المجموع : 6
أَما وَجُفونَكَ المَرضى الصِحاحِ
أَما وَجُفونَكَ المَرضى الصِحاحِ / وَسَكرَة مقلتيكَ وَأَنتَ صاحِ
وَما في فيكَ من بَرَدٍ وَشُهد / وَفي خَديك مِن وَردٍ وَراحِ
لَقَد أَصبَحتُ في العُشّاقِ فَرداً / كَماأَصبحتَ فَرداً في المِلاحِ
فَما أَسلو هَواكَ لِنَهي ناهٍ / وَلا أَهوى سِواكَ لِلحي لاحِ
وَلا فَلَّ المَلامُ غرارَ غيىٍ / وَلا ثَلَمَ العِتابُ شَبا جِماحي
أَما للائِمي عَليك شَغلٌ / فَيَشتَغِلوا بِعُشّاقِ القِباحِ
أَطَعتَ هَوى المِلاح طِوالَ دَهري / وَمَن يُطعِ الهَوى يَعصَ اللَواحي
فَيا سَقَمي بِذي طَرَفٍ سَقيمٍ / وَيا قَلَقي مِن القَلِقِ الوِشاحِ
يَهزّ الغصنَ فَوقَ نَقىً وَيَرنو / بحدّ ظبىً وَيَبسِمُ عَن أَقاحِ
مَليحُ الدل مَعشوق المِزاحِ / وَحُلوُ اللَفظِ مَعسولُ المزاح
يُحب الراحَ رائِحَةً بِكأسٍ / وَيَهوى الكأس كاسيَة بِراحِ
وَقَد غَرسَ القَضيبَ عَلى كَثيبٍ / فَأَثمَرَ بِالظَلامِ وَبِالصَباحِ
وَمالَ مَع الوِشاةِ وَلا عَجيبٌ / لِغُصنٍ أَن يَميلَ مَع الرياحِ
أُلام عَلى اِفتِضاحي في هَوى مَن / يُقيمُ عِذارُهُ عُذرَ اِفتِضاحي
أَلَيس لحاظُه جَرَحت فُؤادي / فَلا بَرأت وَلا اِندملتِ جِراحي
إِذا ما زادَ تَعذيبي وَهَجري / يَزيدُ اليهِ وَجدي وَاِرتياحي
وَكَم بِهَواهُ مِن عانٍ مُعنّى / يَبيتُ يَخافُ اطلاقَ السراحِ
وَلَيلَةَ زارَني بَعد اِزورارٍ / عَلى حُكمي عَلَيهِ وَاِقتِراحي
فَبِتنا لا الدَنو مِن الدنايا / نَراهُ وَلا الجنوحُ الى الجناحِ
يُديرُ كُؤوسَ فيهِ وَمُقلَتيهِ / فَيُسكِرُني مِن السُكرِ المُباحِ
وَكانَت لَيلَةً لا حوبَ فيها / عَليَّ وَلا اِجتِراءَ عَلى اِجتِراحِ
وَما مِن شيمَتي خَلعي عِذاري / وَلا لِبس الخَلاعَة مِن مزاحي
قَطَعنا اللَيلَ في شَكوى عِتابٍ / إِلى أَن قيلَ حيّ عَلى الفَلاحِ
وَلاحَ الصُبحُ يَحكي في سَناهُ / صَلاحَ الدين يُوسُفَ ذا الصَلاحِ
هو الملك الَّذي أَورى زِنادي / وَفازَت عِندَ رؤيته قِداحي
يُقرّب جُودُه أَقصى الأَماني / وَيَضمَنُ بِشرُه أَسنى النَجاحِ
وَمَبسوطٌ بِنائِلِهِ يَداهُ / اذا قَبِضَت بِهِ أَيدي الشِحاحِ
وَلَمّا ضاقَ حَدٌّ عَن مَداهُ / لَقَيناهُ بآمالٍ فِساحِ
فَمَن هَرِمٌ وَكَعبٌ وابنُ سَعدٍ / رِعاءُ الشاءِ وَالنَعَمِ المُراحِ
جَوادٌ بالبِلادِ وَما حَوته / اذا جادوا بأَلبانِ اللِقاحِ
وَأَبلج يَستَهينُ المَوتَ يَلقى / بِصَفحةِ وَجهِهِ حَدَّ الصِفاحِ
وَيَخشى مِن دنوّ العارِ مِنه / وَلا يَخشى مِن الأَجَلِ المُتاحِ
وَقَوّال اذا الأَبطالُ فَرَّت / مَكانَك ثَبتة ما مِن مَراحِ
إِذا ما دَبَّ في خَمرٍ ذَليلٌ / سَعى سَعيَ الأعزَّةِ في السَراحِ
بِبأسٍ مُذهلِ الأُسدِ الضَواري / وَسَيبٍ مُخجِلٍ سَيل البِطاحِ
فللاجين وَالراجينَ مِنهُ / أَعَزَّ حمىً وَأَكرَمُ مُستَماحِ
مِن النَفرِ الَّذين إِذا تَحلّوا / أَعادوا اللَيلَ أَحلا مِن صَباحِ
أَضاءَ الدَهر بعد دُجاه نُوراً / يَلوحُ عَلى وجوهِهم الصَباحِ
تَفيضُ بُطونُ راحَتِهم نَوالاً / وَيَستَلِمُ المُلوك طهورَ راحِ
اذا ما لاقوا الأَعداءَ عادوا / مآي النَصرِ وَالظَفَر الصُراحِ
بِأرِماحٍ محطَّمةٍ وَبيضٍ / مُثلّمَةٍ وَأَعراضٍ صِحاحِ
ليفدِ حَياءَ وَجهكَ كُلُّ وَجهٍ / اذا سُئِلَ النَدى جَهمٍ وَقاحِ
مُلوكٌ جُلَّهم مُغرىً بظلم / وَمَشغولٌ بُلَهوٍ أَو بُراح
اذا ما جالَتِ الأَبطالُ وَلّى / وَيقدمُ نَحوَ حامِلَة الوِشاحِ
يَرى الانفاق في الخَيراتِ خُسراً / وَأَنتَ تَراهُ مِن خَيرِ الرباح
هُمُ جَمَعوا وَقَد فَرَّقتَ لَكِن / جَمعتَ بِهِ الرِجالَ مَع السِلاحِ
وَبونٌ بَينَ مالِكِ بَيتِ مالٍ / وَمالِكِ رقِ أَملاكِ النَواحي
وَباغٍ أَن يُدال بِلا رِجالٍ / كَباغٍ أَن يَطيرَ بِلا جَناحِ
قَرنتَ شَجاعَةً وَتُقىً وَعِلماً / إِلى كَرَمِ الخَلائِقِ وَالسَماحِ
وَقَد أَثنَت عَلَيكَ ظُبى المَواضي / كَما تُثنى بألسنَةِ الرِماحِ
وَكَم نَتَجَت حُروبٌ أَلقحَتها / سيوفُكَ وَالنتاجُ عِن اللِقاحِ
وَكَم لِظُباكَ من يَوم اِغتِباقٍ / مِن الأَعداءِ أَو يَوم اِصطِباح
وَكَم ذَلَّلتَ مِن مُلكٍ عَزيزٍ / وَكَم دَوَّختَ مِن حَيٍ لَقّاح
تُبيحُ حِمى المُلوكِ وَتَستَبيهِ / وَما تَحميهِ لَيسَ بِمُستَباحِ
وَما خَضَعَ الفرنجُ لَدَيكَ حَتّى / رأوا مالا يُطاقُ مِن الكِفاحِ
وَما سَألوكَ عَقد الصُلح ودّاً / وَلَكِن تَحتَ غاباتِ الرِماحِ
مَلأت بِلادَهم سَهلاً وَحزناً / أُسوداً تَحتَ غاباتِ الرِماحِ
عَلى مُعتادَةٍ جَوبَ المَوامي / دواح بالمَلا بيض الأَداحي
فَحَلّوا أَرضَ نابُلسٍ وَفيها / نَواحٍ لَيسَ تَخلو مِن نَواحِ
فَكانوا هَولوا بالحشدِ جَهلاً / وَما تَخشى الأُسود مِن النِباحِ
وَهُم في قَولِهم أنّا نُلاقي / صَلاحَ الدين أكذبُ مِن سَجاحِ
أَلا يا سَيل مخجل كُلَّ سيل / تظل المحجراتُ لَهُ ضَواحي
وَيا غَيثَ البِلادِ اذا اِقشعرَّت / وَضَنَّ الغَيثُ في شَهري قماح
تَرَكتُ بَني الزَمانِ فَلَم أَسلهُم / وَلَم أَرَ أَهلَهُ أَهلَ اِمتِداحِ
وَقُلتُ للاغياتِ العيسِ رَوحي / الى بابِ ابنِ أَيوبٍ تُراحي
وَلَم أُنكَح لَئيماً بنت فِكري / وانكاحُ اللِئام مِن السِفاحِ
وَقَد جاءَتك يا كفوءاً كَفيّاً / تزفّ اليكَ طالِبَة اِمتياح
اذا اِستَشفعتَ أَورى الناسِ زَنداً / فَما أَبغي مِن الزند الشِحاحِ
وَقَد يَمَّمتُ بحرَ نَدىً فُراتاً / فَما طَلبي لأوشالٍ ملاح
سألتُك أَنَّ عودَ جَديب حالي / فأمرع مَرتَعي واخضرّ ساحي
وَلَولا جود كفّكَ كلَّ وَقتٍ / يُروي غُلَّتي وَجَوى التياحي
غَبرتُ مَدى الزَمانِ حَليف فَقرٍ / خَميصاً عارياً ظَمآن ضاحي
وَما أَشكو الزَمانَ وَأَنتَ فيهِ / وان أَصبحتَ مَحصوص الجِناحِ
وَقَد ضاعَت عُلومٌ طالَ فيها / غُدوّي واستمَر لَها رَواحي
أَرى المتقدّمينَ اليَومَ دوني / فَيؤلمني خُموليَ واطِّراحي
وَأَشجى مِن ضَياعِ العُمرِ حَتّى / أَغَصُّ بِبارِدِ الماءِ القَراحِ
وَأَعجَبُ مِن صُروف الدَهرِ حَتّى / أَكادَ أَقولُ ما زَمَني بِصاحِ
أَيَظهَر في السَماءِ ضُحىً نُهاها / وَتَخفى وَهيَ طالِعَةٌ بِراحِ
عَسى نُعماكَ تُسكِنُني دِمَشقاً / وَذاكَ لِكُلِّ مالاقَيتُ ماحي
أَعيشُ أُعاشِرُ الفُضَلاءَ عُمري / وَأَربابَ المَحابِر وَالشياح
بَقيتَ مُنَعَّماً أَبَداً وَأَضحَت / بِكُلِّ ضاحيَةٍ أَضاحي
أَلا يا ناصِر الدين المرجّى
أَلا يا ناصِر الدين المرجّى / لِكُلِّ عَظيمَة وَلِكُلِّ جود
نَذَرتُ الصَومَ دَهري يَومَ تأتي / صَحيحَ الجِسمِ لِلَّه الحَميدِ
وانّي إِن رأَيتُكَ حَلَّ نَذري / وحقَّ الصَومُ لِلَّهِ المَجيدِ
وَأَعجبُ ما يقالُ وجوبُ صَوم / عَليَّ وَقَد رأَيت هِلالَ عيدِ
فَدم واسلَم عَلى رغم الحَسود / وَعِش ما شِئتَ في العَيشِ الرَغيدِ
أَمأتَمُ هَذِهِ الأَيامُ أَم عيدُ
أَمأتَمُ هَذِهِ الأَيامُ أَم عيدُ / وَذي الأَغانيَ نَوحٌ أَم أَغاريد
كانَت مَواسِمَ أَفراحٍ تُجدّدُها / فاليَوم هُنَّ لِفَرطِ الوَجد تَجديدُ
مالي أَرى عِنديَ الأَشواقَ بَعدكُمُ / مَوجودَةً وَجَميل الصَبر مَفقودُ
تَمُرُّ بَعدكُمُ الأَيامُ عاطِلَةً / لا الخَصرُ منها لَهُ حَليٌ وَلا الجيدُ
وَأَستَمِرُّ أُموراً كُنتُ أَعهَدُها / وَأَنتُمُ جيرَةٌ وَالعَيشُ قِنديدُ
حالَت عَوائِقُ دونَ الطَرفِ نَحوكُمُ / وَحالَ دونَ طَريق الطَيفِ تَسهيد
يا غَلطَةَ الدَهرِ هَل مِن عَودَةً فأَرى / وَالشَمل مُشتَمِلٌ وَالصَدُّ مَصدود
سَقاها اللَهُ مَنزِلَةً وَحَيّا
سَقاها اللَهُ مَنزِلَةً وَحَيّا / طَوَينا بَعدَها اللَذاتِ طَيّا
وَأَياماً بِقُربِكُمُ تَقَضَّت / كَأَنَّ العَيشَ فيها كانَ فَيّا
أَرى عِندَ الرِياح لَكُم حَديثاً / أُواجِهُها فَتُمليهِ عَليّا
أَغارُ إِذا الغُصونُ صَغَت اليَها / مَخافَةَ أَن سَتَحكي مِنهُ شَيّا
إِذا هَبَّت أُحمِّلُها زَفيراً / فَيَرجِعُ وَقرُها طيباً وَرَيّا
كَأَنَّ بِها حِذاراً مِن رَقيب / فَتَسري خيفَةً لَيلاً اليّا
وَأَخجلها البِرازُ فَألبَستها
وَأَخجلها البِرازُ فَألبَستها / يَدُ الساقي من الحَبَبِ القناعا
وَعَصفَر مَزجُها في الكأسِ حَتّى / كَأَنَّ الماءَ أَفزَعَها وَراعا
وَكانَت قَبلُ فاتِكَةً فأنّى / وَقَد قُتِلَت تُقتّلُنا خِداعا
أَتَرحَلُ يا رَبيع وَلا رَبيعٌ
أَتَرحَلُ يا رَبيع وَلا رَبيعٌ / لَدَينا مِن نَداكَ وَلا غَديرُ
يَقِلّ نَوال أَبناء القَوافي / وَعندَ ابنِ السَبيل نَدىً كَثيرُ
فان تَسمَع لِشعر أَو لِفَقر / فانّي شاعِرٌ رَجُلٌ فَقيرُ
إِذا ما قيلَ ما أَعطى وَأَغنى / فَلا عُرفٌ لَديَّ وَلا نَكيرُ
أَكذبٌ في المَديحِ وَفي العَطايا / لَعمرِكَ ذاكَ خُسرانٌ كَبيرُ
وَلَيتَكَ لَم تَجِد فَعَقلتُ شِعري / إِلى مَن عِندَهُ الخَيرُ الكَثيرُ
أَهَذا كَيفَ لا آتي بَخيلٍ / وَغِلمان وَلا يُغنى الأَميرُ
وَأَعطيتَ الدَراهِمَ زائِفاتٍ / أَجَدّك هَكَذا تُعطى المُهور
فَطَلِّقها لأُنكحَها سَحاباً / يَجودُ عَليَّ عارِضُهُ المَطيرُ
وَإِذ أَعطَيتَها المهرَ المُوفّى / فَأَنتَ بِكُلِّ مَكرُمَةٍ جَديرُ