المجموع : 14
أَلا أَبلِغ فلانَ الدين عَتبي
أَلا أَبلِغ فلانَ الدين عَتبي / عَلَيهِ فقَد تَمادى في الجَفاءِ
صَفَوت لَهُ ضَميراً وَاعتِقاداً / فَجازاني بِمَذقٍ لا صَفاءِ
وَرامَت مُهجَتي مِنهُ وَفاءً / وَهَل خِلّ يَدوم أَخا وَفاءِ
وَكانَ شِفاءَ نَفسي أَن تَراه / يَزور فَعزَّ وُجدانُ الشفاءِ
وَلَو أَنَّ الفلانَ عَراه خَطب / لَكنت لما عَراه ذا اكتِفاءِ
أَرُدُّ عراه مَفلول شباة / فَتُصبح نارهم ذاتَ اِنطِفاءِ
وأذكرُه وَأَنصُرهُ بِخَير / وَأحفَظُه بِغَيبٍ وَاختِفاءِ
وَأعذِل ثُم أَعذِرُ مِنهُ صَبّاً / تَشاغَلَ بِالبَنين وَبِالرفاءِ
وَرُبَّتَما يُقيم لَديَّ عُذراً / أَرقَّ مِن الهَباءَة وَالسَفاءِ
فَغَيري لَو دَعاهُ لِبَعض أَمرٍ / لَبادَرَ ذا اِحتِفالٍ وَاحتِفاءِ
تَميل النَفسُ حَيثُ يَكون فيه / هَواها ما بِذَلِكَ مِن خَفاءِ
وَفي حاجاتِ غَيري ذا اِهتِمام / وَفي حاجِي تَراهُ ذا اِنكِفاءِ
نَفَضتُ يَدي مِن الأَصحابِ طُراً / عَلى آثارهم دِيَمُ العَفاءِ
لَئن أَصبَحتُ فيهِم ذا اِنتِقاءٍ / لَقَد أَمسَيت مِنهُم ذا اِنتِفاءِ
وَكُنتُ أَظنُّهُم زُبداً فَبانوا / لَنا زَبَداً ذَهوباً كَالجَفاءِ
أَفي مِثلي يَضيعُ جَميلُ فعلٍ / وَعَن مثلي يُعرِّدُ ذو اِصطِفاءِ
مِن المصريِّ لا تَرجو وَفاءً / فَقَد خُلِقوا بِلا واوٍ وَفاءِ
إِذا مالَ الفَتى للسودِ يَوماً
إِذا مالَ الفَتى للسودِ يَوماً / فَلا رَأي لَدَيهِ وَلا رَشادُ
أَتَهوى خُنفَساء كَأَن زِفتاً / كَسا جلداً لَها وَهوَ السَوادُ
وَما السَوداءُ إِلا قِدر فرنٍ / وَكانونٌ وَفَحمٌ أَو مِدادُ
وَما البَيضاءُ إِلا الشَمسُ لاحَت / تُنيرُ العَينُ مِنها وَالفُؤادُ
سَبيكةُ فِضَّةٍ حُشيَت بِوَردٍ / يَلَذُّ السُّهدُ مَعها وَالرُّقادُ
وَبَينَ البيضِ وَالسودانِ فَرقٌ / لِذي عَقلٍ بِهِ اِتَّضَحَ المُرادُ
وجوهُ المُؤمنينَ لَها اِبيضاضٌ / وَوَجهُ الكافِرينَ بِهِ اِسوِدادُ
عَذيري مِن بَني مِصرٍ فَإِنّي
عَذيري مِن بَني مِصرٍ فَإِنّي / أَفَدتُهُمُ العُلومَ وَلا فَخارُ
أَقَمتُ بِمِصرِهِم سِتِينَ عاماً / فَلَم يخلص لِيَ فيهِنَّ جارُ
وَفارَقتُ الأَنامَ وَفارَقوني / فَها أَنا لا أَزورُ وَلا أُزارُ
فَإِن ماتُوا فَلا أَسَفٌ عَلَيهم / وَإِن مُتنا فَقَد ماتَ الخيارُ
أَهزَّكَ وَالكَريمُ لَهُ اهتِزازُ
أَهزَّكَ وَالكَريمُ لَهُ اهتِزازُ / وَمثلُكَ مَن يُجيزُ وَلا يُجازُ
أَعِزَّ الدينِ لا تُهمِل مُحِبّاً / لَهُ بِكُمُ اِعتِلاءٌ وَاعتِزازُ
وَأَصلُكَ في المَكارِمِ أَيُّ أَصلٍ / جَميعُ المَكرُمات لَهُ تُجازُ
وَإِنَّكَ فَرعُهُ الزاكي أُصولاً / إِذا أَصلٌ ذكا كَرُمَ النِحازُ
كَسَوتَ المُتَقينَ ثِيابَ عِزٍّ / لَها مِن رَقمِ جودِكُمُ طِرازُ
وَأَثَّرتَ الأَثيرَ بِكُلِّ خَيرٍ / فَصارَ لَهُ لعلياكَ انحيازُ
حَديثُ الجودِ عَن جَدواكَ تروى / حَقيقَتُهُ وَغَيرُكُمُ مَجازُ
فَما مِن رايَةٍ لِلمَجدِ إِلا / لَها بِفَناءِ مَنزِلكَ اِرتِكازُ
وَما مِن فُرصَةٍ في الخَيرِ إِلا / لَها مِن جودِ جُودِكُمُ انتِهازُ
فَأَبقاه الإِلهُ قَريرَ عَينٍ / عَليكَ لَهُ اِحتراسٌ وَاحتِرازُ
لَقَد كَمُلَت مَحاسنُها
لَقَد كَمُلَت مَحاسنُها / فَما يَبدو بِها نَقصُ
قَضيبٌ فَوقَهُ قَمَرٌ / وَلَكن تَحتَهُ دِعصُ
غَدا حسنُ الوَرى جِنساً / وَمالِكَتي لَهُ شَخصُ
حَرَصتُ عَلى تَحيتِها / ولَيسَ بِنافِعٍ حِرصُ
فَما حَيَّت وَلَكن قَد / أَشارَ بنانُها الرَخصُ
وَأَوَّلتُ السُلُو لَها / وَحُبّي ظاهِرٌ نَصُّ
أَمُطَّلِباً رَشاداً مِن أُناسٍ
أَمُطَّلِباً رَشاداً مِن أُناسٍ / غَدَوا وَهُمُ عَلى غِيٍّ عكوفُ
قَد اِتَخَذوا مَجالسَ لاجتماعٍ / بِأَغمارٍ وَهُم فيهِ صُنوفُ
فَبَعضُهُمُ اِتِّحاديٌّ وَبَعضٌ / لِباطِنٍ أَو لفلسفةٍ يَشوفُ
قَرامطُ يَدَّعونَ لَهُم صَلاحاً / وَديناً وَالفسوقُ لَهُم حليفُ
إِذا ما فَسَّروا القُرآنَ قالوا / بواطِنهُم لَها فيهِ كشوفُ
فَمِن علمٍ لَدُنِّيٍّ وَعلمٍ / بَطينيٍّ لَهُ سرٌّ لَطيفُ
وَكُلٌّ يُظهِرُ الإِسلامَ كَيداً / وَخَوفاً إِن تقتِّلَهُ السيوفُ
يغرُّ بِقَولِهِ الأَغمارَ حَتّى / تراهُم حَولَهُ لَهُمُ حَفيفُ
وَيَنهبُ مالَهُم وَهُمُ عَبيد / لَهُ وَلَهُ الترؤُّسُ وَالشُفوفُ
وَلَو عَلِمَ المَليكُ بِهِم لأَفنى / مَشايخَهُم وَنالَتها الحتوفُ
وَطهَّرَ مِنهُمُ مِصراً وَشاماً / فَهُم نَجَسٌ تَضمَّنَهُ الكنيفُ
وَلَكن لَيسَ يَجسُرُ ناصِحُوه / عَلَيهِ إِنَّهُ ملِكٌ مَخوفُ
مَليكٌ بَأسُهُ قَهرَ الأَعادي / وَقامَ لَنا بِهِ الدينُ الحَنيفُ
تبدّى لي مِن السُجفِ
تبدّى لي مِن السُجفِ / كَمثل البَدرِ في النِصفِ
رَشاً قَد راشَ مِن عَيني / هِ سَهماً جالبَ الحَتفِ
وَهَزَّ لَنا مُثقَّفَه / قَواما لَيِّنَ العِطفِ
وَسلّ لَنا مُهَنَّدَهُ / حُساماً فاري الزَغفِ
سِلاحٌ كُلُّهنَّ غَدَت / قَواتِلَ بَعضها يَكفي
شَغِفتُ بِحُسنِ ذي غَنجٍ / رَخيمِ الدَلِّ وَالظَرفِ
وَما شَغَفي بِنَجلاءِ ال / عُيونِ وَقائمِ الأَنفِ
وَلَكن بِالعُيونِ اللَخصِ / ذاتِ الأَنفِ الذُلفِ
سَباني مِنهُمُ قَمَرٌ / غَريبُ الشَكلِ وَالوَصفِ
ذُؤابَتهُ تَنوسُ لَهُ / عَلى حِقفٍ مِن الرِدفِ
كصِلٍّ إِن دَنا أَحَدٌ / يُشيرُ إِلَيهِ بِالنَقفِ
إِذا حُلّت غدائرُهُ / اِكتَسى بِالفاحِمِ الوَحفِ
وَعَقربُ صدغِهِ تَحمي / جَنى وَردٍ مِن القَطفِ
مَليحٌ ظَلَّ يَحرسُهُ / رَقيبٌ قَلَّ ما يغفي
فَلا وَصلٌ سِوى نَظرٍ / بِمُختَلِسٍ مِن الطَرفِ
وَعَيَّنَني الوجودُ لكلِّ فَضلٍ
وَعَيَّنَني الوجودُ لكلِّ فَضلٍ / أَقَرَّ بِهِ المُعادي وَالمُوالي
فَلَستُ بِعاتِبٍ أَبناءَ دَهرِي / وَلَستُ بِماقتٍ جَورَ اللَيالي
كَفاني رُتبةً أَن صرت فَرداً / فَمالي في المَعالي مِن مِثالِ
إِذا ما لُحتُ في أُفُقٍ لِناسٍ / أَشارُوا بِالأَصابِعِ كَالهِلالِ
إِذا قالوا أَبو حَيان هَشَّت / إِلى رُؤيايَ أَفرادُ الرِجالِ
وَوَدُّوا لَو أَكونُ لَهُم نَجِياً / لِيَحظَوا بِالمَعاني وَالمَعالي
أَحُلُّ لَهُم غَوامِضَ مُشكِلاتٍ / إِذا الأَفهامُ صارَت في عِقالِ
وَأُفصِحُ عَن مَعانٍ غامِضاتٍ / إِذا خَرسَ الفَصيحُ لَدى المَقالِ
وَكانَ الدَهرُ عُطلاً مِن إِمامٍ / فَأَضحى جيدُهُ بي وَهوَ حالِ
سَلَكتُ طَريقَةً في الشَرعِ كانَت / طَريقَ الناسِ في الحِقَبِ الخَوالي
وَفارَقتُ التَعصُّب في أُمورٍ / فَأَدرَكتُ القَصِيَّ مِن المَنالِ
وَما أَبناءُ دَهري يَعرِفوني / وَهَل لِلنَقصِ علمٌ بِالكَمالِ
رَأَوا شَبحاً يُشاكِلُهُم فَقاسوا / بِأَني مِثلُهُم وَالفَرقُ عالِ
وَلَو كانَ القِياسُ يُفيدُ شَيئاً / لَكانَ الصَخرُ مِن ضَربِ اللآلي
أَقَمتُ بِمِصرِهِم عِشرين حَولاً / وَخَمساً مُملِيا غُرَرَ الأَمالي
فَما دَنَستُ آمالي بِمالٍ / لَهُم يَوماً وَلا علِموا بِحالي
سَجِيَّةُ زاهِدٍ فيما لَدَيهم / غَني بِالعِلم عَن خَوَلٍ وَمالِ
أَمالِك مُهجَتي كَم ذا تُوالي
أَمالِك مُهجَتي كَم ذا تُوالي / عَوارِفَ قَد أَتينَ عَلى التَوالي
بَقِيتُ أَغُضُّ مِن طَرفي حَياءً / لَما اسدَيتَ مِن كَرَمِ الخِلالِ
لَقَد شرَّفتَ بِالتَقريظِ وَضعي / وَقَد شنَّفتَ سَمعي بِاللآلي
فَما أَبقيتَ مِن مَعنىً غَريبٍ / توشِّيهِ بِلَفظٍ مِنكَ حالي
تُرى عشقتكَ أَبكارُ المَعاني / فَجئنكَ يَبتدِرنَ بِلا سُؤالِ
جَديرٌ أَن يَزُرنَك رافِلاتٍ / عَرائِسُ قَد بَرَزنَ مِن الحِجالِ
لِتَكسوها محاسِنَ مِن عُلاكُم / وَتَمنَحنا المَفاخرَ وَالمَعالي
حَبيبَ القَلبِ وُدّي مِن قَديمٍ / صَحيحٌ لا تُغيِّرُهُ اللَيالي
وَلَيلي مَع نَهاري في سُهادٍ / فَلَيسَ النَوم يَخطرُ لي بِبالي
وَصورَتُك الجَميلةُ نُصبَ عَيني / فَلَستُ بِطالِبٍ زَورَ الخَيالِ
لَقَد أَلغَزتُ في نَظمي بِسرٍّ / تحارُ بِفَكِّهِ فُصحَ الرِجالِ
وَمبتدَئي لَهُ خبرٌ غَريبٌ / وَمنفصلٌ شَبيهٌ بِاتِصالِ
حلبتُ الدَهرَ أَشطُرَهُ زَماناً
حلبتُ الدَهرَ أَشطُرَهُ زَماناً / وَأَغناني العِيانُ عَن السُؤالِ
فَما أَبصَرتُ مِن خِلٍّ وَفيٍّ / وَلا أَلفَيتُ مَشكُورَ الخِلالِ
ذِئابٌ في ثِيابٍ قَد تَبَدَّت / لِرائِيها بِأَشكالِ الرِجالِ
وَمَن يَكُ يَدَّعي مِنهُم صَلاحاً / فَزِندِيقٌ تَغَلغلَ في الضَلالِ
تَرى الجُهّالَ تَتبَعُهُ وَتَرضى / مُشارَكَةً بِأَهلٍ أَو بِمالِ
فَيَنهَبُ مالَهُم وَيصيب مِنهُم / نساءهُم بِمَقبوحِ الفعالِ
وَيَأخذُ حالهُ زُوراً فَيَرمي / عِمامَتَه وَيَهربُ في الرِمالِ
وَيجرون التيوسَ وَراءَ رجس / تَقَرمَط في العَقيدةِ وَالمَقالِ
أَتَعلمُ أَيَ بارِقَةٍ تَشيمُ
أَتَعلمُ أَيَ بارِقَةٍ تَشيمُ / وَأَيَّ حمى سَرى مِنهُ النَسيمُ
أَجَل ذاكَ اِستَطارَ مِن أَرضِ نَجدٍ / وَهَذا هَبَّ يَذكُرُ مَن يَهيمُ
تَأَلَّقَ مِن سَنا ثَغرٍ لِسَلمى / فَنارَ بِهِ المَفاوِزُ وَالتُخومُ
وَأَكسَبَهُ شَذا مِسكٍ شَذاها / فَها هُوَ ذا لَنا مِنهُ شَميمُ
وَوافى مِن دِيارِهِمُ عَليلا / فَكُلٌّ مِن تنشقِهِ سَقيمُ
أُناسٌ آثَروا سُكنى البَوادي / وَمُنتَجعاً إِذا اِنهَلَّ الغُيُومُ
هُم الحيُّ اللُقاحُ فَلَم يَدينُوا / لِملكٍ إِذ بَلاؤُهُمُ عَظيمُ
يَجُرّونَ العَوالي للمَعالي / وَيُجرون المَذاكي لا تخِيمُ
إِذا حادوا لحربٍ أَرَّثوها / وَإِن جادوا بِفَضلٍ لَم يُليموا
وَإِن حلُّوا بِأَرضٍ أَرَّجُوها / فَتعبِقُ من أَريجهِم الرُسُومُ
وَفي أَحداجِهِم قَمرٌ تَبدّى / فَقَد خَفِيت لِمطلعِهِ النُجومُ
أَضاءَت مِن سَناه لَنا الموامي / وَنارَ بِهِ لَنا اللَيلُ البَهيمُ
تعلَّقَهُ فُؤادي مِن حَديثٍ / فصارَ لَهُ بِهِ وَجدٌ قَديمُ
وَناجاهُ ليَسمَحَ بالتفاتٍ / فَلَم يلفِت إِليه وَهوَ ريمُ
وَرامَ القُربَ مِن ناءٍ بَعيدٍ / فَعزَّ لَهُ الوصولُ لما يَرومُ
وَمَن يَعلَق لَهُ قلبٌ بِرِيمٍ / نَفورٍ فَهوَ فَي حزنٍ مُقيمُ
أُقَبِّلُهُ فَيُرشِفُني رضاباً
أُقَبِّلُهُ فَيُرشِفُني رضاباً / تَبَقَّت فيهِ آثارُ المُدامِ
سَقانِيها الحَبيبُ وَلَستُ أَدري / لِذَلِكَ قَد خَلَصتُ مِن الأَثامِ
يَقولُ ليَ العَذولُ وَلَم أُطِعهُ
يَقولُ ليَ العَذولُ وَلَم أُطِعهُ / تَسَلَّ فَقَد بَدَت لِلحبِّ لِحيَه
تَخيَّلَ أَنَّها شانَت حَبيبي / وَعِندي أَنَّها زَينٌ وَحِليَه
وَأَوصاني الرَضِيُّ وَصاةَ نُصحٍ
وَأَوصاني الرَضِيُّ وَصاةَ نُصحٍ / وَكانَ مُهَذّباً شَهماً أَبيّا
بِألا تُحسنَن ظَناً بِشخصٍ / وَلا تَصحَب حَياتَكَ مَغرِبيا