المجموع : 38
بُشْراكَ قَدْ ظَفِرَ الرّاعي بِما ارْتادا
بُشْراكَ قَدْ ظَفِرَ الرّاعي بِما ارْتادا / وبَثَّ في جَنَباتِ الرَّوضِ أذْوادا
فاسْتَبْدَلَتْ بمُجاجِ الغَيْمِ أذْنِبَةً / مِنْ ماءِ لِيْنَةَ لا يُخْلِفْنَ وُرَّادا
يُرْوي بعَقْوَتِهِ العَبسيُّ جِيرَتَهُ / إذا الفَزاريُّ عنْ أحواضِهِ ذادا
أورَدْتُهُ العِيسَ والظَّلْماءُ وارِسَةٌ / يَحمِلْنَ مِن سَرَواتِ العُرْبِ أمجادا
فَما حُرِمْنَ بهِ والماءُ مُقْتَسَمٌ / رِيّاً ولا مُنعَتْ رُكْبانُها الزّادا
بحيثُ تَمْري أفاوِيقَ الغَمامِ صَباً / إذا أبَسَّتْ بشُؤْبوبِ الحَيا جادا
كَمْ قَعْقَعَتْ لانْتِجاعِ الغَيثِ مِنْ عَمَدٍ / أرْسَتْ لَهنَّ جَواري الحَيِّ أوْتادا
بِيضٌ سَلَبْنَ المَها لَحْظاً تُمرِّضُهُ / ثمّ استَعرْنَ منَ الغِزلانِ أجْيادا
مِنهُنَّ لَيلى ولا أبغِي بِها بَدَلاً / تَجْزي المُحبِّينَ بالتَّقريبِ إبْعادا
إنّي لأذكُرُها بالظَّبْيِ مُلْتَفِتاً / والشّمسِ طالِعَةً والغُصْنِ مَيّادا
وقد رَضِيتُ منَ المَعْروفِ تَبذُلُهُ / أنْ يُنْجِزَ الطَّيْفُ في مَسْراهُ مِيعادا
وَوَقْفَةٍ بجَنوبِ القاعِ مِن إضَمٍ / تُجاذِبُ الرَّكْبَ تأْويباً وإسْآدا
رَدَّتْ عَذولي بغَيظٍ وهْوَ يُظْهِرُ لي / نُصْحاً يظُنُّ بهِ الإغْواءَ إرْشادا
إذا سَرى البَرْقُ مُجتازاً لطيَّتِهِ / وهَزَّتِ الرِّيحُ خُوطَ البانِ فَانآدا
هاجَ الحَنينُ رِكاباً كُلَّما غَرِضَتْ / خَفَّتْ مِنَ الشَّوقِ واستَثْقَلْنَ أَقْيادا
لا وَضْعَ للرَّحْلِ عَن أصْلابِ ناجيَةٍ / أو تَشْتَكي أضْلُعاً تَدْمَى وأعْضادا
إذا بَلَغْنا أبا مَرفوعَةَ ارْتَبَعَتْ / بحيثُ لا يألَفُ المَهْرِيُّ أقْتادا
يُلقي الزِّمامَ إِلى كَفٍّ مُعَوَّدةٍ / في نَدْوَةِ الحيِّ تَقبيلاً وإرْفادا
مُحَسَّدُ المَجْدِ لمْ تُطْلَعْ ثَنيَّتُهُ / إنَّ المكارِمَ لا يَعْدَمْنَ حُسّادا
ذُو همّةٍ بنَواصي النّجْمِ سافِعَةٍ / بثَّتْ على طُرُقِ العَلْياءِ أرْصادا
تَتْلو الكَواكِبُ في المَسْرى وما عَلِقَتْ / إلا بأبْعَدِها في الجوِّ إصْعادا
منْ مَعْشَرٍ يُلْبِسونَ الجارَ فَضْلَهُمُ / ويُحْسِنونَ على اللأواءِ إسْعادا
ويوقِدونَ غَداةَ المَحْلِ نارَ قِرًى / لا يستطيعُ لها الأيْسارُ إيقادا
ويَنحَرونَ مَكانَ القَعْبِ مِنْ لَبَنٍ / للطّارِقِ المُعْترِي وَجْناءَ مِقْحادا
بَنو تَميمٍ إذا ما الدّهْرُ رابَهُمُ / لمْ تُلْفِهِمْ لنَجيِّ القَومِ أشْهادا
لكنّهُم يَستَثيرونَ الظُّبا غَضَباً / ويَجعَلونَ لها الهاماتِ أغْمَادا
تُكْسى إذا النَّقْعُ أرْخى مِنْ مُلاءَتِهِ / في باحَةِ المَوْتِ أرْوحاً وأجْسادا
لا يَخْضَعونَ لخَطْبٍ إن ألمَّ بِهمْ / وهَلْ تَهُزُّ الرِّياحُ الهُوجُ أطْوادا
يَجلو النَّدِيُّ بِهمْ أقمارَ داجِيَةٍ / والحَرْبُ تحتَ ظِلالِ السُّمْرِ آسادا
إذا الرَّدى حَكَّ بالأبْطالِ كَلْكَلَهُ / في مأْقِطٍ لَفَّ بالأنجادِ أنْجادا
جَرُّوا الذُّيولَ منَ الأدْراعِ في عَلَقِ / لا يَسْحَبُ المَرِحُ الذَّيَّالُ أبْرادا
وكاشِحٍ رامَ منْهُمْ فُرصَةً ضَرَبَتْ / مِنْ دونِها شَفَراتُ البيضِ أسْدادا
ينامُ والثَّائِرُ الحَرَّانُ يُقْلِقُهُ / سَحابَةَ الليلِ رَعْيُ النَّجْمِ إسْهادا
حتّى انْتَضَتْ يَقَظاتِ العَيْنِ جائِفَةٌ / كطُرَّةِ البُرْدِ لا تأْلوهُ إزْبادا
لمّا طوى الكَشْحَ منْ حِقْدٍ على إِحَنٍ / وظلَّ يَهْرِفُ إبْراقاً وإرْعادا
مَشى لهُ عَضُدُ المُلْكِ الضَّراءَ وقدْ / أرخَى بهِ اللَّبَبَ المِقْدارُ أو كادا
فأوْهَنَ البَغْيُ كفّاً كان يُلْمِسُها / قلباً يُرَشِّحُ أضْغاناً وأحْقادا
يا خَيْرَ مَنْ وَخَدَت أيدي المَطِيِّ بهِ / مِن فرْعِ خِنْدِفَ آباءً وأجْدادا
رَحَلْتَ فالمَجدُ لمْ تَرْقَأْ مَدامِعُهُ / ولَمْ تَرِقَّ عَلَيْنا المُزْنُ أكْبادا
وضاعَ شِعْرٌ يضِيقُ الحاسِدونَ بِهِ / ذَرعاً وتُوسِعُهُ الأيَّامُ إنشادا
فَلمْ أُهِبْ بالقَوافي بعدَ بينِكُمُ / ولا حَمِدْتُ وقَدْ جَرَّبْتُ أجْوادا
رَنَتْ إليّ وظِلُّ النَّقْعِ مَمدودُ
رَنَتْ إليّ وظِلُّ النَّقْعِ مَمدودُ / سَوابِقُ الخَيلِ والمَهريُّ القُودُ
فَما غَمَدْنَ عنِ الأسيافِ أعيُنَها / إلا وَسْلولُها في الهامِ مَغمودُ
أفعالُنا غُرَرٌ فوقَ الجِباهِ لَها / وللحُجولِ دمُ الأعداءِ مَورودُ
أنا ابنُها ورِماحُ الخَطِّ مُشرَعَةٌ / وللكُماةِ عنِ الهَيجاءِ تَعْريدُ
منْ كُلِّ مرتَعِدِ العِرْنينِ يَحفِزُهُ / رَأيٌ جَميعٌ وطِيّاتٌ عَبابيدُ
صَحِبْتُهُ حينَ لا خِلٌّ يؤازِرُهُ / ولا يَخُبُّ إِلى واديه مَنجودُ
إذا ذَكرْناه هَزَّ الرُّمْحَ عامِلَهُ / والسّيفُ مُبتَسِمٌ والبأسُ مَشهودُ
نأى فأنْكَرْتُ نَصْلي واتَّهَمْتُ يَدي / وفاقِدُ النّصرِ يومَ الرّوعِ مَفقودُ
كادَتْ تَضيقُ بأنفاسي مَسالِكُها / كأنّ مَطلَعَها في الصّدْرِ مَسدودُ
ما فاتَ عارِمَ لَحظي رَيْثَ رَجْعَتِهِ / إلا وجَفني على ما ساءَ مَردودُ
يا عامِرُ بنَ لُؤَيٍّ أنتُمُ نَفَرٌ / شوسٌ إذا توثّبَ الدّاعي صَناديدُ
أرَحْتُمُ النَّعَمَ المَشلولَ عازِبُهُ / وقَدْ تكنَّفَهُ القَوْمُ الرّعاديدُ
فَما لجارِكُمُ لِيثَ الهَوانُ بهِ / وعِزُّكُمْ بمَناطِ النّجْمِ مَعقودُ
يَرنو إِلى عَذَباتِ الوِرْدِ مِنْ ظَمأٍ / لَحظَ الطّريدةِ حيثُ الماءُ مَثمودُ
وللرّكائِبِ إرْزامٌ تُرَجِّعُهُ / إذا أقَمْنا ولمْ تَشْرَقْ بِها البيدُ
كنّا نَحيدُ عنِ الرِّيِّ الذّليلِ بها / وهلْ يُرَوّي صَدى الأنضاءِ تَصْريدُ
فاسْتَشْرَفَتْ لِمَصابِ المُزنِ طامِحةً / وهُنّ مِنْ لَغَبٍ أعناقُها غِيدُ
وزُرْنَ أروَعَ لا يَثني مَسامِعَهُ / عنْ دَعوَةِ الجارِ تأنيبٌ وتَفنيدُ
فلِلْحُداةِ على أرجاءِ مَنهَلِهِ / بما تَحمّلْنَ منْ مَدْحي أغاريدُ
ألقَيْتُ عِبءَ النّوى عنهُنّ حينَ غَدَتْ / تُلقى إِلى ابنِ أبي أوفى المَقاليدُ
مُحَسَّدُ المَجْدِ لم يَطلُعْ ثَنيّتَهُ / إلا أغرُّ على العَلياءِ مَحسودُ
يَستَحْضِنُ اللّيلَ أفكاراً أراقَ لها / كأسَ الكَرى واعتِلاجُ الفِكرِ تَسهيدُ
للهِ آلُ عَديٍّ حينَ يَرمُقُهُمْ / لَحظٌ يُرَدِّدُهُ العافونَ مَزؤودُ
تَشكو إليهمْ شِفارَ البيضِ مُرهَفَةً / غُرٌّ مَناجيدُ أو أُدْمٌ مَقاحيدُ
فتلكَ أيديهمُ تُدْمي سَماحَتُها / والسّؤدَدُ الغَمْرُ حيثُ البأسُ والجودُ
بُشرى فقد أنجَزَ الأيامُ ما وَعَدَتْ / وقلّما صَدَقَتْ مِنها المَواعيدُ
إنّ الإمارةَ لا تُمطي غَوارِبَها / إلا المَغاويرُ والشمُّ المَناجيدُ
إن يَسْحَبِ النّاسُ أذيالَ الظّنونِ بِها / فلا يُخاطِرُ لَيثَ الغابَةِ السّيدُ
وقد دَعاكَ أميرُ المؤمنينَ لَها / والهَمُّ مُنتَشِرٌ والعَزْمُ مَكدودُ
فكُنتَ أوَّلَ سَبّاقٍ إِلى أملٍ / على حَواشيهِ للأنفاسِ تَصْعيدُ
وهلْ يُحيطُ منَ الأقوامِ ذو ظَلَعٍ / بغايَةٍ أحْرَزَتْها الفِتيَةُ الصّيدُ
ورضْتَ أمراً أطافَ العاجِزونَ بهِ / وكادَ يَلوي بشَمْلِ المُلْكِ تَبديدُ
فأحْجَموا عنهُ والأقدامُ ناكصَةٌ / وللأمورِ إذا أخلَقْنَ تَجديدُ
كذلكَ الصُّبحُ إن هزّتْ مَناصِلَهُ / يدُ السّنا فقَميصُ الليلِ مَقْدودُ
لولاكَ رُدَّتْ على الأعقابِ شارِدَةٌ / تمُدُّ أضْباعَها الصّيدُ المَجاويدُ
ولمْ تَرِدْ عَقْوَةَ الزّوراءِ ناجيةٌ / تُدمي السّريحَ بأيديها الجَلاميدُ
فُقْتُ الأعاريبَ في شِعْرٍ نأمْتُ بهِ / كأنّه لُؤلُؤٌ في السِّلْكِ مَنضودُ
إنْ كان يُعجِزُهُمُ قَولي ويَجمَعُنا / أصْلٌ فقدْ تَلِدُ الخَمرَ العناقيدُ
وهذهِ مِدَحٌ دَرَّتْ بِها مِنَحٌ / بيضٌ أضاءَتْ بهِنَّ الأزْمُنُ السّودُ
إذا التَفَتُّ إِلى ناديكَ مُمْتَرِياً / نَداكَ طُوِّقَ منْ نَعمائِكَ الجيدُ
تَلَفَّتَ بالثَّوِيّةِ نحوَ نَجْدِ
تَلَفَّتَ بالثَّوِيّةِ نحوَ نَجْدِ / فَباتَ فؤادُهُ عَلِقاً بوَجْدِ
وقد خَلَصَتْ إليه بُعَيْدَ وَهْنٍ / صَباً عَثَرَتْ على لَغَبٍ بِرَنْدِ
فَهاجَ حَنينُهُ إبِلاً طِراباً / تُكَفْكِفُ عَرْبَها حَلَقاتُ قِدِّ
حَثَوْنَ على العراقِ تُرابَ نَجْدٍ / فَلا ألْقَتْ مَراسِيها بِوِرْدِ
وكَمْ خَلّفْنَ منْ طَلَلٍ بحُزْوى / وسَمْتُ عِراصَهُ مَرَحاً بِبُرْدي
ولَيِّنَةِ المَعاطِفِ في التّثَنّي / ضَعيفَةِ رَجْعِ ناظِرَةٍ وقَدِّ
تجلّتْ للوَداع على ارْتِياعٍ / من الواشي يُنيرُ بنا ويُسْدي
وقد جَعَلَتْ على خَفَرٍ تَراءى / فتُخفي من محاسِنِها وتُبْدي
وكمْ باكٍ كأنّ الجيدَ منها / يُوَشِّحُ منْ مَدامِعِهِ بعِقْدِ
شَجاهُ البَرقُ فهْوَ كما تَنَزّى / إليك السِّقْطُ من أطرافِ زَنْدِ
تَناعَسَ حينَ جاذَبَهُ كَراهُ / وقد شَمِطَ الظّلامُ هَديرُ رَعْدِ
فَما لكِ يا بْنَةَ القُرَشِيِّ غَضْبى / أمَنْسيٌّ على العَلَمَيْنِ عَهدي
وبَيْنَ جَوانِحي شَجَنٌ قَديمٌ / أَعُدُّ لهُ الغِوايَةَ فيكِ رُشْدي
فَلا مَلَلٌ أَلُفُّ عليه قَلْباً / ولا غَدْرٌ أَخيطُ عليهِ جِلْدي
وإنْ يَكُ صافِياً وشَلٌ تَمَشّتْ / بجانِبِه الصَّبا فكَذاكَ وُدّي
وبي عن خُطّةِ الضَّيْمِ ازْوِرارٌ / إذا ما جَدَّ للعَلْياءِ جِدّي
فَلا أُلْقي الجِرانَ بِها مُبِنّاً / بَطيءَ النَّهْضِ كالجَمَلِ المُغِدِّ
ولكنّي أخو العَزَماتِ ماضٍ / ومَرْهوبٌ على اللُّؤَماءِ حَدّي
فهَلْ مِن مُبلِغٍ سَرواتِ قَومي / مُضاجَعَتي على العَزّاءِ غِمْدي
وإدْلاجي وجِنْحُ اللّيلِ طاوٍ / جَناحَيْهِ على نَصَبٍ وكَدِّ
وقدْ رَنَتِ النّجومُ إليّ خُوصاً / بأعْيُنِ كاسِراتِ الطَّرْفِ رُمْدِ
لأورِثَهُمْ مَآثِرَ صالحاتٍ / شَفَعْتُ طَريفَها لهُمُ بِتُلْدِ
ولولا اللهُ ثمَّ بنو عُقَيْلٍ / لقصَّرَ دون غايَتِهِنّ جُهْدي
فها أنا بالعِراقِ نَجِيُّ عِزٍّ / وإلْفُ كَرامَةٍ وحَليفُ رِفْدِ
أقُدُّ بهِ قَوافيَ مُحْكَماتٍ / لأَرْوَعَ قُدَّ منْ سَلَفَيْ مَعَدِّ
أغَرُّ تُدِرُّ راحَتُهُ سَماحاً / ولم تُعْصَبْ رغائِبُهُ بوَعْدِ
ويُغْضي منْ تَكَرُّمِهِ حَياءً / ودونَ إبائِهِ سَطَواتُ أُسْدِ
لهُ والمَحْلُ غادَرَ كُلَّ عافٍ / يكُدُّ العيسَ مُنتَجِعاً فيُكْدي
فِناءٌ مُخْصِبُ العَرَصاتِ رَحْبٌ / إذا ضاقَتْ مَباءَةُ كُلِّ وَغْدِ
تُلَثِّمُهُ المَواهِبُ كلَّ يومٍ / تَمُجُّ سَماؤهُ عَلَقاً بَوفْدِ
وتُصْغي الأرحَبيَّةُ في ذَراهُ / إِلى قُبٍّ أياطِلُهُنَّ جُرْدِ
وما متَوقِّدُ اللّحَظاتِ يَحْمي / على حَذَرٍ مُعَرَّسَهُ بوَهْدِ
كأنّ نَفِيَّ جِلْدَتِهِ بَقايا / دِلاصٍ فَضّها المَلَوانِ سَرْدِ
تَراهُ الدّهْرَ مُكتَحِلاً بجَمْرٍ / يَكادُ يُذيبُ مُهْجَتَهُ بوَقْدِ
بأحْضَرَ وَثبَةً مِنْهُ إذا ما / رأى إغْضاءَهُ يَلِدُ التّعَدّي
أُعِدُّكَ للْعِدا يا سَعْدُ فاهْتِفْ / بسُمْرٍ مِنْ رِماحِ الخَطِّ مُلْدِ
ومُدَّ إِلى العُلا ضَبْعَيَّ وامْنَعْ / صُروفَ الدّهْرِ أنْ يُضْرِعْنَ خَدّي
فعِنْدَكَ مُلتَقى سُبُلِ المَعالي / ومُعْتَرَكُ القوافي الغُرِّ عندي
أتاكَ العيدُ يَرْفَعُ ناظِرَيْهِ / إِلى ما فيكَ منْ كَرَمٍ ومَجْدِ
ودَهْرُكَ دَعْ بَنيهِ إليكَ يَهْفو / بِطاعَةِ مُسْتَبينِ الرِّقِّ عَبْدِ
ويعلَمُ أنّ سَيفَكَ عن قَليلٍ / يَشوبُ منَ العَدُوِّ دَماً بحِقْدِ
فلا زالَتْ لك الأيامُ سِلْماً / مُلَقَّحَةً لَيالِيها بِسَعْدِ
إذا اسْتَلَبَ النّومُ العِنانَ منَ اليَدِ
إذا اسْتَلَبَ النّومُ العِنانَ منَ اليَدِ / عَلِقْتُ بأعْطافِ الخَيالِ المُسَهَّدِ
ومالي وللزَّوْرِ الهِلاليِّ مَوْهِناً / بنَهْجٍ طَوَيْنا غَوْلَهُ طَيَّ مِجْسَدِ
بحَيْثُ صَهيلُ الأعْوَجيِّ يَروعُهُ / ويُنْكِرُ سَجْرَ الأرْحَبيِّ المُقَيَّدِ
لكَ اللهُ منْ ماضٍ على الهَوْلِ والعِدا / يهُزّونَ أطرافَ الوَشيجِ المُسَدَّدِ
يُراقِبُ أسرابَ النّجومِ بمُقْلَةٍ / تُقَسِّمُ لحْظاً بينَ نَسْرٍ وفَرْقَدِ
تَراءَتْ لهُ في مُنْحَنى الرّمْلِ جَذْوَةٌ / تَمايَلُ سَكْرى بين صالٍ ومُوقِدِ
وكم دُونَها منْ أتْلَعِ الجِيدِ شادِنٍ / مُهفْهَفِ مُسْتَنِّ الوِشاحَيْنِ أغْيَدِ
إذا الليلُ أدْنى منْ يَدَيَّ وِشاحَهُ / خَلَعْتُ نِجادَ المَشْرَفيِّ المتَأوِّدِ
سَمَوْتُ إليهِ والنّجومُ كأنّها / على الأفْقِ مُرْفَضُّ الجُمانِ المُبَدَّدِ
على لاحِقِ الأطْلَيْنِ يخْتَصِرُ المَدى / بإرْخاءِ ذِئْبِ الرّدْهَةِ المُتَورِّدِ
أُفيضُ عليهِ شِكَّتي وأُخيضُهُ / دُجى اللّيْلِ والأعْداءُ منّي بمَرْصَدِ
وأَجْنُبُهُ الرِّيَّ الذّليلَ وقد جَلَتْ / على الوِرْدِ أنْفاسُ الصَّبا مَتْنَ مِبْرَدِ
وتَجْمَحُ بي عن مَوْطِنِ الذُّلِّ هِمّةٌ / تُجَمِّعُ أشْتاتَ المَعالي بأحْمَدِ
هُمامٌ إذا استَنهَضْتَهُ لِمُلِمّةٍ / مَضى غَيرَ واهي المَنكِبيْنِ مُعَرِّدِ
مُعَرَّسُهُ مأوى المَكارِمِ والعُلا / ونائِلُهُ قَيْدُ الثّناءِ المُخَلَّدِ
تَشَبّتُ منهُ المَكْرُماتُ بماجِدٍ / يَروحُ إِلى غاياتِهنَّ ويغْتَدي
ويَبْسُطُ كفّاً للندىً أُمَويّةً / تُباري شآبيبَ الغَمامِ المُنَضَّدِ
ويَخْفُقُ أنّى سارَ أو حَلَّ فَوقَهُ / حَواشي ثَناءٍ أو ذَوائِبُ سُؤْدَدِ
وما رَوْضَةٌ تَشْفي الجَنوبُ غَليلَها / بذي وَطَفٍ من غائِرِ المُزْنِ مُنجِدِ
كأنّ الرّبيعَ الطّلْقَ في حَجَراتِها / يُجَرِّرُ ذَيْلَ الأتْحَميِّ المُعَضَّدِ
بأطْيَبَ نَشْراً منْ شَمائِلهِ التي / يَلوذُ بِها جارٌ وضَيْفٌ ومُجْتَدِ
إليكَ أبا العبّاسِ سارَتْ رَكائِبٌ / بِذِكْرِكَ تُحْدَى بل بنُورِكَ تَهْتَدي
عليهنَّ منْ أفناءِ قَوْمِكَ غِلْمَةٌ / يُزَمْزِمُ عنْهُمْ فَدْفَدٌ بعدَ فَدْفَدِ
وتَشكُو إليكَ الدَّهْرَ تَفْري خُطوبُهُ / بقيّةَ شِلْوٍ من ذَويكَ مُقَدَّدِ
حَوى عُنفُوانَ المَكْرَعِ الناسُ قَبلَنا / وأوْرَدَنا أعْقابَ شِرْبٍ مُصَرَّدِ
ولابدّ منْ يَومٍ أغَرَّ مُحَجَّلٍ / يُبَوّئُنا ظِلَّ الطِّرافِ المُمَدَّدِ
فإنّكَ أصْلٌ طَيِّبٌ أنا فَرْعُهُ / وأيُّ نَجيبٍ سُلَّ منْ أيِّ مَحْتِدِ
وكمْ لكَ عِندي منْ يَدٍ مُسْتَفيضَةٍ / لبِسَتْ بها طَوْقَ الحَمامِ المُغَرِّدِ
بَقِيتَ مَصونَ العِرْضِ مُبْتَذَلَ الندىً / مَديدَ رِواقِ العِزِّ طَلاّعَ أنْجُدِ
ويَوْمُكَ يَلْوي أخْدَعَ الأمْسِ نَحْوَهُ / ويَهْفو بعِطْفَيْهِ اشْتِياقاً إِلى الغَدِ
طَرِبْنَ إِلى نجدٍ وأنّى لها نَجْدُ
طَرِبْنَ إِلى نجدٍ وأنّى لها نَجْدُ / وبغداذُ لمْ تُنْجِزْ لنا مَوْعِداً بَعْدُ
وأسْعَدَها سَعْدٌ على ما تُجِنِّهُ / من الوَجْدِ لا أدمى جَوانِحَهُ الوَجْدُ
فيا نِضْوُ لا يَجْمَحْ بكَ الشّوقُ واصْطَبِرْ / قَليلاً وكَفْكِفْ منْ دُموعِكَ يا سَعْدُ
فما بِكُما دونَ الذي بي منَ الهَوى / ولكن أبَى أن يَجْزَعَ الأسَدُ الوَرْدُ
ستَرعى وإنْ طالَتْ بنا غُرْبَةُ النّوى / رُباً في حَواشي رَوْضِها النَّفَلُ الجَعْدُ
بحَيْثُ تُناجينا بألحاظِها المَها / إذا ضَمّنا والرّبْرَبَ الأجْرَعُ الفَرْدُ
ولَيْلَةَ رَفّهْنا عَنِ العِيسِ بَعْدما / قَضَتْ وَطَراً منْهُنّ مَلْويّةٌ جُرْدُ
سَرَتْ أمُّ عَمْرٍو والنّجومُ كأنّها / على مُسْتَدارِ الحَلْيِ منْ نَحْرِها عِقْدُ
فلمّا انْتَبَعّنا للخَيالِ تولّعَتْ / بِنا صَبَواتٌ فَلَّ منْ غَرْبِها البُعْدُ
وقُلْتُ لعَيْني وهْيَ نَشْوَى منَ الكَرى / أبِيني لنا حُلْمٌ رأيْناهُ أم هِنْدُ
لَئِنْ أخْلَفَ الطَّيْفُ المَواعيِدَ باللِّوى / فبالهَضباتِ الحُمْرِ لمْ يُخْلِفِ الوَعْدُ
وبِتْنا برَوْضٍ يَنْثُرُ الطَّلُّ زَهْرَهُ / عَلينا ويُرخي منْ ذَوائِبِهِ الرَّنْدُ
ونحن وراء الحَيّ نَحذَرُ منهُمُ / عُيوناً تُلَظّيها الحَفيظَةُ والحِقْدُ
وتَجْري أحاديثٌ تَلينُ مُتونُها / ويَفْتَنُّ في أطرافِها الهَزْلُ والجِدُّ
وتحتَ نِجادي مَشْرَفيٌّ إذا الْتَوى / بجَنْبيَ رَوْعٌ كادَ يَلْفِظُهُ الغِمْدُ
وهل يرْهَبُ الأعْداءَ مَنْ غَضِبَتْ لهُ / مَغاويرُ منْ بَكْرٍ كأنهُمُ الأُسْدُ
يَذودون عني بالأسِنّةِ والظُّبا / ولولاهُمُ أدنى خُطا العاجِزِ القِدُّ
فأوْجُهُهُمْ والخَطْبُ داجٍ مُضيئَةٌ / وألْسِنَتُهُمْ والعِيُّ مُحتَصَرٌ لُدُّ
إذا انتَسَبوا مَدَّ الفَخارُ أكُفَّهُمْ / إِلى شَرَفٍ أعلى دَعائِمَهُ المَجْدُ
فكُلٌّ سَعى للمَكْرُماتِ وإنّما / إِلى ناصِرِ الدّينِ انتهى الحَسَبُ العَدُّ
أغَرُّ يَهُزُّ الحَمْدُ عِطْفَيْهِ للندىً / على حينَ لا شُكْرٌ يُراعَى ولا حَمْدُ
أتَتْهُ العُلا طَوْعاً وكم رُدَّ طالِبٌ / على عَقِبَيْهِ بعدما استُفْرِغَ الجُهْدُ
ترى سيمِياءَ العِزِّ فوقَ جبينِهِ / كما لاحَ حَدُّ السّيْفِ أخْلَصَهُ الهِنْدُ
له نِعْمَةٌ تأوي إِلى ظِلّها المُنى / ويَسْحَبُ أذيالَ الثّراءِ بها الوَفْدُ
وعَزْمَةُ ذي شِبلَيْنِ ضاقَ بِهَمِّه / ذِراعاً فلا يَثْنيهِ زَجْرٌ ولا رَدُّ
يُقَلِّبُ عَيْناً لا يزالُ لدى الوَغى / يَذُرُّ عليها منْ خَبيئَتِهِ الزَّنْدُ
إذا السّنَواتُ الشُّهْبُ أجْلى قَتامُها / عنِ المَحْلِ حتى عَيَّ بالصَّدَرِ الوِرْدُ
حَلَبْنا أفاوِيقَ الغِنى منْ يَمينِهِ / وما غَرّنا البَرْقُ اللَّموعُ ولا الرَّعْدُ
ودَرَّتْ علَيْنا راحَةٌ خَلَصَتْ بِها / إلينا اليدُ البيْضاءُ والعِيشةُ الرَّغْدُ
فداهُ منَ الأقوامِ كُلُّ مُبَخَّلٍ / لهُ مَنْظَرٌ حُرُّ ومُخْتَبَرٌ عَبْدُ
إذا بَسَطَ المَدْحُ الوُجوهَ وأشرَقَتْ / زَوى بينَ عَيْنَيهِ على الشّاعِرِ الوَغْدُ
فلا بَلَغَتْ إنْ زُرْتُهُ ما تَرومُهُ / رَكائِبُ أنْضاها التّوَقُّصُ والوَخْدُ
يَخُضْنَ الدُّجى خُوصاً كأنّ عُيونَها / وهُنَّ جَليّاتٌ أَناسِيُّها رُمْدُ
إذا ما المَطايا جُرْنَ عن سَنَنِ الهُدى / وجاذَبَنا قَصْدَ النِّجادِ بها الوَهْدُ
ذَكَرْناكَ والظّلْماءُ تَثْني صُدورَها / إِلى الغَيِّ حتى يَسْتَقيمَ بِها الرُّشْدُ
حَمَلْنَ إليكَ الشِّعْرَ غَضّاً كأنّما / غَذَتْهُ برَيّا الشّيحِ عُذْرَةٌ أو نَهْدُ
فما زِلْتُ أحْدوهُ إليكَ مُحَبَّراً / وللهِ دَرّي أيَّ ذي فِقَرٍ أحْدو
ولاعَبْتُ ظِلّي في فِنائِكَ بَعدَما / أبَى أن يُزيرَ الأرضَ طُرَّتَهُ البُرْدُ
وقد كان عَهدي بالمُنى يَسْتَميلُني / إليكَ وتُدْنيني البَشاشةُ والوُدُّ
فما بالُنا نُجْفَى ومنكَ تعلَّمَتْ / صُروف اللّيالي أن يَدومَ لها عَهْدُ
وما بي نَوالٌ أرْتَجيه فَطالما / نَقَعْتُ الصّدى والماءُ مُقْتَسَمٌ ثَمْدُ
ولكنّكَ ابنُ العمِّ والعمُّ والِدٌ / وما لامرِئٍ منْ بِرِّ والِدِهِ بُدُّ
غَداً أُبْطِنُ الكَشْحَ الحُسامَ المُهَنّدا
غَداً أُبْطِنُ الكَشْحَ الحُسامَ المُهَنّدا / إذا وقَذَ الحَيَّ الهَوانُ وأَقْصَدا
وللهِ فِهْريٌّ إذا الوِرْدُ رابَهُ / أبى الرِّيَّ واخْتارَ المَنيَّةَ مَوْرِدا
يُراقِبُ أفْراطَ الصّباحِ بناظِرٍ / يُساهِرُ في المَسْرى جُدَيّاً وفَرْقَدا
ولوْ بَقِيَتْ في المَشْرَفيّةِ هَبّةٌ / ضَرَبْتُ لداعِي الحَيّ بالخِصْبِ مَوعِدا
وهلْ ينفَعُ الصّمْصامُ مَنْ يَرتَدي بهِ / بحيْثُ الطُّلى تُفْرَى إذا كان مُغْمَدا
فما أرْضَعَتْني دِرَّةَ العِزِّ حُرّةٌ / لَئِنْ لم أذَرْ شِلْوَ ابنِ سَلْمى مُقدَّدا
تَريعُ إليهِ كلُّ مُمْسًى ومُصْبَحٍ / حَصَانٌ تَشُقُّ الأتْحَميَّ المُعَضَّدا
بعَيْنٍ تَفُلُّ الدّمعَ بالدّمعِ ثَرّةٍ / أفاضَتْ على النّحْرِ الجُمانِ المُبَدَّدا
وطَيْفٍ سَرى واللّيْلُ يَنْضو خِضابَهُ / ويَجْلو عَلينا الصُّبْحَ خَدّاً مُوَرَّدا
أتى والثُّريّا حِلّةُ الغَوْرِ مَعْشَراً / كِراماً بأطْرافِ المَروداتِ هُجَّدا
يَرومونَ أمراً دونَهُ رَبُّ سُرْبَةٍ / لُهامٍ تَشُبُّ الكَوْكَبَ المُتَوقِّدا
وصَلْنا بِهِ سُمْرَ الرِّماحِ وربّما / هَجَرْنا لها بَيضَ التّرائِبِ خُرّدا
وإنّي على ما فيَّ منْ عَجْرَفيّةٍ / إذا ما التَقى الخَيْلانِ أذْكُرُ مَهْدَدا
هِلاليَّةٌ أكْفاؤُها كُلُّ باسِلٍ / بَعيدِ الهَوى إن غارَ للحَرْبِ أنْجَدا
رَمَتْني بعَيْنَيْ جُؤْذَرٍ وتَلفّتَتْ / بذي غَيَدٍ يَعْطو بهِ الرّيمُ أجْيَدا
فَيا خادِيَيْها سائِقَيْنِ طَلائِحاً / تَجوبُ بصَحْراءِ الأراكَةِ فَدْفَدا
إذا أصْغَرَتْ أو أكْبَرَتْ في حَنينِها / ظَلِلْتُ على آثارِهِنَّ مُغرِّدا
أَفيقا قَليلاً منْ حُداءِ غَشَمْشَمٍ / أقامَ منْ القَلْبِ المُعَنّى وأقْعَدا
فإنّكُما إنْ سِرْتُماها بهُدنَةٍ / رَمَت بكُما نَجْداً من اليومِ أو غَدا
وسِيّانِ لولا حُبُّها عامريّةً / غُرابٌ دَعا بالبَيْنِ أو سائِقٌ حَدا
وكُلُّ هَوىً نَهْبُ الليالي وحُبُّها / إذا بَلِيَتْ أهواءُ قَوْمٍ تَجدَّدا
وعاذِلَةٍ نَهْنَهْتُ من غُلوائِها / وكُنتُ أبيّاً لا أُطيعُ المُفَنَّدا
إذا استَلَّ مني طارِقُ الخَطْبِ عَزْمَةً / فلابُدّ من نَيْلِ المَعالي أوِ الرّدى
أأسْحَبُ ذَيلي في الهَوانِ وأُسْرَتي / تَجُرُّ إِلى العِزِّ الدِّلاصَ المُسَرّدا
ولي من أميرِ المؤْمِنينَ إيالَةٌ / ستُرغِمُ أعْداءً وتَكْمِدُ حُسَّدا
هيَ الغايةُ القُصْوى إذا اعْتَلَقَتْ بها / مآرِبُ طُلّابِ العُلا بَلَغوا المَدى
أغَرُّ مَنافيٌّ يمُدُّ بضَبْعِهِ / جُدودٌ يُعالونَ الكَواكِبَ مَحْتِدا
تبرَّعَ بالمَعْروفِ قبلَ سؤالِهِ / فلمْ يَبْسُطِ العافي لِساناً ولا يَدا
فرُحْنا بمالٍ فرَّقَ المَجْدُ شَمْلَهُ / وراحَ بحَمْدٍ ضمَّ أشْتاتَهُ الندىً
حَلَفْتُ بفَتْلاءِ الذِراعِ شِمِلَّةٍ / تَخُبُّ بقَرْمٍ منْ أميّةَ أصْيَدا
وتَهوي إِلى البَيْتِ العَتيقِ ورَبُّها / إذا غالَ منْ تأويبهِ البيدُ أسْأَدا
أظلَّتْ مُحِلَّيْ طيّءٍ منهُ وقْعَةٌ / فكادوا يُبارونَ النّعامَ المُطَرّدا
ولاقى رَئيسُ القَوْمِ عَمْرو بنُ جابِرٍ / طِعاناً يُنَسِّيهِ الهَدِيِّ المُقَلدا
لأَسْتَودِعَنَّ الدّهْرَ فيكمُ قَصائِداً / وهنَّ يُوشِّحْنَ الثّناءَ المُخلَّدا
زَجَرْتُ إليكمْ كلَّ وَجْناءَ حُرّةٍ / وأدْهَمَ محْجولَ القوائِمِ أجْرَدا
فألْبَستموني ظِلَّ نُعْمى كأنني / أُجاوِرُ رِبْعياً من الرّوضِ أغْيَدا
تَسيرُ بها الرّكْبانُ شرقاً ومَغْرباً / ويَسْري لها العافونَ مَثْنى ومَوْحَدا
وكمْ لكَ عندي مِنّةً لوْ جَحَدْتُها / لقامَ بها أبناءُ عدنانَ شُهَّدا
بمُعْتَرَكِ العِزِّ الذي في ظِلالهِ / أفُلُّ شَبا الخَطْبِ الذي جارَ واعْتَدى
يظلُّ حَوالَيْهِ المَساكينُ عُوَّذاً / بخَيْر إمامٍ والسّلاطينُ سجّدا
عليهِ من النّورِ الإلهيِّ لمْحَةٌ / إذا اكْتَحَلَ السّاري بلأْلائِها اهْتَدى
ورِثْتَ عُبَيْدَ اللهِ عمَّكَ جودَهُ / وأشْبَهْتَ عبدَ اللهِ جَدَّك سُؤْدَدا
عَرَضَتْ كَخُوطِ البانَةِ الأُمْلودِ
عَرَضَتْ كَخُوطِ البانَةِ الأُمْلودِ / تَختالُ بينَ مَجاسِدٍ وعُقودِ
هيفاءُ ليّنَةُ التّثَنّي أقْبَلَتْ / في خُرَّدٍ كَمَها الصّرائِمِ غِيدِ
ومَرَرْنَ بالوادي على عَذَبِ الحِمى / فحَكَيْنَ هِزّةَ بانِهِ بِقُدودِ
وحَكى الشقيقُ بهِ اسْوِدادَ قُلوبِها / وأُعيرَ منهُنّ احْمِرارَ خُدودِ
وكأنّ أعيُنَهُنَّ منْ وَجَناتِها / شَرِبَتْ على ثَمَلٍ دَمَ العُنْقودِ
فَطَرَقْنَني والليْلُ رقَّ أديمُهُ / والنّجْمُ كادَ يهُمُّ بالتَّعْريدِ
ووَجَدْتُ بَرْدَ حُلِيّهِنّ وهَزَّ منْ / عِطفَيْهِ ذو الرّعَثاتِ للتّغْريدِ
فانْجابَ منْ أنوارِهِنَّ ظَلامُهُ / وأظَلَّهُنّ دُجى ذَوائِبَ سُودِ
وأنا بحَيثُ القُرْطُ من أجْيادِها / يَنْأى ويَقْرُبَ مِحْمَلي مِنْ جِيدي
كَرُمَتْ مَضاجِعُنا فلِيثَ على التُّقى / أُزْري وَجيبَ عنِ العَفافِ بُرودي
أزْمانَ يَنْفُضُ لِمّتي مَرَحُ الصِّبا / وهوَ الشّفيعُ إِلى الكَعابِ الرّودِ
ومَشارِبي زُرْقُ الجِمامِ فلَمْ يَنَلْ / منّي الأُوامُ بمَنهَلٍ مَورودِ
فارْفَضَّ شَملُ الأُنْسِ إذ جمَعَ البِلى / بِزَرودَ بينَ مَعاهِدٍ وعُهودِ
وتَقاسَمَتْني بعْدَهُ عُقَبُ النّوى / حتى لَفَفْتُ تَهائِماً بنُجودِ
وفَلَيْتُ ناصِيَةَ الفَلا بمَناسِمٍ / وَسَمَ المَطِيُّ بِها جِباهَ البيدِ
فسَقى الغَمامُ ولسْتُ أقنَعُ بالحَيا / أيّامَنا بينَ اللِّوى فَزَرودِ
بلْ جادَها ابنُ العامِريِّ براحَةٍ / وَطْفاءَ صِيغَ بَنانُها منْ جُودِ
مُتَوقِّدُ العَزَماتِ لو رُمِيَتْ بِها / زُهْرُ النُّجومِ لآذَنَتْ بخُمودِ
ومُواصِلٍ أرَقاً على طَلَبِ العُلا / في مَعْشَرٍ عن نَيْلِهِنَّ رُقودِ
ذو ساحَةٍ فَيحاءَ مَعروفٍ بِها / وَزَرُ اللّهيفِ وعُصْرَةُ المَنْجودِ
مَلْثومَةُ العَرَصاتِ في أرْجائِها / مَثْوى جُنودٍ أو مُناخُ وفودِ
لمّا تَوشَّحَتِ البِلادُ بفِتْنَةٍ / ما إنْ تَصيدُ سوى نُفوسِ الصِّيدِ
وتَشُبُّ شَعْثاءَ الفُروعِ وتَمْتَري / أخْلافَ حَرْبٍ للمَنونِ وَلودِ
أوْهى مَعاقِدَها وأطْفأَ نارَها / قبلَ انْتِشارِ لَظىً وبعْدَ وَقودِ
بالجُرْدِ تَمتاحُ العَجاجَ وغِلْمةٍ / في الغابِ منْ أسَلِ القَنا كأُسودِ
مِنْ كُلِّ وطّاءٍ على قِمَمِ العِدا / بحَوافِرٍ خُلِقَتْ منَ الجُلْمودِ
وصَوارِمٍ عُرِّينَ منْ أغْمادِها / حتى ارْتَدَيْنَ منَ الطُّلى بغُمودِ
ولَوِ انْتَضى أقلامَهُ السّودَ احْتَمى / بِيضُ الصِّفاحِ بِها منَ التّجْريدِ
والسُّمْرُ منْ حَذَرِ التّحَطُّمِ في الوَغى / تُبدي اهْتِزازَ مُنَضْنِضٍ مَطْرودِ
فكأنّهُنّ أُعِرْنَ منْ أعدائِه / يومَ اللّقاءِ تَلَوّيَ المزْؤودِ
وهمُ إذا ما الرّوعُ قلّصَ ظلَّهُ / عنْ كُلِّ مُسْتَلَبِ الحُشاشَةِ مُودِ
مِنْ سائِلٍ صَفَداً يُؤَمِّلُ سَيْبَهُ / ومُكَبَّلٍ في قِدِّهِ مَصْفودِ
وكِلاهُما من رَهْبَةٍ أو رَغْبَةٍ / بَأساً وجُوداً مُوثَقٌ بقُيودِ
كمْ قُلْتُ للمُتَمَرّسينَ بشأْوِهِ / أرْميهِمُ بقَوارِعِ التّفْنيدِ
غاضَ الوفاءُ فليسَ في صَفَحاتِهِمْ / ماءٌ وفي الأحشاءِ نارُ حُقودِ
وحُضورُهمْ في حادِثٍ كمَغيبِهمْ / وقِيامُهُمْ لمُلِمّةٍ كقُعودِ
لم يَبْتَنوا المَجْدَ الطّريفَ ولا اقْتَنَوا / مِنهُ التّليدَ بأنْفُسٍ وجُدودِ
لا تَطْلُبوهُ فشَرُّ ما لَقيَ امْرُؤٌ / في السَّعْي خَيْبَةُ طالِبٍ مَكْدودِ
لكَ يا عَليُّ مآثِرٌ في مِثلِها / حُسِدَ الفتى والفَضْلُ للمحسودِ
وَضَحَتْ مَناقِبُكَ التي لمْ يُخْفِها / حَسَدٌ يُلثِّمُهُ العِدا بجُحودِ
والناسُ غَيْرَكَ والعُلا لكَ كُلُّها / ضَلّوا مَعالِمَ نَهْجها المَسْدودِ
فاسْتَقْبِلِ النّيروزَ طَلْقَ المُجْتَلى / والدّهْرَ عَذْبَ الوِرْدِ نَضْرَ العُودِ
في دَولَةٍ تُرْخي ذَوائِبها على / عِزٍّ يُلاذُ بظِلِّهِ المَمْدودِ
سَقى دارَها منْ مُنْحَنى الأجْرَعِ الفَرْدِ
سَقى دارَها منْ مُنْحَنى الأجْرَعِ الفَرْدِ / أجَشُّ نَمومُ البَرْقِ مُرْتَجِزُ الرَّعْدِ
فَباتَ يُحَيّي بالحَيا عَرَصاتِها / وهُنَّ على الهُوجِ المَراويدِ تَسْتَعْدي
فلا زالَ يَكسوها الرّبيعُ وشائِعاً / تَرِفُّ حَواشِيها على عَلَمَيْ نَجْدِ
ويُفْعِمُ غُدْراناً كأنّ يَدَ الصَّبا / تَجُرُّ علَيْها رَفْرَفَ النَّثْرَةِ السَّرْدِ
بِها تَسْحَبُ الأرْماحَ فِهْرُ بنُ مالِكٍ / إذا ما شَحا الرّاعي ليَكْرَعَ في الوِرْدِ
وتَدْفَعُ عنهُ كلَّ أشْوَسَ باسِلٍ / بمَسْنونَةٍ زُرْقٍ ومَلْبونَةٍ جُردِ
يَصوبُ بأيديهِمْ نَجيعٌ ونائِلٌ / ولولا الندىً لم تَسْتَنِرْ صَفْحَةُ المَجْدِ
بكى حَضَنٌ إذْ عُرِّيَتْ هَضباتُهُ / منَ البَطَلِ الجَحجاحِ والفَرَسِ النَّهْدِ
وفي الجيرَةِ الغادينَ هَيْفاءُ غادَةٌ / نَأَتْ لا دَنا قُرْطٌ لظَمْياءَ منْ عِقْدِ
إذا نَظَرَتْ أغْضى لها الرّيمُ طَرْفَهُ / وإنْ سَفَرَتْ أخْفى سَنا البَدْرِ ما تُبْدي
خَليليَّ إنْ علّلْتُماني فعَرِّضا / بِها قَبلَ تَصْريحِ الفؤادِ عنِ الوَجْدِ
فما هَبَّ عُلْويُّ الرّياحِ ولا بَدا / سَنا بارِقٍ إلا طَرِبْتُ إِلى هِنْدِ
وقد كَمَنَتْ في القَلْبِ منّي صَبابَةٌ / إليها كُمونَ النارِ في طَرَفِ الزَّنْدِ
أأنْقُضُ عهْدَ المالِكيَّةِ باللِّوى / إذاً لا رَعى العَلْياءَ إنْ خُنْتُها عَهْدي
وأغْدِرُ وابْنا خِنْدِفٍ يَهْتِفانِ بي / ويَلْمَعُ حَدُّ السّيفِ منْ خِلَلِ الغِمدِ
ولو لمْ يَكُنْ فيَّ الوَفاءُ سجِيّةً / دَعاني إليها الأرْيَحيُّ أبو سَعْدِ
فتىً يَفْتَري شَأْوَ المعالي بهِمّةٍ / تُناجي غِرارَ السّيْفِ في طَلَبِ الجَمْدِ
وما رَوْضَةٌ حَلَّ الرّبيعُ نِطاقَها / وجَرَّتْ بِها الأنْواءُ حاشِيَةَ البُرْدِ
إذا حَدَرَتْ فيها النُّعامى لِثامَها / ثَنى عِطْفَهُ الحَوْذانُ والْتَفَّ بالرَّنْدِ
بأطْيَبَ نَشْراً منْ شَمائِلِهِ التي / تَنُمُّ بِرَيّاها على العَنْبَرِ الوَرْدِ
أغَرُّ إذا هَزَّتْهُ نَغْمَةُ مُعْتَفٍ / تَبَلَّجَ عنْ أُكْرومَةٍ وندىً عِدِّ
إليكَ زَجَرْتُ العِيسَ بين عِصابَةٍ / كُهولٍ وشُبّان وأغْلِمةٍ مُرْدِ
تَخوضُ خُدارِيَّ الظّلامِ بأوْجُهٍ / تُقايِضُ غَيَّ الدّاعِرِيَّةِ بالرُّشْدِ
على كُلِّ فَتْلاءِ الذِّراعِ كأنّها / منْ الضُّمْرِ شِلْوُ الأصْبَحيِّ منَ القِدِّ
تَرَكْنا وَراءَ الرّمْلِ دارَ إقامَةٍ / ملأْتُ بِها كَفَّيَّ منْ لَبَدِ الأُسْدِ
ولولاكَ لم تَخطرْ بِبالي قَصائِدٌ / هَوابِطُ في غَوْرٍ طَوالِعُ منْ نَجْدِ
لَحِقْتُ بِها شأْوَ المُجيدينَ قَبْلَها / وهَيْهاتَ أن يُؤْتَى بأمثالِها بَعْدي
فهُنَّ عَذارى مَهْرُها الوُدُّ لا الندىً / وما كُلُّ مَنْ يُعْزى إِلى الشِّعْرِ يَسْتَجْدي
عَلَوْتَ فدُونَكَ السّبْعُ الشِّدادُ
عَلَوْتَ فدُونَكَ السّبْعُ الشِّدادُ / وأنتَ لكُلِّ مَكْرُمَةٍ عِمادُ
ودانَ لكَ العِدا فلَهُمْ خُضوعٌ / ولولا الرُّعْبُ لَجَّ بهِمْ عِنادُ
وعَزّوا حين غِبْتَ فهُمْ أُسودٌ / وذلّوا إذْ حَضَرْتَ فهُمْ نَقادُ
إذا ما سارَقوكَ اللّحْظَ أدْنَتْ / مَسافَتَهُ المُهَنّدَةُ الحِدادُ
كأنّهُمُ ونارُ الحَرْبِ يَقْظى / تَمَشّى في عُيونِهِمُ الرُّقادُ
همُ بَخِلوا بِطاعَتِهِمْ ولكنْ / على الأسَلاتِ بالأرْواحِ جادوا
وغرَّهُمُ بكَ المَطْوِيُّ كَشْحاً / على إحَنٍ يغَصُّ بها الفؤادُ
وكيفَ يَرومُ شأْوَكَ في المَعالي / وشِسْعُكَ فوقَ عاتِقِهِ نِجادُ
يَضِجُّ الدّسْتُ منْ حَنَقٍ عليهِ / ويَبْصُقُ في مُحيّاهُ الوِسادُ
فأخْلَدَ منْ غِوايَتِهِ إلَيْهِمْ / وبانَ لهُ بهُلْكِهِمُ الرّشادُ
وسوّلَ بالمُنى لهُمُ أموراً / أعاروها جَماجِمَهمْ فبادُوا
ودبّرَها فدمّرَها برأيٍ / تُجانِبُهُ الإصابةُ والسّدادُ
خَبَتْ نَجَداتُهمْ والجُبْنُ يُعْدي / بهِ والنارُ يُطْفِئُها الرّمادُ
إذا صلَحَتْ لهُ حالٌ فأهوِنْ / عليهِ بأنْ يعُمَّهُمُ الفَسادُ
كأنّ النّقْعَ إذْ أرْخى سُدولاً / علَيهِمْ قَبْلَ مَهْلِكِهِمْ حِدادُ
كأنّ الصّافِناتِ الجُردَ فيهم / يُدافُ على قَوائِمِها الجِسادُ
فهُمْ مِنْ بينِ مُعْتَجِرٍ بسَيْفٍ / ومُقْتَسَرٍ يؤرّقُهُ الصِّفادُ
وآخَرُ تَرْجُفُ الأحشاءُ منهُ / نَجا بذَمائِهِ ولكَ المَعادُ
وكانَ لهُ سَوادُ الليلِ جاراً / وبئْسَ الجارُ للبَطلِ السّوادُ
يحرِّكُ طِرْفَهُ وبهِ لُغوبٌ / ويَمْسَحُ طَرْفَهُ وبهِ سُهادُ
إذا ارْتَكَضَ الكَرى في مُقْلتَيْهِ / أقَضَّ على جَوانِحِهِ المِهادُ
أبى أن يَلْتَقي الجَفْنانِ منهُ / كأنّ الهُدبَ بينَهما قَتادُ
فألْحِمْهُمْ سُيوفَكَ إنّ فيها / إذا انْتُضِيَتْ رَغائِبَ تُسْتَفادُ
ولَسْتَ بواجِدٍ لهُمُ ضَميراً / أبَنَّ به وَفاءٌ أو وِدادُ
يَلُفّونَ الضلوعَ على حُقودٍ / لها بمَقيلِ همّهِمُ اتّقادُ
إذا ما السّيفُ خَشّنَ شَفْرَتَيْهِ / أخو الغَمَراتِ لانَ لهُ القِيادُ
وكَمْ لكَ منْ مَواطِنَ صالِحاتٍ / بهِنَّ لفارجِ الكُرَبِ احْتِشادُ
وأبْطالٍ كآسادٍ تمَطّتْ / كذُؤبانِ الرِّداهِ بهِمْ جِيادُ
تَخالُهُمُ أراقِمَ في دُروعٍ / تُحدِّقُ من مَطاويها الجَرادُ
إذا دلَفوا إِلى الهَيْجاءِ عَفّتْ / على الأعْداءِ داهِيَةٌ نَآدُ
بيَوْمٍ كادَ منْ قَرَمٍ إلَيْهِمْ / تلمَّظُ في حَواشِيهِ الصِّعادُ
وَطِئْتُ بهِمْ سَنامَ الأرضِ حتى / تَرَكْتَ تِلاعَها وهْيَ الوِهادُ
تُلَقّي الطّعْنَ لَبّاتِ المَذاكي / ويُدْمي منْ حَوامِيها الطِّرادُ
فأنتَ الغيثُ شِيمتُهُ سَماحٌ / وأنت اللّيْثُ عُرْضَتُهُ جِلادُ
منَ النَّفَرِ الإِلى نَقَصَ المُسامي / غَداةَ رأى مَساعِيَهُمْ وزادوا
لهُمْ أيْدٍ إذا اجْتُدِيَتْ سِباطٌ / تُصافِحُهُنَّ آمالٌ جِعادُ
ووادٍ مُونِقُ الجَنَباتِ تأْوي / إليهِ إذا تَجهَّمَتِ البِلادُ
ومِثْلُكَ زانَ سُؤْدَدَ أوّلِيهِ / بِطارِفِهِ وزَيّنَهُ التِّلادُ
فأنْمَيتَ الذي غَرَسوهُ قَبْلاً / كما يتَعاهَدُ الرّوْضَ العِهادُ
فلا زالَتْ زِنادُكَ وارِياتٍ / فَقدْ وَرِيَتْ بدَوْلَتِكَ الزِّنادُ
وأَوانِسٍ هِيفِ الخُصورِ إِذا مَشَتْ
وأَوانِسٍ هِيفِ الخُصورِ إِذا مَشَتْ / وَدَّتْ غُصونٌ أَنّهُنَّ قُدودُ
وَبِكُلِّ مَرْمَى نَظْرَةٍ مِنْ وامِقٍ / تَحْكي مَبَاسِمُهُنَّ فيه عُقودُ
خَدٌّ وَخالٌ يُعْشَقانِ كَأَنَّما / نُقِطَتْ بِحبّاتِ القُلوبِ خُدودِ
وَمُشْبِلَةٍ شَمْطاءَ تَبْكي مِنَ النَّوَى
وَمُشْبِلَةٍ شَمْطاءَ تَبْكي مِنَ النَّوَى / وقَد غَيَّبَتْ عَنْ غَابِها أَسَداً وَرْدا
وَتَحْتَ حَبابِ الدَّمْعِ عَيْنٌ رَويَّةٌ / مِنَ الدَّمِ وَالأحشاءُ مُضْمِرَةٌ وَجْدا
إِذا طَرَق الرَّكْبُ العِراقيُّ أرْضَها / بِحَيْثُ تُظِلُّ السُّمْرُ مُقْرَبَةً جُرْدا
وَيَحمي ذِمارَ الجارِ كلُّ ابْنِ حُرَّةٍ / يَكادُ مِنَ الإكرامِ يُوْطِئُهُ خَدَّا
تَولّتْ بِقَلْبٍ يَسْتَطيرُ شَرارُهُ / إِذا قَدَحَتْ أَيْدي الهُمومِ بِهِ زَنْدا
وَقَالتْ نِساءُ الحَيِّ أَيْنَ ابْنُ أُخْتِنا / أَلا أَخْبِرونَا عَنْهُ حُيِّيتُمُ وَفْدا
رَعاهُ ضَمانُ اللهِ هَلْ في بِلادِكمْ / أَخْو كَرَمِ يَرْعَى لِذي حَسَبٍ عَهْدا
فَإِنَّ الّذي خَلَّفْتُموهُ بِأَرْضِكُمْ / فَتىً مَنْ رَأَى آباءهُ ذَكَرَ المَجْدا
أَبَغْداذُ كَمْ تُنْسيهِ نَجْداً وَأَهْلَهُ / أَلا خَابَ من يَشْري بِبغْدادِكُمْ نَجْدا
فَدَتْهُنَّ نَفْسي لو سَمِعْنَ بِما أرى / رَمَى كُلُّ جِيدٍ مِنْ تنَهُّدِها عِقْدا
أَلَسْتُ مُقيماً في أُناسٍ وِدادُهُمْ / يُشابُ بِغِلٍّ حينَ أَمْحَضُهُمْ وُدّا
وَيَثْلِمُ عِرْضِي عِنْدَهُمْ كلُّ كاشِحٍ / وَأَدْفَعُ عَنْ أَعْراضِهِمُ أَلسُناً لُدّا
وَأَنْصُرُهُمْ وَالسَّيْفُ يَدْمَى غِرارُهُ / وَأُخْذَلُ فِيهمْ وَهْوَ يَعْتَنِقُ الغِمْدا
وَهُمْ في غَواشِي نَشْوَةٍ مِنْ ثَرائِهِمْ / وَلا خَيْرَ في مَالٍ إِذا لَمْ يُفِدْ حَمْدا
فَمَنْ لي على غَيِّ التَّمَنِّي بَصاحِبٍ / سَليمِ نَواحِي الصَّدْرِ لا يَحْمِلُ الحِقْدا
يَعُدُّ الغِنَى فَضْفاضَةً ذاتَ رَفْرَفٍ / وَصَمْصامَةً عَضْباً وَذا خُصَلٍ نَهْدا
وَلَوْلا افْتِراشُ الذِّئْبِ لِلْغَدْرِ صَدْرُهُ / لَما كُنْتُ أَتْلَو في مطالِبَها الأُسْدا
وَعَليلَةِ اللَّحَظاتِ يَشْكو قُرْطها
وَعَليلَةِ اللَّحَظاتِ يَشْكو قُرْطها / بُعْدَ المَسافَةِ مِنْ مَناطِ عُقُودِها
حَكَتِ الغَزالَةَ وَالغَزالَ بِبُعْدِها / وَبِصَدِّها وَبِوَجْهها وَبِجيدِها
فَمنالُ تِلكَ إِذا نَأَتْ كَوِصالِها / وَنِفارُ ذاكَ وَإِنْ دَنَتْ كَصُدودِها
هِي في الفُؤادِ وَفيهِ نيرانُ الهَوى / فَبِمَدْمَعَيَّ تَلوذُ عِنْدَ وَقُودِها
وَإِذا شَكَوْتُ نَسَبْتُ في شِعْري بِها / شَكْوى الحَمامِ تَنوحُ في تَغْريدِها
عَرَضَتْ لَنا تَخْتالُ بَيْنَ كَواعِبٍ / وَالرَّوْضُ يُذْهِلُ حُورَها عن غِيْدِها
إِذْ شَقَّ أَرْدِيَةَ الشَّقيقِ بِهِ الحيا / فَحَكيْنَهُ بِقلوبِها وَخُدُودِها
عَجِبْتُ لِمَنْ يَبْغي مَدايَ وَقَدْ رَأَى
عَجِبْتُ لِمَنْ يَبْغي مَدايَ وَقَدْ رَأَى / مَساحِبَ ذَيْلي فَوْقَ هامِ الفَراقِدِ
وَلي نَسَبٌ في الحَيِّ عالٍ يَفاعُهُ / رَحِيبُ مَسارِي العِرْقِ زاكي المَحاتِدِ
وَفيَّ مِنَ الفَضلِ الّذِي لَوْ ذَكَرْتُهُ / كَفانِيَ أَنْ أُزْهَى بِجَدٍّ وَوالِدِ
وَرِثْنا العُلا وَهْيَ الَّتي خُلِقَتْ لَنا / وَنَحْنُ خُلِقْنا لِلْعُلا وَالمَحامِدِ
أَبَاً فَأَبَاً مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ وَهكذا / إِلى آدَمٍ لَمْ يَنْمِنا غَيْرُ مَاجِدِ
وَساجِيةَ الأَلْحاظِ تَفْتُرُ إِنْ رَنَتْ
وَساجِيةَ الأَلْحاظِ تَفْتُرُ إِنْ رَنَتْ / فَتَحْسَبُها مَمْلوءَةً مِنْ رُقادِها
أُعَلّلُ نَفْسي بِالمُنى وَيَشوقُني / سَنا البَرْقِ يَسْري مَوْهِناً مِنْ بِلادِها
وَما لِيَ مِنْها غَيْرُ داءٍ مُخامِرٍ / يُبَرِّح بي في قُرْبِها وَبِعادِها
وَأَرْعَى نُجومَ اللَّيْلِ وَالعَيْنُ ثَرَّةٌ / تُرَاقِبُها مَطْروفَةً بِسُهادِها
فَلَيْتَ بَياضَ الصُّبْحِ يَبْدو لِمُقْلَةٍ / كَأَنَّ الدُّجَى مَخْلُوقَةٌ مِنْ سَوادِها
وَسِرْبِ عَذارَى مِنْ عُقيلٍ سَمِعْنَني
وَسِرْبِ عَذارَى مِنْ عُقيلٍ سَمِعْنَني / وَراءَ بُيوتِ الحَيِّ مُرْتَجِزاً أَشْدو
فَسُدَّتْ خَصاصَاتُ الخُدورِ بِأَعْيُنٍ / حَكَتْ قُضُباً في كُلِّ قَلْبٍ لَها غِمْدُ
وَرَدَّدْنَ أَنْفاسَاً تُقَدُّ مِنَ الحَشَى / وَتَدْمَى فَلَمْ يَسْلَمْ لِغَانِيَةٍ عِقْدُ
وَفِيهِنَّ هِنْدٌ وَهْيَ خَوْدٌ غَزيرةٌ / وَمُنْيَةُ نَفْسِي دونَ أَتْرابِها هِنْدُ
فَقُلْنَ لَهَا مِنْ أَينَ أَوْضَحَ ذا الفَتى / وَمَنْشَؤُهُ غَوْرا تِهامَةَ أَوْ نَجْدُ
فَفي لَفْظِهِ عُلْويَّةٌ مِنْ فَصاحَةٍ / وَقَدْ كادَ مِنْ أَشْعارِهِ يَقْطُرُ المَجْدُ
فَقالَتْ غُلامٌ مِنْ قُرَيْشٍ تَقاذَفَتْ / بِهِ نِيَّةٌ يَعْيَى بِها العاجِزُ الوَغْدُ
لَعَمْرُ أَبيها إِنَّها لَخَبيرةٌ / بِأَرْوَعَ يَمْري دَرَّ نائِلِهِ الحَمْدُ
مِنَ القَوْمِ تَسْتَحْلِي المَنايَا نُفُوسَهُمْ / وَيَخْتالُ تِيهاً في ظِلالِهِمُ الوَفْدُ
وَمَنْ لانَ لِلْخَطْبِ المُلِمِّ عَريكَةً / فَإنّي على ما نَابَني حَجَرٌ صَلْدُ
بَلَغْتُ أَشُدِّي وَالزَّمانُ مُمارِسٌ / جِماحِي عَلَيْهِ وَهْو ما راضَنِي بَعْدُ
تَشَبَّثْ يا أُخيَّ بِمَكْرُماتٍ
تَشَبَّثْ يا أُخيَّ بِمَكْرُماتٍ / تَنوشُ ذوائِبَ الحَسَبِ التَّليدِ
فَنَحْنُ نَحِلُّ أَنْدِيَةً إِلَيْها / ثَنى النَّعْماءُ طَرْفَ ألمُسْتَفيدِ
وَنَعْتَقِلُ الرِّماحَ مُثَقَّفاتٍ / وَنَرْفُلُ في سَرابِيلِ الحَديدِ
وَقَدْ كُنا المُلوكَ على البَرَايا / نُشَيِّدُ ما بَناهُ أَبو يَزيدِ
فَجاذَبَنا رِداءَ العِزِّ دَهْرٌ / جَلا الأحْرارَ في صُوَرِ العَبيدِ
إِذا غَارَ عَزْمي في البِلادِ وَأَنْجَدا
إِذا غَارَ عَزْمي في البِلادِ وَأَنْجَدا / فَإِنَّ قُصَارَى السَّعْي أَنْ أَبْلُغَ المَدَى
وَلِلْغَايَةِ القُصْوَى سَمَتْ بِيَ هِمَّتي / فَلا بُدَّ مِنْ نَيْلي المَعالي أَو الرَّدَى
لَأَدَّرِعَنَّ النَّقْعَ وَالسَّيْفُ يُنْتَضَى / لُجَيْناً وَنُؤويهِ إِلى الغِمْدِ عَسْجَدا
بِجُرْدٍ يُجاذِبْنَ الأَعِنَّةَ أَيْدِيَاً / لَبيقَاتِ أَطْرِافِ الأَنامِلِ بِالندى
إِذا هُنَّ نَبَّهْنَ الثَّرَى مِن رُقادِهِ / ذَرَرْنَ بهِ في مُقْلَةِ النَّجْمِ إِثْمِدَا
وَشَعَّثْنَ أَعْرافَ الصَّباحِ بِهَبْوَةٍ / يُطالِعْنَ مِنْها نَاظِرَ الشَّمْسِ أَرْمَدا
فَلَسْتُ ابْنَ مَنْ سَادَ الأَنَامَ وَقادَهُمْ / لَئِنْ لَمْ أُرَوِّ الرُّمْحَ مِنْ ثُغَرِ العِدَا
وَيَوْمٍ طَوَيْنا أَبْرَدَيْهِ بِرَوْضَةٍ
وَيَوْمٍ طَوَيْنا أَبْرَدَيْهِ بِرَوْضَةٍ / يُنَشِّرُ فيها الأَتْحَمِيُّ المُعَضَّدُ
وَنَحْنُ على أَطْرافِ نَهْرٍ تُظِلُّهُ / أَزاهيرُها وَالشَّمسُ فيها تَوَقَّدُ
وَتُظْهِرُهُ طَوْراً وطَوْراً تُجِنُّهُ / فَتَحْسِبُه سَيْفاً يُسَلُّ وَيُغْمدُ
وَتَبْسِمُ في رَأْدِ الضُّحى وَتَؤودُها / أَبابِيلُ مِنْ طَيْرٍ عَلَيْها تُغَرِّدُ
شَرْبِنا بِها ماءً تُغازِلُهُ الصَّبا / فَيَصْفُو وَيَقْتاتُ النَّسيمَ فَيَبْرُدُ
إِذا ما ذَكَرْنا طِيبَهُ بَعْدَ بُرْهَةٍ / مِنَ الدَّهْرِ عاوَدْناهُ وَالعَوْدُ أَحْمَدُ
وَفِتْيانِ صِدْقٍ إِنْ يُهِبْ بِهِمُ العِدا
وَفِتْيانِ صِدْقٍ إِنْ يُهِبْ بِهِمُ العِدا / إِلى غَمَراتٍ لا يَرُعْهُمْ وُرودُها
إِذا احْتَضَنوا بِيضَ الصَّوارِمِ أَوْمَضَتْ / بِحُمْرِ المَنايَا وَالرُّؤوسُ غُمودُها
عَلى أَعْوَجِيّاتٍ تَهَشُّ إِلى الوَغَى / وَيَلْقَى تَكالِيفَ الأَذَى مَنْ يَذُودُها
وَفَوْقَ مَطاهَا كُلُّ أَرْوَعَ مَاجِدٍ / يَقُودُ نِزاراً كُلَّها وَيَسُودُها
وَتُعْبِقُ رَيّا كَفِّهِ يَزَنِيَّةً / إِذَا لَمَسَتْها كادَ يَخْضَرُّ عُودُها
وَقَدْ حَارَبَتْهُ مِنْ مَعَدِّ وَغَيْرِها / قَبائِلُ تَبْغِي المُلْكَ صُعْراً خُدُودُها
فَخايَلَ في ثِنْي المُفاضَةِ ظِلَّهُ / وَسُلّتْ بِأَطْرافِ العَوالي حُقُودُها
وَنَحْنُ مَلَكْنا الأَرْضَ فَانْتَعَشَ الوَرَى / بِأَيْدٍ سِباطٍ شيبَ بِالبأَسِ جُودها
وَسُقْناهُمُ وَالخَيْرُ فينا سَجِيَّةٌ / إِلى نِعَمٍ لا يُسْتَطاعُ جُحودُها
فَإِنْ يَحْسُدونا لا نَلُمْهُمْ وَهذِهِ / مَآثِرُ تَأْبَى أَنْ يُلامَ حَسَودُها
أَرُوحُ بِأَشْجانٍ عَلى مِثْلِها أَغْدو
أَرُوحُ بِأَشْجانٍ عَلى مِثْلِها أَغْدو / فَحَتَّى مَتى يُزْري بِيَ الزَّمَنُ الوَغْدُ
أَفي كُلِّ يَومٍ دَوْلَةٌ مُسْتَجَدَّةٌ / يَذِلُّ بِها حُرٌّ وَيَسْمو لَها عَبْدُ
إِذا أَقْبَلَتْ أَلْقَتْ عَلى الذَّمِّ بَرْكَها / وَإِنْ أَدْبَرَتْ لَمْ يَتْلُ أَرْبابَها الحَمْدُ
فَذُو النَّقْصِ في عَيْشٍ وَريقٍ غُصونُهُ / وَلَيْسَ لِذي فَضْلٍ بِها عِيشَةٌ رَغْدُ
أَيَا دَهْرُ كَفْكِفْ مِنْ جماحِكَ إِنَّني / إِذَا الخَطْبُ أَمْهى نابَهُ أَسَدٌ وَرْدُ
وَلَسْتُ أَشِيمُ البرقَ فَلْيَدْعُ لِلْحَيا / سِوايَ وَلا يَرْفَعْ عَقيرتَهُ الرَّعْدُ
وَتَخْطِرُ أَحْيانَاً بِبالي مَطامِعٌ / فَيَمْنَعُ عِرْضِي أَنْ يُلابِسَها المَجْدُ
تَبِعْتُ أَضَالِيلَ المُنى في شَبيبَتي / فَحَلَّ مَشيبي وَهيَ تَخْدَعُني بَعْدُ