرَكْتُ النُّواسِيَّ لَمْ يَقُلْ / أَجَارَةَ بَيْتَيْنَا أَبُوكِ غَيُورُ
وَمَا ضَرَّنِي أَنِّي تَأَخَّرْتُ عَنْهُمُ / وَفَضْلِيَ بَيْنَ الْعَالَمِينَ شَهِيرُ
فَيَا رُبَّمَا أَخْلَى مِنَ السَّبْقِ أَوَّلٌ / وَبَزَّ الْجِيَادَ السَّابِقَاتِ أَخِيرُ
تَلاهَيْتُ إِلَّا ما يُجِنُّ ضَمِيرُ
تَلاهَيْتُ إِلَّا ما يُجِنُّ ضَمِيرُ / وَدَارَيْتُ إِلَّا مَا يَنِمُّ زَفِيرُ
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ كِتْمَانَ أَمْرِهِ / وَفِي الصَّدْرِ مِنْهُ بَارِحٌ وَسَعِيرُ
فَيَا قَاتَلَ اللهُ الْهَوَى مَا أَشَدَّهُ / عَلَى المَرْءِ إِذْ يَخْلُو بِهِ فَيُغِيرُ
تَلِينُ إِلَيهِ النَّفْسُ وَهْيَ أَبِيَّةٌ / وَيَجْزَعُ مِنْهُ الْقَلْبُ وَهْوَ صَبُورُ
نَبَذْتُ لَهُ رُمْحِي وَأَغْمَدْتُ صَارِمِي / وَنَهْنَهْتُ مُهْرِي والْمُرَادُ غَزِيرُ
وَأَصْبَحْتُ مَفْلُولَ الْمَخَالِبِ بَعْدَمَا / سَطَوْتُ وَلِي فِي الْخَافِقَيْنِ زَئِيرُ
فَيَا لَسَرَاةِ الْقَومِ دَعْوَةُ عَائِذٍ / أَمَا مِنْ سَمِيعٍ فِيكُمُ فَيُجِيرُ
لَطَالَ عَلَيَّ اللَّيْلُ حَتى مَلِلْتُهُ / وَعَهْدِي بِهِ فِي مَا عَلِمْتُ قَصِيرُ
أَلا فَرَعَى اللهُ الصِّبَا مَا أَبَرَّهُ / وَحَيَّا شَبَاباً مَرَّ وَهْوَ نَضِيرُ
إِذِ الْعَيْشُ أَفْوَافٌ تَرِفُّ ظِلالُهُ / عَلَيْنَا وَسَلْسَالُ الْوَفَاءِ نَمِيرُ
وَإِذْ نَحْنُ فيما بَيْنَ إِخْوَانِ لَذَّةٍ / عَلَى شِيَمٍ مَا إِنْ بِهِنَّ نَكِيرُ
تَدُورُ عَلَيْنَا الْكَأْسُ بَيْنَ مَلاعِبٍ / بِهَا اللَّهْوُ خِدْنٌ وَالشَّبَابُ سَمِيرُ
فَأَلْحَاظُنَا بَيْنَ النُّفُوسِ رَسَائِلٌ / وَرَيْحَانُنَا بَيْنَ الْكُؤُوسِ سَفِيرُ
عَقَدْنَا جَنَاحَيْ لَيْلِنا بِنَهَارِنَا / وَطِرْنَا مَعَ اللَّذَّاتِ حَيْثُ تَطِيرُ
وَقُلْنَا لِساقِينَا أَدِرْهَا فَإِنَّمَا / بَقَاءُ الْفَتَى بَعْدَ الشَّبَابِ يَسِيرُ
فَطَافَ بِهَا شَمْسِيَّةً لَهَبِيَّةً / لَهَا عِنْدَ أَلْبَابِ الرِّجَالِ ثُؤُورُ
إِذَا مَا شَرِبْنَاهَا أَقَمْنَا مَكَانَنَا / وَظَلَّتْ بِنَا الأَرْضُ الْفَضَاءُ تَدُورُ
وَكَمْ لَيْلَةٍ أَفْنَيْتُ عُمْرَ ظَلامِهَا / إِلَى أَنْ بَدَا لِلصُّبْحِ فيهِ قَتِيرُ
شَغَلْتُ بِهَا قَلْبِي وَمَتَّعْتُ نَاظِرِي / وَنَعَّمْتُ سَمْعِي وَالْبَنَانُ طَهُورُ
صَنَعْتُ بِهَا صُنْعَ الْكَرِيمِ بِأَهْلِهِ / وَجِيرَتِهِ والْغَادِرُونَ كَثِيرُ
فَمَا رَاعَنَا إِلَّا حَفِيفُ حَمَائِمٍ / لَهَا بَيْنَ أَطْرَافِ الْغُصُونِ هَدِيرُ
تُجَاوِبُ أَتْرَاباً لَهَا فِي خَمَائِلٍ / لَهُنَّ بِهَا بَعْدَ الْحَنِينِ صَفِيرُ
نَوَاعِمُ لا يَعْرِفْنَ بُؤْسَ مَعِيشَةٍ / وَلا دَائِراتِ الدَّهْرِ كَيْفَ تَدُورُ
تَوَسَّدُ هَامَاتٌ لَهُنَّ وَسَائِداً / مِنَ الرِّيشِ فِيهِ طَائِلٌ وَشَكِيرُ
كَأَنَّ عَلَى أَعْطَافِها مِنْ حَبِيكِها / تَمائِمَ لَمْ تُعْقَدْ لَهُنَّ سُيُورُ
خَوَارِجُ مِنْ أَيْكٍ دَوَاخِلُ غَيْرِهِ / زَهَاهُنَّ ظِلٌ سَابِغٌ وَغَدِيرُ
إِذَا غَازَلَتْهَا الشَّمْسُ رَفَّتْ كَأَنَّما / عَلَى صَفْحَتَيْهَا سُنْدُسٌ وَحَرِيرُ
فَلَمَّا رَأَيْتُ الصُّبْحَ قَدْ رَفَّ جِيدُهُ / وَلَمْ يَبْقَ مِنْ نَسْجِ الظَلامِ سُتُورُ
خَرَجْتُ أَجُرُّ الذَّيْلَ تِيهاً وَإِنَّمَا / يَتِيهُ الْفَتَى إِنْ عَفَّ وَهْوَ قَدِيرُ
وَلِي شِيمَةٌ تَأْبَى الدَّنَايَا وَعَزْمَةٌ / تَرُدُّ لُهَامَ الْجَيْشِ وَهْوَ يَمُورُ
إِذَا سِرْتُ فَالأَرْضُ الَّتِي نَحْنُ فَوْقَهَا / مَرَادٌ لِمُهْرِي وَالْمَعَاقِلُ دُورُ
فَلا عَجَبٌ إِنْ لَمْ يَصُرْنِيَ مَنْزِلٌ / فَلَيْسَ لِعِقْبَانِ الْهَوَاءِ وُكُورُ
هَمَامَةُ نَفْسٍ لَيْسَ يَنْقِي رِكَابَها / رَوَاحٌ عَلَى طُولِ الْمَدَى وَبُكُورُ
مُعَوَّدةٌ أَلَّا تَكُفَّ عِنَانَهَا / عَنِ الْجِدِّ إِلَّا أَنْ تَتِمَّ أُمُورُ
لَهَا مِنْ وَرَاءِ الْغَيْبِ أُذْنٌ سَمِيعَةٌ / وَعَيْنٌ تَرَى مَا لا يَرَاهُ بَصِيرُ
وَفَيْتُ بِمَا ظَنَّ الْكِرامُ فِرَاسةً / بِأَمْرِي وَمِثْلِي بِالْوَفَاءِ جَدِيرُ
وَأَصْبَحْتُ مَحْسُودَ الْجَلالِ كَأَنَّنِي / عَلَى كُلِّ نَفْسٍ فِي الزَمَانِ أَمِيرُ
إِذَا صُلْتُ كَفَّ الدَّهْرُ مِنْ غُلَوَائِهِ / وَإِن قُلْتُ غَصَّتْ بِالْقُلُوبِ صُدُورُ
مَلَكْتُ مَقَالِيدَ الْكَلامِ وَحِكْمَةً / لَهَا كَوْكَبٌ فَخْمُ الضِّيَاءِ مُنِيرُ
فَلَوْ كُنْتُ فِي عَصْرِ الْكَلامِ الَّذِي انْقَضَى / لَبَاءَ بِفَضْلِي جَرْوَلٌ وَجَرِيرُ
وَلَوْ كُنْتُ أَدْرَكْتُ النُّواسِيَّ لَمْ يَقُلْ / أَجَارَةَ بَيْتَيْنَا أَبُوكِ غَيُورُ
وَمَا ضَرَّنِي أَنِّي تَأَخَّرْتُ عَنْهُمُ / وَفَضْلِي بَيْنَ الْعَالَمِينَ شَهِيرُ
فَيَا رُبَّمَا أَخْلَى مِنَ السَّبْقِ أَوَّلٌ / وَبَزَّ الْجِيَادَ السَابِقَاتِ أَخِيرُ
أَضَوْءُ شَمْسٍ فَرَى سِرْبَالَ دَيْجُورِ
أَضَوْءُ شَمْسٍ فَرَى سِرْبَالَ دَيْجُورِ / أَمْ نُورُ عِيدٍ بِعَقْدِ التَّاجِ مَشْهُورِ
وَأَنْجُمٌ تِلْكَ أَمْ فُرْسَانُ عَادِيَةٍ / تَخْتَالُ فِي مَوْكِبٍ كَالْبَحْرِ مَسْجُورِ
مِنْ كُلِّ أَرْوَعَ يَجْلُو ظِلَّ عِثْيَرِهِ / بِصَارِمٍ كَلِسَانِ النَّارِ مَسْعُورِ
لا يَرْهَبُونَ عَدُوَّاً فِي مُغَاوَرَةٍ / وَكَيْفَ يَرْهَبُ لَيْثٌ كَرَّ يَعْفُورِ
مُسْتَوْفِزُونَ لِوَحْيٍ مِنْ لَدُنْ مَلِكٍ / بَادِي الْوَقَارِ عَلَى الأَعْدَاءِ مَنْصُورِ
فِي دَوْلَةٍ بَلَغَتْ بِالْعَدْلِ مَنْزِلَةً / عَلْيَاءَ كَالشَّمْسِ فِي بُعْدٍ وَفِي نُورِ
طَلَعْتَ فِيهَا طُلُوعَ الْبَدْرِ فَازْدَهَرَتْ / أَقْطَارُهَا بِضِيَاءٍ مِنْكَ مَنْشُورِ
فَلْيَفْخَرِ التَّاجُ إِذْ دَارَتْ مَعَاقِدُهُ / عَلَى جَبِينٍ بِنُورِ السَّعْدِ مَغْمُورِ
كَأَنَّما صَاغَ كَفُّ الأُفْقِ أَنْجُمَهُ / لِلْبَدْرِ مَا بَيْنَ مَنْظُومٍ وَمَنْثُورِ
فَيَا لَهَا حَفْلَةً لِلْملكِ مَا بَرِحَتْ / تَارِيخَ مَجْدٍ بِكَفِّ الدَّهْرِ مَسْطُورِ
ظَلَّتْ بِهَا حَدَقُ الأَمْلاكِ شَاخِصَةً / إِلى مَهيبٍ بِفَضْلِ الْحِلْمِ مَشْكُورِ
فَكَمْ أَمِيرٍ بِحُسْنِ الْحَظِّ مُبْتَهِجٍ / وَكَمْ وَزِيرٍ بِكَأْسِ الْبِشْرِ مَخْمُورِ
فَالأَرْضُ فِي فَرَحٍ وَالدَّهْرُ فِي مَرَحٍ / والنَّاسُ مَا بَيْنَ تَهْلِيلٍ وَتَكْبِيرِ
فِي كُلِّ مَمْلَكَةٍ تَيَّارُ كَهْرَبَةٍ / يَسْرِي وَفِي كُلِّ نَادٍ صَوْتُ تَبْشِيرِ
يَوْمٌ بِهِ طَنَّتِ الأَسْمَاعُ مِنْ طَرَبٍ / كَأَنَّ فِي كُلِّ أُذْنٍ سِلْكَ طُنْبُورِ
وَكَيْفَ لا تَبْلُغُ الأَفْلاكَ دَوْلَةُ مَنْ / أَضْحَى بِهِ الْعَدْلُ حِلاً غَيْرَ مَحْظُورِ
هُوَ الْمَلِيكُ الَّذِي لَوْلا مَآثِرُهُ / مَا كَانَ فِي الدَّهْرِ يُسْرٌ بَعْدَ مَعْسُورِ
فَلَّ النَّوَائِبَ فَانْصَاحَتْ دَيَاجِرُهَا / بِمُرْهَفٍ مِنْ سُيُوفِ الرَّأْيِ مَأْثُورِ
وَأَصْلَحَتْ عَنَتَ الأَيَّامِ حِكْمَتُهُ / مِنْ بَعْدِ مَا كَانَ صَدْعَاً غَيْرَ مَجْبُورِ
مُسَدَّدُ الرَأْيِ مَوْقُوفُ الظُّنُونِ عَلَى / رَعْيِ السِّيَاسَةِ فِي ثَبْتٍ وَتَحْوِيرِ
لا يُغْمِدُ السَّيْفَ إِلَّا بَعْدَ مَلْحَمَةٍ / وَلا يُعَاقِبُ إِلَّا بَعْدَ تَحْذِيرِ
يَا أَيُّهَا الْمَالِكُ الْمَيْمُونُ طَائِرُهُ / أَبْشِرْ بِفَتْحٍ عَظِيمِ الْقَدْرِ مَنْظُورِ
إِنَّ الْخُطُوبَ الَّتِي ذَلَّلْتَ جَانِبَها / بِحُسْنِ رَأَيِكَ لَمْ تُقدَرْ لِمَقْدُورِ
بَلَغْتَ بِالشَّرْقِ مَا أَمَّلْتَ مِنْ وَطَرٍ / وَنِلْتَ بِالْغَرْبِ حَقَّاً غَيْرَ مَنْكُورِ
فَمَنْ يُبَارِيكَ في فَضْلٍ وَمَكْرُمَةٍ / وَمَنْ يُدَانِيكَ فِي حَزْمٍ وَتَدْبِيرِ
لَوْلاكَ مَا دَامَ ظِلُّ السِّلْمِ وَانْحَسَرَتْ / ضَبَابَةُ الْحَرْبِ إِلَّا بَعْدَ تَغْرِيرِ
وَلا سَرَى الأَمْنُ بَعْدَ الْخَوْفِ وَاعْتَصَمَتْ / بِجَانِبِ الصَّبْرِ هِمَّاتُ الْمَغَاوِيرِ
فَاسْلَمْ لِمُلْكٍ مَنِيعِ السَّرْحِ تَكْلَؤُهُ / بِعَيْنِ ذِي لِبَدٍ فِي الْغَابِ مَحْذُورِ
وَاقْبَلْ هَدِيَّةَ فِكْرٍ قَدْ تَكَنَّفَهَا / رَوْعُ الْخَجَالَةِ مِنْ عَجْزٍ وَتَقْصِيرِ
وَسَمْتُهَا بِاسْمِكَ الْعَالِي فَأَلْبَسَهَا / جِلْبَابَ فَخْرٍ طَوِيلِ الذَّيْلِ مَجْرُورِ
لَوْلا صِفَاتُكَ وَهْيَ الدُّرُّ مَا بَهرَتْ / أَبْيَاتُهَا الْغُرُّ مِنْ حُسْنٍ وَتَحْبِيرِ
شَمَائِلٌ زَيَّنَتْ قَوْلِي بِرَوْنَقِها / كَالسِّحْرِ يَفْتِنُ بَيْنَ الأَعْيُنِ الْحُورِ
شَفَّتْ زُجَاجَةُ فِكْرِي فَارْتَسَمْتُ بِهَا / عُلْيَاكَ مِنْ مَنْطِقِي فِي لَوْحِ تَصْوِيرِ
فَاسْعَدْ بِيَومٍ تَجَلَّى السَّعْدُ فِيهِ عَلَى / نَادِي عُلاكَ بِتَعْظِيمٍ وَتَوْقِيرِ
وَدُمْ عَلَى الدَّهْرِ فِي مُلْكٍ تَعِيشُ بِهِ / مُرفَّهَ النَّفْسِ حَتَّى نَفْخَةِ الصُّورِ
طَرِبْتُ وَعَادَتْنِي الْمَخِيلَةُ وَالسُّكْرُ
طَرِبْتُ وَعَادَتْنِي الْمَخِيلَةُ وَالسُّكْرُ / وَأَصْبَحْتُ لا يُلْوِي بِشِيمَتِي الزَّجْرُ
كَأَنِّيَ مَخْمُورٌ سَرَتْ بِلِسَانِهِ / مُعَتَّقَةٌ مِمَّا يَضِنُّ بِهَا التَّجْرُ
صَرِيعُ هَوىً يُلْوي بِيَ الشَّوْقُ كُلَّمَا / تَلأْلأَ بَرْقٌ أَوْ سَرَتْ دِيَمٌ غُزْرُ
إِذَا مَال ميزَانُ النَّهارِ رَأَيْتنِي / عَلَى حَسَراتٍ لا يُقَاوِمُها صَبْرُ
يَقُولُ أُنَاسٌ إِنَّهُ السِّحرُ ضَلَّةً / وَمَا هِيَ إِلَّا نَظْرَةٌ دُونَهَا السِّحْرُ
فَكَيْفَ يَعِيبُ النَّاسُ أَمْرِي وَلَيْسَ لِي / وَلا لاِمْرِئٍ فِي الْحُبِّ نَهْيٌ وَلا أَمْرُ
وَلَوْ كَانَ مِمَّا يُسْتطَاعُ دِفَاعُهُ / لأَلْوَتْ بِهِ الْبِيضُ الْمَباتِيرُ والسُّمْرُ
وَلَكِنَّهُ الْحُبُّ الَّذِي لَوْ تَعَلَّقَتْ / شَرَارَتُهُ بِالْجَمْرِ لاحْتَرَقَ الْجَمْرُ
عَلَى أَنَّنِي كَاتَمْتُ صَدْرِيَ حُرْقَةً / مِنَ الْوَجْدِ لا يَقْوَى عَلَى حَمْلِهَا صَدْرُ
وَكَفْكَفْتُ دَمْعَاً لَوْ أَسَلْتُ شُؤُونَهُ / عَلَى الأَرْضِ مَا شَكَّ امْرُؤٌ أَنَّهُ الْبَحْرُ
حَيَاءً وَكِبْراً أَنْ يُقَالَ تَرَجَّحَتْ / بِهِ صَبْوَةٌ أَوْ فَلَّ مِنْ غَرْبِهِ الْهَجْرُ
وَإِنِّي امْرُؤٌ لَوْلا الْعَوائِقُ أَذْعَنَتْ / لِسُلْطَانِهِ الْبَدْوُ الْمُغِيرَةُ والْحَضْرُ
مِنَ النَّفَرِ الْغُرِّ الَّذِينَ سُيُوفُهُمْ / لَهَا فِي حَوَاشِي كُلِّ دَاجِيَةٍ فَجْرُ
إِذَا اسْتَلَّ مِنْهُمْ سَيِّدٌ غَرْبَ سَيْفِهِ / تَفَزَّعَتِ الأَفْلاكُ وَالْتَفَتَ الدَّهْرُ
لَهُمْ عُمُدٌ مَرْفُوعَةٌ وَمَعَاقِلٌ / وَأَلْوِيَةٌ حُمْرٌ وَأَفْنِيَةٌ خُضْرُ
وَنَارٌ لَهَا فِي كُلِّ شَرْقٍ وَمَغْرِبٍ / لِمُدَّرِعِ الظَّلْمَاءِ أَلْسِنَةٌ حُمْرُ
تَمُدُّ يَداً نَحْوَ السَّمَاءِ خَضِيبَةً / تُصَافِحُهَا الشِّعْرَى وَيَلْثِمُهَا الْغَفْرُ
وَخَيْلٌ يَعُمّ الْخَافِقَيْنِ صَهِيلُهَا / نَزَائِعُ مَعْقُودٌ بِأَعْرَافِها النَّصْرُ
مُعَوَّدَةٌ قَطْعَ الْفَيَافِي كَأَنَّهَا / خُدَارِيَّةٌ فَتْخَاءُ لَيْسَ لَهَا وَكْرُ
أَقَامُوا زَمَاناً ثُمَّ بَدَّدَ شَمْلَهُمْ / مَلُولٌ مِنَ الأَيَّامِ شِيمَتُهُ الْغَدْرُ
فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ غَيْرُ آثارِ نِعْمَةٍ / تَضُوعُ بِرَيَّاهَا الأَحَادِيثُ وَالذِّكْرُ
وَقَدْ تَنْطِقُ الآثَارُ وَهْيَ صَوَامِتٌ / وَيُثْنِي بِرَيَّاهُ عَلَى الْوابِلِ الزَّهْرُ
لَعَمْرُكَ مَا حَيٌّ وَإِنْ طَالَ سَيْرُهُ / يُعَدُّ طَلِيقَاً وَالْمَنُونُ لَهُ أَسْرُ
وَمَا هَذِهِ الأَيَّامُ إِلَّا مَنَازِلٌ / يَحُلُّ بِهَا سَفْرٌ وَيَتْرُكُها سَفْرُ
فَلا تَحْسَبَنَّ الْمَرْءَ فِيها بِخَالِدٍ / وَلَكِنَّهُ يَسْعَى وَغَايَتُهُ الْعُمْرُ
لِمِثْلِ ذَا الْيَوْمِ كَانَ الْمُلْكُ يَنْتَظِرُ
لِمِثْلِ ذَا الْيَوْمِ كَانَ الْمُلْكُ يَنْتَظِرُ / فَاسْعَدْ بِهَا دَوْلَةً عُنْوانُها الظَّفَرُ
تَهَلَّلَتْ مِصْرُ بَعْدَ الْيَأْسِ وَابتَهَجَتْ / بِكَ الرَّعِيَّةُ حَتَّى عَمَّهَا الْحَبَرُ
نالَتْ بِنَصْرِكَ مَا كَانَتْ تُؤَمِّلُهُ / لا زِلْتَ لِلْمُلْكِ وَالإِسْلامِ تَنْتَصِرُ
فَالْعَدْلُ مُنْبَسِطٌ وَالْجَوْرُ مُنْقَبِضٌ / وَالأَمْنُ مُنْسَدِلٌ وَالْخَوْفُ مُنْشَمِرُ
نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَافَى بَعْدَ دَاجِيَةٍ / كَمَا تَبَلَّجَ عَنْ مَكْنُونِهِ السَّحَرُ
فَالنَّاسُ مِنْ طَرَبٍ فِي نَشْوَةٍ أَخَذَتْ / بِهِمْ فَمَالُوا كَأَنَّ الْقَومَ قَدْ سَكِرُوا
مُسْتَوفِضُونَ إِلَى الدَّاعِي تَسِيلُ بِهِمْ / أَرْضٌ وَتَجْمَعُهُم أُخْرَى فَهُمْ زُمَرُ
في كُلِّ نَادٍ خَطِيْبٌ حَوْلَ مِنْبَرِهِ / جَمْعٌ وَفِي كُلِّ وادٍ تَرْكُضُ الْبَشَرُ
يَسْتَعْذِبُ السَّمْعُ مَا يُمْلِي اللِّسَانُ لَهُ / وَيَعْلَقُ الْقَلْبُ مَا يُوحِي بِهِ الْبَصَرُ
فَلا شَقَاءٌ وَلا بَأْسٌ وَلا فَزَعٌ / وَلا عَدَاءٌ وَلا غَدْرٌ وَلا حَذَرُ
عِيدٌ تَهلَّلَتِ الدُّنْيَا بِهِ فَرَحاً / وَنِعْمَةٌ لَيْسَ يَقْضِي حَقَّهَا الْبَشَرُ
وَكَيْفَ لا تَفْخَرُ الدُّنْيَا بِطَلْعَةِ مَنْ / لَوْلاهُ لَمْ يَبْقَ فِيهَا لاِمْرِئٍ وَطَرُ
فَاسْتَبْشِرُوا يَا بَنِي الأَوطَانِ إِنَّ لَكُمْ / مِنْ عَدْلِهِ جَنَّةً يَجْرِي بِهَا نَهَرُ
هُوَ الْمَلِيكُ الَّذِي لَوْلا سِيَاسَتُهُ / مَا كَانَ لِلْعَدْلِ لا عَيْنٌ وَلا أَثَرُ
أَفْضَى إِلَى مِصْرَ وَالدُّنْيَا عَلَى خَطَرٍ / فَمَا تَمَثَّلَ حَتَّى أَجْفَلَ الْخَطَرُ
مُوَفَّقٌ لِصَنِيعِ الْخَيْرِ مُبْتَدِعٌ / لِمَا تُقَصِّرُ عَنْ إِدْرَاكِهِ الْفِكَرُ
يَهْمِي نَدىً وَرَدىً جُوداً وَمَحْمِيَةً / كَذَلِكَ الدَّهْرُ فِيهِ النَّفْعُ وَالضَّرَرُ
يَسْطُو بِرِفْقٍ إِذَا مَا الْحَزْمُ أَعْوَزَهُ / إِلَى الْعِقَابِ وَيَعْفُو حِينَ يَقْتَدِرُ
فَالْبَطْشُ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ حِكْمَةٍ سَرَفٌ / وَالْحِلْمُ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قُدْرَةٍ خَوَرُ
إِذَا ارْتَأَى بَدَرَتْ أَنْوَارُ حِكْمَتِهِ / كَمَا تَطَايَرَ بَعْدَ الْقَدْحَةِ الشَّرَرُ
دَلَّتْ عَلَى فَضْلِهِ آثارُ حِكْمَتِهِ / وَكُلُّ شَيءٍ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَثَرُ
إِذَا تَبَسَّمَ فَاضَتْ رَاحَتَاهُ لَنَا / جُوداً وَمَا كُلُّ بَرْقٍ خَلْفَهُ مَطَرُ
تَملَّ بِالْمُلكِ يَاعَبَّاسُ وَابْقَ لَنَا / فِي نِعْمةٍ لَمْ يُخَالِطْ صَفْوَهَا كَدَرُ
فَأَنْتَ مِنْ دَوْحَةٍ فِي الْمَجْدِ بَاسِقَةٍ / طَابَتْ وَدَلَّ عَلَيْهَا النَّوْرُ وَالثَّمَرُ
بَلَغْتُ مَجْهُودَ نَفْسِي في الثَّنَاءِ وَلَمْ / أَبْلُغْ عُلاكَ وَأَنَّى يُدْرَكُ الْقَمَرُ
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِإِصغَاءٍ إِلَى كَلِمٍ / تُعَدُّ فِي النُّطْقِ إِلَّا أَنَّهَا دُرَرُ
وَسَمْتُهَا بِاسْمِكَ الْعَالِي فَأَلْبَسَهَا / حُسْنَاً تَتِيهُ بِهِ الدُّنْيَا وَتَفْتَخِرُ
إِذَا تَلاهَا لِسَانُ الشُّكْرِ قَامَ لَهَا / حُبَّاً بِذِكْرِ عُلاكَ الْبَدْوُ وَالْحَضَرُ
لا زِلْتَ مَوْرِدَ آمَالٍ تَحُومُ بِهِ / طَيْرُ الْقُلُوبِ إِلَى أَنْ تُنْشَرَ الصُّوَرُ
سَلِ الْجِيزَةَ الْفَيْحَاءَ عَنْ هَرَمَيْ مِصْرِ
سَلِ الْجِيزَةَ الْفَيْحَاءَ عَنْ هَرَمَيْ مِصْرِ / لَعَلَّكَ تَدْرِي غَيْبَ مَا لَمْ تَكُنْ تَدْرِي
بِنَاءانِ رَدَّا صَوْلَةَ الدَّهْرِ عَنْهُمَا / وَمِنْ عَجَبٍ أَنْ يَغْلِبَا صَوْلَةَ الدَّهْرِ
أَقَامَا عَلَى رَغْمِ الْخُطُوبِ لِيَشْهَدَا / لِبَانِيهِمَا بَيْنَ الْبَرِيَّةِ بِالْفَخْرِ
فَكَمْ أُمَمٍ فِي الْدَّهْرِ بَادَتْ وَأَعْصُرٍ / خَلَتْ وَهُمَا أُعْجُوبَةُ الْعَينِ وَالْفِكْرِ
تَلُوحُ لآِثَارِ العُقُولِ عَلَيْهِمَا / أَسَاطِيرُ لا تَنْفَكُّ تُتْلَى إِلَى الْحَشْرِ
رُمُوزٌ لَوْ اسْتَطْلَعْتَ مَكْنُونَ سِرِّها / لأَبْصَرْتَ مَجْمُوعَ الْخَلائِقِ فِي سَطْرِ
فَمَا مِنْ بِنَاءٍ كَانَ أَوْ هُوَ كَائِنٌ / يُدَانِيهِمَا عِنْدَ التَأَمُّلِ وَالْخُبْرِ
يُقَصِّرُ حُسْنَاً عَنْهُما صَرْحُ بَابِلٍ / وَيَعْتَرِفُ الإِيوَانُ بِالْعَجْزِ وَالْبَهْرِ
فَلَوْ أَنَّ هَارُوتَ انْتَحَى مَرْصَدَيْهِما / لأَلْقَى مَقَالِيدَ الْكَهَانَةِ وَالسِّحْرِ
كَأَنَّهُمَا ثَدْيَانِ فَاضَا بِدِرَّةٍ / مِنَ النِّيلِ تُرْوِي غُلَّةَ الأَرْضِ إِذْ تَجْرِي
وَبَيْنَهُمَا بَلْهِيبُ فِي زِيِّ رَابِضٍ / أَكَبَّ عَلَى الْكَفَّيْنِ مِنْهُ إِلَى الصَّدْرِ
يُقَلِّبُ نَحْوَ الشَّرْقِ نَظْرَةَ وَامِقٍ / كَأَنَّ لَهُ شَوْقاً إِلَى مَطْلَعِ الْفَجْرِ
مَصَانِعُ فِيهَا لِلْعُلُومِ غَوَامِضٌ / تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْنَ آَدَمَ ذُو قَدْرِ
رَسَا أَصْلُهَا وَامْتَدَّ فِي الْجَوِّ فَرْعُها / فَأَصْبَحَ وَكْرَاً لِلسِّماكَيْنِ وَالنَّسْرِ
فَقُمْ نَغْتَرِفْ خَمْرَ النُّهَى مِنْ دِنَانِها / وَنَجْنِي بِأَيدِي الْجِدِّ رَيْحَانَةَ الْعُمْرِ
فَثَمَّ عُلُومٌ لَمْ تُفَتَّقْ كِمَامُهَا / وَثَمَّ رُمُوزٌ وَحْيُهَا غامِضُ السِّرِّ
أَقَمْتُ بِهَا شَهْرَاً فَأَدْرَكْتُ كُلَّ مَا / تَمَنَّيْتُهُ مِنْ نِعْمَةِ الدَّهْرِ فِي شَهْرِ
نَرُوحُ وَنَغْدُو كُلَّ يَوْمٍ لِنَجْتَنِي / أَزَاهِيرَ عِلْمٍ لا تَجِفُّ مَعَ الزَّهْرِ
إِذَا مَا فَتَحْنَا قُفْلَ رَمْزٍ بَدَتْ لَنَا / مَعَارِيضُ لَمْ تَفْتَحْ بِزِيجٍ وَلا جَبْرِ
فَكَمْ نُكَتٍ كَالسِّحْرِ فِي حَرَكَاتِهِ / تُرِيكَ مَدَبَّ الرُّوحِ في مُهْجَةِ الذَّرِّ
سَكِرْنَا بِمَا أَهْدَتْ لَنَا مِنْ لُبَابِها / فَيَا لَكَ مِنْ سُكْرٍ أُتِيحَ بِلا خَمْرِ
وَمَا سَاءَنِي إِلَّا صَنِيعُ مَعَاشِرٍ / أَلَحُّوا عَلَيْهَا بِالْخِيَانَةِ وَالْغَدْرِ
أَبَادُوا بِهَا شَمْلَ الْعُلُومِ وَشَوَّهُوا / مَحَاسِنَ كَانَتْ زِينَةَ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
فَكَمْ سَمَلُوا عَيْنَاً بِهَا تُبْصَرُ الْعُلا / وَشَلُّوا يَداً كَانَتْ بِهَا رَايَةُ النَّصْرِ
تَمَنَّوْا لِقَاطَ الدُّرِّ جَهْلاً وَمَا دَرَوْا / بِأَنَّ حَصَاهَا لا يُقَوَّمُ بِالدُّرِّ
وَفَلُّوا لِجَمْعِ التِّبْرِ صُمَّ صُخُورِهَا / وَأَيْسَرُ مَا فَلُّوهُ أَغْلَى مِنَ التِّبْرِ
وَلَكِنَّهُمْ خَابُوا فَلَمْ يَصِلُوا إِلَى / مُنَاهُم وَلا أَبْقَوْا عَلَيْهَا مِنَ الْخَتْرِ
فَتَبَّاً لَهُمْ مِنْ مَعْشَرٍ نَزَعَتْ بِهِمْ / إِلَى الْغَيِّ أَخْلاقٌ نَبَتْنَ عَلَى غِمْرِ
أَلا قَبَّحَ اللَّهُ الْجَهَالَةَ إِنَّهَا / عَدُوَّةُ مَا شَادَتْهُ فِينَا يَدُ الْفِكْرِ
فَلَوْ رَدَّتِ الأَيَّامُ مُهْجَةَ هُرْمُسٍ / لأَعْوَلَ مِنْ حُزْنٍ عَلَى نُوَبِ الدَّهْرِ
فَيَا نَسَماتِ الْفَجْرِ أَدِّي تَحِيَّتِي / إِلَى ذَلِكَ الْبُرْجِ الْمُطِلِّ عَلَى النَّهْرِ
وَيَا لَمَعَاتِ الْبَرْقِ إِنْ جُزْتِ بِالْحِمَى / فَصُوبِي عَلَيهَا بِالنِّثَارِ مِنَ الْقَطْرِ
عَلَيْهَا سَلامٌ مِنْ فُؤَادٍ مُتَيَّمٍ / بِهَا لا بِرَبَّاتِ الْقَلائِدِ وَالشَّذْرِ
وَلا بَرِحَتْ فِي الدَّهْرِ وَهْيَ خَوَالِدٌ / خُلُودَ الدَّرَارِي وَالأَوَابِدِ مِنْ شِعْرِي
أَدِيرَا كُؤُوسَ الرَّاحِ قَدْ لَمَعَ الْفَجْرُ
أَدِيرَا كُؤُوسَ الرَّاحِ قَدْ لَمَعَ الْفَجْرُ / وَصَاحَتْ بِنَا الأَطْيَارُ أَنْ وَجَبَ السُّكْرُ
أَمَا تَرَيَانِ اللَّيْلَ كَيْفَ تَسَلَّلَتْ / كَوَاكِبُهُ لِلْغَرْبِ وَانْحَدَرَ النَّسْرُ
فَقُومَا انْظُرَا ما يَصْنَعُ الصُّبْحُ بِالدُّجَى / فَإِنِّي أَرَى مَا لَيْسَ يَبْلُغُهُ الذُّكْرُ
أَرَى أَدْهَمَاً يَتْلُوهُ أَشْهَبُ طَارِدٌ / كِلا الْفَرَسَيْنِ اغْتَالَ شَأْوَهُمَا الْحُضْرُ
وَقَدْ حَنَّتِ الأَطْيَارُ فِي وُكُنَاتِهَا / وَقَامَ يُحَيِّينَا عَلَى سَاقِهِ الزَّهْرُ
وَأَصْبَحَتِ الْغُدْرَانُ تَصْقُلُها الصَّبَا / وَيَرْقُمُ مَتْنَيْهَا بِلُؤْلُئِهِ الْقَطْرُ
تَرِفُّ كَمَا رَفَّتْ صَحَائِفُ فِضَّةٍ / عَلَيْهِنَّ مِنْ لأْلاءِ شَمْسِ الضُّحَى تِبْرُ
عَصَائِبُ حَوْلَ الْمَاءِ يَدْرِمْنَ هُتَّفَاً / بِلَحْنٍ لَهُ فِي كُلِّ سَامِعَةٍ أَثْرُ
إِذَا صَرْصَرَ الْبَازِي تَلَبَّدْنَ بِالثَّرى / مِنَ الرُّعْبِ حَتَّى لا يَبِينُ لَهَا صَرُّ
يُسَارِقْنَهُ حَتَّى إِذَا غَابَ ظِلُّهُ / عَنِ الْمَاءِ عَادَ اللَّحْنُ وَانْتَشَرَ الْهَدْرُ
تَرَاهُنَّ أَسْرَابَاً عَلَى المَاءِ حُوَّماً / يُقَرِّبُهَا ظِمْءٌ وَيُبْعِدُها ذُعْرُ
تَرُوحُ وَتَغْدُو بَيْنَ أَفْنَانِ دَوْحَةٍ / سَقَاهَا مِنَ الْوَسْمِيِّ مُسْتَوْكَفٌ غَزْرُ
لَهَا فِي نَوَاحِي الأُفْقِ لَفْتَةُ أَصْيَدٍ / يَلُوحُ عَلَى أَطْرَافِ عِرْنِينِهِ الْكِبْرُ
مَلاعِبُ لَهْوٍ يَقْصُرُ الطَّرْفُ دُونَهَا / وَدُنْيَا نَعِيمٍ لا يُحِيطُ بِهَا الْفِكْرُ
فَيَا صَاحِبَي نَجْوَايَ قُومَا لِشُرْبِهَا / فَفِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ طَابَتْ لَنَا الْخَمْرُ
وَشَأْنَكُمَا فِي الرَّاحِ فَالْعَيْشُ وَالصِّبَا / إِذَا الرَّاحُ لَمْ تَخْفِرْهُمَا فَسَدَ الْعُمْرُ
خَبِيئَةُ قَوْمٍ خَلَّفُوهَا لِغَيْرِهِمْ / خَلَتْ دُونَهَا الأَيَّامُ وَاخْتَلَفَ الْعَصْرُ
فَجَاءَتْ كَمِصْبَاحِ السَّمَاءِ مُنِيرَةً / إِذَا اتَّقَدَتْ فِي الْكَأْسِ سَارَ بِهَا السَّفْرُ
وَإِنْ أَنْتُمَا غَنَّيْتُمَانِيَ فَلْتَكُنْ / أَنَاشِيدَ يَهْفُو دُونَ تَسْمَاعِهَا الصَّبْرُ
أَنَاشِيدَ فِيهَا لِلْمَلِيحَةِ وَالْهَوَى / مَعَاذِيرُ أَحْوَالٍ يَلِينُ لَهَا الصَّخْرُ
لَعَلَّ هَواهَا أَنْ يَعُودَ كَمَا بَدَا / رَخِيَّ الْحَواشِي قَبْلَ أَنْ يَنْشَبَ الْهَجْرُ
مِنَ الْبِيضِ مَيْسَانُ الْعَشِيَّاتِ غَادَةٌ / سَلِيمَةٌ مَا تَحْوِي الْمَعَاقِدُ وَالأُزْرُ
إِذَا سَفَرَتْ وَالْبَدْرُ لَيلَةَ تَمِّهِ / وَلاحَا سَوَاءً قِيلَ أَيُّهُما الْبَدْرُ
لَهَا لَفْتَةُ الْخَشْفِ الأَغَنِّ وَنَظْرَةٌ / تُقَصِّرُ عَنْ أَمْثَالِهَا الْفَتْكَةُ الْبِكْرُ
تَرُدُّ النُّفُوسَ السَّالِماتِ سَقِيمَةً / وَتَفْعَلُ مَا لا تَفْعَلُ الْبِيضُ وَالسُّمْرُ
خَفَضْتُ لَهَا مِنِّي جَنَاحَيْ مَوَدَّةٍ / وَدِنْتُ لِعَيْنَيْهَا كَمَا حَكَمَ الدَّهْرُ
عَلَى أَنَّ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَشِيرِهَا / قَوَارِعُ سُوءٍ لا يَنَامُ لَهَا وِتْرُ
فَيَا رَبَّةَ الْخَلْخَالِ رِفْقَاً بِمُهْجَتِي / فَبِالْغَادَةِ الْحَسْنَاءِ لا يَحْسُنُ الْغَدْرُ
وَبُقْيَا عَلَى قَلْبِي فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ / سِوَى حُبِّ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ لَهُ عُذْرُ
أَخِي وَصَدِيقِي وَابْنُ وُدِّي وَصَاحِبِي / وَمَوْضِعُ سِرِّي حِينَ يَعْتَلِجُ الصَّدْرُ
هُوَ الصَّاحِبُ الْمَشْكُورُ فِي الْوُدِّ سَعْيُهُ / وَمَا خَيْرُ وُدٍّ لَيْسَ يَلْحَقُهُ شُكْرُ
أَمِينٌ عَلَى غَيْبِ الصَّدِيقِ إِذَا وَنَتْ / عُهُودُ أُنَاسٍ أَوْ تَطَرَّقَهَا فَتْرُ
فَلا جَهْرُهُ سِرٌّ وَلا سِرُّ صَدْرِهِ / إِذَا امْتَحَنَ الْوَاشِي ضَمَائِرَهُ جَهْرُ
يَدِبُّ عَلَى الْمَعْنَى الْخَفِيِّ بِفِكْرَةٍ / سَوَاءٌ لَدَيْهَا السَّهْلُ في ذَاكَ وَالْوَعْرُ
لَهُ الْبُلْجَةُ الْغَرَّاءُ يَسْرِي شُعَاعُهَا / إِذَا غَامَ أُفْقُ الْفَهْمِ وَالْتَبَسَ الأَمْرُ
تزَاحمُ أَفْواجُ الْكَلامِ بِصَدْرِهِ / فَلَوْ غَضَّ مِنْ صَوْتٍ لَكَانَ لَهَا هَدْرُ
لَهُ قَلَمٌ لَوْلا غَزَارَةُ فِكْرِهِ / لَجَفَّتْ لَدَيهِ السُّحْبُ أَوْ نَفِدَ الْبَحْرُ
إِذَا اخْتَمَرَتْ بِاللَّيْلِ قِمَّةُ رَأْسِهِ / تَفَجَّرَ مِنْ أَطْرَافِ لِمَّتِهَا الْفَجْرُ
إِلَيْكَ ابْنَ بَطْحَاءِ الْكَلامِ تَشَذَّرَتْ / بِرَكْبِ الْمَعَانِي لا يُكَفْكِفُهَا الزَّجْرُ
قَلائِصُ لا يَرْعَيْنَ عَازِبَةَ الْكَلا / وَلا يَسْتَبِقْنَ الْمَاءَ إِنْ فَاتَهَا الْعِشْرُ
وَمَا هُوَ إِلَّا الشِّعْرُ سَارَتْ عِيابُهُ / وَفِي طَيِّهَا مِنْ طِيبِ مَا ضُمِّنَتْ نَشْرُ
فَأَلْقِ إِلَيْهِ السَّمْعَ يُنْبِئْكَ أَنَّهُ / هُوَ الشِّعْرُ لا مَا يَدَّعِي الْمَلأُ الْغَمْرُ
يَزِيدُ عَلَى الإِنْشَادِ حُسْنَاً كَأَنَّنِي / نَفَثْتُ بِهِ سِحْرَاً وَلَيْسَ بِهِ سِحْرُ
فَدُمْ لِلْعُلا وَالْعِلْمِ وَالْحِلْمِ وَالتُّقَى / وَنَيْلِ الْمُنَى مَا أَوْرَقَ الْغُصُنُ النَّضْرُ
لِهَوَى الْكَوَاعِبِ ذِمَّةٌ لا تُخْفَرُ
لِهَوَى الْكَوَاعِبِ ذِمَّةٌ لا تُخْفَرُ / وَأَخُو الْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ لا يَغْدِرُ
فَعَلامَ يَنْهَانِي الْعَذُولُ عَنِ الصِّبَا / أَوَلَيْسَ أَنَّ هَوَى النُّفُوسِ مُقَدَّرُ
قَدْ كَانَ لِي فِي بَعْضِ مَا صَنَعَ الْهَوَى / عُذْرٌ وَلَكِنْ أَيْنَ مَنْ يَتَبَصَّرُ
وَمِنَ الْبَلِيَّةِ غَافِلٌ عَمَّا جَنَتْ / يَدُهُ عَلَيَّ وَلائِمٌ لا يَعْذِرُ
لَمْ يَدْرِ مَنْ كَحَلَ الْكَرَى أَجْفَانَهُ / مَاذَا يُكَابِدُ فِي الْهَوَى مَنْ يَسْهَرُ
يَا غَافِلاً عَنِّي وَبَيْنَ جَوانِحِي / لَهَبٌ يَكَادُ لَهُ الْحَشَا يَتَفَطَّرُ
دَعْنِي أَبُثكَ بَعْضَ مَا أَنَا وَاجِدٌ / وَاحْكُمْ بِمَا تَهْوَى فَأَنْتَ مُخَيَّرُ
فَلَو اطَّلَعْتَ عَلَى تَبَارِيحِ الْجَوَى / لَعَلِمْتَ أَيُّ دَمٍ بِحُبِّكَ يُهْدَرُ
مَا كُنْتُ أَعْلَمُ قَبْلَ حُبِّكَ أَنَّنِي / أُغْضِي عَلى مَضَضِ الْهَوانِ وَأَصْبِرُ
أَوْرَدْتَنِي بلِحاظِ عَيْنِكَ مَوْرِداً / لِلْحُبِّ مَا لِلْقَلْبِ عَنْهُ مَصْدَرُ
هِيَ نَظْرَةٌ كَانَتْ ذَرِيعَةَ صَبْوَةٍ / وَاللَّحْظُ أَضْعَفُ مَا يَكُونُ وَأَقْدَرُ
مَا كُنْتُ أَعْلَمُ قَبْلَ وَحْيِ جُفُونِهَا / أَنَّ الْعُيُونَ الْجُؤْذُرِيَّةَ تَسْحَرُ
ظَلَمُوا الأَسِنَّةَ خَاطِئِينَ وَلَيْتَهُمْ / عَلِمُوا بِمَا صَنَعَ السِّنَانُ الأَحْوَرُ
أَمُطَاعِنَ الْفُرْسَانِ فِي حَمَسِ الْوَغَى / أَقْصِرْ فَرُمْحُكَ عَنْ غَريمِكَ أَقْصَرُ
أَيْنَ الْرِّمَاحُ مِنَ الْقُدُودِ وَأَيْنَ مِنْ / لَحْظٍ تَهِيمُ بِهِ السِّنَانُ الأَخْزَرُ
هَيْهَاتَ يَثْبُتُ فِي الوَقِيعَةِ دَارِعٌ / يَسْطُو عَلَيْهِ مُخَلْخَلٌ وَمُسَوَّرُ
لِلْحُسْنِ أَسْحِلَةٌ إِذَا مَا اسْتَجْمَعَتْ / فِي حَوْمَةٍ لا يَتَّقِيهَا مغْفَرُ
فَالْلَّحْظُ عَضْبٌ صَارِمٌ وَالْهُدْبُ نَبْ / لٌ صَائِبٌ وَالْقَدُّ رُمْحٌ أَسْمَرُ
أَنَّى يَطِيشُ عَنِ الْقُلُوبِ لِغَمْزَةٍ / سَهْمٌ وَقَوْسُ الْحَاجِبَيْنِ مُوَتَّرُ
يَا لَلْحَمِيَّةِ مِنْ غَزَالٍ صَادَنِي / وَمِنَ الْعَجَائِبِ أَنْ يَصِيدَ الْجُؤْذَرُ
بَدْرٌ لَهُ بَيْنَ الْقُلُوبِ مَنَازِلٌ / يَسْرِي بِهَا وَلِكُلِّ بَدْرٍ مَظْهَرُ
انْظُر لِطُرَّتِهِ وَغُرَّةِ وَجْهِهِ / تَلْقَ الْهِدَايَةَ فَهوَ لَيْلٌ أَقْمَرُ
نَادَيْتُ لَمَّا لاحَ تحْتَ قِنَاعِهِ / هَذَا الْمُقَنَّعُ فَاحْذَرُوا أَنْ تُسْحَرُوا
طَبَعَتْهُ فِي لَوْحِ الْفُؤَادِ مَخِيلَتي / بِزُجَاجَةِ الْعَينَينِ فَهُوَ مُصَوَّرُ
وَسَرَتْ بِجِسْمِي كَهْرَبَاءةُ حُسْنِهِ / فَمِنَ الْعُرُوقِ بِهِ سُلُوكٌ تُخْبرُ
أَنَا مِنْهُ بَيْنَ صَبَابَةٍ لا يَنْقَضي / مِيقَاتُهَا وَمَواعِدٍ لا تُثْمِرُ
جِسْمٌ بَرَتْهُ يَدُ الضَّنَى حَتَّى غَدَا / قَفَصاً بِهِ لِلْقَلْبِ طَيْرٌ يَصْفِرُ
لَوْلا التَّنَفُّسُ لاعْتَلَتْ بِيَ زَفْرَةٌ / فَيَخَالُنِي طَيَّارَةً مَنْ يُبْصِرُ
لا غَرْوَ أَنْ أَصْبَحْتُ تَحْتَ قِيَادِهِ / فَالْحُبُّ أَغْلَبُ لِلنُّفُوسِ وَأَقْهَرُ
يَعْنُو لِقُدْرَتِهِ الْمَلِيكُ الْمُتَّقَي / وَيَهَابُ صَوْلَتَهُ الْكَمِيُّ الْقَسْوَرُ
وَالْعِشْقُ مَكْرُمَةٌ إِذَا عَفَّ الْفَتَى / عَمَّا يَهِيمُ بِهِ الْغَوِيُّ الأَصْوَرُ
يَقْوَى بِهِ قَلْبُ الْجَبَانِ وَيَرْعَوِي / طَمَعُ الْحَريصِ وَيَخْضَعُ الْمُتَكَبِّرُ
فَتَحَلَّ بِالأَدَب النَّفِيسِ فَإِنَّهُ / حَلْيٌ يَعِزُّ بِهِ اللَّبِيبُ وَيَفْخَرُ
وَإِذا عَزَمْتَ فَكُنْ بِنَفْسِكَ وَاثِقاً / فَالْمُسْتَعِزُّ بِغَيْرِهِ لا يَظْفَرُ
إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرءِ مِنْ بَدَهاتِهِ / فِي الْخَطْبِ هَادٍ خَانَهُ مَنْ يَنْصُرُ
وَاحْذَرْ مُقَارَنَةَ اللَّئِيمِ وَإِنْ عَلا / فَالْمَرْءُ يُفْسِدُهُ الْقَرِينُ الأَحْقَرُ
وَمِنَ الرِّجَالِ مَنَاسِبٌ مَعْرُوفَةٌ / تَزْكُو مَوَدَّتُهَا وَمِنْهُمْ مُنْكَرُ
فَانْظُرْ إِلَى عَقْلِ الفَتَى لا جِسْمِهِ / فَالْمَرْءُ يَكْبُرُ بِالْفِعَالِ وَيَصْغُرُ
فَلَرُبَّمَا هَزَمَ الْكَتِيبَةَ وَاحِدٌ / وَلَرُبَّمَا جَلَبَ الدَّنيئَةَ مَعْشَرُ
إِنَّ الْجَمَالَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّما / خَفِيَ الصَّوَابُ لأَنَّهُ لا يَظْهَرُ
فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ مَا تَعِيشُ بِذِكْرِهِ / فَالْمَرْءُ فِي الدُّنْيَا حَدِيثٌ يُذْكَرُ
رَفَّ النَّدَى وَتَنَفَّسَ النُوَّارُ
رَفَّ النَّدَى وَتَنَفَّسَ النُوَّارُ / وَتَكَلَّمَتْ بِلُغَاتِهَا الأَطْيَارُ
وَتَأَرَّجَتْ سُرَرُ الْبِطَاحِ كَأَنَّمَا / فِي بَطْنِ كُلِّ قَرَارَةٍ عَطَّارُ
زَهْرٌ يَرِفُّ عَلَى الْغُصُونِ وَطَائِرٌ / غَردُ الْهَدِيرِ وَجَدْوَلٌ زَخَّارُ
وَنَوَاسِمٌ أَنْفَاسُهُنَّ طَوِيلَةٌ / وَهَوَاجِرٌ أَعْمَارُهُنَّ قِصَارُ
وَالْبَاسِقَاتُ الْحَامِلاتُ كَأَنَّهَا / عُمُدٌ مُشَعَّبَةُ الذُّرَا وَمَنَارُ
عَقَدَتْ ذَلاذِلَ سُوقِهَا فِي جِيدِهَا / وَسَمَتْ فَلَيْسَ تَنَالُهَا الأَبْصَارُ
فَأُصُولُهَا لِلسَّابِحَاتِ مَلاعِبٌ / وَفُرُوعُهَا لِلنَّيِّراتِ مَطَارُ
يَبْدُو بِهَا زَهْوٌ تَخَالُ إِهَانَهُ / فُتُلاً تَمَشَّتْ في ذُرَاهَا النَّارُ
طَوْرَاً تَمِيلُ مَعَ الرِّيَاحِ وَتَارَةً / تَرْتَدُّ فَهْيَ تَحَرُّكٌ وَقَرَارُ
فَكَأَنَّمَا لَعِبَتْ بِهَا سِنَةُ الْكَرَى / فَتَمَايَلَتْ أَوْ بَيْنَهَا أَسْرَارُ
فَإِذَا رَأَيْتَ رَأَيْتَ أَحْسَنَ جَنَّةٍ / خَضْرَاءَ تَجْرِي بَيْنَهَا الأَنْهَارُ
يَتَرَنَّمُ الْعُصْفُورُ فِي عَذَبَاتِهَا / وَيَصِيحُ فِيهَا الْعَنْدَلُ الصَّفَّارُ
فَالتُّرْبُ مِسْكٌ وَالْجَدَاوِلُ فِضَّةٌ / وَالْقَطْرُ دُرٌّ وَالْبَهَارُ نُضَارُ
فَاشْرَبْ عَلَى وَجْهِ الرَّبِيعِ فَإِنَّهُ / زَمَنٌ دَمُ الآثَامِ فِيهِ جُبَارُ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَرءَ غَيْرُ مُخَلَّدٍ / وَالنَّاسُ بَعْدُ لِغَيْرِهِمْ أَخْبَارُ
إِنِّي وَإِن لَعِبَ الزَّمَانُ بِصَعْدَتِي / وَابْيَضَّ مِنِّي مَفْرِقٌ وَعِذَارُ
فَلَنِعْمَ ما بَقِيَتْ لَدَيَّ مَهَابَةٌ / تَقْذَى بِهَا عَيْنُ الْعِدَا وَوَقَارُ
وَسَعَى إِلَيَّ الْحِلْمُ فِي أَثْوَابِهِ / طَرِبَاً وَآنَ لِجَهْلِيَ الإِقْصَارُ
أَنَا لِلصَّدِيقِ كَمَا يُحِبُّ وَلِلْعِدَا / عِنْدَ الْكَرِيهَةِ ضَيْغَمٌ زَأَّرُ
خَيْلِي مُسَوَّمَةٌ وَرُمْحِي ذَابِلٌ / يَوْمَ الطِّعَانِ وَصَارِمِي بَتَّارُ
وَبِرَاحَتِي قَلَمٌ إِذَا حَرَّكْتُهُ / روِيَتْ بِهِ الأَفْهَامُ وَهْيَ حِرَارُ
تَرْتَدُّ عَنْهُ قَنَابِلٌ وَجَحَافِلٌ / وَتَكِلُّ عَنْهُ أَسِنَّةٌ وَشِفَارُ
غَردٌ إِذَا مَا جَالَ فَوْقَ صَحِيفَةٍ / سَجَدَتْ لِحُسْنِ صَرِيرِهِ الأَوْتَارُ
وَإِذَا امْتَطَى ظَهْرَ الْبَنَانِ لِغَايَةٍ / خَضَعتْ إِلَيْهِ قَوَارِحٌ وَمِهارُ
فَإِذَا رَكِبْتُ فَكُلُّ قِرْنٍ أَمْيَلٌ / وَإِذَا نَطَقْتُ فَكُلُّ نُطْقٍ رَارُ
أَلْقَى الْكَلامُ إِليَّ ثِنْيَ عِنَانِهِ / وَتَفَاخَرَتْ بِكَلامِيَ الأَشْعَارُ
تَأَوَّبَ طَيْفٌ مِنْ سَمِيرَةَ زَائِرٌ
تَأَوَّبَ طَيْفٌ مِنْ سَمِيرَةَ زَائِرٌ / وَمَا الطَّيْفُ إِلَّا مَا تُريهِ الْخَوَاطِرُ
طَوَى سُدْفَةَ الظَّلْمَاءِ وَاللَّيْلُ ضَارِبٌ / بِأَرْوَاقِهِ وَالنَّجْمُ بِالأُفْقِ حَائِرُ
فَيَا لَكَ مِنْ طَيْفٍ أَلَمَّ وَدُونَهُ / مُحِيطٌ مِنَ الْبَحْرِ الْجَنُوبِيِّ زَاخِرُ
تَخَطَّى إِليَّ الأَرْضَ وَجْدَاً وَمَا لَهُ / سِوَى نَزَواتِ الشَّوقِ حَادٍ وَزَاجِرُ
أَلَمَّ وَلَمْ يَلْبَثْ وَسَارَ وَلَيْتَهُ / أَقَامَ وَلَوْ طَالَتْ عَلَيَّ الدَّيَاجِرُ
تَحَمَّلَ أَهْوَالَ الظَّلامِ مُخَاطِراً / وَعَهْدِي بِمَنْ جَادَتْ بِهِ لا تُخَاطِرُ
خُمَاسِيَّةٌ لَمْ تَدْرِ مَا اللَّيْلُ وَالسُّرَى / وَلَمْ تَنْحَسِرْ عَنْ صَفْحَتَيْهَا السَّتَائِرُ
عَقِيلَةُ أَتْرَابٍ تَوَالَيْنَ حَوْلَهَا / كَمَا دَارَ بِالْبَدْرِ النُّجُومُ الزَّواهِرُ
غَوَافِلُ لا يَعْرِفْنَ بُؤْسَ مَعِيشَةٍ / وَلا هُنَّ بِالْخَطْبِ الْمُلِمِّ شَواعِرُ
تَعَوَّدْنَ خَفْضَ الْعَيْشِ فِي ظِلِّ وَالِدٍ / رَحِيمٍ وَبَيْتٍ شَيَّدَتْهُ الْعَنَاصِرُ
فَهُنَّ كَعُنْقُودِ الثُّرَيَّا تَأَلَّقَتْ / كَواكِبُهُ فِي الأُفْقِ فَهْيَ سَوَافِرُ
تُمَثِّلُهَا الذِّكْرَى لِعَيْنِي كَأَنَّنِي / إِلَيْهَا عَلَى بُعْدٍ مِنَ الأَرْضِ نَاظِرُ
فَطَوْرَاً أَخَالُ الظَّنَّ حَقَّاً وَتَارَةً / أَهِيمُ فَتَغْشَى مُقْلَتَيَّ السَّمَادِرُ
فَيَا بُعْدَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَحِبَّتِي / وَيَا قُرْبَ ما الْتَفَّتْ عَلَيهِ الضَّمائِرُ
وَلَوْلا أَمَانِي النَّفْسِ وَهْيَ حَياتُهَا / لَمَا طَارَ لِي فَوْقَ الْبَسِيطَةِ طَائِرُ
فَإِنْ تَكُنِ الأَيَّامُ فَرَّقْنَ بَيْنَنَا / فَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمَاً إِلَى اللَّهِ صَائِرُ
هِيَ الدَّارُ مَا الأَنْفَاسُ إِلَّا نَهَائِبٌ / لَدَيْهَا وما الأَجْسَامُ إِلَّا عَقَائِرُ
إِذَا أَحْسَنَتْ يَوْماً أَسَاءَتْ ضُحَى غَدٍ / فَإِحْسَانُهَا سَيْفٌ عَلَى النَّاسِ جَائِرُ
تَرُبُّ الْفَتَى حَتَّى إِذَا تَمَّ أَمْرُهُ / دَهَتْهُ كَمَا رَبَّ الْبَهِيمَة جَازرُ
لَهَا تَرَةٌ فِي كُلِّ حَيٍّ وَما لَهَا / عَلَى طُولِ مَا تَجْنِي عَلَى الْخَلْقِ وَاتِرُ
كَثِيرَةُ أَلْوَانِ الْوِدَادِ مَلِيَّةٌ / بِأَنْ يَتَوَقَّاهَا الْقَرِينُ الْمُعَاشِرُ
فَمَنْ نَظَرَ الدُّنْيَا بِحِكْمَةِ نَاقِدٍ / دَرَى أَنَّهَا بَيْنَ الأَنَامِ تُقَامِرُ
صَبَرْتُ عَلَى كُرْهٍ لِمَا قَدْ أَصَابَنِي / وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْدُوحَةً فَهْوَ صَابِرُ
وَما الْحِلْمُ عِنْدَ الْخَطْبِ وَالْمَرْءُ عَاجِزٌ / بِمُسْتَحْسَنٍ كَالْحِلْمِ وَالْمَرْءُ قَادِرُ
وَلَكِنْ إِذَا قَلَّ النَّصِيرُ وَأَعْوَزَتْ / دَوَاعِي الْمُنى فَالصَّبْرُ فِيهِ الْمَعَاذِرُ
فَلا يَشْمَتِ الأَعْدَاءُ بِي فَلَرُبَّمَا / وَصَلْتُ لِمَا أَرْجُوهُ مِمَّا أُحَاذِرُ
فَقَدْ يَسْتَقِيمُ الأَمْرُ بَعْدَ اعْوِجَاجِهِ / وَتَنْهَضُ بِالْمَرْءِ الْجُدُوُد الْعَوَاثِرُ
وَلِي أَملٌ فِي اللَّهِ تَحْيَا بِهِ الْمُنَى / وَيُشْرِقُ وَجْهُ الظَّنِّ والْخَطْبُ كَاشِرُ
وَطِيدٌ يَزِلُّ الْكَيْدُ عَنْهُ وَتَنْقَضِي / مُجَاهَدَةُ الأَيَّامِ وَهْوَ مُثَابِرُ
إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَرْكَنْ إِلَى اللَّهِ فِي الَّذِي / يُحَاذِرُهُ مِنْ دَهْرِهِ فَهْوَ خَاسِرُ
وَإِنْ هُوَ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى ما أَصَابَهُ / فَلَيْسَ لَهُ فِي مَعْرِضِ الْحَقِّ نَاصِرُ
وَمَنْ لَمْ يَذُقْ حُلْوَ الزَّمَانِ وَمُرَّهُ / فَمَا هُوَ إِلَّا طَائِشُ اللُّبِّ نَافِرُ
وَلَوْلا تَكَالِيفُ السِّيَادَةِ لَمْ يَخِبْ / جَبَانٌ وَلَمْ يَحْوِ الْفَضِيلَةَ ثَائِرُ
تقلُّ دَوَاعِي النَّفْسِ وَهْيَ ضَعِيفَةٌ / وَتَقْوَى هُمُومُ الْقَلْبِ وَهْوَ مُغَامِرُ
وَكَيْفَ يَبِينُ الْفَضْلُ وَالنَّقْصُ فِي الْوَرَى / إِذَا لَمْ تَكُنْ سَوْمَ الرِّجَالِ الْمَآثِرُ
وَمَا حَمَلَ السَّيْفَ الْكَمِيُّ لِزِينَةٍ / وَلَكِنْ لأَمْرٍ أَوْجَبَتْهُ الْمَفَاخِرُ
إِذَا لَمْ يَكُنْ إِلَّا الْمَعِيشَةَ مَطْلَبٌ / فَكُلُّ زَهِيدٍ يُمْسِكُ النَّفْسَ جَابِرُ
فَلَوْلا الْعُلا مَا أَرْسَلَ السَّهْمَ نَازِعٌ / وَلا شَهَرَ السَّيْفَ الْيَمَانِيَّ شَاهِرُ
مِنَ الْعَارِ أَنْ يَرْضَى الدَّنِيَّةَ مَاجِدٌ / وَيَقْبَلَ مَكْذُوبَ الْمُنَى وَهْوَ صَاغِرُ
إِذَا كُنْتَ تَخْشَى كُلَّ شَيءٍ مِنَ الرَّدى / فَكُلُّ الَّذِي في الْكَوْنِ لِلنَّفْسِ ضَائِرُ
فَمِنْ صِحَّةِ الإِنْسَانِ ما فِيهِ سُقْمُهُ / وَمِنْ أَمْنِهِ مَا فَاجَأَتْهُ الْمَخَاطِرُ
عَلَيَّ طِلابُ الْعِزِّ مِنْ مُسْتَقَرِّهِ / وَلا ذَنْبَ لِي إِنْ عَارَضَتْنِي الْمَقَادِرُ
فَمَا كُلُّ مَحْلُولِ الْعَرِيكَةِ خَائِبٌ / وَلا كُلُّ مَحْبُوكِ التَّرِيكَةِ ظَافِرُ
فَمَاذَا عَسَى الأَعْدَاءُ أَنْ يَتَقَوَّلُوا / عَليَّ وعِرْضِي نَاصِحُ الْجَيْبِ وَافِرُ
فَلِي فِي مرَادِ الْفَضْلِ خَيْرُ مَغَبَّةٍ / إِذَا شَانَ حَيَّاً بِالْخِيَانَةِ ذَاكِرُ
مَلَكْتُ عُقَابَ المُلكِ وَهْيَ كَسِيرَةٌ / وَغَادَرْتُهَا فِي وَكْرِهَا وَهْيَ طَائِرُ
وَلَوْ رُمْتُ مَا رَام امْرُؤٌ بِخِيَانَةٍ / لَصَبَّحنِي قِسْطٌ مِنَ الْمَالِ غَامِرُ
وَلَكِنْ أَبَتْ نَفْسِي الْكَرِيمَةُ سَوْأَةً / تُعَابُ بِهَا والدَّهْرُ فِيهِ الْمعايِرُ
فَلا تَحْسَبَنَّ الْمَالَ يَنْفَعُ رَبَّهُ / إِذَا هُوَ لَمْ تَحْمَدْ قِرَاهُ العَشَائِرُ
فَقَدْ يَسْتَجِمُّ الْمَالُ وَالْمَجْدُ غَائِبٌ / وَقَدْ لا يَكُونُ الْمَالُ والْمَجْدُ حاضِرُ
وَلَوْ أَنَّ أَسْبَابَ السِّيَادَةِ بِالْغِنَى / لَكَاثَرَ رَبَّ الْفَضْلِ بِالْمَالِ تَاجِرُ
فَلا غَرْوَ أَنْ حُزْتُ الْمَكَارِمَ عَارِياً / فَقَدْ يَشْهَدُ السَّيْفُ الْوَغَى وَهْوَ حَاسِرُ
أَنَا الْمَرءُ لا يَثْنِيهِ عَنْ دَرَكِ الْعُلا / نَعِيمٌ وَلا تَعْدُو عَلَيْهِ الْمَفَاقِرُ
قَؤُولٌ وَأَحْلامُ الرِّجَالِ عَوَازِبٌ / صَؤُولٌ وَأَفْوَاهُ الْمَنَايَا فَوَاغِرُ
فَلا أَنَا إِنْ أَدْنَانِيَ الْوَجْدُ بَاسِمٌ / وَلا أَنَا إِنْ أَقْصَانِيَ الْعُدْمُ بَاسِرُ
فَمَا الْفَقْرُ إِنْ لَمْ يَدْنَسِ الْعِرْضُ فَاضِحٌ / وَلا الْمَالُ إِنْ لَمْ يَشْرُفِ الْمَرْءُ سَاتِرُ
إِذَا ما ذُبَابُ السَّيفِ لَمْ يَكُ مَاضِياً / فَحِلْيَتُهُ وَصْمٌ لَدَى الْحَرْبِ ظَاهِرُ
فَإِنْ كُنْتُ قَدْ أَصْبَحْتُ فَلَّ رَزِيَّةٍ / تَقَاسَمَهَا فِي الأَهْلِ بَادٍ وحَاضِرُ
فَكَمْ بَطَلٍ فَلَّ الزَّمَانُ شَبَاتَهُ / وَكَمْ سَيِّدٍ دَارتْ عَلَيْهِ الدَّوائِرُ
وَأَيُّ حُسَامٍ لَمْ تُصِبْهُ كَلالَةٌ / وَأَيُّ جَوَادٍ لَمْ تَخُنْهُ الْحَوافِرُ
فَسَوْفَ يَبِينُ الحَقُّ يَوْماً لِنَاظِرٍ / وَتَنْزُو بِعَوْرَاءِ الْحقُودِ السَّرائِرُ
وَمَا هِيَ إِلَّا غَمْرَةٌ ثُمَّ تَنْجَلِي / غَيَابَتُهَا وَاللَّهُ مَنْ شَاءَ نَاصِرُ
فَقَدْ حَاطَني في ظُلْمَةِ الْحَبْسِ بَعْدَما / تَرَامَتْ بِأَفْلاذِ الْقُلُوبِ الْحَنَاجِرُ
فَمَهْلاً بَنِي الدُّنْيا عَلَيْنَا فَإِنَّنَا / إِلَى غَايَةٍ تَنْفَتُّ فِيهَا الْمَرائِرُ
تَطُولُ بِهَا الأَنْفَاسُ بُهْراً وَتَلْتَوِي / عَلَى فَلْكَةِ السَّاقَيْنِ فِيهَا الْمآزِرُ
هُنَالِكَ يَعْلُو الْحَقُّ وَالْحَقُّ وَاضِحٌ / وَيَسْفُلُ كَعْبُ الزُّورِ وَالزُّورُ عَاثِرُ
وَعَمَّا قَلِيلٍ يَنْتَهِي الأَمْرُ كُلُّهُ / فَمَا أَوَّلٌ إِلَّا وَيَتْلُوهُ آخِرُ
أَرَبَّةُ الْعُودِ أَمْ قُمْرِيَّةُ السَّحَرِ
أَرَبَّةُ الْعُودِ أَمْ قُمْرِيَّةُ السَّحَرِ / غَنَّتْ فَحَرَّكَتِ الأَشْجَانَ بِالْوَتَرِ
حَوْرَاءُ لِلسِّحْرِ فِي أَلْحَاظِهَا أَثَرٌ / يُرِيكَ أَنَّ الرُّقَى ضَرْبٌ مِنَ الْهَذَرِ
لَوْ لَمْ تَكُنْ قَمَراً فِي الْحُسْنِ مَا ظَهَرَتْ / لأَعْيُنِ النَّاسِ فِي لَيْلٍ مِنَ الشَّعَرِ
أَمْلَتْ عَلَيَّ بِلَحْظَيْهَا حَدِيثَ هَوىً / عَرَفْتُ مِنْهُ ضَمِيرَ الْعَينِ بِالأَثَرِ
كَأَنَّمَا بَيْنَ جَفْنَيْهَا إِذَا نَظَرَتْ / هَارُوتُ يَعْبَثُ بِالأَلْبَابِ وَالْفِكَرِ
لا غَرْوَ أَنْ هِمْتُ مِنْ وَجْدٍ بِصُورَتِهَا / فَالْحُسْنُ مَشْغَلَةٌ لِلْعَقْلِ وَالْبَصَرِ
لا تَقْنَعُ الْعَيْنُ مِنْهَا كُلَّمَا نَظَرَتْ / وَكَيْفَ يَقْتَنِعُ الْمُشْتَاقُ بِالنَّظَرِ
نَاغَيْتُهَا بِلِسَانِ الشَّوْقِ فَازْدَهَرَتْ / لِلْحُسْنِ في وَجْنَتَيْهَا وَرْدَتَا خَفَرِ
وَازْوَرَّ حَاجِبُهَا عَنْ نَظْرَةٍ رَشَقَتْ / سَوَادَ قَلْبِي بِسَهْمٍ صِيغَ مِنْ حَوَرِ
فَلَمْ أَزَلْ بِرُقَى الأَشْعَارِ أَعْطِفُهَا / وَرُقْيَةُ الشِّعْرِ تُجْرِي الْمَاءَ فِي الْحَجَرِ
حَتَّى إِذَا عَلِمتْ أَنِّي بِهَا كَلِفٌ / وَأَنَّنِي مِنْ تَجَنِّيهَا عَلَى خَطَرِ
تَبَسَّمَتْ فَجَلَتْ لِلْعَيْنِ مِنْ فَمِهَا / يَاقُوتَةً أُودِعَتْ سَطْرَيْنِ مِنْ دُرَرِ
فَبِتُّ مِنْ وَصْلِهَا فِي جَنَّةٍ يَنَعَتْ / أَفْنَانُهَا بِثِمَارِ الأُنْسِ وَالْحَبَرِ
أَبَحْتُ لِلْعَيْنِ فِيهَا مَا تَقَرُّ بِهِ / وَذُدْتُ كَفَّ الصِّبَا عَنْ مَعْقِدِ الأُزُرِ
حَتَّى اشْرَأَبَّتْ عُقَابُ الْفَجْرِ وَانْطَلَقَتْ / حَمَائِمُ الشُّهْبِ مِنْ أُحْبُولَةِ السَّحَرِ
فَيَا لَهَا لَيْلَةً كَانَتْ بِرَوْنَقِهَا / تَارِيخَ لَهْوٍ لِمَا أَحْرَزْتُ مِنْ وَطَرِ
وَسَمْتُهَا بِضِياءِ الْكَأْسِ فَالْتَمَعتْ / وَزِينَةُ الدُّهْمِ فِي الأَوْضَاحِ وَالْغُرَرِ
لَوْ كَانَ يَسْمَحُ لِي دَهْرِي بِعَوْدَتِهَا / لَبِعْتُ فِيهَا لَذِيذَ النَّوْمِ بِالسَّهَرِ
وَلَّتْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا غَيْرُ فَذْلَكَةٍ / تَلُوحُ فِي دَفْتَرِ الأَوْهَامِ وَالذُّكَرِ
وَأَيُّ بَاقٍ عَلَى الأَيَّامِ نَطْلُبُهُ / وَكُلُّ وَارِدَةٍ يَوْمَاً إِلَى صَدَرِ
فَلا تَثِقْ بِوَفَاءِ الدَّهْرِ إِنَّ لَهُ / غَدْراً يُفَرِّقُ بَيْنَ الْعُودِ والثَّمَرِ
وَلا تَغُرَّنْكَ مِنْ وَجْهٍ بَشَاشَتُهُ / فَالسّمُّ يُوجَدُ فِي نَضْرٍ مِنَ الشَّجَرِ
قَدْ كِدْتُ أُتْهِمُ ظَنِّي فِي فِرَاسَتِهِ / مِنْ طُولِ مَا اشْتَبَهَتْ عَيْنَايَ فِي الصُّوَرِ
فَخُذْ لِنَفْسِكَ مِنْ دُنْيَاكَ مَا سَمَحَتْ / بِهِ إِلَيْكَ وَكُنْ مِنْهَا عَلَى حَذَرِ
وَسَالِمِ الدَّهْرَ تَسْلَمْ مِنْ غَوَائِلِهِ / فَصَاحِبُ الشَّرِّ لا يَنْجُو مِنَ الْكَدَرِ
لا يَبْلُغُ الْمَرْءُ مَا يَهْوَاهُ مِنْ أَرَبٍ / إِلَّا بِتَرْكِ الَّذِي يَخْشَاهُ مِنْ ضَرَرِ
فَانعَم وَطِب وَالهُ وَاطرَب وَاسعَ وَاعلُ وَسُد / وَاشْرَبْ وَغَنِّ وَتِهْ وَالْعَبْ وَهِمْ وَطِرِ
لا يَقْنَطُ الْمَرْءُ مِنْ غُفْرَانِ خَالِقِهِ / مَا لَمْ يَكُنْ كَافِرَاً بِالْبَعْثِ وَالْقَدَرِ
لا شَيءَ فِي الدَّهْرِ يُغْنِي عَنْ أَخِي ثِقَةٍ
لا شَيءَ فِي الدَّهْرِ يُغْنِي عَنْ أَخِي ثِقَةٍ / يَكُونُ فِيهِ بَلاغُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ
قَضَيْتُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ رُمْتُهُ وَطَرَاً / إِلَّا مُحَادَثَةَ الإِخْوَانِ فِي السَّمَرِ
صُبْحٌ مَطِيرٌ وَنَسْمَةٌ عَطِرَه
صُبْحٌ مَطِيرٌ وَنَسْمَةٌ عَطِرَه / وَأَنْفُسٌ لِلصَّبُوحِ مُنْتَظِرَهْ
فَدُرْ بِعَيْنَيْكَ حَيْثُ شِئْتَ تَجِدْ / مُلْكَاً كَبِيراً وَجَنَّةً خَضِرَهْ
سَمَاؤُهَا بِالْغُصُونِ وَاشِجَةٌ / وَأَرْضُهَا بِالنَّبَاتِ مُؤْتَزِرَهْ
مَنْظَرُ لَهْوٍ تُعِيدُ بَهْجَتُهُ / أَكِنَّةَ الْعَيْشِ وَهْيَ مُنْحَسِرَهْ
فَالْعُفْرُ تَحْتَ الظِّلالِ رَاتِعَةٌ / وَالطَّيْرُ فَوْقَ الْغُصُونِ مُنْتَشِرَهْ
وَالطَّلُّ يَنْهَلُّ مِنْ مَسَاقِطِهِ / مِثْلَ عُقُودِ الْجُمَانِ مُنْتَثِرَهْ
جَدَاوِلٌ فِي الْفَضَاءِ جَارِيَةٌ / وَمُزْنَةٌ فِي السَّمَاءِ مُنْهَمِرَهْ
دُنْيَا نَعِيمٍ تَكَادُ زَهْرَتُهَا / تَزْرِي عَلَى الشَّمْسِ وَهْيَ مُزْدَهِرَهْ
لا ظِلُّهَا راكِدُ النَّسيمِ وَلا / غُدْرَانُهَا بِالْغُثَاءِ مُخْتَمِرَهْ
فَيَا بْنَ ودِّي هَلُمَّ نَقْتَسِمِ الْ / لَهْوَ فَنَفْسِي إِلَى الصِّبَا حَسِرَهْ
وَخَلِّنَا مِنْ سِيَاسَةٍ دَرَجَتْ / بَيْنَ أُنَاسٍ قُلُوبُهُمْ وَغِرَهْ
يَقْضُونَ أَيَّامَهُمْ عَلَى خَطَرٍ / فَبِئْسَ عُقْبَى السِّياسَةِ الْخَطِرَهْ
خَدِيعَةٌ لا يَزَالُ صَاحِبُهَا / بَيْنَ هُمُومٍ وَعِيشَةٍ كَدِرَهْ
مَا لِي وَلِلنَّاسِ لا لَدَيَّ لَهُمْ / حَقٌّ يُؤَدَّى وَلا عَلَيَّ تِرَهْ
قَدِ الْتَقَيْنَا مِنْ غَيْرِ سَابِقَةٍ / فِي دَار دُنْيَا بِأَهْلِهَا غَدِرَهْ
نَلْهُو بِهَا حِقْبَةً وَنَتْرُكُهَا / إِلى مَهَاوٍ فِي الأَرْضِ مُنْحَدِرَهْ
كُلُّ امْرِئٍ ذَاهِبٌ لِغَايَتِهِ / وَكُلُّ نَفْسٍ بِالْغَيبِ مُؤْتَمِرَهْ
يَا رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الْكَرَامَةِ مَا / يَسُرُّ نَفْسِي فَإِنَّهَا وَجِرَهْ
وَلا تَكِلْنِي لِمَنْ يُعَذِّبُنِي / فَإِنَّ نَفْسِي إِلَيْكَ مُفْتَقِرَهْ
أَمَرْيَمُ لا واللَّهِ أَنْسَاكِ بَعْدَما
أَمَرْيَمُ لا واللَّهِ أَنْسَاكِ بَعْدَما / صَحِبْتُكِ فِي خَفْضٍ مِنَ الْعَيْشِ أَنْضَرِ
فَقَدْ كُنْتِ فِينَا بَرَّةَ الْقَوْلِ سَرَّةً / سَلِيمَةَ قَلْبٍ فِي مَغِيبٍ وَمَحْضَرِ
فَلُقِّيتِ مِنْ ذِي الْعَرْشِ خَيْرَ تَحِيَّةٍ / تُوافِيكِ فِي رَوْضٍ مِنَ الْقُدْسِ أَخْضَرِ
بَكَيْتُ عَلِيَّاً إِذْ مَضَى لِسَبيلِهِ
بَكَيْتُ عَلِيَّاً إِذْ مَضَى لِسَبيلِهِ / بِعَيْنٍ تَكَادُ الرُّوحُ فِي دَمْعِهَا تَجْرِي
وَإِنِّي لأَدْرِي أَنَّ حُزْني لا يَفِي / بِرُزْئِي وَلَكِنْ لا سَبِيلَ إِلَى الصَّبْرِ
وَكَيْفَ أَذُودُ الْقَلْبَ عَنْ حَسَرَاتِهِ / وَأَهْوَنُ مَا أَلْقَاهُ يَصْدَعُ فِي الصَّخْرِ
يَلُومُونَنِي إِنِّي تَجَاوَزْتُ فِي الْبُكَا / وَهَلْ لاِمْرِئٍ لَمْ يَبْكِ فِي الحُزْنِ مِنْ عُذْرِ
إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَفْرَحْ وَيَحْزَنْ لِنِعْمَةٍ / وَبُؤْسٍ فَلا يُرْجَى لِنَفْعٍ وَلا ضَرِّ
وَمَا كُنْتُ لَوْلا قِسْمَةُ اللَّهِ فِي الْوَرَى / لأَصْبِرَ لَكِنَّا إِلَى غَايَةٍ نَسْرِي
لَقَدْ خَفَّفَ الْبَلْوَى وَإِنْ هِيَ أَشْرَفَتْ / عَلَى النَّفْسِ ما أَرْجُوهُ مِنْ مَوْعِدِ الْحَشْرِ
لَمْ أَصْطَبِرْ بَعْدَكَ مِنْ سَلْوَةٍ
لَمْ أَصْطَبِرْ بَعْدَكَ مِنْ سَلْوَةٍ / لَكِنْ تَصَبَّرْتُ عَلَى جَمْرِ
وَشِيمَةُ الْعَاقِلِ فِي رُزْئِهِ / أَنْ يَسْبقَ السَّلْوَةَ بِالصَّبْرِ
صَبَرْتُ وَمَا بِالصَّبْرِ عَارٌ عَلَى الْفَتَى
صَبَرْتُ وَمَا بِالصَّبْرِ عَارٌ عَلَى الْفَتَى / إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَعَابٌ وَلا نُكْرُ
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ في الصَّبْرِ أَعْدَلُ شَاهِدٍ / عَلَى كَرَمِ الأَخْلاقِ مَا حُمِدَ الصَّبْرُ
لَوْ كَانَ يَدْرِي الْفَتَى مَكْنُونَ مَا خَبَّأَتْ
لَوْ كَانَ يَدْرِي الْفَتَى مَكْنُونَ مَا خَبَّأَتْ / لَهُ الْمَقَادِيرُ لَمْ يَرْكَنْ إِلَى الْحَذَرِ
وَلَوْ دَرَى أَنَّ مَا يَلْقَاهُ مِنْ عَنَتٍ / مِنْ خَيْبَةِ الرَّأْيِ لَمْ يَعْتُبْ عَلَى الْقَدَرِ