القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَبِيوَرْدي الكل
المجموع : 38
بُشْراكَ قَدْ ظَفِرَ الرّاعي بِما ارْتادا
بُشْراكَ قَدْ ظَفِرَ الرّاعي بِما ارْتادا / وبَثَّ في جَنَباتِ الرَّوضِ أذْوادا
فاسْتَبْدَلَتْ بمُجاجِ الغَيْمِ أذْنِبَةً / مِنْ ماءِ لِيْنَةَ لا يُخْلِفْنَ وُرَّادا
يُرْوي بعَقْوَتِهِ العَبسيُّ جِيرَتَهُ / إذا الفَزاريُّ عنْ أحواضِهِ ذادا
أورَدْتُهُ العِيسَ والظَّلْماءُ وارِسَةٌ / يَحمِلْنَ مِن سَرَواتِ العُرْبِ أمجادا
فَما حُرِمْنَ بهِ والماءُ مُقْتَسَمٌ / رِيّاً ولا مُنعَتْ رُكْبانُها الزّادا
بحيثُ تَمْري أفاوِيقَ الغَمامِ صَباً / إذا أبَسَّتْ بشُؤْبوبِ الحَيا جادا
كَمْ قَعْقَعَتْ لانْتِجاعِ الغَيثِ مِنْ عَمَدٍ / أرْسَتْ لَهنَّ جَواري الحَيِّ أوْتادا
بِيضٌ سَلَبْنَ المَها لَحْظاً تُمرِّضُهُ / ثمّ استَعرْنَ منَ الغِزلانِ أجْيادا
مِنهُنَّ لَيلى ولا أبغِي بِها بَدَلاً / تَجْزي المُحبِّينَ بالتَّقريبِ إبْعادا
إنّي لأذكُرُها بالظَّبْيِ مُلْتَفِتاً / والشّمسِ طالِعَةً والغُصْنِ مَيّادا
وقد رَضِيتُ منَ المَعْروفِ تَبذُلُهُ / أنْ يُنْجِزَ الطَّيْفُ في مَسْراهُ مِيعادا
وَوَقْفَةٍ بجَنوبِ القاعِ مِن إضَمٍ / تُجاذِبُ الرَّكْبَ تأْويباً وإسْآدا
رَدَّتْ عَذولي بغَيظٍ وهْوَ يُظْهِرُ لي / نُصْحاً يظُنُّ بهِ الإغْواءَ إرْشادا
إذا سَرى البَرْقُ مُجتازاً لطيَّتِهِ / وهَزَّتِ الرِّيحُ خُوطَ البانِ فَانآدا
هاجَ الحَنينُ رِكاباً كُلَّما غَرِضَتْ / خَفَّتْ مِنَ الشَّوقِ واستَثْقَلْنَ أَقْيادا
لا وَضْعَ للرَّحْلِ عَن أصْلابِ ناجيَةٍ / أو تَشْتَكي أضْلُعاً تَدْمَى وأعْضادا
إذا بَلَغْنا أبا مَرفوعَةَ ارْتَبَعَتْ / بحيثُ لا يألَفُ المَهْرِيُّ أقْتادا
يُلقي الزِّمامَ إِلى كَفٍّ مُعَوَّدةٍ / في نَدْوَةِ الحيِّ تَقبيلاً وإرْفادا
مُحَسَّدُ المَجْدِ لمْ تُطْلَعْ ثَنيَّتُهُ / إنَّ المكارِمَ لا يَعْدَمْنَ حُسّادا
ذُو همّةٍ بنَواصي النّجْمِ سافِعَةٍ / بثَّتْ على طُرُقِ العَلْياءِ أرْصادا
تَتْلو الكَواكِبُ في المَسْرى وما عَلِقَتْ / إلا بأبْعَدِها في الجوِّ إصْعادا
منْ مَعْشَرٍ يُلْبِسونَ الجارَ فَضْلَهُمُ / ويُحْسِنونَ على اللأواءِ إسْعادا
ويوقِدونَ غَداةَ المَحْلِ نارَ قِرًى / لا يستطيعُ لها الأيْسارُ إيقادا
ويَنحَرونَ مَكانَ القَعْبِ مِنْ لَبَنٍ / للطّارِقِ المُعْترِي وَجْناءَ مِقْحادا
بَنو تَميمٍ إذا ما الدّهْرُ رابَهُمُ / لمْ تُلْفِهِمْ لنَجيِّ القَومِ أشْهادا
لكنّهُم يَستَثيرونَ الظُّبا غَضَباً / ويَجعَلونَ لها الهاماتِ أغْمَادا
تُكْسى إذا النَّقْعُ أرْخى مِنْ مُلاءَتِهِ / في باحَةِ المَوْتِ أرْوحاً وأجْسادا
لا يَخْضَعونَ لخَطْبٍ إن ألمَّ بِهمْ / وهَلْ تَهُزُّ الرِّياحُ الهُوجُ أطْوادا
يَجلو النَّدِيُّ بِهمْ أقمارَ داجِيَةٍ / والحَرْبُ تحتَ ظِلالِ السُّمْرِ آسادا
إذا الرَّدى حَكَّ بالأبْطالِ كَلْكَلَهُ / في مأْقِطٍ لَفَّ بالأنجادِ أنْجادا
جَرُّوا الذُّيولَ منَ الأدْراعِ في عَلَقِ / لا يَسْحَبُ المَرِحُ الذَّيَّالُ أبْرادا
وكاشِحٍ رامَ منْهُمْ فُرصَةً ضَرَبَتْ / مِنْ دونِها شَفَراتُ البيضِ أسْدادا
ينامُ والثَّائِرُ الحَرَّانُ يُقْلِقُهُ / سَحابَةَ الليلِ رَعْيُ النَّجْمِ إسْهادا
حتّى انْتَضَتْ يَقَظاتِ العَيْنِ جائِفَةٌ / كطُرَّةِ البُرْدِ لا تأْلوهُ إزْبادا
لمّا طوى الكَشْحَ منْ حِقْدٍ على إِحَنٍ / وظلَّ يَهْرِفُ إبْراقاً وإرْعادا
مَشى لهُ عَضُدُ المُلْكِ الضَّراءَ وقدْ / أرخَى بهِ اللَّبَبَ المِقْدارُ أو كادا
فأوْهَنَ البَغْيُ كفّاً كان يُلْمِسُها / قلباً يُرَشِّحُ أضْغاناً وأحْقادا
يا خَيْرَ مَنْ وَخَدَت أيدي المَطِيِّ بهِ / مِن فرْعِ خِنْدِفَ آباءً وأجْدادا
رَحَلْتَ فالمَجدُ لمْ تَرْقَأْ مَدامِعُهُ / ولَمْ تَرِقَّ عَلَيْنا المُزْنُ أكْبادا
وضاعَ شِعْرٌ يضِيقُ الحاسِدونَ بِهِ / ذَرعاً وتُوسِعُهُ الأيَّامُ إنشادا
فَلمْ أُهِبْ بالقَوافي بعدَ بينِكُمُ / ولا حَمِدْتُ وقَدْ جَرَّبْتُ أجْوادا
رَنَتْ إليّ وظِلُّ النَّقْعِ مَمدودُ
رَنَتْ إليّ وظِلُّ النَّقْعِ مَمدودُ / سَوابِقُ الخَيلِ والمَهريُّ القُودُ
فَما غَمَدْنَ عنِ الأسيافِ أعيُنَها / إلا وَسْلولُها في الهامِ مَغمودُ
أفعالُنا غُرَرٌ فوقَ الجِباهِ لَها / وللحُجولِ دمُ الأعداءِ مَورودُ
أنا ابنُها ورِماحُ الخَطِّ مُشرَعَةٌ / وللكُماةِ عنِ الهَيجاءِ تَعْريدُ
منْ كُلِّ مرتَعِدِ العِرْنينِ يَحفِزُهُ / رَأيٌ جَميعٌ وطِيّاتٌ عَبابيدُ
صَحِبْتُهُ حينَ لا خِلٌّ يؤازِرُهُ / ولا يَخُبُّ إِلى واديه مَنجودُ
إذا ذَكرْناه هَزَّ الرُّمْحَ عامِلَهُ / والسّيفُ مُبتَسِمٌ والبأسُ مَشهودُ
نأى فأنْكَرْتُ نَصْلي واتَّهَمْتُ يَدي / وفاقِدُ النّصرِ يومَ الرّوعِ مَفقودُ
كادَتْ تَضيقُ بأنفاسي مَسالِكُها / كأنّ مَطلَعَها في الصّدْرِ مَسدودُ
ما فاتَ عارِمَ لَحظي رَيْثَ رَجْعَتِهِ / إلا وجَفني على ما ساءَ مَردودُ
يا عامِرُ بنَ لُؤَيٍّ أنتُمُ نَفَرٌ / شوسٌ إذا توثّبَ الدّاعي صَناديدُ
أرَحْتُمُ النَّعَمَ المَشلولَ عازِبُهُ / وقَدْ تكنَّفَهُ القَوْمُ الرّعاديدُ
فَما لجارِكُمُ لِيثَ الهَوانُ بهِ / وعِزُّكُمْ بمَناطِ النّجْمِ مَعقودُ
يَرنو إِلى عَذَباتِ الوِرْدِ مِنْ ظَمأٍ / لَحظَ الطّريدةِ حيثُ الماءُ مَثمودُ
وللرّكائِبِ إرْزامٌ تُرَجِّعُهُ / إذا أقَمْنا ولمْ تَشْرَقْ بِها البيدُ
كنّا نَحيدُ عنِ الرِّيِّ الذّليلِ بها / وهلْ يُرَوّي صَدى الأنضاءِ تَصْريدُ
فاسْتَشْرَفَتْ لِمَصابِ المُزنِ طامِحةً / وهُنّ مِنْ لَغَبٍ أعناقُها غِيدُ
وزُرْنَ أروَعَ لا يَثني مَسامِعَهُ / عنْ دَعوَةِ الجارِ تأنيبٌ وتَفنيدُ
فلِلْحُداةِ على أرجاءِ مَنهَلِهِ / بما تَحمّلْنَ منْ مَدْحي أغاريدُ
ألقَيْتُ عِبءَ النّوى عنهُنّ حينَ غَدَتْ / تُلقى إِلى ابنِ أبي أوفى المَقاليدُ
مُحَسَّدُ المَجْدِ لم يَطلُعْ ثَنيّتَهُ / إلا أغرُّ على العَلياءِ مَحسودُ
يَستَحْضِنُ اللّيلَ أفكاراً أراقَ لها / كأسَ الكَرى واعتِلاجُ الفِكرِ تَسهيدُ
للهِ آلُ عَديٍّ حينَ يَرمُقُهُمْ / لَحظٌ يُرَدِّدُهُ العافونَ مَزؤودُ
تَشكو إليهمْ شِفارَ البيضِ مُرهَفَةً / غُرٌّ مَناجيدُ أو أُدْمٌ مَقاحيدُ
فتلكَ أيديهمُ تُدْمي سَماحَتُها / والسّؤدَدُ الغَمْرُ حيثُ البأسُ والجودُ
بُشرى فقد أنجَزَ الأيامُ ما وَعَدَتْ / وقلّما صَدَقَتْ مِنها المَواعيدُ
إنّ الإمارةَ لا تُمطي غَوارِبَها / إلا المَغاويرُ والشمُّ المَناجيدُ
إن يَسْحَبِ النّاسُ أذيالَ الظّنونِ بِها / فلا يُخاطِرُ لَيثَ الغابَةِ السّيدُ
وقد دَعاكَ أميرُ المؤمنينَ لَها / والهَمُّ مُنتَشِرٌ والعَزْمُ مَكدودُ
فكُنتَ أوَّلَ سَبّاقٍ إِلى أملٍ / على حَواشيهِ للأنفاسِ تَصْعيدُ
وهلْ يُحيطُ منَ الأقوامِ ذو ظَلَعٍ / بغايَةٍ أحْرَزَتْها الفِتيَةُ الصّيدُ
ورضْتَ أمراً أطافَ العاجِزونَ بهِ / وكادَ يَلوي بشَمْلِ المُلْكِ تَبديدُ
فأحْجَموا عنهُ والأقدامُ ناكصَةٌ / وللأمورِ إذا أخلَقْنَ تَجديدُ
كذلكَ الصُّبحُ إن هزّتْ مَناصِلَهُ / يدُ السّنا فقَميصُ الليلِ مَقْدودُ
لولاكَ رُدَّتْ على الأعقابِ شارِدَةٌ / تمُدُّ أضْباعَها الصّيدُ المَجاويدُ
ولمْ تَرِدْ عَقْوَةَ الزّوراءِ ناجيةٌ / تُدمي السّريحَ بأيديها الجَلاميدُ
فُقْتُ الأعاريبَ في شِعْرٍ نأمْتُ بهِ / كأنّه لُؤلُؤٌ في السِّلْكِ مَنضودُ
إنْ كان يُعجِزُهُمُ قَولي ويَجمَعُنا / أصْلٌ فقدْ تَلِدُ الخَمرَ العناقيدُ
وهذهِ مِدَحٌ دَرَّتْ بِها مِنَحٌ / بيضٌ أضاءَتْ بهِنَّ الأزْمُنُ السّودُ
إذا التَفَتُّ إِلى ناديكَ مُمْتَرِياً / نَداكَ طُوِّقَ منْ نَعمائِكَ الجيدُ
تَلَفَّتَ بالثَّوِيّةِ نحوَ نَجْدِ
تَلَفَّتَ بالثَّوِيّةِ نحوَ نَجْدِ / فَباتَ فؤادُهُ عَلِقاً بوَجْدِ
وقد خَلَصَتْ إليه بُعَيْدَ وَهْنٍ / صَباً عَثَرَتْ على لَغَبٍ بِرَنْدِ
فَهاجَ حَنينُهُ إبِلاً طِراباً / تُكَفْكِفُ عَرْبَها حَلَقاتُ قِدِّ
حَثَوْنَ على العراقِ تُرابَ نَجْدٍ / فَلا ألْقَتْ مَراسِيها بِوِرْدِ
وكَمْ خَلّفْنَ منْ طَلَلٍ بحُزْوى / وسَمْتُ عِراصَهُ مَرَحاً بِبُرْدي
ولَيِّنَةِ المَعاطِفِ في التّثَنّي / ضَعيفَةِ رَجْعِ ناظِرَةٍ وقَدِّ
تجلّتْ للوَداع على ارْتِياعٍ / من الواشي يُنيرُ بنا ويُسْدي
وقد جَعَلَتْ على خَفَرٍ تَراءى / فتُخفي من محاسِنِها وتُبْدي
وكمْ باكٍ كأنّ الجيدَ منها / يُوَشِّحُ منْ مَدامِعِهِ بعِقْدِ
شَجاهُ البَرقُ فهْوَ كما تَنَزّى / إليك السِّقْطُ من أطرافِ زَنْدِ
تَناعَسَ حينَ جاذَبَهُ كَراهُ / وقد شَمِطَ الظّلامُ هَديرُ رَعْدِ
فَما لكِ يا بْنَةَ القُرَشِيِّ غَضْبى / أمَنْسيٌّ على العَلَمَيْنِ عَهدي
وبَيْنَ جَوانِحي شَجَنٌ قَديمٌ / أَعُدُّ لهُ الغِوايَةَ فيكِ رُشْدي
فَلا مَلَلٌ أَلُفُّ عليه قَلْباً / ولا غَدْرٌ أَخيطُ عليهِ جِلْدي
وإنْ يَكُ صافِياً وشَلٌ تَمَشّتْ / بجانِبِه الصَّبا فكَذاكَ وُدّي
وبي عن خُطّةِ الضَّيْمِ ازْوِرارٌ / إذا ما جَدَّ للعَلْياءِ جِدّي
فَلا أُلْقي الجِرانَ بِها مُبِنّاً / بَطيءَ النَّهْضِ كالجَمَلِ المُغِدِّ
ولكنّي أخو العَزَماتِ ماضٍ / ومَرْهوبٌ على اللُّؤَماءِ حَدّي
فهَلْ مِن مُبلِغٍ سَرواتِ قَومي / مُضاجَعَتي على العَزّاءِ غِمْدي
وإدْلاجي وجِنْحُ اللّيلِ طاوٍ / جَناحَيْهِ على نَصَبٍ وكَدِّ
وقدْ رَنَتِ النّجومُ إليّ خُوصاً / بأعْيُنِ كاسِراتِ الطَّرْفِ رُمْدِ
لأورِثَهُمْ مَآثِرَ صالحاتٍ / شَفَعْتُ طَريفَها لهُمُ بِتُلْدِ
ولولا اللهُ ثمَّ بنو عُقَيْلٍ / لقصَّرَ دون غايَتِهِنّ جُهْدي
فها أنا بالعِراقِ نَجِيُّ عِزٍّ / وإلْفُ كَرامَةٍ وحَليفُ رِفْدِ
أقُدُّ بهِ قَوافيَ مُحْكَماتٍ / لأَرْوَعَ قُدَّ منْ سَلَفَيْ مَعَدِّ
أغَرُّ تُدِرُّ راحَتُهُ سَماحاً / ولم تُعْصَبْ رغائِبُهُ بوَعْدِ
ويُغْضي منْ تَكَرُّمِهِ حَياءً / ودونَ إبائِهِ سَطَواتُ أُسْدِ
لهُ والمَحْلُ غادَرَ كُلَّ عافٍ / يكُدُّ العيسَ مُنتَجِعاً فيُكْدي
فِناءٌ مُخْصِبُ العَرَصاتِ رَحْبٌ / إذا ضاقَتْ مَباءَةُ كُلِّ وَغْدِ
تُلَثِّمُهُ المَواهِبُ كلَّ يومٍ / تَمُجُّ سَماؤهُ عَلَقاً بَوفْدِ
وتُصْغي الأرحَبيَّةُ في ذَراهُ / إِلى قُبٍّ أياطِلُهُنَّ جُرْدِ
وما متَوقِّدُ اللّحَظاتِ يَحْمي / على حَذَرٍ مُعَرَّسَهُ بوَهْدِ
كأنّ نَفِيَّ جِلْدَتِهِ بَقايا / دِلاصٍ فَضّها المَلَوانِ سَرْدِ
تَراهُ الدّهْرَ مُكتَحِلاً بجَمْرٍ / يَكادُ يُذيبُ مُهْجَتَهُ بوَقْدِ
بأحْضَرَ وَثبَةً مِنْهُ إذا ما / رأى إغْضاءَهُ يَلِدُ التّعَدّي
أُعِدُّكَ للْعِدا يا سَعْدُ فاهْتِفْ / بسُمْرٍ مِنْ رِماحِ الخَطِّ مُلْدِ
ومُدَّ إِلى العُلا ضَبْعَيَّ وامْنَعْ / صُروفَ الدّهْرِ أنْ يُضْرِعْنَ خَدّي
فعِنْدَكَ مُلتَقى سُبُلِ المَعالي / ومُعْتَرَكُ القوافي الغُرِّ عندي
أتاكَ العيدُ يَرْفَعُ ناظِرَيْهِ / إِلى ما فيكَ منْ كَرَمٍ ومَجْدِ
ودَهْرُكَ دَعْ بَنيهِ إليكَ يَهْفو / بِطاعَةِ مُسْتَبينِ الرِّقِّ عَبْدِ
ويعلَمُ أنّ سَيفَكَ عن قَليلٍ / يَشوبُ منَ العَدُوِّ دَماً بحِقْدِ
فلا زالَتْ لك الأيامُ سِلْماً / مُلَقَّحَةً لَيالِيها بِسَعْدِ
إذا اسْتَلَبَ النّومُ العِنانَ منَ اليَدِ
إذا اسْتَلَبَ النّومُ العِنانَ منَ اليَدِ / عَلِقْتُ بأعْطافِ الخَيالِ المُسَهَّدِ
ومالي وللزَّوْرِ الهِلاليِّ مَوْهِناً / بنَهْجٍ طَوَيْنا غَوْلَهُ طَيَّ مِجْسَدِ
بحَيْثُ صَهيلُ الأعْوَجيِّ يَروعُهُ / ويُنْكِرُ سَجْرَ الأرْحَبيِّ المُقَيَّدِ
لكَ اللهُ منْ ماضٍ على الهَوْلِ والعِدا / يهُزّونَ أطرافَ الوَشيجِ المُسَدَّدِ
يُراقِبُ أسرابَ النّجومِ بمُقْلَةٍ / تُقَسِّمُ لحْظاً بينَ نَسْرٍ وفَرْقَدِ
تَراءَتْ لهُ في مُنْحَنى الرّمْلِ جَذْوَةٌ / تَمايَلُ سَكْرى بين صالٍ ومُوقِدِ
وكم دُونَها منْ أتْلَعِ الجِيدِ شادِنٍ / مُهفْهَفِ مُسْتَنِّ الوِشاحَيْنِ أغْيَدِ
إذا الليلُ أدْنى منْ يَدَيَّ وِشاحَهُ / خَلَعْتُ نِجادَ المَشْرَفيِّ المتَأوِّدِ
سَمَوْتُ إليهِ والنّجومُ كأنّها / على الأفْقِ مُرْفَضُّ الجُمانِ المُبَدَّدِ
على لاحِقِ الأطْلَيْنِ يخْتَصِرُ المَدى / بإرْخاءِ ذِئْبِ الرّدْهَةِ المُتَورِّدِ
أُفيضُ عليهِ شِكَّتي وأُخيضُهُ / دُجى اللّيْلِ والأعْداءُ منّي بمَرْصَدِ
وأَجْنُبُهُ الرِّيَّ الذّليلَ وقد جَلَتْ / على الوِرْدِ أنْفاسُ الصَّبا مَتْنَ مِبْرَدِ
وتَجْمَحُ بي عن مَوْطِنِ الذُّلِّ هِمّةٌ / تُجَمِّعُ أشْتاتَ المَعالي بأحْمَدِ
هُمامٌ إذا استَنهَضْتَهُ لِمُلِمّةٍ / مَضى غَيرَ واهي المَنكِبيْنِ مُعَرِّدِ
مُعَرَّسُهُ مأوى المَكارِمِ والعُلا / ونائِلُهُ قَيْدُ الثّناءِ المُخَلَّدِ
تَشَبّتُ منهُ المَكْرُماتُ بماجِدٍ / يَروحُ إِلى غاياتِهنَّ ويغْتَدي
ويَبْسُطُ كفّاً للندىً أُمَويّةً / تُباري شآبيبَ الغَمامِ المُنَضَّدِ
ويَخْفُقُ أنّى سارَ أو حَلَّ فَوقَهُ / حَواشي ثَناءٍ أو ذَوائِبُ سُؤْدَدِ
وما رَوْضَةٌ تَشْفي الجَنوبُ غَليلَها / بذي وَطَفٍ من غائِرِ المُزْنِ مُنجِدِ
كأنّ الرّبيعَ الطّلْقَ في حَجَراتِها / يُجَرِّرُ ذَيْلَ الأتْحَميِّ المُعَضَّدِ
بأطْيَبَ نَشْراً منْ شَمائِلهِ التي / يَلوذُ بِها جارٌ وضَيْفٌ ومُجْتَدِ
إليكَ أبا العبّاسِ سارَتْ رَكائِبٌ / بِذِكْرِكَ تُحْدَى بل بنُورِكَ تَهْتَدي
عليهنَّ منْ أفناءِ قَوْمِكَ غِلْمَةٌ / يُزَمْزِمُ عنْهُمْ فَدْفَدٌ بعدَ فَدْفَدِ
وتَشكُو إليكَ الدَّهْرَ تَفْري خُطوبُهُ / بقيّةَ شِلْوٍ من ذَويكَ مُقَدَّدِ
حَوى عُنفُوانَ المَكْرَعِ الناسُ قَبلَنا / وأوْرَدَنا أعْقابَ شِرْبٍ مُصَرَّدِ
ولابدّ منْ يَومٍ أغَرَّ مُحَجَّلٍ / يُبَوّئُنا ظِلَّ الطِّرافِ المُمَدَّدِ
فإنّكَ أصْلٌ طَيِّبٌ أنا فَرْعُهُ / وأيُّ نَجيبٍ سُلَّ منْ أيِّ مَحْتِدِ
وكمْ لكَ عِندي منْ يَدٍ مُسْتَفيضَةٍ / لبِسَتْ بها طَوْقَ الحَمامِ المُغَرِّدِ
بَقِيتَ مَصونَ العِرْضِ مُبْتَذَلَ الندىً / مَديدَ رِواقِ العِزِّ طَلاّعَ أنْجُدِ
ويَوْمُكَ يَلْوي أخْدَعَ الأمْسِ نَحْوَهُ / ويَهْفو بعِطْفَيْهِ اشْتِياقاً إِلى الغَدِ
طَرِبْنَ إِلى نجدٍ وأنّى لها نَجْدُ
طَرِبْنَ إِلى نجدٍ وأنّى لها نَجْدُ / وبغداذُ لمْ تُنْجِزْ لنا مَوْعِداً بَعْدُ
وأسْعَدَها سَعْدٌ على ما تُجِنِّهُ / من الوَجْدِ لا أدمى جَوانِحَهُ الوَجْدُ
فيا نِضْوُ لا يَجْمَحْ بكَ الشّوقُ واصْطَبِرْ / قَليلاً وكَفْكِفْ منْ دُموعِكَ يا سَعْدُ
فما بِكُما دونَ الذي بي منَ الهَوى / ولكن أبَى أن يَجْزَعَ الأسَدُ الوَرْدُ
ستَرعى وإنْ طالَتْ بنا غُرْبَةُ النّوى / رُباً في حَواشي رَوْضِها النَّفَلُ الجَعْدُ
بحَيْثُ تُناجينا بألحاظِها المَها / إذا ضَمّنا والرّبْرَبَ الأجْرَعُ الفَرْدُ
ولَيْلَةَ رَفّهْنا عَنِ العِيسِ بَعْدما / قَضَتْ وَطَراً منْهُنّ مَلْويّةٌ جُرْدُ
سَرَتْ أمُّ عَمْرٍو والنّجومُ كأنّها / على مُسْتَدارِ الحَلْيِ منْ نَحْرِها عِقْدُ
فلمّا انْتَبَعّنا للخَيالِ تولّعَتْ / بِنا صَبَواتٌ فَلَّ منْ غَرْبِها البُعْدُ
وقُلْتُ لعَيْني وهْيَ نَشْوَى منَ الكَرى / أبِيني لنا حُلْمٌ رأيْناهُ أم هِنْدُ
لَئِنْ أخْلَفَ الطَّيْفُ المَواعيِدَ باللِّوى / فبالهَضباتِ الحُمْرِ لمْ يُخْلِفِ الوَعْدُ
وبِتْنا برَوْضٍ يَنْثُرُ الطَّلُّ زَهْرَهُ / عَلينا ويُرخي منْ ذَوائِبِهِ الرَّنْدُ
ونحن وراء الحَيّ نَحذَرُ منهُمُ / عُيوناً تُلَظّيها الحَفيظَةُ والحِقْدُ
وتَجْري أحاديثٌ تَلينُ مُتونُها / ويَفْتَنُّ في أطرافِها الهَزْلُ والجِدُّ
وتحتَ نِجادي مَشْرَفيٌّ إذا الْتَوى / بجَنْبيَ رَوْعٌ كادَ يَلْفِظُهُ الغِمْدُ
وهل يرْهَبُ الأعْداءَ مَنْ غَضِبَتْ لهُ / مَغاويرُ منْ بَكْرٍ كأنهُمُ الأُسْدُ
يَذودون عني بالأسِنّةِ والظُّبا / ولولاهُمُ أدنى خُطا العاجِزِ القِدُّ
فأوْجُهُهُمْ والخَطْبُ داجٍ مُضيئَةٌ / وألْسِنَتُهُمْ والعِيُّ مُحتَصَرٌ لُدُّ
إذا انتَسَبوا مَدَّ الفَخارُ أكُفَّهُمْ / إِلى شَرَفٍ أعلى دَعائِمَهُ المَجْدُ
فكُلٌّ سَعى للمَكْرُماتِ وإنّما / إِلى ناصِرِ الدّينِ انتهى الحَسَبُ العَدُّ
أغَرُّ يَهُزُّ الحَمْدُ عِطْفَيْهِ للندىً / على حينَ لا شُكْرٌ يُراعَى ولا حَمْدُ
أتَتْهُ العُلا طَوْعاً وكم رُدَّ طالِبٌ / على عَقِبَيْهِ بعدما استُفْرِغَ الجُهْدُ
ترى سيمِياءَ العِزِّ فوقَ جبينِهِ / كما لاحَ حَدُّ السّيْفِ أخْلَصَهُ الهِنْدُ
له نِعْمَةٌ تأوي إِلى ظِلّها المُنى / ويَسْحَبُ أذيالَ الثّراءِ بها الوَفْدُ
وعَزْمَةُ ذي شِبلَيْنِ ضاقَ بِهَمِّه / ذِراعاً فلا يَثْنيهِ زَجْرٌ ولا رَدُّ
يُقَلِّبُ عَيْناً لا يزالُ لدى الوَغى / يَذُرُّ عليها منْ خَبيئَتِهِ الزَّنْدُ
إذا السّنَواتُ الشُّهْبُ أجْلى قَتامُها / عنِ المَحْلِ حتى عَيَّ بالصَّدَرِ الوِرْدُ
حَلَبْنا أفاوِيقَ الغِنى منْ يَمينِهِ / وما غَرّنا البَرْقُ اللَّموعُ ولا الرَّعْدُ
ودَرَّتْ علَيْنا راحَةٌ خَلَصَتْ بِها / إلينا اليدُ البيْضاءُ والعِيشةُ الرَّغْدُ
فداهُ منَ الأقوامِ كُلُّ مُبَخَّلٍ / لهُ مَنْظَرٌ حُرُّ ومُخْتَبَرٌ عَبْدُ
إذا بَسَطَ المَدْحُ الوُجوهَ وأشرَقَتْ / زَوى بينَ عَيْنَيهِ على الشّاعِرِ الوَغْدُ
فلا بَلَغَتْ إنْ زُرْتُهُ ما تَرومُهُ / رَكائِبُ أنْضاها التّوَقُّصُ والوَخْدُ
يَخُضْنَ الدُّجى خُوصاً كأنّ عُيونَها / وهُنَّ جَليّاتٌ أَناسِيُّها رُمْدُ
إذا ما المَطايا جُرْنَ عن سَنَنِ الهُدى / وجاذَبَنا قَصْدَ النِّجادِ بها الوَهْدُ
ذَكَرْناكَ والظّلْماءُ تَثْني صُدورَها / إِلى الغَيِّ حتى يَسْتَقيمَ بِها الرُّشْدُ
حَمَلْنَ إليكَ الشِّعْرَ غَضّاً كأنّما / غَذَتْهُ برَيّا الشّيحِ عُذْرَةٌ أو نَهْدُ
فما زِلْتُ أحْدوهُ إليكَ مُحَبَّراً / وللهِ دَرّي أيَّ ذي فِقَرٍ أحْدو
ولاعَبْتُ ظِلّي في فِنائِكَ بَعدَما / أبَى أن يُزيرَ الأرضَ طُرَّتَهُ البُرْدُ
وقد كان عَهدي بالمُنى يَسْتَميلُني / إليكَ وتُدْنيني البَشاشةُ والوُدُّ
فما بالُنا نُجْفَى ومنكَ تعلَّمَتْ / صُروف اللّيالي أن يَدومَ لها عَهْدُ
وما بي نَوالٌ أرْتَجيه فَطالما / نَقَعْتُ الصّدى والماءُ مُقْتَسَمٌ ثَمْدُ
ولكنّكَ ابنُ العمِّ والعمُّ والِدٌ / وما لامرِئٍ منْ بِرِّ والِدِهِ بُدُّ
غَداً أُبْطِنُ الكَشْحَ الحُسامَ المُهَنّدا
غَداً أُبْطِنُ الكَشْحَ الحُسامَ المُهَنّدا / إذا وقَذَ الحَيَّ الهَوانُ وأَقْصَدا
وللهِ فِهْريٌّ إذا الوِرْدُ رابَهُ / أبى الرِّيَّ واخْتارَ المَنيَّةَ مَوْرِدا
يُراقِبُ أفْراطَ الصّباحِ بناظِرٍ / يُساهِرُ في المَسْرى جُدَيّاً وفَرْقَدا
ولوْ بَقِيَتْ في المَشْرَفيّةِ هَبّةٌ / ضَرَبْتُ لداعِي الحَيّ بالخِصْبِ مَوعِدا
وهلْ ينفَعُ الصّمْصامُ مَنْ يَرتَدي بهِ / بحيْثُ الطُّلى تُفْرَى إذا كان مُغْمَدا
فما أرْضَعَتْني دِرَّةَ العِزِّ حُرّةٌ / لَئِنْ لم أذَرْ شِلْوَ ابنِ سَلْمى مُقدَّدا
تَريعُ إليهِ كلُّ مُمْسًى ومُصْبَحٍ / حَصَانٌ تَشُقُّ الأتْحَميَّ المُعَضَّدا
بعَيْنٍ تَفُلُّ الدّمعَ بالدّمعِ ثَرّةٍ / أفاضَتْ على النّحْرِ الجُمانِ المُبَدَّدا
وطَيْفٍ سَرى واللّيْلُ يَنْضو خِضابَهُ / ويَجْلو عَلينا الصُّبْحَ خَدّاً مُوَرَّدا
أتى والثُّريّا حِلّةُ الغَوْرِ مَعْشَراً / كِراماً بأطْرافِ المَروداتِ هُجَّدا
يَرومونَ أمراً دونَهُ رَبُّ سُرْبَةٍ / لُهامٍ تَشُبُّ الكَوْكَبَ المُتَوقِّدا
وصَلْنا بِهِ سُمْرَ الرِّماحِ وربّما / هَجَرْنا لها بَيضَ التّرائِبِ خُرّدا
وإنّي على ما فيَّ منْ عَجْرَفيّةٍ / إذا ما التَقى الخَيْلانِ أذْكُرُ مَهْدَدا
هِلاليَّةٌ أكْفاؤُها كُلُّ باسِلٍ / بَعيدِ الهَوى إن غارَ للحَرْبِ أنْجَدا
رَمَتْني بعَيْنَيْ جُؤْذَرٍ وتَلفّتَتْ / بذي غَيَدٍ يَعْطو بهِ الرّيمُ أجْيَدا
فَيا خادِيَيْها سائِقَيْنِ طَلائِحاً / تَجوبُ بصَحْراءِ الأراكَةِ فَدْفَدا
إذا أصْغَرَتْ أو أكْبَرَتْ في حَنينِها / ظَلِلْتُ على آثارِهِنَّ مُغرِّدا
أَفيقا قَليلاً منْ حُداءِ غَشَمْشَمٍ / أقامَ منْ القَلْبِ المُعَنّى وأقْعَدا
فإنّكُما إنْ سِرْتُماها بهُدنَةٍ / رَمَت بكُما نَجْداً من اليومِ أو غَدا
وسِيّانِ لولا حُبُّها عامريّةً / غُرابٌ دَعا بالبَيْنِ أو سائِقٌ حَدا
وكُلُّ هَوىً نَهْبُ الليالي وحُبُّها / إذا بَلِيَتْ أهواءُ قَوْمٍ تَجدَّدا
وعاذِلَةٍ نَهْنَهْتُ من غُلوائِها / وكُنتُ أبيّاً لا أُطيعُ المُفَنَّدا
إذا استَلَّ مني طارِقُ الخَطْبِ عَزْمَةً / فلابُدّ من نَيْلِ المَعالي أوِ الرّدى
أأسْحَبُ ذَيلي في الهَوانِ وأُسْرَتي / تَجُرُّ إِلى العِزِّ الدِّلاصَ المُسَرّدا
ولي من أميرِ المؤْمِنينَ إيالَةٌ / ستُرغِمُ أعْداءً وتَكْمِدُ حُسَّدا
هيَ الغايةُ القُصْوى إذا اعْتَلَقَتْ بها / مآرِبُ طُلّابِ العُلا بَلَغوا المَدى
أغَرُّ مَنافيٌّ يمُدُّ بضَبْعِهِ / جُدودٌ يُعالونَ الكَواكِبَ مَحْتِدا
تبرَّعَ بالمَعْروفِ قبلَ سؤالِهِ / فلمْ يَبْسُطِ العافي لِساناً ولا يَدا
فرُحْنا بمالٍ فرَّقَ المَجْدُ شَمْلَهُ / وراحَ بحَمْدٍ ضمَّ أشْتاتَهُ الندىً
حَلَفْتُ بفَتْلاءِ الذِراعِ شِمِلَّةٍ / تَخُبُّ بقَرْمٍ منْ أميّةَ أصْيَدا
وتَهوي إِلى البَيْتِ العَتيقِ ورَبُّها / إذا غالَ منْ تأويبهِ البيدُ أسْأَدا
أظلَّتْ مُحِلَّيْ طيّءٍ منهُ وقْعَةٌ / فكادوا يُبارونَ النّعامَ المُطَرّدا
ولاقى رَئيسُ القَوْمِ عَمْرو بنُ جابِرٍ / طِعاناً يُنَسِّيهِ الهَدِيِّ المُقَلدا
لأَسْتَودِعَنَّ الدّهْرَ فيكمُ قَصائِداً / وهنَّ يُوشِّحْنَ الثّناءَ المُخلَّدا
زَجَرْتُ إليكمْ كلَّ وَجْناءَ حُرّةٍ / وأدْهَمَ محْجولَ القوائِمِ أجْرَدا
فألْبَستموني ظِلَّ نُعْمى كأنني / أُجاوِرُ رِبْعياً من الرّوضِ أغْيَدا
تَسيرُ بها الرّكْبانُ شرقاً ومَغْرباً / ويَسْري لها العافونَ مَثْنى ومَوْحَدا
وكمْ لكَ عندي مِنّةً لوْ جَحَدْتُها / لقامَ بها أبناءُ عدنانَ شُهَّدا
بمُعْتَرَكِ العِزِّ الذي في ظِلالهِ / أفُلُّ شَبا الخَطْبِ الذي جارَ واعْتَدى
يظلُّ حَوالَيْهِ المَساكينُ عُوَّذاً / بخَيْر إمامٍ والسّلاطينُ سجّدا
عليهِ من النّورِ الإلهيِّ لمْحَةٌ / إذا اكْتَحَلَ السّاري بلأْلائِها اهْتَدى
ورِثْتَ عُبَيْدَ اللهِ عمَّكَ جودَهُ / وأشْبَهْتَ عبدَ اللهِ جَدَّك سُؤْدَدا
عَرَضَتْ كَخُوطِ البانَةِ الأُمْلودِ
عَرَضَتْ كَخُوطِ البانَةِ الأُمْلودِ / تَختالُ بينَ مَجاسِدٍ وعُقودِ
هيفاءُ ليّنَةُ التّثَنّي أقْبَلَتْ / في خُرَّدٍ كَمَها الصّرائِمِ غِيدِ
ومَرَرْنَ بالوادي على عَذَبِ الحِمى / فحَكَيْنَ هِزّةَ بانِهِ بِقُدودِ
وحَكى الشقيقُ بهِ اسْوِدادَ قُلوبِها / وأُعيرَ منهُنّ احْمِرارَ خُدودِ
وكأنّ أعيُنَهُنَّ منْ وَجَناتِها / شَرِبَتْ على ثَمَلٍ دَمَ العُنْقودِ
فَطَرَقْنَني والليْلُ رقَّ أديمُهُ / والنّجْمُ كادَ يهُمُّ بالتَّعْريدِ
ووَجَدْتُ بَرْدَ حُلِيّهِنّ وهَزَّ منْ / عِطفَيْهِ ذو الرّعَثاتِ للتّغْريدِ
فانْجابَ منْ أنوارِهِنَّ ظَلامُهُ / وأظَلَّهُنّ دُجى ذَوائِبَ سُودِ
وأنا بحَيثُ القُرْطُ من أجْيادِها / يَنْأى ويَقْرُبَ مِحْمَلي مِنْ جِيدي
كَرُمَتْ مَضاجِعُنا فلِيثَ على التُّقى / أُزْري وَجيبَ عنِ العَفافِ بُرودي
أزْمانَ يَنْفُضُ لِمّتي مَرَحُ الصِّبا / وهوَ الشّفيعُ إِلى الكَعابِ الرّودِ
ومَشارِبي زُرْقُ الجِمامِ فلَمْ يَنَلْ / منّي الأُوامُ بمَنهَلٍ مَورودِ
فارْفَضَّ شَملُ الأُنْسِ إذ جمَعَ البِلى / بِزَرودَ بينَ مَعاهِدٍ وعُهودِ
وتَقاسَمَتْني بعْدَهُ عُقَبُ النّوى / حتى لَفَفْتُ تَهائِماً بنُجودِ
وفَلَيْتُ ناصِيَةَ الفَلا بمَناسِمٍ / وَسَمَ المَطِيُّ بِها جِباهَ البيدِ
فسَقى الغَمامُ ولسْتُ أقنَعُ بالحَيا / أيّامَنا بينَ اللِّوى فَزَرودِ
بلْ جادَها ابنُ العامِريِّ براحَةٍ / وَطْفاءَ صِيغَ بَنانُها منْ جُودِ
مُتَوقِّدُ العَزَماتِ لو رُمِيَتْ بِها / زُهْرُ النُّجومِ لآذَنَتْ بخُمودِ
ومُواصِلٍ أرَقاً على طَلَبِ العُلا / في مَعْشَرٍ عن نَيْلِهِنَّ رُقودِ
ذو ساحَةٍ فَيحاءَ مَعروفٍ بِها / وَزَرُ اللّهيفِ وعُصْرَةُ المَنْجودِ
مَلْثومَةُ العَرَصاتِ في أرْجائِها / مَثْوى جُنودٍ أو مُناخُ وفودِ
لمّا تَوشَّحَتِ البِلادُ بفِتْنَةٍ / ما إنْ تَصيدُ سوى نُفوسِ الصِّيدِ
وتَشُبُّ شَعْثاءَ الفُروعِ وتَمْتَري / أخْلافَ حَرْبٍ للمَنونِ وَلودِ
أوْهى مَعاقِدَها وأطْفأَ نارَها / قبلَ انْتِشارِ لَظىً وبعْدَ وَقودِ
بالجُرْدِ تَمتاحُ العَجاجَ وغِلْمةٍ / في الغابِ منْ أسَلِ القَنا كأُسودِ
مِنْ كُلِّ وطّاءٍ على قِمَمِ العِدا / بحَوافِرٍ خُلِقَتْ منَ الجُلْمودِ
وصَوارِمٍ عُرِّينَ منْ أغْمادِها / حتى ارْتَدَيْنَ منَ الطُّلى بغُمودِ
ولَوِ انْتَضى أقلامَهُ السّودَ احْتَمى / بِيضُ الصِّفاحِ بِها منَ التّجْريدِ
والسُّمْرُ منْ حَذَرِ التّحَطُّمِ في الوَغى / تُبدي اهْتِزازَ مُنَضْنِضٍ مَطْرودِ
فكأنّهُنّ أُعِرْنَ منْ أعدائِه / يومَ اللّقاءِ تَلَوّيَ المزْؤودِ
وهمُ إذا ما الرّوعُ قلّصَ ظلَّهُ / عنْ كُلِّ مُسْتَلَبِ الحُشاشَةِ مُودِ
مِنْ سائِلٍ صَفَداً يُؤَمِّلُ سَيْبَهُ / ومُكَبَّلٍ في قِدِّهِ مَصْفودِ
وكِلاهُما من رَهْبَةٍ أو رَغْبَةٍ / بَأساً وجُوداً مُوثَقٌ بقُيودِ
كمْ قُلْتُ للمُتَمَرّسينَ بشأْوِهِ / أرْميهِمُ بقَوارِعِ التّفْنيدِ
غاضَ الوفاءُ فليسَ في صَفَحاتِهِمْ / ماءٌ وفي الأحشاءِ نارُ حُقودِ
وحُضورُهمْ في حادِثٍ كمَغيبِهمْ / وقِيامُهُمْ لمُلِمّةٍ كقُعودِ
لم يَبْتَنوا المَجْدَ الطّريفَ ولا اقْتَنَوا / مِنهُ التّليدَ بأنْفُسٍ وجُدودِ
لا تَطْلُبوهُ فشَرُّ ما لَقيَ امْرُؤٌ / في السَّعْي خَيْبَةُ طالِبٍ مَكْدودِ
لكَ يا عَليُّ مآثِرٌ في مِثلِها / حُسِدَ الفتى والفَضْلُ للمحسودِ
وَضَحَتْ مَناقِبُكَ التي لمْ يُخْفِها / حَسَدٌ يُلثِّمُهُ العِدا بجُحودِ
والناسُ غَيْرَكَ والعُلا لكَ كُلُّها / ضَلّوا مَعالِمَ نَهْجها المَسْدودِ
فاسْتَقْبِلِ النّيروزَ طَلْقَ المُجْتَلى / والدّهْرَ عَذْبَ الوِرْدِ نَضْرَ العُودِ
في دَولَةٍ تُرْخي ذَوائِبها على / عِزٍّ يُلاذُ بظِلِّهِ المَمْدودِ
سَقى دارَها منْ مُنْحَنى الأجْرَعِ الفَرْدِ
سَقى دارَها منْ مُنْحَنى الأجْرَعِ الفَرْدِ / أجَشُّ نَمومُ البَرْقِ مُرْتَجِزُ الرَّعْدِ
فَباتَ يُحَيّي بالحَيا عَرَصاتِها / وهُنَّ على الهُوجِ المَراويدِ تَسْتَعْدي
فلا زالَ يَكسوها الرّبيعُ وشائِعاً / تَرِفُّ حَواشِيها على عَلَمَيْ نَجْدِ
ويُفْعِمُ غُدْراناً كأنّ يَدَ الصَّبا / تَجُرُّ علَيْها رَفْرَفَ النَّثْرَةِ السَّرْدِ
بِها تَسْحَبُ الأرْماحَ فِهْرُ بنُ مالِكٍ / إذا ما شَحا الرّاعي ليَكْرَعَ في الوِرْدِ
وتَدْفَعُ عنهُ كلَّ أشْوَسَ باسِلٍ / بمَسْنونَةٍ زُرْقٍ ومَلْبونَةٍ جُردِ
يَصوبُ بأيديهِمْ نَجيعٌ ونائِلٌ / ولولا الندىً لم تَسْتَنِرْ صَفْحَةُ المَجْدِ
بكى حَضَنٌ إذْ عُرِّيَتْ هَضباتُهُ / منَ البَطَلِ الجَحجاحِ والفَرَسِ النَّهْدِ
وفي الجيرَةِ الغادينَ هَيْفاءُ غادَةٌ / نَأَتْ لا دَنا قُرْطٌ لظَمْياءَ منْ عِقْدِ
إذا نَظَرَتْ أغْضى لها الرّيمُ طَرْفَهُ / وإنْ سَفَرَتْ أخْفى سَنا البَدْرِ ما تُبْدي
خَليليَّ إنْ علّلْتُماني فعَرِّضا / بِها قَبلَ تَصْريحِ الفؤادِ عنِ الوَجْدِ
فما هَبَّ عُلْويُّ الرّياحِ ولا بَدا / سَنا بارِقٍ إلا طَرِبْتُ إِلى هِنْدِ
وقد كَمَنَتْ في القَلْبِ منّي صَبابَةٌ / إليها كُمونَ النارِ في طَرَفِ الزَّنْدِ
أأنْقُضُ عهْدَ المالِكيَّةِ باللِّوى / إذاً لا رَعى العَلْياءَ إنْ خُنْتُها عَهْدي
وأغْدِرُ وابْنا خِنْدِفٍ يَهْتِفانِ بي / ويَلْمَعُ حَدُّ السّيفِ منْ خِلَلِ الغِمدِ
ولو لمْ يَكُنْ فيَّ الوَفاءُ سجِيّةً / دَعاني إليها الأرْيَحيُّ أبو سَعْدِ
فتىً يَفْتَري شَأْوَ المعالي بهِمّةٍ / تُناجي غِرارَ السّيْفِ في طَلَبِ الجَمْدِ
وما رَوْضَةٌ حَلَّ الرّبيعُ نِطاقَها / وجَرَّتْ بِها الأنْواءُ حاشِيَةَ البُرْدِ
إذا حَدَرَتْ فيها النُّعامى لِثامَها / ثَنى عِطْفَهُ الحَوْذانُ والْتَفَّ بالرَّنْدِ
بأطْيَبَ نَشْراً منْ شَمائِلِهِ التي / تَنُمُّ بِرَيّاها على العَنْبَرِ الوَرْدِ
أغَرُّ إذا هَزَّتْهُ نَغْمَةُ مُعْتَفٍ / تَبَلَّجَ عنْ أُكْرومَةٍ وندىً عِدِّ
إليكَ زَجَرْتُ العِيسَ بين عِصابَةٍ / كُهولٍ وشُبّان وأغْلِمةٍ مُرْدِ
تَخوضُ خُدارِيَّ الظّلامِ بأوْجُهٍ / تُقايِضُ غَيَّ الدّاعِرِيَّةِ بالرُّشْدِ
على كُلِّ فَتْلاءِ الذِّراعِ كأنّها / منْ الضُّمْرِ شِلْوُ الأصْبَحيِّ منَ القِدِّ
تَرَكْنا وَراءَ الرّمْلِ دارَ إقامَةٍ / ملأْتُ بِها كَفَّيَّ منْ لَبَدِ الأُسْدِ
ولولاكَ لم تَخطرْ بِبالي قَصائِدٌ / هَوابِطُ في غَوْرٍ طَوالِعُ منْ نَجْدِ
لَحِقْتُ بِها شأْوَ المُجيدينَ قَبْلَها / وهَيْهاتَ أن يُؤْتَى بأمثالِها بَعْدي
فهُنَّ عَذارى مَهْرُها الوُدُّ لا الندىً / وما كُلُّ مَنْ يُعْزى إِلى الشِّعْرِ يَسْتَجْدي
عَلَوْتَ فدُونَكَ السّبْعُ الشِّدادُ
عَلَوْتَ فدُونَكَ السّبْعُ الشِّدادُ / وأنتَ لكُلِّ مَكْرُمَةٍ عِمادُ
ودانَ لكَ العِدا فلَهُمْ خُضوعٌ / ولولا الرُّعْبُ لَجَّ بهِمْ عِنادُ
وعَزّوا حين غِبْتَ فهُمْ أُسودٌ / وذلّوا إذْ حَضَرْتَ فهُمْ نَقادُ
إذا ما سارَقوكَ اللّحْظَ أدْنَتْ / مَسافَتَهُ المُهَنّدَةُ الحِدادُ
كأنّهُمُ ونارُ الحَرْبِ يَقْظى / تَمَشّى في عُيونِهِمُ الرُّقادُ
همُ بَخِلوا بِطاعَتِهِمْ ولكنْ / على الأسَلاتِ بالأرْواحِ جادوا
وغرَّهُمُ بكَ المَطْوِيُّ كَشْحاً / على إحَنٍ يغَصُّ بها الفؤادُ
وكيفَ يَرومُ شأْوَكَ في المَعالي / وشِسْعُكَ فوقَ عاتِقِهِ نِجادُ
يَضِجُّ الدّسْتُ منْ حَنَقٍ عليهِ / ويَبْصُقُ في مُحيّاهُ الوِسادُ
فأخْلَدَ منْ غِوايَتِهِ إلَيْهِمْ / وبانَ لهُ بهُلْكِهِمُ الرّشادُ
وسوّلَ بالمُنى لهُمُ أموراً / أعاروها جَماجِمَهمْ فبادُوا
ودبّرَها فدمّرَها برأيٍ / تُجانِبُهُ الإصابةُ والسّدادُ
خَبَتْ نَجَداتُهمْ والجُبْنُ يُعْدي / بهِ والنارُ يُطْفِئُها الرّمادُ
إذا صلَحَتْ لهُ حالٌ فأهوِنْ / عليهِ بأنْ يعُمَّهُمُ الفَسادُ
كأنّ النّقْعَ إذْ أرْخى سُدولاً / علَيهِمْ قَبْلَ مَهْلِكِهِمْ حِدادُ
كأنّ الصّافِناتِ الجُردَ فيهم / يُدافُ على قَوائِمِها الجِسادُ
فهُمْ مِنْ بينِ مُعْتَجِرٍ بسَيْفٍ / ومُقْتَسَرٍ يؤرّقُهُ الصِّفادُ
وآخَرُ تَرْجُفُ الأحشاءُ منهُ / نَجا بذَمائِهِ ولكَ المَعادُ
وكانَ لهُ سَوادُ الليلِ جاراً / وبئْسَ الجارُ للبَطلِ السّوادُ
يحرِّكُ طِرْفَهُ وبهِ لُغوبٌ / ويَمْسَحُ طَرْفَهُ وبهِ سُهادُ
إذا ارْتَكَضَ الكَرى في مُقْلتَيْهِ / أقَضَّ على جَوانِحِهِ المِهادُ
أبى أن يَلْتَقي الجَفْنانِ منهُ / كأنّ الهُدبَ بينَهما قَتادُ
فألْحِمْهُمْ سُيوفَكَ إنّ فيها / إذا انْتُضِيَتْ رَغائِبَ تُسْتَفادُ
ولَسْتَ بواجِدٍ لهُمُ ضَميراً / أبَنَّ به وَفاءٌ أو وِدادُ
يَلُفّونَ الضلوعَ على حُقودٍ / لها بمَقيلِ همّهِمُ اتّقادُ
إذا ما السّيفُ خَشّنَ شَفْرَتَيْهِ / أخو الغَمَراتِ لانَ لهُ القِيادُ
وكَمْ لكَ منْ مَواطِنَ صالِحاتٍ / بهِنَّ لفارجِ الكُرَبِ احْتِشادُ
وأبْطالٍ كآسادٍ تمَطّتْ / كذُؤبانِ الرِّداهِ بهِمْ جِيادُ
تَخالُهُمُ أراقِمَ في دُروعٍ / تُحدِّقُ من مَطاويها الجَرادُ
إذا دلَفوا إِلى الهَيْجاءِ عَفّتْ / على الأعْداءِ داهِيَةٌ نَآدُ
بيَوْمٍ كادَ منْ قَرَمٍ إلَيْهِمْ / تلمَّظُ في حَواشِيهِ الصِّعادُ
وَطِئْتُ بهِمْ سَنامَ الأرضِ حتى / تَرَكْتَ تِلاعَها وهْيَ الوِهادُ
تُلَقّي الطّعْنَ لَبّاتِ المَذاكي / ويُدْمي منْ حَوامِيها الطِّرادُ
فأنتَ الغيثُ شِيمتُهُ سَماحٌ / وأنت اللّيْثُ عُرْضَتُهُ جِلادُ
منَ النَّفَرِ الإِلى نَقَصَ المُسامي / غَداةَ رأى مَساعِيَهُمْ وزادوا
لهُمْ أيْدٍ إذا اجْتُدِيَتْ سِباطٌ / تُصافِحُهُنَّ آمالٌ جِعادُ
ووادٍ مُونِقُ الجَنَباتِ تأْوي / إليهِ إذا تَجهَّمَتِ البِلادُ
ومِثْلُكَ زانَ سُؤْدَدَ أوّلِيهِ / بِطارِفِهِ وزَيّنَهُ التِّلادُ
فأنْمَيتَ الذي غَرَسوهُ قَبْلاً / كما يتَعاهَدُ الرّوْضَ العِهادُ
فلا زالَتْ زِنادُكَ وارِياتٍ / فَقدْ وَرِيَتْ بدَوْلَتِكَ الزِّنادُ
وأَوانِسٍ هِيفِ الخُصورِ إِذا مَشَتْ
وأَوانِسٍ هِيفِ الخُصورِ إِذا مَشَتْ / وَدَّتْ غُصونٌ أَنّهُنَّ قُدودُ
وَبِكُلِّ مَرْمَى نَظْرَةٍ مِنْ وامِقٍ / تَحْكي مَبَاسِمُهُنَّ فيه عُقودُ
خَدٌّ وَخالٌ يُعْشَقانِ كَأَنَّما / نُقِطَتْ بِحبّاتِ القُلوبِ خُدودِ
وَمُشْبِلَةٍ شَمْطاءَ تَبْكي مِنَ النَّوَى
وَمُشْبِلَةٍ شَمْطاءَ تَبْكي مِنَ النَّوَى / وقَد غَيَّبَتْ عَنْ غَابِها أَسَداً وَرْدا
وَتَحْتَ حَبابِ الدَّمْعِ عَيْنٌ رَويَّةٌ / مِنَ الدَّمِ وَالأحشاءُ مُضْمِرَةٌ وَجْدا
إِذا طَرَق الرَّكْبُ العِراقيُّ أرْضَها / بِحَيْثُ تُظِلُّ السُّمْرُ مُقْرَبَةً جُرْدا
وَيَحمي ذِمارَ الجارِ كلُّ ابْنِ حُرَّةٍ / يَكادُ مِنَ الإكرامِ يُوْطِئُهُ خَدَّا
تَولّتْ بِقَلْبٍ يَسْتَطيرُ شَرارُهُ / إِذا قَدَحَتْ أَيْدي الهُمومِ بِهِ زَنْدا
وَقَالتْ نِساءُ الحَيِّ أَيْنَ ابْنُ أُخْتِنا / أَلا أَخْبِرونَا عَنْهُ حُيِّيتُمُ وَفْدا
رَعاهُ ضَمانُ اللهِ هَلْ في بِلادِكمْ / أَخْو كَرَمِ يَرْعَى لِذي حَسَبٍ عَهْدا
فَإِنَّ الّذي خَلَّفْتُموهُ بِأَرْضِكُمْ / فَتىً مَنْ رَأَى آباءهُ ذَكَرَ المَجْدا
أَبَغْداذُ كَمْ تُنْسيهِ نَجْداً وَأَهْلَهُ / أَلا خَابَ من يَشْري بِبغْدادِكُمْ نَجْدا
فَدَتْهُنَّ نَفْسي لو سَمِعْنَ بِما أرى / رَمَى كُلُّ جِيدٍ مِنْ تنَهُّدِها عِقْدا
أَلَسْتُ مُقيماً في أُناسٍ وِدادُهُمْ / يُشابُ بِغِلٍّ حينَ أَمْحَضُهُمْ وُدّا
وَيَثْلِمُ عِرْضِي عِنْدَهُمْ كلُّ كاشِحٍ / وَأَدْفَعُ عَنْ أَعْراضِهِمُ أَلسُناً لُدّا
وَأَنْصُرُهُمْ وَالسَّيْفُ يَدْمَى غِرارُهُ / وَأُخْذَلُ فِيهمْ وَهْوَ يَعْتَنِقُ الغِمْدا
وَهُمْ في غَواشِي نَشْوَةٍ مِنْ ثَرائِهِمْ / وَلا خَيْرَ في مَالٍ إِذا لَمْ يُفِدْ حَمْدا
فَمَنْ لي على غَيِّ التَّمَنِّي بَصاحِبٍ / سَليمِ نَواحِي الصَّدْرِ لا يَحْمِلُ الحِقْدا
يَعُدُّ الغِنَى فَضْفاضَةً ذاتَ رَفْرَفٍ / وَصَمْصامَةً عَضْباً وَذا خُصَلٍ نَهْدا
وَلَوْلا افْتِراشُ الذِّئْبِ لِلْغَدْرِ صَدْرُهُ / لَما كُنْتُ أَتْلَو في مطالِبَها الأُسْدا
وَعَليلَةِ اللَّحَظاتِ يَشْكو قُرْطها
وَعَليلَةِ اللَّحَظاتِ يَشْكو قُرْطها / بُعْدَ المَسافَةِ مِنْ مَناطِ عُقُودِها
حَكَتِ الغَزالَةَ وَالغَزالَ بِبُعْدِها / وَبِصَدِّها وَبِوَجْهها وَبِجيدِها
فَمنالُ تِلكَ إِذا نَأَتْ كَوِصالِها / وَنِفارُ ذاكَ وَإِنْ دَنَتْ كَصُدودِها
هِي في الفُؤادِ وَفيهِ نيرانُ الهَوى / فَبِمَدْمَعَيَّ تَلوذُ عِنْدَ وَقُودِها
وَإِذا شَكَوْتُ نَسَبْتُ في شِعْري بِها / شَكْوى الحَمامِ تَنوحُ في تَغْريدِها
عَرَضَتْ لَنا تَخْتالُ بَيْنَ كَواعِبٍ / وَالرَّوْضُ يُذْهِلُ حُورَها عن غِيْدِها
إِذْ شَقَّ أَرْدِيَةَ الشَّقيقِ بِهِ الحيا / فَحَكيْنَهُ بِقلوبِها وَخُدُودِها
عَجِبْتُ لِمَنْ يَبْغي مَدايَ وَقَدْ رَأَى
عَجِبْتُ لِمَنْ يَبْغي مَدايَ وَقَدْ رَأَى / مَساحِبَ ذَيْلي فَوْقَ هامِ الفَراقِدِ
وَلي نَسَبٌ في الحَيِّ عالٍ يَفاعُهُ / رَحِيبُ مَسارِي العِرْقِ زاكي المَحاتِدِ
وَفيَّ مِنَ الفَضلِ الّذِي لَوْ ذَكَرْتُهُ / كَفانِيَ أَنْ أُزْهَى بِجَدٍّ وَوالِدِ
وَرِثْنا العُلا وَهْيَ الَّتي خُلِقَتْ لَنا / وَنَحْنُ خُلِقْنا لِلْعُلا وَالمَحامِدِ
أَبَاً فَأَبَاً مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ وَهكذا / إِلى آدَمٍ لَمْ يَنْمِنا غَيْرُ مَاجِدِ
وَساجِيةَ الأَلْحاظِ تَفْتُرُ إِنْ رَنَتْ
وَساجِيةَ الأَلْحاظِ تَفْتُرُ إِنْ رَنَتْ / فَتَحْسَبُها مَمْلوءَةً مِنْ رُقادِها
أُعَلّلُ نَفْسي بِالمُنى وَيَشوقُني / سَنا البَرْقِ يَسْري مَوْهِناً مِنْ بِلادِها
وَما لِيَ مِنْها غَيْرُ داءٍ مُخامِرٍ / يُبَرِّح بي في قُرْبِها وَبِعادِها
وَأَرْعَى نُجومَ اللَّيْلِ وَالعَيْنُ ثَرَّةٌ / تُرَاقِبُها مَطْروفَةً بِسُهادِها
فَلَيْتَ بَياضَ الصُّبْحِ يَبْدو لِمُقْلَةٍ / كَأَنَّ الدُّجَى مَخْلُوقَةٌ مِنْ سَوادِها
وَسِرْبِ عَذارَى مِنْ عُقيلٍ سَمِعْنَني
وَسِرْبِ عَذارَى مِنْ عُقيلٍ سَمِعْنَني / وَراءَ بُيوتِ الحَيِّ مُرْتَجِزاً أَشْدو
فَسُدَّتْ خَصاصَاتُ الخُدورِ بِأَعْيُنٍ / حَكَتْ قُضُباً في كُلِّ قَلْبٍ لَها غِمْدُ
وَرَدَّدْنَ أَنْفاسَاً تُقَدُّ مِنَ الحَشَى / وَتَدْمَى فَلَمْ يَسْلَمْ لِغَانِيَةٍ عِقْدُ
وَفِيهِنَّ هِنْدٌ وَهْيَ خَوْدٌ غَزيرةٌ / وَمُنْيَةُ نَفْسِي دونَ أَتْرابِها هِنْدُ
فَقُلْنَ لَهَا مِنْ أَينَ أَوْضَحَ ذا الفَتى / وَمَنْشَؤُهُ غَوْرا تِهامَةَ أَوْ نَجْدُ
فَفي لَفْظِهِ عُلْويَّةٌ مِنْ فَصاحَةٍ / وَقَدْ كادَ مِنْ أَشْعارِهِ يَقْطُرُ المَجْدُ
فَقالَتْ غُلامٌ مِنْ قُرَيْشٍ تَقاذَفَتْ / بِهِ نِيَّةٌ يَعْيَى بِها العاجِزُ الوَغْدُ
لَعَمْرُ أَبيها إِنَّها لَخَبيرةٌ / بِأَرْوَعَ يَمْري دَرَّ نائِلِهِ الحَمْدُ
مِنَ القَوْمِ تَسْتَحْلِي المَنايَا نُفُوسَهُمْ / وَيَخْتالُ تِيهاً في ظِلالِهِمُ الوَفْدُ
وَمَنْ لانَ لِلْخَطْبِ المُلِمِّ عَريكَةً / فَإنّي على ما نَابَني حَجَرٌ صَلْدُ
بَلَغْتُ أَشُدِّي وَالزَّمانُ مُمارِسٌ / جِماحِي عَلَيْهِ وَهْو ما راضَنِي بَعْدُ
تَشَبَّثْ يا أُخيَّ بِمَكْرُماتٍ
تَشَبَّثْ يا أُخيَّ بِمَكْرُماتٍ / تَنوشُ ذوائِبَ الحَسَبِ التَّليدِ
فَنَحْنُ نَحِلُّ أَنْدِيَةً إِلَيْها / ثَنى النَّعْماءُ طَرْفَ ألمُسْتَفيدِ
وَنَعْتَقِلُ الرِّماحَ مُثَقَّفاتٍ / وَنَرْفُلُ في سَرابِيلِ الحَديدِ
وَقَدْ كُنا المُلوكَ على البَرَايا / نُشَيِّدُ ما بَناهُ أَبو يَزيدِ
فَجاذَبَنا رِداءَ العِزِّ دَهْرٌ / جَلا الأحْرارَ في صُوَرِ العَبيدِ
إِذا غَارَ عَزْمي في البِلادِ وَأَنْجَدا
إِذا غَارَ عَزْمي في البِلادِ وَأَنْجَدا / فَإِنَّ قُصَارَى السَّعْي أَنْ أَبْلُغَ المَدَى
وَلِلْغَايَةِ القُصْوَى سَمَتْ بِيَ هِمَّتي / فَلا بُدَّ مِنْ نَيْلي المَعالي أَو الرَّدَى
لَأَدَّرِعَنَّ النَّقْعَ وَالسَّيْفُ يُنْتَضَى / لُجَيْناً وَنُؤويهِ إِلى الغِمْدِ عَسْجَدا
بِجُرْدٍ يُجاذِبْنَ الأَعِنَّةَ أَيْدِيَاً / لَبيقَاتِ أَطْرِافِ الأَنامِلِ بِالندى
إِذا هُنَّ نَبَّهْنَ الثَّرَى مِن رُقادِهِ / ذَرَرْنَ بهِ في مُقْلَةِ النَّجْمِ إِثْمِدَا
وَشَعَّثْنَ أَعْرافَ الصَّباحِ بِهَبْوَةٍ / يُطالِعْنَ مِنْها نَاظِرَ الشَّمْسِ أَرْمَدا
فَلَسْتُ ابْنَ مَنْ سَادَ الأَنَامَ وَقادَهُمْ / لَئِنْ لَمْ أُرَوِّ الرُّمْحَ مِنْ ثُغَرِ العِدَا
وَيَوْمٍ طَوَيْنا أَبْرَدَيْهِ بِرَوْضَةٍ
وَيَوْمٍ طَوَيْنا أَبْرَدَيْهِ بِرَوْضَةٍ / يُنَشِّرُ فيها الأَتْحَمِيُّ المُعَضَّدُ
وَنَحْنُ على أَطْرافِ نَهْرٍ تُظِلُّهُ / أَزاهيرُها وَالشَّمسُ فيها تَوَقَّدُ
وَتُظْهِرُهُ طَوْراً وطَوْراً تُجِنُّهُ / فَتَحْسِبُه سَيْفاً يُسَلُّ وَيُغْمدُ
وَتَبْسِمُ في رَأْدِ الضُّحى وَتَؤودُها / أَبابِيلُ مِنْ طَيْرٍ عَلَيْها تُغَرِّدُ
شَرْبِنا بِها ماءً تُغازِلُهُ الصَّبا / فَيَصْفُو وَيَقْتاتُ النَّسيمَ فَيَبْرُدُ
إِذا ما ذَكَرْنا طِيبَهُ بَعْدَ بُرْهَةٍ / مِنَ الدَّهْرِ عاوَدْناهُ وَالعَوْدُ أَحْمَدُ
وَفِتْيانِ صِدْقٍ إِنْ يُهِبْ بِهِمُ العِدا
وَفِتْيانِ صِدْقٍ إِنْ يُهِبْ بِهِمُ العِدا / إِلى غَمَراتٍ لا يَرُعْهُمْ وُرودُها
إِذا احْتَضَنوا بِيضَ الصَّوارِمِ أَوْمَضَتْ / بِحُمْرِ المَنايَا وَالرُّؤوسُ غُمودُها
عَلى أَعْوَجِيّاتٍ تَهَشُّ إِلى الوَغَى / وَيَلْقَى تَكالِيفَ الأَذَى مَنْ يَذُودُها
وَفَوْقَ مَطاهَا كُلُّ أَرْوَعَ مَاجِدٍ / يَقُودُ نِزاراً كُلَّها وَيَسُودُها
وَتُعْبِقُ رَيّا كَفِّهِ يَزَنِيَّةً / إِذَا لَمَسَتْها كادَ يَخْضَرُّ عُودُها
وَقَدْ حَارَبَتْهُ مِنْ مَعَدِّ وَغَيْرِها / قَبائِلُ تَبْغِي المُلْكَ صُعْراً خُدُودُها
فَخايَلَ في ثِنْي المُفاضَةِ ظِلَّهُ / وَسُلّتْ بِأَطْرافِ العَوالي حُقُودُها
وَنَحْنُ مَلَكْنا الأَرْضَ فَانْتَعَشَ الوَرَى / بِأَيْدٍ سِباطٍ شيبَ بِالبأَسِ جُودها
وَسُقْناهُمُ وَالخَيْرُ فينا سَجِيَّةٌ / إِلى نِعَمٍ لا يُسْتَطاعُ جُحودُها
فَإِنْ يَحْسُدونا لا نَلُمْهُمْ وَهذِهِ / مَآثِرُ تَأْبَى أَنْ يُلامَ حَسَودُها
أَرُوحُ بِأَشْجانٍ عَلى مِثْلِها أَغْدو
أَرُوحُ بِأَشْجانٍ عَلى مِثْلِها أَغْدو / فَحَتَّى مَتى يُزْري بِيَ الزَّمَنُ الوَغْدُ
أَفي كُلِّ يَومٍ دَوْلَةٌ مُسْتَجَدَّةٌ / يَذِلُّ بِها حُرٌّ وَيَسْمو لَها عَبْدُ
إِذا أَقْبَلَتْ أَلْقَتْ عَلى الذَّمِّ بَرْكَها / وَإِنْ أَدْبَرَتْ لَمْ يَتْلُ أَرْبابَها الحَمْدُ
فَذُو النَّقْصِ في عَيْشٍ وَريقٍ غُصونُهُ / وَلَيْسَ لِذي فَضْلٍ بِها عِيشَةٌ رَغْدُ
أَيَا دَهْرُ كَفْكِفْ مِنْ جماحِكَ إِنَّني / إِذَا الخَطْبُ أَمْهى نابَهُ أَسَدٌ وَرْدُ
وَلَسْتُ أَشِيمُ البرقَ فَلْيَدْعُ لِلْحَيا / سِوايَ وَلا يَرْفَعْ عَقيرتَهُ الرَّعْدُ
وَتَخْطِرُ أَحْيانَاً بِبالي مَطامِعٌ / فَيَمْنَعُ عِرْضِي أَنْ يُلابِسَها المَجْدُ
تَبِعْتُ أَضَالِيلَ المُنى في شَبيبَتي / فَحَلَّ مَشيبي وَهيَ تَخْدَعُني بَعْدُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025