المجموع : 71
وَلَمّا اِلتَقَينا وَالرّقيب بِنَجْوةٍ
وَلَمّا اِلتَقَينا وَالرّقيب بِنَجْوةٍ / وَقَد حانَ مِن شَمسِ النّهارِ مَغيبُ
أَبَحْنا الهَوى ما شاءَ مِنّا وَرُوِّيَتْ / عُيونٌ ظِماءٌ في الهَوى وَقُلوبُ
فَلَم تَكُ إِلّا ساعةً ثُمَّ زعزع ال / تَلاقي شمالٌ لِلنّوى وجنوبُ
ولولا النّوى ما كان للدهر زلّةٌ / ولا لِلَّيالي الماضياتِ عيوبُ
يَقولونَ لي لِمْ أَنتَ بِالذُّلِّ راكدٌ
يَقولونَ لي لِمْ أَنتَ بِالذُّلِّ راكدٌ / فَقُلتُ لِأَنّي في الحَياةِ رَغوبُ
نَضَا العزّ مِن أَكنافِهِ مَنْ تروقُهُ / حَياةٌ وَتحْلَولى لَهُ وتَطيبُ
وَعَيشِيَ بَينَ الأغبياءِ غضاضةٌ / وَلي مِن عيوبِ الأقربينَ عُيوبُ
وَبَينَ ضُلوعي غَيرَ أَنْ لَم أبُحْ بهِ / أُوارٌ عَلى فَوتِ المُنى وَلَهيبُ
وَلِلدّهرِ عِندي كُلَّ يَومٍ وَلَيلَةٍ / وَإِن لَم يَكُن مِنّي العتابُ ذنوبُ
وَلي كلُّ داءٍ قاتلٍ ثُمّ لَيس لي / مِنَ الداءِ في كُلِّ الرّجالِ طَبيبُ
إِذا كنتِ أَزمعتِ الرّحيل فإنّنا
إِذا كنتِ أَزمعتِ الرّحيل فإنّنا / سَتَرحلُ مِنّا أَنفسٌ وقلوبُ
وَإنْ تَبعدي عنّا فَللعَينِ أدمعٌ / تَصوب وَللقلبِ المَشوق وجيبُ
وَما لِحَياةٍ بَعدَ فَقدِكِ لذّةٌ / وَلَيسَ لِعَيشٍ بعد بينِكِ طيبُ
وَمَن قالَ إِنّ البينَ يُسلي عَنِ الهَوى / جَهول بِأَسبابِ الغَرامِ كَذوبُ
مَرَرنا عَلى سِربِ الظّباءِ عَشيّةً
مَرَرنا عَلى سِربِ الظّباءِ عَشيّةً / فَلَم يَعدُنا حَتّى تَقنّصنا السِّربُ
وَكُنّا نَظنُّ القربُ يَشفي سَقامنا / فَلم يَكُ إِلّا كلُّ أَدوائنا القُربُ
وَقالوا أَلَمّا تَنْهَ قلبك عَن هوىً / فَقلتُ وَهَل لي بَعدِ بَينِهِمُ قلبُ
ضَنَّتْ عَليك بِوَصْلها لكَ زينبُ
ضَنَّتْ عَليك بِوَصْلها لكَ زينبُ / وَطلبتَ لمّا عزَّ منها المطلبُ
وَأَرَتْكَ برقاً لامِعاً مِن وَعدِها / لَكِنَّهُ بَرقٌ لَعَمْركَ خُلَّبُ
وَتقولُ لي جَهلاً بِأَسبابِ الهَوى / كَيفَ الهَوى والرّأس مِنكَ الأشيبُ
وَالحُبُّ داءٌ لِلرجالِ تَباعَدوا / عَن شيبةٍ وَشَبيبةٍ وَتَقَرّبوا
لا تَلُمني فَإنّني لِهَوى النّف
لا تَلُمني فَإنّني لِهَوى النّف / سِ مُطيعٌ في حبِّ مَن لا يُحبُّ
قَد جَرَت عادَتي بِأَن أَعشَقَ البي / ضَ وتبديل ما تُعُوِّدُ صَعبُ
إِنّما تَعذل الّذي يلج العَذْ / لُ إِلى قلبهِ وما لِيَ قلبُ
وَإِذا لَم يَكن منَ الذّنب إِلّا / أنّ قَلبي يَهوى فما لي ذنبُ
زَعازعٌ ثمّ نُكْب
زَعازعٌ ثمّ نُكْب / خَطب لَعَمْرُكَ صَعْبُ
قولوا لِمَن هوَ مُغرىً / بذي الرّياسةِ صَبُّ
أَما تَراها خَبوطاً / تزلُّ طوراً وتكبو
لَها عُيوبٌ عَليها / يُحِبّها مَن يُحبُّ
تَبرّجَتْ لَيسَ عَنها / يَوماً لِعَينيكَ حُجْبُ
تَدنو وَتَنأى وَتَبدو / طَوراً هناكَ وَتَخبو
وَللدُموعِ عَلَيها / سَحٌّ وقَطْرٌ وسَكْبُ
كأنّها جِذْلُ راعٍ / ومِنْ حَوالَيهِ جُرْبُ
رَوْحٌ لَعَمْرُكَ فيها / لَكِنَّ عُقباهُ كَرْبُ
وَكَيفَ يلتَذُّ سِلمٌ / يَتْلو أُخيراه حربُ
مِن أَينَ خِلٌّ وَفيٌّ / حُلْوُ المَذاقَةِ عذبُ
لا عُجبَ فيهِ وَلَكِن / فيهِ لِقَلبيَ عُجبُ
كَالسّيفِ لَيسَ بِنابٍ / وَالسّيف بِالضربِ يَنبو
وَالطِّرفُ لَيسَ بِكابٍ / وَالطِّرف بِالرّكضِ يَكبو
إِيّاكَ إِن كُنت يوماً / تُحبُّ ما لا يُحبُّ
وَالضّرعُ لا دَرَّ فيهِ / فَليسَ يَنفَعُ حَلْبُ
وَالرّزقُ يَأتي شعوباً / وَإِن خَلا مِنهُ شَعبُ
ما اِجتُرَّ رِزقٌ بِحِرصٍ / سِيّان مَشيٌ وَوَثْبُ
كَم طائِرٍ صُدَّ عنهُ / وَنالهُ مَن يدُبُّ
وَنالَ رجْلٌ بطاءٌ / مِنهُ وَأَخفقَ رَكْبُ
لَو أَنصَفَتنا اللّيالي / وَكانَ لِلدّاءِ طِبُّ
ما كانَ بَغيٌ وَغَصْبٌ / وَلا اِبتِزازٌ وسَلْبُ
أَقسمتُ بِالبيتِ طافَتْ / بِهِ جَحاجحُ غُلْبُ
سَرَتْ وَأَدنَتْ إِلَيهِ / بِهِم جِيادٌ وَنُجبُ
شُعثٌ سغابٌ وَمِنْ تحْ / تِهمْ ظِماءٌ وسُغبُ
ما ضَرَّهُ وَهوَ يُطوى / إِلَيهِ سَهْبٌ فسَهْبُ
وَلِلملائكِ مِنْ حَوْ / لِهِ حَفيفٌ وقربُ
أَن لا يكونَ عَليهِ / لِلعَينِ وَشيٌ وعصْبُ
وَبِالّذي هَرَقوهُ / مِنَ الدّماء وصبّوا
وَالبائِتين بِجَمعٍ / لَهُم أُوارٌ وشبُّ
جَبّوا العَلائِقَ عَنهم / وَإِنَّما الإِثمَ جبّوا
لا اِبتَعتُ ذلّاً بِعِزٍّ / وَفي يَمينيَ عَضبُ
وَلا أقضّ عَلى ما / صنعتهُ لِيَ جَنبُ
وَلا تَركتُ لِساناً / يَقولُ لي لكَ ذَنبُ
أَذلَّ رَبّيَ قَوماً / لَهُم مِنَ الذُلّ شِربُ
رَأَوا قَذىً لَم يُبالوا / بِهِ فَأَغضوْا وعبّوا
قِيدوا بِبارقِ نَفعٍ / كَما يُقاد الأَجَبُّ
كَم ذا التمادي وعُمرٌ / يَجري بِنا ويخُبُّ
فَإِن عَتبتُ على الدّه / رِ ضاع منّيَ عتبُ
أَرعى الأمانيَ عُمري / مَرعىْ لَعمرُك جَدْبُ
وَلَيسَ بِالرّمحِ طَعنٌ / وَلَيسَ بِالسَّيفِ ضربُ
أَبغي وَما العودُ رَطْباً / ما كانَ وَالعودُ رَطْبُ
وَكانَ رَأسيَ لَيلاً / ما فيهِ للعينِ شُهْبُ
فَالآنَ لَيليَ صُبحٌ / يَزْوَرُّ عنه المحبُّ
ساِئلْ بِيَثربَ هَل ثَوى الرَّكبُ
ساِئلْ بِيَثربَ هَل ثَوى الرَّكبُ / أَم دونَ مَثواهم بهِ السَّهْبُ
وَلَقَد كَتمتُهمُ هَوايَ بِهم / وَالحبُّ داءٌ كَظمهُ صَعْبُ
يا صاحِبيَّ ومِنْ سعادَةٍ مَنْ / حملَ الصبابةَ أنْ له صَحْبُ
لا تَأخُذا بِدَمي مَتى أُخِذَت / نَفسي سوايَ فَما له ذَنبُ
مِن عندِ طرفي يومَ زرتُكُمُ / نَفذَ الغَرامُ وَزارَني الحبُّ
وَإِذا رَأيتُ الحُسنَ عندَكُمُ / دونَ الخَلائقِ كيفَ لا أَصبو
يَجني عَليّ وَلا أُعاتبُه / مَن لَيسَ يَنفَعُ عندهُ العَتْبُ
وَيَصدُّ عَنّي غَيرَ مُحتَشِمٍ / مُتَيقّنٌ أَنّي بهِ صَبُّ
وَوَشى إِلَيهِ بِسَلوَتي مَذِقٌ / نَغِلُ المَودَّةِ صِدقُهُ كِذْبُ
وَشَجاهُمُ أنّي فَضَلتُهُمُ / وَعلى الفَضائِلِ يُحسَدُ النَّدْبُ
أَتَرَوْن أَنّي مِنكُمُ كثِبٌ / هَيهاتَ ما إِنْ بَينَنا قُربُ
الغابُ يُضمِرُني مَكامِنهُ / ما لَيسَ يُضمر مِثلَه الزِّرْبُ
كَلّا وَلا الأَعضاءُ واحدةٌ / وَالرأسُ لَيسَ يُعَدّ والعَجْبُ
وَإِلى فَخارِ المُلكِ أُصدِرُها / كَلِماً تَسيرُ بِذِكرِها الكُتْبُ
وَبِها عَلى أَكوارِ ناجيةٍ / نصَّ المنازل عنّيَ الرّكبُ
وَالكأسُ لولا أَنّها جذبَت / سُمّارَها ما ذاقها الشَّرْبُ
شَبّوا سَناها مُفسدينَ لَها / فَكأَنَّ مِسكَ لَطيمَةٍ شبَّوا
ملكٌ إِذا بصرَ الرجال بهِ / عَنَتِ الوجوهُ وقُبّلَ التّربُ
وَإِذا اِحتبى في رَجعِ مَظْلَمَةٍ / فَوَقارُهُ لَم يُعطَه الهَضْبُ
مَن ذا الّذي نالَ السماءَ كَما / نالَت يَداكَ فَفاتهُ العُجْبُ
وَمن الّذي ما حلّ مَوضِعَه / عُجمٌ بِذي الدُنيا ولا عُربُ
وَمن الّذي لَمّا عَلا قِمَمَ ال / تَدبير دانَ الشّرقُ والغربُ
يا مَن تُعزّ بِهزِّ راحَتِهِ / سُمْرُ الرّماحِ وتَفخرُ الحربُ
وَيُضيءُ في إِظلامِ داجِيَةٍ / ما لا تُضيءُ لَنا بهِ الشُّهبُ
وَإِذا ذَكرناهُ فَلا وَجَلٌ / يُخشى وَلا همٌّ ولا نَصبُ
وَتُذاد أَدواء الزّمانِ بهِ / عَنّا وَيُطرد بِاِسمهِ الجَدْبُ
وَلَقد بَلوك خِلالَ مُعضلةٍ / دَهَمَتْ يُقضُّ بِمِثلها الجَنْبُ
حَيثُ اِسترَثّتْ كُلُّ مُحكَمةٍ / مِن عَقده وَتزايَل الشَّعْبُ
فَفرجتها وَعَلى يَديك بِلا / بَشَرٍ يُعينك نُفّس الكربُ
قَد كانَ قَبلك من له سِيَرٌ / عوجُ المُتونِ ظُهورها حُدْبُ
دَرَستْ فَلا خبَرٌ ولا أثرٌ / مِثلَ الهشيمِ هَفَتْ به النُّكْبُ
فَالآنَ قَد ساسَ الأمورَ فتىً / بِمِراسِها وَعلاجها طَبُّ
أَلقَتْ عَصاها فهيَ آمنةٌ / وَلِغَيرِها التخويفُ والرُّعبُ
وَنَأَتْ فَقَرَّبها عَلى عَجَلٍ / مِن راحتيك الطَعن والضّربُ
قَد عَبَّ فيها الشارِبونَ على / ظَمإٍ وَلَولا أَنتَ ما عبُّوا
وَتَلاعَبوا فيما أَبَرْتَ لهم / والجِدُّ يوجَدُ بعدهُ اللِّعْبُ
وَتَراهُمُ يَتَمعّكون بها / أَشَراً كَما يَتَمعّك الجُربُ
أَنتَ الّذي أَوليت مبتدئاً / نِعَماً يَطيشُ بِبعضها اللبُّ
وَأَتيتَ مُعتذراً إِلى زَمنٍ / فَكَأنّها لكَ عِنده الذّنبُ
ما أنسَ لا أنسَ اِهتزازَك لي / وَاليوم تُرفعُ دونهُ الحُجْبُ
في مَجلِسٍ لي فيهِ دونهُمُ / سَعَةُ المَحلّة منكَ والرُّحْبُ
وَعَلى الأَسرَّةِ منكَ بدْرُ دُجَىً / لي منهُ عِندَ وسادِه القُربُ
فَاِسعَدْ بِهذا المِهْرَجانِ ودُمْ / أَبداً تنيرُ لَنا ولا تَخبو
وَتهنّأ الأيام آنفةً / فَاليومَ فيك لأمّه القربُ
وَأَطالَ عُمرَ الأشرَفين لَنا / وَكَفاهُما وَوقاهُما الرَّبُّ
حَتّى تَرى لَهُما الّذي نَظَرتْ / عَيناكَ مِنكَ فَإِنّه حَسْبُ
نَصيبِيَ منكِ اليومَ هجرٌ وبغضَةٌ
نَصيبِيَ منكِ اليومَ هجرٌ وبغضَةٌ / وما لكِ إِلّا في الودادِ نَصيبُ
وَقَلبُكِ مِن حُبّي صَحيح مسلَّمٌ / وَقَلبيَ فيهِ مِن هواكِ ندوبُ
وَرابَكِ مِنّي قبل أَن تَتبيّني / بِأَنْ لَيسَ لي أَمرٌ عليهِ مَشيبُ
وَعاقَبني ظلماً وَكَم من مُعَاقَبٍ / وَلَيسَ لَهُ عندَ الحسان ذنوبُ
وَلَيسَ عَجيباً شيبُ رَأسي وَإِنّما / صدودُك عَن ذاكَ المشيب عجيبُ
هَبيهِ نَهاراً بَعد ليلٍ وروضةً / تضاحك فيها النّور وهيَ قَطوبُ
وَلا تَطلُبي شَرخَ الشّبابِ وَقَد مَضى / فذلكَ شَيءٌ ما أَراه يثوبُ
عَلى مثلِ هَذا اليومِ تُحنى الرّواجب
عَلى مثلِ هَذا اليومِ تُحنى الرّواجب / وَتُطوى بفضلٍ حِيز فيه الحقائبُ
حُبينا وأُمّرْنا بهِ فَبُيوتُنا / لدُنْ قيلَ ما قد قيلَ فيهِ الأهاضبُ
وَطارَت بِما نِلناهُ أَجنِحَةُ الوَرى / وَسارَت بهِ في الخافِقين الرّكائبُ
وَقالَ أُناسٌ هالَهم ما رَأوا لنا / أَلا هَكَذا تَأتي الرّجالَ المواهبُ
ظَفرتُمْ بِما لَم نَحظَ مِنهُ بنَهْلةٍ / وَلَذَّت لَكُم دونَ الأَنامِ المَشاربُ
وَبوّاكُمُ الشِّعبَ الّذي هو ساكنٌ / رسولٌ لهُ أمرٌ عَلى الخلق واجبُ
فَلمّا مَضى مَن كان أمَّرنا لَكمْ / أَتَتْنا كَما شاء العقوقُ العجائبُ
فَقُل لأُناسٍ فاخَرونا ضلالةً / وَهُم غُرباءٌ مِن فخارٍ أجانبُ
مَتى كُنتُمُ أَمثالَنا وَمَتى اِستَوتْ / بِنا وَبِكم في يَومِ فَخرٍ مَراتبُ
فَلا تَذكُروا قربى الرّسول لِتدفعوا / مُنازعكم يوماً فنحن الأقاربُ
وَمِن بعدِ يومِ الطفّ لا رحمٌ لَنا / تَئِطّ ولا شَعبٌ يرجّيه شاعبُ
وَكُنّا جَميعاً فَاِفتَرَقنا بِما جَرى / وَكَم مِن لَصيقٍ باعَدته المَذاهبُ
وَنَحنُ الرؤوسُ وَالشوى أَنتُمُ لَنا / وَمِن دونِنا أَتباعُنا وَالأصاحِبُ
لَنا دونَكم عَبّاسُنا وَعَليّنا / وَمَن هوَ نجمٌ في الدُجُنَّةِ ثاقبُ
وَلَو أَنّنا لَم نُنه عَنكم أتَتكُمُ / سِراعاً بنا مقانبٌ وكتائبُ
وَقَومٌ يَخوضونَ الرّدى وأكفّهم / تُناط بِبِيضٍ لم تخنها المضاربُ
إِذا طُلِبوا لَم يرهبوا مِن بسالةٍ / وَمن طَلبوا ضاقَت عليهِ المَذاهبُ
فَما بَيننا سِلمٌ ومَن كانَ دَهره / يُكتّم ضِغناً في حَشاهُ محاربُ
وَقيلَ لَنا لِلحقّ وَقتٌ معيّنٌ / يَفوز بهِ باغٍ وينجحُ طالبُ
فَلا تَطلُبوا ما لَم يَحِنْ بَعدُ حينُهُ / فَطالبُ ما لم يَقضِهِ اللّهُ خائبُ
فَإِنْ دُوَلٌ مِنكم مَشينَ تَبختُراً / زَماناً فقد تمشى الطِّلاحُ اللواغِبُ
وَإِن تَركَبوا أَثباجَ كلِّ منيفةٍ / فَكَم حُطّ مِن فَوقِ العَليّةِ راكبُ
فَلا تَأمَنوا مَن نامَ عنكم ضرورةً / فمُقْعٍ إلى أن يُمكن الوثبَ واثبُ
كَأنّي بِهنّ كالدَّبا هبَّتْ الصَّبا / به في الفلا طوراً وأُخرى الجنائبُ
يَحكّونَ أَطرافَ القَنا بِنُحورِهم / كما حكّت الجِذلَ القِلاصُ الأجاربُ
أَبِيّون ما حلّوا الوهادَ عن الرُّبا / وَما لهمُ إلّا الذُّرا والغواربُ
وَكَم مِنهمُ في غَمرةِ الحرب سالبٌ / وكم فيهمُ في حومة الجدب واهبُ
وَإِنّي لأرجو أَن أعيش إلى الّتي / تحدّثنا عنها الظّنونُ الصّوائبُ
فَتُقضى دُيونٌ قَد مُطِلْنَ وتنجلِي / دياجِرُ عن أبصارنا وغياهبُ
وتجري مياهٌ كنّ بالأمس نُضَّباً / وَتَهمي كَما شِئنا علينا السحائبُ
وتُدرك ثارات وتُقضى لُبانةٌ / وَتُنجح آمالٌ وتُؤتى مآربُ
أَتَنسيْن يا لَمياءُ شملكِ جامعاً
أَتَنسيْن يا لَمياءُ شملكِ جامعاً / وَإِذْ أَنا في صبغ الدُّجى منك أقربُ
وَقد لفّنا ضيقُ العناقِ وَبيننا / عِتابٌ كعرفِ المسكِ أو هو أطيبُ
وَإِذ علّنِي مِن ريقهِ ثم علّنِي / عَلى ظمإٍ مُستعذَبُ الرّيق أشنبُ
كَأنّ عليهِ آخرَ اللّيلِ قهوةً / مُعتّقةً ناجودُها يَتصوّبُ
أُحبّكِ يا لَمياءُ مِن غَيرِ رِيبةٍ / وَلا خَيرَ فيما جاءَهُ المتريِّبُ
وَيُطرِبُني إِنْ عنَّ ذكرُك مرّةً / وَلَستُ لِشيءٍ غير ذكراك أطربُ
وَفي المَعشَرِ الغادينَ بَدرُ دُجُنّةٍ / عَلوقٌ بِأَلبابِ الرّجالِ مُحبّبُ
يَدِلُّ فَلا تَأبى القلوبُ دلاله / ويُلقِي بأسبابِ الرِّضا حين يغَضَبُ
حَرامٌ عَلى قَلبي السلوُّ وَقَد بَدا
حَرامٌ عَلى قَلبي السلوُّ وَقَد بَدا / لِعَينِيَ عندَ الرّقمتينِ قَضيبُ
قَضيبٌ قَضى اللَّه المقدّر أنَّهُ / إِلى كلِّ أَلبابِ الرّجال حبيبُ
وَما كانَ عِندي أَنّ قَلبي يقودهُ / إِلَيه ويُدعى نحوه فيجيبُ
وفي النّفرِ الغادين وجهٌ أُحبّه
وفي النّفرِ الغادين وجهٌ أُحبّه / وما كلّ وَجهٍ في الرِّفاق حبيبُ
يَنوبُ مَنابَ البدرِ ليلةَ تمّهِ / وَيُغني غناءَ الشّمسِ حين تغيبُ
وَلمّا دَعاني للغرامِ أَجبتُه / وَما كانَ قَلبي للغرامِ يجيبُ
وَما كنتُ إِلّا فيهِ للحُبِّ طائِعاً / وَما لِسواهُ في الفؤادِ نَصيبُ
شعرٌ ناصعٌ ووجهٌ كئيبُ
شعرٌ ناصعٌ ووجهٌ كئيبُ / إنّ هذا من الزّمان عجيبُ
يا بياضَ المشيب لونُك إنْ أنْ / صفَ رائيكَ حالِكٌ غرِبيبُ
صدّ من غير أن يُمَلّ وما أنْ / كر شيئاً سواك عنّي الحبيبُ
يا مُضيئاً في العينِ تَسوَدُّ منهُ / كلَّ يومٍ جوانحٌ وقلوبُ
لَيس لي مُذْ حَللتَ يا شَيبُ في رَأ / سِيَ كرهاً عند الغواني نصيبُ
وَلَخَيرٌ مِن لَونك اليقِقِ المُشْ / رِقِ عندي وعندهنّ الشُّحوبُ
رُحنَ يَدعونَني معيباً وَيَنبذ / نَ عُهودي وَأَنت تلك العيوبُ
كَيفَ أَخشى الرّقيب والشّيب في وَج / هي عَلى الغانياتِ منِّي رقيبُ
حَلّ ذاكَ الكِناس ظبْيٌ ربيبُ
حَلّ ذاكَ الكِناس ظبْيٌ ربيبُ / عاصتِ الصَّبْرَ في هواه القلوبُ
غاضَ فيهِ حلمُ الوَقور وأكْدَتْ / قُلُبُ الرَّأْي واستُزلّ اللّبيبُ
يا محلّاً أَبْلَتْه هوجُ اللّيالي / وَغَرامي بِساكنيهِ قَشيبُ
وَاِطمَأنَّتْ بِك المَحاسنُ حتَّى / شرَّدتْها عنّي وعنك الخطوبُ
طالَما روّضت رُباك الغَواني / وتنّورت والزّمان جديبُ
وَتَمشّتْ بك السّحائب يجرُرْ / نَ بُروداً تخيّرتْها الجَنوبُ
جادَ جَفْني ثَراك وَهوَ جَهامٌ / وَأَلَنْتَ الفُؤادَ وَهوَ صَليبُ
ساءَ عَهدي لِقاطنيك مَتى أَذْ / رَيتُ دمعاً من مُقلتي لا يصوبُ
لستَ فرداً فيما دَهَتْه الليالي / كلّ شَيءٍ في كَرِّهنّ سليبُ
أَيّها القادمُ الَّذي أَقْدَمَ الثّأْ / رَ لِقَلبٍ جَنى عليه المغيبُ
إِن يَكُن شَخصُك اِستمرّ بهِ النأ / يُ في الفؤاد قريبُ
لو لِعَنْسٍ رحّلتُها ما بقلبي / عاقَها عَن مدى القِلاصِ اللّغوبُ
لا تَقِلني إِنْ بعتُ غيركَ ودّاً / وَقَفَته عَليك نفسٌ عَروبُ
خُلُقٌ مرهفُ الحواشي وعِرْضٌ / شامخٌ ما دنت إليه العيوبُ
روّقته الأيّامُ والخُلُقٌ الأخْ / لَقُ فينا مُمَنَّعٌ محجوبُ
مدّ ضَبْعي إليك مجدٌ وَساعٌ / وثرىً طيّبٌ وسِنْخٌ نجيبُ
ومعالٍ تكنَّفتْ حومةَ العز / زِ طويلُ الكِرام عنها رعيبُ
إِنَّ وَجدي كَما عَهِدتَ صَريحٌ / ما بِخَلْق سواك فيه نصيبُ
ثَقّفته الدّهورُ وَهوَ رَطيبٌ / وَجَلاهُ الزّمانُ وَهوَ قَشيبُ
جادَ تِلكَ العُهودَ صَوبُ عهادٍ / مِن وِدادِي هامي الجفون سكوبُ
نُلنِيَ القربَ قد أَملّنِي البُعْ / دُ وصلْ ذا الطلوعَ طال الغُروبُ
إِنْ تَجدنِي سَمْحَ القِيادِ ففي قْل / بِ زَماني مِن حرِّ نارِي وجيبُ
كَيفَ أُعطي الزّمانَ صَبْوَة قَلبي / وَاِعتِزامي عَلى هَوايَ رقيبُ
هانَ في مُقلَتي الّذي راقَ فيهِ / فَكَأنَّ الشّباب فيه مشيبُ
سَدَلَتْ خبرتي سُجوفَ اِبتِسامي / قَلّما يُعجب العَجيبَ عجيبُ
وكَفَتْني تَجارِبي نائِباتٍ / ما أُبالي في أيّ حينٍ تنوبُ
وَبَلوتُ الزّمانَ حتّى لو اِرتَبْ / تُ لكشّفتُ ما تُجنّ الغيوبُ
لَيسَ يَدري الوَرى بِماذا غَرامي / ما تمارَوا فيهِ إليَّ حبيبُ
لَيسَ لِلقلبِ في السّلوّ نصيبُ
لَيسَ لِلقلبِ في السّلوّ نصيبُ / يَومَ رُحنا والبين منّا رقيبُ
ودّعتني وزادُها طربُ الله / و وزادي تلهّفٌ ونحيبُ
وَرَأَتني أذري الدموعَ فقالت / أبكاءٌ أراه أم شُؤْبوبُ
إِنَّما البينُ لِلبدورِ المُنيرا / تِ كسوفٌ وللشّموس غروبُ
وَالنّوى كَالرّدى وَفَقدٌ كَفَقدٍ / غَير أن غائبُ الرّدى لا يؤوبُ
وَلقد قلت لِلمليحةِ والرأ / سُ بِصبغ المَشيب ظلماً خضيبُ
لا تَرَيْهِ مجانباً للتصابِي / ليس بِدْعاً صبابةٌ ومشيبُ
قلْ لمن حلّ في الفؤاد وهل يسْ / كنُ حبَّ الفُؤاد إلّا الحبيبُ
أَينَ أَيّامُنا اللّواتي تقضّي / نَ وَفي القلب بعدهُنّ نُدوبُ
وَاِجتماعٌ نَمحو بهِ أَثرَ الهم / مِ وَيَحلو مذاقُه ويطيبُ
تَشَمِئزُّ الأحزانُ منه وتَزوَر / رُ إِذا قارَبته عنهُ الكُروبُ
قُمْ بِنا نَشكر الزّمانَ فَلَم يَب / قَ لنا في الزّمان إلّا العجيبُ
ظُلماتٌ مسودّةٌ وأُمورٌ / مشكلاتٌ يَحارُ فيها اللّبيبُ
وَشُؤونٌ تَبيضّ مِنها شؤونٌ / وَاِنقِلابٌ تَسودُّ منهُ قُلوبُ
وَأراها بِالظّنِّ كالجمرة الحم / راء أذكى لها الأُوارَ مذيبُ
ووشيكاً يكون ذاك فما بَعْ / دَ شَرارِ الزّناد إلّا اللهيبُ
وَكَأنّي بها مُعرَّقة الأوْ / صال قد شَفّها السُّرى والدُّؤوبُ
وعليهنّ كلُّ أرْوَعَ لا يَرْ / ويهِ إلّا التّخييمُ والتّطنيبُ
إنْ عَنَتْ أزْمةٌ فكفٌّ وَهوبٌ / أو عَرَتْ خَشيةٌ فنصلٌ ضَروبُ
وَرِجالٌ شُمُّ العَرانين وثّا / بون نحو الرَّدى شبابٌ وشيبُ
أَينَما ضارَبوا فَهامٌ فَليقٌ / وَنَجيعٌ مِنَ الكُماةِ صَبيبُ
لَيسَ مِنهم إِلّا الغَلوب وَما في / هم مدَى الدّهر كلِّه مغلوبُ
أَنتَ عِزٌّ لَنا فَإِن قيلَ في غي / رِكَ هَذا فَالقَولُ قَولٌ كَذوبُ
وَإِذا مُيّزت سَجايا أناسٍ / بانَ عودٌ رخْوٌ وَعودٌ صَليبُ
ولَبَيتٌ حَلَلْتَ لم يُرَ فيهِ / قَطُّ إلّا نَجابةٌ ونجيبُ
وَوَلوعٌ بِطيّب الذّكرِ لا ير / ضيهِ إلّا التّجهيرُ والتّأويبُ
إِنّ آلَ الأجلّ آلِي وشَعبي / منهُمُ اليومَ تستبين الشّعوبُ
وهُمُ أُسرَتي ومِن سِرَّ موسى / بالمودّاتِ والصديقُ نسيبُ
وَإِذا حُصّلَ الوِدادُ تَدانى / ذو بِعادٍ وَبانَ عَنكَ القَريبُ
قارَعوا عَنِّيَ الخُطوبَ وَقَدْ هَم / مت وكادتْ تجنِي عليَّ الخطوبُ
وتلافَوْا جرائرَ الدّهر حتّى / ما لدهرٍ بهم إليَّ ذنوبُ
كم لهم دون نُصرتي نَهَضاتٌ / ومقامٌ ضَنْك ويومٌ عَصيبُ
وعَصوفٌ يُكِنّنِي وركودٌ / ومَجيءٌ يجيئني وذهوبُ
ودفاعٌ عنّي العدا ونزاعٌ / أرتضيهِ وهدنةٌ وحروبُ
لَستُ أَنسى حُقوقَكم عندِيَ البي / ضَ إذا كان في الزّمان الشّحُوبُ
وَاِعتِصامي بِكُم وَأَنتم لرَحْلي / حَرَمٌ آمنٌ ووادٍ خصيبُ
كَم فَرَجتم من ضَيْقَةٍ وكشفتُمْ / كُرَباً لا يُطيقها المكروبُ
وتخلّصتُمُ ثراءَ رجالٍ / مِن يَدِ الفَقرِ وَالبلاءِ يصوبُ
لا مَشَتْ في دِيارِكُم نُوَبُ الدّه / رِ ولا اِرتَبتُمُ بشيءٍ يُريبُ
وَإِذا خِيفَتِ الغيوبُ فلا خِي / فتْ عليكم مدى الزّمان الغيوبُ
وَفِداكم مِنَ الأَذاة رجالٌ / دَنِساتٌ ذيولهم والجيوبُ
كُلَّما أَخفتِ السّعودُ عيوباً / مِنهُمُ اِستَيقظتْ ولاحت عيوبُ
ما في السُّلوّ لنا نصيبٌ يُطلبُ
ما في السُّلوّ لنا نصيبٌ يُطلبُ / الحُزن أقهر والمصيبة أغلبُ
لكِ يا رزّيةُ في فؤادِيَ زفرةٌ / لا تُستطاع ومن جفونيَ صَيِّبُ
قد كان عيباً أن جرى لِيَ مدمعٌ / فاليوم إن لم يجرِ دمعٌ أعيبُ
وَلَطَالَما كان الحزين مؤنّبا / فالآن مُدّرع العَزاء مؤنَّبُ
طَرَقتْ أَميرَ المؤمنين رزيّةٌ / والرُّزْءُ فينا طارقٌ لا يُحْجَبُ
لَم يَنجُ منها شامخٌ مترفِّعٌ / أو مدخلٌ مُتَمَنّعٌ مُتَصَعَّبُ
لو كان يُدفع مثلُها ببسالةٍ / لحمى عواليها الكماةُ الغُلَّبُ
الضّاربون الهامَ في رَهَج الوغى / والسُّمْرُ تُلطخ بالنّجيع وتُخضَبُ
وَالهاجِمونَ على المنيَّة دارَها / وَقُلوبُهم كالصَّخرِ لا تتهيَّبُ
قَومٌ إِذا حَملوا القنا وَتَنمّروا / رَكِبوا مِنَ العَزّاء ما لا يُركبُ
أَو أَقدموا في معركٍ لم ينكصوا / أو غالبوا في مَبْرَكٍ لم يُغلبوا
رُزءٌ بمُفتَقَدٍ أَرانا فقدُه / أنَّ العُلا والمجدَ قَفْرٌ سَبْسَبُ
وَالأرضُ بعدَ نضارةٍ ما إن لها / إِلّا الأَديمُ المقشعرُّ المُجدِبُ
والنّاس إمّا واجمٌ متخشِّعٌ / أو ذاهلٌ خلع الحِجى مُتَسَلّبُ
إِن يَمضِ مقتبِل الشّباب فإنّه / نالَ الفَضائلَ لَم يَنلْها الأَشيبُ
ورعٌ نبا عنهُ الرّجال وعفّةٌ / لم يَستطعها النّاسك المتجنِّبُ
قُلنا وَقَد عالوهُ فَوق سريرِه / يَطفو عَلى قُلل الرّجال ويرسُبُ
وَوَراءَه الشُمُّ الكرامُ فناشِجٌ / يُذرِي مدامعه وآخرُ يندُبُ
مَن ذا لَوى هَذا الهمام إِلى الرّدى / فأطاعه أم كيف قيد المُصْعَبُ
صَبراً أَميرَ المؤمنينَ فَلَم نَزلْ / بالصّبر من آدابكم نتأدّبُ
أَنتُم أَمَرتم بِالسُّلوّ عن الرّدى / وَأَريتمُ في الخطبِ أَين المذهبُ
وَرَكِبتمُ أَثباجَ كلّ عَظيمةٍ / إذ قلّ ركّابٌ وعزّ المركبُ
ووردتُمُ الغَمراتِ في ظلّ القنا / والطّعن في حافاتها يتلهّبُ
حوشيتُم أن تُنقصوا أنوارَكم / أو تُبخسوا من حظّكم أو تُنكبوا
وَإِذا بَقيتم سالِمينَ منَ الأذى / فَدَعوا الأذى في غَيركم يتقلّبُ
شاطَرتَ دَهرك واجداً عن واجدٍ / فَغَلبتهُ والدّهرُ غيرَك يغلبُ
ما ضَرّنا وَسُيوفنا مَشحوذةٌ / مَصقولةٌ إِن فلَّ منها المِضربُ
وَالشَمسُ أَنتَ مُقيمةً في أُفقها / وَهُدىً لَنا مِن كُلّ شَمسٍ كَوكَبُ
وَإِذا البحورُ بَقينَ فينا مِنكُمُ / مَملوءةً فدعِ المذانبَ تنضُبُ
وَلَئِن وَهى بِالرُّزءِ منّا منكبٌ / فَلَقد نَجا مِن ذاكَ فينا منكِبُ
نَجمانِ هَذا طالِعٌ إِيماضه / مَلأ العيونَ وذاك عنّا يغرُبُ
أَو نِعمتانِ فَهذهِ مَتروكةٌ / مذخورة أبداً وأُخرى تُسلبُ
أَصلٌ لهُ غُصنانِ هذا ذابِلٌ / ذاوٍ وهذا ناضرٌ متشعّبُ
أَو صَعْدةٌ فُجِعَتْ ببعض كُعوبها / ولها كعوبٌ بعد ذاك وأكعُبُ
أَو أَجدَلٌ ما سُلّ منه مِخْلَبٌ / فَاِجتُثَّ إلّا ناب عنه مِخلَبُ
ماذا التنافسُ في البقاءِ وَإِنّما / هُوَ عارِضٌ ماضٍ وبرقٌ خُلَّبُ
ذاقَ الحِمامَ مبذّرٌ ومُقتّرٌ / وَأَتى إليه مبغضٌ ومحبّبُ
فَمُعجّلٌ لحمامهِ ومؤجّلٌ / وَمُشرّقٌ بِطلوعهِ ومغرّبُ
وَنُعاتبُ الأيّامَ في فُرُطاتها / لكنْ نُعاتب سادراً لا يُعتبُ
لا نافعٌ إلّا وَمنهُ ضائرٌ / أَو مرغبٌ إلّا وَفيه مُرهِبُ
وَمَتى صَفا خلل الحوادِث مشربٌ / عَذبٌ تكدّر عن قليلٍ مشربُ
فَخراً بَني عمّ الرّسول فأنتُمُ / أَزكى المَغارس في الأنام وأطيبُ
إِرثُ النبيِّ لَكم ودار مُقامِهِ / والوحْيُ يُتلى بينكم أو يُكتبُ
والبُرْدُ فيكم وَالقضيبُ وَأَنتمُ الْ / أَدنَوْن من أغصانه والأقربُ
وأبوكُمُ سقّى الأنامَ بسجْلَهِ / وَأَحلّه والعام عامٌ مُجدبُ
خُتمت خِلافته بكمْ وعليكُمُ / إشرافُها أبدَ الزَّمان مطنَّبُ
هِي هَضْبةٌ لَولاكمُ لا تُرتَقى / أَو صَعبةٌ بِسواكمُ لا تُركبُ
حَكمَ الإِلهُ بِأنّها خِلَعٌ لكمْ / لا تُنْتضى وبَنيَّةٌ لا تُخربُ
كَم طامِعٍ مِن غَيرِكمْ في نيلها / فَرَقتْ مفارِقَه السّيوف الوُثَّبُ
وَمُؤمّلين وُلوجَ بَعضِ شِعابها / لَم يَبلُغوا ذاكَ الرّجاءَ وخُيّبوا
جِئناك نَمتاحُ العَزاء فَهَب لنا / مِنكَ العَزاءَ فَمِثلُ ذَلكَ يوهبُ
وَاِرفُقْ بِقَلبٍ حاملٍ ثِقلَ الورى / وَالكَلْمُ يؤْسى والمضايقُ تَرحُبُ
وَاِسلُكْ بِنا سُبُلَ السلُوّ فإنّنا / بِكَ نَقتَدي وَإِلى طريقك نذهبُ
أذمّ إليك كَلْماً لَيس يؤْسى
أذمّ إليك كَلْماً لَيس يؤْسى / وداءً لَيسَ يَعرفهُ الطَبيبُ
وَدَهراً لا يُصيخُ إِلى نَصيحٍ / وَعَيشاً لا يَلَذُّ ولا يطيبُ
وَكَم لِي مِن أَخٍ أُوليهِ نُصحِي / وَما لي في نَصيحَتِهِ نصيبُ
له منّي البشاشةُ في التَّلاقِي / ولِي منه البَسارةُ والقُطوبُ
يَعيب تَجَنِّياً والعيب فيه / وقد نادت فأَسمعتِ العيوبُ
أَلا هَرباً مِنَ الإِخوانِ جَمعاً / فَما لكَ مِنهُمُ إِلّا النُّدُوبُ
وَلَولاهمْ لَما قَذِيتْ جفوني / وَلا سَقيتْ إِلى قلبي الكُروبُ
وَلا طُويتْ عَلى أَوَدٍ قناتي / وَغلّس في مفارِقيَ المشيبُ
وَلا خرقت مِنَ الأيّامِ جِلدي / أَظافرُ لا تقلَّمُ أو ينوبُ
وَلا عرفتْ مساكِنيَ الرّزايا / وَلا اِجتازَتْ عَلى رَبْعي الخُطوبُ
وَلمّا أَن أَبى حُكمي وَأَلْوى / وَشَبّتْ بَيننا منهُ الحروبُ
وَأَخرَسَني عَنِ الشّكوى ومنه / لِسانٌ لا يُفارقه كذوبُ
غَفَرتُ ذنوبهُ حتّى كأنّي / عَلِقتُ به وليس له ذنوبُ
وَلِي صاحِبٌ لا يَصحب الضّيمَ ربُّهُ
وَلِي صاحِبٌ لا يَصحب الضّيمَ ربُّهُ / لَهُ في دِماءِ الدّارعين قِرابُ
وَأَسمرُ عَسّالُ الكعوبِ سنانُهُ / رَسولُ المَنايا في يَديهِ كتابُ
إِذا ما وَجا أو داجَ قَرْن مُصمّمٍ / أعاد مشيبَ الوجهِ وهو شبابُ
ملانِيَ فخراً أنّكَ اليومَ والدي / وأنَّكَ طَوْدي والأنام شِعابُ
أَلَستَ منَ القومِ الذينَ إذا دنَوْا / لِحَربٍ تَدانتْ أرْؤُسٌ ورقابُ
سيوفُهُمُ أَلحاظُهم وقناتهُمْ / سواعدُهمْ مهما اِستَحرَّ ضِرابُ
عَجِبتُ منَ الأيّام كيفَ تَروعنِي
عَجِبتُ منَ الأيّام كيفَ تَروعنِي / وَمن عَزَماتِي تسمتدّ النوائبُ
وَكَيفَ اِرتَجتْ عِندي بلوغَ إرادةٍ / وَما مالَ منّي في الغِوايةِ جانبُ
لَقد هَوّنتْ صَرفُ اللّيالي بَصيرَتي / وَآنَسُ شَيءٍ بِالفؤادِ المَصائبُ
إِذا كُنتُ أَستعلي بِنَفسٍ عزيزةٍ / فَلا قامَ أَنصارٌ ولا هبَّ صاحبُ
وَربّ حَسودٍ يَزدَريني بِقَلبهِ / إِذا رامَ نُطقاً أَخرَسَتْهُ المَناقبُ
تَسَربَل سِربالَ اللّيالي وَما دَرى / بِأَنّ مَكاني ما مشى فيه عائبُ
وَفارَقتُ أَخلاقَ الزّمانِ وأهلهِ / فَقد عَجبتْ أنْ لم تَنَلْنِي المعايبُ
وَمارَستُ مِن أَحوالهمْ ما بطرِفهِ / أشاهد ما تُفضِي إليه العواقبُ
إِذا لَم يَكُن بِالسّيف سعيُك للعُلا / فَلا دانَ مَطلوبٌ ولا ثار طالبُ
وَكُنتُ إِذا حاولت قَوماً تسفّهتْ / حلومُهُمُ حتّى جَفَتْنِي السّحائبُ
كَأَنّ الرّدى ما حُمّ إلّا لِصَلْوتي / وَلا خُلقتْ إلّا لِأَجلي العجائبُ