القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد زكي أبو شادي الكل
المجموع : 38
قالوا تصبر قد يتوب الغادرُ
قالوا تصبر قد يتوب الغادرُ / قبل الحسابِ وقد يحجّ الفاجرُ
عجباً أينسىِ الغافلينَ هو أنهمُ / عما جَنتهُ ضغائنٌ وصغائرُ
ايقامر المتسامحون بفكرهم / ان جاز أن يهب الثراءَ مقامر
أيخادعون مخادعاً إحسانُه / عبثٌ وأسخفُ ما حكاه مهاتُر
من مَّرغ الأدب اللبابَ جنونُه / وعلى يديه غدا الخرابُ العامرُ
وتحجرَ الشعرُ الكريم بنظمه / فشكت أذاهُ مَقاولٌ ومشاعر
سَرقَ الروائعَ من مفاخرِ غيره / وأماتهَّن ولا يزال يفاخر
ما خفَّفَ الإثمَ الكبير سوابق / حاكى مقابحها وراح يكابر
رُزءٌ تكَّررَ فالسفاهُة ملكها / إرثٌ على السفهاء وَقفٌ دائر
شقيت بهم مصرُ الأسيفهُ حقبةً / طالت وكلُ بالغرور يجاهر
من كل أرعن مالهُ أو كيدهُ / سيفٌ على الأحرار صَلتٌ باتر
حتى أتى البطل الأشمّ كأنّه / تُّل الخرائبِ جَفَّ فيه النَّاضرُ
فَرضَ الضريبةَ للسلامة من أذَّى / سُوَرَ التملق والتملقُ آسرُ
فتكاثر الغلمان حول سريره / مترنمين كما يشاء الساحر
ومرتلين له الخشوع كأنّه / في كل شعوذةِ إمامٌ نادر
وهو الممثل كم يسئ ويشتكى / أنَّ المساء هو النبيلُ الطَّاهر
جيلٌ من الأدباء ضُحىَ نَفعهُ / كيما تُعبَّقَ بالنفاق مجامر
تَخذَ السفيهُ من التبجح حُجَّةَ / للعبقريةِ وهو لاهٍ ساخر
وَجنىَ كما يجني الوباءُ على الحجى / وعلى التفوّقِ سُمُّهُ المتطايرُ
سَدَّ الطريقَ على مدى إبداهم / فالفُّن قبلهمو الفقيرُ الخاسرُ
جَعلَ السياسةَ سُلَّماً لصعوده / ولكم تصاعد بالسياسة عاثر
مَن ذا يعوّضهم وماذا يَرتَجىِ / إن غُيبوا يومَ الرثاءِ الشاعر
بل أى تكفير لجانٍ كافر / إن راحَ يبكى أو تباكي الكافر
أسفى على وطني المذَال عَظيمهُ / يَشقىَ وينعمُ بالنفاق الصاغر
والمخلص الحر الغيور مآله / نفىٌ تنوع أو مماتٌ جائر
الظلم مهما زُينت الوانه / ظلمٌ وظلمُ الفكر عاتٍ عاهر
واذا تنكر للمواهب مُدَّعٍ / سفهاً وصفق للدعىِ القادرُ
وغدا التصُّنعُ فوقَ كل أصالةٍ / واِلغُّر دان له الأبُّى الثائر
وَتخاذَل الأدباءُ يوم تعاونٍ / ومشى علهيم فاجرٌ وُمغامر
فالعدل ظلمٌ والمهانةُ ربُمَّا / هينت بهم ولقد تُهان مقابِر
أخي وجمالُ الشعر ما أنت ناثرٌ
أخي وجمالُ الشعر ما أنت ناثرٌ / علىَّ كأني هادمٌ للقياصرِ
كأني نبّثى لم يدنَّس خياله / وقربانه للفكرِ لا للشعائر
ذكرتكَ في وَجدي غريباً موزَّعاً / كأنك حِررٌ لي أمامَ المخاطر
وقد جئتَ تحبوني ضيافة مشفقٍ / لدى كنفٍ حول الطبيعة ساحر
وياليتني من يستطيع إجابة / وينعم في غابٍ من الناس ساخرِ
أعيشُ أبيعُ الخلق بالبخسِ حكمتي / وقلبي وإن ينبض بأحلام ثائر
وما كان لي حلمٌ ووهمٌ أبيعهُ / سوى المثلِ الأعلى المرَّنحِ خاطريَ
تعاليتُ عن أرجاس دُنيا خسيسةٍ / وإن عشتُ مهموماص بسحق الصغائر
وواعجبي والمرجفونُ تآمروا / حيالي عيشيِ بينهم عَيش طاهرِ
كأنَّي نبعٌ شامخٌ متفجرٌ / ومُكتسحٌ في وثبهِ كلَّ غامرش
أذابَ سناءَ الشمسِ طىَّ صفائِه / وزكَّت معانيه تبسُّمَ عاطرِ
وأنفقتُ عمري في المحبةِ للورى / فلم القَ إلا غادراً بعد غادر
وياما أقلَّ الأوفياءَ بعالمٍ / تواروا به واستعذُبوا جحدَ ناكر
هنيئاً لك الشَّهدُ النميرُ مسلسلاً / كأنَّ به تُروَى ملاحمُ شاعرِ
هنيئاً لك الجُّو الطليقُ كأنه / عوالمُ لم تُفسد بباغٍ وفاجرِ
هنيئاً لك الفكرُ الذي أنتَ مبدعٌ / كأنَّك في الفردوسِ رب المشاعرِ
هنيئاً لك الصحبُ الذين توافدوا / ليغتنموا ما صغتهُ من جواهر
ويا ليتني من يضمنُ القوتَ وحدَه / فلستُ أُبالي بعدَه ما مصائري
فإني غنىُّ في يقيني وهَّمتي / وإن ظَنَّها الجَّهالُ هَّمة عاثرِ
وكم كائدٍ حولي يُرتِّلَ حمدهُ / ويرفع من قدرى على كل قادر
ويطعنني في الخلفِ وهو مُقِّبلٌ / يَراعي كأني سخرةٌ للمقادر
كأن جزاءَ الألمعية حَتلتها / وتكبيلها فيما حَبت من مآثرِ
نواغض قد خَّلفتها غير آسف / فألفيتها حولى تُنغِّصُ حاضري
وما هي إلاّ من نتائج موطن / أفدّيهِ مهما عقَّني في شواعري
تَتَّبعنيِ أفرادُه في صلالهم / وشايعهم أمثالهم في المهاجر
وإن كان عزّاني على البؤسِ أنني / أعيشُ بأرضٍ حُّظها للمغامر
بنوها بنو العلياء لم ألق منهمو / سوى كِّل إكبارٍ برغم المكابرِ
فيا خِّلىَ الحرَّ الأبى وتوأمي / بروحي وتفكيري بيومي وغابري
كفانيَ أن ألقاكَ مُنعَّماً / ولو فترةً يا ساهراً غيرَ ساهرِ
فكم من ليالٍ قد قتلتَ بلاونى / لمحيا جسومٍ أو لمحيا ضمائر
ولم يَشقَ إلاّ اثنان أنت ومبضعٌ / حوى فنِّ جبار لحرب الجبابر
لعلى متى ألقاكَ ألمحُ ومضةَ / بعينيكَ نَمَّت عن شُجون العباقرِ
وَنمَّت عن الفجر الجديد لشاعر / وَنمت عن الخلاَّق خلفَ المظاهرِ
أَزود مُنها خاطري ومشاعري / وأبدأ عُمراً راضياً عن مآثري
سيدي الفارس المجلىّ أتأذَن
سيدي الفارس المجلىّ أتأذَن / بعد ترحيب شاعر لا يُمارِي
بحديثٍ أو قصةٍ لم تلقَّن / دون نُبل الحياةِ للأدهارِ
لم تُؤَّلف احداثُها أو تُدوَّن / في القراطيس أو على الأحجارِ
أو حكاها مُحِّدثٌ يتفنن / بل حكاها دمٌ ودمعٌ جارى
منك إلهامُها ومنى نشيدٌ / في ثناياهُ مُنتهى إكباري
وسعيدٌ من يصطفيك سعيدٌ / كاغتباط الأعشابِ بالأزهارش
واهتزازِ الجديبِ وهو شهيدٌ / لوفودِ الحياةِ في الأمطار
وازدهاءِ الخيالِ وهو شريدٌ / باقترانِ اللُّحونِ والأشعار
زعموا أنَّ مُرسَلاً بين قومٍ / يحصدون الروؤٍ للناس عُجباَ
لم يبالوا ربّاً ولم يعرفوا يو / ماً تجاه الأنامِ حُباً وقُربى
كم روؤسٍ كريمةٍ طوّحوها / ثمّ صارت لهم متاحف تُربى
فدعاهم الى الهداية لكن / صدفوا عنه كلما ازداد قُربا
وأخيراً من بعد لأىٍ مديدٍ / وعدوه بأنه سيلبَّى
سائلينَ السماحَ منه بصيدٍ / واحدٍ قبل أن يَعافوا الحربا
قال هل تقسمون ذلك عهدٌ / فأجابوا أجل لساناً وقلبا
قال سمعاً اذن سيآتي غريبٌ / في غدٍ فاقتلوه نحراً وصلبا
ثم جاء الغد المؤّملُ سحراً / مُفصحاً عن عجائبِ الأسرارِ
وتجَّلت فيه الطبيعةُ نوراً / كعروسٍ تختال بين الَّدراري
كُّل شيءٍ يوحُى حُبوراً وشعراً / للهدُاةِ التُّقاةِ والكفارِ
وإذا بالغريبِ يطفحُ بشراً / قادماً دون خشيةٍ أو عثار
فتهاووا عليه ضرباً ونحراً / وتغنوا غناء أهلِ الفخارِ
ثم ثابوا فأدركوا بَعدُ نُكراً / لا يُجارَى ولم تُبحهُ الضوارى
أي إثمٍ فكراً وصخراً / مثلُ قتلِ الصديق ثم افتخاري
قتلوه وقد تنكر سراً / ليفدى الورى من الأشرار
يا صديقي هذى حكايةُ دُنيا / شقيت بالطَّغاةِ والفجَّارِ
هي دُنيا لأهلنا لو ثوها / باقتناصِ الروؤس دون اعتذار
يقتلون النوابغ الصُّفو قتلاً / ويُبارون في أذى الاحرار
كم روؤسٍ عزيزةٍ دوخوها / ثم أحيوا الفوضى بعارٍ وغارٍ
ورايناكَ من يكافح دهراً / ككفاح المبشرِ المغوار
صائحاً نادباً تُقرِّعُ حيناً / وتُربِّى بعقلك الجبار
ويظل الأشرار في الإِثم غادي / نَ مضِّحينَ صفوةَ الأخيار
أي صديقي كفاكَ وعظاً ووعظاً / وحذارِ الفداءَ يوماً حذارِ
انما الناسُ بالشعور الأبى / وبروحِ الإخاءِ فرداً وشعبا
ما عرفنا التاريخَ في وصف حي / مَجَّدَ العابثينَ قتلاً ونهبا
أو شهدنا الإعجازَ وافى نبي / بين قوم آذوهُ ركلاً وضرباً
أو رأينا التحَّرر الذهبي / لعبيدٍ تأبونَ للفكرِ رَبَّا
أو سمعنا عن ضيعةِ العبقري / في بلادٍ تَرى الجهالةَ ذنبا
أو ذكرنا تفُّوقاً للدعى / في شعوبٍ علت جواءً وُسحبا
أو عرفنا حقَّاً طواهُ الرُّقى / أو دعاوى تصونُ زوراً وسلبا
ذاك تعليمك الشريفُ الزكي / ليس يَنساهُ أى حُرٍ تأبَّى
مرحبا بالكمىِّ عادَ إلينا / نحنث أولى بذهنهِ البتَّارِ
مرحباً بالوقار فكراً وعينا / نتملاه باسماً كالنهارِ
مرحباً بالشموخ لا يتدنَّى / مرحباً بالملاذ في الإعصار
مرحباً بالجلال لا يتسنَّى / مُذ تَمنَّى لحاكمٍ جبَّار
مرحباً بالأديب ينصر حقَّا / ملءَ آياتِ حكمةٍ واقتدارِ
مرحباً بالخطيبِ يَرقىَ ويَرقَىَ / بفنون للسمعِ والأبصارِ
مرحباً بالأبىّ يرفض رِقَّا / حين رَسفِ العتاةِ في الأوغارِ
مرحباً بالإمام غرباً وشرقاً / يا فؤادي ومرحباً يا شِعارِي
تحيةَ مغتربٍ حاضرِ
تحيةَ مغتربٍ حاضرِ / تُزف إلى الشعر والشاعر
تَشربتها من حنانٍ الوجودِ / تدورُ مع الفلك الدائرِ
تفتش عن كل قلب كبيرٍ / وعن كل ذى وترٍ ساحر
فتنهى رسالتها للجمالِ / وللفنِّ والأدبِ الآسر
وارسلتها فوق متن الخيال / فريداً من الأَلقِ الطاهرِ
محررةً عن نطاق القريضِ / وعن قَيدِ تعبيرهِ الظاهرِ
إلى وطنٍ هَمُّهُ شاغلي / وإسعادهُ دائماً حاضري
وما وَحىُ موسى على طور سينا / ولا لوعةُ العالِم الحائرِ
بأروعَ فيما حَوى أو حَوتهُ / من الفن للمبدعِ القاهرِ
سأرقبُ رَجعَ الهوى والغناء / فواتنَ للبِّ والخاطرِ
وأنشقها نفحات السماءِ / تَهادَينَ من وطنَي العاطرِ
لعلي أَرِّددها مُستعزاً / وأنشرُها تُحف الناشرِ
أناشيدَ نابضةً بالحياةٍ / ولو من رؤىَ الزمنِ الغابرِ
وما مصرُ إلاّ سنى المعجزاتِ / ووحىُ العظائمِ للثائرِ
حرى بها رغم جدبِ الزمانِ / وفاءٌ من الشعر والشاعر
أفى العرسِ تُنعى يالها قسوةَ القدر
أفى العرسِ تُنعى يالها قسوةَ القدر / ولكن هي الدنيا تُعَّلمُ من غَدر
ولم ترحم الُّدولاتِ يوماً فهل لها / بأن تُنقذَ الفردَ العظيمَ من الغير
وكنتُ على وعدٍ لألقاكَ مثلما / ألاقي بشاشاتِ الصبَّاحةِ والزَّهر
لأنعمَ بالحلوِ الحديثِ مُرنَّقاً / وبالحبِّ موفوراً وبالرّاحِ والثمر
وأقتبسَ المعنى الثمينَ ذخيرةً / إذا شحَّ ودُ الناسِ أو خاطري افتقر
وأشهدَ أوراقَ الخريف مجانياً / من الجَّنة الفيحاءِ لا ذابلِ الشجر
وما كنتُ أدرى أن موتكَ سابقي / وإن كنتَ لم تَبرحَ على الوعدِ تنتظر
وما رخُصت يوماً بقربك لحظةٌ / بذلتَ لإسعادي ولا مَسَّها الضجر
فها أنا من يلقاكَ والدمعُ خانقي / وما لي ابتسامٌ كابتسامكَ مدُخُّر
تجَّلى على الوجهِ الحبيبِ بوَسنةٍ / هي الرَّاحةُ الكبرىِ لمن كَّدهُ السفر
نَداماكَ جاؤا جازعين وطالما / بِشعرِكَ كانوا الطائفينَ على السمر
يطوفون سكرَى حول نعشكَ في الأَسى / وبالأمس كنتَ الشعرَ يُسكرُ من سكر
رأيتَ بعين الرُّوحِ عُقباكَ إنَّما / أَبيتَ عزيزاً أن تكون على حَذرَ
وَخَلفتناَ لم نفقد الفنَّ وحدَه / بل الرجلَ الفذَّ الذي قلبهُ انفطر
وفي هيكلِ الحبِّ السماوىِّ نَفحهُ / وُشعلتهُ الُمثلىَ تَضئُ لمن عَبرَّ
وفي ذّمةِ الرحمنِ نورٌ أذابه / على الطِّرسِ أو نورٌ على العالم ابتكر
وما كان بالتهويلِ والرَّوعِ فَنُّهُ / ولكنَّه نبعٌ تَسلسلَ وازدهر
وكل الذي أسدى سَجيِّةٌ نفسهِ / وليس مُعاراً من فَلاة ولا حَضر
أَبيتُ الربا إلاَّ ربا الوقتِ عنده / فمن زاره يَغنىَ ومن فَاتَهُ خَسر
كانَّ السنينَ الخمسَ خمسون حجَّةً / بصحبتهِ أو كالخضمِ إذا غَمر
عرفتُ بها الانسانَ في ملكوتة / مَلاكاً وقد عادَى الصغائرَ واحتقر
وأَنشقنيِ عَرفَ التسامي إباؤهُ / وأشعرني بالجاهِ ما صاغ من درُر
لقد عبدوا الأصنامَ وهي سواخرٌ / لغفلتهم أضعافَ ما عبدوا البقر
وَعُّجوا بشكواهم وهم من بِذلِّهم / جحيمٌ اعُّدوه وفي جُبنهمِ سقر
وما ندرةٌ إلا هديةُ رحمةٍ / إلى الخلقِ فاغتيلَ الحنانُ الذي نَدرَ
وقد بَذرَ الحبَّ المصفىَّ لعالمٍ / شقىٍ كأنَّ الله من قلبه بَذَر
ولم يصطحب إلاّ السُّهادَ ببحثه / كذاك النجوم الزُّهرُ تصطحبُ السَّهر
لئن لم يَنل من عمره غيرَ ذكره / فإنَّ أَجلَّ العمرِ ما شَعَّ بالذِّكر
يُصلى عليه المسلمون كأنّه / ولُّى وفي بُرديهِ عثمانُ أو عمر
وتبكى له الصُّلبانُ حتىّ كأنّما / بذبحته كان الفداءَ لمن كَفر
ويعرفه الانسانَ من كل مِلَّةٍ / أخاه فِمن وجدانِه ذاقَ واعتصره
ولم يشرح الانجيلَ إلا خلالُه / ولا كُتب الأديانِ دونَ الذي سَطر
وما قيمةٌ الانسانِ إلاّ بقلبه / فينبضُ بعد الموت في كلّ ما خطر
كذلك غَنَّتنا القرونُ التي مضت / وغنت لنا الافلاكُ إن ليلنا اعتكر
فكيفَ بِمن لمَ يعرف الموتَ طبعهُ / وعاشَ جمالاً للحياة بما نَشر
وكيف بِمن أنفاسُه علويَّةٌ / تَشرَّبها من حولنا كل ما نَضر
إذا قيل يوم الذكر هذا فإنَّه / تضمَّخَ أضعافاً بذكركَ لِلعصر
وما الفاتحُ الغلاّبُ بالنارِ ذكرهُ / بأخلد من لحنٍ تأجَّجَ وانتصر
صديقي الُمسَّجى أي رُزءٍ لعالمٍ / سيبقى على الآباد يَشقىَ ويحتضر
وَيَفنىَ مراراً حين يُبنىَ مكَّرراً / وقد خُلطت فيه الخرائبُ والصُّور
وكان وما زالت معاليه هُوةص / وكان ولم يبرح إذا اكتملَ اندثر
وكان ولم ينفكَّ ماساةَ مسرحٍ / يُهدّمه الباني وتملؤهُ العبر
وهلَ ثمَّ معنىً للنبوغ بأَوِجهِ / يُساقُ إلى الموتِ المحَّتم والحفر
أم الموتُ ميلادُ الحياةِ غنيةً / بما كسبتهُ من تُراثٍ ومن فِكر
وأنك أنتَ العبقري بروِحه / تُحدِّثُ من نَاجَى وُتلهم من شعر
ومنبركُ الحُّر المطل على الُّدَنا / تَفَّردَ لم تحجبه شمسٌ ولا قَمر
عجائبُ ضاقَ العقلُ عنها ببحثه / وَزلَّ خيالُ الشعر فانبتَّ وانكسر
أِجبنيِ كما عوّدتني في صراحةٍ / وفي نظرةٍ نفاذةٍ حلفَ ما استتر
فما كان هذا الصمتُ صمتاً لخاطري / أذا شئت أن تُوحى وتُصدَقني الخبر
وإلاَّ فوا حُزني المضاعفَ عندما / يُرَدِ نجائي كالجريحِ الذي عثر
ويا وحشتي في غُربتيَّ وقلما / أرى غير من باهىَ على الشرِّ وابتدر
عزاء بنى حدَّادِ والخطبُ خطبنا / جميعاً وخطب الألمعيةِ والبشر
ومن ذا يُعزّى في النبيين آلهم / وينسى شعوباً حُّظها اليأسُ والخطر
فما كان هذا النبل ملكاً لأمةٍ / ولا لغةٍ عزّت ولا مرسلٍ ظهر
ولكنه ملكٌ لآفاق نفسه / ومن بعضها أسنى العواطفِ والوتر
غفرنا ذنوبَ الدهر إلاَّ ذنوَبه / على المبدعِ الفنانِ لو أنه غفر
عزاءً لنا جمعاً عراءً فإنما / إذا الشعب لم يُنصف نوابغه انتحر
وما كانت الُقربى الوشيجةَ وحدَها / فبين دموعِ الناسِ ما خَلقَ المطر
وليست دموعٌ تُبذل اليوم حوله / دموعكمو بل ِ من معانيه ما انتثر
ومن ذا الذي منا يؤبن فضله / بأبلغَ من نفحِ الخمائلِ والنَّهر
ومن خطراتِ النور تُضفى حَنانَها / فيلثمها في بِرَّها التربُ والحجر
ومن كلِّ حسنٍ في الوجودُ مؤصلٍ / يجاوبُه بالرُّوح والسمعِ والبصر
ولم أَلقهُ يوماً وكلي حيالَه / خُشوعٌ كحالي اليومَ لا أملكُ النظر
وليس جلالُ الموتِ ما هو قاهري / ولكن جلالٌ في تساميه ما قَهر
لمن رَقرقَ الشعرَ العصىَّ جداولاً / من السحر والآىَ الطهورةِ في سُور
ومن كان أدنى فضله يَبهرُ النُّهى / ويُخفى حياءً منه أضعافَ ما بهر
ومن دمعةُ العاصي عليه كدمعتي / كأني جزءُ منه بد بُتَّ فانشطر
أراني صديقي في وقوفي مؤبناً / أخادعُ نفسي في صفاتك والأثر
وإلاّ فما عذري ومثلكَ من أتى / إلى هذه الأطلال من سدُمٍ أَخر
وليس رثائي غيرَ رمزٍ لوحشتي / فشأنُك بين العبقريةِ والقدر
ومن كان من نورٍ وعطرٍ حياتُه / فغايته التخليدُ في نوره العطر
تعالى على الشكر الحميم بعيشهِ / وفي الموت لا يعينهِ تأبينُ من شَكر
ولكنما يعنيه ثأرٌ على المدى / من الظلم والُّظلامِ والبطشِ والبطر
لئن جادَ بالشعر الرقيقِ أغانياً / فمن خلفها الآلام تقدح بالشرر
لقد عاش عيش التضحياتِ وموته / حياةٌ لمن يحيا وإلهامُ من ثأر
شِربنا مُذاب النار بعد فكاكها
شِربنا مُذاب النار بعد فكاكها / فقهقت الأكوابُ في وثبةِ الجمر
وأحرجت الأقزامَ حتى تلعثموا / ورَّوعت الظُّلامَ في غضبةِ الحر
نعم ظلموها من سنينٍ بحبسها / ولم يعلموا فالخمرُ روحٌ لمن يدري
ولما زأرنا قيل سَكري تخبطوا / وما نحن من يعنو إلى اللهوِ والسكر
ولكننا ثُرنا على الضيم والقذى / كما ثارت الأكوابُ بالسُّخط والثأر
وما أُهدرت إلاّ وفي دمنا لها / حقوق وأحكامٌ على الجبنِ والغدر
وما كان نخبَ اللهوِ كأسُ شريفةٌ / ولكنه رمزُ التطلع للفجر
أمواكبَ الذكرى تَأَنى واهتفي
أمواكبَ الذكرى تَأَنى واهتفي / كالرَّعدِ يهتفُ للسماءِ مرارا
تتجاوبُ الأجيالُ حولكِ مثلما / تتجاوبُ السبَّع الطباقُ جهارَا
مرفوعةَ الأعناقِ ليس لزهوها / معنى الغرور بل السموِّ شِعاراَ
سيرى ملاحمَ للفخار وأنشدي / للخالدينَ الحبَّ والأشعارا
سير مآثر للتحرّر والعلى / فاليومَ يُلهمُ حَظُّكِ الأحرارا
ويصوغُ للأقدار سيرتها غداً / فَتكيفُ الأحلامَ والأقدارا
يصغى الزمانُ إلى نشيدك واعياً / ما كان في ماضي الزمان مُعارا
لا حُكمَ بعدَ اليوم إلاّ ما قضت / شِيمُ الشعوب به وإلاّ انهارا
سَترَّددُ الأقطارُ صوتك قاهراً / خورَ النفوسِ وسائحاً جبارا
سيرُ البطولةِ كالمعارفِ للنُّهى / تغذو الشعورَ وتخلق الأفكارا
رَوَّى الدمُ الغالي مآثرها كما / شَعَّت بأبهى التضحياتِ منارا
وجلاُلها حيُّ وإن هي وُوريت / حِقباً من التاريخ لا تتوارى
عيدٌ يقدّسهُ ذووه تفانياً / ويظل فيهم حاكماً قهارا
هو للبرَّيةِ كلها إيمانُها / أَو ثارُها أيانَّ تطلب ثارا
صانت مبادئه السلامَ وإن تكن / حملت إباءَ الصُّلبِ يقدحُ نارا
يا ويلَ من عملوا على إرهاقه / مِثلُ الحليم على التعسفِ ثارا
تَخذَ النجومَ شعارَه ولعلَّها / أَولى به في فهمها الأسرار
فَلتنصت الدنيا لما هو قائلٌ / فَتضف إلى أعمارِها أعمارا
أشعةُ شمسٍ تلكَ أم رجعُ أشعاري
أشعةُ شمسٍ تلكَ أم رجعُ أشعاري / يعودُ إلى قلبي بحبٍ وأسرار
وما هذه الذّراتُ تَخفقُ مِلأها / جواهُر أم هذى شراراتُ أفكاري
بلى هيَ من ناري وُنوري تبددت / وقد رقصت في الشمس رقصةَ فُجَّار
مضت نحوَ من أهوى وعادت كأنَّها / وقد عبثت حولى ضحية خَمَّار
إذَن أنتِ مثلي يا صغيرةُ إنَّما / أنا الُمثقلُ العاني بسجني وأوزارى
ولا شئَ أقسى من ضميرٍ مبكتٍ / بريئاً فما ساواه طُغيانُ جبار
سَأرسُفُ في هذا الحديدِ مكفراً / وقد كنتُ قبلاً رافلاً بين أزهار
وهيهاتَ أن ألقى الهناءة والرضى / ستلقى وقد كَفرتَ بالسجن عن ذنبك
لقيتَ جزاءً للغرور قضت به / شريعةُ حُبِّ حين أعرضتُ عن حُبِّك
أنظر إلى الكوةِ تَلقَ النورَ يحملني إليكَ / النورُ فيهِ الآنَ من ظِلِّ الشجر
صورٌ تراوغُني وترقص فوق ميتِ الحائطِ / وكأنّما هذى الظِّلالُ بها مآلي قد عَثر
فهوت مُضَّرجةً كآمالي بذلِّ القانطِ / بَادِر إذن وهَلمَّ يا أملي إلى حسن الفرار
إِنيّ لأفضحُ نفسي أينما ذهبت / بي المسالكُ حينَ الحب يُغري بي
فذاكَ صوتي وأنفاسي وناظرتي / تَشى بقلبي فَتفضي بي لتعذيبي
كيفَ الفرارُ أَفق يا غُّربلَ سفهٌ / أن لا أفرَّ ولو ضيعتُ آمالي
لا يقبلُ الظلم حي في مشاعره / سِرُّ الحياةِ ولا يرضَى بأغلالِ
إِضحكي يا شجوني / ولتنم يا غرام
ولتثر يا جنوني / في هوى الانتقام
وما انتقامي بسيفٍ لي أجردُهُ / بل باليراعةِ يخشاها المعاونَا
صبراً إذن يا ابن عبدوسٍ فيومَ غدٍ / ستكرعُ السم إذ تَلقَى ابن زيدونا
ستكرع السم شِعراً ماله مَثلٌ / بالسخر بُضحكُ أحجاراً وباكينا
يا من تطاولَ للفنانِ يرهقهُ / بالمالِ والُّزور لم تَدرِ المحِّيينا
مهما نَأَوا لم يكن للنأى تفرقهٌ / بل البعادُ يزيدُ القربَ تمكينا
يا سارقَ الوردة الحسناء تحسبها / مالاً خَسئتَ فما تدرى الريَّاحينا
لُقِّبت بالفأرِ لم يُنصفكَ من وصفوا / فالفأرُ يكدحُ مقهوراً ومغبونَا
وأنتَ تعبث بالألبابِ آمنةً / مُزينِّاً سَرقةَ الألبابِ تزيينا
لا يَسرِقُ الوردَ إلاّ آثمٌ أَشرٌ / لم يعتنق قلبه لطفاً ولا دينا
في حين قد يسرِقُ الخبزَ الذي غدرت / به الحياةُ وأشقته أفانينا
وناهبُ المالِ في الإجرام منزلةً / أسمىَ من الناهبِ الُمفنى أمانينا
اذن حبيبيَ عجِّل لا تُطل قلقي / إنيّ لأرقبُ في شوقٍ تلاقينا
شوقٌ تَرفَّعَ عن تكييف واصفه / حِسَّاً ومعنىَ وألفاظاً وتبيينا
تراني حين تَنشدني /
نعم تراني اذا أقدمتَ دونَ وَنَىً / على الفرار إلى حُلمي الى فِتنيِ
أنا التي ألهمتكَ الفنَّ نشوتُها / ولن يُقَّيدَ في سجنٍ ولا زمن
عَجِّل وَدبِّر سبيلاً للفرار غداً / ولا تُبال بأحقادٍ ولا فِتنِ
فالناسُ مُذ خُلقوا أعداءُ من نَبغوا / وَهُم عبيدُ لدى الأصنام والدِّمنِ
يا مالكاً لا عن وراثة شامخٍ
يا مالكاً لا عن وراثة شامخٍ / بجدوده حين الجدودُ فخارُ
بل عن محبة شعبة وخياره / والشعبُ حُقَّ له الذي يَختارُ
الملك مُلك الشعبِ حين زعيمهُ / ملكٌ هو المأثورُ لا الجبار
مُتوِّهجٌ بدم الكفاح وإن يكن / سلماً وفي سَلمِ الكفاحِ النار
قالوا ألا تَصفُ المليكَ فقلت بل / وصفَ المليك سلوُكه القَّهارُ
هو واحدٌ من شعبه لم يغترر / يوماً ولا مجدٌ لديه مُعارُ
يحنو عليه فيستجيبُ لعطفه / ما فيه أضداد ولا أنصارُ
بل كلُّهُ يومَ الكريهةِ شُعلة / وجميعه يومَ السلام الغارُ
إن كان ماضيه الحضارة والعلى / فإلى غدٍ له تَشخصُ الأبصارُ
شبل الألى عمَّت حضارتُهم هدىً / أمماً ولم يمسسُ علاها العار
سطعت بأندلسَ العظيمةِ حُرةً / ومضت وظلَّ عبيدَها الأحرارُ
يستلهمون جمالها وشعارَها / إن أَعوز المستلهمين شعارُ
أمحمدٌ ما كنتَ خامس عاهلٍ يقظٍ / يَهابُ جلاله الفجَّارُ
يا رائداً للمكرمات وحَكمهُ / سِيرَ البطولةِ حولها الإعصار
ماذا اقدِّمُ يومَ عيدِك من حُلىً / وَحلاَكَ زاهيةٌ بها الآثارُ
ليس التمسُّح في الملوك سجيتي / إن صاحَ خلفهمو العفاةُ وساروا
بل للمبادئ وحدَها أزجى لها / ما ترتضي الأحلامُ والأشعارُ
عش مَضربَ الأمثالِ للأُمم التي / عانت ودوَّخَ حظَّها الأشرارُ
يا رُبَّ فردٍ قد يُضِّيعُ أمةً / سواه تَعمرُ حوَله الأعمارُ
بوركتَ يا شعبَ الكنانة ثائرا
بوركتَ يا شعبَ الكنانة ثائرا / حُراً ويا وطنَ البطولةِ قاهرَا
أُزجىِ إليك تحَّيتي من خاطرٍ / دامٍ ومن قلبٍ يذوبُ شواعرا
يأبى النفاقَ ولا يبوحُ بغير ما / جَعلَ الحياةَ نفائساً وذخائرا
ليسَ الصديقُ هو المقَّربُ وحدهُ / ولربَّ مهجورٍ يُظن الهاجرا
إبدأ بنفسكَ مُصلحاً وُمقوما / فتكونَ أقدرَ حين تَلقى الفاجِرا
إن كان غيبني العتاةُ فَمهجتني / لكَ أينَ كنتَ مُكافحاً ومُناصِرا
آبى مساومةَ الطُّغاةِ وإن أذُق / شَرَّ الأذاةِ مُوالياً لكَ ذاكِرا
من عَّلمَ الأسدَ العجوزَ وقد مضت / أيامَّه ألاّ يكونَ مُحاذرا
ليسَ المغامِرُ والموفقُ واحداً / فَمنَ التدهور ما يكونُ مُغامراً
إن كان يُعوزنُا السلاحُ فربَّما / خلقَ الإباءُ بنا السلاحَ الباترا
وَحشٌ للاستعمارِ يُمعنُ شَرُّهُ / باسمِ الحضارةِ والتَّقدمِ ساخرا
وكأنما حسبَ العقولَ نفايةً / للناسِ أو بعضَ الهواجسِ دائرا
هل يُصلحُ المذياعُ من آثامِه / حين الرصاصُ يصيحُ أرعنَ كافرا
حينَ الفظائعث قد خَطبن بألسنٍ / للنارِ واعتلت الجراحُ منابرا
حينَ الأساطيرُ التي يُدلى بها / سَبت بصائر للورى وسرائرا
حينَ الخرائبُ صارخاتُ حول / مثلَ اليتامَى لا تمثِّلُ عامِرا
حين التحُّكمُ في الحقوقِ ونهبها / مِثلُ الوعودِ الضائعاتِ طَوائرا
إن كان حسنُ الظنِّ ذنباً أولاً / فيه فكيف يُعُّد ذنباً آخرا
هو غايةُ الإجرامِ للوطنِ الذي / عانى وعانى من أذاهُ خسائرا
لن يمنحَ الوطنُ المفدَّى صفحهُ / لفتىً يُخادع أو يُخادع صابرا
ويرى بالاستعمار بعضَ خلاصه / هل كان الاستعمارُ إلاّ جائرا
يفتُّن في سفك الدماء وإنها / لأَعز ما خلقَ الإباءَ الثائرا
يا ليتني كنتُ الفداءَ وإن أكن / أعطى أعزَّ نهاى فكراً سائراً
وابيتُ من شيخوختي اسقامها / فوهبتُ صدقَ هواى لحنا شاعرا
ما كان من شيمِ الأسودِ تسفُّلٌ / فهو ابنُ آوى كيفَ قالَ مُكابرا
قَرنٌ من التغرير علَّم نشأنا / أن يَحذروه مفاوضاً ومُشاورا
الغادرُ السَّفاحُ نافارينُ لم / تبرح تُحِّدثُ عنه عَهداً غادرا
منه تَلقنت الدسائسُ فنهَّا / وقَتلنَ للفن الوضيعِ ضمائرا
حذاً بنى وطني فذاك عدوكم / مهما تقلبَ في المظاهرِ ماكرا
لا تمنحوه سوى القطيعه وحدَها / فمن القطيعةِ ما يكونُ الزاجرا
أو ما يكون به الخلاصُ ليومكم / وغدٍ نؤَملُ فيه بعثاً باهرا
حذراً بنى وطني وكونوا وحدةً / فعالةض لا ضجةً وحناجرا
ليست سلاَمتكم مجالاً هيناً / إن السلامةَ قد تكونُ مخاطرا
لا تأسفوا مهما حزنتم للألى / ذهبوا الضحايا في القناة حرائر
حملَ الأديمُ من النجيعِ وَصيَّةً / تبقىَ لأحقابٍ تدومُ ذواكرا
ويظل يسألنا المزيدَ تطهُّراً / من رجسِ ماضينا ويُرشد حائرا
خلوا التغنِّى بالجدودِ وفضلهم / مهما تلألأ روعةً ومفاخرا
فهو الغنى بذاته عن ذكرهِ / إلاَّ ليلهمَ عافياً أو ساهرا
وخذوا بأسبابٍ لمتعةِ حاضرٍ / إنَّ الحقيقةَ ما تمثَّلَ حاضرا
كونوا من الشهداءِ في إعجازكم / بثباتكم لا تجعلوهُ العابرا
لا عُذرَ بعدَ اليومِ عند تهاونٍ / إنَّ التفوقَ لا يُطيقُ معاذرا
أَيُّها الشعبُ لماذا تنتحر
أَيُّها الشعبُ لماذا تنتحر / ولماذا تترك الجاني يفر
ولماذا أنت تلهو بالخطر / بَدَل الحزم لإحرازِ الوطر
الفدائي هو الحر الذي / يخلق الحقَّ إذا الحق اندثر
لا الذي يحرقُ امجاداً لهُ / أسعدَتهُ مثلَ حُلمٍ يُحتقر
أترى الجنَّةَ أهلاً للظَّى / حينما يطغى هنيئاً من فَجر
حسبكَ النارُ التي تَشقى بها / أنتَ تشقى في ضروبٍ من سقر
حسبكَ الظُّلامُ من أهلكَ بل / حسبك الظُّلامُ من كلِّ البشر
فلماذا تتركُ الجاني يفر / ولماذا أنت يأساً تنتحر
اترك اليأس وبادر للوغى / ضدَّ أهلِ البغيِ بل ضَّد القدر
ما هوىَ شعبٌ أبى لا يرىَ / في قبولِ الذلِّ ذَنباً يُغتفر
يرفضُ الوَهمَ ويأبى فوقه / أوصياءَ من عُجولٍ وبقر
يرفضُ العسف ويَأبى دينه / صلواتٍ لعتماةٍ وحجر
فخرهُ بل قُوتهُ حريةٌ / عاشَ فيها وتسامَ وَخطر
لا خنوع كيفما كانَ ولا / ثورةُ اليأسِ ولا قُبحُ الأثر
وإذا ثارَ فَمن ثورِته / يَطلعُ الفجرُ إذا الليلُ اعتكر
أَصارَ مثليَ عاراً أم غدا خطرا
أَصارَ مثليَ عاراً أم غدا خطرا / يا ويحَ من عاثَ في مصر ومن أمرا
أصارَ كل سفيهٍ سارقٍ دنسٍ / رباً وأصبح ارقى أهلنا مَدرا
أيُحسبُ العاهرُ القَّوادُ ذا شرفٍ / ويغتدى العاملُ المقدام مُحتقرا
والشعبُ كيف أَضلتهُ مهازلهم / فصار يمدحُ من أشقوهُ مفتخرا
قد ضاعَ جهدىَ فيهم واغتدى أملي / يأساً ولو أنني ما زلتُ مغتفرا
أحنو عليهم وأسعى دائباً يَقظاً / لخيرهم وأعاني غُربتي صُورا
وأحرمُ الرزقَ من كيدٍ برى جسدي / وهمتي وأنا أستعذبُ الخطرا
ماذا يقول الورى عنا متى نُشرت / صُحفُ التواريخِ تروى ذُلنَّا خبرا
وأى عذرٍ لشعبٍ لم يثر أنفاً / من راكبيه وهل في الذلِّ من غدرَ
يا واضعي اسمى بين المجرمينَ كفى / هذا لمثلي تشريفاً إذا بطرا
لي أن أباهي أقراني إذا افتخروا / بالمالِ والجاهِ أو أن أشكر القدرا
إن كان عُمرىَ إحساناً وتزكيةً / عنكم يؤهلني للضيمِ مُستعرا
فالحمقُ والُّزورُ والإفسادُ محمدةٌ / وأنبلُ الناسِ من اشقىَ ومن غدرا
كأنكَ لم تقرن بمجدٍ مؤصل
كأنكَ لم تقرن بمجدٍ مؤصل / وكنت خيالاً أو أقلَّ معارا
وكنا اعتززنا بالذي قد وهبته / فكيف تولى ما وهبتَ وبارا
وكنا اذا ما أظلمَ الحظ حولنا / نظرنا إلى ما حزتهُ فأنارا
وكنا نرى مصر شعارك أو نرى / لمصر الذي أديتَ صارَ شعارا
وكنا نراهُ الربحَ والمجدَ والغنى / فكيف غدا وهماً لنا وخسارا
وكيف ولم تعبث به يدُ مصطفى / ولا أهله الاطهارُ حين توارى
وكيف وذاتُ الصون زينبُ لم تزل / تضيفُ إليه بالنوالِ مِرارا
غَدت هي أمَّ المؤمنين بفضلها / وأخلاقُها الزهراءُ ليس تُبارى
وهذا المليكُ الشهمُ باركَ سعيها / وباركَ سعياً للرئيس جهارا
ورف لها التقدير عطفاً مسوغاً / ولا بدعَ مذ كانت لمصر فَخارا
ولا غرو إذ صلى الرئيسُ لحفظه / وأزجى دُعاءً قد أضاءَ منارا
وقبلَ أعتاباً طهرنَ زكيةً / تركنَ عقولَ الأوفياءِ سُكارى
وكيف وما في مصر إلا عدالةٌ / لفاروق أنىَّ حلَّ أو هو سارا
تيمنت الدنيا بطلعته كما / تفيض علينا راحتاه نضارا
فكيف إذن ولِّى لمصر رجاؤها / كما روعَ الطيرُ الأمين فطارا
لقد ضاق عقلي عن تعرفِ خطبها / وأعجزتُ عن فحصٍ يزيح ستارا
وأغلب ظني أنَّ عقلك وحده / كفيلٌ إذا عقلٌ كعقليَ ثارا
أيها العام الذي وا
أيها العام الذي وا / فى وفي الأنفاس عطرُ
شاعرا ينشد أح / لاما وللأحلام شكر
مرحبا يا أيها الش / شادي الذي نجواه شعر
يا وليدا هشّت الد / دنيا له وافترّ ثغر
قبّلته مثلما حيا / ه تأميل وفكر
أترى تنصف أه / ليك فيرضى عنك حر
أم ترى تخذلهم يا / عام إن بشوا وشروا
يا وليدا طهره ال / بسام للأرواح سحر
ليتنا نضمن آتي / كَ وليت اليوم دهر
كل سر هو مهر / للذي عندك سر
ترك الناس أسارى / ليت هذا الأسر أسر
إنه أقسى مرارا / واحتمال اليأس مر
فاتهم في القلق ال / مضني إلى أن لاح فجر
فأتوك كالنشاوى حين / نما الأضواء خمر
هتفوا إذ دقت الس / ساعة واستهواك بشر
شاكرين الحظ وال / حظ خؤون كم يغر
لا يبالي إن أتاه / الشكر أم لم يأت شكر
هو كالصقر وما با / لى رفيف الطير صقر
هو كالجبل الشامخ لم / يعبأ ولم يهززه صخر
هو كالبحر الذي إن / ماج لا يثنيه قطر
هو مثل القيصر ال / عاتي له الأقوام خروا
هو مثل المرج لم / يحصر وفيه الشوك زهر
هو مثل الليل لم يس / كن وفيه النجم جمر
هو كالجو الذي يض / حك وهو المكفهر
هو كالصحراء في الت / تيه وفيها الأمن غدر
كل هذا وسواه / هو للحظ مقر
أي لون منه يا عا / مٌ به للحلم وكر
لا مفر منه للأسرى ال / حيارى لا مفر
قل أجبني يا ولي / دا كل وحي منه طهر
إن ما تحكيه حق / أهو بعد اليوم نكر
عل إيمانا لنا تت / لوه لا يتلوه كفرا
إيه يا عيد الأماني / وأماني الناس ذخر
كن رحيما بالبرا / يا حسبهم وزر ووزر
وجحيم من عدا / وات كأن الكون قبر
لا تدعهم في ضلا / ل الجهل لم يبلغه حصر
ولتباركهم كما با / رك عيسى من أضروا
علهم يغدون إخوا / نا ويفني الشرّ خير
أشح بوجهك عن فكري وعن نظري
أشح بوجهك عن فكري وعن نظري / فربما هيجا كالصاخب الشرر
ولا تقل مصر صارت جنة أنفا / صانت لي الحب في فردوسها العطر
فما عرفت بها إلا زيانية / في كل عهدٍ وحظي عندهم ضرري
وما أقل صحابي في خمائلها / ماتوا على الجمر أو عاشوا على الحذر
كأنما النحس غنى يوم مولدنا / ملاحم البأس والآلام والخطر
وما أشك بإخلاص لقادتها / من أنقذوها من الطاغوت والخور
لكن أشك عميما في حصافتهم / فقد غدا صنعهم أضحوكة القدر
العازفين عن الأحرار شردهم / يأس وجمعهم تأنان محتضر
والحاضنين عبيد الظلم من كفروا / بالحق وافتخروا بالموقف القذر
والحالمين بإعزاز لأمتهم / على ايادي لصوص بالغي الضرر
والقائلين ذوي الألباب في عمه / كأنّما جردوا من نعمة البصر
والخائفين الحيارى من مؤامرة / وهمو همو وحدهم إلهام مؤتمر
والخاذلين رجالا مهدوا لهمو / بالفكر والروح والإيثار للظفر
والشاكرين سفيها ظل خائنهم / وإن تشدق بالأشعار والسور
والصافعين وفيا بات يمدحهم / من أجل مصر وشهما جل عن وطر
والقانعين بأطفال حيالهمو / اجل هم لهم في اللهو والسمر
هذي وهذي وهذي كلها عبر / لكنهم غفلوا عن هذه العبر
حتى لأخشى عليهم من عمايتهم / كأنهم شابهوا المغلوب من أكر
يا لائمي المتجني إن تكن رجلا / إجعل حديثك عن ماضي واعتبر
التضحيات الغوالي ملء ساحته / صلبن مثل سنين ضعن من عمري
ما عابني طعن من خانوا ومن غدروا / إن لم أخن مبدئي أو لم تخن فكري
في ذمة الله ما أسلفت من مثل / عليا وما لم أزل اسديه من غرر
أنا الفقير سوى من خلق مبتدر / إلى الصلاح ومن إبداع مقتدر
إن فاتني جدد الحكام ما فتئت / مآثري كذيول الشمس في أثري
الخاسرون همو حتى وإن حرمت / نفسي الرؤى في سماء النيل أو قمري
فإن في النفي تطهيرا أحس به / كأنما أنا قديس لمنتظر
آثرته مشمئزا من حماقتهم / وإن خلفت لهم غفران معتذر
وقد كفاني يراعي الحر أو وترى / مجدا يرام وأغنت عالمي صوري
كما نفضت يدي منهم بلا اسف / وما نفضت يدي من مصر أو نظري
إلى إيطاليا خفوا وطيروا
إلى إيطاليا خفوا وطيروا / هنالك لا هنا لكمو المصير
إلى فاروق حيث خصصتموه / بتسبيح هو النيل الكبير
شقينا منكمو عمرا طويلا / فروحوا عمركم عمر قصير
ولا تتواضعوا بالطهر دعوى / فإن الطهر عنوان حقير
لكم حاربتمو مثلي كأني / أنا الجاني وكلكمو الطهور
وكم من غصّة من بعد أخرى / تحمّلنا وكلكمو فخور
تنافستم بألوان الدنايا / كأنكمو السواقي إذ تدور
وسودتم معالمنا سفاها / وقلتم هكذا تزهو البدور
وعاقبتم لنا حسا طليقا / كأن أخس ما نجني الشعور
ولم ترضوا لنا رزقا حلالا / ورزقكمو الغواية والفجور
ولم نبذل لمصر الخير إلا / وأجمعكم بنقمته يثور
إذا اعترف الأباعد والأعادي / بقيمتنا فقد هوت النسور
أبعد جميع ما أسلفتموه / يقال الآن مولانا الوزير
ومولانا الأديب الحر حقا / ومن آياته كيد وزور
ومولانا الذي وهب البرايا / مآثره وأجمعها غرور
ومولانا الذي لم يجن ذنبا / فليس لمثله ذنب صغير
ومولانا الذي يرجى مثالا / لأمته ومولانا الجسور
ومولانا الذي جعل المعالي / تحج إليه إذ هو لا يزور
لعمري لست أدري أي حظ / يداعبنا وما الراي الأخير
أعين العدل يحكمنا التعالي / أم الإنصاف يحكمنا الحمير
إسألوا الشاحب القمر
إسألوا الشاحب القمر / واسألوا الدامع الزهر
واسألوا النجم حائرا / واسألوا الشمس في حذر
واسألوا النور باهتا / خائفا ما له مقر
واسألوا النهر واجما / كل موج له عثر
واسألوا الحب بعد ما / فاته القوس والوتر
واسألوا الحسن خاشعا / بعد ما تاه أو أمر
إسألوهم عن الذي / أرعش الروح والحجر
كيف قد غاله الردى / فجأة غادرا وفر
أترى كل ذنبه / أنه شاعر شعر
أنه شع أنسه / في مجالس السمر
أنه نغم الأسى / أنه طارد الضجر
أنه أبدع المنى / مثلما أبدع الصور
أنه داعب الهوى / والهوى كله خطر
أنه أنقذ الورى / من شرور ومن شرر
انه اشكر النهى / وهو من همه سكر
أنه أنضر الربى / حينما صوح الشجر
أنه أنتج الجنى / في دنى النحل والبشر
أنه صاغ شعره / من دموع ومن فكر
أنه زف مطربا / ما تسامى وما ندر
أنه كان طبة / فوق طب ومختبر
أنه عاش دائما / ضاحكا يهزم الكدر
أنه كان شعلة / من ذكاء وكم بهر
لم تفته أصالةٌ / إن يكن فاته الوطر
يا صديقي وكم زها / من وفائي وكم فخر
نعيك المر وقعه / وقع طود إذا انفجر
أيّ ثأر لعاشق / فاته الحب إن ثأر
ليس سخطي ولوعتي / ليس دمعي الذي انهمر
ليس زهدي بحاضري / بعد فقدان ما عبر
ليس سخري بعالم / في غباواته انتصر
ليس هذا وغيره / من حطامي الذي انتثر
من فؤادي الذي هوى / في جحيم من الغير
من تباريح ثورتي / حينما خاطري استعر
بالذي يرجع المنى / واثبات من الحفر
ليتني إيه صاحبي / لم يطل غربتي الحذر
ليتني كنت سابقا / ليتك الخالد الأبر
راثيا أنت لا أنا / حظنا في يد القدر
نحن في عالم به / أسعد الناس من غفر
كلنا دون ذرة / من هباء ون مطر
لم نخيّره وإنما / ندّعي الخبر والخبر
ليس لي غير خمرة / من جراح ومن عبر
يا ابن الخصاصة حين تحسب عزة
يا ابن الخصاصة حين تحسب عزة / وابن الكفاح على المدى قهارا
في ظلمة الكوخ الحقير تشربت / روح لك النورا النبيل مرارا
فنشأت كالراعي الشفيق على الورى / تستلهم الآلام والأكدارا
وكدحت طفلا في الحقول وبعدها / في الليل تكدح دارسا صبارا
فإذا نبوغك في الطفولة ساطع / مثل الضحى نورا أغر ونارا
وإذا شبابك في فصاحة مدره / بهر الكبار وملك الإكبارا
وبعثت مندوبا لندوة أمة / قدرت نبوغا فيك لا يتوارى
دافعت فيها عن كرامة من هووا / في الرق واعتنقوا الأذى والعارا
ناديت لن تبقى الغداة حكومة / فخرا وزدت جلاله أعمارا
هيهات غير الحق يخلق قوة / هيهات مهما يخلب الأنظارا
لنطلق الأسرى وهم أخواننا / في الرق قد وجدوا الحياة يوارا
وبلغت أعلى منصب قد زدته / فخرا وزدت جلاله أعمارا
لولا التعصب في الجنوب أثاره / زعماؤه في حمقهم إعصارا
وأبوا سوى الحرب الأثيمة وحدها / ردّا وغير جموحهم أنصارا
فجعلت تحرير العبيد سياسة / وتخذت توحيد البلاد منارا
حتى إذا انتصرت جيوشك لم تعد / إلا زعيم بلادك الغفارا
وأخذت تبني من جديد حظّها / كالغيث يطلع في الربى النوارا
ويدا الرجاء من الرماد كأنه / بعث أعاد خلائقا وديارا
فإذا القضاء مهيئ لك مصرعا / واها له والنصر صار معارا
كلا وكلا ما قتلت لميتة / بل للخلود مكرّرا وجهارا
عمّدت بالدم أيها الفادي لنا / مثلا على الأدهار سوف تجارى
ما أن مظلوم وضحى ماجد / إلا وكنت له لظى وشرارا
ورآك في أحلامه ويقينه / أبدا فهمّ يصارع الجبّار
نبئت أنك عن قرب ستسعدنا
نبئت أنك عن قرب ستسعدنا / بيوم عرسك إني جد منتظر
وذي سطور على بعد أحملها / شوقي إليك بيوم عاطر مطر
حيث الأزاهير حولي ليس ينقصها / إلا محياك سمحا ماليا نظري
وحيث في الطل أنغام تداعبني / كأنها من معاني شدوك النضر
وحيث بكرت الأطيار شادية / والطل يغمرها بالحب والخفر
وحيث تبتهج الأشجار راقصة / بالذكريات ومن ألوانها ذكري
وحيث في العشب عباد تصوفهم / سجودهم في الحصى والشوك والحجر
وحيث رفت فراشات كآلهة / يبحثن عن عالم للحب مبتكر
وحيثما حشرات لا عداد لها / نأين عن صور العدوان والخطر
ولذن بالغيث والأزهار آمنة / وقد حمين بمن ناجين من شجر
كأنما هي أهلوها وأخوتها / إن شمخن وما شاكلن للبصر
كأنها هي بعضي حين أرمقها / تهفو إليّ ولم يعلق بها ضرري
وحيثما الساحل الدافي لزؤريه / كنز من التبر أو كنز من الدرر
تظرتها كلها في خطف ناظرتي / كأنها معرض قد طاف بالصور
فقلت يا ليت عيسى كان ناظرها / قربي وكان لساني اليوم أو وتري
وإذ حرمتك صاح الشعر في قلمي / لكي أخصّك بالجياش من فكري
ومن عواطف قلب أنت مسعده / في كل حال وحاميه من الغير
يا ما أقلّ الألى ينسون أنفسهم / ويسعدون الورى إسعاد مقتدر
حلمت أنك قد أصبحت معتزلا
حلمت أنك قد أصبحت معتزلا / مثلي ولكن بحق كعب أحبار
هنا تحدث عن دين عناكبنا / كما يحدث عنه الجدول الجاري
ومارح الطير غريدا ومستمعا / وواثب العطر من حانوت عطار
ورهبة الريف في نبت وفي حجر / كمعبد مستقر منذ أدهار
كأنما كل ركن فيه صومعة / رفت أناجيلها ما بين أشجار
ملء الأشعة أو ظل لها نضر / وفي تبسم أنداء وأزهار
وفي هوى حشرات من تبرّجها / كل المعاني لعشّاق وسمار
هنا توحدت الأديان صادقة / ولم توزع لأنجاس وأطهار
هنا المحبة كنز لا انتهاء له / والفن يختال في لحن وأشعار
هنا الورى كلهم إيمانهم عمم / ولا تفرقهم أهواء فجار
هنا الحياة حياة لا حدود لها / وعزلتي هي تسبيحي وإيثاري
هنا وددتك في قربى تشاركني / هذا الجمال زميلين بأسفار
قد اعتنقنا الهدى لكن تصوفنا / بزّ التصوف في آيات ذكرا
وفات أوهام من هاموا ومن زعموا / أن الطبية خصّتهم بأسرار
فنحن أبناؤُها الأبرار أجمعنا / لدى حماها وما هامت بمختار
وكل من جاءها أهل لنعمتها / وكل من زارها كعب لأحبار

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025