المجموع : 53
رَأى البَرقَ شَرقِيّاً فَحَنَّ إِلى الشَرقِ
رَأى البَرقَ شَرقِيّاً فَحَنَّ إِلى الشَرقِ / وَلَو لاحَ غَربِيّاً لَحَنَّ إِلى الغَربِ
فَإِنَّ غَرامي بِالبُرَيقِ وَلَمحِهِ / وَلَيسَ غَرامي بِالأَماكِنِ وَالتُربِ
رَوَتهُ الصَبا عَنهُم حَديثاً مُعَنعناً / عَنِ البَثِّ عَن وَجدي عَنِ الحُزنِ عِن كَربي
عَنِ السُكرِ عَن عَقلي عَنِ الشَوقِ عَن جَوىً / عَنِ الدَمعِ عَن جَفني عَنِ النارِ عَن قَلبي
بِأَنَّ الَّذي تَهواهُ بَينَ ضُلوعِكُم / تُقَلِّبُهُ الأَنفاسُ جَنباً إِلى جَنبِ
فَقُلتُ لَها بَلِّغ إِليهِ بِأَنَّهُ / هُوَ الموقِدُ النارِ الَّتي داخِلَ القَلبِ
فَإِن كانَ إِطفاءٌ فَوَصلٌ مُخَلَّدٌ / وَإِن كانَ إِحراقٌ فَلا ذَنبَ لِلصَبِّ
وَاِحرَبا مِن كَبِدي وَاِحرَبا
وَاِحرَبا مِن كَبِدي وَاِحرَبا / وَاِطرَبا مِن خَلَدي وَاِطرَبا
في كَبِدي نارُ جَوىً مُحرِقَةٌ / في خَلَدي بَدرُ دُجىً قَد غَرَبا
يا مِسكُ يا بَدرُ وَيا غُصنَ نَقاً / ما أَورَقا ما أَنوَرا ما أَطيَبا
يا مَبسِماً أَحبَبتُ مِنهُ الحَبَبا / وَيا رُضاباً ذُقتُ مِنهُ الضَرَبا
يا قَمَراً في شَفَقٍ مِن خَفَرٍ / في خَدِّهِ لاحَ لَنا مُنتَقِبا
لَو أَنَّهُ يُسفِرُ عَن بُرقُعِهِ / كانَ عَذاباً فَلِهذا اِحتَجَبا
شَمسُ ضُحىً في فَلَكٍ طالِعَةٌ / غُصنُ نَقاً في رَوضَةٍ قَد نُصِبا
ظَلتُ لَها مِن حَذَرٍ مُرتَعِبا / وَالغُصنُ أَسقيهِ سَماءً صَيِّبا
إِن طَلَعَت كانَت لِعَيني عَجَبا / أَو غَرَبَت كانَت لِحَيني سَبَبا
مُذ عَقَدَ الحُسنُ عَلى مَفرِقِها / تاجاً مِن التَبرِ عَشِقتُ الذَهَبا
لَو أَنَّ إِبليسَ رَأى مِن آدَمٍ / نرَ مُحَيّاها عَلَيهِ ما أَبى
لَو أَنَّ إِدريسَ رَأى ما رَقَم ال / حُسنُ بِخَدَّيها إِذاً ما كَتَبا
لَو أَنَّ بِلقيسَ رَأَت رَفرَفَها / ما خَطَرَ العَرشُ وَلا الصَرحُ بِبا
يا سَرحَةَ الوادي وَيا بانَ الغَضا / أَهدوا لَنا مِن نَشرِكُم مَعَ الصَبا
مُمَسَّكاً يَفوحُ رَيّاهُ لَنا / مِن زَهرِ أَهضامِكَ أَو زَهرِ الرُبى
يا بانَةَ الوادي أَرينا فَنَناً / في لينِ أَعطافٍ لَها أَو قُضُبا
ريحُ صَباً يُخبِرُ عَن عَصرِ صِباً / بِحاجِرٍ أَو بِمِنىً أَو بِقَبا
أَو بِالنَقا فَالمُنحَنى عِندَ الحِمى / أَو لَعلَعٍ حَيثُ مَراتِعُ الظِبا
لا عَجَبٌ لا عَجَبٌ لا عَجَبا / مِن عَرَبِيٍّ يَتَهاوى العَرَبا
يَفنى إِذا ما صَدَحَت قُمَرِيَّةٌ / بِذِكرِ مَن يَهواهُ فيهِ طَرَبا
بِأَثيلاتِ النَقا سِربُ قَطا
بِأَثيلاتِ النَقا سِربُ قَطا / ضَرَبَ الحُسنُ عَلَيها طُنُبا
وَبِأَجوازِ الفَلا مِن إِضَمٍ / نَعَمٌ تَرعى عَلَيها وَظِبا
يا خَليلَيَّ قِفا وَاِستَنطِقا / رَسمَ دارٍ بَعدَهُم قَد خَرِبا
وَاِندُبا قَلبَ فَتىً فارَقَهُ / يَومَ بانوا وَاِبكِيا وَاِنتَحِبا
عَلَّهُ يُخبِرُ حَيثُ يَمَّموا / أَلِجَرعاءِ الحِمى أَول لِقَبا
رَحَلوا العيسَ وَلَم أَشعُر بِهِم / أَلِسَهوٍ كانَ أَم طَرفٌ نَبا
لَم يَكُن ذاكَ وَلا هذا وَما / كانَ إِلّا وَلَهٌ قَد غَلَبا
يا هُموماً شَرَدَت وَاِفتَرَقَت / خَلفَهُم تَطلُبُهُم أَيدي سَبا
أَيَّ ريحٍ نَسَمَت ناديتُها / يا شَمالٌ يا جَنوبٌ يا صَبا
هَل لَدَيكُم خَبَرٌ مِمّا نَبا / قَد لَقينا مِن نَواهُم نَصَبا
أَسنَدَت ريحُ الصَبا أَخبارَها / عَن نَباتِ الشيحِ عَن زَهرِ الرُبى
إِنَّ مَن أَمرَضَهُ داءُ الهَوى / فَليُعَلَّل بِأَحاديثِ الصِبا
ثُمَّ قالَت يا شَمالُ خَبِّري / مِثلَ ما خَبَّرتُهُ أَو أَعجَبا
ثُمَّ أَنتِ يا جَنوبُ حَدِّثي / مِثلَ ما حَدَّثتُهُ أَو أَعذَبا
قالَتِ الشَمالُ عِندي فَرَجٌ / شارَكَت فيهِ الشَمالُ الأَزيَبا
كُلُّ سَوءٍ في هَواهُم حَسُنا / وَعَذابي بِرِضاهُم عَذُبا
فَإِلى ما وَعَلى ما وَلَمّا / تَشتَكي البَثَّ وَتَشكو الوَصَبا
وَإِذا ما وَعَدوكُم ما تَرى / بَرقَهُ إِلّا بَريقاً خُلَّبا
رَقَمَ الغيمُ عَلى رَدنِ الغَما / مِن سَنا البَرقِ طِرازاً مُذهَبا
فَجَرَت أَدمُعُها مِنها عَلى / صَحنِ خَدَّيها فَأَذكَت لَهَبا
وَرَدةٌ نابِتَةٌ مِن أَدمُعٍ / نَرجِسٌ تُمطِرُ غَيثاً عَجَبا
وَمَتى رُمتَ جَناها أَرسَلَت / عِطفَ صُدغَيها عَلَيها عَقرَبا
تُشرِقُ الشَمسُ إِذا ما اِبتَسَمَت / رَبَّ ما أَنوَرَ ذاكَ الحَبَبا
يَطلُعُ اللَيلُ إِذا ما أَسدَلَت / فاحِماً جَثلاً أَثيثاً غَيهَبا
يَتَجارى النَحلُ مَهما تَفلَت / رَبَّ ما أَعذَبَ ذاكَ الشَنَبا
وَإِذا مالَت أَرَتنا فَنَناً / أَو رَنَت سالَت مِن اللَحظِ ظُبى
كَم تُناغي بِالنَقا مِن حاجِرٍ / يا سَليلَ العَرَبِيِّ العُرُبا
أَنا إلّا عَرَبِيٌّ وَلِذا / أَعشَقُ البيضَ وَأَهوى العَرَبا
لا أُبالي شَرَّقَ الوَجدُ بِنا / حَيثُ ما كانَت بِهِ أَو غَرَّبا
كُلَّما قُلتُ أَلا قالوا أَما / وَإِذا ما قُلتُ هَل قالوا أَبى
وَمَتى ما أَنجَدوا أَو أَنهَموا / أَقطَعُ البيدَ أَحُثَّ الطَلَبا
سامِرِيُّ الوَقتِ قَلبي كُلَّما / أَبصَرَ الآثارَ يَبغي المَذهَبا
وَإِذا هُم شَرَّقوا أَو غَرَّبوا / كانَ ذو القَرنَينِ يَقفو السَبَبا
كَم دَعَونا لِوِصالٍ رَغَبا / كَم دَعَونا مِن فِراقٍ رَهَبا
يا بَني الزَوراءِ هذا قَمَرٌ / عِندَكُم لاحَ وَعِندي غَرَبا
حَرَبي وَاللَهِ مِنهُ حَرَبي / كَم أُنادي خَلفَهُ وَاِحرَبا
لَهفَ نَفسي لَهفَ نَفسي لِفَتىً / كُلَّما غَنّى حَمامٌ غَيِّبا
بَينَ الحَشا وَالعُيونِ النُجلِ حَربُ هَوىً
بَينَ الحَشا وَالعُيونِ النُجلِ حَربُ هَوىً / وَالقَلبُ مِن أَجلِ ذاكَ الحَربِ في حَرَبِ
لَمياءُ لَعساءُ مَعسولٌ مُقَبَّلُها / شَهادَةُ النَحلِ ما يَلقى مِنَ الضَرَبِ
رَيّا المُخَلخَلِ ديجورٌ عَلى قَمَرٍ / في خَدِّها شَفَقٌ غُصنٌ عَلى كُثُبِ
حَسناءُ حالِيَةٌ لَيسَت بِغانِيَةٍ / تَفتَرَّ عَن بَرَدٍ ظَلمٍ وَعَن شَنَبِ
تَصُدُّ جِدّاً وَتَلهو بِالهَوى لَعِباً / وَالمَوتُ ما بَينَ ذاكَ الجِدِّ وَاللَعبِ
ما عَسعَسَ اللَيلُ إِلّا جاءَ يَعقُبُهُ / تَنَفُّسُ الصُبحِ مَعلومٌ مِنَ الحِقَبِ
وَلا تَمُرُّ عَلى رَوضٍ رِياحُ صَباً / تَحوي عَلى كاعِباتٍ خُرَّدٍ عُرُبِ
إِلّا أَمالَت وَنَمَّت في تَنَسُّمِها / بِما حَمَلنَ مِنَ الأَزهارِ وَالقُضُبِ
سَأَلتُ ريحَ الصَبا عَنهُم لِتُخبِرَني / قالَت وَما لَكَ في الأَخبارِ مِن أَرَبِ
في الأَبرَقَينِ وَفي بَركِ العِمادِ وَفي / بَركِ العَميمِ تَرَكتُ الحَيَّ عَن كَثَبِ
لا تَستَقِلُّ بِهِم أَرضُ فَقُلتُ لَها / أَينَ المَفَرَّ وَخَيلُ الشَوقِ في الطَلَبِ
هَيهاتَ لَيسَ لَهُم مَعنىً سِو خَلَدي / فَحَيثُ كُنتُ يَكونُ البَدرُ فَاِرتَقِبِ
أَلَيسَ مَطلَعُها وَهمي وَمَغرِبُها / قَلبي فَقَد زالَ شُؤمُ البانِ وَالغَرَبِ
ما لِلغُرابِ نَعيقٌ في مَنازِلُنا / وَما لَهُ في نِظامِ الشَملِ مِن نَدَبِ
يا أيها الكاتبُ اللبيبُ
يا أيها الكاتبُ اللبيبُ / أمرك عند الورى عجيبُ
قرّبك السِّيد العليُّ / فيممتْ نحوك القلوبُ
لما تغيبت عن جفوني / تاهت على الظاهر الغيوب
لولاك يا كاتبَ المعاني / ما كان لي في العلى نصيب
فاكتب طير الأماني حتى / يأمنك الخائف المريب
بذكر الله تزدادُ الذنوبُ
بذكر الله تزدادُ الذنوبُ / وتحتجبُ البصائرُ والقلوبُ
وترك الذكر أفضل منه حالاً / فإنَّ الشمسَ لها غروبُ
شمس الهوى في النفوسِ لاحت
شمس الهوى في النفوسِ لاحت / فأشرقت عندها القلوب
الحبُّ أشهى إليّ مما / يقوله العارفُ اللبيبُ
يا حبَّ مولاي لا تولِّ / عني فالعيشُ لا يطيب
لا إنس يصغو للقلبِ إلا / إذا تجلَّى له الحبيب
قل كيف يسكن قلب لا يحيط به
قل كيف يسكن قلب لا يحيط به / وقد تيقن هذا في تقلبه
من يطمئن إلى تحصيل فائته / فإن ما فاته أعى لمنتبه
لا تعترض فعله إن كنتَ ذا أدبٍ
لا تعترض فعله إن كنتَ ذا أدبٍ / واضمم إليك جناحَ السلم من رهبِ
وسلِّم الأمر ما لم تبد فاحشة / فإنْ بدتْ فاحذر التدريجَ في الهرب
ولا يغرنك أرواحٌ مخبّرة / من عند ربك إن السلم كالحرب
إنّ الذي قال إن الفعل مصدرُه / من قد درى منه كالشرك والكذب
فاهرب إلى فعله من فعله فإذا / ما غبتَ عن فعله فاحذر من السبب
حزنَ الفؤادُ أدبه
حزنَ الفؤادُ أدبه / ودينه ومذهبه
إن جئتَه وجدته / أمراً عسيراً مركبه
وكلّ من يشغله / مقامُه لا يطلبه
تدبر أيها الحبرُ اللبيبُ
تدبر أيها الحبرُ اللبيبُ / أموراً قالها الفطنُ المصيبُ
وحقِّق ما رمى لك من معانٍ / حواها لفظُه العذبُ العجيب
ولا تنظره في الكوان تشقى / ويتعب جسمُك الفَذّ الغريب
إذا ما كنت نسختها فما لي / أروم البعد والمعنى قريب
مواقفُ الحقِّ أدَّبْتني
مواقفُ الحقِّ أدَّبْتني / وإنما يوقفُ الأديبُ
أشهد في ذاته كفاحاً / فلم أجد شمسها تغيبُ
واتحدت ذاتنا فلما / كنتُ أنا العاشقُ الحبيبُ
أرسلني بالصفاتِ كيما / يعرفني العاقلُ المصيبُ
فيأخذ السرَّ من فؤادي / فتغتذي باسمه القلوب
فخلع عليه
فخلع عليه / ما كان عليه
خلعت عليك أثوابي / وكان التَرك أولى بي
لأنَّ القومَ ما قاموا / من أجلِ الله بالبابِ
ولكن قد أبتْ نفسي / سوى كرمي وأحسابي
فما سيفي له نابي / ولاطَرفي له كابي
سأركضه وأنكصُه / وأحمي البابَ بالبابِ
سوى هذا فلا أرجو / شفاءً منه مما بي
على هذا مضى الأسلا / ف مني ثم أحبابي
فدأبُ القومِ إشراكٌ / كما توحيدُه دابي
فربٌّ واحدٌ خيرٌ / من أملاكٍ وأربابِ
جعلتُ منزلي قبري / وأكفاني من أثوابي
وأغلقتُ من أجل الله / دونَ القومِ أبوابي
فما أنا منهم خربٌ / ولا القومُ من أحزابي
ولولا صبيةٌ يتم / لما فارقتُ محرابي
ألبستُ بنتَ زكيّ الدين خرقتنا
ألبستُ بنتَ زكيّ الدين خرقتنا / من بعد صحبتِها إياي بالأدبِ
تخلقتْ فصفتْ منها مواردها / وقُدستْ ذاتها عن أكثر الريبِ
لما حويت علوماً أنت أكثرها / أخذتها عن مُربٍّ صادقٍ وأب
فلتُلبسِ البنتُ من شاءته خرقَتنا / بعد التحققِ بالأسماء والنسبِ
لكل إنس وجنٍّ بعد صحبتهم / على الشروطِ التي أودعتها كتبي
ألبستُ بنتي سفري
ألبستُ بنتي سفري / خِرقةَ أهلِ الأدبِ
ألبستُها ثوبَ تقى / من كل خُلقٍ معجِبِ
وقلتُ يا بنت اسلكي / طريقتي ومذهبي
فمذهبي شرعُ النبي / الهاشميِّ العربي
فهكذا ألبستُها / من كلِّ شيخٍ مُنجبِ
أقولُ هذا وأنا / محمد بن العربي
زمنٌ يمرّ بقوّتي وشبابي
زمنٌ يمرّ بقوّتي وشبابي / قصداً ليلحقني بدارِ تبابِ
فيحلُّ تركيبي ويفسد صورتي / بالفعلِ تحت جنادل وتراب
فاعجب لبعدٍ فيه قربُ مسافةٍ / قد حال ما بيني وبين صحابي
إني أقمتُ حبيسَبيتٍ مُوحشٍ / في غايةِ الشوقِ إلى الأحبابِ
مستنظراً متهيئاً للقاءِ من / يؤتى إليَّ به منَ الغيابِ
لكن على كرهٍ يكون مجيئهم / فهو همُ في رؤيتي بأيابِ
إني لأسمعهم وإن خَفَتُوا بما / نعطَقوا وما أستطيع ردَّ جوابِ
ويكون ما كتبتْ يداي وما به / نطقُ اللسانِ مقيداً بكتاب
حتى تُجازى كلُّ نفسٍ سعيها / يومَ الوقوفِ عليه يومَ حسابِ
فيُجازى بالإحسانُ حسناً والذي / هو سيءٌ يعفو وينظر ما بي
ظني به ظنٌ جميلٌ ما أنا / في الظنِّ بالرحمن بالمرتاب
إني رضيعٌ ما فطمت لجودِه / كيف الفِطام وما وقفتُ بباب
الجودُ أمي والرضاعة مسكني / وجميع ما عندي من الوهاب
تاهت على النفوسِ القلوبُ
تاهت على النفوسِ القلوبُ / فسُرَّ عاذِلٌ ورَقيبُ
في سبح اسم ربِّكَ الأعلى /
غصنٌ زها فعزّ وجلاَّ /
سِواه كالحسامِ المحلّى /
فيممتْ حماه الغيوبُ / وأشعلتْ هناك حُروبُ
في الطُّور طار عني فؤادي /
فلم أزل عليه أنادي /
أضنان هجرك المتمادي /
فقال لي الوصالُ قريبُ / يا أيها الصفيُّ الحبيبُ
في النجم صحَّ لي العرشُ ملكا /
وقيل خذه قهراً ومِلكا /
فقمتُ فيه عبداً ومَلكا /
فمن سماهُ زُهرٌ تَصوبُ / ومن ثَراه زَهر يَطيبُ
في الحجر حجر عبدٍ تولىّ /
عن سرِّ نور علم تجلّى /
فحاز سبعةً ليس إلاّ /
منها بَدا وفيها يغيبُ / يُصابُ تارةً ويصيبُ
في لم يكن أتاني الرسولُ /
فلاح في المحيّا السبيل /
وكان لي بذاك دليل /
إن الوجود سرٌّ عجيبُ / يدعو لنفسه ويجيبُ
إذا أنا بالقرعِ الشديدِ لبابه
إذا أنا بالقرعِ الشديدِ لبابه / وقد راضني إذ كنتُ حشواها به
فلا تك ممن لا يقوم لقرعه / فإن الذي تبغيه من خلفِ بابه
وهذا خلاف العرف في كل قارعٍ / وما كان هذا الأمر إلا لما به
من الشوق للمطلوب إذ جاء خارجاً / وسرَّ وجودُ الابِ عين حجابه
فأرسل إرسالاً إلى كلِّ شارد / يردُّونه عن وجهه وذهابه
إليه على كره وإنْ كان عالماً / بخير يراه منه عند إيابه
ووقع في توقيعهم كلَّ ما لهم / من الخير إن عادَ وابيض كتابه
وهم طالبوا ما قد دعاهم لنيله / وأين اقترابُ العبدِ من اغترابه
لقد أخطأوا نهجَ السلامةِ لو بقوا / على سيرهم لولا رجيمُ شِهابه
فأفزعهم رجمُ النجومِ أمامَهم / فحادوا إلى ما قاله في خطابه
وقد علموا أن السلامةَ في الذي / دعاهم إليه من أليم عُقابه
فيأخذ سَفلاً لا يريد فريةَ / ويذهل عن مطلوبه وصَحابه
ويأخذ الفكرُ الصحيحُ منبها / على منزلٍ لا أمنَ فيمن ثوى به
لا تعجلنّ فإنَّ الأمر حاصله / إليك مرجعه فانهض على قدرِ
واسلك سبيلَ إمامٍ جَلَّ مقصدُه / مصدِّق في الذي قد جاء من خبر
وخذ به خلفه في الحال مقتدياً / واركن إليه ولا تركن إلى النظر
واعلم بأنَّ ذوي الأفكار في عمه / فكن من الفكر يا هذا على حَذر
والعقلُ ليس له تقبيحُ ما قبحتْ / صفاتُه وله التحكيم في العِبَرِ
وما له ذلك التحكيم في عِبَرِ / إلا إذا كان في التحكيم ذا بصر
وليس يعرف سرَّ الله في القدر / إلا الذي علم الأعيانَ بالأثرِ
وما رأى أثر الأسماءِ في أحد / فقال في قبتيها هم على خطر
لا نعتَ اشرفُ من علمٍ يفوزُبه / يقولُ مَن فاته يا خيبةَ العمر
يمشي به آمناً فالعلمُ محفظةٌ / لمن يحصله من وقعةِ الغرر
لله عبد مشى المختص في طلبه
لله عبد مشى المختص في طلبه / وقد أقام له البرهانُ في طلبه
لقد تزكَّى بما زكَّاه خالقه / لكن تصح له دعواه في نسبه
وأنصف الخير بالإقرار معترفاً / بما درى منه من علمٍ ومن نسبه
أعدَّ ألفاً ولم يحصل فأعلم أن / النقصَ نعتٌ له منه ومن تعبه
أين الثلاثةُ من ألفٍ أعدَّ له / فلا تقف عندما يدريه من سببه
فكل شخصٍ على علم ويجهله / الغير منه وذاك العلمُ في كتبه
ومَن تحقق بالآداب أجمعها / فكلُّ علمٍ يرى منه فمن أدبه
إذا كنت قرآنا فقلبك ياسين
إذا كنت قرآنا فقلبك ياسين / وإنْ كنتَ فرقاناً فما لك من قلبِ
فإن وجودَ الحقِّ في قلبِ عبده / وما لك من قلبٍ فما لك من قلبِ
ألا إنه الله الغنيُّ بذاته / عن العالم الكونيّ أو عالمِ الحُجُبِ
فمن شاء فليسمعْ فإني قائلٌ / ومن شاء فلينطِق فحسْبُ الهوى حسبي
إذا كنتُ مفطوراً عليه بصورتي / فكيف يُضاف الجسمُ مني إلى الترب
لقد جاء في النص الجليِّ لذي حِجىً / حديثُ هبوطِ الحبلِ منه إلى الرب
لقد شرَّف الله الترابَ بكوننا / وشرَّفني بالتاجِ والقِرط والقلبِ
وأسمعني بالقرط وسواسَه كما / أجود تتويجِ المناشِر والكتب
أساعده بالقلبِ إذ كنتُ قائلاً / إلى الأثر العالي ولم أخش من عجب
إذا كان لي مثلٌ ومثلي فليسني / ولستُ له حزباً وما هو من حِزبي