المجموع : 38
قالوا تصبر قد يتوب الغادرُ
قالوا تصبر قد يتوب الغادرُ / قبل الحسابِ وقد يحجّ الفاجرُ
عجباً أينسىِ الغافلينَ هو أنهمُ / عما جَنتهُ ضغائنٌ وصغائرُ
ايقامر المتسامحون بفكرهم / ان جاز أن يهب الثراءَ مقامر
أيخادعون مخادعاً إحسانُه / عبثٌ وأسخفُ ما حكاه مهاتُر
من مَّرغ الأدب اللبابَ جنونُه / وعلى يديه غدا الخرابُ العامرُ
وتحجرَ الشعرُ الكريم بنظمه / فشكت أذاهُ مَقاولٌ ومشاعر
سَرقَ الروائعَ من مفاخرِ غيره / وأماتهَّن ولا يزال يفاخر
ما خفَّفَ الإثمَ الكبير سوابق / حاكى مقابحها وراح يكابر
رُزءٌ تكَّررَ فالسفاهُة ملكها / إرثٌ على السفهاء وَقفٌ دائر
شقيت بهم مصرُ الأسيفهُ حقبةً / طالت وكلُ بالغرور يجاهر
من كل أرعن مالهُ أو كيدهُ / سيفٌ على الأحرار صَلتٌ باتر
حتى أتى البطل الأشمّ كأنّه / تُّل الخرائبِ جَفَّ فيه النَّاضرُ
فَرضَ الضريبةَ للسلامة من أذَّى / سُوَرَ التملق والتملقُ آسرُ
فتكاثر الغلمان حول سريره / مترنمين كما يشاء الساحر
ومرتلين له الخشوع كأنّه / في كل شعوذةِ إمامٌ نادر
وهو الممثل كم يسئ ويشتكى / أنَّ المساء هو النبيلُ الطَّاهر
جيلٌ من الأدباء ضُحىَ نَفعهُ / كيما تُعبَّقَ بالنفاق مجامر
تَخذَ السفيهُ من التبجح حُجَّةَ / للعبقريةِ وهو لاهٍ ساخر
وَجنىَ كما يجني الوباءُ على الحجى / وعلى التفوّقِ سُمُّهُ المتطايرُ
سَدَّ الطريقَ على مدى إبداهم / فالفُّن قبلهمو الفقيرُ الخاسرُ
جَعلَ السياسةَ سُلَّماً لصعوده / ولكم تصاعد بالسياسة عاثر
مَن ذا يعوّضهم وماذا يَرتَجىِ / إن غُيبوا يومَ الرثاءِ الشاعر
بل أى تكفير لجانٍ كافر / إن راحَ يبكى أو تباكي الكافر
أسفى على وطني المذَال عَظيمهُ / يَشقىَ وينعمُ بالنفاق الصاغر
والمخلص الحر الغيور مآله / نفىٌ تنوع أو مماتٌ جائر
الظلم مهما زُينت الوانه / ظلمٌ وظلمُ الفكر عاتٍ عاهر
واذا تنكر للمواهب مُدَّعٍ / سفهاً وصفق للدعىِ القادرُ
وغدا التصُّنعُ فوقَ كل أصالةٍ / واِلغُّر دان له الأبُّى الثائر
وَتخاذَل الأدباءُ يوم تعاونٍ / ومشى علهيم فاجرٌ وُمغامر
فالعدل ظلمٌ والمهانةُ ربُمَّا / هينت بهم ولقد تُهان مقابِر
أخي وجمالُ الشعر ما أنت ناثرٌ
أخي وجمالُ الشعر ما أنت ناثرٌ / علىَّ كأني هادمٌ للقياصرِ
كأني نبّثى لم يدنَّس خياله / وقربانه للفكرِ لا للشعائر
ذكرتكَ في وَجدي غريباً موزَّعاً / كأنك حِررٌ لي أمامَ المخاطر
وقد جئتَ تحبوني ضيافة مشفقٍ / لدى كنفٍ حول الطبيعة ساحر
وياليتني من يستطيع إجابة / وينعم في غابٍ من الناس ساخرِ
أعيشُ أبيعُ الخلق بالبخسِ حكمتي / وقلبي وإن ينبض بأحلام ثائر
وما كان لي حلمٌ ووهمٌ أبيعهُ / سوى المثلِ الأعلى المرَّنحِ خاطريَ
تعاليتُ عن أرجاس دُنيا خسيسةٍ / وإن عشتُ مهموماص بسحق الصغائر
وواعجبي والمرجفونُ تآمروا / حيالي عيشيِ بينهم عَيش طاهرِ
كأنَّي نبعٌ شامخٌ متفجرٌ / ومُكتسحٌ في وثبهِ كلَّ غامرش
أذابَ سناءَ الشمسِ طىَّ صفائِه / وزكَّت معانيه تبسُّمَ عاطرِ
وأنفقتُ عمري في المحبةِ للورى / فلم القَ إلا غادراً بعد غادر
وياما أقلَّ الأوفياءَ بعالمٍ / تواروا به واستعذُبوا جحدَ ناكر
هنيئاً لك الشَّهدُ النميرُ مسلسلاً / كأنَّ به تُروَى ملاحمُ شاعرِ
هنيئاً لك الجُّو الطليقُ كأنه / عوالمُ لم تُفسد بباغٍ وفاجرِ
هنيئاً لك الفكرُ الذي أنتَ مبدعٌ / كأنَّك في الفردوسِ رب المشاعرِ
هنيئاً لك الصحبُ الذين توافدوا / ليغتنموا ما صغتهُ من جواهر
ويا ليتني من يضمنُ القوتَ وحدَه / فلستُ أُبالي بعدَه ما مصائري
فإني غنىُّ في يقيني وهَّمتي / وإن ظَنَّها الجَّهالُ هَّمة عاثرِ
وكم كائدٍ حولي يُرتِّلَ حمدهُ / ويرفع من قدرى على كل قادر
ويطعنني في الخلفِ وهو مُقِّبلٌ / يَراعي كأني سخرةٌ للمقادر
كأن جزاءَ الألمعية حَتلتها / وتكبيلها فيما حَبت من مآثرِ
نواغض قد خَّلفتها غير آسف / فألفيتها حولى تُنغِّصُ حاضري
وما هي إلاّ من نتائج موطن / أفدّيهِ مهما عقَّني في شواعري
تَتَّبعنيِ أفرادُه في صلالهم / وشايعهم أمثالهم في المهاجر
وإن كان عزّاني على البؤسِ أنني / أعيشُ بأرضٍ حُّظها للمغامر
بنوها بنو العلياء لم ألق منهمو / سوى كِّل إكبارٍ برغم المكابرِ
فيا خِّلىَ الحرَّ الأبى وتوأمي / بروحي وتفكيري بيومي وغابري
كفانيَ أن ألقاكَ مُنعَّماً / ولو فترةً يا ساهراً غيرَ ساهرِ
فكم من ليالٍ قد قتلتَ بلاونى / لمحيا جسومٍ أو لمحيا ضمائر
ولم يَشقَ إلاّ اثنان أنت ومبضعٌ / حوى فنِّ جبار لحرب الجبابر
لعلى متى ألقاكَ ألمحُ ومضةَ / بعينيكَ نَمَّت عن شُجون العباقرِ
وَنمَّت عن الفجر الجديد لشاعر / وَنمت عن الخلاَّق خلفَ المظاهرِ
أَزود مُنها خاطري ومشاعري / وأبدأ عُمراً راضياً عن مآثري
سيدي الفارس المجلىّ أتأذَن
سيدي الفارس المجلىّ أتأذَن / بعد ترحيب شاعر لا يُمارِي
بحديثٍ أو قصةٍ لم تلقَّن / دون نُبل الحياةِ للأدهارِ
لم تُؤَّلف احداثُها أو تُدوَّن / في القراطيس أو على الأحجارِ
أو حكاها مُحِّدثٌ يتفنن / بل حكاها دمٌ ودمعٌ جارى
منك إلهامُها ومنى نشيدٌ / في ثناياهُ مُنتهى إكباري
وسعيدٌ من يصطفيك سعيدٌ / كاغتباط الأعشابِ بالأزهارش
واهتزازِ الجديبِ وهو شهيدٌ / لوفودِ الحياةِ في الأمطار
وازدهاءِ الخيالِ وهو شريدٌ / باقترانِ اللُّحونِ والأشعار
زعموا أنَّ مُرسَلاً بين قومٍ / يحصدون الروؤٍ للناس عُجباَ
لم يبالوا ربّاً ولم يعرفوا يو / ماً تجاه الأنامِ حُباً وقُربى
كم روؤسٍ كريمةٍ طوّحوها / ثمّ صارت لهم متاحف تُربى
فدعاهم الى الهداية لكن / صدفوا عنه كلما ازداد قُربا
وأخيراً من بعد لأىٍ مديدٍ / وعدوه بأنه سيلبَّى
سائلينَ السماحَ منه بصيدٍ / واحدٍ قبل أن يَعافوا الحربا
قال هل تقسمون ذلك عهدٌ / فأجابوا أجل لساناً وقلبا
قال سمعاً اذن سيآتي غريبٌ / في غدٍ فاقتلوه نحراً وصلبا
ثم جاء الغد المؤّملُ سحراً / مُفصحاً عن عجائبِ الأسرارِ
وتجَّلت فيه الطبيعةُ نوراً / كعروسٍ تختال بين الَّدراري
كُّل شيءٍ يوحُى حُبوراً وشعراً / للهدُاةِ التُّقاةِ والكفارِ
وإذا بالغريبِ يطفحُ بشراً / قادماً دون خشيةٍ أو عثار
فتهاووا عليه ضرباً ونحراً / وتغنوا غناء أهلِ الفخارِ
ثم ثابوا فأدركوا بَعدُ نُكراً / لا يُجارَى ولم تُبحهُ الضوارى
أي إثمٍ فكراً وصخراً / مثلُ قتلِ الصديق ثم افتخاري
قتلوه وقد تنكر سراً / ليفدى الورى من الأشرار
يا صديقي هذى حكايةُ دُنيا / شقيت بالطَّغاةِ والفجَّارِ
هي دُنيا لأهلنا لو ثوها / باقتناصِ الروؤس دون اعتذار
يقتلون النوابغ الصُّفو قتلاً / ويُبارون في أذى الاحرار
كم روؤسٍ عزيزةٍ دوخوها / ثم أحيوا الفوضى بعارٍ وغارٍ
ورايناكَ من يكافح دهراً / ككفاح المبشرِ المغوار
صائحاً نادباً تُقرِّعُ حيناً / وتُربِّى بعقلك الجبار
ويظل الأشرار في الإِثم غادي / نَ مضِّحينَ صفوةَ الأخيار
أي صديقي كفاكَ وعظاً ووعظاً / وحذارِ الفداءَ يوماً حذارِ
انما الناسُ بالشعور الأبى / وبروحِ الإخاءِ فرداً وشعبا
ما عرفنا التاريخَ في وصف حي / مَجَّدَ العابثينَ قتلاً ونهبا
أو شهدنا الإعجازَ وافى نبي / بين قوم آذوهُ ركلاً وضرباً
أو رأينا التحَّرر الذهبي / لعبيدٍ تأبونَ للفكرِ رَبَّا
أو سمعنا عن ضيعةِ العبقري / في بلادٍ تَرى الجهالةَ ذنبا
أو ذكرنا تفُّوقاً للدعى / في شعوبٍ علت جواءً وُسحبا
أو عرفنا حقَّاً طواهُ الرُّقى / أو دعاوى تصونُ زوراً وسلبا
ذاك تعليمك الشريفُ الزكي / ليس يَنساهُ أى حُرٍ تأبَّى
مرحبا بالكمىِّ عادَ إلينا / نحنث أولى بذهنهِ البتَّارِ
مرحباً بالوقار فكراً وعينا / نتملاه باسماً كالنهارِ
مرحباً بالشموخ لا يتدنَّى / مرحباً بالملاذ في الإعصار
مرحباً بالجلال لا يتسنَّى / مُذ تَمنَّى لحاكمٍ جبَّار
مرحباً بالأديب ينصر حقَّا / ملءَ آياتِ حكمةٍ واقتدارِ
مرحباً بالخطيبِ يَرقىَ ويَرقَىَ / بفنون للسمعِ والأبصارِ
مرحباً بالأبىّ يرفض رِقَّا / حين رَسفِ العتاةِ في الأوغارِ
مرحباً بالإمام غرباً وشرقاً / يا فؤادي ومرحباً يا شِعارِي
تحيةَ مغتربٍ حاضرِ
تحيةَ مغتربٍ حاضرِ / تُزف إلى الشعر والشاعر
تَشربتها من حنانٍ الوجودِ / تدورُ مع الفلك الدائرِ
تفتش عن كل قلب كبيرٍ / وعن كل ذى وترٍ ساحر
فتنهى رسالتها للجمالِ / وللفنِّ والأدبِ الآسر
وارسلتها فوق متن الخيال / فريداً من الأَلقِ الطاهرِ
محررةً عن نطاق القريضِ / وعن قَيدِ تعبيرهِ الظاهرِ
إلى وطنٍ هَمُّهُ شاغلي / وإسعادهُ دائماً حاضري
وما وَحىُ موسى على طور سينا / ولا لوعةُ العالِم الحائرِ
بأروعَ فيما حَوى أو حَوتهُ / من الفن للمبدعِ القاهرِ
سأرقبُ رَجعَ الهوى والغناء / فواتنَ للبِّ والخاطرِ
وأنشقها نفحات السماءِ / تَهادَينَ من وطنَي العاطرِ
لعلي أَرِّددها مُستعزاً / وأنشرُها تُحف الناشرِ
أناشيدَ نابضةً بالحياةٍ / ولو من رؤىَ الزمنِ الغابرِ
وما مصرُ إلاّ سنى المعجزاتِ / ووحىُ العظائمِ للثائرِ
حرى بها رغم جدبِ الزمانِ / وفاءٌ من الشعر والشاعر
أفى العرسِ تُنعى يالها قسوةَ القدر
أفى العرسِ تُنعى يالها قسوةَ القدر / ولكن هي الدنيا تُعَّلمُ من غَدر
ولم ترحم الُّدولاتِ يوماً فهل لها / بأن تُنقذَ الفردَ العظيمَ من الغير
وكنتُ على وعدٍ لألقاكَ مثلما / ألاقي بشاشاتِ الصبَّاحةِ والزَّهر
لأنعمَ بالحلوِ الحديثِ مُرنَّقاً / وبالحبِّ موفوراً وبالرّاحِ والثمر
وأقتبسَ المعنى الثمينَ ذخيرةً / إذا شحَّ ودُ الناسِ أو خاطري افتقر
وأشهدَ أوراقَ الخريف مجانياً / من الجَّنة الفيحاءِ لا ذابلِ الشجر
وما كنتُ أدرى أن موتكَ سابقي / وإن كنتَ لم تَبرحَ على الوعدِ تنتظر
وما رخُصت يوماً بقربك لحظةٌ / بذلتَ لإسعادي ولا مَسَّها الضجر
فها أنا من يلقاكَ والدمعُ خانقي / وما لي ابتسامٌ كابتسامكَ مدُخُّر
تجَّلى على الوجهِ الحبيبِ بوَسنةٍ / هي الرَّاحةُ الكبرىِ لمن كَّدهُ السفر
نَداماكَ جاؤا جازعين وطالما / بِشعرِكَ كانوا الطائفينَ على السمر
يطوفون سكرَى حول نعشكَ في الأَسى / وبالأمس كنتَ الشعرَ يُسكرُ من سكر
رأيتَ بعين الرُّوحِ عُقباكَ إنَّما / أَبيتَ عزيزاً أن تكون على حَذرَ
وَخَلفتناَ لم نفقد الفنَّ وحدَه / بل الرجلَ الفذَّ الذي قلبهُ انفطر
وفي هيكلِ الحبِّ السماوىِّ نَفحهُ / وُشعلتهُ الُمثلىَ تَضئُ لمن عَبرَّ
وفي ذّمةِ الرحمنِ نورٌ أذابه / على الطِّرسِ أو نورٌ على العالم ابتكر
وما كان بالتهويلِ والرَّوعِ فَنُّهُ / ولكنَّه نبعٌ تَسلسلَ وازدهر
وكل الذي أسدى سَجيِّةٌ نفسهِ / وليس مُعاراً من فَلاة ولا حَضر
أَبيتُ الربا إلاَّ ربا الوقتِ عنده / فمن زاره يَغنىَ ومن فَاتَهُ خَسر
كانَّ السنينَ الخمسَ خمسون حجَّةً / بصحبتهِ أو كالخضمِ إذا غَمر
عرفتُ بها الانسانَ في ملكوتة / مَلاكاً وقد عادَى الصغائرَ واحتقر
وأَنشقنيِ عَرفَ التسامي إباؤهُ / وأشعرني بالجاهِ ما صاغ من درُر
لقد عبدوا الأصنامَ وهي سواخرٌ / لغفلتهم أضعافَ ما عبدوا البقر
وَعُّجوا بشكواهم وهم من بِذلِّهم / جحيمٌ اعُّدوه وفي جُبنهمِ سقر
وما ندرةٌ إلا هديةُ رحمةٍ / إلى الخلقِ فاغتيلَ الحنانُ الذي نَدرَ
وقد بَذرَ الحبَّ المصفىَّ لعالمٍ / شقىٍ كأنَّ الله من قلبه بَذَر
ولم يصطحب إلاّ السُّهادَ ببحثه / كذاك النجوم الزُّهرُ تصطحبُ السَّهر
لئن لم يَنل من عمره غيرَ ذكره / فإنَّ أَجلَّ العمرِ ما شَعَّ بالذِّكر
يُصلى عليه المسلمون كأنّه / ولُّى وفي بُرديهِ عثمانُ أو عمر
وتبكى له الصُّلبانُ حتىّ كأنّما / بذبحته كان الفداءَ لمن كَفر
ويعرفه الانسانَ من كل مِلَّةٍ / أخاه فِمن وجدانِه ذاقَ واعتصره
ولم يشرح الانجيلَ إلا خلالُه / ولا كُتب الأديانِ دونَ الذي سَطر
وما قيمةٌ الانسانِ إلاّ بقلبه / فينبضُ بعد الموت في كلّ ما خطر
كذلك غَنَّتنا القرونُ التي مضت / وغنت لنا الافلاكُ إن ليلنا اعتكر
فكيفَ بِمن لمَ يعرف الموتَ طبعهُ / وعاشَ جمالاً للحياة بما نَشر
وكيف بِمن أنفاسُه علويَّةٌ / تَشرَّبها من حولنا كل ما نَضر
إذا قيل يوم الذكر هذا فإنَّه / تضمَّخَ أضعافاً بذكركَ لِلعصر
وما الفاتحُ الغلاّبُ بالنارِ ذكرهُ / بأخلد من لحنٍ تأجَّجَ وانتصر
صديقي الُمسَّجى أي رُزءٍ لعالمٍ / سيبقى على الآباد يَشقىَ ويحتضر
وَيَفنىَ مراراً حين يُبنىَ مكَّرراً / وقد خُلطت فيه الخرائبُ والصُّور
وكان وما زالت معاليه هُوةص / وكان ولم يبرح إذا اكتملَ اندثر
وكان ولم ينفكَّ ماساةَ مسرحٍ / يُهدّمه الباني وتملؤهُ العبر
وهلَ ثمَّ معنىً للنبوغ بأَوِجهِ / يُساقُ إلى الموتِ المحَّتم والحفر
أم الموتُ ميلادُ الحياةِ غنيةً / بما كسبتهُ من تُراثٍ ومن فِكر
وأنك أنتَ العبقري بروِحه / تُحدِّثُ من نَاجَى وُتلهم من شعر
ومنبركُ الحُّر المطل على الُّدَنا / تَفَّردَ لم تحجبه شمسٌ ولا قَمر
عجائبُ ضاقَ العقلُ عنها ببحثه / وَزلَّ خيالُ الشعر فانبتَّ وانكسر
أِجبنيِ كما عوّدتني في صراحةٍ / وفي نظرةٍ نفاذةٍ حلفَ ما استتر
فما كان هذا الصمتُ صمتاً لخاطري / أذا شئت أن تُوحى وتُصدَقني الخبر
وإلاَّ فوا حُزني المضاعفَ عندما / يُرَدِ نجائي كالجريحِ الذي عثر
ويا وحشتي في غُربتيَّ وقلما / أرى غير من باهىَ على الشرِّ وابتدر
عزاء بنى حدَّادِ والخطبُ خطبنا / جميعاً وخطب الألمعيةِ والبشر
ومن ذا يُعزّى في النبيين آلهم / وينسى شعوباً حُّظها اليأسُ والخطر
فما كان هذا النبل ملكاً لأمةٍ / ولا لغةٍ عزّت ولا مرسلٍ ظهر
ولكنه ملكٌ لآفاق نفسه / ومن بعضها أسنى العواطفِ والوتر
غفرنا ذنوبَ الدهر إلاَّ ذنوَبه / على المبدعِ الفنانِ لو أنه غفر
عزاءً لنا جمعاً عراءً فإنما / إذا الشعب لم يُنصف نوابغه انتحر
وما كانت الُقربى الوشيجةَ وحدَها / فبين دموعِ الناسِ ما خَلقَ المطر
وليست دموعٌ تُبذل اليوم حوله / دموعكمو بل ِ من معانيه ما انتثر
ومن ذا الذي منا يؤبن فضله / بأبلغَ من نفحِ الخمائلِ والنَّهر
ومن خطراتِ النور تُضفى حَنانَها / فيلثمها في بِرَّها التربُ والحجر
ومن كلِّ حسنٍ في الوجودُ مؤصلٍ / يجاوبُه بالرُّوح والسمعِ والبصر
ولم أَلقهُ يوماً وكلي حيالَه / خُشوعٌ كحالي اليومَ لا أملكُ النظر
وليس جلالُ الموتِ ما هو قاهري / ولكن جلالٌ في تساميه ما قَهر
لمن رَقرقَ الشعرَ العصىَّ جداولاً / من السحر والآىَ الطهورةِ في سُور
ومن كان أدنى فضله يَبهرُ النُّهى / ويُخفى حياءً منه أضعافَ ما بهر
ومن دمعةُ العاصي عليه كدمعتي / كأني جزءُ منه بد بُتَّ فانشطر
أراني صديقي في وقوفي مؤبناً / أخادعُ نفسي في صفاتك والأثر
وإلاّ فما عذري ومثلكَ من أتى / إلى هذه الأطلال من سدُمٍ أَخر
وليس رثائي غيرَ رمزٍ لوحشتي / فشأنُك بين العبقريةِ والقدر
ومن كان من نورٍ وعطرٍ حياتُه / فغايته التخليدُ في نوره العطر
تعالى على الشكر الحميم بعيشهِ / وفي الموت لا يعينهِ تأبينُ من شَكر
ولكنما يعنيه ثأرٌ على المدى / من الظلم والُّظلامِ والبطشِ والبطر
لئن جادَ بالشعر الرقيقِ أغانياً / فمن خلفها الآلام تقدح بالشرر
لقد عاش عيش التضحياتِ وموته / حياةٌ لمن يحيا وإلهامُ من ثأر
شِربنا مُذاب النار بعد فكاكها
شِربنا مُذاب النار بعد فكاكها / فقهقت الأكوابُ في وثبةِ الجمر
وأحرجت الأقزامَ حتى تلعثموا / ورَّوعت الظُّلامَ في غضبةِ الحر
نعم ظلموها من سنينٍ بحبسها / ولم يعلموا فالخمرُ روحٌ لمن يدري
ولما زأرنا قيل سَكري تخبطوا / وما نحن من يعنو إلى اللهوِ والسكر
ولكننا ثُرنا على الضيم والقذى / كما ثارت الأكوابُ بالسُّخط والثأر
وما أُهدرت إلاّ وفي دمنا لها / حقوق وأحكامٌ على الجبنِ والغدر
وما كان نخبَ اللهوِ كأسُ شريفةٌ / ولكنه رمزُ التطلع للفجر
أمواكبَ الذكرى تَأَنى واهتفي
أمواكبَ الذكرى تَأَنى واهتفي / كالرَّعدِ يهتفُ للسماءِ مرارا
تتجاوبُ الأجيالُ حولكِ مثلما / تتجاوبُ السبَّع الطباقُ جهارَا
مرفوعةَ الأعناقِ ليس لزهوها / معنى الغرور بل السموِّ شِعاراَ
سيرى ملاحمَ للفخار وأنشدي / للخالدينَ الحبَّ والأشعارا
سير مآثر للتحرّر والعلى / فاليومَ يُلهمُ حَظُّكِ الأحرارا
ويصوغُ للأقدار سيرتها غداً / فَتكيفُ الأحلامَ والأقدارا
يصغى الزمانُ إلى نشيدك واعياً / ما كان في ماضي الزمان مُعارا
لا حُكمَ بعدَ اليوم إلاّ ما قضت / شِيمُ الشعوب به وإلاّ انهارا
سَترَّددُ الأقطارُ صوتك قاهراً / خورَ النفوسِ وسائحاً جبارا
سيرُ البطولةِ كالمعارفِ للنُّهى / تغذو الشعورَ وتخلق الأفكارا
رَوَّى الدمُ الغالي مآثرها كما / شَعَّت بأبهى التضحياتِ منارا
وجلاُلها حيُّ وإن هي وُوريت / حِقباً من التاريخ لا تتوارى
عيدٌ يقدّسهُ ذووه تفانياً / ويظل فيهم حاكماً قهارا
هو للبرَّيةِ كلها إيمانُها / أَو ثارُها أيانَّ تطلب ثارا
صانت مبادئه السلامَ وإن تكن / حملت إباءَ الصُّلبِ يقدحُ نارا
يا ويلَ من عملوا على إرهاقه / مِثلُ الحليم على التعسفِ ثارا
تَخذَ النجومَ شعارَه ولعلَّها / أَولى به في فهمها الأسرار
فَلتنصت الدنيا لما هو قائلٌ / فَتضف إلى أعمارِها أعمارا
أشعةُ شمسٍ تلكَ أم رجعُ أشعاري
أشعةُ شمسٍ تلكَ أم رجعُ أشعاري / يعودُ إلى قلبي بحبٍ وأسرار
وما هذه الذّراتُ تَخفقُ مِلأها / جواهُر أم هذى شراراتُ أفكاري
بلى هيَ من ناري وُنوري تبددت / وقد رقصت في الشمس رقصةَ فُجَّار
مضت نحوَ من أهوى وعادت كأنَّها / وقد عبثت حولى ضحية خَمَّار
إذَن أنتِ مثلي يا صغيرةُ إنَّما / أنا الُمثقلُ العاني بسجني وأوزارى
ولا شئَ أقسى من ضميرٍ مبكتٍ / بريئاً فما ساواه طُغيانُ جبار
سَأرسُفُ في هذا الحديدِ مكفراً / وقد كنتُ قبلاً رافلاً بين أزهار
وهيهاتَ أن ألقى الهناءة والرضى / ستلقى وقد كَفرتَ بالسجن عن ذنبك
لقيتَ جزاءً للغرور قضت به / شريعةُ حُبِّ حين أعرضتُ عن حُبِّك
أنظر إلى الكوةِ تَلقَ النورَ يحملني إليكَ / النورُ فيهِ الآنَ من ظِلِّ الشجر
صورٌ تراوغُني وترقص فوق ميتِ الحائطِ / وكأنّما هذى الظِّلالُ بها مآلي قد عَثر
فهوت مُضَّرجةً كآمالي بذلِّ القانطِ / بَادِر إذن وهَلمَّ يا أملي إلى حسن الفرار
إِنيّ لأفضحُ نفسي أينما ذهبت / بي المسالكُ حينَ الحب يُغري بي
فذاكَ صوتي وأنفاسي وناظرتي / تَشى بقلبي فَتفضي بي لتعذيبي
كيفَ الفرارُ أَفق يا غُّربلَ سفهٌ / أن لا أفرَّ ولو ضيعتُ آمالي
لا يقبلُ الظلم حي في مشاعره / سِرُّ الحياةِ ولا يرضَى بأغلالِ
إِضحكي يا شجوني / ولتنم يا غرام
ولتثر يا جنوني / في هوى الانتقام
وما انتقامي بسيفٍ لي أجردُهُ / بل باليراعةِ يخشاها المعاونَا
صبراً إذن يا ابن عبدوسٍ فيومَ غدٍ / ستكرعُ السم إذ تَلقَى ابن زيدونا
ستكرع السم شِعراً ماله مَثلٌ / بالسخر بُضحكُ أحجاراً وباكينا
يا من تطاولَ للفنانِ يرهقهُ / بالمالِ والُّزور لم تَدرِ المحِّيينا
مهما نَأَوا لم يكن للنأى تفرقهٌ / بل البعادُ يزيدُ القربَ تمكينا
يا سارقَ الوردة الحسناء تحسبها / مالاً خَسئتَ فما تدرى الريَّاحينا
لُقِّبت بالفأرِ لم يُنصفكَ من وصفوا / فالفأرُ يكدحُ مقهوراً ومغبونَا
وأنتَ تعبث بالألبابِ آمنةً / مُزينِّاً سَرقةَ الألبابِ تزيينا
لا يَسرِقُ الوردَ إلاّ آثمٌ أَشرٌ / لم يعتنق قلبه لطفاً ولا دينا
في حين قد يسرِقُ الخبزَ الذي غدرت / به الحياةُ وأشقته أفانينا
وناهبُ المالِ في الإجرام منزلةً / أسمىَ من الناهبِ الُمفنى أمانينا
اذن حبيبيَ عجِّل لا تُطل قلقي / إنيّ لأرقبُ في شوقٍ تلاقينا
شوقٌ تَرفَّعَ عن تكييف واصفه / حِسَّاً ومعنىَ وألفاظاً وتبيينا
تراني حين تَنشدني /
نعم تراني اذا أقدمتَ دونَ وَنَىً / على الفرار إلى حُلمي الى فِتنيِ
أنا التي ألهمتكَ الفنَّ نشوتُها / ولن يُقَّيدَ في سجنٍ ولا زمن
عَجِّل وَدبِّر سبيلاً للفرار غداً / ولا تُبال بأحقادٍ ولا فِتنِ
فالناسُ مُذ خُلقوا أعداءُ من نَبغوا / وَهُم عبيدُ لدى الأصنام والدِّمنِ
يا مالكاً لا عن وراثة شامخٍ
يا مالكاً لا عن وراثة شامخٍ / بجدوده حين الجدودُ فخارُ
بل عن محبة شعبة وخياره / والشعبُ حُقَّ له الذي يَختارُ
الملك مُلك الشعبِ حين زعيمهُ / ملكٌ هو المأثورُ لا الجبار
مُتوِّهجٌ بدم الكفاح وإن يكن / سلماً وفي سَلمِ الكفاحِ النار
قالوا ألا تَصفُ المليكَ فقلت بل / وصفَ المليك سلوُكه القَّهارُ
هو واحدٌ من شعبه لم يغترر / يوماً ولا مجدٌ لديه مُعارُ
يحنو عليه فيستجيبُ لعطفه / ما فيه أضداد ولا أنصارُ
بل كلُّهُ يومَ الكريهةِ شُعلة / وجميعه يومَ السلام الغارُ
إن كان ماضيه الحضارة والعلى / فإلى غدٍ له تَشخصُ الأبصارُ
شبل الألى عمَّت حضارتُهم هدىً / أمماً ولم يمسسُ علاها العار
سطعت بأندلسَ العظيمةِ حُرةً / ومضت وظلَّ عبيدَها الأحرارُ
يستلهمون جمالها وشعارَها / إن أَعوز المستلهمين شعارُ
أمحمدٌ ما كنتَ خامس عاهلٍ يقظٍ / يَهابُ جلاله الفجَّارُ
يا رائداً للمكرمات وحَكمهُ / سِيرَ البطولةِ حولها الإعصار
ماذا اقدِّمُ يومَ عيدِك من حُلىً / وَحلاَكَ زاهيةٌ بها الآثارُ
ليس التمسُّح في الملوك سجيتي / إن صاحَ خلفهمو العفاةُ وساروا
بل للمبادئ وحدَها أزجى لها / ما ترتضي الأحلامُ والأشعارُ
عش مَضربَ الأمثالِ للأُمم التي / عانت ودوَّخَ حظَّها الأشرارُ
يا رُبَّ فردٍ قد يُضِّيعُ أمةً / سواه تَعمرُ حوَله الأعمارُ
بوركتَ يا شعبَ الكنانة ثائرا
بوركتَ يا شعبَ الكنانة ثائرا / حُراً ويا وطنَ البطولةِ قاهرَا
أُزجىِ إليك تحَّيتي من خاطرٍ / دامٍ ومن قلبٍ يذوبُ شواعرا
يأبى النفاقَ ولا يبوحُ بغير ما / جَعلَ الحياةَ نفائساً وذخائرا
ليسَ الصديقُ هو المقَّربُ وحدهُ / ولربَّ مهجورٍ يُظن الهاجرا
إبدأ بنفسكَ مُصلحاً وُمقوما / فتكونَ أقدرَ حين تَلقى الفاجِرا
إن كان غيبني العتاةُ فَمهجتني / لكَ أينَ كنتَ مُكافحاً ومُناصِرا
آبى مساومةَ الطُّغاةِ وإن أذُق / شَرَّ الأذاةِ مُوالياً لكَ ذاكِرا
من عَّلمَ الأسدَ العجوزَ وقد مضت / أيامَّه ألاّ يكونَ مُحاذرا
ليسَ المغامِرُ والموفقُ واحداً / فَمنَ التدهور ما يكونُ مُغامراً
إن كان يُعوزنُا السلاحُ فربَّما / خلقَ الإباءُ بنا السلاحَ الباترا
وَحشٌ للاستعمارِ يُمعنُ شَرُّهُ / باسمِ الحضارةِ والتَّقدمِ ساخرا
وكأنما حسبَ العقولَ نفايةً / للناسِ أو بعضَ الهواجسِ دائرا
هل يُصلحُ المذياعُ من آثامِه / حين الرصاصُ يصيحُ أرعنَ كافرا
حينَ الفظائعث قد خَطبن بألسنٍ / للنارِ واعتلت الجراحُ منابرا
حينَ الأساطيرُ التي يُدلى بها / سَبت بصائر للورى وسرائرا
حينَ الخرائبُ صارخاتُ حول / مثلَ اليتامَى لا تمثِّلُ عامِرا
حين التحُّكمُ في الحقوقِ ونهبها / مِثلُ الوعودِ الضائعاتِ طَوائرا
إن كان حسنُ الظنِّ ذنباً أولاً / فيه فكيف يُعُّد ذنباً آخرا
هو غايةُ الإجرامِ للوطنِ الذي / عانى وعانى من أذاهُ خسائرا
لن يمنحَ الوطنُ المفدَّى صفحهُ / لفتىً يُخادع أو يُخادع صابرا
ويرى بالاستعمار بعضَ خلاصه / هل كان الاستعمارُ إلاّ جائرا
يفتُّن في سفك الدماء وإنها / لأَعز ما خلقَ الإباءَ الثائرا
يا ليتني كنتُ الفداءَ وإن أكن / أعطى أعزَّ نهاى فكراً سائراً
وابيتُ من شيخوختي اسقامها / فوهبتُ صدقَ هواى لحنا شاعرا
ما كان من شيمِ الأسودِ تسفُّلٌ / فهو ابنُ آوى كيفَ قالَ مُكابرا
قَرنٌ من التغرير علَّم نشأنا / أن يَحذروه مفاوضاً ومُشاورا
الغادرُ السَّفاحُ نافارينُ لم / تبرح تُحِّدثُ عنه عَهداً غادرا
منه تَلقنت الدسائسُ فنهَّا / وقَتلنَ للفن الوضيعِ ضمائرا
حذاً بنى وطني فذاك عدوكم / مهما تقلبَ في المظاهرِ ماكرا
لا تمنحوه سوى القطيعه وحدَها / فمن القطيعةِ ما يكونُ الزاجرا
أو ما يكون به الخلاصُ ليومكم / وغدٍ نؤَملُ فيه بعثاً باهرا
حذراً بنى وطني وكونوا وحدةً / فعالةض لا ضجةً وحناجرا
ليست سلاَمتكم مجالاً هيناً / إن السلامةَ قد تكونُ مخاطرا
لا تأسفوا مهما حزنتم للألى / ذهبوا الضحايا في القناة حرائر
حملَ الأديمُ من النجيعِ وَصيَّةً / تبقىَ لأحقابٍ تدومُ ذواكرا
ويظل يسألنا المزيدَ تطهُّراً / من رجسِ ماضينا ويُرشد حائرا
خلوا التغنِّى بالجدودِ وفضلهم / مهما تلألأ روعةً ومفاخرا
فهو الغنى بذاته عن ذكرهِ / إلاَّ ليلهمَ عافياً أو ساهرا
وخذوا بأسبابٍ لمتعةِ حاضرٍ / إنَّ الحقيقةَ ما تمثَّلَ حاضرا
كونوا من الشهداءِ في إعجازكم / بثباتكم لا تجعلوهُ العابرا
لا عُذرَ بعدَ اليومِ عند تهاونٍ / إنَّ التفوقَ لا يُطيقُ معاذرا
أَيُّها الشعبُ لماذا تنتحر
أَيُّها الشعبُ لماذا تنتحر / ولماذا تترك الجاني يفر
ولماذا أنت تلهو بالخطر / بَدَل الحزم لإحرازِ الوطر
الفدائي هو الحر الذي / يخلق الحقَّ إذا الحق اندثر
لا الذي يحرقُ امجاداً لهُ / أسعدَتهُ مثلَ حُلمٍ يُحتقر
أترى الجنَّةَ أهلاً للظَّى / حينما يطغى هنيئاً من فَجر
حسبكَ النارُ التي تَشقى بها / أنتَ تشقى في ضروبٍ من سقر
حسبكَ الظُّلامُ من أهلكَ بل / حسبك الظُّلامُ من كلِّ البشر
فلماذا تتركُ الجاني يفر / ولماذا أنت يأساً تنتحر
اترك اليأس وبادر للوغى / ضدَّ أهلِ البغيِ بل ضَّد القدر
ما هوىَ شعبٌ أبى لا يرىَ / في قبولِ الذلِّ ذَنباً يُغتفر
يرفضُ الوَهمَ ويأبى فوقه / أوصياءَ من عُجولٍ وبقر
يرفضُ العسف ويَأبى دينه / صلواتٍ لعتماةٍ وحجر
فخرهُ بل قُوتهُ حريةٌ / عاشَ فيها وتسامَ وَخطر
لا خنوع كيفما كانَ ولا / ثورةُ اليأسِ ولا قُبحُ الأثر
وإذا ثارَ فَمن ثورِته / يَطلعُ الفجرُ إذا الليلُ اعتكر
أَصارَ مثليَ عاراً أم غدا خطرا
أَصارَ مثليَ عاراً أم غدا خطرا / يا ويحَ من عاثَ في مصر ومن أمرا
أصارَ كل سفيهٍ سارقٍ دنسٍ / رباً وأصبح ارقى أهلنا مَدرا
أيُحسبُ العاهرُ القَّوادُ ذا شرفٍ / ويغتدى العاملُ المقدام مُحتقرا
والشعبُ كيف أَضلتهُ مهازلهم / فصار يمدحُ من أشقوهُ مفتخرا
قد ضاعَ جهدىَ فيهم واغتدى أملي / يأساً ولو أنني ما زلتُ مغتفرا
أحنو عليهم وأسعى دائباً يَقظاً / لخيرهم وأعاني غُربتي صُورا
وأحرمُ الرزقَ من كيدٍ برى جسدي / وهمتي وأنا أستعذبُ الخطرا
ماذا يقول الورى عنا متى نُشرت / صُحفُ التواريخِ تروى ذُلنَّا خبرا
وأى عذرٍ لشعبٍ لم يثر أنفاً / من راكبيه وهل في الذلِّ من غدرَ
يا واضعي اسمى بين المجرمينَ كفى / هذا لمثلي تشريفاً إذا بطرا
لي أن أباهي أقراني إذا افتخروا / بالمالِ والجاهِ أو أن أشكر القدرا
إن كان عُمرىَ إحساناً وتزكيةً / عنكم يؤهلني للضيمِ مُستعرا
فالحمقُ والُّزورُ والإفسادُ محمدةٌ / وأنبلُ الناسِ من اشقىَ ومن غدرا
كأنكَ لم تقرن بمجدٍ مؤصل
كأنكَ لم تقرن بمجدٍ مؤصل / وكنت خيالاً أو أقلَّ معارا
وكنا اعتززنا بالذي قد وهبته / فكيف تولى ما وهبتَ وبارا
وكنا اذا ما أظلمَ الحظ حولنا / نظرنا إلى ما حزتهُ فأنارا
وكنا نرى مصر شعارك أو نرى / لمصر الذي أديتَ صارَ شعارا
وكنا نراهُ الربحَ والمجدَ والغنى / فكيف غدا وهماً لنا وخسارا
وكيف ولم تعبث به يدُ مصطفى / ولا أهله الاطهارُ حين توارى
وكيف وذاتُ الصون زينبُ لم تزل / تضيفُ إليه بالنوالِ مِرارا
غَدت هي أمَّ المؤمنين بفضلها / وأخلاقُها الزهراءُ ليس تُبارى
وهذا المليكُ الشهمُ باركَ سعيها / وباركَ سعياً للرئيس جهارا
ورف لها التقدير عطفاً مسوغاً / ولا بدعَ مذ كانت لمصر فَخارا
ولا غرو إذ صلى الرئيسُ لحفظه / وأزجى دُعاءً قد أضاءَ منارا
وقبلَ أعتاباً طهرنَ زكيةً / تركنَ عقولَ الأوفياءِ سُكارى
وكيف وما في مصر إلا عدالةٌ / لفاروق أنىَّ حلَّ أو هو سارا
تيمنت الدنيا بطلعته كما / تفيض علينا راحتاه نضارا
فكيف إذن ولِّى لمصر رجاؤها / كما روعَ الطيرُ الأمين فطارا
لقد ضاق عقلي عن تعرفِ خطبها / وأعجزتُ عن فحصٍ يزيح ستارا
وأغلب ظني أنَّ عقلك وحده / كفيلٌ إذا عقلٌ كعقليَ ثارا
أيها العام الذي وا
أيها العام الذي وا / فى وفي الأنفاس عطرُ
شاعرا ينشد أح / لاما وللأحلام شكر
مرحبا يا أيها الش / شادي الذي نجواه شعر
يا وليدا هشّت الد / دنيا له وافترّ ثغر
قبّلته مثلما حيا / ه تأميل وفكر
أترى تنصف أه / ليك فيرضى عنك حر
أم ترى تخذلهم يا / عام إن بشوا وشروا
يا وليدا طهره ال / بسام للأرواح سحر
ليتنا نضمن آتي / كَ وليت اليوم دهر
كل سر هو مهر / للذي عندك سر
ترك الناس أسارى / ليت هذا الأسر أسر
إنه أقسى مرارا / واحتمال اليأس مر
فاتهم في القلق ال / مضني إلى أن لاح فجر
فأتوك كالنشاوى حين / نما الأضواء خمر
هتفوا إذ دقت الس / ساعة واستهواك بشر
شاكرين الحظ وال / حظ خؤون كم يغر
لا يبالي إن أتاه / الشكر أم لم يأت شكر
هو كالصقر وما با / لى رفيف الطير صقر
هو كالجبل الشامخ لم / يعبأ ولم يهززه صخر
هو كالبحر الذي إن / ماج لا يثنيه قطر
هو مثل القيصر ال / عاتي له الأقوام خروا
هو مثل المرج لم / يحصر وفيه الشوك زهر
هو مثل الليل لم يس / كن وفيه النجم جمر
هو كالجو الذي يض / حك وهو المكفهر
هو كالصحراء في الت / تيه وفيها الأمن غدر
كل هذا وسواه / هو للحظ مقر
أي لون منه يا عا / مٌ به للحلم وكر
لا مفر منه للأسرى ال / حيارى لا مفر
قل أجبني يا ولي / دا كل وحي منه طهر
إن ما تحكيه حق / أهو بعد اليوم نكر
عل إيمانا لنا تت / لوه لا يتلوه كفرا
إيه يا عيد الأماني / وأماني الناس ذخر
كن رحيما بالبرا / يا حسبهم وزر ووزر
وجحيم من عدا / وات كأن الكون قبر
لا تدعهم في ضلا / ل الجهل لم يبلغه حصر
ولتباركهم كما با / رك عيسى من أضروا
علهم يغدون إخوا / نا ويفني الشرّ خير
أشح بوجهك عن فكري وعن نظري
أشح بوجهك عن فكري وعن نظري / فربما هيجا كالصاخب الشرر
ولا تقل مصر صارت جنة أنفا / صانت لي الحب في فردوسها العطر
فما عرفت بها إلا زيانية / في كل عهدٍ وحظي عندهم ضرري
وما أقل صحابي في خمائلها / ماتوا على الجمر أو عاشوا على الحذر
كأنما النحس غنى يوم مولدنا / ملاحم البأس والآلام والخطر
وما أشك بإخلاص لقادتها / من أنقذوها من الطاغوت والخور
لكن أشك عميما في حصافتهم / فقد غدا صنعهم أضحوكة القدر
العازفين عن الأحرار شردهم / يأس وجمعهم تأنان محتضر
والحاضنين عبيد الظلم من كفروا / بالحق وافتخروا بالموقف القذر
والحالمين بإعزاز لأمتهم / على ايادي لصوص بالغي الضرر
والقائلين ذوي الألباب في عمه / كأنّما جردوا من نعمة البصر
والخائفين الحيارى من مؤامرة / وهمو همو وحدهم إلهام مؤتمر
والخاذلين رجالا مهدوا لهمو / بالفكر والروح والإيثار للظفر
والشاكرين سفيها ظل خائنهم / وإن تشدق بالأشعار والسور
والصافعين وفيا بات يمدحهم / من أجل مصر وشهما جل عن وطر
والقانعين بأطفال حيالهمو / اجل هم لهم في اللهو والسمر
هذي وهذي وهذي كلها عبر / لكنهم غفلوا عن هذه العبر
حتى لأخشى عليهم من عمايتهم / كأنهم شابهوا المغلوب من أكر
يا لائمي المتجني إن تكن رجلا / إجعل حديثك عن ماضي واعتبر
التضحيات الغوالي ملء ساحته / صلبن مثل سنين ضعن من عمري
ما عابني طعن من خانوا ومن غدروا / إن لم أخن مبدئي أو لم تخن فكري
في ذمة الله ما أسلفت من مثل / عليا وما لم أزل اسديه من غرر
أنا الفقير سوى من خلق مبتدر / إلى الصلاح ومن إبداع مقتدر
إن فاتني جدد الحكام ما فتئت / مآثري كذيول الشمس في أثري
الخاسرون همو حتى وإن حرمت / نفسي الرؤى في سماء النيل أو قمري
فإن في النفي تطهيرا أحس به / كأنما أنا قديس لمنتظر
آثرته مشمئزا من حماقتهم / وإن خلفت لهم غفران معتذر
وقد كفاني يراعي الحر أو وترى / مجدا يرام وأغنت عالمي صوري
كما نفضت يدي منهم بلا اسف / وما نفضت يدي من مصر أو نظري
إلى إيطاليا خفوا وطيروا
إلى إيطاليا خفوا وطيروا / هنالك لا هنا لكمو المصير
إلى فاروق حيث خصصتموه / بتسبيح هو النيل الكبير
شقينا منكمو عمرا طويلا / فروحوا عمركم عمر قصير
ولا تتواضعوا بالطهر دعوى / فإن الطهر عنوان حقير
لكم حاربتمو مثلي كأني / أنا الجاني وكلكمو الطهور
وكم من غصّة من بعد أخرى / تحمّلنا وكلكمو فخور
تنافستم بألوان الدنايا / كأنكمو السواقي إذ تدور
وسودتم معالمنا سفاها / وقلتم هكذا تزهو البدور
وعاقبتم لنا حسا طليقا / كأن أخس ما نجني الشعور
ولم ترضوا لنا رزقا حلالا / ورزقكمو الغواية والفجور
ولم نبذل لمصر الخير إلا / وأجمعكم بنقمته يثور
إذا اعترف الأباعد والأعادي / بقيمتنا فقد هوت النسور
أبعد جميع ما أسلفتموه / يقال الآن مولانا الوزير
ومولانا الأديب الحر حقا / ومن آياته كيد وزور
ومولانا الذي وهب البرايا / مآثره وأجمعها غرور
ومولانا الذي لم يجن ذنبا / فليس لمثله ذنب صغير
ومولانا الذي يرجى مثالا / لأمته ومولانا الجسور
ومولانا الذي جعل المعالي / تحج إليه إذ هو لا يزور
لعمري لست أدري أي حظ / يداعبنا وما الراي الأخير
أعين العدل يحكمنا التعالي / أم الإنصاف يحكمنا الحمير
إسألوا الشاحب القمر
إسألوا الشاحب القمر / واسألوا الدامع الزهر
واسألوا النجم حائرا / واسألوا الشمس في حذر
واسألوا النور باهتا / خائفا ما له مقر
واسألوا النهر واجما / كل موج له عثر
واسألوا الحب بعد ما / فاته القوس والوتر
واسألوا الحسن خاشعا / بعد ما تاه أو أمر
إسألوهم عن الذي / أرعش الروح والحجر
كيف قد غاله الردى / فجأة غادرا وفر
أترى كل ذنبه / أنه شاعر شعر
أنه شع أنسه / في مجالس السمر
أنه نغم الأسى / أنه طارد الضجر
أنه أبدع المنى / مثلما أبدع الصور
أنه داعب الهوى / والهوى كله خطر
أنه أنقذ الورى / من شرور ومن شرر
انه اشكر النهى / وهو من همه سكر
أنه أنضر الربى / حينما صوح الشجر
أنه أنتج الجنى / في دنى النحل والبشر
أنه صاغ شعره / من دموع ومن فكر
أنه زف مطربا / ما تسامى وما ندر
أنه كان طبة / فوق طب ومختبر
أنه عاش دائما / ضاحكا يهزم الكدر
أنه كان شعلة / من ذكاء وكم بهر
لم تفته أصالةٌ / إن يكن فاته الوطر
يا صديقي وكم زها / من وفائي وكم فخر
نعيك المر وقعه / وقع طود إذا انفجر
أيّ ثأر لعاشق / فاته الحب إن ثأر
ليس سخطي ولوعتي / ليس دمعي الذي انهمر
ليس زهدي بحاضري / بعد فقدان ما عبر
ليس سخري بعالم / في غباواته انتصر
ليس هذا وغيره / من حطامي الذي انتثر
من فؤادي الذي هوى / في جحيم من الغير
من تباريح ثورتي / حينما خاطري استعر
بالذي يرجع المنى / واثبات من الحفر
ليتني إيه صاحبي / لم يطل غربتي الحذر
ليتني كنت سابقا / ليتك الخالد الأبر
راثيا أنت لا أنا / حظنا في يد القدر
نحن في عالم به / أسعد الناس من غفر
كلنا دون ذرة / من هباء ون مطر
لم نخيّره وإنما / ندّعي الخبر والخبر
ليس لي غير خمرة / من جراح ومن عبر
يا ابن الخصاصة حين تحسب عزة
يا ابن الخصاصة حين تحسب عزة / وابن الكفاح على المدى قهارا
في ظلمة الكوخ الحقير تشربت / روح لك النورا النبيل مرارا
فنشأت كالراعي الشفيق على الورى / تستلهم الآلام والأكدارا
وكدحت طفلا في الحقول وبعدها / في الليل تكدح دارسا صبارا
فإذا نبوغك في الطفولة ساطع / مثل الضحى نورا أغر ونارا
وإذا شبابك في فصاحة مدره / بهر الكبار وملك الإكبارا
وبعثت مندوبا لندوة أمة / قدرت نبوغا فيك لا يتوارى
دافعت فيها عن كرامة من هووا / في الرق واعتنقوا الأذى والعارا
ناديت لن تبقى الغداة حكومة / فخرا وزدت جلاله أعمارا
هيهات غير الحق يخلق قوة / هيهات مهما يخلب الأنظارا
لنطلق الأسرى وهم أخواننا / في الرق قد وجدوا الحياة يوارا
وبلغت أعلى منصب قد زدته / فخرا وزدت جلاله أعمارا
لولا التعصب في الجنوب أثاره / زعماؤه في حمقهم إعصارا
وأبوا سوى الحرب الأثيمة وحدها / ردّا وغير جموحهم أنصارا
فجعلت تحرير العبيد سياسة / وتخذت توحيد البلاد منارا
حتى إذا انتصرت جيوشك لم تعد / إلا زعيم بلادك الغفارا
وأخذت تبني من جديد حظّها / كالغيث يطلع في الربى النوارا
ويدا الرجاء من الرماد كأنه / بعث أعاد خلائقا وديارا
فإذا القضاء مهيئ لك مصرعا / واها له والنصر صار معارا
كلا وكلا ما قتلت لميتة / بل للخلود مكرّرا وجهارا
عمّدت بالدم أيها الفادي لنا / مثلا على الأدهار سوف تجارى
ما أن مظلوم وضحى ماجد / إلا وكنت له لظى وشرارا
ورآك في أحلامه ويقينه / أبدا فهمّ يصارع الجبّار
نبئت أنك عن قرب ستسعدنا
نبئت أنك عن قرب ستسعدنا / بيوم عرسك إني جد منتظر
وذي سطور على بعد أحملها / شوقي إليك بيوم عاطر مطر
حيث الأزاهير حولي ليس ينقصها / إلا محياك سمحا ماليا نظري
وحيث في الطل أنغام تداعبني / كأنها من معاني شدوك النضر
وحيث بكرت الأطيار شادية / والطل يغمرها بالحب والخفر
وحيث تبتهج الأشجار راقصة / بالذكريات ومن ألوانها ذكري
وحيث في العشب عباد تصوفهم / سجودهم في الحصى والشوك والحجر
وحيث رفت فراشات كآلهة / يبحثن عن عالم للحب مبتكر
وحيثما حشرات لا عداد لها / نأين عن صور العدوان والخطر
ولذن بالغيث والأزهار آمنة / وقد حمين بمن ناجين من شجر
كأنما هي أهلوها وأخوتها / إن شمخن وما شاكلن للبصر
كأنها هي بعضي حين أرمقها / تهفو إليّ ولم يعلق بها ضرري
وحيثما الساحل الدافي لزؤريه / كنز من التبر أو كنز من الدرر
تظرتها كلها في خطف ناظرتي / كأنها معرض قد طاف بالصور
فقلت يا ليت عيسى كان ناظرها / قربي وكان لساني اليوم أو وتري
وإذ حرمتك صاح الشعر في قلمي / لكي أخصّك بالجياش من فكري
ومن عواطف قلب أنت مسعده / في كل حال وحاميه من الغير
يا ما أقلّ الألى ينسون أنفسهم / ويسعدون الورى إسعاد مقتدر
حلمت أنك قد أصبحت معتزلا
حلمت أنك قد أصبحت معتزلا / مثلي ولكن بحق كعب أحبار
هنا تحدث عن دين عناكبنا / كما يحدث عنه الجدول الجاري
ومارح الطير غريدا ومستمعا / وواثب العطر من حانوت عطار
ورهبة الريف في نبت وفي حجر / كمعبد مستقر منذ أدهار
كأنما كل ركن فيه صومعة / رفت أناجيلها ما بين أشجار
ملء الأشعة أو ظل لها نضر / وفي تبسم أنداء وأزهار
وفي هوى حشرات من تبرّجها / كل المعاني لعشّاق وسمار
هنا توحدت الأديان صادقة / ولم توزع لأنجاس وأطهار
هنا المحبة كنز لا انتهاء له / والفن يختال في لحن وأشعار
هنا الورى كلهم إيمانهم عمم / ولا تفرقهم أهواء فجار
هنا الحياة حياة لا حدود لها / وعزلتي هي تسبيحي وإيثاري
هنا وددتك في قربى تشاركني / هذا الجمال زميلين بأسفار
قد اعتنقنا الهدى لكن تصوفنا / بزّ التصوف في آيات ذكرا
وفات أوهام من هاموا ومن زعموا / أن الطبية خصّتهم بأسرار
فنحن أبناؤُها الأبرار أجمعنا / لدى حماها وما هامت بمختار
وكل من جاءها أهل لنعمتها / وكل من زارها كعب لأحبار