المجموع : 4
تَنَبَّهْ قد بدى شمسُ العُقَارْ
تَنَبَّهْ قد بدى شمسُ العُقَارْ / وَقدْ غلبَ الشعاعُ على النهارْ
سُلافاً قدْ صَفتْ قِدْماً وَرَاقَتْ / أدِرْها بالصِّغار وبالكبارْ
فَمَا عُصِرَتْ وما جُعلت بدنٍّ / وما سُبكتْ زُجاجتُها بنارْ
شَربْناها بِدَيْر ليس فيه / سِوَى الحلاَج في خَلْعِ العذَارْ
قَدِيمٌ عَهدُنا بالسُّكر عِزًّا / وَما سُكْر الفَتى منها بعارْ
نَشا في القَوْم شَماسٌ لطيفٌ / يَجُرُّ الذّيلَ في ثَوْبِ الوقارْ
فَأفْناُهمْ به عَنْهُمْ فَتَاهُوا / فَمَا يُرْويهُمُو شُرْبُ البِحَارْ
تَرَاهُمْ شاخصينَ بِغيرِ لُبٍّ / وقد سُلبُوا بِغَير الإختْيارْ
وعند دُخُولهم في الدير ألَقوْا / عَصَاهم إذ ألمُّوا بالجوارْ
كما أَلْقى الكليم بها عصَاه / وَولَّى بالمخافَةِ للفرارْ
وَخَلوا رَأسَ مالهمُو طرِيحا / هُنَاك وَأْقبلوا بالإفتِقارْ
إِضَاعَة مَالهم وجبت عَليهمْ / كما وَجَب السُّؤَال بالاضطْرَارْ
لِسانُ الششْترَيِّ بِهم وَلوعٌ / وَعَنْهم حَالهْ مُرْ اصْطبارْ
شَرِبنا كأسَ من نهوى جِهاراً
شَرِبنا كأسَ من نهوى جِهاراً / فهمنا عندَ رؤيته حيارى
وشاهدنا بها السَّاقي تجلىَّ / فصرنا من تجليهِّ سكارى
طلبنا الأمن من ساقي الحُمَيَّا / فنادى لا حجابَ ولا ستارا
رأينا الكاس في الحانات تُجْلَى / ظننا أنَّ في الكاساتِ نارا
إِذا غابَ الوجودُ وغِبْت عنْه
إِذا غابَ الوجودُ وغِبْت عنْه / فلم تعْلم أبْعد أم تَداني
وكُنْت من الزَّمان بلا زَمانٍ / وكُنت من المكانِ بلا مكانِ
وحُلْتَ فلسْتَ أنت على يقين / عَياناً ثم غبْت عن العَيان
وقلْت فنيت أنَّ الحالَ باقِ / وقلْتَ بقيتُ إِنَّ الحالَ فان
رأيْتَ الحق فيك وأنت فيه / فصَار العبدُ حُراً في أمان
شَهِدْتُ حَقِيَتي عَظِيمَ شانِي
شَهِدْتُ حَقِيَتي عَظِيمَ شانِي / مُقَدَّسَةً عَنْ إِدْراكِ الْعِيانِ
فقالَ مُتَرْجِما عَنِّي لِسانِي / أنَا القُرآنُ والسَّبْعُ الْمَثانِي
وُوحُ الرُّوحُ لاَ رُوحُ الأوانِي /
أنَا في مَسْتوَى عَرْشِي قدِيمُ / لِذَا أنِيَّتِي العَظْمَى نَدِيمُ
وفي بَلْوَى مَحَبَّتكُم أهِيمُ / فُؤُادي عِنْدَ مَعْلومِي مُقِيمُ
يَناجِيهْ وعِنْدَكُم لِسَانِي /
سَتَرْتُ حقيقتي عَن كُلِّ فَهْم / بَمَا أظْهَرتُ مِنْ وسْمِ ورسْمِ
فإن تَطْلب تَرى صِفتي مع اسمي / فلا تَنْظُر بطَرفِك نحْو جِسمي
وعَدِّ عَنِ التَّنَعُّمِ بالمغَانِي /
وللطَّلْسمِ في الكونينِ كَسَّرْ / وحَقِّقْ سِرَّ مَعْنائِي وحرِّر
وللْمَسْجورِ مِن بَحْري ففَجِّر / وغُص في بَحْرِ ذَاتِ الذَّات تُبْصِر
عَجائِبَ لَيْسَ تَبْدُو للعيانِ /
فإنْ شاهَدتَّني في كُلِّ ذاتِ / بأسمائي عيَاناً مَعْ صِفاتِي
ستفهمْ ما خَفَى في الكائِناتِ / وأسراراً تَراءتْ مُبْهَماتِ
مُسَتَّنرَةً بأرواحِ المعاني /
فَعِنْدَ شُهودِكَ الأسْرارَ مِنْهَا / فلا تَكُ غائبَا في الكونِ عَنْهَا
وَوحِّد واتِّحدْ كيْ ما تَكُنْها / فَمَن فَهِم الإشارةَ فلْيَصُنْهَا
وإِلاَّ سوفَ يُقْتَلْ بالسِّنانِ /
فَمَن أوِرى زِنادَ الحقِّ رُدَّتْ / حقيقَتُه وعَنْهُ البَابَ سُدَّتْ
وكَعْبَتُهُ بِفاسِ الشَّرْع هُدَّتْ / كحَلاَّجِ المحبةِ إِذْ تَبَدَّتْ
لَهُ شَمْسُ الحقيقةِ في التَّدانِي /
فلمَّا أنا دنا مِنْهَا تدلَّى / وبالإسمِ المعظَّم قد تَحَلَّى
تَوَحَّدْ عِنْدَ ذاكَ وما تَوَلَّى / فقالَ أنا هُوَ الحقُّ الذي لاَ
يُغَيَّرُ ذَاتَهُ مَرُّ الزَّمانِ /