المجموع : 4
تهد العمر رائعة المنون
تهد العمر رائعة المنون / وحد الحي اتيان اليقين
الهواً بالغرور ولا نبالي / ونؤخذ بالشمال وباليمين
الا جزع لقاصفة وأخرى / تليها للمباين والقرين
ونركن والمهالك عاصفات / الى تغرير كاذبة خؤون
على ان الحياة لها حدود / سنقطعها على رغم الركون
اليس على الغباوة ذو هناء / وظفر الحتف يفري في الوتين
يمر القارظان ونحن ندري / بأن مسيرنا نحو الكمين
ولو ان الكمين على خفاء / ولكن بطشه رأي العيون
يثبطنا من الآمال وهم / ويُجلى الوهم بالحق المبين
ودون مدارك الآمال رصد / من الآجال منقطع الظنون
تمر بنا جنائزنا بطانا / حواصلها تزف الى الوكون
وتغدو في مراعيها خماصا / الا عمدا من الخمص البطين
لقد ظعن الأحبة واغتبطنا / بما تركوه غبطة ذي جنون
ونحن نرى الحداة بنا ألحت / تطوحنا بعزمات شطون
نقضي ما قضوه وعن قليل / نصير لدى مناخات الظعون
وهل نقضي سوى عيش قصير / اجب الظهر مقبوب الوضين
نمنى فسحة قبضت عليه / على غصص كأوقات السجين
وعيش حشوه كدر وسوء / يلذ على مداهنة الضنين
والا فالحقيقة كل بال / نصيبك منه زادك لليقين
تزود منه للعقبى ودعه / فليس الشأن في الفاني المهين
وطلق هذه الدنيا بتاتا / طلاقك لا اليك ولا تليني
عرفتك حية لينا وسوءا / " دعيني منك يا دنيا دعيني"
خدعت بنيك ثم فتكت فيهم / " وانك لا محالة تخدعيني"
يروعني ابتسامك فوق مكر / كذاك السيف براق المتون
ابنت محاسنا زانت فشاهدت / فبيني أيها الشوهاء بيني
هبلتك يا غدور خذي طريقا / فاني آخذ ذات اليمين
تركتك مزجر الكلب المضري / سوى ما كان منك لأمر ديني
بلوتك يا مخبئة الدواهي / فكنت السم في الماء المعين
وحسبك يا فجار من المساوي / رحاك المستيرة في القرون
أريني أين هم فلديك خبر / جهينة خبرينا باليقين
دعي التدليس ان القوم صاروا / طحينا يا مبددة الطحين
فغري يا خباث بني العمايا / وكفي عن خداع المستبين
اسلمك ابتغي والفتك جار / ونحن لديك في حرب زبون
دهانك ما تشعث ليس يجدي / لأن القصد حلقوم الدهين
حبست الكأس عنا أم عمرو / وامني كأس برك في يميني
فما أمني فجورك أم عمرو / وقد خالفت خالصة الأمين
زبنتك لا أبوء اليك رغبا / مقام الذئب كالرجل اللعين
صحبت الناس صحبة غير صدق / وعاشوا منك في داء دفين
لحنت اليَّ لحنك فاصرفيه / وكل الشر في تلك اللحون
عرفتك بالخلابة منذ عهدي / بسهلك انه صعب الحزون
أريني أين أصحابي وأهلي / ومن عمروك أحقابا أريني
ألم تنزلهم نوب المنايا / عن الظهر الموطأ للبطون
كأن حياتهم لما تقضت / خيال طاف في نوم العيون
وأنت على الطريقة لن تبالي / بمن تفنين حينا بعد حين
أبعد السادة الأطهار بشر / يباشر حبة القلب الحزين
أبعد الصيد من ثروات قومي / تراموا في القبور وخلفوني
ألذ معيشة وسكون قلب / وهيهات السبيل الى السكون
أبعد الطيبين يطيب أنس / وطيب القوم في خلق ودين
أبعد تهدم الاكناف منهم / تظل الناس كانفة بلين
أبعد أفول أقمار المعالي / ألام على النياحة والحنين
حييت بهم على علق ثمين / فمن لي اليوم بالعلق الثمين
هم ضمنوا بكشف الكرب عنا / فقد اخنت شعوب على الضمين
هم كانوا لنا بلدا أمينا / فواحربا على البلد الأمين
هم كانوا السما سقيا ورعيا / فأقلعت السماء عن القطين
هم كانوا رياضا سابغات / بما ترجوه ناضرة الغصون
طوى حضراتهم اعصار هلك / سوى الآثار كالورق اللجين
رميت بفقدهم فاذود عني / حريقا ليس يطفى من شجوني
لو اعج لا يهدئها التأسي / ولا يطفأن من سح الشئون
ولو رمحا شككت به ولكن / تواردت الأسنة كالشطون
فما برحت هموم من فؤادي / ولم نرهق بمرتقب شفون
اكفكف عبرة في جنب أخرى / وذلك دينها أبدا وديني
وما هذي الصدور بثالجات / على مضض الفراق من الضنين
وما في الموت رائفة لوهن / ولا بقيا على طرف سخين
فما تبقى على حصن مشيد / ولا تنجو بناحية امون
نصبر هذه الألباب حتى / تلاشت بالتأوه والأنين
وما كرم العزاء بمستطير / لهم الصدر أو همل العيون
ولكن حيث لا طمع لرد / فحسن الصبر مرتبع الحزين
ألا يكفي المنون الجذ فينا / فما أبقت على حبل متين
لقد أزمت على طود مكين / فكانت نقلة الطود المكين
أبي الضيم مصباح الدياجي / كريم الخيم وهاب المئين
عريض الجاه مبيض الأيادي / رحيب الصدر وضاح الجبين
محيط العلم مفصال القضايا / عميد الفضل ذي الشرف الرصين
جسيم المكرمات لراحتيه / سخاء المزن بالوبل الهتون
عشية " سالم" امسى دفينا / وكل الخير في كفن الدفين
فديتك با ابن أحمد قد رزئنا / بيوم نواك بالحصن الحصين
فلا تبعد وهيهات التداني / بمن سطت به ريب المنون
صحبتك أيها الدر المصفى / فكانت صحبة الحر الرزين
وكنت الركن لي اذ عز ركني / وقد قد السلا رأس الجنين
وكنت العوذ في خير وشر / نزيل حماك في عز مكين
وكنت العون في يسر وعسر / فديتك من أخي ثقة ودين
وداهية أخو حقد رماها / نصبت لها جبينك عن جبيني
وصرت اليك أنسب من نسيب / وصرت عليك أكرم من خدين
تهون عليك نفسك في احترامي / وأنت أعز من ليث العرين
وأعداء أرادوا حذف جاهي / كسرتهم بآلات السكون
فلم تحذر لهم برقا ورعدا / وما شأن الذبابة والطنين
فكنت لي الحسام اذا اشرأبوا / وكنت الدرع للشبوات دوني
وكنت الحامل الثقل المعايي / اذا رست الفوادح كالرعون
خفضت لي الجناح وكنت ردءا / ولم تحفل بغث او سمين
فقد أمسيت في جدث مريع / وتضحى للمذعذعة الحنون
وان ضريحة ضمتك فازت / ببحر ليس ينزف بالعيون
بقاؤك للمعارف والمعالي / بقاء البدر في سدف الدجون
وفقدك لاقتراب الحشر نوع / من الاشراط في أخرى القرون
وأرباب الكمال إذا تولوا / تولى الخير في دنيا ودين
ابعدكم رجال الدين يرجى / صلاح الأرض أو جبر الوهين
فلا تذهب فديتك من خليل / وان أبقيت للحمد الثمين
أتمضي والزمان على شحوب / وكان لديك في خصب ولين
أتمضي والمشاكل ناصبات / أكنت قد اعتمدت على ضمين
فلا وابيك ما بالدار خل / وقد عصفت شعوب على القطين
متى اللقيا أبا الوضاح بيني / وبينك بعد رحلتك الحجون
وهيهات اللقاء وأنت رهن / لرمس همه حبس الرهين
لقد خلفت ذا قلب طعين / بفقدك عل رثيت لذا الطعين
أجالد بين جانحتي نارا / يؤوسا من هدوء أو هدون
وما جلد عليك بمستطاع / ولكن بعض رشد للحزين
اذا استبصرت عن جلد وصبر / تلاشى الصبر في وهج الشجون
متى ترجو الحياة رخاء بال / وقد زرعت لتحصد بالمنون
حميد الذكر هل غادرت نفسا / تطيق الصبر أو بخل العيون
وما عن دعوة الرحمن واق / فديتك لا أقيك ولا تقيني
وليكن لوعة التذكار شبت / فطيرت التشبث في الرنين
وقرض الصبر مرجوع اليه / وحسب المرء من حبل متين
وما يقضي بايجاب وسلب / يكون ولا محيص لمستكين
صبرنا أم جزعنا سوف يجري / قضاء الله بالحق اليقين
أبا الوضاح هيض جناح صبري / وقللت الرزية من متوني
فبت من الهموم على المكاوي / ارادف عبرة الغرب الشنين
وكيف وبين احشائي اوار / تصاعده عن الجمر الطبين
أرى صنعاء كاسفة النواحي / وكانت منك زاهرة الجبين
حدادك أيها الثكلى مليا / ونوحك نوح ورقاء الغصون
فقد أضناك يا خنساء حزن / وعندي ما لديك فأسعديني
فما حرم الصدار عليك صنعا / وصدرك قد تفضفض بالشجون
فكم قلدت يا صنعا البرايا / صنائع منه كالدر الكنين
ومسجدك المنور اذ تعرى / من التسبيح والذكر المبين
بكى محرابه القوام فيه / اذا جال الكرى بين الجفون
وحق له البكاء وقد تردى / باردية عقيب النور جون
ويا اسفاره نوحي عليه / وقري للبلى وسط الخزين
بيان الشرع هل لك من بيان / بيان الشرع هل لك من قرين
ويا تمهيد سيدنا الخليلي / تمهد ان تعيش بلا خدين
فان العالم المقباس أضحى / لحيدا بين أحجار وطين
لقد أضحت مرابعه يبابا / لنوح البوم من بعد القطين
كأن لم تغن بالاحكام يوما / بشرع المصطفى البر الأمين
كأن لم تغن بالكافي الموفي / موازين الندى فوق الظنون
أبا الوضاح إن لاقيت حتفا / فان المرء مجراه لحين
عليك الرحمة العظمى استهلت / مسرمدة بصيّبها الهتون
فدا نفسي لبَهكنةٌ لعوب
فدا نفسي لبَهكنةٌ لعوب / لهوت بها على لثم الشقيق
أناولها من الشاهي كؤوساً / فقالت هكذا طعم الرحيق
كأن الكأس في يدها وفيها / عقيق في عقيق في عقيق
تقول وملؤها لعب وضحك / أتعدل شرب شاهيكم بريقي
فلقت لها منى نفسي أفيقي / بريقك ينطفي لهب الحريق
فأدنت ثغرها مني وقالت / تمتع بي إلى وقت الشروق
فبت أمص وردة وجنتيها / وأرشف جمر مبسمها الشريف
فلما أذهلت عقلي ورشدي / طفقت أصيح يا هادي الطريق
بإسمك سيدي تجلى الكروب
بإسمك سيدي تجلى الكروب / وذكرك تطمئن به القلوب
بحمدك سبحت روحي ونفسي / وقلبي فيك منكسر قطيب
بثثت إليك أحزاني وكربي / وحالي عنك ربي لا تغيب
برحمتك استغثت ولي يقين / بأن من استغاثك لا يخيب
بلطفك سيدي فرج وبشرى / وإن عقدت شدائدها الخطوب
بمنظرك العلي صفات نفسي / وما جرت علي به الذنوب
بسوء الاختيار عصيت ربي / وتلك قضية منها أتوب
بصرت بزلتي سراً وجهراً / وسرك ليس تهتكه العيوب
بعيد من عبيدك كل خير / ولكن أنت بالحسنى قريب
برأفتك استجرت من الخطايا / فكل مكاسبي اثم وحوب
برئت إليك مما لست ترضى / وأنت على براءتي الرقيب
بأوبة مخلص لم يبق شيء / سواك على الوجود له حبيب
بعثت إليك من سري رجاء / وأنت عليم ما تخفى الغيوب
بصير بي وما أخفي وأبدي / وما يأتي به الزمن العصيب
بما نجيبت نوحاً حين نادى / وأنت لكل من نادى مجيب
بما نجيت يؤنس حين نادى / وسبح فانجلت عنه الكروب
بما نجيت أيوب المنادي / ونعم العبد أواب منيب
بديع الكائنات الطف بعبد / له من كل سيئة نصيب
برحمتك التي وسعت أصبني / فإنك من تشاء بها تصيب
بلياتي أحاطت بي ومالي / عليها سيدي صبر رحيب
بنصرك استعد لكل هول / بحولك كل هول لا ينوب
بحولك رب لي نصر عزيز / بحولك رب لي فتح قريب
بدالي من جلالك قهر خصمي / فاسهمهم إلي لهم تصيب
بغوا بي السوء فانجدلوا وخابوا / كذلك كل جبار يخيب
بعزتك اعتصمت فلا أبالي / وإن نصبت مكائدها الخطوب
بعز اللّه سلطاني عليهم / وعدل اللّه سلطان مهيب
بقدرتك استجرت من الأعادي / فأنت القاهر الحكم الحسيب
بنور محمد نور يقيني / وصل عليه ما نارت قلوب
الهي لاسمك الأعلى العلاء
الهي لاسمك الأعلى العلاء / له التسبيح مني والثناء
أقمت لعز وجهك ذل نفسي / فافن النفس فيك لك البقاء
إليك يسوقها شوق ملح / وأصوات الصفات لها حداء
أجشمها العزائم وهي نضو / وتحت عزائم النفس العلاء
أجردها من الأهواء حتى / يباشرها بمنتك الصفاء
امزق باسمك الأعلى صفاتي / والبس من صفاتك ما أشاء
أبيت سوى جلالك لي جلالاً / وليس كنوز وجهك لي سناء
انص إليك بالاخلاص سيري / تساوى الخوف عندي والرجاء
املي النفس من لقياك خيراً / فهل لسعادتي ذاك اللقاء
الهي بلغتي ليست بزاد / وفدك لكل ذي أمل كفاء
أقوم بما أقوم به ولكن / حقيقة ما أقوم به خلاء
أما وجلال وجهك ليس إلا / مجرد فضلك العمل الوفاء
أمنت بنور وجهك في طريقي / وإلا فالضلالة والشقاء
اسأت صناعتي والسوء طبعي / وأنت من الاساءة لي براء
أسير تحت بابك بالخطايا / وعدلك في الحقيقة لي جزاء
أشد مصائبي ذنبي ولكن / برحمتك التأسي والعزاء
أقل لي عثرتي واغفر ذنوبي / وأنت البر عادتك الوفاء
إذا أخلصت ايماني وتوبي / إليك فما بقي إلا الرضاء
أقمت لي الدليل عليك حتى / تجلى الأمر وانكشف الغطاء
الهي كنت كنزاً في خفاء / فحين فطرتنا برح الخفاء
أحق الاعتراف بان عبداً / إذا عرف استقام له الولاء
أعرفان ومعصية وجهل / معاذ اللّه ذاك هو البلاء
أقم لي عصمة واحفظ سلوكي / فإن الحق عصمته وقاء
أما وجلال وجهك لن تراني / سليماً حين يسلمني القضاء
أأشقى سيدي والذكر كسبي / وأنفاسي التبتل والدعاء
أجزني نظرة في الحال والطف / به أنت اللطيف بما تشاء
أجب بمجد كلمات ذكري / وصل عليه ما نشر الثناء