القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 31
بلاء الأنبياء هو البلاءُ
بلاء الأنبياء هو البلاءُ / وقد عانت عناها الأولياءُ
وذلك كان في الدنيا وفيما / به للناس ذم أو ثناء
ومن يكثر عليه الصبر يعظم / به عند الإله له الجزاء
وأما الدين فاحذر من بلاء / يصيبك فيه ذاك هو الشقاء
ومنه الأنبيا عصموا وعنه / شعار الصالحين الأتقياء
ومن يصبر عليه أصر عمداً / على العصيان وازداد العناء
نصحتك لا تخف في قطع رزق / أذى الدنيا فلله العطاء
وكن بالإنفراد سليم صدر / لأن مصاحبات الناس داء
فإنك إن نطقت بما تراه / عليهم حثهم فيك افتراء
وصرت عدوهم في كل حال / وليس لهم بما قلت ارعواء
وإن تسكت وتكرهه بقلب / فقلبك ما له فيهم خفاء
وأدنى ما يكون يقال هذا / ثقيل كل حالته رياء
وهم لا يقبلونك فاجتنبهم / وأنت بما علمت لك اهتداء
لأنك باللقاء تكون مغرى / يسبك إنه بئس اللقاء
وإن خالطتهم وسلكت معهم / يكون لهم بفعلك ذا رضاء
وتمسي بينهم مرفوع شان / وتصبح كل ما تلقى هناء
ولكن تبتلى في الدين منهم / بما هم فيه إذ بالسوء جاؤا
أكابرهم على الإعراض قاموا / ولو بالكفر ما لهم انثناء
وقد حملوا أصاغرهم عليه / مداهنة وليس لهم حياء
تنبه يا مريد الحق وافتح / عيونك ما بنو الدنيا سواء
وصابر عن لقاء الناس واصبر / على الإيذاء وليسع الأناء
فإن الصبر في الدنيا قليل / وعقباه انكشاف وانجلاء
فأما الصبر منك على عقاب ال / قيامة فهو ليس له انقضاء
ولا تترج غير الله مولى / فغير الله ما فيه الرجاء
ترنمت المثاني والمثالث
ترنمت المثاني والمثالث / فجاء بوصفه ثان وثالث
وحيد الذات والأسماء شتى / وهن إلى تحققه بواعث
تجلى بالحجاب على أناس / طبائعهم برؤيته دمائث
فقرَّت فيه أعينهم وقوم / تحجب عندهم فيمن يحادث
وأحفته مظاهره لديهم / فكل سائل عنه وباحث
فيدني من يشاء إليه فصلاً / ويبعد من يشاء ولا مناكث
هو انفراد الكثير بما تجلى / وما قد غاب منه عن الحوادث
دنا قلبي إليه وقد تدلى / بقلبي فالتقى فان وماكث
فلم يك هاهنا أحد سواه / وقد عبثت من الكون العوابث
ترى كل العقول به حيارى / ولا يدري الشجاع به الدلاهث
ولكن من هداه هداه كشفاً / إليه فلا علوم ولا مباحث
وجل عن العلوم ومقتضاها / وما هي غير آداب الموارث
ورثناها عن السلف اقتفاء / لشأن العارفين به الملاوث
ألا يا من تجلّى في فؤادي / فذبت به وطهرت الخبائث
وكان ولم أكن وحلفت إني / كغيري لا أكون ولست حانث
وجودك منشأي وبه فنائي / كحال الأخفياء بك الأشاعث
مجرد نسبة بالوهم قامت / ومحض إضافة بالجهل كارث
شهدنا وجهك المميمون فينا / شهود فتى لعلم الغيب وارث
ونحن السابقون إليك طلقاً / وإن نبحت أكاليب لواهث
وفينا الهاشمية من قريش / مناسبة نفت سحر النوافث
تطير بنا إلى أوج المعالي / وتسري بالنجيبات الحثائث
إشارات الجمال هي الملاحُ
إشارات الجمال هي الملاحُ / فحي على الجمال فلا جناحُ
وجوه كالبدور على قدود / إذا اهتزت فما السمر الرماح
وألحاظ بألفاظ تنادي / دم العشاق في الدينا مباح
ولا يك بالجلود لك افتتان / فما تلك الجلود هي الملاح
ولا يخفى عليها لطيف سر / لأستار القلوب به افتضاح
وما الفاني بمقصود ولكن / وشَى منه على الباقي وشاح
وسل منا العيون تجبك عنه / لعمرك فهي ألسنة فصاح
ولا تسل القلوب فتلك سكرى / لأن جمال وجه الحب راح
صدقتك ما المعاطف مائلات / لها في كل جارحة جراح
يظلُّ بها المهفهف في ازدهاء / على العشاق والخود الرداح
بأبعد من قنا الإخلاص يسطو / بها في حال صاحبه الصلاح
ولا حمر الخدود موردات / بحاجبة إذا لاح الفلاح
وقل للغافلين هنا طريق / إلى المحبوب ليس لكم يباح
عميتم عنه والأقوام فيه / حذار فدونه الأسد الكفاح
ودعهم ينكروه فليس يأتي / بعلم منهم الجهل الصراح
وإن نبحوك كن من أهل بدر / وكيف يضر بالبدر النباح
إليك عن العواذل في التصابي / إذا عصفت إليه بك الرياح
وقد عفت السوى والنفس عفت / هناك مضى الدجا وأتى الصباح
كتاب الله جامع كل شيء
كتاب الله جامع كل شيء / وسنة أحمد المختار شرحُ
وشرحهما الفتوحات التي من / جناب القدس جاء بهن فتح
لشيخ شيوخنا العربي من قد / أتانا منه فيض هدى ومنح
بمحيى الدين يدعى حيث أحيى / لدين الله ذلك نعم مدح
فتوحات بها العلماء زادت / علوماً نحو غيب الغيب تنحو
بها الحيران للتحقيق يهدي / وسكران الهوى والجهل يصحو
ولكن إن هداه الله حتى / من الإنكار لوح النفس يمحو
ولا تعجب فإن كتاب ربي / به خسرت رجال وهو ربح
وسنة أحمد المختار قوم / بها هم في ظلام وهي صبح
ولولا في أوانيهم ضلال / لما منهم ضلال كان نضح
ووالله العظيم يمين عبد / صدوق ما عليه بذاك جنح
أئمة ديننا ما صنفوا في / شريعتنا كتلك ولا يصح
وكيف وقد حوت لعلوم رسم / وكشف كله للناس نصح
وفي الإسلام ليس لها نظير / فيحوي ما حوت وهو الأصح
هو الركبان والحادي
هو الركبان والحادي / هو السبعون والحادي
هو المسعود والمطر / د مع حق وإلحاد
هو المعدود والأعدا / د وهو العادّ والعادي
هو الأرواح والأشبا / ح من أنواع أجساد
هو الأفلاك والأملا / ك في مثنى وآحاد
هو الدنيا وما فيها / كتكريت وبغداد
هو الأخرى وما تحوى / كعباد وزهاد
هو البستان والأغصا / ن والغدران للصادي
هو الأزهار والأثما / ر وهو السيل والوادي
هو الطير الذي غنى / بلحن فوق أعواد
هو الأعواد والإنشا / د والمصغى لإنشاد
هو المعروف والمجهو / ل والمخفي والبادي
هو الشمس التي لاحت / وبدر الأفق في النادي
هو المغوي والغاوي / هو المهدي والهادي
هو المدعو بأنساب / وأنسال وأجداد
وأعمام وأخوال / وآباء وأولاد
ثياب كلها يبدو / بها من خلف أضداد
إشارات له منه / بإعطاء وإمداد
على فرض وتقدير / تراءت برق إيجاد
وبالأمثال تكرار / لها في شكل ترداد
وعنها ذاته جلت / وعزت دون أنداد
وأسماء له حسنى / إليه ذات إرشاد
بها يبدو فتدريه / ذوو التقوى أولو الزاد
وجود مطلق عنه / بدت أشكال أفراد
وتسع تلك أعراض / لها ذكر بتعداد
تسمى الكم مع كيف / وأين عند نقاد
متى والوضع مع ملك / إضافاتٌ بإسناد
وفعل وانفعال وه / ي معلومات أشهاد
تجلى ربنا فيها / لتقريب وإبعاد
فقوم حققوا المجلى / بأذكار وأوراد
وقوم قد عموا عنه / بحرمان لآباد
بحمد الله خلاق الوجودِ
بحمد الله خلاق الوجودِ / توالى كل إنعامٍ وجودِ
وبالشكر الذي من كل شيءٍ / تمتع كل شيء بالشهود
ولكن للظهور تنوُّعاتٌ / بها خرج البطونُ عن القيود
فسبحان المهيمن جل ربي / وعز عن المعاني والحدود
وما زالت صلاة الله مني / تفوح مع السلام بعرف عود
على المختار من بين البرايا / سليل الأكرمين من الجدود
محمدٍ الذي بالحق ساعي / إلى الغارات خفاق البنود
كذا مع آله والصحب طرّاً / على أمد الزمان بلا نفود
وبعدُ فإن تقوى الله زادٌ / لأهل السير في طرق السعود
وتلك مراتب لم يخل عنها / أولو الإسلام من كل الجنود
فتقوى العامِّ من شركٍ وكفرٍ / وأعمال من الطغيان سود
وتقوى الخاصِّ من كل المعاصي / جميعاً مع محافظة الحدود
وتقوى خاصِّ هذا الخاصِّ عما / سوى الرب المهيمن في الوجود
فمن لم يتقي شركاً وكفراً / فعن تقوى المعاصي في صدود
وترك الذنب ليس بطاعةٍ من / ذوي الشرك المهيِّئِ للخلود
لأن الشرك لم يغفره ربي / له نار غداً ذاتُ الوقود
وكل عبادةٍ فالشرط فيها / هو الإسلام حفظاً للعهود
ومن لم يتقي هذا وهذا / جميعاً ما تنبه من رقود
فكيف عن السوى تقواه ترجو / ولم تخرج سيوفٌ من غمود
وأول رتبة تقوى عوامِّ ال / برية في القيام وفي القعود
وذاك أهم للإسلام فيما / نراه من النصيحة للوفود
لأن النفس كاذبة ويخفى / عليها الشرك في طي الجلود
وتجحده إذا عرفته حتى / تزيد الوصل في خلف الوعود
وقال الله في القرآن إلا / وهم أيْ مشركون من الجحود
وجاء الشرك أخفى من دبيبٍ / لنملٍ في الحديث عن النقود
وللشرك انقسام منه قسمٌ / جليٌّ في النصارى واليهود
وقسم في ذوي الإيمان خافٍ / عن الساهي من العبد الكنود
وذلك في العوامِّ لترك تقوى / ذكرناها لهم في ذي العقود
فمن يعمل بتقواهم ويمشي / عليها في الركوع وفي السجود
كفتهُ عن الطريق بلا التفاتٍ / إلى تقوى الخواصِّ ولا صعود
فإن الإشتغالَ بترك ذنبٍ / كفعل الذنب حجب عن ورود
ولا نعني الهجومَ على المعاصي / وتركَ الخوفِ مثل أولي الجحود
ولكن كل مرتبة يؤدَّى / لها حق على رغم الحسود
فحقك في عمومك ذا وذا في / خصوصك عند أرباب السعود
وكن يا أيها الإنسان فيما / علمت من البطون إلى اللحود
وهذا النصح مني للبرايا / به يستيقظون من الهجود
وغير الله في الدنيا غرور / وليس يدوم ظل مع عمود
وقد خص الإله رجال صدق / بما قد خَصَّ من كرم وجود
لهم قدم الرسوخ على المعالي / تراهم في المرابض كالأسود
وكل قد أجاز لمن سواه / على الترتيب في أخذ العهود
إلى هذا المجاز حباه ربي / بأنواع الفتوح بلا سدود
وقوَّاه على فهم المعاني / وأرشده إلى طرق الشهود
ومن عبد الغني نظام عقد / بسلك الدرِّ من أبهى العقود
على جيد الإجازة قد أضاءت / به نار الهدى بعد الخمود
يروم به من المولى قبولاً / لديه في الصدور وفي الورود
وجود الشيء شاء يشيءُ شيئاً
وجود الشيء شاء يشيءُ شيئاً / فكان الشيء عن ذاك الوجودِ
فسموا الشيء موجوداً وقالوا / وجود ذاك ثان في الشهود
وقد قسموا الوجود إلى قديم / يجلُّ وحادث هو للنفود
وكيف يصير من عدم وجود / ويدركه الفنا مثل القيود
ألا يا قوم كم هذا العمى من / ولادتكم إلى يوم اللحود
تنبهت العوامُّ الغرُّ لما / رأوا قولي وأنتم في رقود
هو الله الذي لا شيء معه / وهل ظل يكون مع العمود
أنا الخلق الجديدُ
أنا الخلق الجديدُ / أنا العبد المريدُ
وليس عليَّ لبسٌ / به وهو الشهيد
وغيب الغيب عنا / هو المبدي المعيد
لنا في كل وقت / وجود منه جيد
فنحن به قيام / ونحن به قعود
ونحن به ركوع / ونحن به سجود
ونحن لنا انتباه / به ولنا رقود
ونحن لنا احتراك / به ولنا ركود
وذاك الرب حقاً / ونحن له العبيد
ونحن له الرعايا / ونحن له الجنود
هو الملك الذي لا / سواه لنا يقود
ونحن عليه منه / على الأبد الوفود
فيطعمنا ويسقي / ويفعل ما يريد
ونشكره على ما / لنا أبداً يفيد
ومنه لنا علوم / وإكرام وجود
وقال لنا اشكروني / وبالشكر المزيد
حرارةُ عشقه تعطي برودَهْ
حرارةُ عشقه تعطي برودَهْ / إذا لبس الورى فغدوا برودَهْ
وجود قدَّر الأكوان حتى / لهم أعطى وما أعطى وجوده
عطاءُ توجُّهٍ منهم عليهم / بهم يعطيك مطلقُه قيوده
كما يعطي تفكرك المعاني / بتصوير لها يبدي حدوده
وأحضرهم لهم وله بوجه / إليه منه يولي الكل جوده
وليس الوجه غير توجهات / لما في علمه تنفي صدوده
وهذا كان منه لما اقتضته / محبته لهم فرأوا ودوده
فقوم شاهدوا الأكوان لاحت / وقوم حققوا فيها شهوده
وقوم قد رأوه به تجلّى / لهم ونفوا سواه فبت عوده
لقد نسجت لها الأرواح منا / شرانقَ جسمنا فالروحُ دوده
فإن فسدت هياكلها فطير / يبيض نوره الشعشاع سوده
وذا حكم الشهيد به الموافي / إلى وكر الغيوب غدت وفوده
صدقتك يا ابن حضرتنا تواضع / له وأطل إليه به سجوده
وكن عبداً ولاتك فيه ربّاً / على شيء له تصلى وقوده
أقول لجمعكم يا أهل عصري
أقول لجمعكم يا أهل عصري / أيا فقراء للرب الخبير
أنا عبد الغني فكيف أرجو / سواه وما أنا عبد الفقير
هو المشكور والشاكرْ
هو المشكور والشاكرْ / هو المذكور والذاكرْ
هو الممكور فيه قد / بدا والمكر والماكر
هو الأمر الذي قد أن / كروا والنكر والناكر
معان كلها فيه / فقم لرياضها باكر
وأطلق ذاته فيها / وحاذر عقلك الحاكر
جميع الكون مظهرُهُ
جميع الكون مظهرُهُ / فيخفيه ويظهرُهُ
فلا التشبيه يدركه / ولا التنزيه يحضره
لأن الكل أحكام / بنا فينا يقدره
إلهٌ مطلق عن كل / لِ ما فينا يصوره
وعن إطلاقه أيضاً / إذ الإطلاق يحصره
بتنزيهي وتشبيهي / معاً في القلب أذكره
وعقدي دائماً فيه / هما يختار جوهره
وهذا العقد مشروع / به التنصيص موفره
ومن يجزم بهذا لم / يزل ربي ينوره
لحرب نفوسنا قد جاء فارسْ
لحرب نفوسنا قد جاء فارسْ / وقد فتنت به روم وفارسْ
تبرقع بالقلوب فلو أميطت / براقعه لكان الكون دارس
وأوصاف الجمال له استقرت / ووصف الغير قام عليه حارس
عظيم مهابة فنيَ المناجي / له شوقاً وقد ذاب الممارس
وفي روض القلوب له ثمار / بأشجار المحبة وهو غارس
تحجب فالعقول عليه ضلت / ولا يدريه إلا من يمارس
عزيز والمحب له ذليل / وإني وهو مفترس وفارس
ألا يا أيها المحبوب رفقا / بأقوام لعشقك هم مغارس
وإن قُرئت بهم فيهم عليهم / معاني الكشف عنك فهم مدارس
ظهرت لهم فغابوا فيك حتى / من الأغيار حولت المتارس
وقد ركضوا بميدان التجلي / وكل رامح فيه وتارس
هم العلماء إن ذكرت علوم / وفي يوم الحروب هم الفوارس
وكيف توجهوا شهدوك جهراً / ووجهك للذي شادوه هارس
رويداً أيها النفس المراشَهْ
رويداً أيها النفس المراشَهْ / بأجنحة ضعاف كالفراشَهْ
إذا رأت الوجود رمت عليه / لتحرق نفسها تبغي رشاشه
كمن في ظلمة خلتوا فنالوا / ورش عليهم النور انتقاشه
به الخبر الصحيح أتى إلينا / عن المختار فاغتنموا معاشه
أنا البرق اللموع وأنت أيضا
أنا البرق اللموع وأنت أيضا / ولكن أنت لم تشهد وميضا
إلى كم أنت في كمه فإني / أرى العليا وأنت ترى الحضيضا
وهذا الفرق بينك قل وبيني / لحالك لم يزل حالي نقيضا
فتنكرني لجهلك بي قياساً / عليك فلا تزال لي البغيضا
رويدك أيها المحجوب عما / يفيض لديك من مولاك فيضا
ينابيع المعارف فيك غارت / ولم تهتم وماء الرشد غيضا
تأمل باطنا لك في انقلاب / مع الأنفاس تدرك ما أفيضا
وكن بالأمر لا بالخلق تعرف / لك الأمر الطويل لك العريضا
وحقق ظاهراً لك في جمود / تجده سائلاً بك فيك أيضا
تطبب جسمك الفاني ليبقى / وتترك قلبك الباقي مريضا
لك الأكوان بالأغيار سود / ولو حققتهن لَكُنَّ بيضا
فلو أعرضت عن دنياك صدقاً / ومنك القلب بالإخلاص رِيضا
وجدت الأمر أمر الله أدنى / إليك وكنت سَمْناً لا مَخِيضا
رويدك أيها البرق اللموعُ
رويدك أيها البرق اللموعُ / فإن غروب ضوئك لي طلوعُ
ترفرف لمحة وتغيب أخرى / فتعشقك الأماكن والربوع
ألا هل أنت بهجة وجه سلمى / بدت فتحير القلب الولوع
أم ابتسمت عشية ودعتنا / فجاد بكوننا الثغر المنوع
هي الأسماء من أسمى أصول / ونحن جميعنا عنها فروع
تميل فتثبت الأكوان عنها / وليس لهم إذا اعتدلت وقوع
وذا حكم الإرادة وهو شيء / تكون به المهابة والخشوع
وما أكواننا إلا ليال / وفيها أشرقت منك الشموع
وكل تجنب عنك التفات / إليك وكل إقبالٍ رجوع
وجود واحد عنه تبدت / جموع واختفت فيه جموع
وتلك مراتب لا زال فيها / يكون له على الأبد الشروع
ملابس بهجة محض اعتبار / وفي حرب العداة هي الدروع
غدت منه له تبدو عليه / ويمحوها ويثبتها الخضوع
إذا ماشاء أشهدها أناساً / فكل بالسوى راض قنوع
وإن يشأ الشهود فلا سواء / وكان لنور طلعته سطوع
علت بي كعبة الذات البديعَهْ
علت بي كعبة الذات البديعَهْ / لأسماء نزيهات رفيعهْ
وقد ملئ الإناء من العطايا / وفُرِّغ في النفوس المستطيعه
لنا عجز ومقدرة وعلم / وجهل فالحصون لنا المنيعه
ومن علم الحقيقة قد شربنا / وكان الأكل من علم الشريعه
ومن يشري من الرحمن نفساً / له الأولى ببخس أن يبيعه
صفا ماء الحقيقة فهو صافي
صفا ماء الحقيقة فهو صافي / من الكدر الذي هو فيه خافي
وما الكدر الذي هو فيه إلا / تقادير له منه توافي
تسمت بالحوادث وهي فيه / قديمات وما هي بالمنافي
سراب ظنه الظمئان ماءً / فلما جاءه للإرتشاف
هنالك لم يجد شيئاً ولكن / به وجد الإله الحق كافي
نظرت به شهدت وإن بنفس / نظرت عميت يا ذا الإنحراف
شخوص شاءها فيقال أشيا / بلا شك هناك ولا اختلاف
ومشيوآته ليست بوصف / له وبه فما هي ذو اتصاف
ولا ذا وصف ذا كلا ولا ذا / لذا وصف لفقدان التكافي
هو الحق الوجود وكل شيء / به عدم ترتَّب بانعطاف
فقم وانهض إلى التحقيق فيه / تلافي الحال من قبل التلاف
ومع أهل الوفاق أدم وفاقاً / إلى كم أنت مع أهل الخلاف
وكن بالله أنت تكن قوياً / وجانب غفلة القوم الضعاف
وإلا سوف تندم يا نديمي / لفوت الحظ في زمن الثقاف
هي الذات التي فوق البراقِ
هي الذات التي فوق البراقِ / تحن إلى ذرى السبع الطباقِ
لها بالجسم منها ثوب درٍّ / يشف على معانيها الدقاق
فمن ينأى إليها فهو دان / ومن يفنى عليها فهو باقي
وما بسوى المحبة كون شيءٍ / وليس الميل إلا بالتلاقي
وأنوار الجمال بكل قلب / تسمّى بالهوى والإشتياق
ولم يكن النعيم سوى التداني / ولم يكن العذاب سوى الفراق
وكل الكون في الدنيا حجاب / وفي الأخرى عن الوجه الملاقي
وأنت الكأس والأسرار خمر / ومجلسك التقى والله ساقي
فما لك لا تطير هوى وسكراً / وقد حييت بالكأس الدهاق
أزل نومي بشدوك يا نديمي / وأبدل لي خلافك بالوفاق
وحيِّ على المنى يا ابن المعاني / ولا تفتن بألفاظٍ رقاق
وخذ مني وناولني إلى أن / تراني قد وصلت إلى التراقي
ومن بالحق يقذف لاح جهراً / وما التفت له ساق بساق
هنالك تضمحل به رسومي / وأذهب بانسحاقٍ وانمحاق
ويبطل كل شيء كان حتى / مقالي ذا وفهمي مع مذاقي
ويبقى مثل ما قد كان ربي / على ما كان وهو أجل واقي
ويخفى الكون من غير اختفاء / ويبدو النور من غير انفهاق
ودنسناه بالأفهام حيناً / وبالأقوال والبحث المساق
إلى أن جاد غيث الفيض منه / بماء القدس وانفتحت سواقي
إذا قلنا عرفناه جهلنا / وهل فرع لأوج الأصل راقي
وريح المسك في الصندوق يفشو / ويعرف منه قدر الإنتشاق
وهل نور النجوم يلوح إلا / على مقدار إدراك المآقي
هو الحق المبين وكل شيء / سواه باطل بالإتفاق
قديم لا بمعنى فهم كون / وباق لا كقول الخلق باقي
حباك الله بالنعما لتشكرْ
حباك الله بالنعما لتشكرْ /
فطع في كل ما ينهى ويأمرْ /
ورشدك إن أتاك وصرت تحضر /
تأمل في خلال الأرض وانظر / إلى آثار ما صنع المليكُ
فإن الروض فيه فائحاتٌ /
نوافج نرجس مستعطراتٌ /
إذا شبَّهتها قل نابتاتٌ /
عيون من لجين شاخصاتٌ / بأحداق هي الذهب السبيكُ
وكم لله في الدنيا نباتٌ /
بآيته لوحدته ثباتٌ /
وأزهار تلوح ملوناتٌ /
على قضب الزبرجد شاهداتٌ / بأن الله ليس له شريكُ
بنور المصطفى ظهرت خبايا /
بها كان المحقق في زوايا /
وإن النور كشاف الخبايا /
وإن محمداً خير البرايا / إلى الثقلين أرسله المليكُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025