المجموع : 24
لمثل اليوم تدَّخرُ الدُّموع
لمثل اليوم تدَّخرُ الدُّموع / وَتُحنَى فوقَ لوعتِها الضُّلوعُ
فقَد هدمَ الرَّدى رَيعَ المَعالي / وَأَنحلَ هذهِ الدُّنيا ربيعُ
رَأينا في محلِّ القُدسِ فيهِ / مصائِبَ قَبلُ ما كانَت تَروعُ
أَرانا في الخَميسِ خَميسَ رُزءٍ / جَليلٍ خطبُهُ خَطبٌ فَطيعُ
تَجلَّى ليلهُ عَن يومِ سَوءٍ / فصدَّعض شَملَنا ذاكَ الصُّدوعُ
فَلَيتَ اللَّيلَ دامَ ولا تَجلَّى / لَهُ صُبحٌ ولا انهزَمَ الهَزيعُ
وَليتَ نُجومَه لا جالَ فيها / أُفولٌ لا ولا الشَّمسِ الطُّلوعُ
صباحٌ كانَ أَظلمَ مِن مَساءٍ / وَفجرٌ يَومهُ يَومٌ شَنيعُ
نَعت بمُحمَّدِ فيهِ نُعاةٌ / لَدَيها يَشكُرُ الصَّممَ السَّميعُ
بِملكٍ لَم يَكُن في الَمجدِ شَفعاً / ولَيسَ إِليهِ في كَرمٍ شفيعُ
فَلا يومَ النَّدى لعُلاهُ نِدٌّ / وَلا يومَ القراعِ لَهُ قريعُ
أُبيحَ حِمَى المكارمِ واستُحلَّت / مَحارمُها وَوَاصلَتِ القُطوعُ
أَبائعَ رُوقِ حَمدٍ نُح عليهِ / فَأَين الُمشتَري وَلمن تَبيعُ
وَأَنتُم يا بُغاةَ الجودِ حُطُّوا ال / رِّحالَ فلا تُشَدُّ لَها نُسوعُ
مَضى مَن كانَ في كِلتا يديهِ / وفي الأخلاق جَعفرُ و الرَّبيعُ
ولكن لم يزل ربُّ البَرايا / يزورُكَ من مَلائكِهِ جُموعُ
يُرَونَ وهُم على مرِّ اللَّيالي / سُجودٌ حولَ قبركَ أو رُكوعُ
جديرٌ أن أَرى حُزني طويلاً / وَفَقدُكَ هكذا فَقدٌ سَريعُ
إليكِ فغيرُ فرضٍ أن تَلومي
إليكِ فغيرُ فرضٍ أن تَلومي / حَزيناً قد تفرَّدَ بالهُموم
دعيهِ وبثَّهُ فعساهُ يلقَى / لشكواهُ اخا قلبٍ رحيمٍ
ألا يا صاحبي هذا المُصلَّى / وتلكَ ملاعبُ الظَّبي الرَّخيمِ
فحيَّ وقُل سلامٌ مِن سَليمٍ / بذي سَلمٍ على الرَّشأِ السَّليمِ
وسل غِزلانَ وادي بانس سَلعٍ / إِذا سنحت عن العَهدِ القَديمِ
وعرِّض بي فما لي من جَنانِ / يُلاقي بي ظِبا ذاكَ الصَّريمِ
بجرعاءِ الحمى النَّجديِّ وُرقٌ / سَقاني نَوحُها جُرعَ الَحميمِ
وفي تلك الخيامِ هلالُ خدرٍ / غَرامي في محبَّتهِ غريمي
سأَلتُ فلم أَجِد منه كريماً / وكيفَ بجُودِ معشوقٍ كريمِ
روَى عن خصرِه جسمي وأدَّى / صحيحاً مُسنَدَ الخبرِ السَّقيمِ
يخافُ قضيبُ قامتِه انهِصاراً / فلم يَبرَح يمرُّ معَ النَّسيمِ
أَيُطمعُني الهوى منه بوصلٍ / ودونَ وصالهِ صَيدُ النُّجومِ
أمَا وقضيبِ قامتِه وثغرِ / يُعيرُ قلائدَ الدُّرِّ النَّظيمِ
وصبحٍ تحتَ طُرَّتهِ منيرٍ / وليلٍ فوقَ غُرَّتهِ بَهيم
لقد شهَرت لواحظُه وَسَلَّت / سُيوفاً غيرَ داميةِ الكُلومِ
أقامت بالتَّثنِّي في الغَلائِل
أقامت بالتَّثنِّي في الغَلائِل / على كلَفي بِقامتِها دَلائِل
وسلَّت مِن لواحِظها حُساماً / عليهِ من ذَوائِبِها حَمائِل
ممنَّعةٌ منَ الخَفراتِ تحمي / حِماها بالكتائبِ والقَبائِل
تقولُ إِذا طلبتُ الوصلَ منها / وما في قَتلِها العُشَّاقَ طائِل
عدمتَ العقلَ يا مغرورُ حتَّى / ترومَ العقلَ مِن مُقَلِ العَقائِل
يَميناً ما الحمائمُ حين تشدُو / بشَجوٍ فوق أغصانِ مَوائِل
فيجلُبُ نَوحُها للرُّوحِ شَجواً / ويسلُبُ كلَّ همِّ كانَ هائِل
ولا قُضبُ الأراكِ إذا كستها ال / سَواري وهيَ عاريةُ الخمائِل
بِأَعشقَ مِن طَرائِقها غناءً / وأرشَقَ مِن معاطِفها شَمائِل
فديتُكَ غُصنَ قامتِها لوَ انِّي / بظلِّك مِن هجيرِ الهجرِ قائِل
وعصرُ وصالِنا والرَّبعُ زاهٍ / بصُحبتِنا لوَ انَّكَ غيرُ زائِل
أما وخلاصِها مِن أسرِ وجدٍ / قديماً مدَّ لي ولها حبائِل
لقد كثُرت بحُسنِ العيشِ فيها / لنا تلكَ الُّييلاتُ القلائِل
إلى أَن آضَ صَرفُ الدَّهرِ ظُلماً / علينا بانقطاعِ الوصلِ صائِل
وأصبحَ بَينَ خُلَّةِ أهلِ وُدّي / وبيني بالسَّطا والحولِ حائِل
أعادَ بسلِّهِ سيفَ التَّعدِّي / عليَّ دموعَ أجفانٍ سَوائِل
ألا يا دهرُ مالَكَ تبتليني / بأَحداثٍ أواخِرُها أوائِل
أَلم تعلم بأنيِّ في أمانٍ / منَ الَمِلك الرَّحيمِ أبي الفَضائِل
أتفهمُ ما تقولُ لكَ الجَنوبُ
أتفهمُ ما تقولُ لكَ الجَنوبُ / وليسَ لسانَها إلاَّ الهبُوبُ
تقولُ أنا الرَّسولُ إليكَ سراً / بما قد كانَ شافهَني الحَبيبُ
أَتيتُ ومنه في بُردي حديثٌ / له أرَجٌ على عِطفي وطيبُ
فملتُ وقلتُ من طَربي وسُكري / أتيتَ بما تُسرُّ بهِ القلوبُ
ترى ذاكَ الحبيبُ درَى بأنيِّ / يغيبُ الأُنس عنِّي مُذ يغيبُ
وأنِّي بعدهَ في العيشِ مالي / ولا في لذَّة الدُّنيا نَصيبُ
بُليتُ به أغنَّ غريرَ طَرفٍ / لهُ في كلِّ جارحةٍ نُدوبُ
مِنَ السُّمرِ الرِّشاقِ إذا تثنَّى / وماسَ يكادُ ينقذُّ القَضيبُ
بقلبي منه فرطُ أَسىً ووجدٍ / أُعاني منهُ ما جهِلَ الطَّبيبُ
أقولُ إِذا تذكَّرهُ فُؤادي / هوىً حيثُ الأراكةُ والكَثيبُ
أَيطرقُ في الدُّجا منكم خيالُ
أَيطرقُ في الدُّجا منكم خيالُ / وَطرفي ساهرٌ هذا مُحالُ
وصلتُم هجرَكم يا ليتَ شِعري / بأيِّ جنايةٍ حُرمَ الوِصالُ
لياليَّ التي كانت قصاراً / بِكُم هيَ بعدَ بُعدكمُ طِوالُ
سقتَ أيامنَنا ب أَراكِ حُزوى / وهاتيكَ الرُّبى سُحبٌ ثقالُ
ووشَّت أرضَها أيدي سَوارٍ / لها فيها انهمارٌ وانهمالُ
ولا برحَ الصَّبا يَروي صحيحاً / حديثَ رياضِها وبهِ اعتِلالُ
منازِلُ للصِّبا ما زالَ قلبي / لهُ فيها بِمَن أَهوىَ اتِّصالُ
دُموعي بعدَها دالٌ ومِيمٌ / على خَدِّي بها ميمٌ ودالُ
نَهاري كُلُّه قلقٌ وفكرُ
نَهاري كُلُّه قلقٌ وفكرُ / وليلى كلُّه أرقُ وذكرُ
يُقسنِّي الهوَى كمداً وحُزناً / فأمرُهما لِحَتفي مُستَمرُّ
فقُم نَخطُب عَروساً بنتَ كرمٍ / لها الأموالُ والألبابُ مَهرُ
عَجوزٌ قد أسنَّت وهيَ بِكرٌ / ومن عَجبٍ عجوزٌ وهي بكرُ
مفرحةٌ يَفِرُّ الهَمُّ منها / فليسَ يضمُّها والهَمَّ صدرٌ
إذا برزَت وجُنحُ اللَّيلِ داجٍ / تبلَّجَ من سَناها فيهِ فَجرُ
غَنيتُ بِكأسِها وبِها ولِم لا / ومن هذينِ لي وَرِقٌ وَتبرُ
يطُوفُ بها علَينا بدرُ تِمِّ / مُنيرٌ عُمرهُ خَمسُ وعَشرُ
يَجولُ على مُتونِ الخَصرِ منه / نِطاقٌ مالهُ منه مَقرُّ
لنا بكُؤسِه وَبمُقلتيهِ / كما حكمَ الهَوى سَكرٌ وشُكر
نَردُّ بهِا إِليهِ وهيَ بِيضٌ / ويأخذُها إِلينا وهيَ حُمرُ
إِذا وافي بِها يهتُّز عطفاً / فغُصنُ نقاً وشَمسُ ضحىً وبَدرُ
لهُ مِثلُ الطَّلا خَدٌّ وَريقٌ / ومِثلُ حَبابِها لفظٌ وثَغرُ
متَى ما رُمتُ مِن عِطفيهِ ضماً / نَهاني عنهُ مِن جَفنيهِ كَسرُ
ومِن بِدعِ الهوَى والحُبِّ أنيِّ / إليهِ مِن لواحِظهِ أفِرُّ
يُريني في التَّنائي والتَّداني / سَريعاً ما يَسوءُ وما يَسُرُّ
وينهَرُ سائلاً مِن دمعِ عَيني / ويجري منهُ في خَدَّي نَهرُ
كَلفتُ به أَغنَّ الطَّرفِ أجوَى / له قدٌّ كغُصنِ البانِ نَضرُ
فَليسَ كمثلِه رشأٌ غريرٌ / ولا كمحمَّد مَلِكٌ أَغَرُّ
أدارت من لواحِظها كُؤوسا
أدارت من لواحِظها كُؤوسا / فأَنستنا السُّلافَ الخندَريسا
وأبدت خَدَّها القَاني فكُنَّا / هناكَ لنارِ وجنتها مَجُوساً
فلم نرَ قبلَها خوداً شَموعاً / تُديرُ بطَرفِها راحاً شَمُوساً
لِجفنيها اللَّذي فَترا سِهامٌ / لنا منها جراحٌ ليس تُوسى
أباحت في الهوى مِنَّا قلوباً / تُساورُ من محبَّتها رَسيسا
فلا واللهِ ما سَلبت عُقولاً / لنا لكنَّها سلبت نُفوسا
يظنُ الغُصنُ أنَّ لهُ قواماً / رَطيباً عِطفُه حتَّى تَميسا
كأنَّ الُمجتلي منها جَبيناً / لبدرِ التِّمِّ قد أمسَى جَليسا
بِما يتضمَّنُ الطَّرفُ الكَحيلُ
بِما يتضمَّنُ الطَّرفُ الكَحيلُ / منَ الأَسقامِ والخَضرُ النَّحيلُ
وما يحويهِ ثغرُكَ من رُضابٍ / إذا عِبناهُ قُلنا سَلسبيلُ
أعِد زَمَنَ الوِصالِ وعُد عليلاً / لِغيركَ لا يُبلُّ لهُ غليلُ
يُغير الوجدُ منهُ على التَّسلِّي / فيُسليهِ ويُغريهِ العّذولُ
عجبتُ لسيفِ لَحظِكَ كيف يَفري / ويَقطعُ حدُّه وهوَ الكَليلُ
وَلا عَجبُ لقدِّكَ إن تثنَّى / ومالَ وأيُّ غُصنٍ لا يَميلُ
فِداؤُكَ ما أُقاسي من شُجونٍ / ومن دمعٍ على خدِّي يسيلُ
ومن حُرقٍ يَبيتُ بِهنَّ قلبي / وليسَ لهُ إلى صبرٍ سَبيلُ
يَميناً لو وَجَدتُ إلى عتابٍ / طَريقاً أو وثِقتُ بمَن أَقولُ
لَحدَّثت الجَنوب حديثَ شَوقٍ / تَقبَّلهُ لرِقَّتهِ القَبولُ
لواحظُكَ التي تُصمي البرايا
لواحظُكَ التي تُصمي البرايا / سهامٌ حاجباكَ لها حنايا
إذا أَوترتَها ورميتَ عنها / بهذا فالقُلوبُ هيَ الرَّمايا
ملكتَ بَعذلٍ قدِّك كلَّ رامٍ / وذاكَ العَدلُ جَورُ في الرَّعايا
وولَّيتَ الغَرامَ على فُؤادي / فلا أَشقَى الإِلهُ به سوايا
بِوُدِّي لو أتاني منكَ طيفٌ / يُخفَّفُ ما أكابدُ من بلايا
لأَبسُطَ تحتَ أخمصِهِ خُدودي / وأفرِشَ من حشايَ له حَشايا
ولا وهَواك ما هذا التَّجنَّي / ولا هذا الجَفا إِلاَّ مَنايا
يسيلُ إِذا ضحكتَ سحابُ دمعي / فذاكَ اللَّمعُ من بَرقِ الثَّنايا
بِغَيرِ الهَجرِ هدِّدني فإنيِّ / أراهُ أجلَّ أصنافِ الرَّزايا
عدوُّكَ عيشُه عيشي ومِثلي / يُقاسي الُمرَّيا حلوَ السَّجايا
نعم هذي الدِّيارُ فحيِّهُنَّه
نعم هذي الدِّيارُ فحيِّهُنَّه / تَحيَّةَ مُغَرمِ بِطُلولِهُنَّه
أَعِرني وَقفةً يا سَعدُ فيها / لِتُسعِدَني تكن لكَ أيُّ مِنَّه
ديارٌ حَقُّهنَّ عليَّ فرضٌ / وإن أَضحت على العُشَّاقِ سُنَّة
كَفاها الوَكفُ من دمَعي إذا ما / جَفَت سُحبُ الرَّبيعِ رُبوعَهُنَّه
فلي أجفانُ دمعٍ ليسَ تألو / تَسُحُّ لها غُيوثٌ مُرجَحنَّه
شَكونا جَوَّها ولَها قُلوبُ / من البينِ الُمشَتتِ مُطمَئِنَّه
أما وظبائها العين اللَّواتي / مضت بدمي ظُبا الحاظِهنَّه
لقد ملكت بها رِقِّي جفونٌ / مُجرَّدةٌ عليَّ سُيوفُهنَّه
كأنَّ قُدودَهُنَّ رِماحُ خطِّ / عملنَ لهنَّ من حدقِ أسنَّه
إذا ما ملِنَ قلتُ غصونُ بانٍ / وقد أثقلنَهُنَّ ثِمارَهُنَّه
أظُنُّ سوادَ فَودي حين ولَّى / وقد وَلَّينَ كانَ حَلِيفَهُنَّه
أَظُنُّ البدرَ لمَّا لُحتَ حَارا
أَظُنُّ البدرَ لمَّا لُحتَ حَارا / وَغصُنَ البانِ لَمَّا مِلتَ غارا
وأَنَّ الظبَّي منكَ غَضيضُ طَرفٍ / فَتِلكَ ثلاثُةُ أضحَوا حَيارى
فَصُن وجهاً فتَنَتَ به قُلوباً / أَجنَّت منكَ شَوقاً وادِّكار
فلا تمنع ذوي فقرٍ زكاةً / فإنَّ زكاةَ حُسنكِ أن يعارا
ألم تجمع من الأضدادِ حُسناً / بديعاً قد كفاكَ الاقتدارا
جَبيناً قد حَوى صبُحاً وليلاً / وخداً قد حوَى ماءً ونارا
وأجفاناص مريضاتٍ مراضاً / تَرى في ضِمنِ صِحتَّها انكسارا
ولما أَن رآكَ البدرُ شَمساً / كشفتَ جمالهُ كشفَ السِّرارا
فإنَّ الحُسنَ فيكَ غَدا مِثالاً / بلا شَكِّ تَصوَّر واستَدارا
فأنتَ الرُّوحُ لم تُدرك عُقولٌ / حَقيقتَها وفيها العَقلُ حارا
أما وَلواحِظِ الُمقَلِ
أما وَلواحِظِ الُمقَلِ / وَعِطفِ القَامَةِ الثَّمِلِ
وما صانَت مراشِفُهُ / من الجِريالِ والعَسَل
وحقِّ نواظِر غَنيَت / عن التَّكحيل والكَحَل
وحرمَةِ عَهد كاظِمَةٍ / وليلَتنا على الجبَلِ
لَقد أصبحتُ مشَغولاً / عن الغزلانِ والغَزالِ
بِحُبِّ مُهَفَّهف أَحوى / كثيرٍ الصَّدِّ والَملَلِ
أَجل ألَحاظُ جَفنيهِ / لمن يَهواهُ كالأَجلِ
وإن ماست معاطِفُهُ / فَغصن البانِ في خَجَلِ
عَساهُ يزورُني فَلَقَد / فُؤادي مِنهُ في شُغُلِ
بِسحرِ جُفونكَ المرضى الصِّحاحِ
بِسحرِ جُفونكَ المرضى الصِّحاحِ / وما في فيكَ من مِسكِ وراحِ
وما تَثنيهِ من قدِّ رشيقٍ / تتيهُ بهِ على سُمرِ الرِّماحِ
أَعد زَمنَ الوصالِ وَعُد مريضاً / لِحاظُك لم تدعهُ من الصِّحاحِ
تركتَ زيارَتي عبَثاً وظلُماً / فَمَا أَنا بالِملاحِ عنِ السَّماحِ
صَدفتُ عليكَ خَوفاً من رقيبٍ / خَيالكُ هل عليهِ من جُناحِ
ضلالاً للمُرجِّي منكَ سِلماً / وَلحظُكَ لم يَزَل شاكي السِّلاحِ
تَميلُ بِعطفكَ النَّشوانِ سُكراً / فَلِم لا اللَّحظُ منكَ أَراهُ صاحي
أُعيذُكَ من رِضاكِ بِظلُمٍ مِثلي / وَأَنت اليومَ سُلطانُ المِلاحِ
بِحُبِّكَ فاحَتِكم واشتطَّ فينا / جَوارحَ مُثخَناتٍ بالجراحِ
أَقامَ جمالُ وَجهِكَ فيكَ عُذري / فها أَنا آمِنٌ لَومَ اللَّواحي
أَهُمَّ بِكتمِ سِرَّ هواكَ جهَدي / فيأبى الدَّمعُ إلاَّ بافتضِاحي
يَظلُّ لِسانهُ كالقَلبِ صَمتاً / وفي أَحشائِهِ قَلِقُ الوِشاحِ
أَيا من خدُّهُ والثَّغرُ هذا / وهذا للشَّقيقِ وللأقاحي
أُديرُ الطَّرفَ كي أَلقى حَبيبي
أُديرُ الطَّرفَ كي أَلقى حَبيبي / لِيَشمَلَني بِرُؤياهُ السُّرورُ
وذَاكَ ضَلاَلةٌ منيِّ وإِلاَّ / مَتَى رُؤِيت على الأَرضِ البُدورُ
إلى كم أستَردُّ حديثَ سُعدي
إلى كم أستَردُّ حديثَ سُعدي / وقد نقضَت سُعادُ العهدَ بعدي
وكم أصبو إلى لَمعانِ بَرقٍ / يمُرُّ على الرُّبا من أرضِ نَجدِ
وكَم أستنشقُ الأرياحَ هبَّت / وفيها العِطرُ من شيحٍ وَرندِ
أُعلِّلُ بالمُنى قلبي ضلالاً / وإن كانَ التَّعليلُ غَيرَ مُجدِ
خليلي احبِسا رفقا قليلاً / قُلوصكُما على أطلالِ هِندِ
وخُصوُّها التَّحيَّةَ ثُمَّ حيُّوا / عُيونَ ظِبائهِ للأُسدِ تُردي
وإِن أَبدى السَّنا لَكُما غَزالاً / ضِياءُ جَبينهِ كالصُّبحِ يهدي
فبُثَّا ما بدا لكُما وقولا / لهُ إن كانَ يَرعى حقَّ عهديَّ
بِما في القَدِّ من هيفٍ ولينٍ / وما في الثَّغرِ من بردٍ وبَردِ
أَجِر من مُرِّ هجرِكَ مُستهاماً / جَوارحُهُ الخَوافِقُ ذاتُ وَقدِ
يُحَلأُ من رُضابِكَ عن رَحيقٍ / وَيُحرقُ من هَواكَ بنارِ وَجدِ
بِسقطِ الجزعِ من ذاكَ الكَثيبِ
بِسقطِ الجزعِ من ذاكَ الكَثيبِ / مهاً لَم تَقتنِص غيرَ القُلوبِ
ودُونَ حَنِيَّةِ العَلَمينِ حيٌّ / سَقاهُ الله صَوبَ حياً سكوبِ
تَنوبُ لَهُم عُيونُ العين فتكاً / عن الأَسيافِ في رهَجِ الحُروبِ
أبَت لَهُمُ لواحظُ كُلِّ ظَبيٍ / غَريبِ الشَّكلِ رِفقاً بالغَريبِ
وَكَم دوُنَ الَمصارعِ من كمِيٍّ / صريعِ هوَىً ومن صَبٍّ كئيبِ
نَشَدتُكَ قف معي يا صاحِ ننشُد / حَبيباً في خِيامِ بَني حَبيبِ
وإن لم يُجدِ ذا شغَفٍ وُقوفٌ / خُصوصاً إن دَعا غَيرَ الُمجيبِ
تَجِدهُ بِلا لِسانٍ من عَذولٍ / يَطولُ ولا بعين من قريبٍ
أَلفنا البَينَ من نأيٍ بَعيدٍ / وطُولَ الهَجرِ من دانٍ قريبِ
فمَا نَخشى القَطيعة من نَوارٍ / ولا نَرجو القَطيعةَ من عَروبِ
لَحى اللهُ الغرامَ فَليسَ يلُوي / كثيراً وافراً مِنهُ نَصيبي
مَطامعُ من لِجفَني غَيرَ دَمعي / بها وَلأَضلُعي إلاَّ لَهيبي
متى يَصلُ المريضُ إِلى شِفاءِ / إذا كانَ السَّقامُ من الطبَّيبِ
إِذا ما لاحَ بَرقُ الجِزعِ حَنَّا
إِذا ما لاحَ بَرقُ الجِزعِ حَنَّا / وَراحَ إِليكم صَبّاً مُعَنَّى
وَباتَ بِكُم كَأَنَّ بِهِ جُنوناً / يُلابِسُهُ إِذا ما اللَّيلُ جَنَّا
وَكَم أَهدى حَمامُ الجِزعِ وَهناً / إِليهِ حِمامَهُ لمَّا تَغَنَّى
وَهَبَّت مِنكُم في الحَزنِ ريحٌ / فَهاجَ هُبوبُها للِقَلبِ حُزنا
لَقَد هَنَّأتُ قَلبي في هَواكُم / وَقَد أَضحى لَكُم في البُعدِ سُكنى
وَعَيني كُلَّمَا اشتاقَت إِليكُم / رَأَت مَهمَا تَرَى بَدراً وغُصينا
وَقَد نَقَلَ النَّسيمُ إِليَّ مِنكُم / حَديثاً لَم يَزل يَزدادُ حُسنا
وما طَمِعَ العَذُولُ بأن يراني / مُصيخاً فيكمُ للعَذلِ أُذنا
فأنتم لَذَّةُ الدُّنيا ولولا / هَواكُم لم يكن في الخلقِ معنى
مَتَى يَشفَى بِوَصلِكُم العَليلُ
مَتَى يَشفَى بِوَصلِكُم العَليلُ / وَيَبرَى مِن جَوَى الحُبِّ الغَليلُ
أَجيرانَ الحِمَى هَل لي إِلَيكُم / عَلَى رَغمِ العِدى يَوماً سَبيلُ
لَئِن نَزَحَت بِكُم عَنَّا اللَّيالي / فَأَنتُم في حِمَى قَلبِي نُزولُ
أَيا بانَ الحِمَى قُل لي أَهَل لي / وَقَد بانُوا إِلى وَصلٍ وُصُولًُ
يُحَدِّثُني بُرَيقُ الشِّعبِ عَنكُم / حَديثَ هَوىً بِهِ دَمعي رَسُولُ
وأشتاقُ الصبَّا وَهناً إذا ما / سَرى فِي طَيِّها مِنكُم قَبولُ
فَإِن هَبَّ النَّسيمُ إِلَيَّ مِنكُم / فإنِّي كالنَّسيمِ بِكُم عَليلُ
وَلي في حُبِّكُم وَجدٌ قَديمٌ / حَديثُ قَصيرِهُ فِيكُم يَطُولُ
وَلي في قُرِبكُم نَشرٌ وَلكن / مَتَى بِنتُم فَمَا صَبري جَميلُ
أَتَسمعُ ما يَقُولُ لَكَ النَّسيمُ
أَتَسمعُ ما يَقُولُ لَكَ النَّسيمُ / سُحَيراً حينَ أَرسلهُ الصَّريمُ
يُخبِّرُ أَنَّ أَهلَ الجِزعِ حلُّوا / بِهِ فَلِذاكَ قَد ضَاعَ الشَّمِيمُ
مَشَوا فيهِ فَصارَ التُّربُ مِسكاً / وعُطِّرتِ الَمواطِنُ والرُّسومُ
وقَبَّلَ مِنُهمُ الأَقدامَ شَوقاً / إِليهِم وَهوَ رَبعُهُمُ القَديمُ
وَمالَ البانُ من طَرَبٍ وَأَضحى / لِتَحبيرِ الرِّياضِ بِهِ رُقُومُ
إِذا ما ماسَ غُصنٌ ماسَ غُصنٌ / مِنَ الأَعطافِ مُعَتدلٌ قَويمُ
وَقَد لاحَت به أَقمارُ حُسنِ / عَلَيها من تَمايلُها نُجومُ
أُهيلَ الجِزعِ هَل زَمَنٌ تَقَضَّى / يَعودُ فإِنَّ حُبَّكُمُ مُقيمُ
وَتُصبِحَ رَملَةُ الوَعساءِ منكُم / مُكَللَّةً لَهَا عِقدٌ نَظيمُ
فَقَلبي بَعدَ بُعدِكُمُ مَشوقٌ / كَئيبٌ والغَرامُ لَهُ غَريمُ
أَيا مَولايَ غَرسَ الدِّينِ يا مَن
أَيا مَولايَ غَرسَ الدِّينِ يا مَن / تَلوحُ على مُحيَّاهُ النَّداوَه
وَمن شُكرٍ لأَنعُمِهِ نُصَلِّي / بِمُحكَمهِ فَنَتلوَهُ تِلاَوه
ويا من فيهِ للقُصَّادِ لِينٌ / وَفيهِ على الذي يَغوي قَساوَه
ويا من مَجلِسٌ مِنهُ تَراهُ / خَلِيّاً ما عَلَيهِ من طُلاوَه
أَدامَ اللهُ سَعدَكَ في صُعودِ / وَدامَ عَدُوُّ مَجدِكَ ذا شقاوَه
أَشَكَّكَ سَيِّدُ السَّاداتٍ أَنِّي / على قَلبي بإِفلاسي غِشاوَه
وهذا نِصفُ شَعبانٍ أَتاني / وَعِنَّدي من يُطالِبُ بالحَلاوضه
وأُقِسمُ لَيسَ لي في النِّصفِ نِصفٌ / لأَنِّي والدَّراهِمَ في عَداوَه
لَعَلَّ نَداكَ يُسعِدُني وإِلاّ / هَرَبتُ وفي يَدي اليُمنى هِراوَه